حوار مع مركز أفاق للدراسات والأبحاث: مشكلة الأديان تتشكل في الخطاب الفقهي    ثمن الحرية    أمثل الأساليب في عمليّة تهذيب النفس    مزايا الشباب    العمل سرّ النجاح    العبادة وعيٌ وانفتاح لا جهل وانغلاق    اقتناء أصنام الأمم البائدة    المفاهيم الدينية بين وجوب الاعتقاد وحرمة الانكار    البناء الاعتقادي بين الاجتهاد والتقليد    
 
بحث
 
تكريم الإنسان
 
س » أنا طالب علم، لدي خوف من أن أتكلم بغير علم.. ما الحل؟
ج »

وعليكم السلام

لا بد لطالب العلم في مساره العلمي أن يتسلح بأمرين أساسيين:
الأول: الاستنفار العلمي وبذل الجهد الكافي لمعرفة قواعد فهم النص واستكناه معناه ودلالاته بما يعينه على التفقه في الدين وتكوين الرأي على أسس صحيحة.
الثاني: التقوى العلمية ويُراد بها استحضار الله سبحانه وتعالى في النفس حذراً من الوقوع في فخ التقوّل على الله بغير علم. ومن الضروري أن يعيش مع نفسه حالة من المحاسبة الشديدة ومساءلة النفس من أن دافعه إلى تبني هذا الرأي أو ذاك: هل هو الهوى والرغبة الشخصية أم أن الدافع هو الوصول إلى الحقيقة ولو كانت على خلاف الهوى.
أعتقد أن طالب العلم إذا أحكم هذين الامرين فإنه سيكون موفقاً في مسيرته العلمية وفيما يختاره من آراء أو يتبناه من موقف.

 
س » كيف علمنا أن الصحيفة السجادية ناقصة؟ وهل ما وجده العلماء من الأدعية صحيح؟؟
ج »

أقول في الإجابة على سؤالكم:

أولاً: إن الصحيفة السجادية في الأصل تزيد على ما هو واصل إلينا وموجود بين أيدينا، قال المتوكل بن هارون كما جاء في مقدمة الصحيفة: " ثم أملى عليّ أبو عبد الله (ع) الأدعية، وهي خمسة وسبعون باباً، سقط عني منها أحد عشر باباً، وحفظت منها نيفاً وستين باباً"، بيد أن الموجود فعلاً في الصحيفة الواصلة إلينا هو أربعة وخمسون دعاء. آخرها دعاؤه في استكشاف الهموم، وهذا آخر دعاء شرحه السيد علي خان المدني في رياض السالكين، وكذا فعل غيره من الأعلام.

ثانياً: إن سقوط عدد من أدعية الصحيفة وضياعها دفع غير واحد من الأعلام للبحث والتتبع في محاولة لمعرفة ما هو الضائع منها، وبحدود اطلاعي فإنهم عثروا على أدعية كثيرة مروية عن الإمام زين العابدين (ع)، لكنهم لم يصلوا إلى نتائج تفيد أن ما عثروا عليه هو من الأدعية الناقصة منها، ولذا عنونوا مؤلفاتهم بعنوان مستدركات على الصحيفة، ولم يجزموا أن ما جمعوه من أدعية هو الضائع من أدعية الصحيفة. وهذا ما تقتضيه الضوابط العلمية والدينية، فما لم يعثر الإنسان على نسخة قديمة موثوقة أو قرائن مفيدة للوثوق بأن هذا الدعاء أو ذاك هو من جملة أدعية الصحيفة فلا يصح له إضافة بعض الأدعية على الصحيفة بعنوان كونها منها.

ثالثاً: لقد ابتُلينا بظاهرة خطيرة، وهي ظاهرة الإضافة على الصحيفة أو غيرها من كتب الأدعية، وهذا العمل هو خلاف الأمانة والتقوى، وقد ترتّب على ذلك الكثير من المفاسد، وأوجب ذلك وهماً للكثيرين، فتوهموا أن بعض الأدعية هي جزء من الصحيفة السجادية المشهورة، ومردّ ذلك بكل أسف إلى أن مجال الأدعية والزيارات شرعة لكل وارد، وتُرك لأصحاب المطابع والمطامع! وأعتقد أن هذا العبث في كتب الأدعية والزيارات ناشئ عن عدم عناية العلماء بالأمر بهذه الكتب كما ينبغي ويلزم، كما نبه عليه المحدث النوري في كتابه "اللؤلؤ والمرجان" مستغرباً صمت العلماء إزاء التلاعب والعبث بنصوص الأدعية والزيارات مما يعدّ جرأة عظيمة على الله تعالى ورسوله (ص)!

رابعاً: أما ما سألتم عنه حول مدى صحة الأدعية الواردة بعد دعاء استكشاف الهموم، فهذا أمر لا يسعنا إعطاء جواب حاسم وشامل فيه، بل لا بدّ أن يدرس كل دعاء على حدة، ليرى ما إذا كانت قرائن السند والمتن تبعث على الحكم بصحته أم لا. فإن المناجاة الخمس عشرة بنظرنا لم تصح وربما كانت من وضع الصوفية، وقد أوضحنا ذلك بشكل مفصل في كتاب الشيع والغلو.


