حوار مع مركز أفاق للدراسات والأبحاث: مشكلة الأديان تتشكل في الخطاب الفقهي    ثمن الحرية    أمثل الأساليب في عمليّة تهذيب النفس    مزايا الشباب    العمل سرّ النجاح    العبادة وعيٌ وانفتاح لا جهل وانغلاق    اقتناء أصنام الأمم البائدة    المفاهيم الدينية بين وجوب الاعتقاد وحرمة الانكار    البناء الاعتقادي بين الاجتهاد والتقليد    
 
بحث
 
تكريم الإنسان
 
س » كم كان عمر الزهراء (ع) حين زواجها من أمير المؤمنين (ع)؟ هل صحيح أن الإجماع هو على التسع من عمرها؟
ج »
 
▪️يوجد اختلاف كبير بين العلماء في تحديد عمر سيدتنا الزهراء سلام الله عليها حين زواجها من أمير المؤمنين عليه السلام، وتترواح هذه الأقوال بين تسع سنوات وعشرين سنة.
 
▪️مرد هذا الاختلاف إلى أمرين:
 
- الأول: الاختلاف في تاريخ مولدها، فهل ولدت قبل البعثة بخمس أم بعدها بخمس أو باثنتين؟ 
 
- الثاني: الاختلاف في تاريخ زواجها من أمير المؤمنين عليه السلام، حيث إن ثمة خلافاً في أنها تزوجت بعد الهجرة إلى المدينة بسنة أو بسنتين أو بثلاث.
 
▪️المعروف عند كثير من المؤرخين - كما ينقل التستري في تواريخ النبي (ص) والآل (ع) - أنها ولدت قبل البعثة النبوية بخمس سنين، وهذا ما ذهب إليه محمد بن إسحاق وأبو نعيم وأبو الفرج والطبري والواقدي وغيرهم، وعلى هذا سيكون عمرها حين الزواج ثماني عشرة سنة أو يزيد.
 
▪️ ونقل العلامة الأمين "أن أكثر أصحابنا" على أنها ولدت بعد البعثة بخمس سنين، وعلى هذا سيكون عمرها حين الزواج تسعاً أو عشراً أو أحد عشر عاماً، تبعاً للاختلاف في تاريخ الزواج.
 
⬅️ الظاهر أنه ليس هناك إجماع على أنّ عمرها عند الزواج بها كان تسع سنوات، فقد ذهب الشيخ المفيد في "مسار الشيعة" أنها ولدت بعد مبعث النبي (ص) بسنتين، وهو ظاهر الشيخ الطوسي في المصباح، بل نقل الشيخ عن رواية أنها ولدت في السنة الأولى لمبعثه الشريف، وحينئذ إذا كانت قد  تزوجت في السنة الأولى من الهجرة فيكون عمرها حين الزواج ثلاث عشرة سنة، وإذا تزوجت في السنة الثانية للهجرة سيكون عمرها أربع عشرة سنة، وإذا تزوجت في السنة الثالثة سيكون عمرها خمس عشرة سنة.
 
 وقد رجح التستري وغيره من علمائنا القول بولادتها بعد البعثة بخمس، استناداً إلى بعض الأخبار المروية عن الأئمة(ع).. وكيف كان، فتحقيق المسألة واتخاذ موقف حاسم يحتاج إلى متابعة.. والله الموفق.

 
 
  حوار
س » إن موضوع الآخرة هو من المواضيع التي تشغل بالي باستمرار و تدور في خاطري كلما قرأت في القرآن الأيات المتعلقة بالمعاد. وقرأت في بعض الكتب روايات تصور هذا اليوم بشكل يثير الرعب و ينفر القلوب . ما رأيكم؟
ج »

 أدعو إلى الاكتفاء في هذا المجال بما جاء في القرآن الكريم، فإنّه الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو يقدم لنا صورة واقعية ومتوازنة عن حقيقة الحساب الأخروي ثواباً وعقاباً، قال تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} وهو أي القرآن دائماً يقدم لنا الله تعالى من موقع الرحمة قبل أن يقدمه من موقع الغضب والنقمة، {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}، أمّا الروايات فهي تحتاج إلى غربلة، ولا سيما روايات العذاب الأخروي فإنها لا تخلو من وجود الكذب والوضع والمبالغة، ما يفرض عرضها على القرآن والأخذ بما يوافقه وطرح ما يعارضه.

س » ؟كيف نوفق بين قوله تعالى " وما تدري نفس بأي أرض تموت " وبين علم المنتحر بمكان وزمان موته
ج »

 أولا : إن نسبة الحالات التي يصمم فيها الانسان على الانتحار ثم لا يقع الموت عقيب فعل الانتحار مباشرة وان كانت نسبتها المئوية ضئيلة ولكنها كافية لنفي دراية الانسان بمكان موته , الا ترى أن الذب يضع المسدس في رأسه ويطلق النار على نفسه قد ينجو بأعجوبة أو ربما تكون الاصابة بليغة ثم ينقل الى المستشفى فيموت هناك وليس في المكان الذي صمم الموت فيه , وربما لا ينطلق الطلق الناري اصلا . ألا ترى ان بعض الانتحاريين الذين لفوا اجسادهم بأحزمة ناسفة وقصدوا الى تفجير انفسهم في مكان ما قد تم اكتشافهم قبل الوصول الى المكان المقصود فقتلوا او قتلوا انفسهم وكان موتهم في غير المكان الذي صمموا على الموت فيه !؟. ثانيا : وقد يقال إن الآية أساسا ناظرة الى حالات الموت الطبيعي التي يواجه فيها الانسان الموت وفق الاسباب المألوفة والتي يأتي فيها الموت إليه , لا الحالات الشاذة والنادرة التي يندفع فيها المرء باختياره الى الموت , تماما كما أنها لا تشمل الحالات النادرة التي يعلم فيها الانسان بزمان موته ومكانه كما قد يحصل ذلك مع بعض انبياء الله عليهم السلام , فهذه الحالات لا نظر للآية إليها اساسا , وفي ضوء ماذكرنا فلا وجه للتحدي مع الله .

 

س » رجل متزوج اعجب بامرأة اخرى ويريد الزواج بها الامر الذي سينعكس سلبا على علاقته بزوجته الاخرى ويؤدي الى الطلاق فماذا ترون ؟
ج »

إننا ننصح الرجل في مثل هذه الظروف بعدم التسرع في الاقدام على الزواج الثاني، وعدم الاندفاع - انطلاقا من رغبة عاطفية او شهوة غرائزية - للارتباط  والزواج من امرأة ثانية، فالاعجاب في مثل هذه الحالة ليس كافيا للاقدام على علاقة ثانية لها الكثير من المحاذير والسلبيات، ولهذا فاننا ندعوه الى  القيام بدراسة وافية حول ضرورة الزواج الثاني وجدواه وتأثيراته السلبية عليه وعلى اسرته واطفاله على فرض وجودهم ، واذا وجد بعد الدراسة والمشاورة ان لا مفر من الزواج الثاني لوجود بعض الاسباب والموجبات لذلك ، فعليه ان يعمل على مصارحة زوجته الاولى ومحاولة اقناعها بالامر وشرح الاسباب الموجبة لذلك ، فربما تقتنع بمبرراته وبذلك نحول دون تدمير اسرة لأجل بناء أخرى

 

س » كيف يحاسب الله الطفل الذي يموت صغيراً؟
ج »
 بما أن الله تعالى عادل ولا يظلم أبدا فلا يمكن أن يعذب أحدا دونما حجة (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ومعاقبة الأطفال الذين لم يشملهم قلم التكليف سواء كانوا من أبناء المسلمين أو غيرهم هو ظلم قبيح فلا يتصور أن يحصل ذلك عند أعدل العادلين وأرحم الراحمين ، ولهذا يكون المصير الأخروي للطفل غير المسلم كمصير الطفل المسلم في أنه يعيش في رضوان الله وهكذا يكون مصير الطفل غير الشرعي كمصير الطفل الشرعي. 
س » ماهي فلسفة وشرعية ( ركضة طوريج ) وهي الركض من منطقة معينة الى مرقد الامام الحسين واخيه العباس عليهما السلام وذلك يوم العاشر من محرم بعد صلاة الظهرين ؟
ج »

هي ركضة عرف بها أهل مدينة طوريج ولذا نسبت إليهم. فقد كان يأتي أهالي هذه المدينة، وفي مقدمتهم السيد صالح القزويني (رحمه الله) راكبا على فرسه، ليعلن بدء الركضة، ثم يسير الناس من خلفه على نحو الهرولة وفي حالة من الحزن والبكاء، وهذه الركضة لا يزيد عمرها على مئة وثلاثين عاما. فهي تعبير شعبي عاطفي عن حب الحسين (ع)، وليست واردة في النصوص ولا هي من الشعائر المنصوصة.

س » هناك ظاهرة نجدها لدى البعض وهي عبارة عن حرق شهر صفر . فهل لذلك وجه ديني ؟
ج »

بسم الله الرحمن الرحيم 
هذه عادات لا اساس لها في الدين ولم نجد في النصوص الدينية ما يؤيدها او يشهد لها ونخشى ان تكون قد تسربت الى واقعنا من بعض الجماعات الوثنية التي لاتزال تقوم بمثل هذه الاعمال في بعض المناسبات ولا سيما في اشعال النار وغير ذلك .

س » ما المقصود ب:وأما بنعمة ربك فحدث؟ هل معناها أن نجهر وننشر بما انعم االله علينا.. أم ما المقصود..وكيف نطبقها في أيامنا هذه؟
ج »

ليس المقصود بالآية التفاخر والتباهي بالنعم التي أنعم بها الله على الانسان، وإنما المقصود بالتحديث بالنعمة إظهارها باعتبار أن ذلك نوع شكر لله سبحانه وتعالى، وإظهار لفضله وامتنانه، والحديث عن النعمة قد يكون باللسان والألفاظ التي تعبر عن شكر الله وقد تكون بالعمل عن طريق انفاق هذه النعمة في سبيل الله أو في سبيل رفع مستوى عائلته، لأن الله تعالى إذا أنعم على عبد أحب أن يرى أثر نعمته عليه، كما ورد في الحديث، وفي حديث آخر عن الإمام الصادق(ع) في تفسير هذه الآية: "حدث بما أعطاك الله وفضلك ورزقك وأحسن إليك وهداك

س » عندي مشكلة من ناحية الصلاة فأنا توقفت عن الصلاة، ولا أشعر بالذنب او بتأنيب الضمير الا قليلا بينما في الماضي عندما كنت اترك الصلاة لم يكن الامر يستغرق اسابيع او اشهر للعودة الى الصلاة واشعر بان خوف الله لم يعد موجودا في قلبي الا قليلا ما الحل برأيكم؟
ج »
 إن إحساسك بالمشكلة هو الخطوة الأولى في سبيل حلها والخروج منها، والخطوة الثانية أن تعمل جادا على التعرف على أسباب هذا الجفاف الروحي لديك، فهل الانهماك بالدنيا هو السبب؟ هل ضعف التأمل في آيات الله التي لا تعد ولا تحصى هي الأساس فيما وصلت إليه؟ هل أن لديك شبهة عقدية قد تكون هي السبب؟ أعتقد أنه بعد التعرف على السبب، فإن العلاج سيكون سهلا.
وفي كل الأحوال أعتقد أن قلوبنا تحتاج دائماً إلى المواعظ المنعشة والمذكرة بالله والمواعظ المنعشة للقلوب كثيرة ومتعددة " وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد".
 
باختصار: إنّ لروحك عليك حقاً فانعشها بذكر الله وإن لقلبك عليك حقاً فأحيه بالموعظة، والمواعظ المذكرة بالله تملىء كل هذا الكون من حولنا، فأعط لنفسك شيئا من الوقت لمحاسبتها ورياضتها، فقد كان أمير المؤمنين عليه السلام يعمل على تهذيب نفسه ، يقول: إنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر وتثبت على جوانب المزلق".
س » هل التربية والمفاهيم الاخلاقية تتأثر بخصوصية الزمان والمكان ؟ او انها واحدة سواء عاش الشاب في لبنان او اوروبا ؟
ج »

المبادئ التربوية والأخلاقية ثابتة ولا تتغير بتغير الزمان والمكان , ولكن الوسائل متحركة وتتأثر باختلاف الزمان وتغير المكان ...

س » إذا رأينا شيخاً سنياً يشتم الشيعة عبر وسائل الإعلام و يدعو عليهم بالدمار, أو رأينا شيخاً شيعياً يتعرض لرمز من رموز السنة أو لبعض الصحابة, فماذا علينا أن نفعل؟
ج »

 بسم الله الرحمن الرحيم أعتقد أن علينا أن لا نساهم في نشر كلام الفتنة لأن ذلك من إشاعة الفاحشة المنهي عنها في القرآن الكريم ,قال الله سبحانه و تعالى :"إن الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة و الله يعلم و أنتم لا تعلمون" ، هذا من جهة ومن جهة إخرى فإن علينا أن نصر على خطاب الوحدة ورص الصف وحفظ وحدة الأمة ونعمل على أن نخاطب العقل والوجدان في مقابل الخطاب الغرائزي الفتنوي الذي يتحرك به شيوخ الفتنة .

س » هل ينفع أن تسب إنسان لم تره ولم تسمعه, أهل البيت كانوا طيبين ولا يخرج مهنم غير الطيب. فسب عمر ليس نصرةً لأهل البيت ولا تأييداً لهم؟
ج »

 

 أخي الكريم إن السب مرفوض في ثقافتنا الاسلامية حتى لو كان المسبوب هو صنم يعبد من دون الله، قال تعالى " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم " إلى ذلك فإن السب لا يلتقي والأدب الرفيع ولا ينسجم مع الخلق السامي الذي أدبنا عليه نبينا العظيم المبعوث ليتمم مكارم الأخلاق كما أن أسلوب السب لا يعبر سوى عن عجز صاحبه، وضعفه وأمراضه النفسية ،لأن القوي في حجته لا يلجأ إلى السب أو الشتم ، وبالإضافة إلى ذلك فإنه اعني السب يغلق قلوب الآخرين ويوصد آذانهم عن الاستماع إليك والإصغاء الى فكرك ،بل ربما دفعهم إلى رد الشتيمة بمثلها فتكون قد تسببت بشتم رموز الحق وأئمة الهدى وقد ورد في الحديث النبوي :" لا تسبوا آباءكم ، قالوا : يا رسول الله ومن يسب أباه ! قال تسبون آباء الناس فيسبون آباءكم" ، إنك لن تستطيع أن تفتح قلوب الناس وعقولهم على فكرك إلا بالكلمة الطيبة " إدفع بالتي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " وقال تعالى " وقولوا للناس حسنا " ، وأئمة أهل البيت (ع) هم تربية القرآن ولم يعلموا أصحابهم ما ينافي القرآن ، وقد قالها أمير المؤمنين علي (ع) وقد سمع أصحابه يسبون جماعة معاوية :" إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ولكن لو ذكرتم أفعالهم ووصفتم حالهم لكان أبلغ في القول وأصول في العذر وقولوا بدل سبكم إياهم اللهم احقن دمائنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم " .
س » ماهو رأيكم بحديث الفرقة الناجية متنا وسندا وهل هو ثابت عندكم ؟
ج »

إن حديث الفرقة الناجية بنظري غير موثوق وترد عليه العديد من علامات الاستفهام وقد بحثت ذلك بشكل مفصل في كتاب (( هل الجنة للمسلمين وحدهم ؟!)) فراجع 

http://www.al-khechin.com/article/156

س » في مجتمع تكون حكومته غير اسلامية مجتمع تحكمه الفاقة والعوز والحرمان كما هو حال الكثير تضطر النساء والعياذ بالله الى ممارسة الفاحشة لكسب قوتها . اذا عثر عليها وهي بهذه الحال هل يقام عليها الحد سوا كان محصنة او غير محصنة ...؟؟؟؟ اجيبونا جزاكم الله الف
ج »

في الإجابة على سؤالكم نقول أولاً : لا بد أن نشير إلى أن المرأة العفيفة وذات الإرادة لا يمكن أن تنجرف وتحت ضغط العوز والحاجة إلى سوق الرذيلة بل عليها أن تتحصن بالعفة والشرف وأن تقف في وجه كل الذين يستغلون حاجتها وفقرها ، بل إن واجب الأمة الإسلامية جمعاء أن تتحمل مسؤليتها في تأمين احتياجات الفقراء والمساكين لكي لا يضطر أحد إلى اللجوء إلى الممارسات الشائنة لتأمين لقنم العيش الكريم، كما أن من واجب السلطة الشرعية أن تضرب بيد من حديد وتمنع المتاجرة بالنساء واستغلالهن. ثانياً: إذا كانت المجتمعات غير إسلامية كما هو مفروض السؤال فلا معنى من الناحية العملية للحديث عن إقامة الحد لأن الحدود إنما تقام في ظل وجود سلطة إسلامية ولو مجتمعية، ولا يتولى إقامة الحد آحاد الناس ولا سيما أن الأمر يفرض التثبت والتحقق من شروط وظوابط إقامة الحد. ثالثاً: إذا فرض أن المرأة اضطرت إلى ارتكاب الفاحشة لأجل أن تقيت نفسها وتدفع عن نفسها خطر الهلاك ولم يكن لديه سبيل آخر لدفع الضرورة فيسقط عنها التكليف بحرمة الزنا ، لأنه ما من شيء حرمه الله إلا وأحله لمن اضطر إليه، والظاهر أن الحد يسقط عنها أيضاً، وهذا ما يستفاد من بعض الأحاديث الواردة عن أمير المؤمنين (ع) بشأن امراة في البادية كادت أن تموت من العطش وكان بيد أحد الأشخاص ماءً ورفض أن يسقيها منه حتى تمكنه من نفسها ففعلت فرفع (ع) عنها الحد.

س » بالنسبة الى موضوع الرجعة , اولا هل هي ثابتة اجمالا من خلال الاحاديث ؟ وثانيا ما هي الاسباب التي دعت سماحة السيد فضل الله الى تاويلها وعدك اخذها على الظاهر ؟ما دامت هناك سوابق لها كثيرة في القران؟
ج »

الرجعة ثابتة في الجملة وهذا أمر لا يخالف فيه أحد من علمائنا، وإنما الكلام في تفسيرها فهل هي رجعة أناس من أهل البيت(ع) ومن غيرهم، أم ان المراد بها رجعة دولة الحق؟ المعروف عند الشيعة هو الرأي الأول لكن السيد المرتضى وهو من كبار علمائنا المتقدمين نسب إلى بعض الشيعة تبني القول الثاني متهماً هذا القول بالشذوذ، وفي كل الأحوال فإن العمدة في المقام هو الدليل فإن قام الدليل التام والواضح على الرجعة بالمعنى الأول فيتعين الأخذ به والاعتقاد بما جاء به، وسماحة السيد رحمه الله لم ينكر الرجعة وإنما ذكر أن الإيمان بها تابع لنهوض الدليل عليها كما أشرنا، ودلالة بعض الآيات على رجعة بعض الأشخاص في الزمن الغابر لا تثبت حتمية ذلك في المستقبل وإنما تثبت إمكان الرجعة وهذا أمرلا ينكره أحد.

س » لماذا تقدم الغرب المسيحي واليهودي وتخلف المسلمون؟هل المشكلة تكمن في طبيعة النص الديني وعجزه على تغيير الواقع ام ان العقل الاسلامي عجز حتى الان عن ايجاد التوليفة المناسبة والواقعية بين النص في طوباويته والواقع في نسبيته؟؟ام ان المشكلة في الاليات المعت
ج »

 

هذا سؤال شغل عقل المفكرين الإسلاميين منذ عقود طويلة، فمنهم من رأى أن المشكلة تكمن في الاستبداد كـ عبد الرحمن الكواكبي في كتابه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" وكثيرون رأوا أن المشكلة هي في الاستعمار الخارجي والهيمنة على بلاد المسلمين ونهب ثرواتهم.  
ولا شك عندي أن كلاً من الاستعمار والاستبداد له نصيب في هذا التخلف، ولكن ما أعتقده أن السبب لا ينحصر بهذا أو بذاك، بل المشكلة أعمق من ذلك ، إذ إن الاستبداد ما كان ليجثم على صدور الأمة كل هذه المدة الطويلة لو لم يكن فيها قابلية للتكيف مع المستبد والانحناء له والخضوع لسلطانه منذ أن قتل الإمام الحسين(ع) في كربلاء.. كما أن الاستعمار هو الآخر ما كان ليستمر إلى يومنا هذا ولو بعناوين جديدة وبراقة لو لم يجد المستعمر أرضية صالحة له في بلادنا، وقد قالها المفكر الجزائري مالك بن نبي "لو لم يكن فينا قابلية الاستعمار لما استعمرنا".
إذن أين تكمن المشكلة؟   المشكلة باختصار شديد هي في عقل المسلم الذي تمت صياغته بطريقة معينة جعلته يتقبل الاستبداد ويتماشى معه وذلك عندما تم التنظير الشرعي والديني للاستبداد بحجة أن رسول الله(ص) دعى إلى "إطاعة السلطان ولو كان فاسقاً فاجراً" ! وهكذا جعلته هذه الثقافة المشوهة يتقبل الاستعمار والذل والعبودية تحت عنوان أن ذلك هو قضاء الله وقدره ولا راد لقضائه وقدره.
  وهكذا فقد استطاعت الثقافة المشوهة والمفاهيم الدينية المزورة أن تجعل عقل المسلم - إلى حد كبير - عقيماً عن الانتاج والابداع والتطوير، ولا سيما عندما أُلبست تلك المفاهيم لبوساً إسلامياً، وكان تأثيرها  خطيراً ولا نزال نشهد نتائجه، إذ أنها أرخت بظلالها وتركت المسلمين في حالة  شلل ووهن وتسليم للأمر الواقع وتماه مع السلطان،  
المشكلة - إذن- تكمن هنا، ولا بد من العمل على إعادة انتاج عقل المسلم على الأسس السليمة والمفاهيم الصحيحة التي نص عليها القرآن الكريم، فالنهوض يبدأ عندما يتم تحرير العقل الإسلامي من هذه الأوزار التي أثقلت كاهله، وهذا الأمر ليس بمستحيل، ولست متشائما في هذا المجال قرغم التخلف والرجعية والتزمت الذي نشهده فإن ثمة بشائر تلوح في الأفق ، وإنّ عقل المسلم ليس عقيماً ولا عصيا على التطوير فليست عقول الآخرين من ذهب وعقولنا من فضة أو تراب ، بل إن في الإسلام - ورغم كل محاولات التشويه  والتزوير - قوة فكرية وروحية هائلة وهي قادرة على تغيير واقع المسلمين نحو الأفضل، شريطة أن يثقوا بأنفسهم وبقدراتهم ويأخذوا بأسباب العلم ويبتعدوا عن الانشغال بالتفاهات والهوامش وخففوا من غلواء العصبيات القاتلة التي تمزق وحدتهم وتعيدهم إلى الجاهلية الجهلاء.
 
س » صديقتي تعرفت على شاب عبر الفايس بوك، وهو متزوج. وتقول إنها أحبته وهو يريد الزواج منها. وأنا خائفة عليها، ما رأيكم؟؟
ج »

إنّ قرار الزواج هو قرار مصيري، ولا ينبغي الارتجال فيه أو التسرع في أمره. وإني أعتقد أنّ صديقتك بدأت بداية خاطئة من خلال التعرف عليه عبر الفايس بوك، ولكن مع ذلك فإني أقول لها:

إن البداية الخاطئة للموضوع لا تمنع من الاستمرار فيه، لكن على ان تتم دراسة هذا الأمر بعقلانية وبواقعية وبعيدًا عن الأحلام والعواطف التي سرعان ما تتبخر عند اصطدام هذه الأخت بالواقع وصعوباته ومعاناته اليومية، فهل بإمكانها أن تعيش حياتها كضرّة؟ وهل أنّ هذا الرجل متمكن من إعالة أسرتين؟ هل أنّ ذويها وأهلها يقبلون بذلك؟ وهل سيُتاح لها أن تعيش حياتها معه بحرية وودّ؟ إنّ عليها أن تجد جوابًا مقنعًا على هذه الأسئلة، وبعدها تتخذ القرار المناسب على ضوء تفكيرها العقلاني، وعلى ضوء مشورتها لأهل العقل وذوي التجربة في هذه المجالات، ولا سيما من المختصين التربويين.

.

س » هل يُعقل أن يعلمنا أمير المؤمنين (ع) "الغدر" ؟! ويطلب منا أن نغدر، كما رُوي عنه: وَالْغَدْرُ بَأَهْلِ الْغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ الله.
ج »

إنّ الحديث مرويٌ عن أمير المؤمنين (ع) :"الْوَفَاءُ لِأَهْلِ الْغَدْرِ غَدْرٌ عِنْدَ اللهِ، وَالْغَدْرُ بَأَهْلِ الْغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ الله"ِ.

أولا: مصدر الرواية هو نهج البلاغة، وقد رواها الشريف الرضي مرسلة إلى أمير المؤمنين (ع)، ولم نجدها مسندة في مصدر آخر.

ثانيا: من حيث المضمون، ربما أشكل فهمها، بأنه كيف يدعو الإمام (ع) إلى الغدر بالآخرين حتى لو كانوا من أهل الغدر؟! مع أنّ المسلم ينبغي أن يتميّز بأخلاقه عن الآخرين، والإسلام يدعو إلى اعتماد الأخلاق الحميدة والفاضلة في التعامل مع الآخرين، حتى لو أخلوا بها، فإذا كذب الآخرون فلا يجدر بالمسلم أن يكذب، وإذا خان الآخرون فلا يفترض بالمسلم أن يخون، وإذا مارس الآخر الغدر فلا ينبغي للمؤمن أن يغدر، وقد روي عن النبي (ص) "الإيمان قيد الفتك" أي أنّ الإيمان يمنع المؤمن من الفتك (الغدر) بالآخرين، وهذه الكلمة هي التي استذكرها مسلم بن عقيل ومنعته عن الإقدام على قتل عبيد الله بن زياد في بيت هانئ بن عروة، مع أن قتله كان كفيلاً بتغيير نتيجة الأحداث التي تمخضت عنها معركة كربلاء.

ولكن يمكن أن يوجه الحديث ببعض التوجيهات التي تجعل مضمونه مقبولاً:

1-  أن المقصود بالغدر مع أهل الغدر هو عدم الوفاء لهم في عقودهم وعهودهم فيما لو نقضوهم ولم يفوا بها، فمن لا يلتزم بموجبات التعاقد والتعاهد القائم بينك وبينه فلا يلزمك الوفاء له، قال تعالى ﴿فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾ وعدم الوفاء لهم في هذه الصورة عُبّر عنه بالغدر من باب المشاكلة في التعبير. على طريقة ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ﴾ أو ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾.

2-  ويطرح ابن أبي الحديد توجيهًا آخر مفاده أنّه إذا اعتاد العدو على ممارسة الغدر وعدم الوفاء بالأقوال والعهود، فلا يُطلب منا حينئذ أن نفي له بعهوده، بل يتعيّن علينا أن ننقضها؛ لأن الوفاء لمن هذه حاله ليس بوفاء عند الله بل هو كالغدر في قبحه، فإن ذلك سيغريه إلى مزيد من ممارسة الكيد والحقد تجاهنا، كما أنّ الغدر لمن هذه حاله ليس بقبيح بل هو في الحسن كالوفاء لمن يستحق الوفاء عند الله تعالى.

س » أحيانًا تأتي أسئلة وأفكار مخيفة على عقلي، عن وجود الله تعالى.. فأخاف من هذه الأفكار، وأخشى أن أكون قد كفرت.. ما رأيكم؟
ج »

الشك في وجود الله أو في بعض صفاته وأحواله هي حالة تعتري الكثير من المؤمنين، فلا تخف ولا تجزع، فإنّ ذلك لا يتنافى مع الإيمان، وقد قال النبي (ص) لبعض أصحابه وقد جاءه خائفًا هلعًا قائلًا: هلكتُ يا رسول الله، فعرف النبي (ص) ما جاش في صدره وما جال في خاطره من أسئلة تتصل بوجود الله فطمأنه وقال (ص): لا تخف، "ذَاكَ وَ اللَّهِ مَحْضُ الْإِيمَانِ" .. لكن لا تستسلم لهذه الشكوك واطردها من خلال التأمل في آيات الله في نفسك وفي آفاق السموات والأرض، ومن خلال التدبر في كل ما يعزز فطرة الإيمان لديك. فالله هو الحقيقة المطلقة التي ستشرق على النفوس الطيبة مهما حجبتها الغيوم، كما قال الإمام الحسين (ع): "مَتى غِبْتَ حَتّى تَحْتاجَ اِلى دَليل يَدُلُّ عَليْكَ.. عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقيباً". هدانا الله وإياكم إلى معرفته حق المعرفة، وأرشدنا إلى سبيل الصواب إلى سبيل الرشاد﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾

س » السلام عليكم سماحة الشيخ، هل ترى الوحدة الاسلامية وسيلة لتحقيق الهدف ام هدفاً بحد ذاتها؟
ج »

 

 
س » السلام عليكم سماحة الشيخ ،هل ترى ان التقيه تخدم الوحده الاسلاميه وهل هي واجب في بعض الاحيان لردء الفتنه؟
ج »

 التقية مسألة إنسانية واستثنائية يلجأ إليها الإنسان في حالات الخوف على النفس أو العرض فيضطره ذلك لإظهار خلاف ما يعتقد به ، كما حدثنا الله تعالى في قوله تعالى "إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان "والتي نزلت في عمار بن ياسر عندما عذب لينطق بكلمة الكفر ،وتحت ضغط ا...لتعذيب قالها ،ثم جاء الى النبي (ص) باكيا، فهدأ النبي من روعه وقال له (ص) :إن عادوا فعد ، ونزلت الآية ، ولا ينبغي أن تؤثر التقية على الوحدة الإسلامية ،لأن الدعوة إلى الوحدة ليست منطلقة من التقية ولا هدفها المجاملات ولا التكاذب ، والمطلوب من المسلمين أن يتصارحوا ويتكاشفوا لا أن يتكاذبوا ، وقد ورد في الحديث " لو تكاشفتم لما تدافنتم " ولعل الخطوة الأولى على خط الوحدة الإسلامية هي أن يتصارح المسلمون ويتحاوروا بكل شفافية وأن يقبل بعضهم بعضا وان لا يدفع بعضهم بالبآخر إلى إخفاء عقيدته ومذهبه .

س » السلام عليكم أريد منكم معلومات حول الإعجاز التشريعي مع ذكر بعض الأمثلة
ج »

أخي العزيز  :  يرى بعض العلماء  أن  مفهوم الإعجاز القرآني بالمعنى المصطلح للمعجزة وهي الأمر الخارق للعادة  إذا كان مقرونا بالتحدي لا يصدق على الإعجاز التشريعي وغيره من وجوه الإعجاز  وإنما هو منحصر بالإعجاز البلاغي ،  ولكن ثمة رأي آخر يذهب إلى أن القرآن الكريم بما أنه الرسالة العالمية الخالدة والتي لا تختص بأمة العرب فهذا يقتضي أن يكون معجزا بما جاء به من منظومة روحية وعقائدية وتشريعية ، ومن هنا فالإعجاز التشريعي يراد به ما اشتمل عليه القرآن من تشريعات مبدعة تتعلق بتنظيم المجتمع بما يحقق الأمن والسلام على الصعيد الاجتماعي والأخلاقي والسياسي والاقتصادي  ويتضح هذا الوجه من الاعجاز بملاحظة ما كانت عليه حال القوانين والتشريعات العالمية حال نزول القرآن ، سواء ما كان عند الرومان أو اليونان أو الفرس أو غيرهم من الشعوب ذات الحضارة  فضلا عما كان عليه الحال في الجزيرة العربية ، إن المقايسة المذكورة ستظهر سمو التشريع الإسلامي  وتؤكد أنه تشريع ما كان لمحمد (ص)،أن يأتي به لو لم يكن مسددا بوحي السماء.. 

س » مولانا... حسب ما هو متداول و منصوص عليه في کافة الديانات السماوية و الذي لا ريب فيه أن الله تعالی إسمه أنه يحاسب عباده علی أعمالهم و معتقداتهم و کل ذلک حسب الشريعة الإسلامية علی قوله تعالی(...رضيت لکم الإسلام دينا)فأين المسيحيين في ذلك؟
ج »

ان الحساب يوم القيامة يقوم على أساس العدل ومن مقتضى عدله تعالى أن لا يعاقب شخصاً إلا إذا قامت الحجة عليه وبلغه نبأ الرسول الجديد فأنكره وجحد به، قال تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاْ، وعلى هذا فالمسيحي أو اليهودي أو غيرهما إذا أقمنا عله الحجة الواضحة بنبوة نبيا رسولنا محمد ومع ذلك لم يؤمن به أو بلغته دعوته ولم يعر انتباهاً لها فيستحق المؤاخذة بسبب جحوده وتقصيره وأما إذا لم تقم عليه الحجة فهو معذور ويستحيل في عدل الله أن يعذبه أو يدخله النار، وقوله تعالى: "ورضيت لكم الإسلام دينا" لا ينافي ما قلناهان الحساب يوم القيامة يقوم على أساس العدل ومن مقتضى عدله تعالى أن لا يعاقب شخصاً إلا إذا قامت الحجة عليه وبلغه نبأ الرسول الجديد فأنكره وجحد به، قال تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاْ، وعلى هذا فالمسيحي أو اليهودي أو غيرهما إذا أقمنا عله الحجة الواضحة بنبوة نبيا رسولنا محمد ومع ذلك لم يؤمن به أو بلغته دعوته ولم يعر انتباهاً لها فيستحق المؤاخذة بسبب جحوده وتقصيره وأما إذا لم تقم عليه الحجة فهو معذور ويستحيل في عدل الله أن يعذبه أو يدخله النار، وقوله تعالى: "ورضيت لكم الإسلام دينا" لا ينافي ما قلناه

س » أليس الله مالك كل شيء؟! فكيف يعبر القرآن بأنّ الله وارث ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، والوارث هو الذي لا يملك الشيء إلا عند وفاة الآخر.. لماذا هذا التعبير؟؟
ج »

سياق الآية ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ هو الحث على الإنفاق حيث قال تعالى في مستهلها ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ وقد أشار سبحانه وتعالى في هذا السياق إلى أنّ السموات والأرض راجعتان إلى الله سبحانه وتعالى بما فيهما ومن عليهما، فما لكم لا تنفقون والحال أنّ هذه الأملاك كلها من قبيل الاستعارة في أيديكم، والوارث الحقيقي لكل ذلك هو الله تعالى.. وهذا اللون من التعبير ينضح باللطف الإلهي حيث يفترض أنّ الإنسان مالك حقا، وبموته تنتقل أملاكه إلى الله مع أن الله في الواقع هو المالك الحقيقي ولا مالك في عرضه. فهو نظير قوله ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ حيث تفترض الآية أنّ الصدقة في سبيل الله هي من القرض الحسن لله، وذلك يحث الإنسان على التصدق. وإلا فالله هو مالكنا ومالك أحوالنا وهو غني عن العالمين، ولا يحتاج إلى قرض ولا إلى صدقة، والله العالم بتفسير حقائق آياته.

س » اسئلة حول كتاب "علامات الظهور بين حلم الانتظار ووهم التطبيق" 1-ارجو ان تقدموا لنا تفسير وتوضيح بتوسع أكثر حول كلامكم التالي:"اتسمت شرائع تلك المرحلة وقوانينها بالشدة والصرامة وذلك بهدف الحد من بداوة الانسان وقساوته" ص.18 الا يتعارض ذلك مع ما سبقها من
ج »

 

ج1 ما جاء في صفحة 18 هو عن التصورات العقائدية والفكرية والتي قدرنا أنها كانت تصورات سهلة وغير معمقة مراعاة للمستوى الوعي البشري أنذاك ، أما ما جاء في صفحة 20 فهو يتحدث عن التشريعات التي تضبط السلوك ومن الطبيعي أن يكون سلوك ذاك الإنسان قريبا إلى البداوة فاحتاج الى مستوى من التشدد في محاولة ضبطه وتهذيبه .
ج2أولا : لأنه لم يثبت لنا صحة الروايات التي تتحدث عن المسار التقهقري لحركة التاريخ بشكل مطلق ، وثانيا :  باعتبار أن السياق القرآني العام- فيما نفهمه - يشير إلى أن البشرية هي في حركة تصاعدية  نحو الافضل ، على المستوى المعرفي ، ومستوى الوعي العام ، وعلى المستوى الحضاري .
ج3 أن التطور في "الخطاب السماوي " له أسبابه ،وواحدة من أهم هذه الأسباب تطور الفكر الإنساني - كما ذكرتم - وتراكم المعرفة البشرية ، وهذا  مؤشر على المسيرة التصاعدية لحركة التاريخ ، وهي تناقض نظرية التقهقر الحضاري .
4- لقد تمت الإجابة على تساؤلكم هذا في الصفحة عينها ومباشرة بعد عبارة "وهذا التوجيه والجمع ..".
5- هو سياسي معروف بتقلباته ( راجع  جريدة السفير ).
6- إن السبب في هذا التعبير هو أن حديث "من ادعى المشاهدة ...فهو كذاب "جعل العلماء أمام تساؤل كبير وهو أنه إذا كان الأمر كذلك فماذا نقول عما يتداوله بعض كبار العلماء عن حصول لقاء لبعض الأشخاص  مع الامام( عج)مما لا نستطيع تكذيبه ؟ ويجاب على بعدة أجوبة ،منها :أن الحديث يريد نفي المشاهدة مع علم المشاهد بهوية الامام ،بينما هؤلاء العلماء الذي تدعى لهم المشاهدة لا يعرفون عند اللقاء هوية الامام وإنما يعرفون ذلك لاحفا استنادا إلى بعض القرائن .
7- إن مراعاة الشروط والضوابط المشار إليها هو أمر مطلوب منعاً لهذه الفوضى في التعامل مع علامات الظهور مما ينعكس سلباً على العقيدة بالمهدوية، ومراعاة هذه الضوابط لا تمنع من تهيئة النفوس والاستعداد للانخراط في مشروع العدل الالهي الذي يقوده المهدي المنتظر (عج) .
8- إن اسم الإشارة (ذلك) لم ارجعه إلى خصوص موت عبدالله بالتحديد لتسألني عن مدى "مشروعية ذلك في اللغة" (مع أنه لو كان المقصود ذلك فلابأس به لأن تعبير "أيطول موت فلان" تعبير مستخدم وفيه شيء من التقدير والمراد أتطول ساعة موته) وإنما المشار إليه بـ "ذلك" هو طول ظهور الإمام المترتب على موت الملك عبدالله.
وأما إرجاع "ذلك" إلى فترة حكم الأيام القليلة ليكون المعنى كما ذكرتم "ان هناك فترة ستمر يتملك في هذه الفترة عدة حكام" فهو خلاف ظاهر الخبر، لأن ظاهره هو الحديث عن ظهور الإمام المترتب على موت عبد الله، فالسائل لا بد أنه يسأل عن القضية الجوهرية التي هي محط نظر الإمام في الخبر وهي ارتباط ظهور صاحب العصر بموت الملك عبد الله وهذا ما يتطلع إليه المؤمن ويسأل عنه أكثر من غيره.
ج 9- المقصود بالمتغيرة أنها ليست ثابتة ولا حتمية، ولا مشاحطة في الاصطلاح.
ج 10- الرواية واضحة الدلالة في أن السفياني يخرج وحكم بني العباس لا يزال قائما ، فلو صحت الرواية فهذا يعني أن هذه العلامة قد تصرمت وانقضت، نعم يواجهنا تساؤل هنا أو لنقل ملاحظة على هذه الرواية وهي أنه إذا افترضنا أن خروج السفياني هو من العلامات التي تحققت في زمن بني العباس فكيف يكون علامة على الظهور؟!
ج 11- حلم الانتظار هو الأمل الذي يدفعنا نحو العمل استعدادا لظهور القائم المهدي.
س » السلام عليكم سماحة الشيخ .. كيف تفسر قول الامام علي عليه السلام "نوم على يقين خير من صلاة في شك" ؟
ج »

إن الإمام (ع) قال هذه الكلمة عندما رأى أحد الخوارج متهجدا ، وهي من روائع كلماته ،فهو يريد القول : لا خير في عبادة الشاك بدينه أوالجاهل بربه أو أعمى البصيرة ، بل إن نوم العالم   وهو على يقين من أمر دينه ومعتقداته خير من صلاة الشاك

س » يقول الله تعالى في كتابه الكريم (وانزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلم ) سورة النساء آية 113 ماهومعنى الحكمة ؟وماهو المرجع في الفهم الدلالي للقران هل هو العرف ام المعاني البلاغيه الدقيه ام معاني اصطلاحيه فلسفيه ام شئ اخر ؟
ج »

أخي العزيز لقد تكررت لفظة الحكمة في القرآن الكريم عشرين مرة ، وقد تعددت الآراء والأقوال في تفسيرها حتى أنهاها بعضهم إلى تسعة وعشرين قولا ، كما أنها قد قسمت إلى الحكمة النظرية والحكمة العملية والحكمة الحقيقية ، ( راجع ك حول ذلك كتاب العلم والحكمة في الكتاب والسنة للشيخ الريشهري )، وربما كان المراد بالحكمة في الآية المذكوة ما أشار له السيد الطباطبائي من المعارف الإلهية النازلة بالوحي والنافعة للدنيا والآخرة . وأما عن المرجع في فهم دلالات القرآن الكريم فهو ليس الدقة الفلسفية ، بل العرف العام المنفتح في وعيه للنص القرآني على الأعماق المتعددة له، ب وذلك لأنه ليس نصا عاديا بل هو نص صادر عن الله تعالى ،والمخاطب به ليس جيلا واحدا بل الأجيال كلها على اختلاف افهامهم ، الأمر الذي يحتم أن يكون ذا معان سيالة ، إلا أن كل هذه المعاني السيالة إنما تكون مقبولة إذا كان ظاهر القرآن مستوعبا لها ، حذرا من تحويل القرآن إلى مجرد ألغاز وأحاجي ، وحتى لا ينفتح باب التأويل على مصراعيه

س » لقد وقعت في الحيرة، هل الصلوات 5 أو 3 ؟؟ وما هو مستندنا في ذلك؟
ج »
هناك خمس صلوات في اليوم لكن يمكن أداؤها في ثلاث أوقات وذلك بالجمع بين الظهرين والعشائين، وهذا الأمر يستفاد من الكتاب الكريم ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾. ويستفاد من الروايات المتواترة والتي أجمع عليها علماء الفريقين السنة والشيعة على ان الواجب خمس صلوات في اليوم.
 
س » أريد منكم معلومات حول الإعجاز التشريعي مع ذكر بعض الأمثلة
ج »

 يرى بعض العلماء أن مفهوم الإعجاز القرآني بالمعنى المصطلح للمعجزة وهي الأمر الخارق للعادة إذا كان مقرونا بالتحدي لا يصدق على الإعجاز التشريعي وغيره من وجوه الإعجاز وإنما هو منحصر بالإعجاز البلاغي ، ولكن ثمة رأي آخر يذهب إلى أن القرآن الكريم بما أنه الرسالة العالمية الخالدة والتي لا تختص بأمة العرب فهذا يقتضي أن يكون معجزا بما جاء به من منظومة روحية وعقائدية وتشريعية ، ومن هنا فالإعجاز التشريعي يراد به ما اشتمل عليه القرآن من تشريعات مبدعة تتعلق بتنظيم المجتمع بما يحقق الأمن والسلام على الصعيد الاجتماعي والأخلاقي والسياسي والاقتصادي ويتضح هذا الوجه من الاعجاز بملاحظة ما كانت عليه حال القوانين والتشريعات العالمية حال نزول القرآن ، سواء ما كان عند الرومان أو اليونان أو الفرس أو غيرهم من الشعوب ذات الحضارة فضلا عما كان عليه الحال في الجزيرة العربية ، إن المقايسة المذكورة ستظهر سمو التشريع الإسلامي وتؤكد أنه تشريع ما كان لمحمد (ص)،أن يأتي به لو لم يكن مسددا بوحي السماء..

س » إذا الزوجة تعلمت وأخذت شهادات عالية، وأصبحت تقلل من شأن زوجها.. برأيكم، في هذه الحالة، الطلاق أفضل أم البقاء العلاقة الزوجية؟ وخاصة أن لديهما بنات بالغات.
ج »

نحن ننصح بإعادة لمّ الشمل حفاظا على الأسرة لكن الأمر لا بد أن يبنى على أسس واضحة في كيفية التعامل وإدارة الحياة في المنزل ولا سيما بين الزوجين ، لذا فليعمل المصلحون على هذه الأسس . وأخال أن الأمر فيه صعوبة لتقبل الزوجة لواقع جديد في تعاملها مع زوجها ، لكن الصبر والحكمة ربما يكونان كفيلين بتذليل العقبات وربما تلعب البنات البالغات الراشدات في الأسرة دورا في إقناع الأم باعتماد أسلوب جديد في التعامل مع زوجها . والله الموفق.

س » الا يمكن ان تساعد الصلاة الشاك في الوصول الى اليقين؟ ام هل يمكن فهم هذا الحديث على انه كناية عن الفرق بين عمل الشاك والمتيقن (اي عمل) وضربت الصلاة مثلا لاكبر الاعمال بما انها خير العمل، وضرب النوم مثلا لاصغر الاعمال بما انه ليس فيه اي عمل؟
ج »

إن الإمام (ع) قال هذه الكلمة عندما رأى أحد الخوارج متهجدا ، وهي من روائع كلماته ا (ع) فهو يريد القول : لا خير في عبادة الشاك بدينه أوالجاهل بربه أو أعمى البصيرة ، بل إن نوم العالم وهو على يقين من أمر دينه ومعتقداته خير من صلاة الشاك.*

س » السلام عليكم مولانا هل هذا الحديث صحيح رواية عكاف في الزواج في مفاهيم القران ج 2 ص 413 – وقال عكاف : اتيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال لي : " ياعكاف الك زوجة ؟ قلت : لا . قال : وانت صحيح موسر ؟ قلت : نعم والحمد لله . قال : فانك اذن من اخوان
ج »

 

الحديث ليس صحيحاً، وتأخير الزواج إذا كان بهدف اختيار الزوج المناسب خُلقاً وديناً فلا ضير فيه.
 
س » لماذا نلتمس الأعذار لمن هم في مذهبنا إذا أخطأوا، ونحملهم على حسن النواياـ بينما لا نتعامل كذلك مع الخوارج والدواعش، بل نقاتلهم ونحكم عليهم بالدخول إلى النار؟؟
ج »

تارة يبحث عن العذر في محكمة العدل الإلهي من جهة العقاب والثواب، وهنا المعيار هو قيام الحجة على الشخص. فلو أقمنا عليه الحجة وجحد فيستحق العقاب وأما إذا لم تقم عليه الحجة فهو معذور حتى لو كان كافرا فضلا عن المسلم. وتارة أخرى، ينظر إلى المسألة من زاوية تكليفنا الدنيوي، وهنا نحن ملزمون بالأخذ بظواهر الشريعة ولسنا مكلفين بالباطن. وبحسب الظواهر والنصوص الشرعية فإن عليا (ع) هو إمام هدى بإجماع المسلمين، ومن خرج عليه هو ظالم مفسد فلا بد من محاربته، ولهذا ندين الخوارج. ولو أن شخصا هجم عليك، يجب عليك أن تدافع عن نفسك حتى لو كان في نيته أنه يطبق حكم الله، فالمسألة لا علاقة لها بالنوايا بقدر ما لها علاقة بالأسس والضوابط الشرعية. والدواعش كذلك، لا يهمنا النظر إلى نواياهم بقدر ما يهمنا النظر إلى أفعالهم، أما النوايا فتؤخذ بعين الاعتبار في محكمة العدل الإلهي. 

س » أردت أن أطرح عليكم مشكلة لتبنوا لنا الحل الشرعي لها. رجل و امرأة متزوجان منذ أكثر من ثلاثين سنة و العلاقة بينهما كانت جيدة جدا و لهما أولاد و لكن مؤخرا حدث أمر أصبح يهدد كيان هذه العائلة اذ أن الزوج تغير بشكل جذري أصبح يضرب زوجته و يشتمها و يكسر كلما
ج »

أعتقد أنّ علينا أن نفتش عن الأسباب التي دفعت الزوج إلى مثل هذا السلوك، أهي أسباب نفسية أم اجتماعية أم اقتصادية أم أن ثمة أسباب أخرى؟ وعلى ضوء دراسة الأسباب نبني على الشيء مقتضاه، وأعتقد أن التسرع في اتخاذ القرارات في مثل هذه القضايا بالانفصال أو الطلاق ليس سليماً، بل لا بد من التروي والصبر، وإشراك ذوي الرأي الراجح ومن لهم تأثير على الزوج من أصدقائه أو أقربائه والاستعانة بآرائهم وخبراتهم في هذا المجال.

س » هل الزواج المدني حرام في الإسلام؟
ج »

الزواج كعقد يجريه القاضي المدني هو زواج شرعي لأنّ الإسلام لا يشترط أن يكون الزواج لدى رجل دين، فيمكن للشخصين أن يجريا الزواج مع توفر الشروط. نعم، هناك اعتراض على بعض مفاعيل قانون الزواج المدني التي تتصل بالميراث والطلاق وغير ذلك، وأما الزواج في نفسه فهو مشروع، ولو كان لدى القاضي المدني حسب رأي السيد فضل الله (رض).

س » اريد ان اسأل سؤال، وربما كان علي طرحه على المسيحيين لا عليك ولكن لا بأس بمعرفة رأيك. في سياق الحوار الاسلامي المسيحي غالبا ما يمدح المسيحيون النبي(ص) او بالحد الادنى يقولون عنه ما هو جيد. اذا اردنا ان نرجع للتاريخ بشكل موضوعي وحيادي -اي لا من وجهة نظ
ج »

إشكالكم صحيح على العموم ، وربما يبر ر بعض المسيحيين ممن يطلقون كلمة النبي عليه (ص)بأن ذلك احترام للمسلمين ومجاملة لهم ،وقد رأينا البعض منهم يعتقد بنبوته لكنهم لا يتبعون دينه أو لا يجاهرون باتباعه لاعتبارت عديدة ،كرعاية بعض المصالح المادية وخوف الحرمان من الإرث أو ما إلى ذلك .