 
س » ابني المراهق يعاني من التشتت، وأنا جدا قلق ولا اعرف التصرف معه، ما هي نصيحتكم؟
ج »

التشتت في الانتباه في سن المراهقة مع ما يرافقه من الصعوبات هو في حدود معينة أمر طبيعي وظاهرة تصيب الكثير من المراهقين ولا سيما في عصرنا هذا.

وعلينا التعامل مع هذه المرحلة بدقة متناهية من الاستيعاب والتفهم والإرشاد والتوجيه وتفهم سن المراهق، وأن هذه المرحلة تحتاج إلى أسلوب مختلف عما سبقها.

فالمراهق ينمو لديه الإحساس بالذات كثيرا حتى ليخيل إليه أنه لم يعد بحاجة إلى الاحتضان والرعاية من قِبل والديه.

وبالتالي علينا أن نتعامل معه بأسلوب المصادقة "صادقه سبعا.." والتنبه جيدا للمؤثرات التي تسهم في التأثير على شخصيته واستقامته وتدينه، ومن هذه المؤثرات: الأصدقاء ووسائل التواصل الاجتماعي، فإن نصيبها ودورها في التأثير على المراهق هو أشد وأعلى من دورنا.

وفي كل هذه المرحلة علينا أن نتحلى بالصبر والأناة والتحمل، وأن نبتدع أسلوب الحوار والموعظة الحسنة والتدرج في العمل التربوي والرسالي.

نسأل الله أن يوفقكم وأن يقر أعينكم بولدكم وأن يفتح له سبيل الهداية. والله الموفق.


 
س » اعاني من عدم الحضور في الصلاة، فهل أحصل على الثواب؟
ج »
 
لا شك أن العمل إذا كان مستجمعا للشرائط الفقهية، فهو مجزئٌ ومبرئٌ للذمة. أما الثواب فيحتاج إلى خلوص النية لله تعالى بمعنى أن لا يدخل الرياء ونحوه في نية المصلي والعبادة بشكل عام.
ولا ريب أنه كلما كان الإنسان يعيش حالة حضور وتوجه إلى الله كان ثوابه أعلى عند الله، لكن لا نستطيع نفي الثواب عن العمل لمجرد غياب هذا الحضور في بعض الحالات بسبب الظروف الضاغطة على الإنسان نفسيا واجتماعيا.
لكن على الإنسان أن يعالج مشكلة تشتت الذهن أثناء العمل العبادي وذلك من خلال السعي الجاد للتجرد والابتعاد عن كل الهواجس والمشكلات أثناء الإقبال على الصلاة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، باستحضار عظمة الله عز وجل في نفوسنا وأنه لا يليق بنا أن نواجهه بقلب لاهٍ وغافل. والله الموفق.

 
س » أنا إنسان فاشل، ولا أتوفق في شيء، وقد كتب عليّ بالخسارة، فما هو الحل؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولاً: التوفيق في الحياة هو رهن أخذ الإنسان بالأسباب التي جعلها الله موصلة للنجاح، فعلى الإنسان أن يتحرك في حياته الشخصية والمهنية والاجتماعية وفق منطق الأسباب والسنن. على سبيل المثال: فالإنسان لن يصل إلى مبتغاه وهو جليس بيته وحبيس هواجسه، فإذا أراد الثروة فعليه أن يبحث عن أسباب الثروة وإذا أراد الصحة فعليه أن يأخذ بالنصائح الطبية اللازمة وإذا أراد حياة اجتماعية مستقرة عليه أن يسير وفق القوانين والضوابط الإسلامية في المجال الاجتماعي وهكذا.

ثانياً: لا بد للإنسان أن يعمل على رفع معوقات التوفيق، وأني أعتقد أن واحدة من تلك المعوقات هي سيطرة الشعور المتشائم على الإنسان بحيث يوهم نفسه بأنه إنسان فاشل وأنه لن يوفق وأنه لن تناله البركة الإلهية.

إن هذا الإحساس عندما يسيطر على الإنسان فإنه بالتأكيد يجعله إنسانا فاشلا ومحبطا ولن يوفق في حياته ولذلك نصيحتي لك أن تُبعد مثل هذا الوهم عن ذهنك وانطلق في الحياة فإن سبيل الحياة والتوفيق لا تعد ولا تحصى.


 
س » ما هو هدف طلب العلم الذي يجب أن يكون؟
ج »

عندما ينطلق المسلم في طلبه للعلم من مسؤوليته الشرعية الملقاة على عاتقه ومن موقع أنه خليفة الله على الأرض، فإن ذلك سوف يخلق عنده حافزاً كبيراً للجد في طلب العلم والوصول إلى أعلى المراتب. أما إذا انطلق في تحصيله من موقع المباهاة أو إثبات ذاته في المجتمع أو من موقع من يريد أن يزين اسمه بالشهادة الجامعية ليُقال له "الدكتور" وما إلى ذلك، فإنه - في الغالب - لن يصل إلى النتيجة المرجوة.

وعلى كل إنسان منا أن يعي أنّنا في هذه الحياة مسؤولون في أن نترك أثراً طيباً، وأن نقوم بواجباتنا قبل أن يطوينا الزمان، إننا مسؤولون عن عمرنا فيما أفنيناه وعن شبابنا فيما أبليناه، وسنُسأل يوم القيامة عن كل هذه الطاقات التي منّ اللهُ بها علينا.

وأضف إلى ذلك، إنه من الجدير بالمسلم، أن لا يفكر في نفسه وما يريحه هو فحسب في طلبه للعلم، بل أن يفكر أيضاً في أمته والنهوض بها ليكون مستقبلها زاهراً، وهذا كله يحتم عليه أن يكون سقف طموحاته عالياً ليتمكن هو وأقرانه من الطلاب والعلماء من ردم الفجوة بيننا وبين الغرب الذي سبقنا على أكثر من صعيد.

باختصار: إن مسؤوليتنا ورسالتنا وانتماءنا لهذه الأمة يفرض علينا أن نعيش حالة طوارئ ثقافية وعلمية.


 
س » ما رأيكم في الاختلاط المنتشر في عصرنا، وكيف نحاربه؟
ج »

إنّ الاختلاط قد أصبح سمة هذا العصر في كثير من الميادين، ومنها الجامعات والطرقات والساحات وكافة المرافق العامة.. والاختلاط في حد ذاته ليس محرماً ما لم يفضِ إلى تجاوز الحدود الشرعية في العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبيين؛ كما لو أدى إلى الخلوة المحرمة بالمرأة أو مصافحتها أو كان المجلس مشوباً بأجواء الإثارة الغرائزية أو غير ذلك مما حرمه الله تعالى.

وفي ظل هذا الواقع، فإنّ العمل على تحصين النفس أولى من الهروب أو الانزواء عن الآخرين بطريقة تشعرهم بأن المؤمنين يعيشون العُقد النفسية. إن على الشاب المسلم أن يثق بنفسه وأن يفرض حضوره ووقاره، وأن يبادر إلى إقناع الآخرين بمنطقه وحججه، وأن يبيّن لهم أن الانحراف والتبرج والفجور هو العمل السيّئ الذي ينبغي أن يخجل به الإنسان، وليس الإيمان ومظاهر التدين.

وأننا ندعو شبابنا عامة وطلاب الجامعات خاصة من الذكور والإناث إلى أن يتزينوا بالعفاف، وأن يحصنوا أنفسهم بالتقوى بما يصونهم من الوقوع في الحرام.


 
س » كيف يمكن التخلص من السلوكيات والعادات السيئة؟
ج »

إن التغلب على السلوكيات الخاطئة أو العادات السيئة – بشكل عام – يحتاج بعد التوكل على الله تعالى إلى:

أولاً: إرادة وتصميم، ولا يكفي مجرد الرغبة ولا مجرد النية وانما يحتاج بالإضافة إلى ذلك إلى العزم والمثابرة وحمل النفس على ترك ما اعتادته.

ثانياً: وضع برنامج عملي يمكّن الإنسان من الخروج من هذه العادة السيئة بشكل تدريجي؛ وأرجو التركيز على مسألة "التدرج" في الخروج من هذه العادات السيئة؛ لأن إدمان النفس على الشيء يجعل الخروج منه صعباً ويحتاج إلى قطع مراحل، وأما ما يقدم عليه البعض من السعي للخروج الفوري من هذه العادة، فهو - بحسب التجربة - سيُمنى في كثير من الأحيان بالفشل. والله الموفق


 
 
  مقالات >> متنوعة
بناء المقامات الدينية: شروط وضوابط



بعد أن عرضنا مجموعة مقالات عن "بناء المقامات الدينية"، يأتي هذا المقال، لنجيب عن الأسئلة التالية: متى يُبنى المقام الدينيّ؟ وما هي شروط ذلك وضوابطه؟

يمكننا الإشارة إلى جملة ضوابط:

 

أولاً: العرش ثم النقش

إنّ من الطبيعي في عملية بناء مقام أو مزار دينيّ أن تكون الشخصيّة التي يُراد بناء المقام فوق ضريحها شخصيّةً حقيقية وليست أسطورية أو وهمية، أو لم يثبت وجودها بأيِّ دليل، أو قرينة من القرائن، فإنّ بناء مقام لشخصيّة وهميّة يُعدُّ عملاً قبيحاً

في شريعة العقلاء، ويعبّر عن ضحالة فكرية، وهو عمل محرّم شرعاً، لأنّه مصداق للكذب والخداع والتضليل، واختلاق أنساب لا واقع لها، وفي ضوء هذا الشرط فإنّه يجدر بنا التوقّف مليّاً إزاء بعض المقامات التي بُنيت بأسماء شخصيّات ليس هناك

ما يثبت وجودها، من قبيل مقام "السيدة خولة" في مدينة "بَعْلَبَكَّ" اللبنانية[1]، أو مقام السيدين "ياسر وناصر" في خراسان[2]، وربما يُذكر في هذا المجال مقام السيدة سكينة بنت أمير المؤمنين(ع) في بلدة داريا في الشام[3]، أو غير ذلك

من المقامات المنتشرة في بعض البلدان الإسلامية.