س » ما كان مقصود اليهود من قولهم: إنّ يد الله مغلولة، كما نقل عنهم القرآن الكريم ؟
ج »
يمكن ذكر اتجاهين في تفسير الآية: 
الأول: إرجاع الغل في يده إلى اعتقادهم في مسألة القضاء والقدر، فإنه اعتقاد يحدّ من قدرة الله تعالى، وهذا ما عبرت عنه الآية بأن يد الله مغلولة.
الثاني: ما رواه بعض المفسرين أن ذلك إشارة إلى طمعهم وجشعهم ، وأن اليهود بلسان الحال وليس بلسان المقال، يريدون أن يهب الله لهم الأرض ومن عليها وإلا فهو بخيل ومغلول (والعياذ بالله).
 
س » هل هناك فرق بين علامات الظهور وشروط الظهور ؟
ج »

العلامات هي الدلائل والمؤشرات التي تكشف عن دنو الظهور واقتراب زمانه ، أما الشرائط فهي مجموعة لعوامل والمعدات التي تساعد على ظهوره ،وزمام العلامات ليس بأيدينا بخلاف الشرائط فإنها ترتبط بإرادة الامة بشكل مباشر

س » هل صحيح أنّ السيد الخوئي كان يشكك في نسخة "تفسير القمي"، فكيف تراجع عن شكه هذا. وألا يؤثر ذلك على الفتاوى التي أطلقها في رسالته العملية؟
ج »
إنّ تراجع السيد الخوئي (ره) عن مبناه في كتاب "كامل الزيارات" حصل كما هو معلوم في أخريات حياته، وعليه لم يتسنَ له تغيير التوثيقات الرجالية المعتمدة على ذلك المبنى، والأهم أنه لم يتسنَ له تغيير فتواه التي استند فيها على أخبارٍ لا توثيق لأسانيدها إلا من خلال وجود الرواة في كتاب "كامل الزيارات"، وهي فتاوى ربما تبلغ العشرات. 
وأما فيما يتصل بكتاب "تفسير القمي" فمن المؤكد أن السيد في بدايات حياته لم يكن يعوّل على التوثيق العام لـ علي بن ابراهيم في مقدمة كتابه، ثم في مرحلة أخرى من حياته العلمية ذهب إلى التعويل على هذا التوثيق المذكور، مسجلًا ذلك في مقدمة كتابه "معجم رجال الحديث"، ومؤيدًا رأي الحر العاملي في الاعتماد على هذا التوثيق. وانعكس هذا التوثيق على دراساته الفقهية بأجمعها، وبنى بالاستناد إلى ذلك عشرات الفتاوى المعتمدة على هذا التوثيق.
أما ما يًحكى عن رأيٍ للسيد من تشكيك في نسخة التفسير، فلا أعلم مستنده، وهو منافٍ بشكل صريح لما بنى عليه السيد الخوئي، ولذلك لا يمكننا التعويل على مثل هذا النقل.
س » عند الدفن و ضعطة القبر لا يهونها شيء .؟ هل هناك أعمال خاصة لتفادي هذا العذاب؟ ثم ان الانسان المؤمن صحيح أن له هفوات و أخطاء لكن حياته أيضا" مملوءة بالبلاء لكي يمحصه الله و يصل الى الآخرة خاليا" من الشوائب هل هذا دقيق ؟
ج »

 

إن العذاب  سواء في القبر  أو في غيره ليس تشفيا من الله ولا انتقاما من العباد ، وإنما هو بسبب ارتكاب العبد ما يستوجب العقاب ، فلو كان الانسان مؤمنا صالحا فلا موجب لعقابه لا في القبر ولا في غيره، بل يكون عقابه والحال هذه ظلم، وقد تنزه الله عن الظلم  ، وقد دلت بعض الروايات ، على  أن الذين يعذبون في القبر هم من محضّ الكفر محضا ،  وأن الذين ينعمون في البرزخ هم من محض ّالإيمان محضا أما سائر الناس فيلهى عنهم ويتركون إلى يوم القيامة ، وقد تبنى هذا الرأي الشيخ المفيد وغيره من الأعلام .وأما الأعمال التي يتفادى بها الإنسان عذاب القبر فهي  الالتزام  بشرع الله ، ونخص بالذكر ضرورة الابتعاد عن سوء الخلق ولا سيما مع الزوجة ورعاية الطهارة ...وغير ذلك مما نصت عليه بعض الروايات
س » أحد الملحدين يسأل: نحن لم نكن نعلم أين كنا قبل الحياة، فكيف سنعلم أين سنذهب بعد الحياة؟ هل من دليل على ذلك؟
ج »

إنّ الذي كوّن لدينا علمًا بأننا كنا في طي العدم قبل أن ننتقل إلى عالم الوجود، هو الدليل الواضح والقطعي. والدليل القطعي نفسه قادنا إلى عالم الإيمان بأن ثمة حياة بعد الموت. والدليل: من جهة هو حكم العقل لجهة عبثية الحياة وعدم عدالتها إذا انتهت بالموت ولم يكن ثمة يوم للحساب وإحقاق الحق. ومن جهة أخرى، هو إخبار الأنبياء (ع) الذين صدقناهم استنادًا إلى الحجة القاطعة التي أقاموها وأثبتت أنهم رسل من عند الله. وعليه، فتكون مقايسة ما بعد الموت بما قبل الحياة مقايسة في غير محلها.

س » السلام عليكم شيخنا العزيز، نسأل الله أن يمن عليكم بمديد العمر ومزيد الصحة والعافية في نيل رضوانه وزلفى جنانه، تواصلكم وتواجدكم من خلال مثل هذه المواقع من نعم الله وفضله علينا ونحب أن نستفيد منكم مع عدم مزاحمتكم وعلى القدر الذي لا يتسبب بتعطيل أعمالكم
ج »

أخي العزيز للقول بوحدة الوجود تفسيرات متعددة   وإنما حكم الفقهاء بكفر  القائل بواحد منها ،وهو ما نسب إلى بعض الصوفية ،وحاصله أنه ليس هناك موجودان أحدهما الله والآخر هو سائر الخلوقات ،بل في الحقيقة ليس هناك إلا موجود واحد ، لكن له ظهورات وتجليات مختلفة ،فهو في الله إله وفي المخلوق مخلوق وفي السماء سماء وفي الأرض أرض ..وهو ما عبر عنه بعض الصوفية بقوله :"لا أرى في جبتي إلا الله "! وهذا الاتجاه رفضه المحققون من العرفاء والفلاسفة ، فهذا الاتجاه مرفوض قطعا ويلتقي مع عقيدة الحلول أو اتحاد الخالق في المخلوق ،  ولكن هناك تفسيرات أخرى للقول بوحدة الوجود لا يحكم بكفر القائل بها حتى لو قلنا ببطلانها ورفضها ، وأما الذين يستسهلون تكفير العلماء والمراجع بل وحتى واحدا من عامة الناس فهؤلاء لا يسعنا الا أن نقول لهم  اتقوا الله ، فإن التكفير أمر عظيم ولا يمكن لأحد أن يكفر الآخرين إلا بإنكار أصل التوحيد او النبوة أو المعاد أو انكار ضروري من ضروريات الدين مع استلزام إنكاره تكذيب النبي (ص) والتفاته الى هذا اللازم والتزامه به .

س » مولانا ألا يجوز مراقبة الأولاد من خلال استعمالهم للانترنت والاطّلاع على خصوصياتهم حتى يتم حمايتهم من الانحراف
ج »

إن متابعة الأولاد ومراقبتهم  في تصرفاتهم وحركاتهم وصداقاتهم هي من مسؤوليات الأهل، ومن مستلزمات  التربية الناجحة، إلا أن المتابعة شيء والتجسس شيء آخر ، التجسس هو محاولة التعرف على الخصوصيات التي لا يرغب صاحبها بكشفها للآخرين وهو أمر حرمه الله مع الأولاد كما مع غيرهم ،وأعتقد أن نجاح العملية التربوية لا يتوقف على التجسس على أبنائنا ، فنحن نستطيع اكتشاف أي انحراف لديهم من خلال  سلوكهم  دون أن نلجأ إلى اسلوب التجسس .

س » ينتابني قلق شديد عن المستقبل والعمل والحياة، والأمر جدًا مزعج، يُتعبني كثيرًا، ويسرق النوم من عيني والراحة من قلبي... بماذا تنصحني؟
ج »

أخي العزيز، ورد في الحديث عن الإمام علي (ع): " يَابْنَ آدَمَ، لاَ تَحْمِلْ هَمَّ يَوْمِكَ الَّذِي لَمْ يَأْتِكَ عَلَى يَوْمِكَ الَّذِي قَدْ أَتَاكَ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ مِنْ عُمُرِكَ يَأْتِ اللهُ فِيهِ بِرِزْقِكَ". وفي ضوء هذا الحديث، يمكن لنا أن نحل الكثير من تعقيدات حياتنا بالابتعاد عن كثرة الاشتغالات الذهنية التي تُربك الإنسان وتؤدي إلى تشويش فكره - وربما - فشله في الحياة. من هنا، احرص متوكلًا على الله تعالى  أن لا تُكثر من التفكير في همومك ومن الأفكار في المستقبل. وهذا الأمر قد يكون في حالتك صعبًا، لكن هو العلاج والمخرج لنجاحك فيما تُقدم عليه. فعليك أن تعوّد نفسك على عدم المبالاة في بعض الأمور، ويجدر بك أن تُريح ذهنك من التفكير من خلال لجوئك إلى بعض أعمال التسلية والترفيه أو الانخراط في بعض النشاطات الاجتماعية أو الدينية .. أسأل الله لك التوفيق فيما تتطلع إليه. 

س » السلام عليكم سماحة العلامة وأمد الله بعمركم ,وشكراً لكم على هذه الأراء والأفكار التي تغذي بها عقولنا .ألا نهتم بجمال الروح عندما نذكر الله عند أي عمل نقوم به ,أو أي موقف نتخذه ,أو أي كلام نعبر به فنكون في هذه الحالات نعيش مع الله بكل جوارحنا عابدين ص
ج »

 

إن كل نشاط نقوم به في الحياة في سبيل اعمارها وملئها بالخير والمحبة وفي سبيل خدمة الانسان كل الانسان هي انشطة يمكن أن تندرج في العمل العبادي ونؤجر عليها ، لكن حذار أن نغفل عن أنفسنا في غمرة هذا الإنهماك والانخراط في الأنشطة العامة ، حتى لا نكون ممن يسعى لإصلاح الناس وهو أحوج إلى ذلك ، أو يعمل على تربية الناس وهو أحوج إلى هذه التربية ،فينطبق علينا قول الشاعر :
يا أيها الرجل المعلم غيره                            هلا لنفسك كان ذا التعليم
أتصف الدواء لذي السقام            وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها                              فإذا انتهت فأنت حكيم
لا تنهى عن خلق وتأتي مثله                        عار عليك إن فعلت عظيم
س » عندي سؤال بالنسبة لموضوع ثبوت هلال الشهر القمري , كثيرا ما كنا نسمع السيد فضل الله رحمه الله في خطب الجمعة وغيرها يستدل بالاية (ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض) ليؤكد على ان مسالة الشهر مربوطة بالنظام الكوني
ج »

إن سماحة السيد رحمه الله كان يستدل بهذه الآية لإثبات أن الشهر هو ظاهرة كونية ولا علاقة له بالرؤية وهذا يعني حتما الاكتفاء بالولادة الفلكية ولا حاجة للرؤية ولا إمكانية الرؤية وهو الرأي القديم لسماحته قبل أن يتبنى القول بإمكانية الرؤية ،  استنادا إلى  آية أخرى ، وهي قوله تعالى :" يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج " فإن جعل الأهلة مواقيت للناس يفترض أن تكون في معرض أن يراها الناس حتى لو لم تتحقق الرؤية الفعلية.

س » 1-يصر بعض العلماء على ان اعجاز القران هو بلاغي فقط بملاحظة ان القران تحدى بالاتيان باية من مثله وليس فقط بكله ومن المؤكد انه ليست كل الايات فيها ما يمكن ان يعتبر اعجاز علمي او تشريعي او غيره , بناءا هلى هذا الراي كيف يمكن ان تكون قد تمت الحجة على غير
ج »

 

ج1- القرآن إنما تحدى بالإتيان بسورة وليس بآية، والذين يصرون على أن الإعجاز القرآني هو في خصوص الجانب البلاغي يرون أن المعجزة بذلك إنما تقوم على كل الناس من خلال رجوع الجاهل بلغة العرب إلى علماء العربية ليسألوهم عن مدى تميز القرآن واعجازه بلاغيا ،إد ليس من الضروري بنظرهم أن تقوم المعجزة عند كل الناس بشكل مباشر.ألا ترى أن معجزة موسى أو عيسى لم يشاهدها كل الناس وإنما شاهدته طائفة منهم، ولكن البقية آمنوا بموسى أو عيسى لما نقل لهم الثقاة ما شاهدوه بأعينهم .

 

ج2- الذي دفع بعضهم إلى تفسيره بذلك هو ثبوت رؤيته (ع) من قبل بعض من لا يمكن تكذيبهم ، مع أنه يوجد تفسير آخر لذلك وهو أن تكليف الناس هو تكذيب مدعيي الرؤية دون أن يعني ذلك كذبهم حقيقة،فربما كانوا صادقين لكن تكليفنا هو تكذيبهم ، وذلك لأن فتح هذا الباب هو مظنة للإستغلال من قبل الكثيرين ممن يريدون الإتجار بالدين وباسم الإمام المهدي.
س » السلام عليك و رحمة الله و بركاته سماحة الشيخ أريد منك أن تقول لي ما مدى صحة أو مصداقية الحديث القدسي الذي يقول:( يا محمد لولا علي ما خلقتك، و لولا فاطمة ما خلقت علي. أريد أن أعرف تعليقك و تعليق السيد فضل الله(رض) إذا كانا مختلفين على هذا الموضوع
ج »

 

هذا الحديث ليس صيحا 
 
س » قيل إن التشيع متوقف على زيارة سيد الشهاداء، هل هذا صحيح؟ والذي لا يقرأها لا يكون من أهل الجنة بل فقط ضيفًا؟
ج »

التنشيع ليس متوقفًا على زيارة سيد الشهداء (ع)، بل هو قائم على توليه (ع) وتولي جده (ص) وأبيه (ع) وأمه (ع) وأخيه (ع) وأبنائه المعصومين (ع). هذا من جهة، أمّا أنه لا يكون في الجنة إلا ضيفًا، فتعليقنا: إنّ كل الناس في الجنة هم ضيوف الله. وما جاء في الأخبار من أنّ من زاره هو في الجنة إنما هو صادر على نحو "بشرطها وشروطها". والعمل بالواجبات وعلى رأسها الحج للمستطيع هو من شروطها، والتقوى واجتنبات المحرمات من شروطها..

س » السلام عليکم مولانا.أود أن أطرح هذا السؤال علی مسامعکم,للإستفادة من رأيکم,حسب ما بدا معترف أن العمل أصبح من الحقوق التي تتمتع بها المرأة,(أتکلم عن المرأة المسلمة)ولکن هذا العمل يمکن أن يعرضها لتحمل الکثير من الأمور غير المقبولة,فما رأي الدين بذلك؟
ج »

 

على المرأة المسلمة أن تدرس جيداً نوعية العمل وطبيعته ومكانه وزمانه بمايحفظ إيمانها وتدينها ولا يسيء إلى أخلاقها ولا يؤثر سلباً على أسرتها وأبنائها، فإننا لا نريد للمرأة أن تربح حريتها في العمل وتخسر نفسها أو أبنائها أو دينها، ونحن ندعو إلى دراسة جدية واقعية لعمل المرأة المسلمة وأن يجري عمل علمي احصائي على المسلمات العاملات لنتعرف على أهم مشاكلهن ليُصار بعد ذلك إلى معالجة هذه المشكلات وليتم تثقيف النساء على ضوء التجربة التي خضناها بأنفسهن.
س » يفتخر البعض بذكر تقبيل قدم الإمام (ع)، ولو على مستوى الخطاب. ولكن أليس من الذل تقبيل قدم الإمام (ع). ما رأيكم. ؟
ج »

بالنسبة لتقبيل قدم الإمام (ع): لدينا تعليقان، الأول: ليس في الروايات ما يحث عليه ولا من سيرة أصحاب الأئمة (ع) أنهم كانوا يفعلون ذك، بل ورد في بعض الأخبار عن الإمام علي (ع) ما يدل على النهي عن المبالغة في الخضوع أمامه: "وفي أثناء مسيره (ع) إلى الشام لقيه دهاقو الأنبار، فترجّلوا له، واشتدّوا بين يديه فقال:  ما هذا الذي صنعتموه؟ فقالوا: خُلُقٌ منّا نعظِّم به أمراءنا! فقال وَاللَّهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهَذَا أُمَرَاؤُكُمْ وَإِنَّكُمْ لَتَشُقُّونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ، وَتَشْقَوْنَ بِهِ فِي آخِرَتِكُمْ، وَمَا أَخْسَرَ الْمَشَقَّةَ وَرَاءَهَا الْعِقَابُ، وَأَرْبَحَ الدَّعَةَ مَعَهَا الْأَمَانُ مِنَ النَّارِ"

الثاني: لو حصل وفعله بعض الأصحاب فهو ليس بالضرورة تعبيرًا عن وضع الشخص نفسه موضع الذل والمهانة مما هو منهي عنه في الأحاديث التي تنص عن أن الله تعالى فوض للمؤمن أموره كلها ولم يفوض إليه أن يذل نفسه بل هو تعبير عن غاية الإقرار والخضوع للشخص، وأننا نرى بعض الأشخاص يفعلون ذلك مع آبائهم.

س » هل هناك جسد اخر للأنسان في البرزخ ؟
ج »

يرى بعض علماء الكلام والمفسرين أن أرواح البشر بعد ترك هذه الدنيا تتلبس بأجسام مجردة عن المادة لكنها على شكل أجسامنا، يسمى هذا الجسد بالجسد المثالي، وهذه الأجساد هي التي ينالها الثواب أو العقاب في عالم البرزخ، أما الجسد المادي الذي كانت تحل فيه في الدنيا فإنه يفنى في القبر ،وبذلك يفسرون عذاب القبر أو نعيمه، فإن ما يذكر في النصوص من أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار وأن الشخص يحاسب في القبر ، إنما هو بلحاظ الجسد المثالي لا الجسد المادي، ولذا لو أننا نبشنا قبر الميت فلا نجد لا ناراً ولا جنة، بل لو وضعنا عند دفن الميت (كاميرا) تصور لنا حاله بعد الدفن في القبر فلن نرى عذاباً ولن نسمع صراخاً لأن العذاب يلحق بالجسم المثالي وهو جسم لا يمكن رؤيته لكل أحد تماماً كأجسام الملائكة فإن أجسامها ليست أجساماً مادية لترى لكل الناس وإنما هي أجسام مثالية

س » ما رأيكم بضرب المرأة من قبل الزوج، الذي نص عليه القرآن الكريم، وأشكل عليه الكثيرون.. ؟؟
ج »

أولا: فيما يتصل بضرب النساء، لدينا تعليقان على ذلك:

التعليق الأول: إنّ ثمة اتجاهًا نرجحه في تفسير الآية يرى أنّ الذي يتولى عملية الضرب التأديبي في حالات نشوز الزوجة وتمردها على زوجها وعدم اقتناعها من خلال عملية الوعظ والإرشاد وبعد عدم نجاح جهود المحكمة العائلية في الوصول إلى نتيجة، إنما هو الحاكم الشرعي تماما كما يتولى الحاكم أمر تأديب الزوج في الحالات المماثلة بتأديبه أو سجنه. وفقًا لهذه القراءة الفقهية فأمر الضرب لا يُمنح للزوج ليكون الخصم والحكم.

التعليق الثاني: لو تماشينا مع الرأي المشهور عند الفقهاء من أنّ الزوج هو الذي يتولى عملية الضرب، فإنّ هؤلاء الفقهاء قد وضعوا ضوابط وشروط لذلك وهي تتلخص في:

أ‌-     تحقق نشوز المرأة بمعنى تمردها واستعلائها على الزوج فيما يتصل بحقوقه التي تقتضيها طبيعة الحياة الزوجية وهذه الحقوق تنحصر بحق المساكنة، وأما ضربها لغير ذلك من الأسباب من قبيل أنها سيئة الخلق أو سليطة اللسان أو لأنها لا تصلي أو أنّها لا تحترم أهل زوجها أو غير ذلك من حالات معصية الله، فلا يحق للزوج تأديبها وإذا استوجب عمل ما التأديب، فذلك يكون مناطًا بيد السلطة الشرعية كما هو الحال في الرجل.

ب‌-عدم جدوى وعظها وإرشادها بمعنى أنها لم تتعظ بكل النصائح الموجهة إليها ولم تمتثل لتعليمات  محكمة العائلة المشار إليها في قوله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا .

ت‌-أن يكون الضرب للتأديب وليس للتشفي والانتقام، وهذا شرط مهم، فإذا غضب الزوج فلا يحق له أن يطفئ غضبه بضربها.

ث‌-أن يكون الضرب غير مبرح، ولا يترك أثرا ماديا عليها، وتنص بعض المأثورات أن يكون الضرب بالسواك في إشارة إلى رمزية المسألة وكأنه يُراد الإيحاء لها بأنك في موقع تستحقين عليه التأديب وكسر حالة التمرد عندك.

ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن قوامة الرجل على المرأة تسمح له بذلك، كولايته على الأولاد فإنها تسمح له بتأديبهم بشكل أو بآخر عندما تقتضي ذلك العملية التربوية ولا يرون أن اللجوء إلى الطلاق هو الحل الأمثل في مثل هذه الحالات، لأن له نتائج سلبية كثيرة هي أشد من أسلوب التأديب وفق الشروط والضوابط المتقدمة.

س » هل عذاب يوم القيامة هو جسدي روحي
ج »

إن الذي يستفاد من قوله تعالى: "أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه" وغير ذلك من الآيات أن المعاد في القيامة هو معاد روحي وجسماني معاً، ويستفاد من قوله تعالى الوارد في أهل النار: "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها" أن العذاب هو للجسد لا للروح فحسب

س » لقد ظلم الإسلام المرأة، وخاصة في الجانب الجنسي، إذا فرض عليها أن تطيع الزوج بكل ما يريده لإشباع غريزته، دون أن يكون لها أي أهمية شخصية. ما رأيكم؟
ج »

إنّ إشباع الغريزة الجنسية حق للطرفين، وهما متساويان في ذلك، قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وإذا كانت المرأة في حالة نفسية صعبة أو في حالة مرضية فليس ثابتًا أنّ للزوج حقًا عليها في هذه الحالات، والتعاليم الواردة عن النبي (ص) والأئمة (ع) تحرص حرصًا شديدًا على حفظ الحميمية في العلقة الجنسية وإبعادها عن أن تكون عملًا ميكانكيًا صرفًا خالية من العواطف وتقدير مشاعر الغير؛ لذا تحث الروايات الرجل أن يهيئ نفسه للمرأة كما العكس وأن لا يقوم بمجرد أن يفرغ ماءه، ناهيك عن النصوص التي تحث على غمرها بالعواطف واحتضانها بكل حنان لأنها ريحانة وليست قهرمانة، ولأن قول الرجل للمرأة "أني أحبك" لا يزول من قلبها أبدا كما جاء في الحديث. ولذا إذا كانت المرأة – لوضع نفسي أو جسدي معين – غير متقبلة للعلاقة الجنسية فلا يحق للرجل أن يكرهها على الجماع أو يمارس ذلك معها رغما على إرادتها واختيارها.

س » مولانا و شيحنا الفضيل,لقد أصبحنا بزمن جدا"خطر بدا کل شيئ مباح و قد إستباحوا عوائدنا و ثقافتنا,و أنتم أهل المعرفة بذلك,و الأهم من ذلك البرامج التي تعرض و المواضيع التي تنقل و تنشر,فأين دور رجال الدين و المراجع العظام من هذه البرامج ؟لماذا لا أحد يتحرك
ج »

 إن المسؤولية عن حماية واقعنا وتحصينه من الانحراف هي مسؤولية عامة ولا تقع على العلماء وحدهم ، فكل منا من موقعه مسؤول ، فالمرأة والرجل والشاعر والأديب والفنان والإعلامي والسياسي والمعلم ..كلهم مسؤولون ومعنيون بأن يخططوا لأمتهم وأن يقدموا لدي...نهم ، أجل قد يكون دور العلماء طليعيا وأساسيا في مواجهة الانحراف الفكري والسلوكي ، وفي تقديم البدائل الدينية ، لأن لا يكفي أن نرجم الكفر ونبين مساوءه ،وإنما لا بد أن نبين محاسن الاسلام ليحل محل الكفر وذلك لا يكون بمجرد الشعارات والكلمات الرنانة، بل بالاجتهاد الدائم وبالانفتاح على العصر ووسائله وأدواته، وقد قال أحد علمائنا ذات يوم : لا ينتشر الهدى إلا من حيث ينتشر الضلال .

س » هناك أسئلة كثيرة عن عقوبة الرجم للزاني، فلماذا لا يُسمح له بالتوبة، ولماذا لا يُترك حسابه على الله تعالى، فيُعاققب بالآخرة دون الدنيا.. ما رأيكم؟
ج »

إنّ عقوبة الرجم هي عقوبة عرفتها الشرائع السابقة على الإسلام ومنها الشريعة اليهودية، وثمة بحث فقهي حول بقاء هذه العقوبة واعتمادها اليوم. وينطلق هذا الاتجاه من منطلق أنّ القرآن الكريم لم يتحدث عن رجم الزاني وإنما تحدث عن جلده. أما الرجم فقد جاء في الأحاديث ويمكن إثارة أكثر من علامة استفهام حولها وهكذا فإنّ القضية مطروحة للبحث الفقهي. وأما ما ذكرتموه من أن ليس للزاني توبة، فجوابه واضح هو أنه إذا تاب فلا شك أن الله يتوب عليه ويغفر ذنبه وتنص الروايات عن الأئمة من أهل البيت (ع) أن الزاني إذا تاب قبل أن تتم محاكمته فإنّ الحد يسقط عنه؛ أما لماذا لا يُترك الحساب إلى الله؟؟ فهذا المنطق لا نوافق عليه لأن الإسلام ينطلق من منطلق أن الزنا أو اللواط إذا تم التساهل معه وتركه دون محاسبته، فهذا سيؤدي إلى إشاعة الفاحشة والمس بالأمن الأخلاقي للمجتمع والخروج عن النواميس الطبيعية الذي نراه اليوم في الغرب من تشريع الشذوذ الجنسي وتقنينه، ولهذا فإنّ الإسلام كما يهتم بحفظ الأمن العام للناس بالوقوف ضد الذين يعتدون على أمن الناس ويقومون بأعمال مؤذية بالآخرين وتقلق راحتهم، فإنه يرى أن الأمن الأخلاقي لا يقل أهمية عن ذلك، وكلامكم أنه فليترك أمر العقوبة إلى الله يوم القيامة لا يحل المشكلة هو يناقض كلامكم واستغرابكم حول معاقبة هؤلاء في الدنيا. ووجه التناقض أنه إذا كانت العقوبة الأخروية مقبولة وعادلة فلتكن العقوبة في الدنيا كذلك، وإذا كانت العقوبة في الدنيا قبيحة فلتكن العقوبة الأخروية كذلك، فلا وجه لهذا التفكيك، بل إن الحديث عن عقوبة أخروية في مثل هذه الحالات يوحي وكأن الله تعالى يريد الانتقام من هؤلاء الأشخاص مع أنه أعدل العادلين وأرحم الراحمين، ويمكن لقائل أن يقول: إن عقوبته في الدنيا هي توبته التي تعفيه من العقوبة الأخروية فتكون العقوبة الدنيوية أرحم وأرأف به.

س » السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سماحة الشيخ..سؤالي هو عن تقسيم الخمس وبالتحديد عن 'سهم السادة' اذ انني عندما افكر في الموضوع ارى ان تحديد اعطاء نصف الخمس الى السادة دون غيرهم فيه معارضة مع مبدأ العدل في الاسلام وفيه مفاضلة للبشر على اساس النسب وليس ع
ج »

 

الرأي الراجح في مسألة الخمس أنه ميزانية إسلامية وضعت لسد حاجات المجتمع الإسلامي وأنه لا ينقسم إلى قسمين نصف للسادة ونصف لغيرهم، والسادة الفقراء يعطون كما يعطى غيرهم ولا يميزون عمن سواهم في العطاء، وقد تبنى هذا الرأي أكثر من فقيه من فقهائنا على رأسهم الإمام الخميني، والذي أكد في بحوثه أن من غير المعقول في منطق العدل الإسلامي أن يعطى نصف خمس أموال العالم للسادة (ولنتخيل أن العالم كله دخل في الإسلام وأُخذ الخمس من كل الأرباح) والحال أنه لو دفع الخمس تجار السوق الكبير في طهران أو في أي بلد آخر لما بقي فقير من السادة، فماذا نفعل ببقية سهم السادة هل نجمده لهم أم نعطيهم ليصبحوا رأسماليين كبار؟ هذا غير معقول، ولذا فالصحيح أن السادة هم مصرف من مصارف الخمس وليس إلا، وهذا ما يستفاد من الكتاب والسنة.
وأما الصدقات المستحبة فيجوز اعطاؤها للسادة كما يجوز اعطاؤها لغيرهم وما ورد في الروايات عن بعضهم أن الصدقة محرمة عليهم فيراد منها الأئمة المعصومين دون سواهم.
س » يُقال إن الإسلام دين قاس، وليس فيه رحمة، بسبب نظامه في العقوبات، مثل رجم الزاني مثلا. ما رأيكم؟
ج »

 لا نوافق على مثل هذا التفكير حول أن الإسلام ليس فيه رحمة وعدل ونعتبر أن فيه الكثير من التجني على الإسلام أو التأثر بالدعاية المضللة التي تشيطن الإسلام. فالأحكام القاسية التي تتحدثون عنها تدخل ضمن تصور إسلامي لتحقيق الانتظام في المجتمعات، وقد يكون فيها قسوة على مستوى الحكم والنظرية وذلك بهدف إيجاد حالة ردع في النفوس لكن يوجد في الوقت عينه تضييق وتشديد على تطبيقها، فإنّ شروط الزنا واللواط وغيرهما كثيرة ودقيقة بحيث قلما تتوفر هذه الشروط؛ ولذا في كل فترة حكم النبي (ص) أو الإمام علي (ع) لم يُنقل لنا تطبيق هذه الحدود القاسية سوى في حالات نادرة جدا. وفي كل الأحوال، فإن نظام العقوبات هو نظام مهما تساهلنا فيه يبقى نظاما يمثل القسوة والعنف والتشديد. ألا ترى أنّ السجن المؤبد أو لعشرات السنين قد يكون فيه من المرارة ما هو أشد من القتل ومع ذلك يرى العقلاء أنه لا بد منه لأن المجتمعات لا تستقر ولا يتحقق الانتظام فيها إلا بقانون يحاسب ويعاقب.       

س » ما هو الدليل على حرمة الممارسة الشاذة بين النساء أنفسهن في الإسلام فإن البعض يقول أن لا دليل في القرآن على حرمة ذلك؟
ج »

إن ما يمكن أن يستدل به على حرمة الشذوذ الجنسي الحاصل بين النساء أنفسهن (السحاق) هو أولا : قوله تعالى " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ومن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " حيث دلت على أن العلاقة الجنسية المشروعة تنحصر بأحد طريقين ( الزواج وملك اليمين ) وأما ما عدا ذلك ومنه الشذوذ فهو عدوان (فأولئك هم العادون ) والعدوان هو تجاوز الحدود الشرعية وهو محرم ، وفي ضوء هذا البيان فلا يصح الاعتراض بأن الآية واردة في الرجال ، لأن القاعدة المستفادة منها عامة . ثانيا : ورد في الروايات الكثيرة المروية من طرق المسلمين سنة وشيعة ما يؤكد على حرمة الممارسة المذكورة بشكل لا لبس فيه, فمن طريق السنة روي عن النبي ( ص) قوله " السحاق بين النساء زنا بينهن " ، وأما من طرق الشيعة فالروايات في هذا المجال كثيرة جداً (يراجع وسائل الشيعة للحر العاملي ج٢٠ ص٣٤٤ فقد أورد ما يزيد على عشر روايات ) ، وبعضها دلت عليه بشكل صريح كما في قول الإمام الصادق (ع) فيما روي عنه وقد سئل عن اللواتي مع اللواتي ما حده ؟ قال :" حد الزنا " ومنها ما دلت على ذلك بطريق الأولوية، فقد حرمت بعض الروايات مجرد أن تنام امرأتان في لحاف واحد فكيف بما هو أكثر من النوم ! ومنها ما دل على أن هذ العمل حرمه الله في القرآن ، ففي بعض الروايات سأل أحدهم الإمام: هل ذكر تحريم السحاق في القرآن ؟ فقال : "بلى ،هن أصحاب الرس " ، إلى غير ذلك من الروايات التي تنص على عقوبة هذا العمل ، أضف إلى ذلك كله أن الروايات حرمت نظر المرأة إلى عورة المرأة إذا كان بشهوة وريبة فإذا كان النظر محرما فكيف تباح الممارسة المذكورة ؟ ! كما أنه قد تستفاد حرمة هذا العمل من حرمة اللواط نفسه ،إذ أن التشريع الإسلامي إنما حرم اللواط باعتباره خروجا عن الطبيعة التي فطر عليها الناس وانحرافا عن السنة الألهية في هذا المجال، وهي سنة التزاوج بين الذكور والإناث ، فكل انحراف عن هذه الفطرة يكون مبغوضا للمولى تعالى سواء كان بين الذكران أنفسهم أو بين الإناث أنفسهن . ومن هنا كانت حرمة العمل المذكور مورد تسالم عند علماء المسلمين وعامتهم ، بحيث يمكن القول إنها من الضرورات الدينية.

س » ما الفرق بين الرسول والنبي
ج »

 

 أخي العزيز : إنّ القرآن الكريم يعبر عن بعض الأنبياء بكلمة نبي فقط، كإدريس أو هارون قال تعالى: {ووهبنا له أخاه هارون نبياً} {واذكر في الكتاب إدريس انه كان صديقاً نبياً} وهناك أشخاص وصفهم القرآن بأنهم رسل فقط ، كشعيب ، قال تعالى: {إذ قال شعيب لهم ألا تتقون إني لكم رسول أمين} وهكذا لوط: {إني لكم رسول أمين} ونفس الجملة قالها هود ونوح وصالح, ولكن في بعض الأنبياء جاء الوصف بالنبوة والرسالة معا ، كموسى(ع) {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصاً وكان رسولاً نبياً} وكذلك النبي محمد(ص) {الذين يتبعون الرسول النبي الامين...} وفي آية أخرى:{.. ولكن رسول الله وخاتم النبيين}. وعليه يأتي السؤال :ما الفرق بين الرسول والنبي؟
قد يقال: إنّه لا فرق بين النبي والرسول، فهما بمعنى واحد ولكن أحياناً يعبر عنهم بالأنبياء، وأخرى بالرسل قال تعالى: {ولكل أمة رسول}.
لكن التأمل في بعض الآيات القرآنية يفيد مغايرة النبي مع الرسول، وأن الرسول أخص من النبي،فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسول، فالرسالة مرتبة أرفع من مرتبة النبوة، ويدل على وجود هذا النوع من المغايرة بين النبي والرسول قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} ، فان العطف يقتضي المغايره.
وفي الحديث عن الإمام الباقر(ع): "الرسول: الذي يأتيه جبرائيل قبلاً, فيراه ويكلمه، والنبي هو الذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ونحو ما كان يرى رسول الله(ص) من أسباب النبوة قبل الوحي..." . وعن الإمامين الباقر والصادق(ع): "الرسول: الذي يظهر له الملك فيكلمه، والنبي هو الذي يرى في منامه،وربما اجتمعت النبوة والرسالة لواحد،والمحدث الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة".
س » هل الأئمة عليهم السلام كانوا يعيشون جهاد النفس ام لا؟
ج »

إن الأئمة كانوا في حالة جهاد نفس مستمرة، كما قال الإمام علي عليه السلام :" إنّما هي نفسي أروضها بالتّقوى "، الوجه في حاجتهم إلى جهاد النفس أنهم -بالرغم من عصمتهم- بشر ولديهم ما لدى سائر البشر من غرائز وغيرها، مما يجعلهم في حاجة مستمرة للإستعانة بالله سبحانه وتعالى والاستمداد منه. قال الله تعالى في شأن نبي الله يوسف عليه السلام : "وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ ( 33) "، وفي شأن نبينا محمد (ص) في سورة الاسراء "وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74).

إن مراقبة النفس ومجاهدتها وإستشعار مخافة الله والإحساس بحضوره كان موجوداً لدى المعصومين بمستواه الأعلى، وهذا ما يعطيهم الميزة والفضيلة عن سائر الناس، وإلا فاو كانوا ممن لا تنازعهم النوازع البشرية لكانوا  حالهم حال الملائكة ولم يتميزوا بذلك عن سائر الناس، بل كان الناس العاديون الذين يسيطرون على غرائزهم أفضل حالاً منهم.

 

 

س » ما رأيكم ب"الخطابات الحسينية" في عاشوراء، ومن يتحمل المسؤولية؟
ج »

جواب السؤال 1 يؤسفني القول أنه وبالرغم من وجود بعض الإضاءات والأسماء الناجحة في مجال الخطابة الحسينية فإن الظاهرة العامة لا توحي بالارتياح، وأعتقد أن الخطيب الحسيني هو العنصر الأهم في تطوير قضية الخطابة الحسينية ووصولها إلى أهدافها، فنجاح المنبر الحسيني مدين بنسبة كبيرة لكفاءة الخطيب وقدرته على إيصال الرسالة إلى المتلقي، ولا مجال للحديث عن أي تطور للمنبر الحسيني اذا لم يتم إيلاء هذا العنصر الأهمية المطلوبة. وما يمكن الإشارة إليه في هذا المقام أن قيام الخطيب بدوره يتوقف على امتلاكه جملة من المؤهلات وعلى رأسها المؤهلات الثقافية والملكات الروحية وامتلاك ما يمكن أن نسميه ب "حس المعاصرة". بالإضافة إلى امتلاكه فن مخاطبة الجمهور ، والمحزن أن شريحة كبيرة ممن يعتلون المنبر لا يمتلكون المؤهلات الكافية ولذا فقد يساهمون في تجهيل الملتقي والمخاطب وتلقينه معلومات غير دقيقة أو أفكار خرافية أو مفاهيم مغالية أو متشددة بما يساهم في زيادة أو ارتفاع منسوب العصبيات في المجتمع الاسلامي ويؤدي الى تقديم صورة مشوهة لخط أهل البيت (ع). ومرد ذلك كله إلى عدم إيلاء قضية المنبر الحسيني الأهمية اللازمة من قبل الحوزات العلمية، لذا رأينا ونرى أن معظم أهل الفضل يعزفون عن التصدي لمهمة الخطابة الحسينية معتبرين أن ذلك لا يليق بهم، فتركوا المجال لمن ليس له قدم راسخة في سوق العلم. كما أنه لم تقم إلى الآن معاهد متخصصة للخطابة الحسينية وإن كنا نتطلع إلى بعض المشاريع بأمل وتفاؤل كبيرين. وأعتقد أن مهمة الخطابة الحسينية هي مهمة رسالية وجليلة ولا ينهض بها أشخاص يخضعون لبعض الدورات السريعة بل لا بد ان ينخرطوا في الدراسة الحوزوية بما يمنحهم قاعدة وارضية علمية صلبة ينطلقون منها ويتكئون عليها في مهمتهم تلك.

س » كيف يمكن استثمار "الثورة العاشورائية" في هذه المرحلة الحساسة من زماننا؟
ج »

جواب السؤال 2 أعتقد أن الاستثمار الصحيح لرسالة عاشوراء في هذه المرحلة، يمتثل باتباع الخطوات التالية: الأولى: الحرص على بيان القيم الأخلاقية والروحية التي جسدتها هذه النهضة من قبيل قيمة الإيثار والبذل والعطاء دون حدود أو قيمة الالتزام بالمبادئ وعدم اللجوء إلى الأساليب الملتوية وأساليب الخداع والتضليل والتي تجسدت في موقف مسلم وعزوفه عن قتل عبيد الله بن زياد في بيت هانئ بن عروة التزاما بمبدأ قاله النبي (ص) "الإيمان قيد الفتك"... إلى غير ذلك من القيم من قيم الصبر والشهادة والنبل التي جسدتها هذه النهضة. الخطوة الثانية: التركيز على "الحسين (ع)" بوصفه مثلا أعلى قابلا للاقتداء والاحتذاء وليس شخصية غيبية نبالغ في تصوير عجزنا عن التمثل بهديه، إن الحسين ع هو سفينة النجاة كما قال النبي (ص) عنه وصمام أمان في الأمة، وليس شخصية مذهبية أو عنصر توتر بين المسلمين. الثالثة: الابتعاد عن كل الكلمات التي تثير الفتنة واللبس أو يؤدي إلى تشويه النهضة الحسينية وكذلك الحال في الطقوس التي تشوه خط أهل البيت (ع) وتوجب نفور الآخرين كما أن من الضروري عدم أسر عاشوراء بالدمعة والبكاء، فإن الدمعة على أهميتها لا يمكن أن تكون غاية في نفسها، المطلوب أن تكون دمعة واعية ومغيرة لحال الإنسان الباكي بأن تجعل منه إنسانا قويا لا ضعيفا، وأن تكون مدخلا لتغيير حقيقي في سلوك الإنسان. إن نجاحنا هو بمقدار إيصالنا للحسين رسالة وهديا إلى الآخرين وفتح قلوبهم على مدرسة أهل البيت (ع)، وهذا هو هدف الإحياءات العاشورائية، إن هدفها باختصار يتمثل في قول الأئمة (ع)"حببونا إلى الناس"

س » مولانا الموقر نعم النجاة يوم القيامة مقرون يالإعتقاد والعمل ، واسمح لي ان اطرح على حضرتكم مسألة تمس جوهر اعمالنا اليومية ، وهي ضاهرة النظافة العامة والالتزام بالنظام ... الم تقل الآية الكريمة : ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ..... الخ ، الم ترون معي ان
ج »

  أجل أختي الكريمة إن حفظ النظام العام والالتزام بالنظافة هي من أهم الأعمال العبادية التي ننال بها الثواب والأجر ، والاخلال بذلك أمر يبغضه الله ، فالله جميل ويحب الجمال ، وهو سبحانه خلق الكون بأبهى صورة وأجمل حلة،  ولم يسمح لنا بأن نفسد جماله أو نخرب اتقانه ،ولمزيد من التبصر حول هذا الموضوع بإمكانك مراجعة ما ذكرناه في كتاب الاسلام والبيئة ، وهو بالمناسبة منشور على الموقع الالكتروني .

س » هل هناك نص ورد عن النبي (ص) أو عن الأئمة يحرم صيام الحائض و النفساء؟ وما هي علة تحريم الصيام للحائض والنفساء؟
ج »

أولاً: إن حرمة الصلاة على الحائض كما يرى بعض الفقهاء ومنهم الشهيد الصدر في تعليقته على منهاج الصالحين هي حرمة تشريعية لا ذاتية بمعني أن العمل في نفسه وهو الصلاة ليس محرما ولا مبغوضًا لله كما يبغض شرب الخمر، وكيف يبغض تعالى الصلاة وهي حالة 

دعاء وتواصل ومناجاة له، لك تنشأ الحرمة من جهة أم المرأة الحائض يمكنها أن تصلي مع الطهارة المطلوبة والحال أن الطهارة شرط أساسيّ في الصلاة، ولذا فالصلاة غير مطلوبة منها، ول ولا يتحقق شرطها وهو الطهارة وعليه فكيف تصلي مع عدم وجود أمر بالصلاة؟

فإذا أصرّت على الصلاة بدون أمر من الله فقد أوضعت نفسها في غائلة التشريع في الدين ومن المعلوم أن العبادة لله تعالى تكون بناءً لأمره وإرادته فنحن نعبده كما يحب ويريد لا كما نحب ونريد نحن، ومن يعبد الله كما يريد هو لا كما يريد سبحانه وتعالى فهو في الواقع يعبد

هواه لا ربّه.

ثانيًا: إن إسقاط الصلاة عن الحائض ليس نابعًا من كونها مبغوضة لله في هذه الحالة وإنما هو تخفيف وامتنان من الله تعالى عليها لأن المرأة الحائض تكون في حالة صحية ونفسية ليست بالسوية، فأراد الله أن يخفف عنها فأسقط عبادتي الصلاة والصيام عنها وهذا هدية من الله

إلى المرأة ولا ينبغي على الإنسان رفض هدية الله. كما أن إسقاط الصوم عن المسافر أو تقصير الصلاة عليه هو هدية من الله ولا ينبغي أن يرد هذه الهدية حتى لو تمكن من الصوم في السفر أو الإتمام في الصلاة دون أن يتعبه ذلك فالقضية أن يجعل العبد نفسه رهن إراجة الله

وأمره وأن يعبده كما أراد سبحانه..

ولنا حديث مفصل حول هذا الموضوع في كتاب "المرأة في النص الديني" بإمكانكم مراجعته.

 

أولاً: إن حرمة الصلاة على الحائض كما يرى بعض الفقهاء ومنهم الشهيد الصدر في تعليقته على منهاج الصالحين هي حرمة تشريعية لا ذاتية بمعني أن العمل في نفسه وهو الصلاة ليس محرما ولا مبغوضًا لله كما يبغض شرب الخمر، وكيف يبغض تعالى الصلاة وهي حالة

دعاء وتواصل ومناجاة له، لك تنشأ الحرمة من جهة أم المرأة الحائض يمكنها أن تصلي مع الطهارة المطلوبة والحال أن الطهارة شرط أساسيّ في الصلاة، ولذا فالصلاة غير مطلوبة منها، ول ولا يتحقق شرطها وهو الطهارة وعليه فكيف تصلي مع عدم وجود أمر بالصلاة؟

فإذا أصرّت على الصلاة بدون أمر من الله فقد أوضعت نفسها في غائلة التشريع في الدين ومن المعلوم أن العبادة لله تعالى تكون بناءً لأمره وإرادته فنحن نعبده كما يحب ويريد لا كما نحب ونريد نحن، ومن يعبد الله كما يريد هو لا كما يريد سبحانه وتعالى فهو في الواقع يعبد

هواه لا ربّه.

ثانيًا: إن إسقاط الصلاة عن الحائض ليس نابعًا من كونها مبغوضة لله في هذه الحالة وإنما هو تخفيف وامتنان من الله تعالى عليها لأن المرأة الحائض تكون في حالة صحية ونفسية ليست بالسوية، فأراد الله أن يخفف عنها فأسقط عبادتي الصلاة والصيام عنها وهذا هدية من الله 

إلى المرأة ولا ينبغي على الإنسان رفض هدية الله. كما أن إسقاط الصوم عن المسافر أو تقصير الصلاة عليه هو هدية من الله ولا ينبغي أن يرد هذه الهدية حتى لو تمكن من الصوم في السفر أو الإتمام في الصلاة دون أن يتعبه ذلك فالقضية أن يجعل العبد نفسه رهن إراجة الله

وأمره وأن يعبده كما أراد سبحانه..

ولنا حديث مفصل حول هذا الموضوع في كتاب "المرأة في النص الديني" بإمكانكم مراجعته.

 

س » السلام عليكم سماحة الشيخ وجزاكم الله خيراً على مقالاتكم التي تفتح باب التأمل والتفكير والمنطق .. لقد طرحتم في هذا المقال النقطة الاساسية التي اردت طرحها: ان الايات القرانية توجب الستر اجمالاً لمصلحة المجتمع (والغرض من التشريع واضح في الايات)، ولا تشت
ج »

 

  أختنا الفاضلة ، أنا تابعت وأتابع تفاعلك واهتمامك بما كتبته بشأن الحجاب أوغيره ، وإنني إذ أقدر حسك الاسلامي وحرصك على عفة المرأة المسلمة وحجابها أحب أن ألفت نظرك إلى بعض النقاط 
أولا: إن موضوع ستر المرأة المسلمة لشعرها ، هو مما دل عليه القرآن الكريم بشكل واضح من خلال قوله تعالى " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " فإن الخمار هو غطاء الرأس ، وقد كانت المرأة في الجاهلية تلقي الخمار على كتفيه ليبقى عنقها زالجزء الأعلى من صدرها مكشوفا ،فأمرت بأن تلقي بالخمار على صدرها وعنقها وهو الجيب ، فالآية تفترض أن غطاء الرأس مفروغ منه لكنها  تأمر المرأة بتكميله وتتميمه .
ثانيا : لو فرضنا أن الأمر بغطاء الرأس جاء في السنة ، فليس كل ما جاء في السنة هو مما قد تعرض للتحريف أو التزوير ، فهناك سنة قطعية وصلتنا بشكل متواتر أو عبر روايات متضافرة يحصل من مجموعها الوثوق ، وأمر الحجاب بما في ذلك ستر الرأس هو من هذا القبيل .
ثالثا: لو درسنا المسسألة بشكل منطقي فسوف نكتشف أن الشعر هو احد عناصر الاغراء في المرأة وقد قيل : " الشعر أحد الجمالين " ، صحيح أن الشعر عند بعض النسوة قد لا يشكل عنصر جذب واغراء للرجال ، لكن هذه تبقى حالات استثنائية والتشريع لا يبتني على الاستثناءات، بل على الظاهرة العامة .
رابعا: إننا لا نطلب من الرجل أن يلبس نفس ما كان يلبسه الرسول (ص)أو الامام علي (ع) هذا صحيح  ولكننا لا نأمر المرأة المسلمة أيضا أن تلبس نفس ما كانت ترتديه الزهراء (ع) أو المرأة زمن الرسول (ص) ، لأن اللباس في جانب منه هو أمر متحرك ومرن ، وهو ما عبر عنه الحديث الشريف عن الامام الصادق (ع) : خير لباس المرء لباس أهل زمانه " والجانب المرن هو الذي يتصل بالشكل أو بالزي ، لكن ما يتصل منه بستر الجسد دون تجسيم هو أمر ثابت ولا مجال للاجتهاد فيه 
خامسا : إن استخدام البعض لأسلوب التهويل والتخويف من ظهور شعرة من رأس المرأة المسلمة ولو كان ظهورها غير متعمد هو أمر نرفضه ، لأنه مما لا دليل عليه ، بل إن رحمة الله سبحانه أوسع مما يظنون .
س » السلام عليكم، هل لك ان تشرح لي من هم الاعراب الذين قال عنهم الله جل جلاله أشد كفراً ونفاقاً من هم هؤلاء الاعراب؟ من اي قبيلة؟ وأين كانوا يسكنون؟ ولماذا هم الاشد كفراً ونفاقاً؟
ج »

وعليكم السلام.. المستفاد من السياق القرآني العام أن الأعراب هم البعيدون عن مراكز الثقافة والمعرفة ومواطن التحضر والتمدن، وغربتهم المعرفية هذه تجعلهم أكثر قسوةً وغلظةً، وأشد جهالة وأميةً، وقد أشار تعالى في آية من سورة الأحزاب إلى ابتعاد الأعراب عن المدنية والتحضر، قال تعالى: {وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ ۖ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب 20] فلاحظ قوله "بادون في الأعراب"، فإنه يوحي بأنّ سكناهم في البادية يجعلهم أعراباً بعيدين عن أجواء المعرفة والإيمان.