 

ثانياً: المقام بالمقيم

والشرط الثاني لبناء مزارٍ أو مقام هو إثبات أنّ الشخصيّة التي يراد بناء المقام فوق ضريحها مدفونة في هذا المكان، بوسيلة من وسائل الإثبات المشار إليها سابقاً، وإحراز هذا الشرط هو أمر طبيعي تمليه علينا مصداقيّتنا حتّى لا نقع في ممارسة

التضليل والكذب أو غير ذلك من المحاذير الشرعية، ممّا سنشير إليه لاحقاً، وقد كان علماؤنا السابقون يحرصون على التثبّت التام حيال هذا الأمر ويبتعدون عن التساهل والتسرّع[4]، ولعلَّ من أوضح الأمثلة على الحالات التي بُنِيَ فيها مقام في

غير المكان الذي دُفِنَ فيه صاحب المقام: مقام الإمام علي(ع) وضريحه في مزار شريف في أفغانستان، وهناك أمثلة أخرى على ذلك[5].

 

أجل قد يحصل الخلاف بشأنِ مكانِ دفنِ بعض الشخصيّات، كما هو الخلاف في مكان دفن السيدة زينب بنت علي(ع) وأنّه في الشام أو في القاهرة أو في المدينة المنورة[6]، وهكذا وقع الخلاف في مقام حمزة بن الإمام موسى الكاظم(ع)، ولذا نجد له أكثر من مقام، فهناك مقام في الرَّي متصل بمرقد السيّد عبد العظيم الحسني، وله مقام آخر في قم، وثالث في شيراز، ورابع في كرمان، "والأول أشهر وروداً والرابع هو أضعف الأقوال"[7]

وهكذا، وقع الخلاف في تعيين مكان دفن علي بن جعفر (هو ابن الإمام جعفر الصادق (ع))، فمنهم من ذهب إلى أنّه مدفون في مدينة قم، ومنهم مَنْ ذهب إلى أنّه مدفون في العريض في المدينة المنوّرة[8].

وقد يُذكر في هذا الصدد قبر مالك الأشتر، حيث إنّ المعروف أنّه دفن في العريش أو القلزم[9]، لكنّ بعض الباحثين المعاصرين رجّح أنّه دُفن في "بَعْلَبَكَّ"، إلاّ أنّ هذا الرأي يفتقر إلى الحُجّة المقنعة، ما يجعل من الرأي المشهور هو الأقرب إلى الصواب[10].

 

ثالثاً: شرف المكان بالمكين

والشرط الثالث لبناء المقام هو أن تكون الشخصيّة التي يُراد تشييد المقام على ضريحها ذات مكانة دينيّة تستحقّ لأجلها التكريم والتبجيل، أمّا الشخصيّات التي ثبت أنّها ليست ذات مصداقية دينيّة تستوجب التقدير والاحترام، أو التي لم يثبت كونها كذلك،

لالتباس في مواقفها أو لغير ذلك من الأسباب، فلا مسوّغ شرعياً لبناء مقامات دينيّة لها، بل إنّ في البناء - والحال هذه - إشكالاً شرعيّاً، لما فيه من ترويج الباطل، ومن الأمثلة التي يمكن أن تُذكر في هذا المجال: مقام أبي لؤلؤة في كاشان[11]،

ويمكن أن يندرج في ذلك أيضاً مقام ربيع بن خيثم المعروف بالخواجة ربيع في مشهد المقدسة، على الرغم من أنّ بعضهم قد وثّقه حتّى عُدَّ من جملة الزهاد الثمانية، ولكن لم يثبت شيء من ذلك، بل إنّ الشواهد تشير إلى عكس ذلك[12].

 

هل يكفي كونه من أبناء الأئمّة(ع) ؟

ومجرّد كون الشخص من أبناء الأنبياء أو الأئمّة(ع) أو من أحفادهم لا يبرّر بناء مقام دينيّ له ما لم يثبت بالدليل أنّه شخصيّة ذات مكانة دينيّة، أو في الحدّ الأدنى أنّه شخصيّة ممدوحة، فإنّ بعض أبناء الأنبياء كانوا من الكافرين بنبوّة آبائهم، كما هو

الحال في ابن نوح الذي هلك مع الهالكين، قال تعالى: {قَالَ يَا نُوحُ إنّه لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنّه عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}[هود: 46]، وهكذا فإنّ بعض أبناء الأئمّة(ع) وأحفادهم لم يكونوا صالحين، بل صدرت من بعضهم تصرفات تدلّ على فساد عقيدتهم، أو عدم

استقامتهم، ولم يرد في بعضهم مدح ولا تعديل، بل صدر في بعضهم الذم، كما لا يخفى على المراجع للمصادر التاريخية وسيرة الأئمّة(ع) والكتب الرجالية.. ومع ذلك فقد بنيت مقامات لبعض المذمومين منهم[13].

 

مقامات الأجنّة

 

   وثمّة سؤال يطرح نفسه في المقام، وهو أنّه في ضوء الشرط الثالث المتقدم لبناء المقامات الدينيّة، وهو أن تكون الشخصيّة ذات مكانة دينيّة، فهل يُبنى مقام للأجنّة أو الأطفال غير المميّزين الذين لا يمتلكون مكانةً دينيّة مميّزة، وإنّما هم فقط من أبناء الأنبياء أو الأئمّة(ع)؟

  وفي الإجابة على ذلك نقول: إنّ تعيين وحفظ المكان الذي دُفن فيه طفلٌ أو سِقْطٌ قد أجهض في حالات خاصة واستثنائية يكون مفهوماً ومبرّراً عندما يأتي في سياق حفظ الشواهد التاريخيّة ذات الدلالة على بعض الأحداث، وليس من الحكمة طمس تلك

المعالم والشواهد، لأنّنا قد نحتاجها في دراسة الحدث التاريخي والتعرّف عليه، وكذا في إعادة فهم الأحداث ومجريات الأمور، فهذه الشواهد هي سجلّ أو ذاكرة للأحداث التاريخية.

 

   وأمّا إذا أُريد بناء مقام أو مزار دينيّ لهذا الجنين أو الطفل الصغير، فهذا أمر بحاجة إلى إثبات مشروعيته بدليل خاص أو عام، باعتبار أنّ حكمة الزيارة الأساسية هي الاستلهام من روح المزور والتزوّد من معينه الفكري والروحي، أو إعلاء شأن

الدين وتعظيم شعائره غير متحقّقة في المقام، أجل لو كان هذا الطفل الذي يُراد بناء مقام له أو زيارته طفلاً مميّزاً وله مكانة علميّة أو روحيّة رغم صغر سنّه، كما حدّثنا القرآن عن يحيى الذي آتاه الله الحكمة وهو في مرحلة الصبا {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً}[مريم: 12]، فيكون الأمر مفهوماً ومبرّراً.

 

وهكذا لا بدّ أن نخرج عن محلِّ البحث ما لو ورد النصّ في الحثّ على الاهتمام بطفل معيّن لخصوصية معيّنة، كما هو الحال– مثلاً- في الطفل الرضيع عبد الله ابن الإمام الحسين(ع) الذي قُتل عطشانَ مظلوماً يوم كربلاء، حيث يكون لبناء قبره

وزيارته معنى الاحتجاج على الظلم وإدانة الإجرام والمجرمين.

 

بناء مقام في موضع قدم النبيّ(ص) أو الإمام (ع)

   والتساؤل عينه يُطرح إزاء ما قد يحصل أو هو حاصل بالفعل من بناء مقامات في موضع قدم النبي(ص) أو الإمام(ع)، فهل لنا أن نبني مقاماً في موضع القدم؟[14]..

الحقيقة أنّي لم أجد أحداً من فقهائنا قد ندب إلى هذا الأمر أو شجّع عليه، ولكن عثرتُ على رواية ربما يُستدلّ بها على شرعية البناء، وهي ما ورد في الحديث عن الإمام الباقر(ع) أنّه قال: "... ولقد وَضَع عبدٌ من عباد الله قدمه على حجر(صخرة)

فأمرنا الله تبارك وتعالى أن نتّخذه مصلّى.."[15] في إشارة إلى مقام إبراهيم (ع) بالقرب من الكعبة المشرّفة، وآثار القدم لا تزال بارزة في تلك الصخرة، قال تعالى: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة: 125]، هذا ولكن العلاّمة المجلسي

استظهر أن يكون المراد بالعبد هو النبيّ محمّد (ص)، حيث وضع قدمه ليلة المعراج في بيت المقدس وعرج منه إلى السماء[16]، ولكنَّ التفسير الأول أقرب، وكيف كان فهذا الحديث قد يستدلّ به على استحباب اتخاذ موضع قدم النبيّ (ع) مقاماً، ويتمّ تعميم ذلك إلى الأئمّة (ع).

ولكنّ هذه الرواية بالإضافة إلى ضعفها سنداً[17] فقد يُعترض على دلالتها بأنّ غاية ما تدلّ عليه هو جواز  اتخاذ موضع قدم النبيّ (ع) مصلّى وليس مزاراً.

اللهم إلا أن يُقال: إنّ المزارات هي أماكن للعبادة والصلاة أيضاً.