وحيث كانت البيئة التي يقطنها الأعراب والبعيدة عن الثقافة والتحضّر تساعد على تكوين شخصيّات فظة وجاهلة ومتمردة ومتفلتة من القوانين، كان من الطبيعي أن يذم القرآن الأعراب في أكثر من موضع، من أوضحها وأشدّها قوله تعالى {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا} [التوبة 97] وحتى عندما دخل الأعراب في الإسلام بقي هذا الإسلام لسانيّا دون أن ينفذ إلى القلوب ليطهّرها أو يصل إلى الأعمال ليغّيرها إلى الأحسن ومن هنا سَلَبَ عنهم القرآن اسم الإيمان وأثبت لهم اسم الإسلام، قال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات 14]. هذا بحسب القاعدة العامة ولكن لكل قاعدة استثناء فقد نجد في الأعراب أشخاصًا مؤمنين طيّبين وفاعلين للخير كما جاء ذلك في قوله تعالى {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة 99].

 وما تقدم يجعلنا نفهم الوجه والسبب في أنّ النبي (ص) حرم "التعرب بعد الهجرة" وعده من كبائر الذنوب والمعاصي، والمراد بالتعرب بعد الهجرة أن يترك الإنسان البيئة الإيمانيّة التي تمكنه من معرفة دينه وأداء مسؤولياته وينتقل إلى بيئةٍ جاهلةٍ ويغلب عليها الكفر والعصيان ما يجعل إيمانه مهدّدًا بخطر الاضمحلال والتشوه.

 وعلى هذا الأساس يظهر ويتضّح أن مفهوم الأعراب لا يختصّ بمجموعة من عرب البادية بل هو يشمل كل جماعة تختار الانقطاع عن مصادر المعرفة ومواطن الإيمان أكانت هذه الجماعة من العرب أم من الفرس أم من الترك أم من غيرهم.

 

س » سؤال فيما يخص التقليد:يقول المشايخ ان الدليل على وجوب التقليد هو سيرة العقلاء اي ان الجاهل يرجع للعالم فالمريض يرجع للطبيب ومن يريد بناء دار يرجع الى المهندس فكذلك الجاهل بالاحكام الشرعية يرجع للفقيه.هذا هو اقوى دليل يتمسكون به.ولكنه يتضمن مغالطة من
ج »

 

 أخي العزيز إن مسألة رجوع الجاهل إلى العالم هي مسألة أكد عليها القرآن الكريم في قوله تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " ووردت في ذلك بعض الروايات ، كما أن سيرة المتشرعة من أصحاب النبي والأئمة كانت جارية على ذلك ، وكذلك الحال في سيرة العقلاء ، وما ذكره الفقهاء من التمثيل لقضية رجوع الجاهل إلى العالم برجوع المريض إلى الطبيب هو تمثيل لتقريب الفكرة وتأكيد المبدأ ، ولم يتوهم أحد أن المثالين متطابقين في كل شيء ،إذ أن الطبيب يرجع إليه لاجل الشفاء وهو أمر واقعي ، وأما الفقيه فيرجع إليه لتحصيل براءة الذمة ، وبراءة الذمة متحققة حتى لو أخطأ في اجنهاده ما دام مستوفيا لشروط الافتاء من الاجتهاد والعدالة ، 
 هذا أولا ، وثانيا : فيما يتصل  بمعرفة الخطأ لدى الطبيب دون الفقيه ، فيلاحظ عليه بأن معرفة خطأ الفقيه أيضا ممكنة وذلك فيما إذا كانت فتواه مخالفة لما جاء في الكتاب أو السنة الثابتة ،  فالمقياس في معرفة خطأ الفقيه هو في مخالفة أسس الاستنباط  وأهمها مرجعية الكتاب والسنة، كما أن مقياس معرفة خطأ الطبيب هو في مخالفته لقواعد الطب ، وأما معافاة المريض فهي غاية العلاج ولكنها ليست هي المعيار الأساس في تقييم الطبيب ، فقد يعطي الطبيب مريضه أفضل العلاج ومع ذلك لا يتعافى بل يموت لأن المرض مستحكم فيه، أفهل يكون الطبيب فاشلا كلما لم يتعاف مريضه ؟!،
 وأما فيما يتصل بإمكانية المحاسبة للطبيب دون الفقيه ، فيلاحظ عليه بأن الفقيه أيضا يمكن أن يحاسب إذا خرج عن خط العدالة والاستقامة في فتاواه وتسقط فتاواه عن الحجية إذا فقد أهلية الافتاء ، وتنزع منه صلاحية الافتاء كما تنزع وزارة الصحة شهادة الطبيب .والذي يحاسب الفقيه في حال خروجه عن خط العدالة والاستقامة وتجاوز مرجعية الاستنباط المشار إليها هو القانون الاسلامي .
س » هل صحيح أن الله يُشفّع الطفلَ في أبويه مع أنّه لم يفعل شيئًا مُهمًا يستوجب مقام الشفاعة، فالشهيد يشفع، والطفل أيضًا!؟
ج »

وفي الجواب على ذلك نقول:
أولاً: إن الطفل حتى ولو لم يكن قد قام بأعمال صالحة ولا تحمّل العناء كما تحمل الشهيد مثلا، لكن مع ذلك فإن الله تعالى يعطيه الشفاعة لوالديه، وهذا باب من أبواب رحمة الله وهو واسع المغفرة، وفيه نوع من التعويض للطفل الذي حرم الحياة، كما فيه تعويض مادي ومعنوي للأبوين على ما واجهاه من مرارة فقد الطفل، وما أورَثهُ ذلك من حسرةٍ في قلوبهما، فاحتسبا وصبرا على البلاء، ولم يعترضوا على قضاء الله وقدره.
ثانيًا: أما الدليل على هذه الشفاعة، فقد ورد ذلك في العديد من الأخبار المروية من طُرق الفريقين (السنّة والشيعة) وفي صِحاحهم ما يبعثُ على الوثوق بصحّة سندها والاطمئنان بصدور هذا المضمون عن رسول الله (ص)، ومن هذه الأخبار: الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص): "... أَما علمتم أنّي أُباهي بكم الأمم يومَ القيامة حتى بالسِّقط يظلّ مُحبَنْطئًا (غضبانًا) على باب الجنّة فيقول الله عزّ وجلّ: ادخل الجنّة، فيقول: لا أدخل حتّى يدخل أبَواي قبلي، فيقول الله تَبَارك وتعالى لِمَلَكٍ من الملائكة: ائْتِني بأبَوَيه فَيأمُر بهما إلى الجنة، فيقول: هذا بفضل رحمتي لك". فهذه الرواية الصحيحة قد أفادت أنّ السِّقط يظلّ واقفًا مغتاظًا على باب الجنة حتى يُدخل الله والديه، ويستجيب الله له ويأمر بإدخال والديه.
ثالثًا: من غير المعلوم شمول هذه الشفاعة للوالدين المشركين، لا من جهة منع الطفل من هذه الكرامة، وإنّما من جهة عدم أهلية المشرك للشفاعة بسبب شركه، ومعلوم أن للشفاعة قانونًا قد أوضحه القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ}، والمشرك ليس مرضيّا عند الله تعالى، وقد قال سبحانه: { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء}. أضف إلى ذلك أن لسان بعض الأخبار أن الطفل يشفع لأبويه المؤمنين، كما في الحديث الوارد في إعلام الدين للديلمي، عن النبيِّ (ص) قال: "تجيئ يومَ القيامة أطفالُ المؤمنين، عند عرض الخلائق للحساب، فيقولُ الله تعالى لجبرائيل (ع): اذهب بهؤلاء إلى الجنَّة. فيقفون على أبوابِ الجنة، ويسألونَ عن آبائهم وأمهاتِهم، فتقول لهم الخَزَنة: "آباؤكم وأمهاتُكم ليسوا كأمثالِكم، لهم ذنوبٌ وسيئات يُطالبونَ بها".. إلى أن قال: "يقولونَ: لا ندخلُ الجنَّة حتى يدخلَ آباؤنا وأمهاتُنا". فيقولُ الله سبحانه وتعالى: "يا جبرائيل، تخلَّل الجمع، وخذ بيد آبائِهم وأمهاتِهم، فأدخلْهم معهم الجنَّة برحمتي". والله العالم، وهو واسع المغفرة.

س » سؤالي لكم سماحة الشيخ:من خصائص المعجزة أنها ظاهرة واضحة يراها القاصي والداني من دون تخصص في مجالها المعرفي ، فكيف نفهم الإعجاز اللغوي للقرآن الكريم ، وهو يحتاج إلى تخصص في اللغة العربية ، وأكثر الناس ليسوا كذلك ؟ وهل نعتبر هذا الإعجاز مؤقت مختص بالمج
ج »

 

هناك اتجاهان في مسألة الاعجاز القرآني :
الاتجاه الأول : يرى اصحابه أن مفهوم الإعجاز القرآني -  بالمعنى المصطلح للمعجزة وهي الأمر الخارق للعادة إذا كان مقرونا بالتحدي -  منحصر بالإعجاز البلاغي ،وهنا يكون للسؤال وجه ، والجواب حينئذ هو أن الاعجاز يقوم في حق من يفهم اللغة العربية وأما سائر الناس الذين لا يعرفون اللغة العربية فإنهم يرجعون إلى أهل اللغة للتأكد من بلاغة القرآن المعجزة، إذ ليس من الضروري أن يفهم المعجزة كل الناس ، بل يكفي أن تقوم المعجزة بحق شريحة كبيرة من الناس ، مع كون الباب مفتوحا أمام بقية الناس إذا أرادوا معرفة ذلك إما بأن يتعلموا اللغة أو يرجعوا إلى أهل المعرفة والخبرة .   
الاتجاه الثاني : يذهب إلى أن اعجاز القرآن الكريم لا ينحصر بالجانب البلاغي ، ولا سيما أنه الرسالة العالمية الخالدة والتي لا تختص بأمة العرب، بل إنه - بالإضافة إلى الإعجاز البلاغي -  معجز من خلال ما جاء به من منظومة روحية وعقائدية وتشريعية وما أحدثه من تغيير جوهري في العقلية الانسانية ، لا يمكن لمحمد بن عبد الله أن يأتي بهذه المنظومة أو يحدث هذا التغيير لو لم يكن متصلا بوحي السماء، فالإعجاز التشريعي مثلا يتمثل بما اشتمل عليه القرآن من تشريعات مبدعة تتعلق بتنظيم المجتمع الانساني بما يحقق الأمن والسلام على الصعيد الاجتماعي والأخلاقي والسياسي والاقتصادي،  ويتضح هذا الوجه من الاعجاز بملاحظة ما كانت عليه حال القوانين والتشريعات العالمية حال نزول القرآن ، سواء ما كان عند الرومان أو اليونان أو الفرس أو غيرهم من الشعوب ذات الحضارة،  فضلا عما كان عليه الحال في الجزيرة العربية ، إن المقايسة المذكورة ستظهر سمو التشريع الإسلامي وتؤكد أنه تشريع ما كان لمحمد (ص)،أن يأتي به لو لم يكن مسددا من قبل الله سبحانه .
كما أن البعض يتحدث عن وجوه أخرى من الاعجاز كالاعجاز العلمي وما تضمنه القرآن من إشارات جلية إلى بعض المعطيات العلمية التي توصل إليها العلم في العصر..
س » ما هي رسالة الإمام الحسين (ع) إلى المسلمين في هذا الزمن في ظل هذه الانقسامات المذهبية والفتن المشتعلة في العالم الإسلامي؟
ج »

إن رسالة الإمام الحسين (ع) إلى المسلمين جميعًا تتلخّص في أمرين:

أولا: أن يثوروا ضد الظلم، أكان ظلمًا غربيّا استكباريًا كالذي تفعله الولايات المتحدة الأميركية في أكثر من بلد، أو كان ظلمًأ يحمل أصحابه عنوانًا إسلاميًا، كالظلم الذي تتعرض له بعض الشعوب المضطهدة كشعب اليمن وغيره، فالإمام الحسين (ع) يستصرخنا بأن لا نقرّ على الظلم ولا نركن إليه ولا نقبل الهوان ولا الذل، وأن نكون على استعداد للبذل والتضحية بأغلى ما نملك في هذا السبيل، عنيت به سبيل مقارعة الظالمين، قال (ع): إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين برما". والرسالة الثانية التي نخال أنها لا تقل أهمية عن الرسالة الأولى، هي رسالة الإصلاح ومواجهة الفاسدين ونستلهم ذلك من قوله (ع): إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (ص). وعليه فإن معنى أن تكون مع الحسين هو أن تواجه الفساد والمفسدين ولو كان المفسدون يحملون اسم الإسلام أو اسم الحسين ويبكون عليه، فالفساد هو آفة كبرى تهدد مجتمعاتنا من الداخل، وتفتك بها والمجتمعات التي تعيش تهديدًا خطيرًا – كتهديد الفساد من داخلها – لن تستطيع المواجهة للعدوان الخارجي والظلم الآتي من أعداء الأمة.

 

س » يقول الشاعر: أيا لوعة المشتاقِ إيَّاكِ أعبدُ وإني مُقِرٌ في هواكِ مُوحِّدُ وأبقى على عهد المودةِ والهوى لك العهدَ في صبحي وليلي أُجدِّدُ هل هناك اشكال شرعي في البيت الأول وماذا لو قال صاحبه انا اقصد ب "أعبد " الطاعة والاستسلام ؟
ج »

 

 الذي أعتقده أنه ليس فيه محذور شرعي مع إرادة التفسير المذكور في السؤال، ولا سيما أنّ الشعر يعتمد المبالغة والكناية في كثير من الأحيان، ولكن من الضروري والمحبذ أن يراعي الشاعر المسلم الدقة في اختيار كلمات شعره ليأتي أدبه منسجما مع صفاء التوحيد لله تعالى،ويبتعد عن شائبة الشرك ولو اللفظي.
س » هل لمنهج الإمام الحسین تاثیر علی الحرکات الإسلامیة المقاومة فی المنطقة؟
ج »

لا شك أن درس عاشوراء هو العنصر القوي في البناء الروحي والمعنوي لشباب المقاومة والحركات الإسلامية المناهضة للظلم والعدوان، وإننا نعتقد أن أكثر الناس التصاقا بالحسين هم هؤلاء المقاومون الذين يعيشون العلاقة من الحسين عملاً وجهادًا في جبهات الحق ضد الباطل والذين يُحيون ذكرى الحسين من خلال سهرهم في الخطوط الأمامية في مواجهة التيار الداعشي التكفيري الذي يسعى إلى محو اسم الحسين من وجدان المسلمين، إن إحياء ذكرى الحسين عند هؤلاء الشباب لا يكون بمجرد أعمال طقوسية يؤدونها في الساحات وإنما من خلال بذلٍ حقيقيّ وجهد فعّال في سبيل تحقيق الأهداف الكبرى لنهضة أبي عبد الله الحسين (ع).

س » .ماهو رأيكم في الصور غير المحتشمة التي تضعها بعض البنات في الفيس بوك..كبديل عن صورهن الشخصية؟
ج »

 

الأمر لا يرتبط بالصور غير المحتشة التي تضعها بعض البنات والفتيات في الفيس بوك، كبديل عن صورهن الشخصية، فقد يضع بعض الشباب صورا لفنانين أو ممثلين عالميين، أو ما إلى ذلك، وربما يلجأ البعض إلى وضع صور أو شعارات مستفزة أو مخيفة، أو تحمل دلالات مسيئة للآخر، فما هو الموقف منها ؟
والحقيقة أن الذي يفترض بالمؤمن أن يكون داعية للإسلام بالقول والفعل ، بالشعر والقصة، بالأدب والحكمة ، بالصورة والمضمون، ومن هنا فإن ما يعرّف عن المؤمن ويعكس صورته لا بد أن يكون مشابها له ولصورته الإيمانية، فما درج عليه بعض المؤمنين من وضع صور بديلة عن صورهم الحقيقية في الفايسبوك ينبغي أن يراعي ما ذكرناه، بأن تنسجم تلك الصور مع شخصيتهم وإيمانهم، فالصور غير المحتشمة وغير اللائقة لا تخلو من شبهة شرعية، لأنّ فيها ترويجاً للباطل أو السفور، بينما الأجدر بالمؤمن والمؤمنة أن يروجا للإسلام وللقيم الاسلامية، وأخشى أن يكون هذا العمل في عمقه تأثر في هذه الشخصيات واتخاذها مثلا أعلى له .
س » کیف تقیم دعم البعض للحکومات الغربیة مثل البریطانیة والأمريكية عن التیار الموسوم بالشیعة فی لندن الذی یبث التفرقة؟ ما الفرق بین هذا التیار المنحرف والشیعة الحقیقیة؟
ج »

إننا نعتقد أن هذا الخط الذي يتجلبب بعباءة التشيع ومظلومية أهل البيت (ع) والذي تحميه قوى الاستكبار العالمي وتؤمن له منصات إعلامية كبيرة هو خط مشبوه وإن كان ينخرط فيه بعض الأفراد المُغرّر بهم، وبالإضافة إلى ذلك فإنه ومن خلال استخدامه لمنطق التكفير للآخر وإصرار على لعن وسب وشتم رموز من صحابة النبي (ص) ممن لهم احترام عند شريحة كبيرة من المسلمين فإنه بذلك يسير عكس تعاليم أهل البيت (ع) التي دعت إلى إدارة الخلافات الإسلامية الإسلامية بالحوار والحكمة والكلمة الطيبة، ولقد كان إمامنا الصادق يدعو أصحابه فيقول: صلوا في مساجدهم (أي مساجد المسلمين الآخرين) وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم في دعوة تنم عن حرص شديد على حفظ وحدة الأمة وتماسكها وما أحرانا هذا اليوم لهذه الوحدة والتماسك في ظل عمل دؤوب تقوده الاستخبارات العالمية لتمزيق المسلمين مِزَقًا مزقًا ليكونوا أمة متناحرة متقاتلة. ولهذا فإننا نلفت أنظار المسلمين الشيعة من محبي أهل البيت (ع) بأن لا يغترّوا بالعناوين البرّاقة التي يحملها أصحاب هذا الخط وحرصهم المزعوم على الانتصار بأهل البيت من ظالميهم فإن الانتصار الأعظم لأهل البيت يكون في نشر تعاليمهم ونقل فكرهم النيّر إلى العالم الذي هو أحوج ما يكون اليوم إلى مثل هذا الفكر، ولا يكون الانتصار لهم (ع) بإيجاد فتنة بين المسلمين لا تُبقي ولا تذر.

س » ما هي مصداقیة الشمر فی هذا الزمان ولو نرید متابعة مسار الإمام الحسين ماذا یجب علینا ان نفعل؟
ج »

إن درس كربلاء يُعلمنا أن هناك خطين: خط الحق الذي مثله الحسين (ع) في ذاك الزمن، وخط الباطل والانحراف والذي مثله يزيد وابن زياد وعمر بن سعد والشمر وغيرهم، ولهذا يجدر بنا ونحن نُحيي ذكرى الحسين أن نتطلع إلى من يُمثل الحسين في هذه المرحلة ومن يُمثل يزيد أيضًا، لا شك أن كل من يقف في وجه الاستكبار العالمي والاستبداد الداخلي ويرفض بيع قضية فلسطين من خلال صفقة القرن المطروحة ويعمل على مواجهة الفساد والمفسدين ومقارعة الظلم والظالمين لا شك أن هذا يسير على خط الحسين، وأما من يسير في الجبهة الأخرى فهو أقرب إلى الخط اليزيديّ.

س » ما هي وظيفة عالم الدين اليوم؟
ج »

 أعتقد أنّ وظيفة عالم الدين ومهمته الأساسية هي أن يحرص على إبقاء الدين رسالة حياة ودعوة حب وانفتاح على الله وعلى عيال الله، وأن يسعى جهده في التخفيف من وتيرة الأحقاد والضغائن وأن يزرع البسمة في القلوب ويوزّع والبشر على الوجوه، وليس مفهوما ولا مبررا أن ينظر الناس إلى عالم الدين نظرة رهبة أو خوف، فعندما يخاف الناس من رجل الدين فهذا يعني أنه قد ابتعد عن الدين وقيمه، لأنّ الدين هو بشائر رحمة، قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}.

س » ماهی فلسفة وتأثیر محافل العزاء للامام الحسين علی الشیعة؟
ج »
لا شك أن مراسم إحياء الثورة الحسينية هي عنصر قوة كبير في أمتنا، وعلينا أن نحفظ هذه القوة ونستمر في التمسك بها، لكني أعتقد أن الاستثمار الصحيح لرسالة الإمام الحسين يتمثّل في اتباع الخطوات التالية: الخطوة الأولى: الحرص على بيان القيم الأخلاقية والروحية التي جسدتها هذه النهضة من قبيل قيم الإيثار والبذل والعطاء دون حدود والتي جسدها الحسين (ع) وأصحابه، أو قيمة الالتزام بالمبادئ وعدم اللجوء إلى أساليب الخداع والتضليل وغيرها من الأساليب الملتوية والتي تجسدت في موقف مسلم بن عقيل وعزوفه عن قتل عبيد الله بن زياد في بيت هانئ بن عروة التزاما بمبدأ قاله النبي (ص) "الإيمان قيد الفتك"... إلى غير ذلك من قيم الصبر والشهادة والنبل التي جسدتها هذه النهضة.
الخطوة الثانية: التركيز على الحسين (ع) بوصفه مثلاً أعلى قابلاً للاقتداء والاحتذاء به، وليس شخصية غيبية نبالغ في تصوير عجزنا عن التمثل بهديه، كما يلاحظ في خطاب البعض، إن الحسين (ع) هو إمام قام أو قعد، كما قال جده المصطفى (ص)، والإمام هو من يؤتم به ويتبع، وهو صمام أمان في الأمة، وليس شخصية مذهبية أو عنصر توتر بين المسلمين. 
الخطوة الثالثة: الابتعاد عن كل الكلمات التي تثير الفتنة وعن كل الطقوس التي تؤدي إلى تشويه النهضة الحسينية وخط أهل البيت (ع) وتوجب نفور الآخرين. 
كما أن من الضروري للخطاب العاشورائي أن يحرص على عدم أسر عاشوراء بالدمعة والبكاء، فإن الدمعة على أهميتها لا يمكن أن تكون غاية في نفسها، وإنما المطلوب أن تكون دمعة واعية ومغيّرة لحال الإنسان الباكي بأن تجعل منه إنسانا قويا لا ضعيفا، وأن تكون مدخلا لتغيير حقيقي في سلوك الإنسان. إن نجاحنا هو بمقدار إيصالنا للحسين رسالة وهديا إلى الآخرين وفتح قلوبهم على مدرسة أهل البيت (ع)، وهذا هو هدف الإحياءات العاشورائية، إن هدفها باختصار يتمثّل في قول الأئمة (ع)"حببونا إلى الناس".
 
س » ما هو دور الشيطان في زمن المهدي (عج) ؟؟
ج »

 

إن للشيطان وظيفة واحدة وأساسية جند نفسه لها منذ أن طلب من الله تعالى إمهاله إلى يوم القيامة ،{ قال انظرني إلى يوم يبعثون } واستجاب له الله تعالى طلبه :{ إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم}، وهنا قال الشيطان :{ لأزينن لهم في الأرض}، وعليه فما يمتلكه الشيطان هو التزيين فقط من خلال وساوسه، ولكنه لا يمتلك سلطة على الإنسان تفقده اختياره وإرادته،قال تعالى حكاية عن لسان الشيطان يوم القيامة:{ وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم}، وهذه المهمة التزينية هي مهمة الشيطان سواء في زمن الحضور او في زمن الغيبة، أجل في زمن الغيبة قد تزداد المنافذ التي يدخل منها الشيطان محاولا إغواء الإنسان، وذلك لأن التحديات في هذا الزمن كثيرة، والشبهات أكثر وأعقد، الأمر الذي يفرض استنفارا على المستوى الفكري في سبيل تفنيد الشبهات المختلفة، واستنفارا على المستوى الروحي في سبيل مجاهدة النفس الأمارة بالسوء ، ومجاهدة الوساوس الشيطانية.
س » لماذا هذا الموقف الإسلامي المتشدد من الكلب حيث يحكم بنجاسته ويمنع من اقتنائه في البيت مع أن الكلب حيوان أليف؟!
ج »

في بيان الموقف الإسلامي من موضوع الكلب واقتنائه ونجاسته، يمكننا ذكر النقاط التالية.
أولاً: إن الكلاب في الرؤية القرآنية هي من مخلوقات الله التي تُعدّ مظهراً من مظاهر قدرته وحكمته، وآية من آيات خلقه، والله تعالى لم يخلق شيئاً عبثاً أو دونما سبب أو حكمة. 
ويُستفاد من بعض الأحاديث المروية عن رسول الله (ص) أن الكلاب أُمّة تسبّح لله تعالى، ولولا ذلك لأمر بقتلها. وكون الكلاب أمة هو ما يُؤكده القرآن الكريم في قوله تعالى: "وما من دابّة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم" 
وأما ما ورد في بعض الروايات عن علي (ع) قال: أرسلني رسول الله إلى المدينة وقال: " لا تدع كلباً إلا قتلته" فهو ناظر إلى أن النبي (ص) أنفذ الامام علي (ع) في مهمّة لقتل الكلاب المسعورة المصابة بداء الكلب، والتي تتسبب في حال عدم التخلص منها بأخطار جمّة على الإنسان وسائر الحيوانات. وكلمة كلب في الرواية المذكورة: " لا تدع كلباً إلا قتلته"، تُقرأ على الشكل التالي: "لا تدع كَلِباً" وليس "كَلْباً.."
ثانياُ: وفي ضوء ما تقدم، فإنّ الإسلام لم يمنع من الإستفادة من الكلاب في الصيد او في حراسة البيوت والبساتين او حراسة المواشي. وكذلك الكلاب البوليسية المدرّبة على اكتشاف المتفجرات والمخدرات. وقد أجاز الفقهاء شراءها والاتجار بها لهذه الأغراض، وذكروا أيضا أن الصيد بالكلب يحلّ أكله ولو جاء الكلب بالطريدة ميتة. وهذا الأخير أعني الصيد بالكلب هو ما دلّ عليه القرآن الكريم في قوله تعالى: "وما علمتم من الجوارح مكلبين تُعلمونهنّ مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه".
ثالثاً: اقتناء الكلاب في داخل البيوت ليس محرّماً. أجل، قد يوقع الإنسان في حالة من الحرج، وذلك بسبب الحكم الشرعي بنجاستها. والحكم بالنجاسة قد يكون لاعتبارات تتصل بالنظافة والصّحة. ولذلك ركزت أكثر الروايات الواردة في هذا الباب على عدم الشرب أو الأكل من الأواني التي ولغت فيها الكلاب، وأمرت بغسلها وتطهيرها، كما دعت بعضها إلى تطهير ما لامسته الكلاب برطوبة.
وما يقال: من أن العلم الحديث قد يستطيع أن يؤكد على خلوّ الكلب من الأمراض المعدية، ولا سيما مع تطوّر علم الطبّ البيطري.
فهو غير مقبول عند الفقهاء حيث إن الاتجاه السائد بينهم لا يزال يتعامل مع المسألة بنظرة تعبّديّة، فيحكم بالنجاسة حتى لو لم يثبت طبيّاً وجود جراثيم معينة في فم الكلب أو لعابه يمكن أن تنتقل إلى الإنسان.
وهذا الاتجاه الفقهي يستند على رؤية فقهية تقول إن الأحاديث الشريفة مطلقة وليست مخصوصة بزمان أو مكان، ولا يصح التسرع بردها. ولربما كشف لنا العلم في المستقبل بعض الأسرار الخفية والتي تستدعي اجتناب ما مسّه الكلب برطوبة مسرية.
نقول هذا الكلام مع تأكيدنا على مشروعيّة فتح الباب أمام دراسة هذه المسألة فقهيّاً، إذ لا يمكن الجزم بعدم كون الروايات المذكورة ظرفيّة ومختصّة ببعض الأزمنة والأمكنة.

س » مما لا شك فيه أن لكل تشريع حكمه سواء كان حلالاً أو حراماً. فما الحكمة من تحريم الزواج بالأختين معاً؟
ج »

 

 ربما كانت الحكمة من تحريم الجمع بين الأختين في الزواج هو أنّ الجمع بينهما يخلق نوعا من الحساسية والغيرة والضغينة بين الأختين، كما يحصل عادة بين الضرائر، وهو الأمر الذي يؤدي إلى قطع الأرحام، والإسلام كما نعلم حريص على بقاء الوئام قائماً بين الأرحام والأقارب، ولذا فإنّه لو ماتت زوجته الأولى أو أنفصلت عنه بالطلاق فإنّه يجوز للرجل الزواج باختها الثانية، وذلك لزوال السبب الموجب للغيرة والعداوة.
س » كيف لنا أن ندرك الخشوع في الصلاة؟
ج »
الخشوع في الصلاة:
إن الخشوع في الصلاة يحتاج إلى التالي:
أولاً: تهيئة النفس قبيل الدخول في الصلاة بما يشعرها بحضور الله وعظمته، وذلك من خلال معرفة الحقيقة التالية: وهي أنّ الصلاة هي معراج المؤمن إلى الله، وأنه في الصلاة إنما يكلم الله تعالى ويناجيه، أو من خلال التأمل في أسمائه وصفاته قدرته وفي بعض الآيات الكونية التي تدل على عظمته وحكمته.
ثانيًا: السعي إلى ترك الشواغل الدنيوية التي تقتحم ذهن الإنسان عند توجهه إلى الصلاة أو العبادة وذلك من خلال تفاعل الإنسان الذي يصلي مع الآيات التي يتلوها، فمثلاً عندما يقرأ قوله تعالى "بسم الله الرحمن الرحيم" فليستحضر رحمة الله وعندما يقرأ قوله "مالك يوم الدين"فليستحضر مشهد يوم القيامة وما يكون عليه حاله وهو بين يدي الله وقد انكشفت كل سرائره وتشهد عليه كل حواسه وأعضائه، وهكذا..
ثالثًا: قد يكون من الجيد أن يستعين ببعض الأجواء الروحانية التي تساعده على طراوة النفس والروح، كأن يستمع إلى دعاءٍ بصوت إنسان متأثر خاشع بما يقرأه أو أن ينخرط مع جماعة من المؤمنين الذين يقرؤون الدعاء بحالة روحية عالية، فهذه الأجواء هي من ملينات الروح.
رابعًا: تنص بعض الروايات على استحباب الاستعاذة من الشيطان الرجيم (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) قبيل الدعاء وحتى قبيل تلاوة سورة الفاتحة في الصلاة، لأن من المؤكد أن أكثر الحالات التي يستنفر فيها الشيطان الرجيم لإبعاد الناس عن ربه هي حالة الصلاة، وإننا نرى من خلال التجربة أن الإنسان إذا جاء وقت الصلاة يشعر بتثاقل وربما نعاس أيضًا، مع أنه لم يكن على هذه الحالة منذ لحظات وهكذا إذا قام إلى الصلاة فإنه بمجرد أن يكبر تكبيرة الإحارام تنهال عليه مشاغل الدنيا: ماذا سيفعل اليوم مع رفاقه؟ ماذا سيلبس؟ أين السهرة؟ ماذا سوف تعد له المرأة من طعام؟ وكيف تفعل كذا وكذا؟! كل هذه الأسئلة تزدحم عند الصلاة.. هذه هي وظيفة الشيطان!! ومن هنا علينا أن نصر على طرده ونؤكد لله تعالى بعد الإستعاذة به من الشيطان الرجيم أن قلوبنا هي ملك لله وأن أرواحنا بين يديه ولا نشرك به أحدًا حتى في النية.
 
س » ما هو رأيكم بإطلاق النار في المناسبات؟
ج »

 

إطلاق النار في المناسبات المختلفة - سواء أكانت مناسبات فرح كالأعراس أو فوز المنتخب الرياضي أو في مناسبات الحزن كما يحصل في بعض الجنائز - هو عمل محرم شرعا،طبقا لفتاوى الفقهاء، لأنّ فيه ترويعا وتخويفا للناس، ولا سيما الأطفال والشيوخ والنساء والمرضى، هذا ناهيك عن أنّ هذا العمل ربما أدى إلى وقوع بعض الضحايا وسقوط بعض القتلى أو الجرحى، كما أنّ فيه تبذيرا للمال وللذخائر بدون سبب وجيه وعقلائي،مع أنّ الأمة بحاجة لهذه الذخائر لمواجهة أعدائها، ولذلك كله لا نبالغ بالقول : إنّ هذه العادة السيئة هي علامة تخلف ولا بد من مواجهتها ووضع حد لها ومحاسبة الذين يمارسونها، لأنهم يعتدون على أمن الناس
س » هل يجوز الرجوع إلى الاشخاص الذين يدعون انهم يستطيعون التنبي بما يمكن ان يجري على الانسان في المستقبل من خير وشر
ج »

 

إنّ الرجوع إلى العرافين أو تصديقهم بما يقولون إذا أردنا مقاربته من الزاوية الفقهية فهو أمر محرم إذا كان العرافون يدّعون أنهم يتصلون بالجن، وكذا لو كانوا يزعمون أنهم يعرفون ذلك من خلال علم النجوم، وبصرف النظر عن ذلك فإن ما يتنبأ به العرافون هو رجم بالغيب والله تعالى لم يظهر على غيبه أحداً إلا من اصطفى، ولمزيد من التعرف على الرؤية الإسلامية حول هذا الموضوع يمكنكم مراجعة كتاب "ظواهر ليست من الدين".
س » ما هي اهم القضايا التي تواجه الأمة الاسلامية؟
ج »

هناك الكثير من التحديات التي تواجه هذه الأمة على أكثر من صعيد:
أ- على الصعيد الإنساني، تبرز أمامنا تحديات كثيرة في ما يتصل بالحريات وحقوق الإنسان التي هي في تراجع مستمر بسبب أنظمة الاستبداد والطغيان التي ترعاها قوى الاستكبار العالمي وعلى رأسها أمريكا وغيرها.
ب- وعلى الصعيد الأمني والسياسي، يُواجهنا الكثير من التحديات بسبب الحركات الإرهابية في المنطقة، أضف إلى ذلك وجود سعيٍ خبيثٍ لإنشاء كياناتٍ على أساسٍ إثنيٍّ وعرقيٍّ بما يزيد الأمة تمزيقًا وتشرذُمًا، ومن أبرز الكيانات التي غُرِست في المنطقة وتمّ زرعها فيها: "دولة إسرائيل"، والذي عمِل على تهجير المواطنين الأصليّين واستورد بدل عنهم مواطنين من دولٍ أخرى، وهذا الكيان لا يُشكّل تحديًا أمنيًا وسياسيًا وإنسانيًا فحسب، بل إنه يُشكّل قاعدةً متقدمةً للغرب تعمل على منعِ نهوض المسلمين والحَؤول دون وِحدتهم واجتماعهم.
ج- وهناك تحدٍّ كبير على الصعيدين الثقافي والحضاري يتصل بالعجز الفكري عن إعادة قراءة تراثنا الديني قراءةً نقدية تجعله متصالحًا مع العصر على أكثر من صعيد، وهذا العجز يؤدّي إلى انشطار الأمة إلى جماعتين: جماعة تراثيةٍ تعيش في الماضي وتعمل على استنساخه وإعادة إنتاجه بكلّ أساليبه وتفاصيله دون أن تُميّز بين غثّه وسمينه، وجماعةٍ أخرى تريد أن تعيش الحداثة بكلّ أبعادها فتعمل على قطع الصلة مع تراثها وهويتها، ما يجعلها مُندكّةً في الآخر إلى حدّ التبعيّة. ومن هنا نحن بحاجةٍ إلى حركةٍ نهضويةٍ تعمل على قراءةِ التراث قراءةً نقدية مُنفتِحةً على العصر في كل آفاقه ومَدَيَاتِه، وأعتقد أنّ النوات الأساسية لمثل هذه النهضة موجودةٌ في العقول والطاقات والإمكانات، وثمة تيارات في الأمة تحمل هذا الهم وتتحرك ضمن هذه الرؤية الاجتهادية.

س » هل لك أن توضح لي كيف نفهم من آية الوضوء أن "إلى المرافق" هي لتحديد المساحة لا الإتجاه , مع أن الآية لم تحدد الإتجاه ولكننا نحن -الشيعة- نلتزم بإتجاه واحد ألا وهو (من المرافق إلى الأصابع)؟
ج »

 

إن الشيعة الإمامية يقولون بأن الآية لا تدل على تحديد كيفية الغسل, وإ نما تحدد مساحة العضو المغسول (وذلك بما بين المرافق ورؤوس الأصابع) ،وإلا فلو أنها كانت في صدد بيان وتحديد إتجاه الغسل وكيفيته لوجب الإبتداء في الغسل من الأعلى إلى الأسفل، وهذا ما لم يقل أحد من الفقهاء بما في ذلك فقهاء السنة , لأن فقهاء السنة لا يحرمون الإبتدء من الأعلى إلى الأسفل, أضف إلى ذلك أن الابتداء من الأسفل إلى الأعلى هو خلاف السجية، وهذ يعني أن الآية بصدد بيان مساحة العضو المغسول وليس بيان كيفية الغسل، والتعبير بـ "إلى المرافق" هو لبيان نهاية الحد بمعنى عدم وجوب غسل اليد فيما فوق المرفق , وعليه، فالآية ساكتة عن تحديد كيفية الغسل،وهذا ليس مستغربا لأن القرآن لا يتضمن بيان الكثير من التفاصيل، فيرجع في معرفة ذلك إلى السنة النبوية، والسنة المروية من طرق أهل البيت(ع) قد حددت ضرورة الابتداء في الغسل من الأعلى إلى الأسفل.
س » ما هي الأمور التي شوهت صورة الإسلام في نظر غير المسلمين في الغرب؟
ج »

 أعتقد أنّ هذه الصورة المُشوَهة عن الإسلام والمسلمين في الغرب، مَرَدّها إلى:

  •  ممارساتٍ سلبيةٍ يُمارسها بعض المسلمين باسم الإسلام، من أعمال القتل والعنف وغيرها.
  • خطاب ديني متخلّف ليس لديه القدرة على أن يعكس صورة الإسلام الناصعة كما هي.
  • سعيٌ غير بريء من قِبَل الإعلام الغربي على تركيز هذه الصورة النمطيّة عن المسلمين (صورة التوحّش)، ما جعل هناك حالة "فوبيا" من المسلم في بلاد الغرب، مع إغفالٍ مُتعمّدٍ من قِبَل هذا الإعلام للخطاب الديني الإسلامي المعتدل  وللصورة الأخرى والحقيقيّة والتي عليها غالب المسلمين الذين يرفضون الخطاب التكفيري وتلك الممارسات المتشدّدة، وبالمناسبة، فإن المسلمين هم أكثر المتضرّرين من الجماعات التكفيرية.

ومن هنا فإني أعتقد أن مسلمي الغرب تقع عليهم مسؤولية كبيرة في أن يعكسوا الصورة الحقيقية للإسلام، في إنسانيته وسماحته، وفي احترامه لحقوق الإنسان ونبذه للعنف. إن المسلم في الغرب هو الذي يعكس بسلوكه صورة الإسلام الحقيقية، فإن أحسَنَ المعاملة والتزم بالقانون، واحترم كل الناس لإنسانيتهم، كما يأمره دينه، فإنه بذلك يستطيع أن يُقدّم إسهامًا كبيرًا في تغيير الصورة السلبية التي يحملها الغربيون عن الإسلام والمسلمين.
أيها المسلمون في الغرب، إن العالم بأجمعه والناس هناك ينظرون إلى أفعالكم قبل أقوالكم، فكونوا أكثر الناس التزامًا بالقانون ورعاية لحقوق الآخرين، وانبُذوا كلّ الأصوات التي تزرع في نفوسكم الحقد والكراهية تجاه جيرانكم ومواطنيكم في تلك البلاد، وارفُضوا كل الفتاوى التي تُشيطن الآخر، والتي قد تبثّها بعض المنابر الإسلامية في الغرب، فهذه الفتاوى ليست من الإسلام في شيء، وقد قال أحد أئمة المسلمين وهو الإمام علي (ع): "الناس صنفان، إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق"، وكلّكم هناك إخوةٌ في الإنسانيّة.

 

س » نحن نعلم ان الله سبحانه وتعالى لم يخلق شئ عبثا، بل لكل شئ غاية وهدف من خلقه .. ولكن عقلي القاصر لم يستطيع التوصل الى سبب خلق الكوكب مثل عطارد والزهرة وغيرها من الكوكب التي لايستطيع اﻷنسان العيش عليها، فما هو الهدف والغاية وراء خلق الله لهذه الكوكب ال
ج »

 

في الإجابة على هذا السؤال لا بد لي أن أسجل ما يلي: 
أولا : إنّه يكفي فائدة لخلق الكواكب أو غيرها أنها تمثل مظهرا من مظاهر قدرة الله وعظيم سلطانه، وبعبارة أخرى:هي دليل على عظمة الخالق وسعة قدرته، لأننا إذا كنا لا نراه بأعيننا بشكل مباشر فإننا نراه في آثار ملكه وأسرار خلقه، وهذا سوف يشكل دافعا قويا لخضوع االإنسان له تعالى ومدعاة لتسبيحه وتحميده وشكره. 
ثانيا: إنّ الإنسان وإن استطاع أن يكتشف ببركة التطور العلمي هذه الكواكب أو يتعرف عليها إلا أنّ ما يجهله عن هذا العالم هو أكثر بكثير مما يعلمه، وإذا لم يستطع اليوم اكتشاف فوائد بعض المخلوقات، فلربما يكتشف ذلك في المستقبل، فلا يجوز لنا التعجل في الحكم بنفي الفائدة عن أي مخلوق أو كائن، ولا سيما أننا نؤمن بأن الله تعالى حكيم ولا يفعل العبث ولم يخلق شيئا إلا لغاية وحكمة وإن لم نفقهها .
ثالثا: إنّ علينا ونحن نتأمل في خلق الله تعالى وفي ملكه وسلطانه أن لا نجعل من أنفسنا نحن بني الإنسان هي المقياس دائما في الحكم على الأشياء ومدى نفعها أو ضررها، فما يكون فيه نفع لنا فهو خير وما ليس فيه نفع لنا فهو شر !! إنّ هذه الرؤية في الحكم على الأشياء قاصرة وغير صحيحة، فهذه المخلوقات هي كائنة موجودة ويعتبر وجودها خيرا لها وقد يكون فيه نفع لمخلوقات أخرى، وهذا يكفي مبررا لخلقها، لأننا لسنا الكائن الوحيد الذي خلقه الله تعالى ،وإن كان الإنسان هو أشرف الكائنات باعتباره خليفة الله على الأرض.
س » هل هناك رغبة بصنع كيان تعليمي شيعي رسمي مثل جامعة الأزهر؟
ج »

الأمر ليس مجرد رغبة، بل إن مسار الحوزة العلمية آخذٌ في التجديد، فمنذ تجربة كلية الفقه في النجف التي قادها الشيخ محمد رضا المظفر في الستينيات من القرن الماضي، كان هذا النفس التطويري للدراسة الحوزوية قائمًا وموجودًا، بل إنّنا نجد هذا النفس الذي يشعر بضرورة التطوير كان حاضرًا قبل ذلك، فقد كتب السيد محسن الأمين العاملي في الثلاثينيات من القرن الماضي عن ضرورة تطوير الحوزة وتهذيب مناهجها. وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، ارتفعت وتيرة الصوت التجديدي في الحوزة العلمية في قم، وشهدت خطوات كبيرة مهمة على هذا الصعيد، ما أفرز تجربة جامعة المصطفى العالمية المعاصرة، وهي تجربة تأخذ بكل ضوابط وشروط الدراسة الأكاديمية دون أن تبتعد عن الأصالة والعمق الحوزوي. وأما النجف، فإن حوزتها قد شهدت انتكاسة نسبية، لما يزيد على عقدين من الزمن، بسبب محاربة نظام صدام حسين للحوزة ورموزها، ولكننا نُعوّل اليوم على عودة النجف إلى مسارها التجديدي الرائد الذي قاده الشيخ المظفر وآخرون.

 

س » هل صحيح أن أول نسخ من القرآن كانت بدون نقاط ؟ ألا يشكّل هذا فرصة كبيرة لطرح الشّبهات على القرآن خصوصاً التّغيير الكبير في المعنى الذي ينتج عن التّغيير في التّنقيط ؟
ج »

 

 
 المعروف أن التنقيط عند المسلمين قد حصل في فترة متأخرة عن جمع القرآن ، أي أن المصاحف الأولى كانت خالية من التنقيط والتشكيل وهذا كان سبباً في اختلاف القراءات القرآنية ، إلا أن هذا الأمر لم يؤثر على اختلاف المعاني ولم يؤد إلى حصول تحريف في القرآن وذلك لأن المسلمين كانوا يميزون الكلمات المتقاربة في كتابتها من خلال الحفظ والسماع جيلاً عن جيلاً، ومن خلال القرائن السياقية، إلى أن اهتدوا بعد ذلك الى التّنقيط والتّشكيل وعلامات الإعراب فضبطوا القرآن من خلالها دون أن تواجههم مشكلة لأن الألفاظ معروفة لهم من خلال الحفظ كما أسلفنا.
س » هل الإنترنت غيّر في كيفية تفاعلك مع أولائك الذين يتبعونك؟
ج »

  لا ريب أن لوسائل التواصل المعاصرة دورًا في تفاعل علماء الدين مع المجتمع، وربما في رؤيتهم للأمور بطريقةٍ مختلفة، فهذه الوسائل كشفت الواقع على ما هو عليه، وجعلت المعلومة في متناول الإنسان بشكلٍ سريع، وهو الأمر الذي فرَض نفسه على الحوزة وعلى طلابها الذين رأوا أن هذه الوسائل هي فرصة مهمة لنشر الفكر الديني والإجابة على الإشكالات والشبهات المختلفة. ومن هنا فإننا نعتقد أن وسائل التواصل - رغم أن البعض يستغلها استغلالاً سيئًا - تُمثّل نعمة وليس نقمة، لأنها قربت البعيد وأراحت الإنسان على أكثر من صعيد.

 

س » ما رأيكم بالدعوات التي يطلقها البعض حول أن من واجب المسلمين العمل على بناء دولة الخلافة الإسلامية ويعتبرون ذلك أولوية الأولويات؟
ج »

 

الخلافة الإسلامية أو دولة العدالة الإسلامية،هي حلمُ كل مسلم، حيث إنّه يتطلع بشوق إلى اليوم الذي تُملأ فيه الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، إلاّ أن الوصول إلى هذا الحلم يحتاج إلى تهيئة مقدمات وتوفير شروط وأسباب، ويأتي على رأسها بناء وإعداد الشخصية الإسلامية،التي أصبحت اليوم شخصية مشوهة، والشخصيةُ الإسلامية التي يريدها الإسلام هي الشخصية التي يتجسد الإيمان في أخلاقها وسلوكها لا في مجرد أقوالها وشعاراتها، هي شخصية ترى أنّ انفتاحها على الله يحتم عليها الإنفتاح على عيال الله وخلقه، لأنّ "الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله"،هي شخصية تؤمن بالحوار لا بالصدام،وتتخذ الرفق منهجاً لها في الحياة وتنبذ العنف ومنطق القتل وسفك الدماء باسم الله، هي شخصية تؤمن بحق الاختلاف ولا تضيق بالآخر الذي يختلف معها مذهبياً أو فكرياً، هي شخصية تعيش الحياة بعزٍ وكرامة وتأبى الذل والهوان، وهي شخصية تؤمن بذاتها وتثق بقدرتها على الإبداع، ولذا فإنها تستهلك مما تنتج لا مما ينتجه الآخرون، هي شخصية تأخذ بمبدأ الاجتهاد باعتباره القوة المحركة للإسلام وتعمل بوحيٍ من العقل الاجتهادي على مراجعة تاريخها وغربلة تراثها، هي شخصية تعيش الفخر بانتمائها وهويتها ولا تخجل من تاريخها ولا تعيش الانبهار والانسحاق أمام الآخرين، وهي شخصية تجسد العدل في حياتها الخاصة قبل العامة، في أسرتها الصغيرة، في علاقة الزوج مع زوجته فلا يظلمها، في علاقة الأب ما ابنه فلا يصادر رأيه، وفي علاقة الكبير مع الصغير فلا يقمعه.
إذا بنينا هذه الشخصية فسوف نكون قد حققنا البناء التحتي لدولة العدل الإسلامي، أما إذا سادنا التمزق والتناحر والتقاتل وانتشرت بيننا ثقافة الإلغاء وسفك الدم، وتملكتنا العقدة من الآخر أو الانبهار به، وعشنا التغرب عن الذات، فإننا لن نتمكن من تحقيق ما نصبوا إليه ونحلم به من الدولة الإسلامية العادلة.
س » هل نوع الأسئلة التي تستلمها عن طريق الإنترنت تختلف عن تلك التي تستلمها مباشرة؟
ج »

  لا أشعر أن نوع الأسئلة مختلف اختلافًا جوهريًا. نعم، قد يتحفظ بعض الناس في طرح مشكلاتهم الخاصة عبر وسائل التواصل خشية أن يُفتضح الأمر، بما لا يتحفظون به في الجلسات المباشرة.