لكن بصرف النظر عن ذلك، فقد يكون مفهوماً ومبرّراً أن يُحافظ على المكان الذي أقام أو صلّى فيه النبيّ (ص) أو الإمام (ع)، أو كان له فيه موقف مشهود أو خطبة مؤثّرة، ليُتّخذ منه مَعْلَم تاريخيّ، أو يُبنى فيه مصلّى أو مسجد للصلاة، أو صرح

ثقافي، أو نادٍ تربويّ، كما هي الحال في الحسينيّات التي أُنشئت في بلاد المسلمين بغرض إحياء أمر الإسلام وإقامة الشعائر والمناسبات الدينيّة وبيان فضائل النبيّ (ص) والأئمّة من أهل بيته عليهم السلام، ونحن نلاحظ أنّ شعوب العالم كافة تحتفظ

ببعض آثار قادتها وزعمائها التاريخيّين، وتحوّلها إلى المتاحف الوطنية تخليداً لهؤلاء القادة وتعريفاً للأجيال القادمة بهم وبعطاءاتهم ونمط حياتهم.

 

 

هل يكفي الاحتمال؟

   وقد تتساءل: ألا يكفي احتمال دفن شخصيّة ذات اعتبار ديني في مكان معيّن ليبرّر ذلك لنا– شرعاً- زيارتها وتشييد ضريحها وبناء مقام لها ودعوة الناس إلى الاهتمام بمشهدها؟

   ونجيب على ذلك، بأنّ الزيارة أو بناء المشاهد هي أعمال عباديّة استحبابية، فتحتاج إلى دليل يدلّ على مشروعيّتها وعباديّتها، والدليل الذي بين أيدينا وهو الروايات قد دلّ على مشروعيّة زيارة أضرحة الأنبياء والأولياء والعلماء والصلحاء

والمؤمنين[18]، فالموضوع في هذه الروايات هو الشخصيّات الحقيقيّة والموجودة بالفعل لا المحتملة الوجود أو المحتملة العلم والصلاح.

   ولا ينفع التمسّك بقاعدة التسامح بأدلّة السنن المستندة إلى روايات "من بلغ"[19] لإثبات مشروعية الزيارة في موارد احتمال وجود الشخصيّة الدينيّة أو احتمال صلاحها، لا لعدم تمامية القاعدة المذكورة في نفسها فحسب، كما هو ثابت في محلّه

[20]، بل لأنّ ما بلغنا الثواب عليه هو زيارة أنبياء الله وأوليائه أو عباده الصالحين والمؤمنين، فموضوع روايات "من بلغ"– كموضوع روايات الزيارة– هو الشخصية الثابتة الوجود والصلاح لا المحتمل وجودها أو صلاحها.

 

   وربّما يقال: إنّ احتمال وجود الثواب على الزيارة كافٍ في تبريرها وتحسينها عقلاً، لأنّا إذا احتملنا وجود شخصية دينيّة مدفونة في مكان معيّن، فإنّ زيارتها ستكون محتملة الثواب، والعقلُ يحكم بحسن الانقياد للمولى في موارد احتمال الثواب

والمصلحة الأخروية، وعليه فلا محذور في أن يزور المؤمن بعض المقامات المحتملة الصدقيّة برجاء المطلوبية، وليس بعنوان الاستحباب الشرعي، حذراً من التشريع المحرّم.

 

  وفي ضوء هذا التوجيه، فقد لا يكون ضعفُ الاحتمال (احتمال وجود الشخصيّة) ضاراً ما دام أنّ المحتمل قوي, والمحتمل هو الثواب الأخروي المترتب على زيارة من يحتمل أنّه ولي من أولياء الله, فقوّة المحتمل تبرّر بنظر العقل الإقدام على الفعل ولو كان الاحتمال ضعيفاً.

إلاّ أنّنا نجيب على هذا الكلام بتسجيل ملاحظتين:

الأولى: إنّ هذا التوجيه - كما هو واضح فقهياً - لا يثبت استحباب زيارة المراقد المشكوكة الصدقيّة أو استحباب عمارتها والاهتمام بها، فلا بدّ أن يحاذر الزائر من الإتيان بالزيارة بقصد الاستحباب، وإلا وقع في محذور التشريع المحرّم، كما أنّه لا بدّ

أن يحاذر – أي الزائر – من الجزم بوجود الشخصيّة، لأنّه لا يمتلك عناصر إثباتية تبرر له اليقين والجزم بذلك، وحيث إنّ غالب الزائرين الذين يرتادون المراقد المشار إليها يقعون في المحذورين معاً، أعني محذور نسبة عملهم وهو الزيارة أو بناء

المقام إلى الاستحباب، ومحذور الجزم بوجود تلك الشخصيّة، فالواجب يحتّم على أهل العلم تثقيف العامة على مراعاة الحدود الشرعية، وتعليمهم الموازين الفقهيّة المتصلة بالزيارة، حتى لا يقع الناس في المحذور ويقع العلماء في التقصير. ولا يخفى أنّ

معنى أن يُكتب على مدخل مقام من هذه المقامات المشكوكة الصدقيّة: هذا مقام فلان، أو فلانة، أو أن يقف الزائر في مقابل الضريح ويقول: "السلام عليك يا فلان" أو "السلام عليك يا فلانة" أننا قد وقعنا في المحذور الشرعي، لأنّ هذه الكتابة أو

المخاطبة تفترض وتسلّم أنّ الشخصيّة المزورة هي شخصيّة حقيقيّة وموجودة فعلاً، وهذا قول بغير علم، والله تعالى يقول: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء: 26].