 

س » في ما يتصل بكتب بحار الأنوار والكافي وقرة العيون للكاشاني هل تؤمنون بكل ماورد فيها ؟ وإذا كانت الإجابة لا لماذا لم تحذف الأجزاء التى ترفضونها، لأن الآخرين قد يأخذونها حجة عليكم وضدكم ؟وما معنى أن يُقال أن هذه الكتب ليست لعامة الناس؟ أليس بمقدور العام
ج »

 

أولاً: إن هذه الكتب موجودة ومطبوعة منذ مئات السنين، وهي الآن موجودة على أقراص" السيدي"، ومنشورة على مواقع الإنترنت، ولذا فالحديث عن رفع الأجزاء أو الأحاديث غير الصحيحة منها حديث لا جدوى منه ، أجل يمكن الحديث عن ضرورة تأكيد العلماء على عدم صحة كل ما فيها ، أو وضع كتب لبيان الصحيح منها، وهذا أمر قد فعله الكثير من العلماء، فمعظم العلماء والفقهاء يصرحون بعدم حجية كل ما جاء في الكافي فضلاً عن بحار الأنوار، حتى أنّ المجلسي نفسه صاحب البحار لا يضمن صحة كل ما في كتاب البحار وهو يصرح أحيانا أنه نقل هذا الحديث أو ذاك من كتاب غبر معتبر لديه، كما أنه أي المجلسي قد ألّف كتاباً في شرح الكافي أسماه "مرآة العقول" ويذكر قبل تعليقه على كل خبر من الأخبار ما إذا كان صحيحاً أو ضعيفاً ، ويتضح من خلال تقييم المجلسي لأخبار الكافي أن ما يقرب من تسعة الآف حديث هي ضعيفة وأن الصحيح منها هو بحدود خمسة ألآف فقط ، هذا بالنسبة للكافي الذي هو من أهم الكتب عندنا، أما البحار فالأمر فيه أكثر وضوحاً ،وقد ألف بعض العلماء المعاصرين كتاباً باسم " مشرعة البحار " قيّم فيه أسانيد أحاديث البحار ويتضح من خلال هذا الكتاب أن غالبية أحاديث البحار ضعيفة ولا يعتد بها. 
 
ثانياً: بما أن هذه الكتب تشتمل على الضعيف والصحيح والغث والسمين فلن يتسنى لغير أهل الإختصاص معرفة الحديث الصحيح من الضعيف، لأنّ هذا يحتاج إلى معرفة ودراية بعلم الرجال أو ما يعرف بالجرح والتعديل، وإلى معرفة موازين وشروط حجية الخبر ،وهذا معنى ما يُقال: إن هذه الكتب لا يتسنى لعامة الناس أن يرجعوا إليها، وبهذا القول فإنه لا يُقصد أنّه لا يمكن لأحد أن يصل إلى هذه الكتب،كيف وهي في متناول الجميع، وإنما المقصود : إن رجوع غير أهل الإختصاص إلى هذه الكتب والإعتماد عليها ليس صحيحا ، كما لو أراد شخص أن يرجع إلى المصادر القانونية مع عدم تخصصه في القانون وعدم معرفته بمصطلحاته ،ولذا ينبغي التوجه التوجه إلى ما قُلناه، فنحن لا نريد لأحد أن يدفن رأسه في التراب أو أن يكون كالنعام ،وليست القضية قضية احتكار المعرفة، لكن علينا أن لا نظلم العلم والمعرفة عندما لا نلتزم بضوابط توثيق النص وطرائق فهمه واستكناه معناه، وما أقوله لا يلغي أن تكون بعض الروايات واضحة الضعف ويلوح عليها علامات الوضع للقاصي والداني، ولكن هذا ليس شاملاً لكل الروايات كما هو واضح.
 
ثالثاً: أما أن بعض الناس من المذاهب الأخرى قد يُشكلون علينا بما تتضمنه مثل هذه الكتب،ويأخذونها حجة علينا ، فهذا يمكن الرد عليه ببيان موقف علماء الشيعة من هذه الكتب وذكر أقوالهم، هذا لو كان الطرف الآخر يريد فعلا معرفة الحقيقة، وأما لو كان يريد الجدال وتسجيل النقاط فهذا لا يمكن لنا إقناعه لا لشيء سوى أنه لا يريد الإقتناع ، وبالمناسبة أمثال هذا الشخص موجودون لدى كل المذاهب، على أن منهج تسجيل النقاط يمكن تطبيقه على مختلف المذاهب ، فتراث الجميع يشتمل على الخرافات والأكاذيب، ولذا فليس هناك أحد فوق الغربال، فتعالوا جميعا لنعمل على غربلة هذا التراث وتمييز صحيحه من سقيمه، وفقا للمنهج العلمي وبعيدا عن العصبيات والعواطف.
س » هل تعتقد أن على رجل الدين أن يتجنب السياسة تماماً؟
ج »

إنّ رجل الدين كإنسانٍ، له كامل الحقوق المدنيّة التي يكفلها له القانون كمواطن من المواطنين، ولذا ليس من الصحيح أن يُمنع عن مزاولة الأعمال السياسية، هذا من حيث المبدأ. إلا أننا ومن خلال دراستنا لتجربة رجال الدين الذين دخلوا العمل السياسي، ننصح بأن يبتعد عن القضايا السياسية الضيقة، وعن تسلّم بعض المناصب التي يكون في تسلّمها إساءة إليه أو إلى الخط الذي ينتمي إليه، أو أن يدخل في السياسة دون فقهٍ سياسيٍ ودون وعيٍ بقواعد السياسة، وكذلك فإننا نُحذّر من توظيف الدين في العمل السياسي أو الحزبي الضيق. وأما السياسة في خطوطها العريضة ومبادئها العامة فلا يُمكن لرجل الدين أن يبتعد عنها، لأن الدين نفسه يفرض عليه أن يكون صاحب موقف في ما يتصل بقضايا العدل والظلم وقضايا حقوق الإنسان. إنّ شيخًا أو كاهنًا يرفض اتخاذ موقف من قضايا الاحتلال وقهر الشعوب، إنما يخون رسالة الدين الإسلامي أو المسيحي أو اليهودي، فالرُسُل في رأينا وفي منطق القرآن الكريم، إنما جاؤوا للوقوف في وجه الظالمين والانتصار للمظلومين، ولرفع الصوت في مواجهة الفساد والمُفسدين، قال تعالى لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ]الحديد-25[ ، وقد قال الإمام علي (ع): "إن الله أخذ على العلماء أن لا يُقارّوا على كذّة ظالم ولا على سغبِ مظلوم".

 

س » قال صاحبي : الرسائل العملية .. قلت : ماذا عنها ؟.. قال : 1 كيف تقنعني أن للفقهاء دليلا على كل واحدة من هذه الفتاوى المليونية ؟ .. أستغرب أن توجد كل هذه الفتاوى في القرآن الكريم والسنة الشريفة .. 2 هذه الرسائل العملية - للكثير الكثير مما تحتوي من فتاو
ج »

 

 1) إنّ ما تضمه الرسائل العملية من فتاوى الفقهاء هو في معظمه حصيلة اجتهاد فقهي، وهو يخضع في الاجمال للنقاش وسؤال الدليل من قبل أهل الخبرة، وهذه الفتاوى وإن لم تكن واردة بحذافيرها في الكتاب والسنة، إلاّ أنها مستوحاة منهما، فالكتاب والسنة قد وضعا لنا قواعد عامة وبتطبيقها على مصاديقها سوف نسنتنج عددا كبيرا من الفتاوى الفقهية، فعلى سبيل المثال فإنّ قاعدة: "ما جعل عليكم في الدين من حرج" أو قاعدة: "لا ضرر ولا ضرار" أو غيرهما من القواعد، هي قواعد منصوص عليها في الكتاب أو السنة وهي تشكل مستنداً لمئات الفتاوى والفروع الفقهية.
 
2) أما أن تكون كثرة الفتاوى سبباً لشعور المسلم بأنه عاجز عن أن يكون مؤمناً، فاسمح لي أني لا أوافقك على هذا الرأي، لأنّ المسلم ليس مكلفاً إلاّ بما هو محل ابتلائه من هذه الفتاوى، وما يبتلى به كل واحد من المكلفين من أحكام الرسالة قد لا يتجاوز 10%، فالرجل المسلم – مثلا - ليس معنياً بأحكام المرأة، والعكس صحيح، والإنسان السليم ليس معنياً بأحكام المريض، والعكس صحيح، والمسافر ليس معنياً بأحكام المقيم، والحر ليس معنياً بأحكام العبيد لانتهاء زمن العبودية بحمد الله، والإنسان المطيع لله والملتزم بأحكام الشريعة لا يكون معنياً بأحكام العقوبات، وهكذا فإنّ ما يبتلى به الإنسان من فتاوى في حياته اليومية ليس بالمقدار الذي يجعله عاجزاً عن امتثال التكاليف الشرعية.
س » يُقال إن الله تعالى لا يستحيب بسبب بعض الذنوب: كيف يعرف الإنسان أن دعاءه مقبول عند الله تعالى؟
ج »

ليس هناك ذنب لا يغفره الله إلا الشرك، قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ}، وليس هناك عبدٌ محجوب عن الله إذا أقبَلَ بقلبٍ طاهرٍ وعملٍ صالحٍ {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، ولا ينبغي للعبد يقنط من رحمة الله {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} وأما استجابة الدعاء فهي بيد الله وفق ضوابط وشروط معيّنة، وكذلك فإن عدم الاستجابة له أسباب لا ترتبط دائمًا بكون العبد غير مقبول عند الله، بل ربما كان مقبولا ولكن الله يُقدّر أن من مصلحة العبد عدم تحقيق رغبته التي يدعو بها "ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور" فبعضهم يدعو بالمال أو الولد، وقد يكون المال أو الولد سببًا لانحرافهم، ولهذا دعونا نُقبِل على الدعاء، لأن الدعاء هو راحة الأرواح، ونترك أمر الإجابة إلى الله وتقديره وحكمته، فإن أجاب دعاءنا فله الشكر والحمد، وإن لم يُستجب دعاءنا فأيضًا له الحمد والشكر، فهو الأعلم بما يُفسدنا وبما يُصلحنا.

س » أنا بنت من الشام أحب أن أسألك سؤال اذا ممكن. لماذا رب العالمين اختارنا نحن لنكون في هذا الزمان الصعب؟ وغيرنا من الناس الذين سبقونا عاشوا في الزمان الذي كان فيه الخير والبركة هل لأننا نحن سيئون مثلا؟
ج »

 

 أختي العزيزة ،إن أجدادنا وآباءنا عاشوا أيضاً أوقاتا صعبة وظروفا حياتية قاسية ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن ما نعانيه اليوم ربما كان امتحانا لإيماننا ، والله تعالى يبتلي عباده ليختبر إيمانهم وصبرهم ، ونحن نعلم من خلال ما جاءنا عن رسول الله (ص) وعن أئمة الهدى (ع) أن أكثر الناس ابتلاءا هم الأنبياء والأولياء ثم الأمثل فالأمثل، ولهذا فلا ينبغي لنا أن نعتبر هذه الصعوبات أوالآلام شرا ، " فعسى أن تكرهوا شيء وهو خير لكم "، وإنما علينا في هذا الزمن الصعب أن ننجح في الاختبار وأن نقوم بمسؤلياتنا كاملة وأن نصبر في مواجهة التحديات فعسى أن يكون الفرج قريبا بعون الله ويكون النصر حليفنا بإذن الله ، ولعل هذه الآلام تتمخض عن ولادة النور والعدل المنتظر .
س » كيف نُصور علاقة الإنسان مع الله تعالى علمًا أن ما يُروج في زماننا هي العلاقة التجارية مع الله وأنه جبار متكبر وليس رحيمًا؟
ج »

التصور الإسلامي الصحيح في بيان العلاقة بين الإنسان وربه يقوم على ركيزة أساسية وهي أن الله سبحانه وتعالى هو الغني المطلق بينما الإنسان لديه الكثير من حالات الضعف المادي والروحي، ولذا فهو بحاجة إلى محبة الله ورحمته ولطفه ومدده وعونه، وعليه فمن الطبيعي أن يلجأ إلى الله وأن يندفع إلى محبته لأن الإنسان مجبول على حب من أحسن إليه، وأما بناء هذه العلاقة على أساس تجاري أو ترهيبي بحت، فهو بناء غير صحيح، وقد أوضحنا هذا الأمر بشكل مفصل في "كتاب هل الدين إلا الحب؟" في محور تحت عنوان "دور الحب في العلاقة مع الله"، فليُراجع.

س » هل هذا الحديث صحيح عن النبي ام لا؟؟ بينما النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف ، إذ سمع أعرابياً يقول : يا كريم فقال النبي خلفه : يا كريم فمضى الأعرابي إلى جهة الميزاب وقال : يا كريم فقال النبي خلفه : يا كريم فالتفت الأعرابي إلى النبي وقال : يا صبيح ال
ج »

 

 هذا الحديث لم تثبت صحته ولم نعثر عليه في المصادر المعتبرة عند الفريقين (أي السنة و الشيعة) , بل إن علامات الوضع بادية على هذا الحديث. و إن رحمة الله واسعة بدون أدنى شك, حتى أن عنق إبليس تشرئب يوم القيامة متطلعة إلى سعة رحمته و عظيم عفوه, ولسنا بحاجة في إثبات هذه الرحمة إلى إختلاق الأحاديث المكذوبة.
س » إنّ الجواب الذي تقدمونه لنا إزاء ما يواجهنا من آلآم: أنها ابتلاء من الله وهذا لا يمكن أن يكون صحيحاً دائماً لأن الغرب همومهم أقل من حيث الحياة والمعيشة من هموم المسلمين!
ج »
تعليقاً على كلامكم نقول باختصار:
 أولا: إن الله أراد لهذه الحياة الدنيا أن تسير وفق منطق القوانين " أبى الله أن تجري الأمور إلا بأسبابها"، وليس وفق التدخل الإلهي المباشر، ومن جملة القوانين التي تحكم عالم الدنيا، قانون: "العمل سر النجاح"، وقانون: "العلم أساس التقدم" وقانون: "العدل ملح الأرض وأساس الاستقرار الاجتماعي"، فمن يأخذ بهذه القوانين، فسيكون النجاح حليفه والاستقرار الاجتماعي ملازمًا له، حتى لو كان غير مؤمن بالله تعالى، ومن تخلى عن الأخذ بهذه القوانين سيقى ضحية التخلف ولو كان راكعاً ساجداً طوال عمره.
 ثانياً: إن الابتلاء هو فلسفة دينية تعلمنا كيفية التعامل مع الآلام والمصائب، ولا يعني الابتلاء لا نفي مسؤوليتنا عن تلك المصائب، ولا ترك أخذنا بالأسباب، ولا الاحتياط دون الوقوع في المصائب، فهذا من الفهم الخاطئ لمفهوم الابتلاء، إن مفهوم الابتلاء - بمعنى اختبار الله لنا - يعني أن لا نسقط أمام المصيبة، ولا نتجمد عن النشاط ولا نكف عن التفكير في كيفية الخروج مما يواجهنا من صعوبات، أو ظروف صعبة، وبذلك يكون الابتلاء مفهوما مساهما بشكل إيجابي في تخطي المصائب والصعوبات.
 
س » هل صحيح أن المؤمن مهما كان صالحاً فانه لا ينجو من عذاب القبر و أن العذاب عند الغسل و عند الدفن و ضغطة القبر لا يهونها شيء .؟ هل هناك أعمال خاصة لتفادي هذا العذاب؟
ج »

 

 إن العذاب سواء في القبر أو في غيره ليس تشفيا من الله ولا انتقاما من العباد ، وإنما هو بسبب ارتكاب العبد ما يستوجب العقاب ، فلو كان الانسان مؤمنا صالحا فلا موجب لعقابه لا في القبر ولا في غيره، بل يكون عقابه والحال هذه ظلم، وقد تنزه الله عن الظلم ، وقد دلت بعض الروايات ، على أن الذين يعذبون في القبر هم من محضّ الكفر محضا ، وأن الذين ينعمون في البرزخ هم من محض ّالإيمان محضا أما سائر الناس فيلهى عنهم ويتركون إلى يوم القيامة ، وقد تبنى هذا الرأي الشيخ المفيد وغيره من الأعلام .وأما الأعمال التي يتفادى بها الإنسان عذاب القبر فهي الالتزام بشرع الله ، ونخص بالذكر ضرورة الابتعاد عن سوء الخلق ولا سيما مع الزوجة ورعاية الطهارة ...وغير ذلك مما نصت عليه بعض الروايات .
س » أشعر أن الاتجاه الديني السائد يُضيّق علينا الحياة ما سبّب نفورًا للبعض من الدين، واتجهوا لقراءة المستشرقين.. ما رأيكم؟
ج »

لا داعي للتشاؤم وتصوير الأمور بطريقة سوداوية، فإن كان هناك اتجاه يُقدم الدين والمفاهيم الدينية بطريقة مُنفّرة ويُقدم الشريعة على أنها أغلال تُكبّل حرية الإنسان، فإن في المقابل اتجاها آخر، من نفس الفضاء الديني، يؤكد على رحابة الدين ويُناقش، بل ويرفض، الكثير من الفتاوى التي فيها تقييد غير مبرر لحرية الإنسان، ويعتبر (أعني هذا الاتجاه) أن وظيفة الشعائر والعبادات أن تهذب الإنسان وتمنحه الأمن والاستقرار الروحي والنفسي، فلنعمل على تعزيز هذا الاتجاه والتعريف به وبرموزه بدل أن نستغرق كل وقتنا في ذم الآخرين.

 

س » هل يحاسب الله سبحانه وتعالى على الوسوسه أو التخيلات أو ما تحدث به النفس بعض الأحيان مثلاً مثل الكفر والتحريض على الكره وهي ليست بيدنا هل نحاسب عليها مع العلم اننا نحاول ونصر على الاستغفار واعلان الحرب على النفس وما توسوس لنا به أو هو غضب من الله على
ج »

 

 إنّ الله تعالى وبمقتضى عدله لا يعقل أن يحاسب الناس على ما ليس باختيارهم وما خرج عن اختيارهم، وقد ورد في بعض الأحاديث الشريفة " كل ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر"، وإن الوساوس الطارئة التي يبتلي بها المؤمنون في شأن الخلق والخالق أو بشأن المعاد هي مما يعفى عنها ولا يؤاخذ الله عليها، لأنها وساوس غير اختيارية، والعقل يحكم بقبح المؤاخذة على ما ليس بالإختيار، كما أن هذا الأمر قد نصت عليه الأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي(ص) والأئمة من أهل البيت (ع)، ففي الحديث عن رسول الله (ص): "رفع عن أمتي تسعة: الخطأ .....والتفكير في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة"، والقيد الأخير في الرواية " ما لم ينطق بشفة " يراد به الإشارة الى أن العفو مشروط بعدم الانسياق مع هذه الوساوس أو التلفظ بها .
س » أعاني من مشكلة عدم الالتزام بالصلاة، أتوب أحيانا ثم أنزلق إلى الشهوات، وخاصة أني أحب أن أتكلم كثيرا مع النساء بشكل شهواني، وبصراحة إن سلوك رجال الدين يزيدني بعدًا وكرهًا بالدين..
ج »
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أخي العزيز..
أولا: إن الله ليس بحاجة إلى عبادتنا وإيماننا، بل نحن بحاجة إلى الإيمان والعلاقة مع الله لتستقر نفوسنا وأرواحنا، فقد قال تعالى {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، فإذا أدركت هذه الحقيقة، فإنك تكون وضعت يدك على كنز عظيم، وهو الذي سيُحصّنك لأن معصيتك لله وتركك للعبادة يوجِب جفاءً روحيًا وقلقًا نفسيا ما يجعلك تعيش معاناة داخلية بسبب ذلك، ولذا فالعقل كما الفطرة، يدعوانك إلى أن تعود إلى الله وأن تداوم على العبادة، قال تعالى {الذين هم على صلاتهم دائمون}.
ثانيا: إن حالة القلق التي تعيشها دليل على أن جذوة حب الله لم تنطفئ من قلبك، وعليك أن تعلم أن الله يحبك، حتى في الوقت الذي تسيطر فيه عليك الغريزة، فإن الله تعالى يحب عباده على كل حال ولكنه يبغض أعماله القبيحة، وعندما تكون علاقتنا مع الله قائمة على أساس الحب فعلينا أن نبتعد عن معصيته، فإننا لا يمكن أن ننساق مع غرائزنا وشهواتنا يمينًا ويسارًا، 
ثالثا: أما حديثك عن رجال الدين، فإنني أتفهم قولك، لكن علينا أن نعترف أنه ليس كل رجال الدين هم على الصورة التي ذكرت، فالكثيرون منهم يتحلون بالاتزان والاستقامة والتزاهة، ولذا فلننظر إلى هذا الصنف من علماء الدين ولنرتبط بهم ولنجلس معهم، ونقرأ لهم، ولنترك الباقين إلى الله تعالى.
 
س » إذا رأينا شيخاً سنياً يشتم الشيعة عبر وسائل الإعلام و يدعو عليهم بالدمار, أو رأينا شيخاً شيعياً يتعرض لرمز من رموز السنة أو لبعض الصحابة, فماذا علينا أن نفعل؟؟
ج »

 

 بسم الله الرحمن الرحيم أعتقد أن علينا أن لا نساهم في نشر كلام الفتنة لأن ذلك من إشاعة الفاحشة المنهي عنها في القرآن الكريم ,قال الله سبحانه و تعالى :"إن الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة و الله يعلم و أنتم لا تعلمون" ، هذا من جهة ومن جهة إخرى فإن علينا أن نصر على خطاب الوحدة ورص الصف وحفظ وحدة الأمة ونعمل على أن نخاطب العقل والوجدان في مقابل الخطاب الغرائزي الفتنوي الذي يتحرك به شيوخ الفتنة .
س » كيف يحاسب عند ربنا يوم القيامة من هو غير مسلم و لم يكن يعلم من ديننا شيء هل يحاسب مثلنا نحن المسلمون؟
ج »

 

 أخي العزيز : ورد في الحديث الشريف " أن لله على الناس حجتين : حجة باطنة، وهي العقول، وحجة ظاهرة، وهم الأنبياء والرسل " والحساب يوم القيامة يكون على أساس هاتين الحجتين ، فمن افتقد العقل فلا حساب عليه ، وكذلك من لم تصله رسالة السماء ، فإنه يحاسب على أساس عقله الفطري ، فإن العقل يدرك قبح كثير من الأشياء ،كما يدرك حسن بعضها ، فإن خالف ما يحكم به العقل فإنه يحاسب على ذلك ، وأما بالنسبة لغير المسلم فإنه إذا لم تقم عليه الحجة بدين الإسلام فلا يحاسب ولا يعاقب على عدم اتباعه ، لأن الله يقول : " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " .. وأدعوك أخي الكريم إلى مطالعة ما كتبته حول هذا الموضوع في كتاب " هل الجنة للمسلمين وحدهم ؟"
س » احدى صديقاتي دائما يتردد على ذهنها اسئلة من قبيل لم اوجدنا الله وان كان لا يحتاجنا فلم خلقنا ؟ وما الداعي اصلا من هذا الوجود كله ؟ ودائما تعاني من الضعف الروحي والاقبال على المولى فهي تقول اني اتمنى ان اصلي اشتياقا وحبا وانما كل صلاتي واعمالي الحسنة
ج »

 

 
إن سؤال :"لماذا خلقنا الله ؟ " هو سؤال قديم طرحه الكثيرون من الناس وبعضهم يطرحه على نفسه كسؤال داخلي، ونحن قد لا نستطيع في هذا المقام تقديم إجابة مسهبة ولكننا نحاول أن نقدم إجابة مختصرة عليه عسى أن تكون نافعة، فنقول وبالله المستعان :
أولا : إنّ علينا أن لا نتخوف من هذه الأسئلة التي ترد على خاطرنا كأسئلة داخلية ، فهذه الأسئلة لا تتنافى والايمان ، لأنها أسئلة ترد على ذهن كل إنسان ، وقد سئل النبي (ص) عنها فقال : إنّ ذلك محض الإيمان ، لكن علينا أن لا نستسلم لهذه الأسئلة بل لا بد من متابعتها بالبحث والسؤال .
ثانيا: في الإجابة على السؤال "لماذا خلقنا الله؟" نقول : إن الله لم يخلقنا من موقع نقص عنده أو ا لحاجته إلينا كيف وهو الغني عن العالمين،وإنما خلق الخلق جميعا من الإنس والجن والملائكة، لأنه سبحانه أهل الفيض المطلق والخير المحض وهوأهل الجود والكرم، ولتقريب الفكرة نقول أرأيتم لو أنّ إنسانا لديه قدرة على نفع عباد الله وإيصال الخير إليهم ولكنه لم يوظف هذه القدرة في هذا السبيل ألا يعدّ بخيلا بنظرنا ، كذلك هو الله فهو الكمال والفيض والرحمة المطلقة ومن موقع لطفه هذا خلق الخلق ، ولو أن سبحانه لم يخلق الخلق لورد الإشكال حينئذ عليه بأنك قادر على الفيض فلم لا تفيض ؟! 
ثم إنه تعالى خلقنا لا للعذاب ولا للشقاء ولا للجحيم والنيران بل خلقنا للرحمة ،قال تعالى : " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم "، أي للرحمة خلقهم، لنسير في خط التكامل ونصل إالى معدن العظمة ، حيث رضوان الله ورحمته الواسعة وفضله العميم .
ثالثا : إن العبد ليصل إلى مرحلة عبادة الأحرار والتي عنوانها " إلهي ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوما من عقابك ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك " و هذا أمر ليس بالسهل فهو يحتاج إلى مجاهدة دائمة للنفس لتصل إلى ملرحلة اليقين ، ولكن إذا أردنا أن تكون علاقتنا بالله مبنية على أٍساس الحب لا على اٍساس الخوف فما علينا إلا أن نتأمل بألطاف الله التي تحف بنا وهي نعم لا تعد ولا تحصى، يكفيك أننا نعصيه وهو يستر علينا ، أننا نتكبر عليه وهو يحلم بنا ، اننا نأكل من رزقه ولا نشكره ومع ذلك فهو لا يقطع رزقه عنا ، بل ينادينا تعالوا إلي أيها العصاة فإني أحبكم جميعا ، فإنه يحب التوابين ويحب المتطهرين .
س » بعد انتهاء معركة بدر أمر الرسول (ص) بإلقاء قتلى الكفار في البئر دون دفنهم، هنا البعض يعترض ويقول أن هذا مخالف للإنسانية، ما رأيكم؟
ج »

الذي ينافي القيم الإنسانية هو التنكيل بجثث الأعداء، من قبيل جدع الأنوف أو تقطيع الأوصال أو بتر الأعضاء أو نحو ذلك وهذا ما لم يفعله النبي وحاشا أن يفعله وهو القائل "إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور"، وعليه يبقى النبي(ص) – وبعد استبعاد خيار إعطاء الجثث لذويها، بسبب أنهم كانوا قد انسحبوا من المعركة وفرّوا هاربين، فلا مجال للوصول إليهم - أمام خيارين، إما تركهم في العراء مما يؤدي إلى تحلل الجثث وانبعاث الروائح وقد تنهشها السباع وهذا غير مناسب، وإما دفنهم بطريقة أو بأخرى، وهذا ما فعله النبي، فإن إلقائهم في الجب هو نوع دفن لتلك الجثث، وليس فيه هتك لهم.

س » مشكلتي هي أمي. فهي أسلمت لكني عجزت أن أجعلها تصلي الفرائض. فإني حاولت.. فهل أتركها أم أكمل وأدعوها لأن تصلي، مع أني كذا مرة قلت لها تعالي وصلي معي فلن اقرأ التعقيبات لتملي وتتأخري لكن دون جدوى وأبي ليس شديدا ولا من النوع الذي ينصح في أي شي. فأحس أنه
ج »

 

أختي العزيزة لا شك أنّ أمك كما أباك هما من مسؤليتك والله تعالى يقول " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة "،وقد يسقط الواجب عنك بدعوتها إلى الصلاة وتحذيرها من مغبة تركها، ولكن من الرفق بالوالدين والحب لهما - في حال لم يكونوا من الملتزمين دينيا - أن نسعى باستمرار إلى دعوتها إلى الصلاة والصيام وغيرهما من الواجبات وأن ننهاهما عن المنكر ، وهذا يعبر عن حبنا وإخلاصنا لهما ، لأن ّ من يحب شخصا فمن الطبيعي أن يحب له الخير ويكره له العذاب والشقاء، وليس بعد عذاب النار عذاب،ولا بعد شقاء الأبد شقاء.
ولكن عليك أن تستخدمي أسلوبا لينا في دعوة أمك إلى ما تؤمنين به، لأنها أولا أم، وحق الأم كبير وعظيم " ولا تقل لهما أف "، وقد أمرنا الله بالإحسان إليها "وبالوالدين إحسانا "، وثانيا : لأن أسلوب الدعوة الصحيح والناجع والمؤثر هو أسلوب اللين والرفق، وقد علّم الله تعالى موسى وهارون أن يذهبا إلى فرعون وهو الطاغية السفاح وأن يدعواه إلى طريق الإيمان بالله بأسلوب الرفق ، فقال تعالى :" إذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى " .
ومن المفترض بنا أن نستخدم أساليب محببة ومشوقة في الدعوة إلى الله،ونبتعد عن أساليب القسوة والعنف ، فالنبي (ص) يقول فيما روي عنه :" بشروا ولا تنفروا يسروا ولا تعسروا "
س » سلام عليكم عندي سؤال لدي ابتلاء بأني اتمنى السوء لبعض الأشخاص وانا أحارب هذا الشعور وأدعو الله كثيرًا بأن يصلح قلبي وينزع الغل منه وأدعو بالتوبة فهل يحاسبني الله ويعاقبني؟
ج »

لا بد أن تُواصلي تهذيبك لنفسك وسعيك في أن تتمنين الخير للآخرين، ولا ضير أن تتمني لنفسك من الخير مثل ما عندهم أو مثل ما أعطاهم الله، وأما أن تتمني نزع الخير من الآخرين، فهذا هو الحسد المذموم الذي لا بد أن نستعيذ بالله منه ونعمل على ترويض النفس لتخليصها من آثاره، ولكن مع ذلك، فإن هذا الأمر إذا بقي مجرد شعور في النفس ولم يُترجم بعملٍ حسّيٍ ضد الآخر أو بكلامٍ يُسيء فيه إلى للآخر فلا يُعاقب عليه الإنسان عند الله تعالى طبقًا لما جاء في الأحاديث الشريفة، ومنها الحديث المعروف ب"حديث الرفع"، والذي تضمن في إحدى فقراته أن الله قد رفع عن هذه الأمة الحسد ما لم ينطق الإنسان الحاسد بشفة، أي ما لم يتكلّم ضد الآخر معبّرًا عن ما يجيش في نفسه من حسد.

س » السلام عليكم اود اولا ان أخبرك باني بنت من اب عربي وأم أوربية لم اتربى في بيئة اسلامية وطبعا رفض أهلي لامي كان جزء من السبب. أحاول الان ان اكون متدينة لكن ينقصني معلومات عن آل البيت. فقط اود معرفة الجواب على سؤال يحيرني في الحسينيات وهو : لماذا فضل
ج »

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 
فيما يتصل بالسؤال الأول ،فالذي نعتقده أن الله سبحانه من موقع حكمته وعدالته فهو لا يفضل أحدا على أحد اعتباطا أو عبثا، لأنه تعالى منزه عن اللغو والعبث في كل أفعاله وأقواله، وإنما هناك سبب معقول يقتضي التفضيل الأزلي ، والسبب المعقول للتفضيل هو علمه القديم تعالى بأن الأنبياء وكذا الأئمة (ع) سوف يكونون باختيارهم وإرادتهم أقرب خلق الله إلى الأخذ بقوانين الفطرة وتعاليم السماء،وأنهم الأقدر على تحمل صعوبات الحياة والأكثر صبرا على النوائب ... فلهذا خصهم تعالى بكرامة النبوة أو الإمامة دون سواهم ،ونحن لا ينقصنا شيء لنفترب منهم، ومن مقامهم السامي ، فنحن في أصل الخلقة نشترك مع الأنبياء والأئمة (ع) في الفطرة والتكوين والطبايع والملكات والغرائز وكذلك المؤهلات والقدرات، ما يمكننا من الرقي في سلم الكمال إلى النهاية. وهذا يحتاج إلى جد واجتهاد ومجاهدة للنفس الأمارة بالسوء يقول الإمام أمير المؤمنين (ع) :" إنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر وتثبت على جوانب المزلق " . 
وأما فيما يتصل بالسيؤال الثاني ، فلا شك أن بإمكاننا أن ننجو من النار وعذابها ، من خلال قيامنا بمسؤلياتنا الملقاة على عاتقنا ، ولا ينبغي لنا أن نعيش اليأس من روح الله، فهذا اليأس هو من كبائر الذنوب ، فرحمة الله واسعة،وقد شملت كل شيء ، وهي أكبر مما نتخيل واعظم مما نتوهم، " إن لله رحمة تشرئب لها عنق إبليس " والله سبحانه قد فتح أبواب الجنان أمام عباده ولا سيما في شهر رمضان والشقي هو من يحرم غفرانه وتعالى في هذا الشهر .
إن الخوف من النار ويوم الحساب هو علامة إيجابية ودليل إيمان، فالمؤمن ينبغي أن لا يعيش الأمن من مكر الله ، لكن هذا الخوف في الحقيقة ينبغي أن يدفعنا إلى مراقبة أنفسنا وأفعالنا لنصحح الخطأ ونستدرك ما نقص قبل فوات الأوان،والحقبقة فإن مصدر القلق والخوف هو تقصيرنا في أعمالنا وليس الله سبحانه، ولم نخاف من الله ؟ ، إنا نخاف من الظالم، والله هو العدل المطلق . إننا نخاف من الناقص والله هو الكمال المطلق .. كيف نخافه وهو الرحمن الرحيم ؟! فإذا كنا خائفين فسبب ما جنته أيدينا واحتطبنا على ظهورنا ، ولكن الفرصة لم تفت، فأبواب الجنان مفتوحة وأيدي الشياطين مغلولة فلنغتنم الفرصة ولنسارع إلى مغفرة من ربنا وجنة عرضها كعرض السماوات والأرض.
 
س » ما هو علم الجفر وهل قد ثبت أنه للامام علي (ع) وان كان له هل هو موجود الان كما يدعي الناس ام انه مخفي؟
ج »

 

 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الجفر كما قيل :علم يبحث فيه عن الحروف من حيث دلالتها على أحداث العالم ، ( وسمي بالجفر، لأن الصحيفة التي كانت تستخدم لكتابة الحروف عليها أو التي سجلت عليها أصول هذا العلم مأخوذة من جلد الماعز، والجفر هو من أولاد الماعز ما بلغ أربعة أشهر ) ، لكنّ هذا العلم - كما هو الحال في علم الرمل - لم تثبت صحته، ولا كونه طريقا لمعرفة الغائبات، ولذا فالأخذ به والاعتماد عليه هو من اتباع الظن الذي نهى عنه القرآن الكريم ، قال تعالى : " ولا تقف ما ليس لك به علم .." ، أجل ورد في بعض الروايات أن الأئمة (ع) كان لديهم كتاب الجفر وكذلك الجامعة ومصحف فاطمة ،لكن هذه الكتب كانت عند الأئمة (ع) يتوارثونه فيما بينهم ولم تصل إلى أحد من الناس، وظاهر الأخبار - كما يقول السيد محسن الأمين - أن هذه الكتب تتضمن أحكام الشريعة وعلوم الدين ونحو ذلك، وأمّا ما هو منشور بين الناس باسم كتاب الجفر منسوبا إلى الإمام علي (ع) فليس صحيحا ولا يعول عليه أبدا.
س » أشعر بأني متمايزة عن الأخرين بعلمي وجمالي وهذا الأمر يدفعني الى احتقار الاخرين وهو ما يسبب لي صراع داخلي مع نفسي.فما السبيل للخروج من هذا المأزق.
ج »

 

 
أختي الكريمة إن إحساسك بالمشكلة وسعيك للخروج منها يشكل خطوة أساسية على طريق الحل، والخطوة الأخرى هي الاستمرار في تأنيب النفس وتهذيبها من خلال استحضار عظمة الله ووصايا النبي (ص) والأئمة (ع) واقناعها بقيمة التواضع ، وأن القيمة الحقيقية ليست في الجمال الجسدي بل في الجمال الروحي المتمثل بالقرب من الله تعالى، و علينا أن نحدث النفس على الدوام بأنّ الانسان كلما ازداد علما أو تقى فلا بد أن يزداد تواضعا وحبا للناس واحتراما لهم، وأما الانتفاخ في الشخصية والاستعلاء على الآخرين فهو حالة مرضية ويعبر عن عقدة نفسية غير صحية، وأنصحك أختي الكريمة أن لا تستغرقي في النظر إلى نفسك أو المقارنة بين نفسك وبين من حولك من الناس، بل حاولي أن تنظري إلى من هو أعلى منك علما وإيمانا وما أكثرهم، وحاولي أيضا أن لا تحدقي بنقاط الضعف عند الآخرين بل أنظري إلى الجانب الجميل عندهم، وبالتأكيد لو أنك نظرت إلى الآخرين نظرة موضوعية متوازنة فإنك سوف تكتشفين أن لدى الآخرين شيئا جميلا يمكن أن يرفع منزلتهم عندك ويمنحك شعورا بالتواضع..
س » هل صح عن رسول الله صلوات عليه واله انه جمع كل رجال اليهود وفتيانهم وامر بقتلهم جميعا لانهم خانوا عهدهم معه اعرف ان القصة مشهورة ولاكن ماذا عن صحتها
ج »

ورد ذلك في بعض المصادر التاريخية، بيد أن الأمر في اعتقادي ليس من الثوابت التي لا يرقى إليها الشك، فهو يحتاج إلى تثبت وتدقيق، والشهرة في هذا المجال كما في غيره لا تصلح قاعدة عامة في إثبات الحقائق التاريخية، فربّ مشهور لا أصل له، ولا سيما أن هذا المجال قد شابه الكثير من المبالغات والمزاعم غير الدقيقة.

/p

س » ما هو تصرف و حكم من دخل على زوجته ووجدها على فراشه مع رجل آخر في حالة موبقة وزنا والعياذ بالله؟
ج »

جواب: أولا: لا شك أن وطأة هذا الأمر ثقيلة على النفوس الغيورة، ولكن مع ذلك فلا يحق للزوج أن يقدم على قتل زوجته أو قتل الرجل الذي وجده معها على تلك الحال، لأن إقامة الحد هي بيد الحاكم الشرعي، ولا يناط بيد الأفراد، ولا سيما أن بعض الرجال قد يقدم على قتل زوجته لسبب ما ثم يزعم أنه وجدها تزني. هذا وفقا لجمع من الفقهاء .

ثانيا: لو أنه أقدم على قتلها أو قتلهما معا فإنه يستحق القصاص شرعا، وقد ورد في الحديث الصحيح عن الإمام الصادق (ع): "سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله قالوا لسعد بن عبادة، يا سعد أرأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلا " ما كنت تصنع به؟ فقال: كنت أضربه بالسيف.
قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ماذا يا سعد؟ فقال سعد: قالوا لي: لو وجدت على بطن امرأتك رجلا" ما كنت تفعل به؟ فقلت: كنت أضربه بالسيف، فقال: يا سعد فكيف بالشهود الأربعة؟ فقال: يا رسول الله بعد رأي عيني وعلم الله أنه قد فعل؟ فقال: نعم، لأن الله قد جعل لكل شئ حدا "، وجعل على من تعدى الحد حدا".

ثالثا: إن أفضل سبيل في التعامل مع هذه المرأة - في حال كان هذا الرجل لا يستطيع الانسجام معها أو أن ينسى ما فعلت - أن يُسرّحها بالطلاق، ولا يدع غضبه يسيطر عليه ويتجاوز حدود الله، وننصحه أن يتجنب لغة التشهير العام بها والسعي إلى فضحها ولا سيما إذا كانت أمًا لأبنائه. والله الموفق

 

س » ان الجميع يعلم حقيقة العدائية الانسانية منذ ان وجد هابيل وقابيل حتى وقتنا الحاضر..وان الشر المكنون في اعماقنا النفسية والتاريخية ليس نتاج انساني او صناعة بشرية بل هي ميول فطرنا عليها منذ آدمنا وحوائنا الى وقتنا الراهن وستبقى كذلك الى نهاية العالم.!!
ج »

لا يمكنني أن أفهم هذه الميول الفطرية الشريرة أو النزعات العدوانية التي تعتمل بداخلنا على أنها قدر لا مفر لنا منه أو أننا عاجزون أمامها أو منقادون لها بشكل يسلبنا حرية الإختيار التام ، والدليل على ذلك أن بعضاً منا قد استطاع أن ينتصر على نزعة الشر لديه ويقهر شيطان النفس والهوى ويسمو في أفق التسامح ويحلق في عالم الحب والرحمة، والشاهد الآخر على صوابية ما أعتقده هو "مثل قابيل وهابيل "الذي اشتشهدتَ به، فلئن انتصرت لدى قابيل نرعته العدائية، فسولّت له نفسه قتل أخيه، فقتله وكان من الآثمين، فقد سبقتها في الانتصار نزعة الخير و فطرة التسامح لدى هابيل الذي رفض قتل أخيه، وقال لأخيه كلمته الخالدة:{لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمي،}( سورة المائدة 28) ، وأقولها بكل تأكيد وثقة: إنّ علينا أن لا نعيش الإحباط ولا نسمح لليأس أن يقتلنا أو يمنعنا من أن نبدأ رحلة التغيير سواءً على مستوى الواقع الاجتماعي العام أو على مستوى أنفسنا، فاليأس دليل العجز وشعار الكسالى وسمة الفاشلين، وفي أضعف الإيمان فإنّ بإمكاننا أن نخفف من نزعة الشر الكامنة فينا إن لم نستطع التغلب عليها بشكل كامل، ولذا لا تراني منسجماً مع أبي الطيب المتنبي في قوله: " والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم".

س » أنا شاب أعيش في الغرب، أرغب في طلب العلم الديني فماذا تنصحني؟!
ج »

أخي الكريم إن طلب العلم لا عمر له فيمكنك طلب العلم في أي مرحلة من عمرك ،وما أنصحك به بحسب ظروفك هو أن تصبر في رحلة العلم والتعلم وتتواضع في هذا المجال، فقد حدثنا القرآن أن نبيا من أنبياء الله وهو موسى بن عمران لما وجد " عبدا من عبادنا " يملك علما لا يملكه لم يتردد في الطلب إليه أن يقبله تلميذا في مدرسته "هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا" وقبل العبد الصالح ذلك ومشى معه موسى في رحلة طويلة ملؤها الدروس والعبر. وعليك من جهة أخرى أن تعطي العلم من وقتك ما استطعت وما أمكنك ليعطيك العلم شيئا من كنوزه ، على أن تكون قراءتك في الكتب قراءة وعي وتدبر لا قراءة تعبد وانقياد أعمى لمن تقرأ له ، فعقلك لا بد أن يبقى فاعلا متحركا ولا يتجمد امام عقل الاستاذ مهما كان عظيما ومبدعا، ومن جهة  ثالثة فإن طلب العلم لا بد ان يترافق مع تزكية النفس وتهذيبها " يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة" ، وإن طلب العلم إن لم يترافق مع مجاهدة النفس فإنه قد يتحول إلى وبال على صاحبه وحجاب يحجبه عن الوصول إلى الحق تعالى وهو المقصد ورضاه هو غاية المنى، وما أكثر العلماء الذين زلت بهم القدم وتغلب عليهم العجب فأحبط أعمالهم أو تملكهم التكبر فأسقطهم في مكان سحيق فخسروا الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين ..

س » في مجتمع تكون حكومته غير اسلامية مجتمع تحكمه الفاقة والعوز والحرمان كما هو حال الكثير تضطر النساء والعياذ بالله الى ممارسة الفاحشة لكسب قوتها . اذا عثر عليها وهي بهذه الحال هل يقام عليها الحد سواء كان محصنة او غير محصنة؟؟
ج »

أولاً : لا بد أن نشير إلى أن المرأة العفيفة وذات الإرادة لا يمكن أن تنجرف وتحت ضغط العوز والحاجة إلى سوق الرذيلة بل عليها أن تتحصن بالعفة والشرف وأن تقف في وجه كل الذين يستغلون حاجتها وفقرها ، بل إن واجب الأمة الإسلامية جمعاء أن تتحمل مسؤليتها في تأمين احتياجات الفقراء والمساكين لكي لا يضطر أحد إلى اللجوء إلى الممارسات الشائنة لتأمين لقنم العيش الكريم، كما أن من واجب السلطة الشرعية أن تضرب بيد من حديد وتمنع المتاجرة بالنساء واستغلالهن.
ثانياً: إذا كانت المجتمعات غير إسلامية كما هو مفروض السؤال فلا معنى من الناحية العملية للحديث عن إقامة الحد لأن الحدود إنما تقام في ظل وجود سلطة إسلامية ولو مجتمعية، ولا يتولى إقامة الحد آحاد الناس ولا سيما أن الأمر يفرض التثبت والتحقق من شروط وظوابط إقامة الحد.
ثالثاً: إذا فرض أن المرأة اضطرت إلى ارتكاب الفاحشة لأجل أن تقيت نفسها وتدفع عن نفسها خطر الهلاك ولم يكن لديه سبيل آخر لدفع الضرورة فيسقط عنها التكليف بحرمة الزنا ، لأنه ما من شيء حرمه الله إلا وأحله لمن اضطر إليه، والظاهر أن الحد يسقط عنها أيضاً، وهذا ما يستفاد من بعض الأحاديث الواردة عن أمير المؤمنين (ع) بشأن امراة في البادية كادت أن تموت من العطش وكان بيد أحد الأشخاص ماءً ورفض أن يسقيها منه حتى تمكنه من نفسها ففعلت فرفع (ع) عنها الحد.

س » هل یمکن تشکیل الحشد الاسلامی و جیش تحریر فلسطین من زوار ابی عبدالله الحسین (ع)؟
ج »

أعتقد أن من أهم مسؤوليات قادة الأمة وعلمائها وأهل الوعي فيها أن يستثمروا هذه التظاهرة المليونية لتشكيل جيشٍ باسم الإمام الحسين (ع) وهو جيش الحق ضد الباطل، فإن الأمة التي تعطينا، خلال هذه الأربعين يومًا بدءًا من أول محرم وحتى العشرين من صفر، عقلها وعواطفها وإمكاناتها المادية والجسدية تُحمّلنا مسؤولية كبرى وعلينا أن نكون على قدر هذه الأمانة والمسؤولية، وبذلك نكون ممن يحيى بالحسين (ع) ويُحوّل إحياء ثورته إلى فعلٍ ثوريّ تغييريّ، فالحسين لم يستشهد لنبكي عليه أو لنزوره، وإنما استشهد لإحقاق الحق وتغيير واقع الأمّة، وقد قالها (ع): "وأنا أحقّ من غيّر". وعليه فالحسيني في هذا الزمن هو من يتحرك في خط التغيير والثورة ضد الظالمين والفاسدين.

س » مولانا هناك في مفاتيح الجنان قسم يعنى بأعمال عيد النوروز و حسب علمي هذا العيد هو غير إسلامي و كان موجودا لدى الفرس قبل الإسلام بكثير أرجو التوضيح و شكرا
ج »


وردت روايات غير صحيحة تعظّم من شأن عيد النوروز وتجعله من أفضل الأيام والأعياد, وهو ليس من الأعياد الإسلامية التي ثبتت شرعيتها وورد في بعض الروايات عن الامام الكاظم (ع) ما ينفي شرعية هذا العيد. نعم ورد في بعض الروايات استحباب بعض الأعمال العبادية في يوم النوروز ويفتي بعض الفقهاء بما جاء في هذه الروايات استناداً إلى قاعدة التسامح في أدلة السنن.

س » شيخنا كثيراً ما يرسل إلينا بعض الناس رسائل تتضمن بعض الأذكار والتسبيحات ويدعوننا إلى نشرها عشر مرات أو مئة مرة... فما هو واجبنا اتجاه ذلك؟
ج »

 إنّ ذكر الله حسن على كل حال ولكن لا يلزمنا نشر أمثال هذه الرسائل، وإنّنا ننصح بعدم تكلف إرسالها ولا سيما ما يتضمن منها تحديد أرقام معينة أو عدداً معيناً ممن ينبغي إرسال الرسائل إليهم أو ما يتضمن تهديداً أو وعيداً في حال عدم نشرها مع أنّه قد لا يكون لهذا التهديد أو الوعيد أساس من الصحة، بل إن ّإرسالها في هذه الحالة مع إيهام الناس بضرورة نشرها وتخويفهم في حال عدم إرسالها لا يخلو من محذور شرعي وفيه نوع من ممارسة التلاعب بأعصاب الناس غير المبرر شرعاً.

س » ماهو تعلیقک عن اننا کمحور المقاومه تحت ظل و فی مخیم اباعبدالله الحسین؟ هل مستكبري العالم هم یزید الزمن؟
ج »

كما أن الحسين (ع) هو نهج ومدرسة، فإن يزيد أيضًا هو نهج وليس فردًا، وهذا ما تشي به عبارة الإمام الحسين عند حديثه عن رفض بيعة يزيد، فهو لم يقل: "وأنا لا أبايع يزيد"، وإنما قال: "ومثلي لا يُبايع مثله". وبناءً عليه، فإن ما يفعله الظالمون في حق شعوبنا المضطهدة والمستضعفة هو عملٌ يزيديٌّ، ومن لم يشعر بأن الظلمة في زماننا، من إسرائيل وقوى الاستكبار والاستبداد، يمثلون يزيد العصر، فعليه أن يعيد قراءة الحسين(ع) جيدًا وأن يعي أسباب ثورته ونهضته.

س » سؤال بالنسبة إلى السجود على ما يسمى السجدة أو أي شئ اخر ما الدليل الشرعي و العقلي على وجوب السجود على هكذا أمور سجدة ورقة كلينكس ....و هل السجود هو أمر مادي أم معنوي فالسجود هو لله يعني لماذا السجود على سجادة فيه مشكلة و هي من خلق الله أيضا بواسطة ال
ج »


 السجود هو حالة جسدية مادية تختزن معنى روحياً باعتباره مظهراً من مظاهر العبودية لله بل إنه يعبّر عن أكثر حالات الخضوع والتذلل لله, ولاشك أن وضع الجبهة على الأرض_تراباً أو صخراً أو رملاً أو شجراً_ هو أكثر انسجاماً مع حالة السجود بما تختزنه وتمثله من معنى الخضوع,فلا شك أن من يضع جبهته على التراب إطاعة لله ليس كمن يضعها على السجاد الوثير, هذا من جهة. ومن جهة أخرى فقد ورد في الحديث عن النبي محمد (ص):"جُعلت ليَ الأرض مسجداً وطَهورأً", والارض هي ما ذكرناه, أما السجاد ونحوه من القماش فليس أرضاً,وأما الورق فيجوز السجود عليه باعتباره مشتقاً من الخشب, والخشب مما يجوز السجود عليه لأنه مأخوذ من الارض, كما أن الحديث عن الأئمة من أهل البيت أنه يجوز السجود على الأرض وما أنبتت من غير المأكول أو الملبوس, والسجاد كما هو واضح من جنس الملبوس.وأما تخصيص الجبهة بوضعها على التراب أو نحوه دون سائر مواضع السجود, فباعتبار أن الجبهة هي مظهر كرامة الانسان وعزته فيضعها الانسان على الارض تعبيراً عن تذلله لله بأشرف عضو لديه وهو وجهه.

س » دار حديث بيني وبين احد الاخوة حول حرمة الاتجار بالمخدرات وكان يقول بعدم وجود نص صريح بذلك وانما الحرمة من باب ثانوي (الضرر المعتد به)اما المخدرات في حد ذاتها فهي من الاشياء ذات الاستعمال المشترك لذلك هو يقوم بحكم وظيفته كمحامي بالفاع عن تجار المخدرات
ج »

إنّ الإتجار بالمخدرات محرم شرعاً بكل تأكيد بلحاظ مضار المخدرات ومفاسدها الصحيّة والاجتماعية والأخلاقية، صحيح أنّ المخدرات قد تستخدم لأغراض طبية ولكن هذا لا يبرر زرعها والإتجار به إلّا في نطاق خاص ومحدود جداً، وهو المجال الطبي الذي يقع تحت إشراف جهات حكومية أو خاصة موثوقة ومأمونة، ولهذا ليس هناك مسوغ أخلاقي أمام المحامي ليعمل على تبرئة تاجر المخدرات إذا كان هذا التاجر يُسوِق هذه المادة بين عامة الناس أو يبيعها لعصابات المخدرات وتجار الموت، لأنّ هذ العمل هو عمل جرمي ونستطيع القول إنّ تاجر المخدرات هو أعظم جرماً من المدمن عليها، لأنّ المدمن هو إنسان مريض وبحاجة إلى علاج أما التاجر فقد ينطبق عليه عنوان الإفساد في الأرض وهو مسؤول أو شريك في كل هذه الآفات والجرائم التي يقع فيها المدمنون أو ترتكبها عصابات الإتجار بالمخدرات.

س » هل التنويم المغناطيسي جائز؟
ج »

إذا لم يكن فيه تصرف إيذائي للآخر أو تنويم من دون إذنه، فلا مانع منه.

س » هل التنويم المغناطيسي جائز؟
ج »

إذا لم يكن فيه تصرف إيذائي للآخر أو تنويم من دون إذنه، فلا مانع منه.

س » سمعت قولاً لا أعرف مدى صحته وهو أن النبي واهل البيت (صلوات الله عليهم احياء) ويسمعون نداء من يناديهم ويطلبون العون من الله لطالب الحاجة منهم. هل هذا صحيح وما يوجد من اثر في ذلك؟
ج »
 
 إن كون النبي (ص) والأئمة من أهل البيت(ع) أحياء عند ربهم هو رأي معروف ولا شك فيه وتدل عليه الأدلة المختلفة، وقد حدثنا القرآن الكريم أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، والمعصومون ليس أقل رتبة من الشهداء، فضلا عن أن بعضهم من سادة الشهداء .. وأما أنهم (ع) يسمعون خطابنا أو أن الله ينقل إليهم تحياتنا وسلامنا فذاك وارد في بعض الروايات، والزيارات " أشهد أنكم تسمعون كلامي وتروني مقامي"، بل إن بعض الروايات تشير إلى أن موتى المؤمنين العاديين تطوف أرواحهم بالقرب من أهاليهم طالبة منهم أن يذكروهم بالخير من صدقة أو دعاء أو نحو ذلك ، وقد ورد في العديد من روايات الأئمة من أهل البيت (ع) أنّ ما نعمله من أعمال الخير والبر للميت ونهدي ثوابه إليه فإنّ الله ينفعه به، وهذا من لطف الله ورحمته بعباده، أما أن النبي (ص) أو الأئمة (ع) بعد موتهم يطلبون من الله قضاء حوائج المحتاجين فهذا مع أنّه أمر ممكن وليس بعزيز على الله ولا سيما أننا قلنا بأن الله يبلغهم كلامنا وسلامنا إلا أنني لم أجد دليلاً يدل عليه، أجل قد يقال: إنّ قوله تعالى { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً } شامل لما بعد رحيله عن هذه الدنيا، والله العالم.
س » هل يجوز لنا شرعاً أن نلعن اليهود قاطبة بأن نقول: "اللعنة على اليهود"، ونضع هذه الجملة ضمن شعار خاص يُردد علانية، مع ما هو معلوم من وجود يهود يقفون ضد الصهيونية العالمية، ويجاهرون بعدائهم للكيان المحتل، ودعمهم للشعب الفلسطيني المظلوم؟
ج »
أولاً: ما ورد في القرآن الكريم إنّما هو لعن اليهود على أعمالهم القبيحة، وأفعالهم السيئة، قال تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم} وقال: {بل لعنهم الله بكفرهم}، ولم يرد في القرآن الكريم بحقهم لعن مطلق.
ثانياً: إنّ اللعن هو الطرد من رحمة الله، ولا شك أن بعض اليهود يستحق الطرد من رحمته تعالى، وهم القتلة والمجرمون والعالمون الجاحدون، لكن بعضهم الآخر لا يستحق اللعن والطرد من رحمته تعالى، كالأطفال ومن لم تقم عليهم الحجة بسبب قصورهم، ولذا فلا مبرر للعن هؤلاء. 
 
س » الى متى سيظل علماؤنا ينتظرون حتى يدرسوا الروايات التي تتعلق بظهور الامام ليميزوا الصحيح من غير الصحيح أي ليقوموا بتصفية للروايات؟
ج »

 أختي الكريمة، إنّ ما تطرحينه حول ضرورة تصدي العلماء لغربلة تراثنا الروائي وبيان الغث من السقيم هو مطلب محق وصحيح، بل هو ضرورة دينية، وإن كان اختلاف المباني الرجالية في التوثيق والجرح قد يعقد الأمر على عامة الناس، بيدّ أنّ هناك قواسم مشتركة بين كافة المباني الرجالية يمكن التلاقي عليها، وهذه المهمة قد اضطلع بها بعض الأعلام في عصرنا ألا وهو الشيخ آصف محسني في كتابه "الأحديث المعتبرة في جامع أحاديث الشيعة" وكتابه الآخر: "مشرعة بحار الأنوار" حيث عمل في الكتاب الآخير على تحديد ما هو الصحيح وما هو الضعيف من روايات البحار بما في ذلك روايات عصر الظهور.

س » سلام عليكم، في موضوع حديث النفس، بعض المرات تراودني أحاديث لكن صورة متعمدة واختيارية انا افكر بها ، هل هذه لا يحاسب الإنسان عليها أيضا ؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أحاديث النفس إن كانت بصورة قهرية فلا يُلام الإنسان عليها، ولا يُحاسب ولا يُعاقب. وإن كانت بصورة اختيارية وكان هذا الحديث في أمور غير مشروعة ومحرمة وقبيحة وبصورة متعمدة فحينئذ تغدو هذه الأحاديث النفسية أيضا قبيحة وربما تكشف عن سوء سريرة العبد... نعم، هل يُعاقب عليها؟ من الثابت عندنا أن الأمور النفسية إذا لم يترجمها الإنسان إلى قول أو فعل أو سلوك، فلا يُعاقب عليها. بعبارة أخرى: أنه قبيح فاعلي وليس قبيحًا فعليًا، أي قبح يكشف عن سوء السريرة وليس سببًا للعقاب.

 

س » السلام عليكم، لماذا لن يعتبرون أولاد النساء العلويات من "السادة" ويُحرمون من الخمس؟؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إنّ من تولّد من أب علوي وأم علوية فهو ينتسب إلى رسول الله (ص)، ويصبح النبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) والسيدة الزهراء (ع) والإمامين الحسن والحسين (ع) أجداده. هذا لا شك فيه، ولذلك لو تسنى أن يرى السيدة الزهراء (ع) فبإمكانه أن يسلم عليها لأنها قد ولدته تماما كما كان رسول الله (ص) يقول عن الإمامين الحسن والحسين (ع) أنهما ابناي مع أنهما من أبناء ابنته. هذا من جهة الحكم الشرعي للتولد، فلا فرق بين ابن الذكر وابن الأنثى.

وأما من جهة الآثار الشرعية المترتبة على الخمس، فهي – كما يرى الفقهاء – لا تُعطى لذرية النبي (ص)، وإنما لمن انتسب إلى بني هاشم؛ وليس من بني هاشم من كان أبوه من غير بني هاشم، فمن كان أبوه أمويًا وأمه هاشمية، فلا يُقال عنه أنه من بني هاشم.

فموضوع الآثار الشرعية للخمس هو عنوان بني هاشم وليس أبناء السيدة الزهراء (ع). فلو كان موضوع الحكم هو أبناء الزهراء (ع) لأعطي ابناء البنت كأبناء الذكر، ولكن موضوع الخمس هو الهاشميون، والهاشميون هم الذين يتولدون عن طريق الأب من هاشم .. فإذا كنت أيها الأخ العزيز من كنده، فلا يُقال للشخص أنه كندي إلا من كان أبوه من كنده.

 طبعا هذا على رأي المشهور للفقهاء ولكننا نميل إلى رأي فقهي لا يرى أن الخمس أساسًأ مختصًا ببني هاشم بل هو لمصارف وحاجات الأمة وللفقراء عامة ومنهم السادة. ولدينا بحث عن هذا الموضوع تحت عنوان:  ذرية الرسول (ص): الخيط الرفيع بين المحبّة والطبقية ورابطه: http://al-khechin.com/article/244

س » هل تشريعات الله يجب ان تحفظ؟ طبعا هذا اكيد . ولكن الروايات هي فى الاصل ظنية الثبوت. فعندئذ يجب عرضها على القران للتاكد من متنها،فإذا كان هناك تحريم لشئ في السنة ولا يوجد في القران . ماذا سنفعل ؟
ج »
مثال : الحرير  لا يوجد له تحريم على الرجال بينما في السنة نجده ؟
 
أولاً: إن الشريعة الإسلامية بحكم أنها الشريعة الخاتمة لا بد أن تحفظ في أسسها وقواعدها من الضياع ، وقد تمّ حفظها من خلال الكتاب والسنة،. 
ثانياً: إنّ السنة ليست كلها ظنية، فهناك عدد من الأخبار وصلتنا بالتواتر، وهذه وإن كانت قليلة، لكن ثمة عدد كبير من الأخبار يندرج في نطاق الخبر الموثوق، وهذا النوع من الأخبار حجة ولا يشمله ما دلّ على النهي عن اتباع الظن، هذا بصرف النظر عن الرأي المشهور الذي يذهب إلى حجية الخبر الظني الذي رواه الثقاة، لأدلة ذكرت في محلها.
 ثالثاً: في ضوء ما تقدم اتضح أنّه إذا رأينا أن ثمة أمراً ورد حكمه في السنة دون الكتاب، فيلاحظ مستنده، فإن كان - أي المستند - رواية معتبرة وموثوقة اعتمد عليها في اثبات ذاك الحكم، وإلا كان المرجع أصالة البراءة. رابعاً: ومن خصائص الشريعة الإسلامية وقواعدها التي اتخذتها لتنظيم حالة الشك في الحكم الشرعي ( أياً كان منشأ الشك..)، هي أصالة البراءة المشار إليها، وهي تقضي بالتوسعة على المكلف وعدم إلزامه بالفعل أو الترك. وهي قاعدة تعبر عن مرونة الشريعة وسهولتها.

 

 
س » السلام عليكم، ما المراد من "الحندس" الوارد في الروايات؟ وهل لها قصة خاصة بها؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن الحندس لفظة تعني الظلمة الشديدة، وقد تأتي في بعض الأحاديث في سياقات مختلفة ولذا ليس للحندس قصة حتى نتوقف عندها. نعم، قد ترد في لأحاديث أنه كان العرب قبل الإسلام في حندس أي في ظلمة؛ و أنّ البشر قبل ظهور المهدي (عج) سيمر عليهم حندس أو يكونون في حندس من الأيام يعني أيام مظلمة...

 

س » عطفاً على ما سبق أرى أنّ التشريعات يجب أن تحفظ حفظا تاماً لا محال لإثنين أن يشكوا في مستنده وصحته لذلك ما حرم القران مثلا لا خلاف فيه،لكن على سبيل المثال أهل السنة يحرمون أكل الحمار الأنسي وهو غير محرم في القران.فهل التحريم يجب أن يحفظ في السنة
ج »
الجواب:  أولاً: لا دليل على أنه يجب - من باب اللطف - على الله تعالى حفظ الإسلام بطريقية الإعجاز أو نحوه، إلا بمقدار ما تقوم به الحجة على العباد، وهو ما يرتبط بالكليات والعناوين العقدية والتشريعية العامة،وهي بهذا المقدار محفوظة بلا شك، أجل يجب ذلك - أي حفظ الشريعة بتفاصيلها من الضياع - على الناس أنفسهم وجوباً تكليفياً كفائياً، فإذا قصروا فالملامة عليهم، وإذا تسببوا بغيبة الإمام المعصوم (ع) باعتباره حارساً وحامياً للشريعة فهم الملامون والمؤاخذون.
 ثانياً:أما أن مرجعية القرآن تكفينا فهذا غير صحيح لاعتبارين: 
الأول: أن القرآن نفسه قد أكد على مرجعية السنة. 
الثاني:إن مرجعية الكتاب الكريم لا تمنع من حصول الاختلاف، إذ صحيح أنّ القرآن قطعي الصدور، لكنه قد يكون ظني الدلالة، ما يوجب اختلافاً في فهمه، وهذا ما حصل في العديد من الموارد، كما في آية الوضوء فقد وقع الخلاف في وجوب غسل الرجلين أو مسحها، أو كما في آية ملامسة النساء والخلاف في مفهوم الملامسة الموجبة للغسل أو الوضوء إلى غيرها من الموارد.ا 
ثالثاً: ما يجري على الأحكام الوجوبية يجري في التحريم، ولا دليل على أن التحريم لا بدّ أن يكون ثابتاً في الكتاب بوجه من الوجوه، بل إن مادل من الآيات على ضرورة الرجوع إلى السنة وقول النبي (ص) شامل للتحريم والتحليل على حد سواء.
 

 

س » السلام عليكم، أبحث عن من ينصحني كيف أعين ابنتي ذات التسع سنوات على الصلاة، وأنا أعيش القلق جدا والتوتر والخوف، وزوجي لا يساعدني..؟؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولا: إنّ هذه الصرخات التي تنطلق من أعماق قلبك وهذا الألم الذي ينطلق من عميق وجدانك تجاه ما تعانيه مع ابنتك هو ألم بعين الله وهي معاناة تؤجرين عليها، لأن الأم أو الأب عندما يعيشان القلق على مستقبل ابنيهما، فهذا القلق هو بعين الله وهذه الحسرة واللهفة هي تحت رعاية الله سبحانه ولسوف تؤجرين عليها إن شاء الله تعالى.

ثانيا: ما تعانيه مع ابنتك ليس غريبا ويعانيه الكثير من المؤمنين حتى من العلماء وغيرهم مع أبنائهم، ومرد ذلك إلى أن أبناءنا متأثرون بالمحيط والبيئة العامة أكثر من تأثرهم بنا؛ ولهذا عليك أن تصبري وتتكلي على الله تعالى وأن تخففي من الألم لأنك تقومين بمسؤوليتك التي أمرك الله بها عند قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ (التحريم:6) ولكن لا إلى الحدّ أن تحترقين من الهم والغم بما يؤثر على وضعك النفسي والاجتماعي.

ثالثا: عليك أن تعي أنه وفي ضوء ما ذكرناه من أن أولادنا يتأثرون بالمحيط فإن عليك أن تفتشي عمن تصاحب ابنتك ومن هم صديقاتها ولذلك حاولي أن تقربيها من أصدقاء من ذوات البيوتات المؤمنة ومن أهل الإيمان والتقوى والورع، فالجو المحيط وكذلك المدرسة لها دور كبير والرفقة لها دور كبير في استقامتها الإيمانية.

رابعا: إن لزوجك دورا في هذا المجال ومسؤولية التربية الإيمانية لأبنائنا ليست حكرا على الأم بل لا بد أن يقوم الأب بهذا الدور أيضا. وإذا كان الأب يتحجج بأنه ليس من الحكمة أن تتدخلان معا في المواجه مع البنت وإنما يتم توزيع الأدوار، فأنا أرى أن تقترحي على زوجك أن تعكسا الأدوار في المرحلة اللاحقة، وأن تخففي أنت من وطأة حثها على الصلاة ليقوم بهذا الدور والدها، لذلك أنصحيه عن لساننا عن لسان أهل العلم والإيمان أنه لا بأس بأن يقوم بهذا المسؤولية وأن تخففي أنت من وطأة التنبيه الدائم لابنتك.

وأخيرا نسأل الله تعالى أن يعينك في رحلة التربية وهي رحلة شاقة ومهمة عظيمة، وأنا كلي ثقة أن هذه البنت بحسن تربيتك وحسن دعائك تعود بعد قليل إلى ربها لأنها لا تزال في سن يميل فيه الأطفال إلى الدعة واللهو واللعب، ويرون أن الصلاة أشبه بالضريبة القاسية عليهم، فاصبري وصابري ورابطي وعلى الله الاتكال.

س » سمعت عبارة تقول :" يا من علمه بين الكاف والنون فنا المقصود بذلك؟
ج »

الكاف والنون هو فعل الأمر " كن" مما ورد الحديث عنه في قوله تعالى( إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون)، ولذا يعبر في بعض الأدعية والمأثورات الدينية بأن قدرته تتجلى في قول "كن" مع أن حقيقة الأمر أن هذا تعبير مجازي عن عظيم قدرته وأن مراده لا يتخلف عن إرادته، لأنه تعالى لا يحتاج لا إلى قول ولا إلى كلام ولا غير مما نحتاجه نحن البشر كأدوات مساعدة لتحقيق رغباتنا.

س » السلام عليكم، لماذا العقيدة الإسلامية صعبة ومعقدة على الناس؟
ج »

 

 الجواب: إن العقائد الإسلامية الأساسية والتي يجب الاعتقاد بها وهي أمهات العقائد كالإيمان بالله ورسوله والإيمان بيوم القيامة مطروحة بطريقة بسيطة وسلسة وبعيدة عن التعقيد في الألفاظ وعن المصطلحات العلمية الدقيقة كالتي يطرحها الفلاسفة. ويمكن ملاحظة ذلك بمراجعة القرآن الكريم، فإن القرآن الكريم قدم هذه العقائد بطريقة مرنة جدا وقريبة من الفهم وتحاكي الفطرة، والأمور الفطرية يدركها كل إنسان، لاحظ مثلا قول الله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (الشورى:11) فهذه جملة بسيطة ولكنها تعبر عن معنى عميق، جامع مانع، يمكن للإنسان العادي فهم دلالتها كما يمكن للعالم والمتخصص أن يفهم عمقها، فكلّ يفهم على قدر عقله. وهكذا الحال عندما يتعرض القرآن الكريم إلى مسألة إثبات وحدانية الله فيقول: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا (الأنبياء:22). باختصار: إن القرآنٌ يتسم بسلاسة في التعبير مع اختصار بيّن، وفي الوقت عينه فإنه يحمل عمقا في المضمون.

ثانيا: حيث إن هناك أشخاصًا قد يطرحون إشكالات معمقة في تفاصيل هذه العقائد والعديد من جوانبها فاقتضى الأمر أن يتصدى علماء المسلمين للإجابة على ذلك في بيانات معمقة دفعا لهذه الإشكالات، ولهذا كان الطرح الكلامي والفلسفي المعمق لهذه العقائد بسبب أن ثمة إشكالات وأسئلة عميقة ودقيقة طرحت وتطرح من هنا وهناك؛ وهذه الإشكالات والأسئلة الفلسفية والعقلية هي التي فرضت نوعا أعلى من الدراسات العقائدية والكلامية. ولكن فيما يتصل بمسؤوليتنا وواجبنا فنحن عندما ندرس العقائد بما يتصل ببراءة الذمة أمام الله تعالى وبما يتصل ببنائنا لعقائدنا فنرى أن العقائد ليس فيها مثل هذا التعقيد ويمكنك أن تلاحظ بعض الكتب مثل كتاب العقائد الإمامية للمظفر لترى السلاسة في الطرح مع قوة المضمون وإحكام الدليل. وهذا الكتاب يعطي صورة واضحة عن سلاسة العقائد مع كونها مبرهنة بشكل عقلي وعلمي. إن وجود هذين المستويين هو بسبب أن المخاطب يختلف فإذا كنا نخاطب الناس بشكل عام، فثمة خطاب قرآني واضح وسلس، ولكن عندما يكون المخاطب أشخاصًا لديهم عمق ودقة وإشكالات فنضطر حينها إلى خطاب أعمق.

 

س » ما معنى "ولاتقربوا الصلاة وانتم سكارى"، هل كان الخمر حلالا في وقت معين ؟ لأني أتذكر أنهم يقولون بعد تحريم الخمر وضح لنا مشكورا؟
ج »

 لقد كان العرب يحتسون الخمر في الجاهلية، وهذا معروف جداً ، ومع بعثة النبي (ص) ونزول الوحي حرّمت الخمر، لكن تحريمها كان تدريجياً، ونزلت في ذلك عدة آيات، فأول الأمر نزل قوله تعالى: { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}، حيث بينت لهم هذه الآية أنّ مساوىء الخمر أكبر من منافعها،ومن الطبيعي أن العاقل لا يقدم على فعل ما يكون ضرره أكثر من نفعه، ثم نزل في المرحلة الثانية قوله تعالى:{ لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى }، الأمر الذي استوجب انصرافهم عنها أكثر فأكثر، ليتسنى لهم الإتيان بالصلاة  وهم ليسوا سكارى، وأخيراً بعد كل هذا التمهيد لهم نزل قوله تعالى : { إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه }، فكانت هذه الآية هي نهاية المطاف في رحلة تحريم الخمر، وهذا الأسلوب التدريجي في التحريم هو أسلوب قرآني تربوي حكيم، اتبعه القرآن الكريم في مواجهة العادات المستحكمة في النفوس والتي يصعب تحريمها بشكل دفعي، تماماً كما يحصل في زماننا في مواجهة بعض العادات كعادة الادمان على المخدرات، أو غيرها من العادات، وقد ورد "العادات قاهرات".

س » السلام عليكم، لماذا يحرم الرهان على مباراة كرة القدم وما الفرق بينها وبين شراء ورقة اللوتو فكلاهما لا مغالبة فيهما ؟؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إن شراء ورقة اليناصيب واللوتو ليس فيها مراهنة ولا مغالبة ولا يشعر المشتري ولا العرف أن من يقدم على شراء ورقة فإنه يتغالب مع الآخرين في هذا الأمر، هذا بخلاف المنافسة التي تحصل على الرهان في سباق الخيل أو كرة القدم مثلا حيث يتراهن كل شخص على فريق سواء كان مشكل مباشر من الملعب أو عبر الانترنت، فهنا المغالبة واضحة وحاصلة في نظر العرف. إذا الفرق بين اليناصيب والرهان في كرة القدم أن المغالبة متحققة في الثاني دون الأول.

 

س » السلام عليكم، ما هي نصيحتكم لطلاب العلوم الدينية؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ما أنصح به نفسي وأحبتي من طلبة العلوم الدينية:

النصيحة الأولى: أن نعيش حالة من الطوارئ الثقافية والاستنفار الكامل الذي يجعلنا ننهل ونقرأ ونتقن درسنا بقراءة واعية ممنهجة منفتحة، لأن الإسلام في هذا العصر هو مسؤوليتنا والتحديات التي تواجه الإسلام والمسلمين كثيرة وسيل التشكيكات على عقائدنا وعلى شريعتنا لا ينقطع، الأمر الذي يفرض علينا مثل هذا الاستنفار العلمي الكامل الذي يجعلنا نقرأ ونبني ونؤصل قِراءتنا كي ندافع عن الإسلام ولكي نثبت هذا الجيل الذي يتعرض للتحديات ونوصل صورة نقية عن ديننا إلى الآخرين، فنحن معنيون بنشر الرسالة الإسلامية.  ولا بد أن نقرأ بقراءة واعية ومنفتحة، قراءة نقدية لا تتجمد عند ما أنتجه السابقون وتوصلوا إليه، لأن كثيرا مما توصلوا إليه هي اجتهادات نظرية، مأجورون عليها، ولكن ليس بالضرورة أن تمثل الحقيقة المطلقة، ولهذا أنصح بالقراءة وعندما أدعو للقراءة، فليس على حساب الدرس التحصيلي الحوزوي، لأن هذا الدرس يشكل البنية الأساسية في ثقافتنا وفي أفكارنا، ولا بد أن نؤصل كل فكرنا على ثقافة متينة.

النصيحة الثانية: على مستوى تهذيب النفس، فإني أدعو نفسي وأخواني إلى أن نضع لأنفسنا برنامجًا روحيًا خاصًا حتى نبقى في حالة مجاهدة لهذه النفس ولا نشعر بشيء من الغرور والاستعلاء على الآخرين بحيث إذا وضعنا العمامة نشعر أننا أفضل من الآخرين ونتقدم على الآخرين. هذا الشعور القاتل قد ينتابنا ولذلك نحن كطلبة علوم دينية لا بد أن نعيش أيضا حالة من الاستنفار الروحي وتكون علاقتنا مع الله سبحانه وتعالى هي المعين لنا، ولأننا أمام التحديات التي تواجهنا نحن بحاجة إلى مدد روحي كبير، الأمر الذي يفرض علينا أن نضع لأنفسنا برنامجًا روحيًا خاصًا في موضوع المناجاة والصلوات الخاصة بيننا وبين الله تعالى، وفي موضوع الأعمال التي تقربنا إلى الله زلفى، أعمال الخير والبرّ. وهناك بعض الكتب التي يمكننا أن نقرأها، والمواعظ وتجارب العلماء التي تشكل زادًا روحيًا لنا. في هذا السياق، أذكر أني كتبت في كتاب "مع الشباب في همومهم وتطلعاتهم" شيئًا عن هذا البرنامج الروحي وعن الوسائل المشروعة في تهذيب النفس.

 

س » السلام عليكم، لدي ابتلاء بأني اتمنى السوء لبعض الأشخاص، وأدعوا الله كثيرا بأن يصلح قلبي وينزع الغل منه فهل يحاسبني الله ؟؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

أولًا: عليها أن تنمي شعور حب الخير للآخرين وتمني الخير لهم. وليكن هذا التمني - تمني الصلاح والخير – هو الذي يحكم عقولنا وأذهاننا، حتى لأعدائنا لا نتمنى لهم إلا الخير وعلى رأس ذلك الهداية، فإنّ رأس كل خير أن يكون الإنسان في الهدى. وهذا الشعور، علينا أن ننميه من خلال إحساسنا بإنسانيتنا، وإحساسنا بأنّ إنسانيتنا لا تكتمل إلا أن نعيش إنسانيتنا مع الآخرين. وننمي هذا الشعور أيضًا من خلال معرفتنا بأن هذا ما يحبه الله تعالى ويحبه رسول الله، فأحاديث النبي (ص) تدعونا إلى أن نحب الخير لكل عيال الله. ونفس هذا الشعور أن نحب الخير للآخرين هو شعور يحبه الله، وعندما نستحضر هذا الأمر، فإنّ ذلك يحفزنا على تربية هذا الشعور.

ثانيًا: هل يعاقبها الله على هذا الشعور حيث تتمنى السوء للآخرين؟ إذا كان هذا الإحساس مجرد إحساس داخلي، ولم تخرجه من خلال الأقوال بأن تهاجم أو تغتاب وتعتدي وتعنّف بالقول، أو لم تظهر هذا الشعور من خلال الفعل، فلا يعاقبها الله تعالى على هذا الشعور الداخلي.   

 

س » السلام عليكم ورحمة الله، هناك شخص معمم ضال، لديه افكار غريبه جدا جدا في اليوتيوب، من ضمنها أنه يقول بما معناه أن وجود الله تعالى محير، ولم يرد عليه العلماء، ما رأيكم؟؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أخي العزيز، أقول لك بكل صدق، وأنا فيما أقوله وأطرحه دائما، أعطي الخصم حقه:

أولًا: إنّ هذا المعمم الذي أشرت إليه ضعيف جدا في بنيته العلمية، فيما نعرفه عنه منذ زمن بعيد، وليس متخصصًا بالفلسفة، لا اسلامية ولا غير الإسلامية. ابتدأ ببعض الترجمات لبعض رموز الخط العرفاني أو بعض العلماء الذين غُرفوا بالروحانيات ثم وصل في نهاية لأمر إلى أسئلة تشكيكية بوجود الله تعالى وبصدقية القرآن. وهذا المسار نفسه الذي يجعل اإنسان ينتقل من هذه الضفة إلى تلك الضفة هو مثار إشكال حول شخصية هذا الرجل. إذًا ملاحظتي الأولى هي أن هذا الرجل ضعيف جدا في بنيته العلمية، وأضف إلى ذلك أنّ طرحه غير متماسك ويفتقر في الواقع إلى الأدلة المحكمة ويصل في بعض طروحاته إلى حدٍّ فيه الكثير من السذاجة أو العمى عن رؤية الحقيقة؛ فعندما يتعامل مع القرآن وكأنه كتاب ضعيف في أدلته وبنيته وبلاغته، فكيف لي أن آخذ كلامه بعين الاعتبار؟! والقرآن أيًا كانت نظرة الإنسان إليه، ولو كان ملحدًا، يعترف بأن في القرآن قوة وبلاغة ومنطق لا ينكره أعداء القرآن...

ثانيًا:  إن عدم الردود على هذا الشخص من قبل العلماء، ربما كان لأسباب شتى، وقد يكون الرد على مثل هذه الشخصية سببًا لإيجاد شعبية في أوساطنا ولفت الأنظار إليه، كما يريد هو. أنا لا أبرر عدم الرد، لكن ربما عدم الرد من قبل بعض العلماء انطلق من هذه الخلفية على أني اعرف بعض العلماء ممن طالبوه بمناظرة والتحدث معه، وكان يعتذر عما ألفه وكتبه. هذا إذا لم نقل بأن طروحاته جدا واهية وسخيفة، وصدقًا أن بعض طروحات المشككين في الجاهلية والزنادقة هي أقوى من طروحاته.

ثالثًا: إن كنت لا تملك بنية علمية قوية، فلماذا تتعب نفسك بالاستماع إليه؟! في هذه الحالة، إذا لم يكن الإنسان على استعداد لمواكبة والتأكد مما يسمعه، فلماذا يسمع؟ وخاصة أنه يعلم إلى أفكار ضآلة..

والعجب من هذا الشخص، أنه يلبس زيًا دينيًا وهو ينكر الدين ويشكك بوجود الله.. فالأولى أن ينسجم مع نفسه، ويخلع الزي الديني ويشهر إلحاده. 

 

س » السلام عليكم، ما رأيكم في خطبة النبي الأكرم محمد (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك من حيث السند والمتن ؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إن الرواية التي تضمنت خطبة النبي (ص) في استقبال شهر رمضان هي رواية مقبولة من حيث السند، وقد وثّقها بعض العلماء ولا سيما أنها مروية في كتاب عيون أخبار الرضا (ع) وقد اختار فيه الشيخ الصدوق عيون الأخبار وأفضل ما استجوده من روايات الرضا (ع)، وهي مروية أيضا في الأمالي للصدوق وفضائل الأشهر الثلاثة.

ومن حيث المضمون، فإنّ مضمونها جيد وعال وإن كان البعض يشكك في فقراتها الأخيرة ولكن هذا لا يسقط الرواية ولا يؤدي إلى تضعيفها. وما جاء فيها من تشويق لشهر رمضان إنما هو في سياق "بشرطها وشروطها" والتقوى والاستقامة والسداد من شروطها.

 

س » ماحكم التبني للايتام في الاسلام؟ لو سمحتم الاجابة بما تستطيعون من تفصيل؟
ج »
 التبني في الإسلام سواء أكان لليتيم أو اللقيط أو غيرهما إذا أريد به إلحاقه بنسب المتبني فيرثه وييصبح حاله كحال ابنه، فهذا مرفوض بنص الكتاب، قال تعالى :" وما جعل أدعياءكم أبناءكم "، وأما إذا أريد بالتبني احتضان اليتيم وتولي تربيته والعناية به فهذا أمر يحث عليه الشرع الإسلامي بل إنه قد يرقى إلى درجة الواجب الديني والأخلاقي..
 
س » السلام عليكم، لقد ذهبت إلى العمرة قبل أن أتزوج، ثم أخبروني أنها باطلة، وقالوا لي أن زواجي باطل؟ ماذا أفعل وأنا خائفة جدا من غضب الله وأشعر أني من أهل النار والعذاب؟؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أولًا: إنّ الله سبحانه وتعالى أرحم وأعطف من أن لا يتقبل عملك أو يرفضك ويطردك من بابه، وهو الذي لا يطرد أحدًا من رحمته. فهذا التصور الذي تحملينه على الله تعالى وأنه لا يسامحك ولن يغفر لك هو تصور خاطئ وقد يكون مدخلًا للشيطان. وعليك أن تخرجي من هذا التصور لأن رحمة الله وسعت كل شيء، ولا يمكن لهذا الإله العادل الحكيم الكريم أن يعاقبك ويطردك من رحمته لتقصير صغير صدر منك.

ثانيًا: فيما يتصل علاقتك مع زوجك ومع أسرتك، أيضًا أنك تحملين اعتقادًا مبالغًأ به حول حرمة زوجك عليك حرمة مؤبدة وأن بناتك منه بنات شبهة.. وهذا الأمر لا داعي له ويمكنك أن تعرضي مشكلتك في قضية الحج والعمرة وما هو الخطأ الذي حصل على أحد المراجع أو وكلاء المرجع الذي تقلدين ليعطيك الرأي السليم في المسألة ولا داعي لكل هذا التهويل الذي تعيشينه حتى أصبحت ترين كل آية تتحدث عن النار تتوجه إليك.. فهذه مبالغة عليك أن تخرجي منها.. والشريعة الإسلامية لم تأت لتدمر حياتنا وتشدد علينا، وإنما بُعث نبينا (ص) بالرحمة لنا وللعالمين، فتوكلي على الله تعالى واعلمي أن الله غفور رحيم.

 

س » السلام عليكم، هل صحيح أن القرآن الكريم لم يعالج مسألة الإلحاد إنما تحدث فقط عن الشرك؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

إن الكلام عن أن القرآن تطرق إلى قضية الشرك أكثر من تطرقه إلى قضية الإلحاد، قد يكون صحيحًا، وهذا مرده إلى أن مسألة الإلحاد مسألة مخالفة للفطرة ولذا لم يشهد تاريخ البشرية ظواهر كبيرة جدا في موضوع الإلحاد على العكس مما جرى في موضوع الشرك، ولذا وجدنا أن أكثر الأنبياء كانوا يدعون قومهم إلى عدم الشرك ونبذ الأوثان وما إلى ذلك على اعتبار أن الإيمان بالله تعالى لم يكن مشكلة كبيرة في هذا المجال.

لكن هذا لا يعني أن القرآن الكريم لم يتطرق إلى قضية الإيمان بالله وإثباتها، فقد تطرق بدون شك في آيات مباركة التي من خلالها نكتشف منهجًا قرآنيًا في قضية مواجهة الإلحاد ومواجهة اللادينية أو مواجهة الدهريين وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ  (الجاثية -24).

إذًا القرآن الكريم تطرق إلى هذه المسألة وتوجد آيات مختلفة أشارت إلى هذا المعنى، ولكن المنحى القرآني في إثبات وجود الله تعالى والأسلوب القرآني في ذلك يركز على استثارة مكامن الفطرة في الإنسان كما في قوله تعالى  أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (ابراهيم-10) فالقرآن يركز على استثارة مكامن الفطرة هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، يركز القرآن على تحريك العقل من خلال التدبر والتأمل في آيات الله وفي الآفاق والأنفس التي من خلالها يصل الإنسان إلى ربه ويعرف ربه ويؤمن بربه لأنه أفضل طريق بحسب ما يُستفاد من القرآن للوصول إلى الله وهو التأمل في آيات الله وهذا ما قد يعبر عنه علماء الكلام ببرهان النظم، فإن النظم يدل على وجود المنظم.

ومن جهة ثالثة، لا بد أن نقول: في موضوع الإلحاد توجد دراسات مختلفة لأعلام كتبوا في موضوع الإلحاد وربما من وحي القرآن الكريم؛ ولدي مقاربة لهذا الموضوع في كتاب "مع الشباب في همومهم وتطلعاتهم" حيث تطرقت إلى قضية الشباب والإلحاد، وقد تكون نافعة لكم في هذا السياق وإن لم يكن التركيز فيه على خصوص المنهج القرآني لكننا سجلنا بعض المبادئ العامة في مواحهة الإلحاد. وكذلك تطرقنا في كتاب "عالم دون أنبياء" إلى قضية الإلحاد أيضًا.

رابط كتاب الشباب: http://al-khechin.com/article/440

رابط كتاب عالم دون أنبياء: http://al-khechin.com/article/580

 

س » السلام عليكم، هل يجوز أن يغيّر الإنسان كنيته؟؟
ج »

يمكن للإنسان ويجوز له شرعاً أن يغير كنيته في حال كانت الكنية (العائلة) تعبر عن معنى يستوجب الهتك والتوهين، من قبيل عائلة "الظالم" حيث يصعب على لشخص أن يناديه الآخرون بحسين الظالم مثلاً، أو غير ذلك من الكنى أو الأسماء الموجبة للهتك والتوهين فيمكن للإنسان أن يغير هذه الكنية، ولا يفعل بذلك حراماً. وقد ورد في بعض الأحاديث الشريفة أنّ النبي (ص) كان يغير بعض أسماء أصحابه، لكونها تعبر عن معانٍ لا تنسجم مع قيم الإسلام وعقيدته، وقد بحثنا هذا الأمر في كتاب "حقوق الطفل في الإسلام"، فليراجع. أجل، المحرم شرعاً هو أن يتبرأ الإنسان من نسبه أو ينتسب إلى غير أبيه، فيقول انا لست ابن فلان وإنما ابن فلان دون دليل أو حجة. والخروج من الكنية ( العائلة) لا يعني الخروج من النسب، فلا ملازمة بين تغيير الكنية وبين الخروج من النسب. لكن على الإنسان أن يلاحظ أحياناً التداعيات الاجتماعية المترتبة على تغيير الكنية، كما لو أدى إلى إيذاء أهله وأخوانه مع عدم وجود ضرورة ماسة للتغيير، ولذا ننصحه بأن يدير الأمر بشيء من الحكمة.

س » السلام عليكم، أنا امرأة ملتزمة ومؤمنة، وكثيرة الدعاء، ولكن تروادني مشاعر غريبة وكأني بعيدة عن الله، وأشعر بالجفاف الروحي؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، سيدتي الكريمة والعزيزة:

 أولاً: اعلمي أنّ مثل هذه الوسواس والأحاديث النفسية التي تجتاحك وتحجبك عن الشعور بحلاوة مناجاة الله تعالى، ليست حالة خاصة بك، فهي قد تعتري الكثير منا، وقد كان نبينا الأكرم - وهو أشرف الخلق الله (ص) - يقول "إنه ليران على قلبي"، أي يُصاب قلبه بالرين، فلا يشعر بالتجلي الروحي الذي كان يشعر معه في سائر أيامه، لذا  لا تخافي ولا تجزعي، واعلمي أنك حتى وأنت تواجهين هذه الحالة التي عبرت عنها بالجفاف الروحي، فإنك بعين الله وأن الله يرعاك ويحبك ولا يقطع حبل حبه ولطفه عنك ابداً.

ثانياً: علينا عندما تجتاحنا أمثال هذه الحالات أن نضع أيدينا على منشأ هذه الحالة وسببها، ومعرفة ذلك تحتاج إلى قراءة النفس وهواجسها وأمراضها، ما الذي أوصلني إلى هذه الحالة؟ هل ثمة حادثة مؤلمة معينة كدرت صفو الروح؟ هل ثمة شبهة فكرية تعترض على عدل الله لم أفهم جوابها جيداً؟ إنّ معرفة منشأ هذه الوساوس ضروري لكي نعمل على إزالة الشبهة من جذورها، وقد يحتاج الأمر إلى أن تتشاوري مع بعض أهل الخبرة والأخصائيين الموثوق بعلمهم ودينهم في الآن عينه، فالرجوع إلى هؤلاء يساعدك على التعرف على سبب المشكلة وربما يضعك على خط العلاج والخروج من المشكلة.

ثالثاً: إنّ قضية الارتباط مع الله في مثل حالتك بل وفي كل حالة لا بد أن تكون باعتدال، بحيث لا تغرقي أو تملأي كل أوقاتك بالدعاء والمناجاة، لأنّ الأكثار من ذلك قد يفقد المناجاة قيمتها التي تطهر الروح وتصبح مجرد قلقة لسان، ولا سيما أن لنا أشغالاً ومسؤوليات أخرى في الحياة، فالاعتدال إذن هو الأساس في استقرارنا الروحي والاجتماعي.

رابعاً: ختاماً إنّ تعزيز المناعة الروحية لدينا قد يكون لها أبواب أخرى غير قراءة الدعاء والأذكار، فربما كان المدخل لاستعادة الصفاء الروحي هو في التأمل في خلق الله تعالى، وتسريح النظر في جميل آياته وبديع صنعه، أو في زيارة مريض أو مشفى بما يشعرنا بنعمة الصحة، أو في زيارة القبور أو غير ذلك من التجارب الروحية الجديدة فلا نغرق في تجربة بعينها.

س » البعض يعترض على القرآن بأنه نقل القصص الموجودة في الكتب السابقة، وليس وحبا من السماء؟
ج »
أخي الكريم هذه شبهة واهية وسخيفة، وذلك لأن ما جاء في القرآن الكريم من قصص الأنبياء والمرسلين من الطبيعي أن تكون قد تمت الإشارة له في الكتب السماوية السابقة، إذ لم يقل النبي (ص) ولا أحد من المسلمين أن هذه القصص التي ذكرت في تلك الكتب هي قصصموضوعة ومكذوبة. لكن اللافت أن القرآن إذ ذكر تلك القصص فقد ذكرها بطريقته الخاصة، وهي طريقة تختلف عما جاء في تلك الكتب بالشكل والمضمون، ومن أهم العناصر المميزة لتلك القصص الواردة في القرآن أنها خالية من كل ما يخدش بمكانة الأنبياء ونزاهتهم وطهارتهم من المعايب والخطايا التي ألصقتها بهم الكتب السابقة، كما في قصة زنا ابنتي نوح بأبيهما بعد إسقائه الخمرة أو قصة أوريا مع النبي داوود وهي قصة مخجلة، فلو كان سيدنا محمد (ص) قد استنسخ هذه القصص من الماضين لكان وقع فيما وقعت فيه تلك الكتب السماوية.
ثم الغريب في أمر البعض أنه يريد الاعتراض على القرآن لمجرد الاعتراض؟! فإن وجدوا أن القرآن قد تطرق لقصة موجودة في كتب السابقين قالوا إن محمد قد أخذها منهم، وإن كان قد تطرق لقصة غير موجودة لدى السابقين قالوا من أين أتى محمد بهذا؟ وهل هذا إلا العناد واللجاج والجمود والإنكار.
س » بعض الاستفسارات عن الدروز
ج »
1- لا ندري على ماذا تستند هذه القراءات الحديثة فإنّ المعروف أنّ الدروز قد انبثقوا من رحم الدولة الفاطمية الاسماعيلية التي كانت في مصر.
2- الافكار الباطنية هي الأفكار التي يحملها الإنسان في باطنه ويظهر عكسها ، فإذا كنا نقطع بأنهم يحملون أفكاراً تنافي الإسلام في الباطن فنتعامل معهم على هذا الأساس ولا نأخذ بالإدعاءات الظاهرية ما دمنا نقطع بأنها مجرد لقلقة لسان وأنّ الباطن مختلف عن الظاهر.
3- إذا صحّ هذا الأمر – أنهم يشتمون النبي (ص) – فهذا يدل على أنهم لا يؤمنون بالإسلام ولا يندرجون في النطاق الإسلامي.
س » هل الشريعة الاسلامية ملائمة لكل زمان ولكل مكان، وعلى طول وعرض الكرة الارضية، بقارتها السبع ودولها المتعددة ومنذ نزول الرسالة المحمدية حتى يومنا هذا؟؟
ج »
أولاً: إن عالمية الدين أو أمميته هي في صلاحيته من حيث مبادئه وتعاليمه لكل زمان أو مكان، ولا شك أن مبادئ الدين الإسلامي وقواعده التشريعية هي كذلك، أي صالحة لكل الأزمنة، لأنها تتسم بكثير المرونة ما يجعلها قادرة على مواكبة الحياة بكل تطوراتها وأحداثها.
ثانياً: أما في ما يتصل ببعض التفاصيل التي يرى البعض أنها لا تصلح لزماننا فإننا نعتقد – وبعد التدقيق في الحكم عليها – أنها محكومة للمعايير والقواعد العامة من جهة، هذه القواعد التي قد يسفاد منها أن بعض تلك الأحكام هي أحكام ظرفية أو تدبيرية، ومن جهة أخرى فإن بعض القواعد الشرعية تملك صلاحية نقض بعض الأحكام الجزئية وعلى حد تعبير بعضهم فإن تلك القواعد – من قبيل قاعدة نفي الحرج وقاعدة نفي الضرر – تملك حق الفيتو. ولا يمكن تجلي صلاحية الشريعة لكل زمان أو مكان إلا بتفعيل العقل الاجتهادي، لأن الاجتهاد هو الطاقة التي تسمح ببقاء الإسلام حياً.
هذا إجمال القول وإذا أردت التفصيل فيمكنك الرجوع إلى كتابنا "الشريعة تواكب الحياة" والذي خصصناه للإجابة على إشكالية صلاحية الشريعة (مع جمود نصوصها) لمواكبة الحياة المتغيرة.
ويمكنك الإفادة أيضاً من كتابنا الآخر "عالم دون أنبياء"..
س » سؤال : ما حكم تبني الأيتام في الإسلام ؟
ج »

ج: التبني بمعنى إلحاقه بالنسب وترتيب آثار الابن النسبي عليه لجهة جواز النظر والميراث وما الى ذلك غير جائز , وأن التبني بمعنى الرعاية والحفظ والاهتمام به أفضل أنواع الصدقات وأعمال الخير والبر .