 

 الثانية: ثم لو أنّ الشخصيّة المقصودة بالزيارة كان يُشكُّ في صلاحها وإيمانها وليس في أصل وجودها، فإنّ مقتضى الاحتياط حينئذ هو عدم زيارتها ولو برجاء المطلوبية، لأنّ احتمال المطلوبية إنّما يكون قائماً وموجوداً إن لم يزاحمه احتمال

المبغوضيّة[21] الموجودة في زيارة قبور من ليسوا من أولياء الله ولا من عباده المؤمنين، أو في تشييد قبورهم، فمع وجود احتمال المبغوضية بسبب عدم إحراز صلاح الشخصية المقصودة بالزيارة فلن يحكم العقل بحسن الانقياد، بل سيحكم  بالتوقّف عن الزيارة احتياطاً.

 

من كتاب "في بناء المقامات الدينية"

نُشر على الموقع في 7/5/2018



[1]أنظر: الفصل الثاني من الكتاب "في بناء المقامات الدينية".

[2] يقع هذا المقام في منطقة گُلستان، غربي مدينة مشهد المقدسة، وهو يبتعد عن حدود مدينة "مشهد" حوالي 5 كيلومتراً، وهو مقام عامر ومشيد بطريقة فنية رائعة، ويقصده آلاف الزوار، بما في ذلك الزوار القادمون من لبنان والعراق وغيرهما من الدول العربية، وأما صاحبا هذا المقام "ياسر" و"ناصر" فهما على ما يُقال من أبناء الإمام الكاظم (ع)، لكنَّ المصادر التاريخية والحديثية وغيرها لا تذكر "ياسر" و"ناصر" في عداد أولاد الإمام الكاظم (ع)، أجل هناك منشور يوزّعه القيّمون على ذلك المقام جاء فيه نقلاً عن كتاب "كنز الأنساب" (وهو كتاب فارسي، زعم كاتب المنشور أنّه من تأليفات السيد المرتضى) أنّ "ياسر" و"ناصر" هما من أولاده (ع)، إلاّ أنّه لا يمكننا التعويل على هذا الكلام، لأنه لا يوجد في تأليفات السيد المرتضى كتاب باسم "كنز الأنساب" أو "بحر الأنساب"، هذا بالإضافة إلى أنّ الكتاب المذكور لم يحدّد فيه مدفن هذين الشخصيّن على فرض وجودهما ولا أشير إلى سبب موتهما في تلك المنطقة.

 [3]أنظر الملحق رقم (5) حيث ستتمّ مناقشة هذا القول.

 [4]كما نلاحظ هذا التثبّت عند العلاّمة المحدِّث النوري وذلك فيما ذكره في شأن قبر الحرّ الرياحي حيث يقول: "وأما الحر فلم نحصل له على قبر سوى ما تشير إليه السيرة المستمرة عند الشيعة من أنّه معهم– يقصد الشهداء– ويظهر من المقاتل والزيارات أنّه مع سائر الأصحاب.."، أنظر: اللؤلؤ والمرجان 136– 137 .

[5]منها: قبر المقداد بن الأسود الكندي في شيروان في إيران، فإنَّه من المقامات التي لا أصل لها، كما جزم بذلك المحدِّث النوري حيث رجّح أنّه قبر بعض شيوخ العرب، لأنّ المقداد قد توفي في جرف. اللؤلؤ والمرجان ص 137، وهناك قبر يُنسب إلى المقداد في منطقة السيدة زينب (ع) بالقرب من دمشق. ومنها: قبر أويس القرني في شوشتر، يقول العلامة الشيخ محمّد حرز الدين : "إنّ في شوشتر قبراً وبقعة عامرة ينسبونها إلى أويس القرني، ولا يخفى على كل ألمعي فطن أنَّ نقل جسد أويس القرني من المعركة في صفين إلى شوشتر في حياة إمام زمانه أمير المؤمنين (ع) ممّا لا يفوه به أحد"، أنظر:  مراقد المعارف ج1 ص 264. ويذكر ابن جبير في رحلته أنّ في دمشق في الجبانة الغربيّة وعلى مقربة من باب الجابية قبر أويس القرني، أنظر: رحلة ابن جبير ص241.

ومنها: "المزار المعروف خارج طهران الذي يزار فيه رأس القاسم بن الإمام الحسن (ع)، وهو قبر الشاه قاسم فيض بخش المتوفي سنة 981 هـ "  أنظر : تحفة العالم ج1 ص302 .