س » زوجتي لا تلبي حاجتي الجنسية، ولا يمكنني أن أتزوج زوجة ثانية، هل يجوز لي في هذه الحالة أن ألجأ إلى العادة السرية؟
ج »
لا أرى أن العادة السرية (لو تجاوزنا إشكالها الشرعي) هي الحل الأمثل لمشكلتك، لأنّ العادة المذكورة مع إدمانها لا تخلو من مضاعفات سلبية فيما يتصل بعلاقتك بزوجتك على المدى الطويل، فإنّ البعض قد يعتاد هذا السلوك من تفريغ الطاقة الجنسية فيعزب عن العلاقة السوية مع الجنس الآخر. 
وإنما الحل الأنسب الذي نفضله لكم، يتمثل:
أولا: في بذل الجهد في إقناع الزوجة بضرورة الاهتمام بزوجها وإعطائه حقه الشرعي في هذا المجال، ويمكنك في هذا السياق أن تستعين ببعض المؤثرين عليها من المقربين إليها أو من العلماء الذين يمكنهم أن يوصلوا الرسالة بطريقة أو بأخرى. وقد يقتضي الأمر - بعد استنفاذ أسلوب الوعظ - اعتماد أسلوب"الهجر في المضاجع" كما قال الله تعالى، فهو أسلوب قد يستفز حسها الأنثوي بما يدفعها لتغيير سلوكها، مع التلميح لها بإمكانية اللجوء إلى خيارات أخرى.
ثانيا: إذا لم يجدِ هذا الأسلوب نفعاً وبقيت مصرّة على إهمالها فإننا نفضل لك - وبدل اللجوء إلى العادة السرية - أن تلجأ إلى العلاقات الشرعية الأخرى التي أباحها الله تعالى بطريقة لا تؤدي إلى تعقيد حياتك الخاصة أو تسيء إلى صورتك بشكل عام.
س » هل لعلماء الشيعة إسهامات في مجال علم النحو؟
ج »

لا ريب أن للشيعة إسهامات كبيرة في مجال اللغة من علم النحو إلى البيان وغيرها. وقد بدأت جهودهم مع أبي الأسود الدؤلي صاحب أمير المؤنين (ع) والذي يُعد أول من قام برسم خارطة لقواعد اللغة مستقياً ذلك من أمير المؤمنين (ع).

وقد توالت جهودهم في هذا المجال بطبيعة الحال، وبرز منهم كثيرون ممن عُرفوا بالتشيع بالمعنى العام أمثال ابن السكيت والفراهيدي وأبي إسحاق النحوي الذي كان نحوياً لغوياً كما يذكر عنه الشيخ النجاشي، إلى غيرهم من الأسماء.

ويمكن مراجعة كتاب السيد حسن الصدر: تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، فقد سلط الضوء على هذا الأمر بشكل جلي. هذا قبل عصر الغيبة.

أما بعد عصر الغيبة، فقد برز الكثير من العلماء اللغويين الذين ألفوا في هذا مجال اللغة بشكل عام وفي مجال النحو والبلاغة بشكل خاص، ومن أبرز هؤلاء: الرضي الاسترابادي (القرن السابع الهجري) وهو مفخرة عظيمة وله شرحان معروفان مشهوران: شرح كافية ابن الحاجب في النحو، وشرح شافية ابن الحاجب في الصرف.

وتوالى التأليف عند علماء الشيعة، فألف الشيخ البهائي كتابه الصمدية في النحو وشرحه السيد علي خان المدني صاحب الكتاب الشهير: رياض السالكين في شرح صحيفة سيد العابدين. وسمّى شرحه للصمدية: الحدائق الندية في شرح الصمدية.

وشرح كتاب الصمدية أعلام كثيرون كما يُلاحظ ذلك في كتاب الذريعة للآقا الطهراني. ويوجد كتب أخرى لعلماء الشيعة في النحو ويمكن مراجعة إسهاماتهم في كتاب الشيخ الفضلي: الدرس النحوي في النجف الأشرف.

وقد كان كتاب الصمدية يُدرس في الأزمنة السابقة، لكن ما استقر عليه الأمر في الحوزة العلمية هو اعتماد الكتب المعروفة في النحو ك قطر الندى والألفية وغيرها. وهذه العلوم لا يُبحث فيها عن الهوية المذهبية للمؤلف.

س » هل كان الشيعة يعرفون أسماء أئمة أهل البيت الاثني عشر (ع) بشكل تفصيلي حتى قبل إمامتهم وولادة المأخرين منهم (ع)؟
ج »

إنّ عقيدة الاثني عشر إماماً / نقيباً أو خليفة للنبي (ص) طُرحت على لسان رسول الله (ص) فيما ورد عنه من أخبار من طرق السنة والشيعة. وثمة أخبار أخرى تؤكد هذه الفكرة، ولا سيما ما ورد منها في الحديث عن المهدي (عج) وأنه الثاني عشر من أهل البيت (ع).

لكن تبلور هذا المفهوم من خلال مصاديقه التفصيلية والمتمثلة بأسماء الأئمة من أهل البيت (ع) واحداً تلو الآخر، هو مما لا تساعد عليه النصوص كثيراً ما يبعث على اليقين، وإن ورد في بعض الأخبار كحديث اللوح.

فلم يثبت أنّ صحابة علي (ع) كانوا عارفين بأسماء الأئمة (ع) من بعده، وكذلك الحال في أصحاب الحسن (ع) والحسين (ع) والسجاد (ع) والباقر (ع).. ولأجل عدم تبلور المسألة بشكل تفصيلي، نجد أن الشيعة كانوا يواجهون عند وفاة كل إمام (ع) معضلة من هو الإمام (ع) من بعده، كما أنهم في حياة الإمام (ع) – بما فيهم الخلّص – يسألونه عن الخلف من بعده، وهذا الأمر قد يكون أحد أسباب الانقسامات الكثيرة للشيعة.

والمتتبع لهذه الانقاسمات والأخبار الواردة في هذا الشأن يخلص إلى النتيجة التي ذكرناها، وهي أنه مع وجود ارتكاز لديهم بضرورة استمرار الإمامة، لكن لم تكن أسماء الأئمة (ع) وشخوصهم واضحة لديهم إلا بعد النص من الإمام (ع) السابق أو إظهار الآية على يد الإمام (ع) الجديد.

ولا أعتقد أن هذا الأمر يشكل مشكلة من الناحية العقدية لأنّ من كان في زمن الإمام الأول (ع) لم يكن مكلفاً بما عدا هذا الإمام (ع) تماماً كما هو الحال فيمن كان على عهد رسول الله (ص) من الصحابة فإنهم قبل تنصيب الإمام علي (ع) في الغدير، لم يكن إيمانهم متقوماً بالاعتقاد بولاية علي (ع) بحيث من لم يؤمن به يُعدّ خارجاً عن الإيمان، وهذا ما دفع بعض الفقهاء ومنهم الإمام الخميني (ره) إلى القول بأن مفهوم الإيمان كان يتسع في مصاديقه كلما قامت الحجة على إمام جديد. فالمؤمن في زمن رسول الله (ص)، هو من يؤمن بالرسول (ص)، والمؤمن في زمن الإمام علي (ع) هو من يؤمن بالرسول (ص) وعلي (ع).. وهكذا..

نعم، في زمن الأئمة (ع) المتأخرين ولا سيما في زمن العسكري، أصبحت منظومة الإمامة بأسمائها وشخوصها واضحة وجليّة ومقوّمة لإيمان المؤمن.

س » السلام عليكم هل هناك تقريرات مكتوبة لدرس البحث الخارج لمبحث الغلو ؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله، بإذن الله تعالى، سيصدر كتاب جديد تحت عنوان "الشيعة والغلو"، ويتضمن دروس الغلو المنشورة 

س » عندي أمل كبير بالله تعالى وثقة بالله، وأعلم بأنه يختبرني ويحبني، ولكني محبط جدا، لأني أعيش الفشل دائما، كلما حاولت أن أنجح بشيء، أجد نفسي أفشل... ما رأيكم؟
ج »

أيها العزيز

أحيّي فيك هذه الروحية العالية وإني ألمح فيك نفَساً إيمانياً جميلاً وهو كفيل بعون الله تعالى أن يرعاك ويحصنك من الوقوع في ما يغضب الله تعالى. وأريد أن ألفت نظرك إلى أمرين:

الأول: ثِقْ بأن الله حكيم، ولا يفعل شيئا عبثا أو لهوا، فهو لا يحجب عنك أمرًا إلّا لحكمة فيها مصلحتك، أدركت ذلك أم لم تدركه.

وهو سبحانه في الوقت عينه، رحيم لطيف بعباده، وهو يحبنا ويرأف بنا، فلا تسمح للوهم أن يتسرب إليك ويوحي لك بأنه تعالى قد سد أبواب الفرج في وجهك، كيف وهو القائل: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ٭ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَيَحْتَسِبُ﴾ .

الثاني: عليك أن تبقى في خط المثابرة والجد والسعي، لأن مشيئة الله تعالى قضت أن يكون هذا العالم محكوما لمنطق القوانين، ومن هذه القوانين أن من جدّ وجد، ومن سعى وصل..

واعلم أيها العزيز أنّ فشل تجربة أو اثنتين أو ثلاث، لا يعني فشل التجربة الرابعة والخامسة، فاصبر ثم اصبر، واعلم أن صبرك في خط السعي والتخطيط هو أقل كلفة وضرراً عليك من أن تعيش الإحباط أو يتملكك اليأس..

وفقك الله لكل خير وفتح في وجهك أبواب رحمته ولطفه. وإني أدعو الله تعالى أن يفرّج كربك ويكشف همك وأن يفتح عليك أبواب الرزق.

س » هل صحيح أنّ كل من يفتي بوجوب تقليد الاعلم ثم يتصدى للمرجعية فلا بد ان يعتقد انه هو الاعلم؟
ج »
التصدي للمرجعية من قبل من يرى شرط الأعلمية يكفي فيه عدم إحراز أعلمية الغير، ولا يشترط فيه إحراز أعلمية النفس على الغير. فهو عندما يتصدى: إما محرز لأعلمية نفسه أو لم تثبت أعلمية الغير على نفسه. وعليه فتصديه للمرجعية ليس بالضرورة أن يكون فيه نفي لأعلمية الغير لتتعارض الشهادات.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن تصدي غير الأعلم للمرجعية مع كونه يرى شرط الأعلمية، قد يكون مبرراً من جهات أخرى، منها توفر شرط البصيرة والعلم بالزمان والمكان مما قد يرى المرجع انتفاءه عن غيره وموجودة فيه.
بعبارة أخرى: إن تصدي الفقيه مع إقراره بأعلمية غيره قد يكون بسبب أنه يرى فقد الآخر لشرط آخر غير الأعلمية بينما يرى نفسه حائزة على هذا الشرط.
س » هل فعلا الشهادات بالأعلمية موضوعية وبعيدة عن الاعتبارات والميول والعاطفة ، فالملاحظ ان كل مجموعة تشهد لشخص ومقتضاها نفيها عن غيره ؟
ج »

إنّ أهل الخبرة ليسوا معصومين بطبيعة الحال، وقد يتأثرون ببعض العوامل والدوافع غير الموضوعية من عاطفة أو غيرها، ولكن مع إحراز العدالة والخبروية فيهم، فمتقضى القاعدة هي قبةل شهادتهم أو ردّها، إلا في حال اتضحت أن العاطفة غلبت على أحدهم فأفقدته التقييم الموضوعي في شهادته.

س » يعيش بعض المكلفين في حيرة واضطراب أمام الاختلاف في شهادات أهل الخبرة حول الأعلمية، فماهي وظيفته أمام هذا التجاذب ؟
ج »

من المعروف أن حجية شهادة أهل الخبرة مشروطة بعدم وجود معارض لها، وفي حال بروز التعارض، فتُرجح شهادة من كان أكثر خبروية بحيث يُحتمل كون شهادته أقرب للواقع من شهادة غيره.

س » ولادة الامام المهدي مسألة غائمة يكتنفها الضباب التاريخي فلا تشكل تلك المعطيات جانبا اطمئنانبا لدى العقل الباحث، ما رأيكم؟
ج »
إنّ الشواهد العديدة التي تدل على ولادة الإمام المهدي (عج) إما بالدلالة المطابقية أو الالتزامية أو التضمنية كثيرة  وهي بحساب الاحتمالات تورث الاطمئنان في المسألة .
ووجود بعض الشكوك والشوائب لا يُنكر، ولكننا نعتقد أنّها لا تصل إلى حد زلزلة الاطمئنان المذكور، وإلا فإن أمهات القضايا العقدية قد تثار في وجهها الشكوك، وعلى رأسها كبرى اليقينيات عنيت بها مسألة وجود الله تعالى، فهل يدفعنا ذلك لإنكارها؟!!وحري بالباحث الموضوعي عندما تعتريه حالة من التشكيك أو الضبابية في مسألة تسالم عليها الشيعة أن لا يتسرع في الحكم ويستكمل عملية البحث ويستنفذ الجهد آخذاً بعين الاعتبار كافة الشواهد العقلية والنقلية التي تذكر لتدعيم هذه القضية.
س » مسألة السفراء الأربعة في الغيبة الصغرى تفتقد للتوثيق فلربما أن أولئك ادعوا النيابة لمآرب مالية وبالتالي تعطي وهنا في مسألة الامام وغيبته، ما رأيكم؟
ج »

إن السفراء الأربعة هم شخصيات معروفة وليست مغمورة، وما وصلنا في النصوص الحديثية والتاريخية يدل على أنهم كانوا أشخاصا في موضع عال من التقدير والوثاقة والنزاهة، وقد دانت لهم الطائفة برموزها وأعلامها الكبار من معاصريهم ومن قارب عصرهم من أمثال المفيد وغيره والذين هم أقدر على معرفة سوء حال هؤلاء لو كان محتملاً.فلا يسعنا بهذه السهولة اتهامهم في دينهم أو التشكيك في صدقيتهم من دون إبراز شواهد مقنعة تجعل مثل هذا التشكيك ذا وجاهة.

س » صغر عمر المهدي (ع) بعد وفاة والده (خمس سنوات) سن طفولي بعيد عن روح التكليف ، غير قادر لادارة أمة وتوجيهها حضوريا، ما رأيكم؟
ج »
قضية صغر عمر الأمام (عج) هي قضية مطروحة - كقضية إشكالية - منذ زمن قديم، وقد  أجيب عليها بأجوبة تفصيلية، وعمدتها: أنّ ذلك ليس خارج دائرة الإمكان العقلي، كيف وقد وقع نظيره  في الأمم الغابرة ( وخير دليل على الإمكان هو الوقوع)وهو ما حدثنا عنه القرآن بشأن يحيى (ع) وعيسى بن مريم (ع). وعليه، فلا يسع الإنسان الذي يؤمن بالقرآن ويذعن ويصدق مفاد قوله تعالى: وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً أن يبادر إلى التشكيك في إمامة إمام بسبب صغر سنّه عند تولّي الإمامة.
وعدم قدرته (ع) على إدارة أمور الأمة وتوجيهها – لو سُلّم – لا يبرر التشكيك في إمامته ولا ينفي الحكمة من جعله إماماً على اعتبار أنّ هذه الإمامة لها أكثر من دور ولو في مستقبل الأيام.
س » اذا لم تتوافر لدي الادلة المقنعة حول قضية الامام المهدي فلم اعتقد به واعتقد بالائمة الاحد عشر فهل يؤثر على معتقدي الامامي؟
ج »

إن الإيمان بالأئمة الاثني عشر هو شرط مقوّم لإمامة الشخص ولكن الإنسان إذا لم تتوفر لديه الأدلة على إمامة بعضهم، فعليه أن لا يجمد على قراءته، بل يواصل البحث والنظر وسؤال أهل المعرفة والعلم، وهو ما دام في الطلب ومهلة النظر يكون معذوراً من دون شك.

س » ثقة الاسلام الكليني صاحب "الكافي"وهو أكبر محدثي الشيعة كان يستقصي أحاديث أهل البيت بأقل الوسائط؛ وقد عاصر جميع السفراء الاربعة ولم يروي عن أيٍ منهم كما أنه عاش معهم في نفس المدينة (بغداد) ولم يذكر التاريخ أنه إلتقى بأيٍ منهم؟
ج »
إنّ موطن الكليني هو الري وليس بغداد، والظاهر أنه عاش معظم حياته في الري حنى أن النجاشي في ترجمته له يقول: "شيخ أصحابنا في وقته بالري، وكان أوثق الناس في الحديث.."
وأمّا عن وفاته ودفنه في بغداد، تشير بعض المصادر إلى أن ذلك حصل في السنتين الآخيرتين من عمره، فيكون قد دخلها بعد وفاة السفير الرابع. وعليه فيمكن تفسير عدم روايته من السفراء الأربعة مباشرة لعدم حصول لقاء مباشر بينه وبينهم ولا سيما أن الظروف المحيطة بهم تصعّب من إمكانية اللقاء بهم.
على أن ثمة احتمالا في المسألة، أن يكون حصل مثل هذا اللقاء، وروى عنهم الكليني، وسجل رواياته تلك في كتبه الأخرى التي لم تصل إلينا ومنها: كتاب رسائل الأئمة (ع) أو غيرها من كتبه، وخصص الكافي للروايات المأخوذة عن الأصول الأربعمائة وهي مروية عن الأئمة (ع) المتقدمين.
س » لماذا الشيخ الكليني لم يوثق نفس السفراء الاربعة ؟
ج »

إنّ الشيخ الكليني قد وثّق هؤلاء من خلال روايته لما يدل على وثاقتهم، فهو الذي روى عن أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن (ع) قال: "العمري ثقتي فما أدى إليك فعني يؤدي"، وفي خبر آخر: "العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليك فعني يؤديان". بالإضافة إلى أن كتاب الكافي ليس كتابا رجاليا ومخصصا لتوثيق الأشخاص لكي يُحاكم على هذا الأساس فيُقال: لما لا يوثق فلانا وفلانا..!

س » السلام عليكم ورحمة الله شيخنا الطيب س: ما معنى جوامع السلام التي ترد في الزيارات ؟
ج »
المقصود بفقرة: "السلام عليك بجوامع السلام" فجوابه: إن هذا المقطع هو فقرة من فقرات دعاء يخاطَب به الإمام المهدي (عج)، والمقصود بـ "جوامع السلام" هو أكمل وأفضل وأتمّ السلام، فالزائر يقول مخاطبًا الإمام (ع): أنا أسلّم عليك بأكمل السلام وأفضل التحايا وأحسنها..
أ
س » شاب ثلاثيني، بمذاا تنصحه؟
ج »

- أولاً: أن لا تسمح لليأس أن يقتل روح الأمل فيك، ولا تدع الإحباط يُقعِدك أو يُعميك عن أن ترى نقاط الإيجابية وبقع الضوء الكثيرة من حولك، وإنّ أهمّ عاملٍ لبقاء الأمل يقظًا في النفوس: أن تبقى في تواصلٍ مستمرٍّ مع الله عزّ وجلّ، وأن تُسلِّم له وتثق بحكمته، وتُقدِّر نعمه الكثيرة التي أنعمها عليك وهي لا تعدُّ ولا تحصى، ومن أهمّ هذه النعم: الشباب الذي أنت فيه، فإن الشبابَ طاقةٌ عظيمةٌ ولا يجوز أن نبدّدها ونضيّعها.

- ثانيًا: وفي ضوء ما تقدّم، فإن أولى الخطوات التي عليك أن تقوم بها: أن لا تبقى في حالةٍ من الفراغ، فإنّه مفسدةٌ للشباب، وإنّما عليك أن تجد سبيلاً من سُبل العلم أو العمل والنشاط، حتى لو كان بعائدٍ ماليٍ لا يكفي لتأمين الرفاهية لك، وابقَ – وأنت في ميدان العمل - مُصرًّا على إيجاد أفضل البدائل والحلول المناسبة لك.

- ثالثًا: إن العلاقة الروحية مع الله جلّ وعلا، هي خير معين لك يخفّف عنك أعباء الحياة ووساوس الشيطان، فلا تغفل عن هذا الباب العظيم، باب العلاقة مع الله وعبادته، شرط أن تعي معنى العبادة وأبعادها المتنوعة.

- رابعًا: أنصحك بالانخراط في بعض الأعمال والأنشطة الاجتماعيّة والإنسانيّة والترفيهيّة، فذلك يمثّل نِعْمَ العون لك في التغلّب على الضغوط والأعباء النفسيّة التي ستواجهها في حال بقيت في حالة من العزلة.

دمتم موفقّين ومُسدَّدين.

س » ما الذي يجلب التوفيق والرزق؟
ج »

- إنّ الذي يجلب التوفيق والنجاح في هذه الحياة هو الأخذ بالسنن الإلهية والعمل وفق منطق الأسباب والمسبَّبات، فإن هذا العالم مبنيٌ على أساس هذه السنن وتلك القوانين، وبالتالي فعلى الإنسان، ليكون موفقًا وناجحًا، أن يتحرّك في مسارات هذه الحياة ليغدو عالمًا ومتعلّمًا، ومن ثم ساعيًا وعاملاً ومنتجًا، {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ} وبذلك يمكن أن يصل إلى مبتغاه ويحالفه التوفيق، وفي حال انسدّ عليه بابٌ من أبواب الرزق، فعليه أن يطرق بابًا آخرَ ولا يسمح لليأس والإحباط أن يتملّكه ويُسقطه، ولا يتعذّر بالحظّ والنصيب، فليس هناك شيءٌ اسمه الحظ خارج السنن والتقادير الإلهية.

- التوفيق إذًا يكون بالعمل والسعي ولن يحالفنا التوفيق على الإطلاق إذا تكاسلنا وتقاعسنا وجلسنا في البيوت، حتى لو دعونا الله بأن يوفقنا ويرزقنا، فإن من شروط استجابة الدعاء في الإسلام: أن يسعى الإنسان في مناكب الأرض، وليس من المعلوم أن يُستجاب دعاء الإنسان بالتوفيق والنجاح والغنى والصحة إنْ لم يأخذ بالأسباب التي أراد الله تعالى له أن يأخذ بها.

دمتم موفقين ومُسدَّدين.

س » ما هي أهم ركائز الدولة المهدوية الفاضلة؟ وهل يمكن تطبيقها أم تبقى نظريات كلامية فقط؟
ج »
إنّ الرؤية الإسلامية حول بنية الدولة الفاضلة - إذا صحّ التعبير - تفترض:
أولاً: وجود قائد ملائم ذي صفات خاصة من الكفاءة والنزاهة، معصوماً كان أو غير معصوم.
ثانياً: مجتمع متفاعل يشارك في الحياة السياسية والاجتماعية، وهذا المجتمع له دور في النقد والتسديد والنصح حتى لو كان القائد معصوماً، فللمجتمع أن يقدم له المشورة والنصيحة وقد كان النبي (ص) والإمام علي (ع) يدعوان الأمة إلى مشاركتهما في الآراء. وفي تاريخنا الإسلامي الكثير من الشواهد على دور الأمة الأساسي في صناعة عملية التغيير.
ثالثاً: وجود منظومة فكرية إيمانية تجيب على أسئلة الإنسان وتسعى إلى منحه اليقين والاطمئنان، وكذلك وجود منظومة تشريعية حقوقية تنظم العلاقات الاجتماعية بصورة عادلة.
وهذه الرؤية بركائزها الثلاث لن تتغير في زمن المهدي (عج)، فالمهدي رغم أنه قائد استثنائي ويمتلك مواصفات النزاهة والكفاءة بمستواها الأعلى ويمتلك مشروعية بنوع خاص كونه من نسل النبي (ص) والذي بشّر به، ومع ذلك فهو (عج) لا يلغي ولا يختصر الأمة بشخصه، بل إنه (عج) يعتمد على هذه الأمة وكفاءاتها وطاقاتها في مشروعه التغييري.
ب- إنّ المدينة المهدوية الفاضلة لا تعني أبداً أن يتحول البشر إلى ملائكة وأن تنتفي نزعاتهم وأهواؤهم وإلا لكنا نتحدث عن أهل الجنة لا عن أهل الأرض، ولذا في دولة المهدي (عج) سيبقى هناك أشخاص مجرمون وظالمون وفاسدون بيد أن ما تمتاز به هذه المدينة هي في وجود نظام عالمي عادل لأن المشكلة الأساس التي تعاني منها البشرية هي عدم وجود هذا النظام العادل الذي يُطبق بطريقة متساوية ليس فيها شيء من الانتقائية والاستنسابية كما نشهده اليوم.
باختصار، إن المدينة المهدوية الفاضلة ليست مدينة مبنية على أسس غيبية وخارج منطق السنن والقوانين التي تحكم هذا العالم، وهذا ما يؤكد عليه قوله تعالى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ (النور:55) فالاستخلاف لا يكون على مجرد الإيمان المحض بل لا بدّ أن يقوم على ثنائية الإيمان والعمل الصالح، العمل الذي يرتكز على التخطيط والتدبير ومراعاة الحكمة في المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، هذه هي رؤيتنا للدولة المهدوية الفاضلة.
س » ما رأيكم بالفيلسوف صدر المتألهين ومدرسته الفلسفية؟
ج »
يمكن أن أوجز رأيي في نقطتين مختصرتين:
أولاً: أعتقد أنّ مدرسة الحكمة المتعالية مثلت في مرحلتها خلاصة الفلسفة الإسلامية لجهة عمقها ونضجها، وعلى يدي صاحب هذه المدرسة أعني صدر المتألهين الشيرازي تبلورت الكثير من المفاهيم الفلسفية بشكل واضح وجلي ومؤصل. وقد امتازت مدرسته بمزايا كثيرة، ومن أبرزها أنها وعلى الرغم من نقدها للمدرسة المشائية ورمزها الكبير ابن سينا قد توافقت معها على أهمية ومحورية البرهان في البناء المعرفي، ولم تكتف أبداً بالعرفان والكشف والشهود، وبذلك جمعت بين المدرستين – أي المشائية والإشراقية - ومدّت جسور التواصل بينهما، مع ميل واضح وجلي إلى مدرسة الإشراق والعرفان، ولا سيما إلى أفكار رمزها الكبير ابن عربي، صاحب الفتوحات المكية، وفي الوقت عينه فقد حرصت مدرسة الحكمة المتعالية على إظهار تناغم الأفكار الفلسفية والعرفانية وتوافقها التام مع نصوص القرآن الكريم، وحذت بذلك حذو ابن رشد في كتابه "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من اتصال"، وبذلك غدا القرآن والعرفان والبرهان في حالة اتساق واتفاق تام في رؤية هذه المدرسة.
ثانياً: إنّ هذه المدرسة وما تميزت به من رؤى فلسفية، وأفكار ملهمة ومؤثرة من قبيل فكرة الحركة الجوهرية أو نظرية وحدة الوجود جديرة بالبحث والتأمل والنقد والدراسة. وفي هذا السياق أرى أننا – من جهة - معنيون بالتعريف بهذه المدرسة فهي لا تزال مجهولة في بعض الحواضر العلمية، مع أنه ليس من الحكمة في شيء إهمالها أو تجاوزها أو التعامل معها باستخفاف، ومدعوون - من جهة ثانية – إلى مدارستها بطريقة نقدية ومقارنة مع النظريات الفلسفية الغربية أو غيرها، لأننا لا نرى مبرراً للجمود على أفكارها، فضلاً عن إعطاء رموزها - ولا سيما صدر المتأهلين – هالة مبالغاً بها من القداسة، بما يمنع من ممارسة نقد أفكارهم بحرية تامة، وكأن التفكير الفلسفي قد انتهى بعدهم، إنّ هذا ليس صحيحاً ولا يخدم الحكمة ولا الحقيقة ولا الإنسان.
س » إذا كان اتباع أهل البيت عليهم السلام هو الحق كيف نقول اختلاف المذاهب وتعدد الاجتهادات الكثير من اليسر والسعة على الأمة ؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. 

أولا: إن المذاهب الإسلامية - على تعددها - لديها الكثير من المشتركات في أصول الاستنباط الفقهي، وبالتالي فالاطلاع على هذه الأصول وما يتصل بها من بحوث - بصرف النظر عن هوية الباحث - له دور في تعميق عملية الاجتهاد الفقهي وثرائها والإلمام بكافة جوانبها.

ثانيا: إن الآراء الأخرى حتى لو كنا لا نوافق عليها ولا نرى أنها تمتلك حجة شرعية لكنها تحرك الكثير من الساكن في الواقع وتستفز العقل الفقهي لإيجاد إجابات مقنعة بشأن الموضوعات المختَلَف عليها..

س » السلام عليكم. متردد بين دراسة علم الطب والالتحاق بالحوزة لدراسة العلوم الدينية... بما تنصحني؟
ج »

وعليكم السلام ورجمة الله وبركاته .

ينبغي أن تعلم أنّ الطب هو مسار جيد وفيه خدمة للإنسان، ومسار الدراسة الدينية وهو مسار شريف ويهدف إلى إحياء الإنسان كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ

وبذلك فإنّ الطب يلتقي مع هدف الدين في حماية الإنسان لكنه – أعني الطب – يركز على جسد الإنسان بينما يُعنى الدين بروح الإنسان وعقله وحركته في المجتمع. 

إنّ الأمر يعود إلى رغبتك الشخصية، فإن كنتَ – كما لمستُ من رسالتك – راغباً في طلب العلم مفضلاً ذلك على دراسة الطب على أهميته، فأنا أدعوك أن تنسجم مع رغبتك وتنخرط في هذا المسار الطيّب، فإن مسار طلب العلم يحتاج إلى أشخاص يتحلون بروح مسؤولية عالية وبتوطين النفس على المثابرة.

س » ما رأيكم في نسبة إيمان فرعون إلى الملا صدرا الشيرازي من تعليقه على ابن عربي (و يفوح من هذا الكلام رائحة الصدق و قد صدر من مشكاة التحقيق و موضع القرب و الولاية) ؟
ج »
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إن الكلام الذي نقلتموه عن صدر المتأهلين من امتداحه لما ذكره ابن عربي في الفتوحات المكية حول موت فرعون مؤمنا بعد أن وصل الأمر إلى الغرق، موجود في تفسير صدر المتألهين، حيث نقل هناك كلام ابن عربي والذي تضمن دفاعه عن إيمان فرعون في آخر لحظات حياته وأن الله تعالى قبل إيمانه، وبعد نقله لهذا الكلام اعتبر صدر المتألهين أن هذا الرأي قد صدر عن مشكاة التحقيق وأن رائحة الصدق تلوح عليه.
 أقول: قد نوافق كلام العلمين على أنّ الله تعالى قبل إيمان فرعون، أو أنه إذا قبل إيمانه، فهذا يعني أنه قبل توبته، لأنّ للتوبة شروطاً ومنها أن لا تكون عند رؤية البأس ولعذاب، ولكن اختلافنا معهما في هذا الرأي – وبصرف النظر عن أفكار أخرى - لا يسمح لنا بالنيل منهما أو رميهما وإسقاط حرمتهما.
س » السلام عليكم ما صحة هذا الحديث المنسوب الى النبي (ص) على الحسين فلتشق القلوب لا الجيوب ؟
ج »

وعليكم السلام، المعروف في الخبر "على مثل الحسين فلتشق الجيوب" وهو خبر رواه الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام ج 8 ص 328 عن الإمام الصادق (ع)، وقد تطرقنا لهذه الرواية في كتاب "فقه الشعائر والطقوس" وبحثناها سنداً ودلالة. أما ما ذكرتموه فلا أصل له في الأخبار، وربما كان تعبيراً لبعض الأدباء استيحاء من الحديث المذكور أعلاه كنوع من المبالغة التعبيرية التي مفادها أنه "على مثل الحسين (ع) تشق القلوب وليس الجيوب فحسب.

س » ماصحة مقولة من شبّ على شيء شاب عليه ؟
ج »

هذه حكمة صحيحة أكدتها التجارب البشرية حيث تشير إلى أهمية التربية والتعليم في الصِغر وأن ما يتعلمه الإنسان في صِغره وسواء كان سلوكاً طيباً أو سيئاً سوف يصاحبه في الأعم الأغلب إلى مرحلة الشيخوخة. وثمة حكمة أخرى تشهد بهذا المعنى وهي مروية عن أمير المؤمنين (ع): العلم في الصغر كالنقش على الحجر، وعن رسول الله (ص): مَثَلُ الذي يتعلمُ العِلْمَ في صِغَرِهِ ، كالنَّقْشِ على الحَجَرِ ، ومَثَلُ الذي تَعَلَّمَ العِلْمَ في كِبَرِهِ ، كالذي يَكْتُبُ على الماءِ. لذلك تولي كل المناهج التربوية أهمية تربية الإنسان على القِيَم والمبادئ والسلوكيات الحسنة في صِغره ويقول أمير المؤمنين (ع): وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته. فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك.

س » لماذا يُشترط أذن الوالد في زواج البكر بينما المطلقة لا تأخذ أذن والدها؟
ج »

أولا هناك وجهة نظر فقهية تقول إن البالغة الرشيدة لا يجب عليها استئذان والدها في الزواج حتى لو كانت بكراً. ثانياً: إذا أخذنا بالرأي الآخر والذي يلزم البكر باستئذان أبيها بينما لا يلزم المطلقة المدخول بها بذلك، فيمكن تفسير هذا الفارق بأن البكر لم تخض تجربة الزواج بعد، وقد لا تقدّر المصلحة جيداً فاحتاجت إلى أذن أبيها بخلاف المتزوجة المدخول بها فإنها قد خاضت مثل هذه التجربة فيمكنها أن تختار دون استئذان

س » كيف نفهم الحديث القائل "والراد عليه على حد الشرك بالله"؟ ما المقصود بالرد ؟ ما المقصود بالشرك هنا ؟
ج »

وعليكم السلام، إن الحديث الشريف لم يقل إن الراد على الإمام (ع) مشرك بحيث يستلزم ذلك حروجه عن الدين وإنما قال إنّ الراد عليه على حدّ الشرك أي إن هذا الراد في انحرافه وضلاله يكاد يصل إلى حالة الشرك، وهذه إشارة إلى عظيم وقبيح الردّ على الإمام (ع). والوجه في كون الراد على الإمام (ع) هو على حدّ الشرك أنّ من مظاهر توحيد الله إطاعة الله فيما أمر به وإطاعة أنبيائه و أوليائه المعصومين فيما أدوا عنه، والردّ على الله هو مظهر إشراك، والردّ على النبي (ص) أو الإمام (ع) هو مظهر إشراك أيضاً لكنه إشراك في الطاعة وليس إشراكاً في الربوبية والله الموفق.

س » نطلب من سماحتكم تبيين يتناسب فهمنا القاصر بماهي الفروق بين العلم والمعرفة حيث توصلنا فقط إلى أن العلم ليس مسبوقاً بنسيان وغفلة بخلاف المعرفة التي قد تطلق بنسيان أو غفلة ؟
ج »

أخي الكريم : ذكرت فروق عديدة بين العلم والمعرفة، وألف بعضهم رسالة في هذا المجال كما يذكر صاحب الذريعة، وقد أشار قال "الفروق اللغوية" إلى أهم هذه الفروق، قال تحت عنوان: "الفرق بين المعرفة والعلم ":

1-  قيل : المعرفة إدراك البسائط والجزئيات . والعلم : إدراك المركبات والكليات . ومن ثم يقال : عرفت الله ، ولا يقال علمته .

2- وقيل : هي عبارة عن الادراك التصوري . والعلم هو الادراك التصديقي . ومن ذهب إلى هذا القول جعل العرفان أعظم رتبة من العلم ، قال : لان استناد هذه المحسوسات إلى موجود واجب الوجود أمر معلوم بالضرورة . وأما تصور حقيقة واجب الوجود فأمر فوق الطاقة البشرية ، لان الشيء ما لم يعرف لم تطلب ماهيته . فعلى هذا كل عارف عالم من دون عكس ولذلك كان الرجل لا يسمى عارفا إلا إذا توغل في بحار العلوم ومباديها ، وترقى من مطالعها إلى مقاطعها . ومن مباديها إلى غاياتها بحسب الطاقة البشرية .

3- وقيل : المعرفة : إدراك الشيء ثانيا بعد توسط نسيانه . لذلك يسمى الحق - تعالى - بالعالم دون العارف . وهو أشهر الأقوال في تعريف المعرفة .

4- وقيل : المعرفة : قد تقال فيما تدرك آثاره ، وإن لم يدرك ذاته، والعلم لا يكاد يقال إلا فيما أدرك ذاته . ولذا يقال : فلان يعرف الله ، ولا يقال : يعلم الله ، لما كانت معرفته - سبحانه - ليست إلا بمعرفة آثاره دون معرفة ذاته . وأيضا فالمعرفة تقال فيما لم يعرف إلا كونه موجودا فقط . والعلم أصله فيما يعرف وجوده ، وجنسه ، وعلته ، وكيفيته . ولهذا يقال : الله عالم بكذا ولا يقال : عارف لما كان العرفان يستعمل في العلم القاصر . وأيضا  فالمعرفة تقال فيما يتوصل إليه بتفكر وتدبر .والعلم قد يقال في ذلك وفي غيره .

 هذا وقد يستفاد من كلام الشيخ الرئيس في بعض مصنفاته أنهما مترادفان . وإليه ذهب جماعة من أهل اللغة وأرباب الأصول . ويشهد لذلك قول سيد الساجدين في الصحيفة الكاملة : " وقد أحصيتهم بمعرفتك " . فإنه أطلق المعرفة عليه - سبحانه - ويمكن أن يراد بها العلم هنا تجوزا ." ( الفروق اللغوية لابن هلال العسكري ونور الدين الجزائري ص 501).

ويظهر أن الشيخ الطوسي تبنى الرأي القائل بترادفهما : "والعلم والمعرفة واحد . وحدّه ما اقتضى سكون النفس . وإن فصّلت ، قلت : هو الاعتقاد للشيء على ما هو به مع سكون النفس " ( التبيان في تفسير القرآن ج 2 ص 21)

وقال الشيخ مغنية:" فرق البعض بين العلم والمعرفة بأن العلم يتعلق بالكليات ، والمعرفة تتعلق بالجزئيات ، اما نحن فلا نجد فرقا بينهما ، قال تعالى : « قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ » ولم يقل قد عرف ، مع العلم بأن مشرب كل سبط من أسباط إسرائيل كان خاصا .( تفسير الكاشف )

وقال الشيخ المصطفوي :"الفرق بين العلم والمعرفة : أنّ المعرفة أخصّ من العلم ، لأنّها علم بعين الشيء مفصّلا عمّا سواه . والعلم يكون مجملا ومفصّلا . فكلّ معرفة علم وليس كلّ علم معرفة ، وذلك أنّ المعرفة يفيد تمييز المعلوم من غيره ، والعلم لا يفيد ذلك" ( التحقيق في كلمات القرآن الكريم ج 8 ص 206) .

س » اطلق بعض علماء الحوزة قبل فترة دعوى مفادها ان جميع علماء الإمامية مجمعون على ان أهل السنة والجماعة مسلمون ظاهراً وكافرون باطناً. فهل هذه الدعوى صحيحة؟
ج »

إن هذه الدعوى غير صحيحة في الواقع وقد بيّنا آراء فقهاء الشيعة في المسألة وأنه يوجد اتجاه وازن يحكم بإسلام الآخرين وقد ذكرنا ذلك في كتاب فقه العلاقة مع الآخر المذهبي فليراجع 

س » هل ترون ان الاخلاق مصدر تشريعي في الفقه ؟
ج »
 إن الكثير من المبادئ الأخلاقية هي من مقاصد التشريع العليا وبالتالي فلا بد من أخذها بنظر الاعتبار في عملية استنباط الحكم الشرعي، من قبيل مبدأ العفة والحشمة فإنه مبدأ أخلاقي ويُفترض أخذه بنظر الاعتبار ولا يمكن أن يُقبل برأي أو رواية تنافي مبدأ العفة والحشمة وتدعو إلى خلافها.
س » هل على الفقه أن يراعي العادات والتقاليد؟
ج »

 من حيث المبدأ لا نستطيع القول إنّ على الفقه أن يراعي العادات والتقاليد التي تتولد في أي مجتمع من المجتمعات، ليست العادات والتقاليد مصادر للتشرع الإسلامي . نعم، لو أنّ هذه العادات والتقاليد شكّلت عرفاً عاماً فقد تدخل ضمن ما يصطلح عليه الفقهاء بالشروط الضمنية التي لا بد من مراعاتها في العقود كعقد الزواج أو العقود المالية وما إلى ذلك. والله العالم

س » كيف حزن رسول الله (ص) على خديجة لمدة عام مع أنه نهى (ص) عن الحزن أكثر من ثلاثة أيام؟
ج »

ليس لدينا حديث يقول إنه لا حزن بعد ثلاث، وإنما هناك بعض الأحاديث التي يُستفاد منها أنه لا عزاء بعد ثلاث، وبالتالي فيمكن أن يستمر الحزن أكثر من ثلاث لكن يكره أن تُقام مراسم العزاء بعد الثلاث، والله العالم.

س » أشعر بضغط نفسي هائل وتوتر شديد.. بما تنصحوني؟
ج »

بداية نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفرج همك ويكشف كربك وأن يزيل ما بك من خوف وقلق بحق محمد وآله الطاهرين.

ولا بد للإنسان المؤمن أن يكون مسلّماً وراضياً بقضاء الله وقدره وأن يكون على ثقة بأن الله تعالى لا يريد لعبده إلا الخير والصلاح إذا ما التجأ العبد إلى خالقه وركن إليه. ومن المهم هنا أن يعزز العبد علاقته بالله في مثل هذه الظروف التي تمرّ بها وأن يلحّ عليه في الدعاء بكشف الهمّ والكرب.

وأوصيك بدعاء الإمام الحسين (ع) في يوم العاشر من محرم: اللَهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي‌ فِي‌ كُلِّ كَرْبٍ وَأَنْتَ رَجَائِي‌ فِي ‌كُلِّ شِدَّةٍ وَأَنْتَ لِي‌ فِي‌ كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِـي‌ ثِقَةٌ وَعُدَّةٌ، كَمْ مِنْ هَمٍّ يَضْعُفُ فِيهِ الْفُؤَادُ وتَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ ويَخْذُلُ فِيهِ الصَّدِيقُ ويَشْمَتُ فِيهِ الْعَدُوُّ، أَنْزَلْتُهُ بِكَ وَشَكَوْتُهُ إلَيْكَ، رَغْبَةً مِنِّي‌ إلَيْكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، فَفَرَّجْتَهُ عَنِّي‌ وَكَشَفْتَهُ وَكَفَيْتَهُ، فَأَنْتَ وَلِي‌ُّ كُلِّ نِعْمَةٍ وصَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ ومُنْتَهَي‌ كُلِّ رَغْبَةٍ.

ومن جهة ثانية، يفترض بك أيها العزيز أن تفتش على أسباب التوتر والقلق وتعمل على تلافيها وتجاوزها من خلال السنن والأخذ بالأسباب واستشارة ذوي الخبرة، وقد يكون لانشغالك بأمور المعاش أو بالعمل الوظيفي أو انخراطك في بعض النشاطات الاجتماعية أو الرياضة دورٌ مهمٌ في التخفيف من معاناتك وهواجسك لأن العزلة سبب في تزاحم الهموم على الإنسان.

س » ما الفائدة من وجود المهدي حيّ بيننا وهو غائب؟
ج »

إن لوجود إمام معصوم حيّ بيننا – ولو لم نعرف شخصه – أثراً نفسياً تربوياً لدى المؤمن إذ إن هذا الشعور بوجود الإمام (ع) يلهمه الحماسة ويحمله المسؤولية ويدفعه إلى مزيد من العمل والنشاط في سبيل التمهيد لهذا القادم المنتظر الذي ينتظر المؤمنين أن يوطنوا له الأرض ويمهدوا له الأرضية لكي يخرج ويقودهم نحو إقامة المشروع الإلهي الكبير ونشر العدالة على وجه البسيطة، فلو كان الإمام (ع) غير موجود فلن يكون لدى المؤمن مثل هذا الشعور الملتهب والإحساس العارم بالمسؤولية.. هذه واحدة من الفوائد المترتبة على وجود الإمام (ع)، وهناك فوائد أخرى كثيرة قد ذكرها العلماء، فتراجع.

س » لماذا استعمل القران اسم الإشارة ذلك في قوله تعالى ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ؟
ج »

وعليكم السلام، ذكر اللغويون أنّ اسم الإشارة "ذلك" يُشار به إلى البعيد بخلاف "هذا" فإنه يُشار به إلى القريب، ولكنّ ثمة دلالة أخرى يختزنها اسم الإشارة "ذلك" ألا وهي: الإشارة إلى عظمة الشيء وعلوه وبيان جلالة قدره وشأنه، فأنت قد تكون واقفاً على المنبر مثلاً وتشير بيدك إلى إحدى الشخصيات العلمية الحاضرة وتقول: إنّ ذلك العالم، مريداً وقاصداً بذلك التفخيم والتعظيم. 

س » السلام عليكم أعيش ضغوطاً كبيرة ومعاناة أليمة ويأتيني وساوس الشيطان في إيماني بالله تعالى.. ماذا أفعل؟
ج »

وعليكم السلام، إن هذه المعاناة التي عشتيها في حياتك بدون شك تركت بصمة وندوباً على نفسيتك ومشاعرك وعواطفك، ولكن كوني على ثقة بأن هذه المعاناة هي بعين الله تعالى وهي من الابتلاءات التي يؤجر عليها الإنسان إن شاء الله تعالى إذا صبر ولم يفسدها بالإنكار والجحود. ثانياً: كوني على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذك على هذه الأسئلة التي تقتحمك في أوقات نومك حول وجود الله، هذه الأسئلة تقتحم الكثيرين وقد كان بعض الصحابة يأتون إلى النبي (ص) وهم خائفون ويشكون وكان النبي (ص) يعرف من خلال ما علمه الله تعالى ما يواجههم ويقول (ص) للشخص: لقد جاءك الخبيث وقال لك: من خلقك؟ فقلتَ الله، فقال لك: ومن خلق الله؟ فخفتَ وحرتَ . وكان يقول الصحابي: نعم والله لقد كان ذلك يا رسول الله، فيجيبه النبي (ص) مطمئناً لا تخف والله إن ذلك محض الإيمان. فهذه الأسئلة والوساوس هي إن شاء الله تعالى لا تفسد إيمان الإنسان، لكن المهم أن لا يستسلم الإنسان لها. ثالثاً: أنت بحاجة فعلاً إلى راحة نفسية ومعنوية وأن تخرجي أحياناً من مشكلات الحياة وآلامها وترتاحي لتذهبي إلى نزهة تارة وتذهبي أخرى في سياحة دينية تكونين فيها مع الله تعالى أو في مصادقة إنسانة ترتاحين إليها، فعسى أن تكون ذلك باباً للراحة النفسية والاجتماعية والعاطفية ويبقى الله عزّ وجلّ هو الأمل والسند والعضد، والله الموفق. 

س » السلام عليكم، ما الحاجة لوجود إمام مهدي حيّ ونحن نرى المسلمين السنة يقومون بكامل مسؤولياتهم دون حاجة لهذا العقيدة، ثم لماذا لم يقم الأئمة (ع) بإقامة دولة الحق وماذا يختلف المهدي عنهم؟؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بالنسبة للآخرين من المسلمين وقيامهم بمسؤولياتهم بالرغم من أنهم لا يستحضرون وجود الإمام المهدي كما تقولين في السؤال، أقول لك: إن هذا الأمر ليس بهذا الوضوح، لدينا ما يزيد على المليار ونصف المليار من المسلمين، وفي الواقع نحترمهم ونجلّهم ولكن ربما لو قاموا بمسؤولياتهم وكان لديهم هذا الشعور لكان المسلمون بألف خير بينما تجدين أنّ المسلمين الذين يحملون هذا الإحساس بهذا الحضور وهذا الانتماء لمدرسة أهل البيت (ع) على قلّتهم، يشعرون بمسؤولياتهم الكبيرة ويقفون في أماكن التحدي ويواجهون قوى الاستكبار والاستعمار حيثما تحتاج المواجهة. ونعتقد أن أحد أسباب هذا الحضور القوي هو هذه العُلقة مع أهل البيت (ع) ولا سيما مع هذا الإمام العظيم (عج) الذي يعطينا وجودُه وانتظارُه أملاً كبيراً ودفعاً معنوياً عالياً. فيما يتصل بالسؤال الثاني أنه لماذا لم يستطع أحدٌ من الأئمة (ع) إقامة دولة الحق وما الذي يجعل الإمام المهدي مختلفاً عنهم؟ أعتقد أن وجود إمام من أئمة أهل البيت (ع) حيّ يُرزق هو الذي يدفع مثل هذا التساؤل الذي تطرحينه، ونحن نعتقد أنه (عج) إنما أُخّر ظهوره لكي تتهيأ له الأرضية لأنّ قيام الإمام (عج) بدوره التغييري وحصول هذا التغيير على أرض الواقع لا يكفي فيه وجود القائد بل يحتاج إلى أمة تبادله الحب والشعور بالمسؤولية وتنقاد لطاعته وتكون عضُداً له، فلهذا فإنّ عدم قيام الأئمة (ع) الماضين بهذا، لا يكون إشكالاً عليهم، فقد قاموا (ع) بدورهم التربوي والفكري والثقافي وقدموا (ع) زاداً للبشرية نستفيد منه اليوم، وعليه يكون هذا الإمام المذخور (ع) هو الذي يهيّئ لهذا المشروع التغييري الكبير، وعندما تشعر الأمة بمسؤولياتها الكبرى الملقاة على عاتقها، يبعثه الله ويحصل هذا التغيير بعون الله تعالى.

س » هل الكوارث البيئية عقوبة إليهة؟
ج »

وعليكم السلام، على ما أذكر أننا قد تناولنا هذا الأمر في كتاب "هل ظلمنا الله؟"

وقلنا إنّ هذه الظواهر هي ذات صلة بالنظام الكوني وقوانينه الحاكمة، ولا نرى أنها تمثل – بشكل مباشر – تأديباً أو عقوبة للإنسان العاصي أو جزاء على طاعته. نعم، لا شك أنه يمكن الإفادة منها في تنبيه الإنسان الغافل أو العاصي وتذكيره بالله تعالى وضرورة العودة إليه.