 [6]تبنّى القول بدفنها في الشام جمع من الأعلام والمحقّقين أمثال: السيد حسن الصدر أنظر: نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين ص72، والعلامة محمّد حرز الدين أنظر: مراقد المعارف، ج1 ص327، وغيرهما من الأعلام، أنظر: مرقد العقيلة زينب للسابقي، ص 183-215، وأما دفنها في القاهرة فقد نصّ عليه النسّابة يحي بن الحسن العبيدلي(214-277 ه) في أخبار الزينبيات، ص118 وما بعدها، وتبعه على ذلك بعض الأعلام، ومنهم العلامة النقدي في كتابه زينب الكبرى، ولكنّ السيد محسن الأمين العاملي قد رفض هذين القولين لضعف مستندهما، ورجّح أن تكون (ع) قد دُفنت في المدينة المنوّرة، لأنّه "لم يثبت أنّها  بعد رجوعها للمدينة خرجت منها"، أنظر: أعيان الشيعة، ج7 ص140، وأما صاحبة القبر في "راوية" بالقرب من دمشق فهي برأي العلامة الأمين أم كلثوم بنت أمير المؤمنين (ع) وهي غير زينب الكبرى، ولكن يبدو أنّ السيد الأمين رحمه الله لم يتسنَّ له الاطلاع على كتاب العبيدلي ورأيه في هذا المجال.

[7]أنظر مراقد المعارف ج1 ص262- 267.

[8] يقول العلامة المجلسي بشأن مدفنه "أمّا كونه مدفوناً في قمّ فغير مذكور في الكتب المعتبرة، لكنَّ أثر قبره الشريف موجود قديم وعليه اسمه مكتوب"، بحار الأنوار، ج2 ص273.

[9]يقول ياقوت الحموي عند حديثه عن "بعلبك": "وبها قبر يزعمون أنّه قبر مالك الأشتر النخعي، وليس بصحيح، فإنّ الأشتر مات بالقلزم في طريقه إلى مصر، وكان عليّ رضي الله عنه وجّهه أميراً، فيقال: إنّ معاوية دسّ إليه عسلاً مسموماً فأكله فمات بالقلزم، فقال معاوية: "إنّ لله جنوداً من عسل"، فيقال: إنّه نقل إلى المدينة فدفن بها، وقبره بالمدينة معروف". أنظر :معجم البلدان ج1 ص454

[10]أنظر الفصل الثاني من الكتاب ""في بناء المقامات الدينية".

[11]أنظر الفصل الثاني من الكتاب "في بناء المقامات الدينية".

[12]أنظر الفصل الثاني من الكتاب "في بناء المقامات الدينية".

[13]أنظر : الملحق رقم 2 من الكتاب ""في بناء المقامات الدينية"".

[14] كما في المقام الموجود في منطقة نيسابور المعروف بـ "قدمگاه"، حيث يُزعم أنّ محل القدم الظاهر في الصخرة، هو محل قدم الإمام الرضا(ع)، والزوّار تتبرّك بمحل القدم، مع أنّ هذا الأمر كما يرى بعض العلماء لا مثبت له ولا دليل عليه، كما أنّه لا دليل على نفيه أيضاً. وتذكر بعض النشريات الصادرة عن إدارة "الحضرة الرضوية" أنّ عدد المقامات المبنيّة في منطقة مشهد وخراسان تحت عنوان: "قدمگاه" تزيد على العشرة!

[15] التوحيد للشيخ الصدوق ص179، وتفسير العياشي ج1 ص59.

[16] بحار الأنوار ج99 ص270.

[17] إنّ الرواية- بحسب ما جاءت في تفسير العياشي- مرسلة عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر(ع)، وأمّا في كتاب التوحيد فهي وإن وردت مسندة، وقد رواها الصدوق عن العياشي، إلا أنّها  ضعيفة السند لوجود بعض المجاهيل فيه، ومنهم: "هارون بن عقبة" الذي لم نعثر له على ترجمة في كتب الرجال، وهكذا "أسد بن سعيد الخزاعي"، أجل ورد في رجال الشيخ اسم "أسعد بن سعيد الخثعمي" "النخعي" "الكوفي" لكنّه لم يوثّقه.

[18] راجع: وسائل الشيعة: ج14 أبواب المزار وما يناسبه.

[19] جاء في هذه الروايات: "من بلغه ثوابٌ من الله على عمل، فيعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أُوتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه"، أنظر: وسائل الشيعة ج1 ص 82 الحديث 7 من الباب 19 من أبواب مقدمة العبادات.

[20] أنظر على سبيل المثال: مصباح الأصول، من تقريرات بحث السيد الخوئي، لتلميذه السيّد البهسودي ج2 ص 319.

[21] منشأ احتمال المبغوضيّة أنّ هناك نهياً شرعيا عن زيارة قبور غير الصالحين، من المنافقين والكافرين وغيرهم، قال تعالى: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ}[التوبة: 84].

 






اضافة تعليق

الاسم *

البريد الإلكتروني *

موضوع *

الرسالة *


 


 
  قراءة الكتب
 
    Designed and Developed
       by CreativeLebanon