س » هل هناك عذاب في القبر وحساب؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، المعروف بين المسلمين أنّ هناك حساباً في القبر وهذا الأمر تدل عليه بعض النصوص الدينية، وبعد الحساب هل يكون هناك عذاب للميت إن كان من أهل الكفر والعصيان وثواب له إن كان من أهل الطاعة والإيمان؟ فهنا يوجد شيء من النقاش بينهم، والمعروف عند مذهب أهل البيت (ع) في الروايات المروية عنهم (ع) أنّ الذي يُعذب عذاب القبر هو من مُحضّ الكفر محضاً ومن يُثاب في القبر هو من مُحضّ الإيمان محضاً كالشهداء الذين تتحدث الآية عنهم أنّ لهم أجرهم عند ربهم فرحين ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚبَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (169-170 آل عمران) . أما عامة الناس فإنهم يُلحقونأن لهم أجرهم عند ربهم فرحولذين يلحقون بهم هملون إلى يوم القيامة. هذا ما جاء في روايات أهل البيت (ع) والله أعلم بحال عباده وبما سيفعل بهم.

س » سلام عليكم، لم أجد دعاء الصباح لأمير المؤمنين في كتاب الكفعمي، هل صحيح ويمكن قراءته؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولاً: ليس المعيار في صحة الدعاء وجوده في كتاب مصباح الكفعمي، فهناك كتب في الدعاء هي أسبق تاريخيا من الكفعمي كمصباح الشيخ الطوسي.

ثانياً: نعم، الدعاء المذكور حسب ما قال المجلسي في البحار أنه لم يوجد في كتاب يُعتمد عليه سوى كتاب المصباح للسيد ابن باقي الحلي" وهو كتاب طُبع مؤخرا. ولم نجد للدعاء سنداً صحيحاً إلى أمير المؤمنين (ع).

وهذه ظاهرة عامة في غالب كتب الأدعية حيث أن الأمر فيها جاري على ضوء قاعدة التسامح في أدلة السنن، وربما تُحذف أسانيدها اختصاراً أيضاً، هذا ما يتصل بالسند.

ثالثاً: لو أردنا تقييم الدعاء من ناحية المضمون فهو جيد ويحوي مضامين عالية ولا نجد فيها ما يتنافى مع المفاهيم الأصيلة الثابتة في القرآن والسنة لذلك ليس ثمة ما يمنع من قراءته، لا بقصد الورود.

 

س » لقد ذكروا أمامي بعض المقولات التي لم تثبت، صحيح؟
ج »

وعليكم السلام، إن بعض هذه المقولات لم تثبت منها: حديث حب الوطن من الإيمان.

ولكن بعضها الآخر وارد في الروايات ومنها: حديث الجنة تحت أقدام الأمهات، لكنه ليس واردا بهذا النص إنما على الشكل التالي:

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طالبًا الجهاد بين يديه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "ألك والدة؟" قال: نعم! قال صلى الله عليه وآله وسلم: "فالزمها، فإنّ الجنّة تحت قدمها. 

 

س » هل يمكنني الصلاة في سوبرمارمت فيها خمرة؟
ج »

وعليكم السلام،

ج1: إذا قطعت المسافة فإن صلاتك تكون قصراً حتى لو دخل الوقت وأنت لا تزال في بيتك أو في المحل الذي تصلي في تمام.

ج2: لا بأس بالصلاة في المحل المذكور ولا يؤثر وجود الخمر في السوبرماركت.

ورجاء أن تعرفونا على اسمكم الكريم كي نتشرف بكم

س » هل نصلي صلاة الآيات إذا شعر بها أهل القرى التي بجانبنا ونحن في سحمر؟
ج »

وعليكم السلام، إذا شعر أبناء المنطقة المجاورة لسحمر بالهزة، فتجب الصلاة على أهل سحمر، وإن لم يشعروا بها.

أما حدوث الهزة في بيروت من دون أن يشعر بها أهل سحمر، فلا تجب حينها الصلاة.

 

س » السلام عليكم، ممكن أن تفيدونا عن مسائل "الحجاج" في علم الأصول؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، نحن في الخدمة، لكن متابعة هذا الأمر بشكل تفصيلي يحتاج إلى متسع من الوقت وهو ما لا نملكه في هذه المرحلة.

وفي هذه العجالة، أسجل بعض الخواطر السريعة وأضعها بين أيديكم:

أولاً: إن هذا البحث بحاجة - بعد تعريف الحجاج الأصولي وأهميته - إلى مباني الحجاج الأصولي، وأدواته ، وتطوره أساليبه لدى الأصوليين، وآثاره على البحث الأصولي..

ثانيا: لا يخفى أن الأصولي اعتمد الكثير من المباني "الحجاجية" - إذا صحّ التعبير – في مباحث علم الأصول، وهذه المباني كثير منها مأخوذة من علوم أخرى، وربما أُخذت كأصول موضوعية اعتمدها القوم وأصّلوا لها في علوم مثل: المنطق والفلسفة وعلم الكلام، وعلوم اللغة وقواعدها، وتنوع المباني هذا انعكس على أدوات الحجاج الأصولي حيث نرى أنّ الأصولي تارة يستخدم أدوات وقواعد فلسفية في عملية الحجاج مثل قاعدة "الواحد لا يصدر عنه إلا واحد" وتارة أخرى يعتمد على قواعد كلامية كقاعدة "اللطف" التي يستفيدون منها في مباحث الإجماع وغيره أو قاعدة "التحسين والتقبيح العقليين" وما يتفرع عنها من قواعد كلامية مثل قاعدة "قبح العقاب بلا بيان"، وثالثة يعتمد على قواعد اللغة كما في مباحث الظهور والعموم وأدواته ونظائر ذلك ويكون الحاكم في مثل هذه المجالات هو الاستظهار العرفي، ورابعة نراهم يعتمدون على وسائل الاحتجاج التعبدي الشرعي إلى غير ذلك من الوسائل التي يعتمد عليها الأصولي في مباحثه.

ثالثاً: على ضوء ما تقدم يتضح أن الحجاج الأصولي ليس على وتيرة واحدة، وإنما يعتمد وسائل إثبات حجاجية مختلفة منها ما يعتمد المنهج العقلي في الحجاج، ومنها ما يعتمد المنهج النقلي في الحجاج، ومنها ما يعتمد المنهج العرفي العقلائي في الحجاج.

رابعاً: والاختلاف في المباني المذكورة كان له بالغ الأثر في اختلاف العلماء في المسائل الأصولية، وهذا ما انعكس على الفتاوى الفقهية، وهذا في الواقع مبحث هام في حدّ نفسه أعني تشخيص أسباب اختلاف الأصوليين، وإننا بالتدقيق سنكتشف أن واحداً من أهم أسباب الاختلاف بين الأصوليين تكمن في اختلاف المباني القبلية لعلم الأصول.

ولا شك أن اختلاف وسائل الحجاج ومبانيه هو أحد أسباب هذه الاختلافات بين الأصوليين. ومن الطبيعي لدراسة مثل دراستكم أن ترصد هذا الأمر أعني دور الاختلاف في وسائل الحجاج ومبانيه وتأثيره على الاختلافات الأصولية.

خامساً: من الضروري رصد الكتب المختلفة التي تتناول موضوع الحجاج ولا سيما بعض المؤلفات التي ألفها بعض علماء السنة للاستنارة في بحثكم هذا.

وأخيرا : نعتقد أن سعيكم لاكتشاف الحجاج الأصولية وبيان دورها في المباحث الأصولية له أهمية خاصة ونسأل الله أن يوفقك في مسعاك هذا، ونجدد التأكيد على أننا لا نمانع أن نكون بخدمتكم بحسب القدرة والمستطاع ومساعدة الظروف.

س » سلام عليكم، كيف برأيكم يكون الخطيب ناجحاً ومؤثراً؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

يمكن أن أشير إلى عدة أمور:

أولاً: في اختيار الموضوعات: أنصح أن يأخذ الخطيب عناوين محاضرته من الواقع وما يضج به من أسئلة وإشكالات وعناوين كثيرة في المجال التربوي والسياسي والبيئي والصحي ومن ثم يأتي بأسئلته هذه إلى الكتاب والسنة ليستنطقها بشأن ذلك ويبني موضوع المحاضرة وفق المنهجية العلمية الموضوعية.

وبهذا يكون الخطيب ناجحاً ومؤثراً ولا يكون حديثه بعيداً عن ابتلاء الناس واهتماماتهم.

ثانياً: القراءة المتنوعة: لا بدّ للخطيب أن يمتلك ثقافة إسلامية واجتماعية وتربوية... والثقافة الإسلامية يفترض أن تكون الأولوية بحيث يضع لنفسه برنامجاً دائماً سنوياً أو أسبوعياً أو يومياً للقراءة المركزة في المجالات العقدية والفقهية والتفسيرية (تفسير القرآن) والمفاهيمية والتربوية والأخلاقية والتاريخية... وهذا يشكل له خلفية ثقافية تكون له زاداً يمدّه بالموضوعات ويمنحه العمق والشمولية في الطرح، وليس من الصحيح أبداً أن يقتصر على القراءات ذات الشأن العزائي وما يدور في هذا الفلك. وهذه القراءة لا بد أن تكون مستمرة ودائمة.

 

س » سلام عليكم، ما رأيكم بحديث "والله نحن أسماء الله الحسنى" وألا تدل على نظرية الصادر الأول؟
ج »

تعليقاً على هذا الكلام:

أولاً: إن نظرية الصادر الأول باعتقادنا هي غير صحيحة بمعنى أن يكون النور  المحمدي هو الصادر الأول وهو واسطة الفيض التي يصدر عنها كل المخلوقات والكائنات. هذه النظرية بهذا المعنى غير تامة بنظرنا وقد أوضحنا عدم صحتها في كتابنا: الشيعة والغلو فليراجع.

ثانياً: فيما يتصل بالحديث "نحن والله الأسماء الحسنى".

أ- من حيث السند لا يخلو من إشكال لذلك قال المجلسي عنه في مرآة العقول أنه مجهول. ومعلوم لكم أن النظريات العقدية لا تُبنى على أحاديث آحاد حتى لو كانت صحيحة فضلاً عما لو كان فيها ضعف سندي، هذا من حيث السند.

ب-       أما من حيث المتن، فلا يسعنا الأخذ بظاهره، فكونهم أسماء الله الحسنى لا يمكن الأخذ به على الظاهر، لأن الله تعالى صاحب الأسماء الحسنى فهو الحيّ وهو القيوم وهو المُحيي وهو المُميت … وهذه الصفات لا تنطبق على غيره إلا بضرب من التأويل، ولهذا نجد أنّ شراح الحديث كالمازندراني في شرح أصول الكافي حمل الأسماء على أسمائهم فقال: يحتمل أن يراد بالأسماء الحسنى أسماؤهم وإنما نسبها الله إليه لأنه سمّاهم بها قبل خلقهم. ويحتمل أن يراد بالأسماء هي ذواتهم لأن الاسم في اللغة العلامة وذواتهم القدسية علامات ظاهرة لوجود ذاته وصفاته.

وأنت ترى أن هذين الحملين فيهما شيء من التأويل للحديث لأنهم  وجدوا بأنه لا يمكن الأخذ بهذا الحديث على ظاهره. والله الموفق

 

س » السلام عليكم، لماذا المرأة لا زالت مضطهدة في عالمنا الإسلامي، هل السبب هو النص الديني؟
ج »

وعليكم السلام

أَولا: لا شك أن المرأة في مجتمعاتنا العربية والشرقية بشكل عام لا تزال تعاني من الاضطهاد والتمييز ضدها ولكن المرأة في الغرب ليست أفضل حالا منها، فالاحصاءات تقول إن الدول الغربية تأتي على رأس القائمة في التحرش الجنسي أو الاغتصاب او ما إلى ذلك من ممارسات عدوانية تجاهها.

ثانيا: إن الفقه الإسلامي فيما يتصل بالمرأة وحقوقها آخذ في فتح الكثير من الآفاق الجديدة واعادة دراسة بعض الفتاوى القديمة والتي تحاصر المرأة، وقد حصلت في العقود الأخيرة نقلة نوعية على يد جمع من المجتهدين والمفكرين من أمثال السيد محمد باقر الصدر والسيد فضل الله والشيخ شمس الدين والشيخ مطهري والسيد موسى الصدر وآخرين.

ثالثا: إن الكثير من الممارسات السلبية التي تمارس على المرأة هي في الاعم الاغلب تنطلق من العقلية الذكورية الجاهلية التي يقدم عليها الرجل من موقع شعور ان المرأة هي ملك له أو أنها تمثل في جانب معين عنوانا للشرف والعار ولذلك قد سنّت قوانين في بعض الدول العربية للتخفيف من العقوبة بحق الجرائم التي تتعرض لها المرأة بحجة انها جرائم شرف. وهذا الأمر مناف للتعاليم الإسلامية والتي لا تميز بين الذكر والأنثى في هذا المجال وتعتبر ان الشرف هو خُلُق نبيل للرجل و المرأة وليس ضريبة على المراة فقط.

ويمكنك أن تطلعي على رأينا المفصل حول هذا الموضوع في كتابنا "المرأة في النص الديني – دراسة نفدية في روايات ذم المرأة، وهو يلامس هذه المشكلة في جذورها ويبين الأسباب وراء هذه النظرة السلبية ضد المرأة

الرابط https://al-khechin.com/article/510

س » 1.​إلى أي مدى يُسهم الإعلام الإسلامي التلفزيوني في الكشف عن الدعوة المهدوية وطبيعتها ومرتكزاتها وأهدافها؟
ج »

لا شك أن الإعلام الإسلامي وعلى رأسه الإعلام التلفزيوني مسؤولٌ عن تقديم الإسلام إلى العالم بعقائده ومفاهيمه وأحكامه، ويأتي على رأس هذه العقائد عقيدة المهدوية بصفتها عقيدة ترسم صورة البشرية في مسارها النهائي من خلال ما أعدّه الله تعالى للإنسان الخليفة، وقدّر له في نشر العدل وبسط الأمن في ربوع المعمورة.

هذا العدل سيكون عاماً وشاملاً ولا يستثني جماعة من الناس، وهنا يقوم الإعلام الإسلامي بدور فعال من خلال تقديمه لهذه الأطروحة الإلهية وتمهيده النفسي للبشر لتقبل هذه العقيدة من جهة والسعي في تغيير واقعهم الذي يسوده الظلم من جهة أخرى.

 

س » كيف نفهم الخلود بعد الموت؟ وما هي مزاياه؟
ج »

أولاً: المُتسالم عليه عند علماء المسلمين على اختلافهم أن الحياة بعد الموت هي حياة أبدية غير منقطعة، وهذا ما يُستفاد من ظواهر النصوص القرآنية التي تؤكد على أن أهل الجنة خالدون فيما هم فيه من النعيم، قال تعالى خَالِدِينَ فِيهَا ۚ حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا  (الفرقان:76) وهذا الخلود يُلبّي تطلعاً فطريّاً لدى الإنسان، فإنّا نجد في أنفسنا تطلعاً نحو بقاء الحياة واستمرارها، وكرهاً للموت والفناء.
ثانياً: إن الحياة الخالدة تستدعي مُتطلبات نفسيّة وتكوينيّة وظروفاً تلائم الخلود حيث نُلاحظ أنّ من خصائص هذه الدّنيا أنّ الإنسان يَمل ويَسأم من الرّتابة والنّمطية، ولذلك نراه مع تقدّم العمر يشعر بهذا الملل كما قال الشاعر: سئمتُ تكاليفَ الحياة ومن يَعش    ثمانين حولاً لا أبا لكَ يسأمِ ، الأمر الذي يعني أنّ الإنسان في النشأة الأخرى التي تتسم بالخلود، لا بدّ أن يكون مُهيّئاً ومطبوعاً على عدم الشعور بالكآبة والملل وإلّا لتحوّل النّعيم إلى جحيم، ومن هنا نجد القرآن يؤكّد على أن للنّشأة الأخرى مزايا وخصائص تختلف عن النّشأة الدّنيا، قال تعالىلَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ (الواقعة:19) أي لا يُصابون بالصّداع ونحوه من تناول شراب الآخرة.
وهكذا الحال في سائر خصائص النّشأة الآخرة التي لا بدّ أن يكون الفرح الرّوحي هو الغالب عليها، وهو فرح لا ينضب معينه ولا غاية لحدوده.
ثالثاً: لكن ماذا عن الخلود في النّار؟ كيف نفهمه؟ وكيف ينسجم مع عدل الله ورحمته؟ فإنّ معصية الإنسان في هذه الدّنيا مهما كانت عظيمة فهي لا تُوازي الخلود الأبديّ في نار جهنّم، وهذا أمر قد أجبنا عليه مُفصلاً في كتابنا هل الجنة للمسلمين وحدهم؟- الرابط https://al-khechin.com/article/552 :وفي كتابنا وهل الدّين إلا الحبّ – الرابط: https://al-khechin.com/article/546، فليراجعا.

 

س » أسئلة حول الدين، دوره، ماهيته، إشكالياته، أهدافه؟
ج »

ماذا عن ماهية الدين؟

إنّ النص القرآني واضحٌ في تحديد الوظيفة الأساسية للدين، وهي بناء الإنسان روحيًا ومعنويًا وأخلاقيًا واجتماعيًا، إنّه يريد أنسنة الإنسان، وترويض نزعاته، وتفجير طاقات الخير الكامنة في أعماق نفسه.

هل هناك حاجة وجودية للدين أم أنه ضرورة إنسانية؟

إذا كان المخاطب بالدين هو الإنسان، وكان الإنسان محور الرسالات السماوية، فهذا يحتم علينا أن نعي ونفهم الإنسان جيدًا، فلا يكفي أن نقصر السؤال على ما يريده الدين في شريعته من الإنسان، بل لا بدّ أن نتساءل عما يريده الإنسان، ويتطلع إليه في كينونة إنسانيته وعمق فطرته من الدين.

والآية المباركة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: آية 24]، بينت - بإجمال - الهدف الذي يصبو إليه الدين وما يريده من الإنسان، وهو إحياؤه، فإن علينا أن لا نكتفي بالوقوف عند هذا الحد، بل من المفروض أن ننتقل - وتحقيقًا لهذا الهدف - إلى دراسة الإنسان جيداً لنفهم ونعي ما الذي يحييه، وإذا لم ندرس الإنسان جيداً لن نعي ما الذي يحييه، ولهذا أعتقد أنه كلما فهمنا الإنسان أكثر - في حاجاته الروحية والنفسية والاجتماعية في أسئلته وقلقه وفي تطلعاته وطموحه - استطعنا أن نعي رسالة الدين نفسه أكثر ونكتشف أبعاد الخطاب الديني أكثر.

أين تقع أهمية الدين في حياة الإنسان؟

دور الدين سيبقى دورًا محوريًا وفاعًلا في الحياة الإنسانية بشتى أبعادها، كما كان أكبر فاعل ومحرِّك للتاريخ البشري برمته، ويمكن لنا الإشارة إلى أهم أبعاد الدين في الحياة ما يجعله حاجة للإنسان.

وما هي تلك الأبعاد؟

البُعد المعرفي: إنّ الدين من خلال أطروحته حول المبدأ والمعاد، وما بينهما من تجربة إنسانية على الأرض، يقدم تصوراً مكتملاً ومعقولاً وقابلاً للحياة، وهو قد أقنع ولا يزال يقنع الشريحة الأوسع من بني الإنسان، وأهميّة هذا التصور أنّه يعطي للحياة تفسيراً منتظماً ومستجيباً لفطرة الإنسان، وهو يمدُّ المؤمن به بطاقة وحيوية كافية تمكنه من مواصلة رحلة الحياة بالكثير من الانتظام، ويخرجه من أسر العدمية واللامعنى. طبيعي أنّ هذا التصور قد اعترته الكثير من التحديات وواجهته الكثير من الإشكالات، ولذا فهو يحتاج إلى الكثير من التصويب أو التطوير في بعض الجوانب، ولا سيما بلحاظ ما بني منه على أفكار ونظريات فلسفية وكلامية اجتهادية قديمة، وقد تجاوزتها حركة البحث العلمي والفلسفي.

البُعد الروحي: إن واحداً من أهم الحقول الخصبة التي تشكل حاجة للدين ويمكنه أن يملأها هي المجال الروحي، واللافت أنّ النبوات قدّمت منظومة متكاملة يضمن الالتزام بها وصول الإنسان إلى السعادة الروحية والهداية المعنوية. الفطرة - أو الوجدان - لا تستطيع أن تشكّل الضمانة الكافية لهداية الإنسان ووصوله إلى مرحلة الكمال على المستوى المعنوي والروحي، لأنّ الفطرة قد تتلوّث، وهي بحاجة إلى من يسددها ويصقلها ويكتشف العناصر الطيبة فيها فينمّيها، وقد رأينا الإنسان في مسيرته التاريخية ومع امتلاكه للفطرة الصافية قد وقع ولا يزال في الأخطاء الكبيرة والانحرافات الخطيرة التي أبعدته عن خط الفطرة.

البُعد الاجتماعي: أمّا فيما يتصل بالبعد الاجتماعي، فيمكن القول: إنّ الحياة الاجتماعية لا بدّ لها من قانون يحكمها، لأنّ الاجتماع مظنة التصادم التشاجر والتنازع، الأمر الذي يفرض الحاجة إلى القانون الذي ينظم هذه الحياة، ويمنع البغي والظلم ويعطي كل ذي حق حقه، ولا ريب أن الدين يستطيع الإسهام على هذا الصعيد من خلال الإسهام في تشريع أو إمضاء القوانين الناظمة لحركة الاجتماع البشري، والإيمان بأنّ القوانين تنتسب إلى الله تعالى يمنحها قوّة خاصة وزخماً كبيراً يساعد على تطبيقها، ويعطي المؤمن بالله دفعاً روحياً خاصاً يجعله يتحرّك لامتثالها، لأنّه في الحقيقة يعبد الله ويتقرّب إليه بامتثال هذه القوانين، كما أنّه يستحضر رقابة الله تعالى قبل رقابة الضابطة العدلية.

ولو شكّك مشكك في أهميّة دور الأنبياء  على صعيد سن القوانين، على اعتبار أنّ الأجدى في أمر القوانين هو أن تترك إلى العقل البشري واجتهاده الذي يراعي تغيّر الحياة، فلا أظنّ أحداً ينبغي أن يشكّك في أنّ القوانين أياً كان مصدرها تحتاج إلى ضمانات لتطبيقها ولا ريب أنّ استشعار الرقابة الإلهية يضخ في القانون بعداً روحياً كبيراً، ويدفع الإنسان المؤمن إلى الالتزام بالقوانين من موقع أنّه يعبد الله بذلك كما يعبده بالصلاة والصيام، فالحياة كلّها في شتى مواقعها وساحاتها في بيوتها وأسواقها هي معبد ومختبر لإرادة الإيمان، وأما لو كانت القوانين من وضع الإنسان نفسه فلن تمتلك القداسة نفسها التي تمتلكها القوانين والتعاليم والإرشادات التي جاء بها الأنبياء ، استناداً إلى وحي الله تعالى، أو أمضوها وأقروها، ولا يشعر أنّه يتعبّد إلى الله تعالى بالتزامها.

ومن أهم الأبعاد التي يسهم الدين في تزويدها بالحيوية اللازمة هي البعد الأخلاقي، وهو ما نتطرق إليه في الإجابة لاحقاً.

كيف يمكن ضبط فعل التدين وتحرير حقيقة الدين؟

إنّ ثمّة مقولة تبريرية شائعة نرددها دوماً إزاء المفارقة التي تواجهنا حول غربة الإنسان المتدين عن تعاليم الدين الذي ينتسب إليه، والمقولة هي أنّ المشكلة لا تكمن في الفكر الديني نفسه بقدر ما تكمن في الإنسان الذي انحرف وابتعد عن رسالة الدين وتعاليمه، ولطالما سمعنا من يقول: المشكلة هي في المسلمين لا في الإسلام وفي المتدينين لا في الدين، وأنا لا أؤمن كثيراً بإطلاقية هذه المقولة، وأعتقد أنّ الفكر القوي لا بدّ أن يشقّ طريقه بنفسه إلى الحياة وأن تتلقفه العقول وترنو إليه القلوب كما ترنو الأرض العطشى إلى قطرات ماء المطر المنساب عليها ولا سيما إذا تسنى لأصحابه أن يقدموه بخطاب جاذب وقالب جميل.

إن الواقع هو المختبر للأفكار والأطروحات، دينية كانت أو غير دينية، والذي يُقنع الإنسان ولا سيما في هذه الأيام، هو صدقيّة الأفكار وصوابيتها على أرض الواقع وقدرتها العملية على حلّ مشكلاته، وتحقيق رغباته وأمنياته، إنه يتطلع إلى التجارب الناجحة والنماذج العمليّة، أكثر مما يتطلع إلى الأفكار المثالية التجريدية.

هل يعني هذا أنّ المشكلة في الدين نفسه؟

لا، الأمر ليس كذلك بتاتاً، والمشكلة ليست في أصل الدين، كيف والدين - كما أسلفنا - حاجة وجودية للإنسان، إذ لا يمكنه أن يعيش بدون إيمان وتدين، والمشكلة أيضاً لا تكمن في الإنسان نفسه، ولا يصحّ إطلاق القول بأنّ الإنسان هو المشكلة وهو العصيّ على التدين، وأنه بسوء اختياره يأبى التدين.

إنّ حالات الارتداد عن الدين وحالات القلق المعرفي والروحي التي تجتاح الكثير من المسلمين وغيرهم، والأسئلة المكبوتة لدى البعض، أو التي يجاهر البعض الآخر بطرحها إلى حدّ إعلانهم صراحة عن عدم قناعتهم بالكثير من الأحكام الشرعية أو المفاهيم والتصورات الدينية، يفرض على أعلام الدين من المفكرين والفقهاء أن يعيدوا النظر في تشخيصهم لدور الدين في الحياة ويعيدوا النظر في تصوراتهم القديمة عن دور الدين، ومن الضروري أنْ نؤكد على ضرورة إعادة فهم وظيفة الدين على ضوء فهمنا لحاجات الإنسان.

كيف يمكن استيعاب ماهية الأخلاق؟

الأخلاق هي جوهر الدين وروحه ولا حاجة لدين لا تكون الأخلاق هي ركيزته ومرجعيته الحاكمة، والسبب في ذلك: أنّ مشكلات البشر في عمقها كانت ولا تزال مشكلة أخلاق، وإنّ نظرة بسيطة إلى الأزمات الإنسانية المتنوعة، السياسية والاقتصادية، والاجتماعية كافية لكي ندرك أنّها - في العمق - تنطلق من ضعف الوازع الأخلاقي وربما انعدام القيم، فالوحشية غير المسبوقة التي نشهدها في أيامنا، والتي تدفع الإنسان لافتراس أخيه الإنسان، دون أن يرفّ له جفن هي تعبير عن هذه الأزمة الأخلاقية، وكذلك التهتك الذي وصل إلى حد الفجور وشرعنة الشذوذ الجنسي يعبّر هو الآخر عن أزمة أخلاق.

وإذا كان المتعارف تقسيم المعارف الإسلامية إلى ثلاثة أنواع، وهي: العقيدة والأخلاق والفقه، فهذا لا ينبغي أن يفهم منه أنّ الأخلاق هي صنف مغاير للعقيدة والشريعة، كلا، فالمنظومة الاعتقادية ترمي - في بعدٍ أساسي من أبعادها - إلى تزكية النفس وإصلاحها، فالإيمان بالله لا بدّ أن ينعكس على سلوكنا العملي، ومن هنا ورد في الأحاديث الشريفة هذا الربط بين الإيمان والأخلاق.

ماذا عن علاقة الدين والثقافة؟

لا أرى من الصحة في شيء جعل الثقافة مضادة للدين، ولا يفترض بالفكر الديني أن يكون نقيضاً للفكر الثقافي بشتى تنوعاته وتلاوينه، أجل، قد تنشأ الإشكالية الجدلية في مقارنة الثقافة بالدين عندما ننظر إلى الدين بلحاظ مصدره الغيبي المعصوم عن الخطأ، فالدين بهذا الاعتبار هو مقدس ومطلق وليس عرضة للخطأ وبالتالي فعلى الجميع أن يتكيفوا معه، بينما الثقافة هي حصيلة فكر ونشاط إنساني، فهي نسبية ومتحركة وعرضة للتغير.

لكنْ لا أرى أن هذا يفترض أن يشكل مانعاً من تكامل الديني مع الثقافي، وذلك لأنّنا في هذه المرحلة لسنا في زمن الأنبياء  الذين ينزل عليهم الوحي وتكون قراءتهم للوحي مقدسة وغير محتملة للخطأ، وإنما نحن في زمن الاجتهاد، وفي زمننا هذا لو أننا نظرنا إلى الدين من خلال تمثله في الذهن البشري، فهو ليس معصوماً عن الخطأ، وإنما هو حصيلة اجتهاد في فهم النص، وعليه سيكون الاجتهاد الديني نشاطاً بشرياً وعرضة للخطأ، وليس مطلقاً ولا متعالياً على النقد، ومن هذه الجهة يتساوى الاجتهاد الديني مع أي نشاط ثقافي آخر أكان نشاطاً فلسفياً أو أدبياً أو علمياً.

لماذا لا يزال حوار الأديان شائكًا؟

إنّ حوار الأديان لا يزال متعثراً لأكثر من سبب، منها أن المؤسسات التي تعنى بالحوار وترعاه - وبسبب انبثاقها عن الأنظمة السياسية التي تحكمها المصالح الضيقة - تقود حوارات في معظمها حوارات نخبوية لم تنزل من البروج العاجية إلى القاعدة لتلامس همومها وتعلمها ثقافة التسامح، وهي أيضاً وللسبب عينه غير جادة في مساعيها، وتنحو إلى اعتماد أسلوب تطغى عليه المجاملة والمداهنة والتعمية على الأمور، ولا تدرس مشكلة العدائية بين الأديان في العمق لتتعرف على أسبابها، وتعمل على تفكيكها، وهذا ما يفقد الحوار المذكور فاعليته وتأثيره.

ومن الأسباب أيضاً: أنّ حركة النظام السياسي المهيمن في العالم، لا تساعد على طيِّ صفحة الماضي الأليم، الأمر الذي يجعل الذاكرة تستحضر - باستمرار - الإرث التاريخي الثقيل والمؤلم من الصراعات الدموية بين أتباع الأديان، وهو بالمناسبة إرثٌ ملؤه المجازر التي لم تتم - إلى الآن - عملية الاعتراف بها وإدانتها والاعتذار منها، ولذا لا يزال يُفتح بين الفينة والأخرى، ما قد يُشعر السواد الأعظم من أتباع الأديان أنّ تهديد الآخر لا يزال قائماً، وأنّ الجرح لا يزال مفتوحاً، وأنّ التعايش مع الآخر غير ممكن، وتغذي هذا الشعور السياسات الظالمة والممارسات العدوانية التي لم تتوقف يوماً من الأيام بحق شعوب منطقتنا العربية والإسلامية، ومنها الشعب الفلسطيني على سبيل المثال، وهذا ما يسمحُ للكثيرين أن يقرؤوا ذلك على أنه استمرار للحروب الصليبية مثلاً، وهذا بطبيعة الحال صبّ في خدمة الاتجاه السلفي الرافض لفكرة الحوار مع الآخر من أصلها، وولّد شعوراً لدى الكثير من المسلمين بأن الحوار مع الآخر هو حوار الضعيف مع القوي. وفي المقابل، فإنّ المناخ الذي ساد في الغرب ولا سيما بعد أحداث 11 أيلول من العام 2001 م في أمريكا وما نتج عنها من تعزيز وترسيخ وتعميق خطاب الكراهية وتعزيز الخوف من الإسلام الإسلاموفوبيا، قد ولّد انطباعاً راسخاً لدى الغربيين أنّ الإسلام هو خطر على نمط حياتهم، بل وعلى وجودهم.

 

 

ماذا عن تفعيل الانفتاح بين أطراف التعدد الديانات؟

إنّ مشكلة الأديان هي في الخطاب اللاهوتي من جهة، والخطاب الفقهي من جهة أخرى، أما الخطاب اللاهوتي والكلامي لكل جماعة دينية فمشكلته أنه يقوم على زعم احتكار الحقيقة المطلقة لأتباعه، ونفيه أن يكون لدى الآخر شيء منها، وبذلك قدم تصوراً مظلماً عن الآخر، فكفره وأقصاه وأخرجه من رحمة الله تعالى، ولم يجد له عذراً، ثم جاء الخطاب الفقهي ليعزز تلك الصورة النمطية عن الآخر، فأفتى بأن الآخر نجس، وأنه كالكلب والخنزير، ودعا إلى احتقاره، فنهى عن مصادقته ودعا إلى التضييق عليه، وسوّغ إهانته، حتى اشتهرت في بعض كتب الفقه عبارة المسلم يكرم والذمي يهان“.

وهذا الخطابُ لم يجنِ على الأديان فحسب، ولم تنحصر ضحاياه في الآخر الديني، بل إنه جنى على أصحابه أنفسهم حيث أسهم في إنتاج شخصيات دينية متعصبة، تربّت على خطابٍ غَرَسَ فيها روح الاستكبار والاستعلاء على الآخر باسم الدين، وغدت الشخصية المتدينةشخصية يتملكها الغرور، والغرور الديني من أخطر أنواع الغرور، لأنّ المغتر بدنياه كثيراً ما توقظه المواعظ، وأما المغتر بدينه فلا تنفعه المواعظ، ولا يتقبلها، وكيف يتقبلها وهو يرى نفسه في موقع الواعظ لا المتعظ، بل ربما تذمر بالنصيحة.

أين المنهج في ترتيب الوعي الديني بما يؤسس لحياة إنسانية راشدة؟

مسألة التجديد هي من أهم المسائل الملحة على العقل الديني ولا سيما العقل الفقهي، ولا يمكن الحديث عن التجديد في الدين بعيداً عن التجديد في المنهج، وإنّ واقع الحال ينبئنا أنّ المنهج التقليدي الذي لا يزال متحكماً في عقول شريحة واسعة من علماء الدين ودعاته لا يزال يمتلك قدرة على الاستقطاب والتأثير لدى جمهور واسع من أبناء الأمة، وأتباع هذا المنهج يرفضون إلى الآن إعادة النظر في الكثير من الأفكار والمفاهيم الدينية القديمة التي كانت تُقدِّم تصورات خاصة عن الوجود وعن الكون وعن بداية الحياة، مع أنها اليوم تبدو غير منسجمة مع أبسط النظريات العلميّة، ما يشعر المسلم بأن بعض أفكاره هي في صدام مع حركة العلم.

هذا على الصعيد الكلامي، وأما على الصعيد الفقهي فلا يزال المنهج السائد لدى غالب المدارس الفقهية يرفض التجديد في المنهج الأصولي الموروث، ويرفض التمييز بين الثابت والمتغير، ويرفض الإفادة من مقاصد الدين واعتمادها كمرجعية حاكمة في عمليات الاستنباط الفقهي.

ولهذا كله نعتقد أنّ عملية التجديد لا بدّ أن تبدأ من المنهج، وإلا فإنّ جهود المجددين ستذهب أدراج الرياح، وسنبقى ندور في حلقة مفرغة. وفي إطار التجديد في المنهج نشير إلى منعطف أساسي لا بدّ أن ينطلق مسار التجديد منه، وهو ضرورة إعادة إجراء فرز للتراث الديني الفقهي، لتحديد ما هو ثابت منه وما هو متغير.

 

س » لماذا سمي محمّد بن الإمام علي (ع) محمّد بن الحنفيّة؟ أليس في ذلك شيء من التّعيير له؟
ج »

تسميته بابن الحنفيّة نسبة الى أمّه خولة الحنفيّة (من بني حنيفة) مشهورة ولا ضير فيها، ولا يُقصد بها القدح والذّم، وقد وردت هذه التّسمية على لسان الائمة من اهل البيت (ع) كما نجد ذلك في العديد من الرّوايات في الكافي وفي غيره ، نعم وجدنا في روايات اخرى عن الائمة (ع) أنهم نسبوه إلى أبيه كما ورد في رسالة الإمام الحسين (ع) إليه وإلى بني هاشم حيث جاء فيها: من الحسين بن عليّ إلى محمّد بن علي ّأما بعد فإنّه من لحق بي استشهد ومن لم يلحق بي لم يبلغ الفتح.

س » أنا أرغب في الانضمام إلى بعض الأحزاب الإسلامية، والبعض ينهاني عن ذلك، فما هي نصيحتكم؟
ج »

إنّ الانضمام إلى الأحزاب الإسلاميّة هو أمر جائز وقد يكون مصداقاً من مصاديق التّعاون على البرّ والعمل الصّالح، ويُمكن للحزب الاسلامي أن يُشكّل إطاراً جامعاً ومُنظما ًومُوجهاً للطاقات الشبابية وغيرها، ومُؤثراً في ايصال رسالة الإسلام إلى الآخرين، فضلاً عن دوره في العمل السياسي والحركي، إلّا أنّ للحزبية آفات يجدر التنبّه لها والحذر من الوقوع فيها، ويأتي على رأسها آفة العصبيّة حيث إنّ الإنسان الحزبي كثيراً ما يتعصّب وينحاز لحزبه وأفراد حزبه على حساب الحقّ والقيَم كما نراه في كثير من الأحيان، حتى أنه ليدافع عن أخطاء حزبه، ومعلوم أن العصبيّة بكلّ أشكالها مذمومة عقلاً ونقلاً، ومن آفات الحزبية أيضاً بروز حالة الشخصانيّة لدى بعض الأفراد الحزبيين وتلاشي أو ضعف الدافع الرّسالي لديهم مما يجعلهم يستغلون الأحزاب لمصالحهم الشخصيّة لأجل التسلّق إلى السّلطة ونيل مكاسبها وغنائمها وهذا يُعبّر عن ضعف المناعة الرّوحية والابتعاد عن تقوى الله سبحانه وتعالى.

 إنّ المطلوب من الحزبيين أن يكونوا أهل تقوى وورع وأن يكونوا أشخاصاً رساليين، ويُقدّموا المصلحة العامة على مصالحهم الشخصيّة وأن يعيشوا قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية. والمُرتجى من الأحزاب الإسلاميّة في هذه المرحلة التي تتصارع فيها الأفكار أن تُقدّم أنموذجاً يُحتذى به وقدوة جاذبة في الصّدق والأمانة والاستقامة والشفافية والتنظيم في أدائها السياسي، وأن يتحلى أفرادها بالمناقبية العالية في سلوكهم بما يُشكّل فارقاً بينها وبين غيرها من الأحزاب، وبذلك يُمكن أن تقوم بدور كبير على صعيد العمل الدعوي واجتذاب الناس إلى الدّين الذي تُمثّله

س » تجادلت انا وخالتي، ثم خالتي ارسلت آيات مفادها ان الله سوف يعذبني وانني ظالمة لنفسي، فبقي هذا الشيء بقلبي لأنه آذاني كثيراً . ماذا أفعل كي لا اشعر بالألم؟
ج »

أولاّ: إن كان تأذّيك من خوفك من مساءلة الله تعالى ومؤاخذته لك، فاعلمي أنّ الله غفور رحيم وهو يعفو ويتجاوز عن العبد إذا استغفره وتاب إليه، فمن هذه الجهة ليس عليك أن تعيشي حالة من الخوف الدائم وإنّما يجدر بك إن كنت مخطئة في ذلك الجدال أن تتوبي إلى الله تعالى مما صدر منك من إساءة، هذا أولا، وثانياً أن تطلبي السّماح منها، وأمّا إذا لم تكوني مخطئة ولم تسيئي الأدب مع خالتك فليس عليك شيء في هذا المجال فلا تخافي ولا تقلقي.

ثانياً: إذا كان ما تشعرين به من أذى هو لجهة القسوة التي تعاملت بها خالتك معك وهدّدتك بالعذاب والجحيم فتحملين شيئاً في نفسك اتجاهها، فإنّا ننصحك في هذا المجال بأن تغفري وتسامحي وأن تتعالي على ذلك، ألا تحبّين أن يغفر الله لك؟ بالتأكيد تحبّين، إذا اغفري للآخرين، كيف إذا كان الآخرون من أرحامك كخالتك التي هي بمثابة أمّك الثّانية، إنّ ديننا وقرآننا ونبيّنا وأئمّتنا (ع) يعلموننا أن نعفو عمن ظلمنا وأن لا نجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا.

 

س » بناءً على الرأي المشهور بحرمة الجهاد الابتدائي في عصر الغيبة استدلالًا برواية ( مَا خَرَجَ وَلاَ يَخْرُجُ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ إلَی قِيَامِ قَائِمِنَا أَحَدٌ لِيَدْفَعَ ظُلْمَاً أَوْ يَنْعَشَ حَقَّاً إلاَّ اصْطَلَمَتْهُ البَلِيَّةُ؛ وَكَانَ قِيَامُهُ زِيَادَةً فِي‌ مَكْرُوهِنَا وَشِيعَتِنَا …) وهنا سؤال إذا كانت هذه الرواية تدل على حرمة الجهاد الابتدائي أليس قوله عليه السلام (ليدفع ظلمًا) تدل على حرمة الجهاد الدفاعي كذلك ؟
ج »

جواب : وعليكم السلام ورحمة اله وبركاته

إنّ هذا الحديث ليس بصدد التشريع بل الإخبار عن حقيقة خارجية، وأمر مستقبلي وهو أنّ الثائرين من ولده (ص) سوف تكون عاقبة خروجهم هي القتل على يد الظالمين وهذا ما يصدقه التاريخ فقد قتل الكثير من الثوار من ذريته (ص)، على ضوء ذلك فلا دلالة لهذا الحديث على حرمة الجهاد الابتدائي. وعليه، فلا يستفاد من هذا الحديث النهي عن الجهاد الابتدائي ولا يدل على حرمة الخروج على السلطان الجائر، وهو لا يريد تخطئة عمليات الخروج ضد الظالمين، وإلا لكانت ثورة الإمام الحسين بن علي (ع) من الثورات الخاطئة فهو أول الثائرين من ولده، وهذا كما ترى لا يمكن لأحد أن يقبل به، وهكذا للزم أن تكون ثورة زيد بن علي ثورة خاطئة مع أنّ الأئمة (ع) امتدحوه وأثنوا عليه واعتبروه شهيداً.

على أنّ هذا الحديث لو دلّ على حرمة الجهاد، لدل على حرمة الجهاد الدفاعي أيضاً وليس الابتدائي فحسب، لأنّ قوله (ص): "ليدفع ظلماً أو ينعش حقّاً"، مطلق، فلو أردنا الأخذ بمفاده للزم - كما ذُكر في السؤال

وقد درسنا المسألة تفصيلا في كتاب "الجهاد" _تحت الطباعة

س » يوجد لديّ إشكالات كثيرة على حديث الثقلين، فهو لا يفيد العصمة إلا لمجموع الأئمة وليس لآحادهم، وهل عصمة العترة تشمل كل أقارب النبي (ص)؟
ج »

ج – أولاً: إنّ حديث الثقلين لا شكّ فيه من حيث السّند وهو مُستفيض حتى في روايات السّنة ناهيك عن روايات الشيعة ، وأما من حيث الدّلالة فإنّه وبصرف النّظر عن كون القرآن الكريم أفضل من العترة أم عدم كونه كذلك ، فلا ريب في دلالة الحديث على أن التمسّك بالعترة يُشكّل صمّام أمان للأمّة يمنعهم ويعصمهم من الضّلال - ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا - ، ولا شكّ في دلالته أيضاً على أن العترة لا يفترقون عن القرآن الكريم ، ولا يُتصور أن يصدر عنهم ما يُخالف القرآن وهذا ما يدل عنه قوله في الحديث - لن يفترقا - .


- ثانياً : إنّ ما ذكرتموه بأنّ المراد بالحديث هو إجماع العترة هو كلام ضعيف ولا وجه له لأنّه إن أريد بالعترة ما هو أوسع من الأئمة من أهل البيت (ع) ليشمل العباس وذريته أو غيره، فمن المعلوم أنّ هؤلاء أعني العباسيين لا ميزة لهم عن سائر الصّحابة والنّاس فهم يُخطئون كغيرهم ويُمكن أن ينحرفوا كما انحرف غيرهم، وبالتالي فلا يُعقل أن يكون لرأيهم أو إجماعهم أيّ قيمة أو أن يُشكّل إجماعهم أو قولهم عاصماً للأمّة  عن الضّلال ، ما يعني أن نظر الحديث فقط إلى خصوص شريحة من العترة وهم الذين لا يُمكن أن يقعوا في الضّلال والانحراف، وهؤلاء لا فرق بين الواحد منهم أو الجميع ، فكما يكون قول الجميع حُجّة وعاصماً عن الضّلال ، كذلك قول الواحد، والقرينة على ذلك أنّه حين قال النبيّ (ص) هذا الكلام لم يكن من العترة التي يؤمَن وقوعها في الضّلال إلا عليّ (ع)، أما الحسن والحسين (ع) فكانا طفلين صغيرين، فهل كان الحديث لا قيمة له آنذاك لأنّه بعد لم يتحقّق إجماع العترة؟ من الواضح أن هذا بعيد جداً لأنّ كلامه (ص) ساري المفعول من حين إطلاقه ولا يتوقف على مرور عقود من الزّمن حتى يتشكّل إجماع العترة.

س » هل تجب الصلاة على الصبي دون الست سنوات؟ وهل صلى النبي (ص) على ابنه ابراهيم؟
ج »

لا تجب الصلاة على الطفل إذا لم يبلغ ست سنين، وأما ما يقال من أنه (ص) صلى على ابنه إبراهيم وهو لم يبلغ السنتين، فهو غير ثابت،  وبيان ذلك: أولاً: إن روايات أهل السنة مختلفة في ذلك، فعن البراء بن عازب، "قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم ومات، وهو ابن ستة عشر شهرا"، وفي المقابل فإن السيدة عائشةَ قالت : "لقد توفيَ إبراهيمُ ابنُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ وهو ابنُ ثمانيةَ عشرَ شهرًا فلم يُصَلِّ عليه"، ومحاولة بعضهم الجمع بين الخبرين، بدعوى أن عائشة إنما نفت لأنها لم تتطلع على ذلك، فيقدم الخبر المثبت على النافي، هي محاولة ضعيفة، لأن الطفل الميت ليس طفلاً من أطفال عامة المسلمين بل هو ابن رسول الله (ص) زوج عائشة وابن مارية ضرة عائشة، فلا يخفى أمره على عائشة، ولا يقدم قول البراء بن عازب على قولها. ولا أقل من التعارض والتساقط. ثانياً: إنّ روايات أهل البيت لم تذكر ولم تشر إلى أن النبي (ص) صلى على ابنه إبراهيم، ولو كان ذلك حاصلاً لذكروه، ولما خالفوه، إذ من المعلوم أنه قد ورد في العديد من الأخبار عنهم (ع) أن الصلاة تجب على الصبي إذا بلغ ست سنين، فعن زرارة عن الباقر (ع): " متى تجب الصلاة عليه ؟ فقال : إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين "

س » كم كان عمر الزهراء (ع) حين زواجها من أمير المؤمنين (ع)؟ هل صحيح أن الإجماع هو على التسع من عمرها؟
ج »
 
▪️يوجد اختلاف كبير بين العلماء في تحديد عمر سيدتنا الزهراء سلام الله عليها حين زواجها من أمير المؤمنين عليه السلام، وتترواح هذه الأقوال بين تسع سنوات وعشرين سنة.
 
▪️مرد هذا الاختلاف إلى أمرين:
 
- الأول: الاختلاف في تاريخ مولدها، فهل ولدت قبل البعثة بخمس أم بعدها بخمس أو باثنتين؟ 
 
- الثاني: الاختلاف في تاريخ زواجها من أمير المؤمنين عليه السلام، حيث إن ثمة خلافاً في أنها تزوجت بعد الهجرة إلى المدينة بسنة أو بسنتين أو بثلاث.
 
▪️المعروف عند كثير من المؤرخين - كما ينقل التستري في تواريخ النبي (ص) والآل (ع) - أنها ولدت قبل البعثة النبوية بخمس سنين، وهذا ما ذهب إليه محمد بن إسحاق وأبو نعيم وأبو الفرج والطبري والواقدي وغيرهم، وعلى هذا سيكون عمرها حين الزواج ثماني عشرة سنة أو يزيد.
 
▪️ ونقل العلامة الأمين "أن أكثر أصحابنا" على أنها ولدت بعد البعثة بخمس سنين، وعلى هذا سيكون عمرها حين الزواج تسعاً أو عشراً أو أحد عشر عاماً، تبعاً للاختلاف في تاريخ الزواج.
 
⬅️ الظاهر أنه ليس هناك إجماع على أنّ عمرها عند الزواج بها كان تسع سنوات، فقد ذهب الشيخ المفيد في "مسار الشيعة" أنها ولدت بعد مبعث النبي (ص) بسنتين، وهو ظاهر الشيخ الطوسي في المصباح، بل نقل الشيخ عن رواية أنها ولدت في السنة الأولى لمبعثه الشريف، وحينئذ إذا كانت قد  تزوجت في السنة الأولى من الهجرة فيكون عمرها حين الزواج ثلاث عشرة سنة، وإذا تزوجت في السنة الثانية للهجرة سيكون عمرها أربع عشرة سنة، وإذا تزوجت في السنة الثالثة سيكون عمرها خمس عشرة سنة.
 
 وقد رجح التستري وغيره من علمائنا القول بولادتها بعد البعثة بخمس، استناداً إلى بعض الأخبار المروية عن الأئمة(ع).. وكيف كان، فتحقيق المسألة واتخاذ موقف حاسم يحتاج إلى متابعة.. والله الموفق.
س » ماذا نجيب عامة الناس الذين يسألوننا عن "صلاة الرغائب"؟ وكيف ننهى الناس عن صلاة يصلونها قربة لله تعالى حبًا للعبادة؟وما السبب في انتشار مثل هذه الصلوات في الآونة الأخيرة؟
ج »

س 1- ماذا نجيب عامة الناس الذين يسألوننا عن "صلاة الرغائب"؟

ج: فيما يتصل بعامة الناس، ليس لنا مناص إلّا إرشادهم إلى آراء مراجعهم في المسألة والتي تجيز معظمها الإتيان بالصلاة المذكورة برجاء المطلوبية، أو استحباب كما يرى البعض تطبيقًا لقاعدة التسامح.

لكن هذا لا يمنعنا من إبداء رأينا الشخصي في المسألة والذي ينص على أنّه لا أصل لهذه الصلاة وأنّه لا ضرورة للمبالغة في الاهتمام بها بالقدر الذي يجعلها في مصاف بعض الواجبات من حيث الإقبال عليها.

س 2- كيف ننهى الناس عن صلاة يصلونها قربة لله تعالى حبًا للعبادة؟

ج: إنّ هذا النهي يبدو مفهومًا وواضحًا في المنطق الإسلامي الفقهي الذي بُني على قاعدة توقيفية العبادات، وأنّه ليس للإنسان أن يخترع عبادة من نفسه، ولم يرد فيها إذنٌ من الشارع، قال تعالى: قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ.

وهذه القاعدة فضلًا عن كونها ثابتة بالدليل، فإنّ لها حكمة بيّنة وهي حفظ المنظومة العبادية من التلاعب زيادة ونقصًا. أضف عليه أنّ الله تعالى كما يحب لنا أن نعبده، فإنّه يحب لنا أن نعبده كما أراد وشرّع لا كما نهوى ونريد نحن؛ ولأجل ذلك ورد في بعض الروايات عن الأئمة من أهل البيت (ع) النهي عن بعض أنواع الصلوات، كصلاة الضحى مثلا أو غيرها، لأنّه لم يرد فيه إذن شرعي؛ ولهذا فإذا ثبت لدى الفقيه أنّ صلاة معينة موضوعة ولا أساس لها، فيحق له أن يظهر رأيه بعدم مشروعيتها.

س 3- ما السبب في انتشار مثل هذه الصلوات في الآونة الأخيرة؟

ج: إنّ ما لاحظه السائل من انتشار هذه الصلاة في الآونة الأخيرة صحيح، فإنّ الدعوة لهذه الصلاة لم تكن منتشرة في الأزمنة السابقة، وإنما برز ذلك في العقدين الأخيرين. ولعلّ السبب في انتشارها هذا:

أ- مساعدة وسائل التواصل والإعلام على تعميم الطقوس والعادات، كما نلاحظ ذلك في طقوس وشعائر أخرى.

ب- دخول العنصر الدعائي والتجاري والتنافسي في المسألة، فقد أصبحت بعض الجهات الراعية للمساجد أو الحملات الدينية التي تأخذ الناس إلى أماكن الزيارة، تروّج لهذا الصلاة، وتدعو إلى إقامتها في هذا المقام الديني أو في ذاك، مستفيدة من اسم هذه الصلاة الجذاب - صلاة الرغائب - والذي يوحي بتحقق كل رغبات من يقيمها، ناهيك عن الثواب العظيم الوارد في الرواية التي نقلت لنا كيفية هذه الصلاة، ومستفيدة أيضًا من العنصر الزمني، وهو دخول شهر رجب الذي يتهيأ المؤمنون فيه للعبادة وهو مقدمة لشهر شعبان وشهر رمضان المبارك. وشهر رجب هو من الشهور الذي يشكل فرصة طيبة للعبادة، وقد ورد في فضيلة العبادة فيه الكثير من النصوص. وهكذا انساق الناس مع هذا الأمر انسياقهم مع كل جديد، وتطلعهم لكل أمر مستحدث ومشوِّق.

س » صحيح ما يُروى عن الرسول (ص) أنّ "بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله"؟
ج »

أولا: هذا الحديث لا أصل له في مصادر المسلمين من الفريقين، واعترف بذلك بعض علماء الحديث، كما ذكر الفتني في تذكرة الموضوعات (ص ٢٠١). نعم، ورد في بعض كتب الأخلاق انظر: إحياء علوم الدين (ج ٦ ص ٤٤). وانتقل منه إلى المحجة البيضاء للكاساني ج ٣ ص ٤٣٤. وكتب الأخلاق والعرفان تتساهل كثيرا في رواية الأخبار. فلا يمكن التعويل عليها في هذا المقام.

 ثانيا: وهو مناف لما ورد في بعض الأحاديث من أن الصلاة هي أولى في الفضل من بر الوالدين، فعنه (ص):" أي العمل أحب إلى الله ؟ قال الصلاة في وقتها قال: ثم إي؟ قال : ثم بر الوالدين، قال: ثم أي ؟ قال: الجهاد في سبيل الله "، انظر: صحيح البخاري ج ٣ ص ٢٠٠. نعم أفضلية بر الوالدين على الجهاد قد يستفاد من بعض الأحاديث. ومن هنا فإننا ننبه إلى ظاهرة غير صحية وهي نقل الأحاديث ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وإرسالها إلى النبي (ص) أو الأئمة (ع) إرسال المسلمات، قبل التثبت من صحتها ولذا ننصح بالرجوع إلى أهل الخبرة في هذا المجال.

س » إن كلمة "الصابئون" في الآية إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ خطأ بحسب قواعد اللغة، يجب أن تكون منصوبة، لا مرفوعة؟
ج »

طرح المفسرون عدة آراء في توجيه إعراب "الصابئون" في الآيات المشار إليها، مع أنّ محلها الإعراي: النصب، ومع أنّه وردت في موردين آخرين في القرآن منصوبة، أي: "الصابئين".

ولعل أقرب هذه الوجوه هو أنّ "الصابئون" معطوف على محل اسم "إنّ"، فإنّ "إنّ" وأخواتها تدخل على الجملة الاسمية المكونة من مبتدأ وخبر، ومحل الاسم قبل دخول "إنّ" عليه، هو الرفع لأنه مبتدأ. فرفع "الصابئون" باعتبارها معطوفة على محل اسم "إنّ"، هذا ما ذكره ابن هشام في أوضح المسالك. هذا لو بُني على التوجيه.

وثمة وجه آخر في الأمر، يذهب إلى أنّ الآية كُتبت كذلك، منذ بدء تدوين وكتابة القرآن. ولم يرغب المسلمون المتأخرون بعد ذلك تغييرها من الرفع إلى النصب حذرًا من وقوع أي سابقة في تغيير القرآن أو التلاعب بآياته وفق الأهواء والاجتهادات، أو كما قال أمير المؤمنين (ع) في نظير المقام: "إنَّ القرآن لا يهاج اليوم ولا يحوَّل".

س » هل توجد في القرآن آيات تتحدث عن شخص المهدي، وهل هو المقصود من "بقية الله"؟
ج »

الآيات القرآنية التي تتصل بقضية الإمام المهدي (عج) تتحدث عن الفكرة والعنوان أكثر من تحدثها عن الشخص من قبيل قوله تعالى  وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (القصص-5) . أجل، هناك أحاديث متعددة تفسر بعض الآيات القرآنية بأن المقصود منها "المهدي (عج)"، والكثير من هذه الاحاديث (انظر: الكافي ج1- ص412،472) هي من قبيل التفسير بالمصداق، بمعنى أنّ الإمام المهدي (عج) هو المصداق الأبرز لهذه الآية أو تلك. ومن هذا القبيل ما ورد في تفسير قوله تعالى  بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (هود-86) فإن الآية وبحسب سياقها الذي يتحدث عن قوم شعيب يُراد بها أنّ ما يربحه الإنسان عن طريق الحلال وهو طريق الله هو خير له، لكن قد يُقال إنّ هذا المفهوم واسع وممكن أن يكون المهدي (عج) مصداقًا له، لأنّه كائن وباقٍ من قبل الله تعالى وهو نافع للبشرية جمعاء. فبهذا المعنى هو (عج) بقية الله وأبرز ما تبقى من بركات الله للبشر.

س » ألا يمكن تأدية "زيارة المعصومين" عن بُعد، وما الفائدة من الذهاب إلى المقامات؟ وماذا عن الثواب الوارد في بعض الروايات؟
ج »

أولًا: أصل الزيارة أمر لا ريب في شرعيته وعظيم ثوابه، فإنّ فيها تعظيمًا لإمام من أئمة الدين وتأكيدًا على اتباع نهجه، وفيها من الاستزادة الروحية والمعنوية الشيء الكثير. أما ما ورد في الروايات بشأن درجات الفضل، فهذه تحتاج إلى تدقيق ودراسة ولا نستطيع أن نضمن صحتها جميعًا.

ثانيًا: إنّ الزيارة وإن كانت تتحقق عن بعد؛ لأن الأساس هو أن تطوف بروحك وعقلك مع روح المزور وعقله، بيد أنّ للقرب المادي جاذبيةً وأثرًا بالغين حيث يتفاعل الإنسان مع مكان الحدث وزمانه، ويشعر بأنّه في مسرح ذلك الحدث التاريخي الذي هزّ الضمائر الإنسانية، ويستحضر الصور التاريخية التي تتداعى إليه، هنا وقف النبي.. هنا قُتل الإمام.. هنا ناجى ربه.. هنا وهنا.. إلى غيرها من الصور التي تتداعى إلى ذهنه وتجعله ينطلق في حالة من السمو الروحي الذي يؤئر عليه، ويعطيه درسًا بالغًا في متابعة خطى المعصوم وهديه.

س » بماذا فضل الله الرسول الأكرم على الأنبياء؟ ولماذا؟
ج »

في الإجابة على سؤالكم نشير إلى أمرين:

الأمر الأول: في موضوع الأفضلية نستطيع الحديث عن عدة عناصر، من أهمها العنصران التاليان:

العنصر الأول: وهو يتصل برسالة النبي (ص) حيث إن الدين الذي جاء به (ص) من عند الله كان خاتم الأديان السماوية التي تخاطب آخر جيل بشري، فكان من الطبيعي أن يحمل من المضامين الفكرية والروحية والأخلاقية ما يلائم الإنسان في آخر مراحله نضجاً وتقدماً، وهو ما جعله ديناً وسطاً { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً}، وجعله مشتملاً على شريعة تتسم بالسهولة والمرونة بالقياس إلى الشرائع السابقة، ما يسمح لها بالمواكبة والاستمراية على  مرّ الزمان، قال رسول الله (ص): "جئتكم بالشريعة السهلة السمحاء"، وقال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ. هذا بحسب ما نعتقده في الشريعة الإسلامية وبصرف النظر عن مدى انعكاس هذه السمة – سمة السهولة – على حركة الاستنباط الفقهي.

ثانيهما: يتصل بشخص النبي(ص) وملكاته الروحية المعنوية، فقد زخرت حياة محمد (ص) بأعمق المعاني وأغنى التجارب التي عرفتها سيرة الأنبياء (ع) . إن حياة النبي محمد (ص) وسيرته ومعاناته وجهاده والتي توّجها بإقامة دولة عادلة، بالإضافة إلى دوره (ص) في بناء جيل رسالي وعلى رأسه علي والزهراء والحسنان (سلام الله عليهم أجمعين)، وسائر الصحابة الكرام قد تكون من أسباب هذه الأفضلية.

الأمر الثاني: هو إننا نريد أن نلفت النظر هنا إلى أنّ حديث الأفضلية بالرغم من مشروعيته لا ينبغي أن يكون شغلنا الشاغل بحيث يحجبنا عن رؤية فضائل الأنبياء السابقين (ع)، بل وربما يقودنا - وهذا هو الأسوأ - إلى محاولة التنقيص من شأنهم والحط من مكانتهم (ع) بهدف إشباع هذه النزعة لدينا في إعلاء شأن نبينا (صلى الله عليه وآله).  وإنما يجدر بنا أن نرى مزايا سائر الأنبياء ومواقع اللقاء معهم(ع)، فالرسول (ص) على عظمته إنما جاء مكملًا لسائر الأنبياء (ع)، وشريعته جاءت متممة لشرائعهم، كما قال (ص): إِنـــَّما بُعـِثـــْتُ لأُتـــَمّمَ مَكارِمَ الأَخلاق، وبالتالي فمن الأهمية بمكان أن نبذل جهدًا في اكتشاف نقاط اللقاء أكثر من اهتمامنا وتركيزنا على نقاط الافتراق والسعي في تضخيمها، وهذا الرؤية الشمولية التكاملية سوف تجعلنا ننفتح على كل أتباع الأنبياء السابقين في عالمنا المعاصر لنتعاون معهم فيما نتفق عليه ونتحاور فيما نختلف فيه.

س » هل يمكن أن يتوب الشيطان ؟؟
ج »

أولا: من الناحية العقلية، ليس ثمة ما يمنع من توبة الشيطان، لا من جهة الله سبحانه، وهو التوّاب الرحيم الذي لا يسد باب التوبة على أحد من خلقه، ولا من جهة الشيطان نفسه. فإنه ورغم كل أعماله التي أضل بها العباد، يظل كائنًا مختارًا وقادرًا على أن يعود إلى ربه، ويستغفره من كل ما جنت يداه.

ثانيا: أما بحسب النصوص، فيواجهنا قول الله تعالى وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ - وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ فإنّ هاتين الآيتين قد توحيان باستمرار الشيطان في غيّه إلى يوم القيامة وإلّا فلا موجب لاستمرار اللعنة الإلهية عليه إلى يوم الدين؛ فمن تلحقه اللعنة الإلهية إلى يوم الدين، لا يكون عنده قابلية أو استعداد للتوبة. اللهم إلا أن يُقال إنّ ظهور الآيتين في استمرار اللعنة عليه إلى يوم الدين مقيدٌ بعدم توبته، فحالهما كحال سائر آيات الوعيد التي تنذر بالعذاب حيث لا بد من تقييدها بعدم التوبة، فتكون النتيجة: إنّ لعنتي مستمرة عليك إلى يوم الدين ما لم تتب وترجع عن غيّك. والله العالم. 

س » لماذا لايزال الواقع الشيعي يرزح تحت أعباء التخلف والتفكك رغم توافر اهم عناصر الارتقاء حضاريا؟؟
ج »

يجب أن تكون الصورة متكاملة فيما يتصل بالنظرة إلى الواقع الشيعي، ومن يعرف هذا الواقع قبل 30 عاما وما كان عليه الشيعة في لبنان والعراق وإيران ومناطق أخرى ويلاحظ حالهم اليوم فسيجد أنهم في حالة تقدم جيدة نسبيًا بل في بعض الحالات أصبحوا يمثلون ليس قوة عسكرية فحسب بل قوة علمية أيضًا كما هو الحال في إيران وغيرها. أجل، هناك الكثير من الثغرات والأخطاء ونعتقد أنّه لا بد من أن يُصار إلى تصحيحها وأن يُعمل على الخروج من الخطاب الشيعي الضيق والمتزمت وتقديم خطاب إنساني وأن يُعمل على التأسيس لمجتمع منفتح ومحترم وتعددي ويعترف بالآخر وحقوقه.. من الطبيعي أن الشيعة لا يعيشون في جزيرة معزولة وأن الكثير من تأثيرات اللاشعورية كمرحلة الاضطهاد التي عاشوها لا تزال تلاحقهم وتفرض نفسها.

س » ما رأيكم بالإيمان "المذهبي" المنغلق والحاقد والمنتشر في الأمة؟
ج »

إنّ الإيمان الحقيقي لا يمكن أن يُساهم في إنتاج شخصيات عنصرية وعصبوية تحمل في حناياها "الحقد المقدس" تجاه الآخرين وإنما الإيمان بالله هو مدعاة للانفتاح على عيال الله جميعًا والخلق كلهم عيال الله. ونستطيع الحديث بكل تأكيد من وجود فكر ديني إيماني يتسم بهذه الروح المتسامية والمنفتحة على الآخر، وليس الأمر من قبيل الحديث عن شيء مستحيل بل هناك نماذج حية قديمة ومعاصرة لهذا التسامح الذي يسير في هذه الحياة على قاعدة الحب والسلام باعتبارها أصلًا من أصول الدين في مجال بناء العلاقات الإنسانية. وليس من المفترض أن يتسبب كل هذا الصخب والتشوه والعدوانية التي يحملها البعض باسم الدين في حجبنا عن هذه الرؤية المتسامحة والتي يجسدها الملايين من المسلمين العاديين في حياتهم وسلوكهم اليومي.

س » لماذا لا زالت المذاهب الإسلامية تعيش حالة من الازدواجية الخطيرة وتتمثل في الخطاب الديني العلني والذي يحرص اصحابه على تغليفه بالبعد الانساني وبين حقيقة المركب العقائدي الذي ما فتيء يغذي الغرائز الفئوية والمذهبية؟
ج »

أولا: إن هذه الازدواجية يعيشها معظم الناس على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وتلاوينهم الفكرية وغيرها حيث يحدثونك عن الأخلاق والإنسانية ولكن عندما يصل الأمر إلى السلوك فلا تجد سوى الوحشية والعدوانية، وهذا ما أشار إليه القرآن: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ.

ثانيا: إن الخطاب الديني في بعض اتجاهاته لا يزال يعيش هذه الازدواجية وهي معضلة لا بد من إيجاد مخرج منها ونحن نعتقد أن ثمة خطابًا دينيًا وازنًا نقد هذه الظاهرة والتفت إليها وأخذ يؤسس لحالة من الوضوح والشفافية في التعامل مع الداخل والخارج فلا يبقى هناك خطاب للداخل وآخر للخارج ولا يكون هناك مناهج تربي على الحقد وفي الوقت عينه تطالعنا بشعارات استهلاكية تتحدث عن حقوق الإنسان، إلى أن هذا الاتجاه في المجال الديني لا يزال يحتاج إلى الكثير من التجذير في الواقع ليستطيع أن يشكل تيارًا جارفًا في الأمة، ولنكن نحن من مشجعي هذه الخطاب وأنصاره والعاملين به بدل أن نستغرق في جلد ذاتنا أو الانخراط في خطاب تيئيسي بائس، فإن ذلك لا يزيد الواقع إلا تأزمًا.

س » عقلي يأبى تقبل فكرة الخلود الابدي على ضوء تجربة حياتية دنيوية هشة وقصيرة ، ولا أرى في ذلك أي شكل من اشكال العدالة؟؟
ج »

إنّ هذا النوع من الطرح يشكل هروبًا من المسؤولية وتحقيرًا لهذه الحياة وذمًا للإنسان برمته (وهذا فيه تنافي مع ما جاء في السؤال الثاني حول تأكيدكم على الكرامة الإنسانية) فإن التجربة الإنسانية في هذه الدنيا ليست أمرًا تافهًا ولا هشًا، وثمة فرصة كبيرة مُنحت للإنسان والإنسانية برمتها لترقى وتتقدم. وقد شهدت هذه التجربة هبوطًا وصعودًا ونعتقد أن المسار العام يميل إلى صالح قوس الصعود والترقي، وأما الرؤية المتشائمة فلعلها تنطلق من ذهنية تعيش حالة إفلاس أو فشل على المستوى الشخصي، وتريد تعميم ذلك على الحياة الإنسانية برمتها، ليصل الأمر عندئذٍ إلى فكره عدم تقبل فكرة الخلود على ضوء التجربة الهشة والقصيرة التي يعيشها هذا الإنسان في هذه الدنيا. إنّ فكرة الخلود على ضوء هذه التجربة الإنسانية الطموحة المليئة بالفرص المتاحة أمام الإنسان هي فكرة عادلة بدون أدنى شك، هذا على نحو الإجمال. ولا يمنع ذلك من وجود حالات بشرية تكون فرصتها في التغيير على مستوى هذه الدنيا قليلة مقارنة بالآخرين إلا أن مثل هذه الحالة هي مما يؤخذ بعين الاعتبار في ميزان العدل الإلهي. فلا يتساوى في عدل الله من كثُرت الفرص أمامه مع من قلّت، وهذا ما يجعلنا نقول: إن الكثير من الناس حتى من الذين كفروا ربما كانوا معذورين يوم القيامة لأن فرص الهداية ربما لم تكن متوفرة لهم. كما أوضحنا ذلك في كتاب "وهل الجنة للمسلمين وحدهم؟" وكتاب "العقل التكفيري"، وهذا الرابط للموقع: http://www.al-khechin.com/article/156 - http://www.al-khechin.com/article/280

س » اذا كانت الاحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد، فلو أخذنا الصين مثلا فاننا نجد (طعامهم الشعبي) هو المحرمات من الزواحف وذات الناب والمخالب... فأين الآثار السلبية لتلك الخبائث؟
ج »

أولا: إنّ هذا الأمر يحتاج إلى إثبات الحرمة أيضًا بدليل قطعي للقول بنسبة حرمة هذه الحيوانات (المذكورة في السؤال) إلى الشريعة. أجل، الفتوى الفقهية لدى الفقهاء هي على ذلك ولكن ربما يكون هناك مجال فقهي لإعادة البحث في الحرمة من قبل أهل الاختصاص,

ثانيا: إذا ساقتنا الأدلة الواضحة إلى القول بالحرمة، وأنّ هذا هو رأي الشريعة، فعلينا حينئذ أن نلتزم بالحرمة ونحاول أن نفتش عن المفسدة في أكل هذه الحيوانات، فربما نكتشف مع الوقت ونتيجة لتطور العلم شيئا ما. وكم من أمر كنا نظن فائدته ثم تبين العكس، على أنه قد تكون أحيانا الفائدة غير مباشرة للإنسان كما لو كانت متصلة بحماية النظام البيئي العام، فإنّ وجود  الكثير من الزواحف والحشرات له دخل في حفظ التوازن البيئي والله أعلم.

س » نحن كمؤمنين او منظرين للمعرفة الدينية نظهر بصورة المتفوق معرفياً على نظرائنا من علماء الطبيعة أو الفلاسفة؟
ج »

نحن لا ندعي أن معرفتنا بالله كاملة مكتملة، فنحن كل يوم، وأمام كل اكتشاف نزداد علمًا بالله سبحانه وتعالى نزداد إحساسًا بلطفه ومحبته، ونستفيد من علماء الطبيعة والفلاسفة والأطباء والفلكيين في هذا المجال؛ لأنّ كل اكتشاف علمي يبيّن عظمة الخلق فإنّه في الواقع يدلنا على عظمة الخالق، لكن هذا لا يمنع من أن نناقش الربوبيين في الصورة التي قدموها عن الخالق لأننا لا نرى أنها صورة مكتملة ولا نشعر أننا أمام إله يملأ العقل والقلب والوجدان

س » ما المقصود من الآية: الطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات.. مع أن القرآن ذكر زوجتي نوح ولوط (ع) الفاسدتين، وامرأة فرعون الصالحة؟؟
ج »

الآية تشير إلى السجية العامة لدى الإنسان والتي تدفع كل إنسان ليميل إلى ما يجانسه، فالطيب يميل إلى الطيبة والخبيث يميل إلى الخبيثة. وهذا الأمر يصدقه الواقع بيد أن هذا لا يمنع من وقوع استثناءات كما في الكثير من الحالات، فيميل الطيب إلى الارتباط بامرأة يخالها طيبة ثم يظهر له خبثها مع الوقت أو يميل الخبيث إلى امرأة يخالها مثله أو يتوقع أن يجرها إلى مناخه لكن تبقى مصرة على طهارتها كما في زوجة فرعون... ونظير هذه الآية: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ

س » في كتابكم "السيدة عائشة" تدافعون عنها مع أنها حاربت الإمام علي (ع)؟ وأين المحذور العقلي في ارتكابها للفاحشة بعد وفاة الرسول (ص)؟
ج »

أولا: في الكتاب تأكيد واضح وصريح على أنّ محل الكلام هو تنزيه زوجات الأنبياء عن خصوص الفاحشة، أي الزنا، وهذا ليس رأيي الخاص فحسب، بل هو رأي علماء الشيعة قاطبة.

ثانيا: وفي الكتاب أيضًا، أنّ عائشة قد أخطأت بخروجها على إمام زمانها، وخالفت قول الله تعالى الذي دعاها وسائر نساء النبي بأن يقرن في بيوتهن، كما خالفت وصية الرسول (ص) لها ولغيرها من زوجاته بعدم الخروج.

ثالثا: إن كان يقصد السائل أنّ عائشة إنما ثبت تنزيهها عن الفاحشة عندما كانت في وثاق الزوجية وذلك قبيل وفاة رسول الله (ص)، أما بعد وفاته (ص) فقد انتهت العلقة الزوجية وبالتالي لا محذور عقلًا في وقوعها في الفاحشة، فجوابه: إنّ زوجات النبي لهن خصوصية معلومة ومسلمة وهي حرمة الزواج من بعد الرسول (ص)، فهن باقيات على حكم الزوجية. وإنما تخرج المرأة عن كونها زوجة للمتوفي في حال اقترانها برجل آخر، فحينها لا تعود تُنسب إلى زوجها السابق، وهذا الأمر منتفٍ فيما نحن فيه. وعليه، فالأدلة التي نزهت زوجات الأنبياء عن الفاحشة تبقى ثابتة حتى بعد موت النبي، ولا سيما الدليل العقلي منها الذي يعتمد على مسألة أنّ ارتكاب الفاحشة يوجب النفور من رسول الله والتشكيك بصدق رسالته، وهذا شامل لحالة الموت والحياة. ولهذا فرّق العلماء بين الفاحشة والكفر، فقالوا: يمكن أن تكون زوجة النبي كافرة ولا تكون عاهرة.

وأعتقد أن مراجعة الكتاب تغني عن كل هذا الحديث، ففيه إجابة شافية على كل ما يرد في البال من أسئلة. 

س » أمي تكرهني كثيرا، وتفضل عليّ أخوتي الذكور. وأنا أعيش ألمًا. وحاولت التخلص من حياتي وأنتحر أكثر من مرة.. ما رأيكم؟؟.
ج »

أولا: قد لا تكون انطباعاتك دقيقة مئة بالمئة حول كراهية أمك لك، فالأم من طبعها لا يمكن أن تبغض أبناءها. نعم، قد تميّز أحدهما عن الآخر، فأرجو أن لا يسيطر عليك الأمر ويدفعك لاتخاذ المواقف على أساس ذلك.

ثانيا: فيما يتصل بك، احرصي على أن لا تقطعي الصلة بوالدتك، فإن صلة الرحم لا يقطعها شيء حتى الكفر، فكيف لو كان هذا الرحم هو أمك التي ولدتك.

ثالثا: احرصي على التميز عن أخوتك في الاهتمام بوالدتك أو نجاحك في أي مسار من مسارات الحياة لأن ذلك يكون سببًا إيقاظ حس الأمومة لدى والدتك وشعورها بأنك مدعاة للفخر والاعتزاز، ما يخفف من وطأة الحالة التي لديها ضدك، وإن كانت هذه الحالة فعلا موجودة... أمّا من جهة والدتك فلها كلام ونصيحة ينبغي أن يوجه إليها.

رابعا: هذا الطريق (التخلص من الحياة) في التعامل مع المشكلة ليس حلا سليما، ولا يرضي الله سبحانه وتعالى بل فيه خسارة الدارين، ونحن نريد لك أن تربحي السعادتين، سعادة الدنيا وسعادة الآخرة. أما سعادة الآخرة فبالابتعاد عمّا بغضب الله. أمّا سعادة الدنيا فبمواجهة هذه المشكلة بطريقة عقلانية، من خلال مواجهة والدتك والاستعانة ببعض من يملك تأثيرًا من اهلها وأقاربها، والتوجه إما إلى بعض علماء الدين الموثوقين وإما إلى أهل الحكمة والرأي للمساعدة في إيجاد حل لمشكلتك ومواجهة والدتك بالأمر...

س » أخي له عقدة نفسية تجاه الدين، ويعتبر أن الله تعالى يبغضه. ما هو الحل برأيكم؟
ج »

أعتقد أنّه لا بدّ أن نجلس معه جلسة مصارحة، جلسة تطمئنه وتريحه على أن تكون هذه الجلسة مع بعض علماء الدين من أهل الوعي الذين يحببون الله بالناس ولا يبغضونه إليهم، هذا أولا.

ثانيا: إذا لم نجد عالمًا يستطيع أن يدخل إلى عقله وقلبه فعلينا أن نختار شخصًا له تأثير عليه من أرحامه أو أقربائه أو أصدقائه ليؤكد له أنّ الله تعالى لا يبغض عباده حتى لو كانوا عصاة وهو يقبل توبة المشركين وأنّ الحسين (ع) هو باب من أبواب الله، وما علينا إلا أن ندخل هذا الباب لنجلس بين يدي الله وهو اللطيف الرحيم بنا المتجاوز عن ذنوبنا وسيئاتنا مهما كانت عظيمة ولذا فلا مبرر لخوفك ولا لقلقك.

ثالثا: إذا رأينا هذه الحالة ظلت مسيطرة عليه لمدة غير اعتيادية، فعلينا أن نستشير أهل الخبرة من الاختصاصيين النفسيين، فبما أصابته صدمة معينة وخلقت له مشكلة على هذا الصعيد لا سمح الله .

س » سلام عليكم، أنا فتاة متزوجة، وقد تواصلت مع شاب من وراء زوجي، ثم تبت إلى الله، وقد أخبرت زوجي بالحقيقة ولكنه يعيش القلق دائما، بما تنصحوني؟
ج »

أختي الكريمة، نصائحي لك هي التالية:

أولا: توطيد علاقتك بالله تعالى وابتهالك إليه وطلبك منه بأن يغفر لك ما صدر من معصية تجاه الله ومن إساءة لعلاقتك بزوجك، واحرصي على أن توسلي إلى الله تعالى أن يلهم زوجك الصبر والاطمئنان وأن يساعده على نسيان ما جرى.

ثانيا: إن صدقك في الحياة القادمة وشفافيتك في العلاقة مع زوجك وابتعادك عن كل ما يقلقه على هذا الصعيد هو أمر ضروري ولابد منه لرفع شكوكه وأوهامه.

ثالثا: عليك تقدير حالات انفعاله وقلقه، فهو إنسان، وكان يتعامل معك بكل اطمئنان ثم شعر أنه تعرض للخيانة من أعز امرأة، أخلص لها في حبه، ولذا لا بد من العمل على احتوائه وتحمل ردات فعله والإخلاص له، فعسى ذلك أن يخفف كثيرًا من وطأة الأمر عليه.

رابعًا: إنّ صدقك وشفافيتك في قادم الأيام فيما يتصل بالعلاقات مع الآخرين هو شرط ضروري لتجاوز هذه المحنة، ولا أرى ضيرًا أن ترفعي أسباب قلق زوجك ولو بالتخلي عن الوسائل التي كانت مدخلًا لما وقعت به، أعني بذلك وسائل التواصل الاجتماعي، فقد يكون تخليك عن استخدام هذه الوسائل – ولو بشكل مؤمت – عاملًا مساعدًا في إزالة ورفع قلق زوجك.

خامسًا: أدعوكما إلى جلسة مصارحة ومكاشفة، أنت وزوجك الموقر، واعطيا نفسيكما فرصة لترميم ما حصل، فإن توصلتم إلى حل مرضي ومريح بعد مضي هذه الفرصة فهو غاية المنى وإلا فقد تحتاجان إلى التفكير في حلول أخرى.

سادسًا: إني على ثقة بأنّكما بالإمكان تجاوز هذه المسألة ولا سيما أن الإنسان بشر ومعرض للخطأ، وآمل من زوجك أن يعي هذه الحقيقة، فقد تزل قدمه كما زلت قدمكِ، فلا بد أن يغفر وأن يتسامح وأن يعفو والله يحب العفو والتجاوز والتسامح.

أسأل الله لكما التوفيق والنجاح والسداد وتجاوز هذه المحنة، فإنّه خير ناصر ومعين.

س » أنا شاب أعزب، والشهوة تضغط عليّ كثيرًا، فأشاهد الأفلام الإباحية وقد أدمنت عليها.. ما تنصحني؟
ج »

مع تقديري لظرفك الذي أنت فيه، وربما لحالة العزوبية التي أنت فيها، لكن لا بد أن تعمل على تقوية إرادتك وتهذيب نفسك للتخلص من هذه العادة السيئة والمحرمة ولا سيما أنّ لها الكثير من التداعيات على وضعك الروحي والنفسي كما لها بعض الآثار السلبية على مستقبل علاقاتك الجنسية، فبعض الذين أدمنوا هذه العادة ظلوا على إدمانها حتى بعد إقدامهم على الارتباط بعقد زواج شرعي، ولذا أنصحك أن تتقي الله في ذلك وأن تستحضر أنك مكشوف أمام الله عندما يغريك الشيطان أو النفس الأمارة بفعل هذه العادة.

س » لماذا لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من رجل غير مسلم؟ وأنا غير مقتنعة، ولا أشعر بوجود فائدة من تحريم ذلك. وألا يمكن للمسلم الاطلاع على علل الأحكام وأسبابها؟؟
ج »

قبل الإجابة على السؤال نشير إلى بعض القواعد الأساسية

القاعدة الأولى: إنّ أحكام الشريعة ليست اعتباطية ولا عشوائية وإنما هي تابعة للمصالح والمفاسد، وهي ما يعبّر عنها بملاكات الأحكام، أو علّة الحكم، وثمّة سؤال هنا يطرحه الكثيرون، وهو أنّه كيف لنا أن نعرف هذه المصالح والمفاسد؟

والجواب: ليس لدينا من طريق إلى معرفة هذه الملاكات أو العلل إلا أحد طريقين:

الأول: هو النص الديني نفسه، فإنه أحياناً قد ينصّ على علة الحكم، التي يدور الحكم مدارها، وهذا الطريق متاح أمامنا في بعض الحالات، ولكنه لا يغطّي كل الأحكام الشرعية.

الثاني: هو طريق العقل القطعي الذي قد يستطيع من خلال التأمل في ما يسمى مناسبات الحكم وموضوعه أن يصل إلى علة الحكم التامة، ولكن الإنصاف أنّ هذا الطريق ليس ميسوراً دائماً ولا يتاح لكل إنسان، لأنه يحتاج إلى إلمام كامل بالشريعة وأحكامها ومقاصدها، كما قال الإمام علي :" لا يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه"، ولذا ففي كثير من الأحيان فإنّ ما يطرح حول علة هذا الحكم أو ذاك إنما هي مجرد قضايا حدسية ظنية، ومعلوم أنّ الظن لا يغني من الحق شيئاً.

 القاعدة الثانية: إنّ انتماء المسلم لهذه الشريعة واعتقاده أن مصدرها هو الله تعالى يحتّم عليه أن يمتثل كل أحكامها، وهو إن فهم فلسفة الحكم والعلة الكامنة وراء تشريعه فهو غاية المنى، وهذا سوف يريحه حيث سيمتثله عن اندفاع تام، وأمّا إذا لم يصل إلى علّة الحكم، فهو أيضاً ملزم بامتثاله، لأنّه يسلّم أن هذه الشريعة هي من عند الله ، وهو العالم والحكيم والذي لا يوقع عباده بما فيه المفسدة ولا يخرجهم مما فيه مصلحتهم.{ ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} [الملك - 14].

 وأعتقد أن عدم التزام المسلم بالحكم الشرعي بحجة عدم قناعته به وعدم فهمه لعلته وفلسفته ليس مبرراً، لأنّه سوف يقع في تناقض مع إيمانه، وسوف لن يكون مرتاحاً لتمرده على الحكم الشرعي، بل ربما يعيش حالة من القلق والتوتر النفسيين، مخافة أن يكون قد خالف أمر الله الواقعي، ولذا فالأجدى له والأسلم أن يأتي بالحكم ولو لم يفهم فلسفته تعبداً لله وانقياداً له.

القاعدة الثالثة: إنّ ثمة قاعدة عقلائية أقرها المشرع الإسلامي ومفادها أنّ الأحكام الشرعية يراعى في تشريعها المصلحة الغالبة للنوع المقصود بالتشريع، ولا يُنظر إلى الحالات النادرة والاستثنائية، وهذه السيرة قد جرى عليها المقنّن الوضعي. ولا يخرج عن هذه القاعدة إلا في حالات الضرورة والحرج الشديديين، والمشرع الإسلامي قد رأى أنّ المصلحة في أن لا تكون المرأة المسلمة تحت رجل غير المسلم في عقد زواج.

ومع اتضاح هذه القواعد نأتي إلى مسألة منع المسلمة من الزواج بغير المسلم، فهذا حكم فقهي ثابت بأدلته، وفيما يتصل بفلسفة هذا الحكم فإننا نستطيع الإشارة إلى عدة أمور قد تكون وراء هذا المنع، وهي أمور استفدناها من خلال التحليل وليست أموراً قطعية ولا ندعي أنها العلة التامة الواقعة وراء تشريع هذا الحكم وربما يكتشف الآخرون أموراً أخرى:

أولا: ربما كانت المسبب في ذلك أنّ الزوج غير المسلم قد يقهر المرأة على دينها أو يجبرها على أن تفعل بعض الأمور خلاف قناعاتها الشرعية، كما لو أجبرها على أن تقدم له أو لضيوفه الخمر أو لحم الخنزير مما هو حلال في شريعته.

ثانيا: وقد يكون السبب أنّ هذا الشخص الذي لا يؤمن بالرسول (ص) ولا بالقرآن، لا يجد دافعًا لاحترام الرسول ولا القرآن، وربما تطاول عليهما، وكل ذلك يجعل هذه المرأة في ظروف صعبة، لأنّه مهما كانت قوية فإنّ هذه الأجواء قد تجبرها على تلقي الإهانات التي قد تسمعها في دينها أو رموز دينها.

ثالثا: ومن جهة أخرى، فإنّ التشريع – أيضًا – ربما نظر إلى مستقبل هذه العلاقة التي قد ينتج عنها أولاد وذرية، فماذا لو أراد الزوج (وهو في الأعم الأغلب يريد ذلك) أن يكون أولاده مسيحيين أو يهودًا أو ملحدين، فإن رضيت المرأة بذلك فتلك مصيبة لأنها ترى أولادها يسيرون في خط بعيد عما تؤمن به، وإن رفضت فهذا الأمر قد يؤدي إلى مشاكل بينها وبين زوجها وتعقيدات. وهذه التعقيدات قد تحوّل الحياة الزوجية إلى جحيم لا يُطاق، فلهذا وربما لغيره من الأسباب حرّم التشريع العلاقة بين المسلمة والرجل غير المسلم.

رابعاً: إنّ هذه الثقة العالية بالنفس وأننا قادرون على تحمل كل الظروف والأجواء المضادة هي ثقة مبالغ فيها، فالإنسان معرض ولا سيما مع مرور الوقت إلى أن التأثر بالبيئة التي يعيشها، والتي تحيط به، ولا أعتقد أنّ من المنطقي أن تقول لنا امرأة أنني قادرة على قهر كل هذه الظروف وتجاوز كل هذه المطبات والصعاب؛ فهذا الأمر إذا نظرنا إليه من خلال موازين الواقع ومعطياته فهو أشبه بالحلم والخيال. ولذلك قد نجدها مع الوقت ضعف إيمانها. كما أن وعود زوجها بأنه سيمنحها كامل الحرية لتمارس معتقداتها وشعائرها بكامل الحرية هو كلام أيضاً قد يتبخر مع الزمن وتبدل القناعات وربما كان مجرد كلام معسول وذلك في ضوء ما عمتنا التجارب. 

س » إن زوجتي تكلمت مع شاب من وراء ظهري. لقد اعترفت وتابت، وأنا سامحتها. ولكنني كلما تذكرت أشعر باللم والقلق.. بما تنصحني؟
ج »

أخي الكريم، إنّ استيعابك لهذه الصدمة وكبح جمامك وغضبك من الانزلاق إلى ردات فعل قاسية وغير محمودة العواقب، هو دليل وعيٍ وحكمة. كما أنّ منحك لزوجك العذر هو مؤشر على تديّن وكرم أخلاق "والعذر عند كرام الناس مقبول".

وأعتقد أنّ الروحية التي قادتك لاتخاذ هذا الموقف لا بد أن تسعفك للتعامل مع القلق وأسئلة النفس التي تنتابك وتجتاحك بين الفترة والأخرى. فإذا كان الأمر كما تقول من أنّها تابت وندمت على ما صدر منها، فهذا يعني أنّ الله قبلها لأنّه يقبل التوابين ويحب المستغفرين. فلماذا لا نقبل نحن ما يقبله الله، ولا نحب من يحبه؟!

ثم أخي العزيز، هل بإمكانك أن تضع نفسك مكانها، ألا ترجو أن يغفر لك الآخر وأن يفتح صفحة جديدة، وماذا لو صدر مثل هذا الخطأ منك مع امرأة محصنة – لا سمح الله – وعلمت زوجتك بهذا الأمر، أما كنت تتوقع منها أن تغفر لك هذه الزلة كما غفرها الله في حال توبتك.

من الضروري منحها فرصة جديدة، والأيام كفيلة بأن تمحو وتزيل الغبار الذي يقلقك، والذكريات المرّة العالقة في ذهنك. واعتبر أنّ هذا مجالٌ يمتحنك ويبتليك الله فيه، ولا شك عندي أنّه امتحان إلهي، والمؤمن عليه أن يصمم على أن لا يسقط في الامتحان. ودعني أقول لك بكل صراحة، أعطِ لنفسك فرصة من الوقت مع الحرص على التخلص من وطأة ما جرى عليك نفسيًا.

واحرص على دراسة النتائج الكارثية عليك وعلى أسرتك في حال الاستغراق باستحضار تلك الذكريات لمرّة.

س » يُقال إن مشروب "البيبسي" يحتوي على أجزاء من الخنزير، وعليه ألا تبطل صلاة كل من يشربه؟
ج »

تعليقًا على هذا الكلام، يمكن القول:

أولا: إنّ ما ذُكر يحتاج إلى تدقيق بملاحظة ما هو معروف من أنّ الشركات في الغرب إذا أرادت أن تتآمر على العرب والمسلمين، وتسقيهم مشروبًا يحتوي على أجزاء من لحم وشحم الخنزير، فلا يمكن لها أن تكذب على شعوبها؛ لأن الكثير من الناس قد لا يشربون ما يحتوي على أجزاء من لحم الخنزير لدواعٍ صحية، فهل يُعقل أن يستمر هذا السر لعشرات السنين دون أن يفضحه أحد؟ والحال أنّ من واضحات القوانين الغربية المتعلقة بالسلامة الصحية هي ذكر مكونات كل منتج يتم تسويقه، لذلك قلنا إنّ الأمر يحتاج إلى تدقيق في هذه المعلومات. والتدقيق في هذه الأيام سهل، ولدينا مئات المختبرات، فليوكل إلى أهل الخبرة الموثقين، وليقدموا الرأي الفاصل في القضية.

ثانيا: على فرض اشتمال البيبسي على أجزاء من أمعاء الخنزير، فلا ربط لصحة الصلاة بشربه جهلًا، تماما كما لا ربط لها بفعل أي من المحرمات جهلًا، بل حتى مع العلم بأنه محرم، كما لو أقدم على أكل لحم الميتة عمدًا، فإنّ صلاته تكون صحيحة ومجزئة.

نعم، يقع الكلام في قبول عمله غي هذه الحالة، فإنّ الله تعالى يقول: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾، وشتان بين القبول والإجزاء.

أجل، نستدرك لنقول لو أنّ شارب البيبسي قد لامست شفتاه بظاهرهما هذا المشروب الذي هو متنجس بحسب الفرض، فلا بد له من تطهيرها قبل الصلاة.

ثالثا: بصرف النظر عن كل ما تقدم، فإنّ ثمة رسالة يمكن توجيهها لشاربي البيبسي، وفحواها: أنّه ألا يجدر بنا اجتناب هذا المشروب بسبب ما يُحكى عن بعض أضراره الصحية أو على الأقل في محاولة لمقاطعة البضائع الأمريكية التي يعود جزء من ريعها وأرباحها إلى الصهاينة المحتلين لأرضنا؟! وهذه تحتاج إلى همم عالية وإلى أمة تعرف مصالحها، وتعرف كيف توجع أعداءها وتؤلمهم.

س » أنا امرأة متزوجة، مؤمنة وملتزمة. أتواصل مع شيخ معمم من علماء الدين، وأسأله عن بعض المسائل. ولكن مؤخرًا بتّ أشعر بمشاعر حب له. هل هناك محذور في استمرار هذه العلاقة؟
ج »

أختي الكريمة، ليس في استمرار علاقتك مع الشيخ المذكور مصلحة لك في دينك. فمشاعر الحب التي تجدينها في نفسك اتجاهه هي منزلق خطير قد يؤدي - لا سمح الله - إلى ما لا تُحمد عقباه. ولا أقل من أن يشعر الشيخ المذكور ويعلم بحبك له، وحينئذ إن كان على المستوى المأمول منه كعالم مؤمن، فإنه سيقطع علاقتك معه بشكل قاسٍ، وهذا قد يزيد في ألمك، وربما يشكل صدمة لك ولا سيما مع استمرار هذه المشاعر وتجذرها. وأمّا إن زلت قدم الشيخ المذكور لا سمح الله، وتجاوب معك شعوريًا وبادلك الحب بالحب، فهنا تكون المصيبة؛ لأننا دخلنا حتما في دائرة المحذور.

فحاذري يا أختي العزيزة، أن تبددي صبرك وجهادك بنفسك وعلاقتك بربك والنبي وأهل بيته وتضييعها من خلال هذا المدخل الذي قد يكون بابًا كبيرًا للشيطان. ونسأل الله لك التوفيق والعافية والصبر والعون، إنه خير ناصر ومعين.

س » لدي صديق أحبه كثيرًا، لكنه أحيانًا يقوم بأعمال منكرة، ويرتكب المعاصي والذنوب.. وأنا أنزعج كثيرًا وأنفعل وأبدأ بتأنيبه، لكنه لا يرتدع.. ماذا عليّ أن أفعل؟؟
ج »

إن حساسيتك تجاه المنكر هو دليل عافية، فالمؤمن لا يتأقلم مع المنكر، وإذا فقد مثل هذا الإحساس الرافض للمنكر، فثمة مشكلة إيمانية لديه؛ إلا أن طريقة التعبير عن رفض المنكر يجب أن تكون مدروسة. فالأسلوب الأمثل يتحرك في خطين، الأول: العمل على إقناع الآخر بمفاسد هذا المنكر ومساوئه على الشخص، على فاعل المنكر نفسه أو على المجتمع برمته، وهنا تظهر حكمتنا وبراعتنا في الإقناع. الثاني: أن نعمل على أسلوب النصيحة والوعظ الذي يجعلنا نمتلك قلب الآخر، ونظهر له حبنا وشفقتنا عليه. وأما الأسلوب الغاضب والانفعالي، فهذا قد لا يؤدي إلى المطلوب بل قد يزيد الموقف تعقيدًا ويزيد الآخر إصرارا، ولا سيما في هذا الزمن حيث شاعت في أوساطنا فكرة الحرية الشخصية على الطريقة الغربية في فهم الحريات. والأمر الذي لا شك فيه، هو أنه لا يجوز إتلاف مال الغير أو الاعتداء عليه شخصيًا بالضرب ونحوه في حالات إنكار المنكر إلا في صور خاصة وبإشراف الحاكم. نعم، قد يكون أسلوب المقاطعة وإظهار الانزعاج والنفور من الآخر أسلوبًا مجديًا ومؤثرًا ويُلتجأ إليه بعد فشل محاولات الإقناع والنصيحة ووصولها إلى طريق مسدود.

لمزيد من الحوارات، زوروا الموقع الإلكتروني: http://www.al-khechin.com/

س » ما حقيقة الروايات التي تقول بأنّ كل من لم يكن مواليًا هو ابن زنا؟
ج »

وعليكم السلام وتحياتنا لكم شيخنا العزيز، ليس لدي دراسة منشورة حول هذا الموضوع. وإنما لدي إجابة على سؤال وجه إليّ عن هذا الموضوع، وهي التالية: "إن هذا المضمون الوارد في بعض الروايات والذي يطعن بطهارة نسب غير الموالي لأهل البيت (ع) هو محل إشكال كبير، من جهة أنه ينافي ما ورد عن الأئمة (ع) من الأخبار الصحيحة من أنه لا يجوز الطعن في نسب الناس حتى من غير المسلمين لأنّ "لكل قوم نكاح يعتصمون به عن الزنا"، بمعنى أنّ كل قوم لهم زواج ويميزون بين العلاقة الشرعية والأخرى غير الشرعية، فزواجهم صحيح ولا يطعن فيه، وعليه فلا يعقل صدور طعن عام بنِسَب كل من لم يكن مواليا لهم،
ومن جهة أخرىة فإن غير واحد الأئمة (ع) تزوجوا منهم وزوجوهم، فهل يُعقل أن يتزوج الأئمة (ع) من بنات زنا، ويزوجوا بناتهم من أبناء زنا ؟! مع ملاحظة أن بعض النساء التي تزوج منها بعض الأئمة (ع) بقين على عقائدهن، والافت أن بعضهن كن من الخوارج".
ولهذا فالروايات لا يمكن قبولها، اللهم إلا إذا كان المقصود بها أن حب الأئمة (ع) هو مما قامت عليه بديهة الدين وإجماع المسلمين لتضافر النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تنص على محبتهم ، وبالتالي فلا يعقل أن تجد مسلما يبغض آل البيت (ع) إلا إذا كان معاندا للحق ، ومعاندته للحق هذه لها مناشىء وأحد مناشئها هو خبث الولادة. ولكن هذا التوجيه مخالف للظاهر، والأولى ردّ مثل هذه الروايات التي تطعن في نسب المسلمين.
ولي دراسة تفصيلية حول هذا الموضوع سوف يُنشر إن شاء الله في وقت آمل أن يكون قريبًا، تحت عنوان: "فقه العلاقة مع الآخر المذهبي" وهي تشتمل على هذه الأبحاث.
وهذه الروايات الواردة عن الأئمة (ع) في اتهام الآخرين أنهم أبناء زنا، لها نظير وهو أحاديث الطينة، وهذه الأخيرة قد بحثت عنها وعن ضرورة ردها أو تأويلها ، في كتاب "وهل الجنة للمسلمين وحدهم؟"، رابط الكتاب على الموقع الإلكتروني: http://www.al-khechin.com/article/156

س » هل صحيح أن من يرد على العلماء والفقهاء يكون رادًا على الأئمة وعلى الرسول وعلى الله ؟
ج »

إجابة على سؤالكم نقول: أولا: هذا المعنى قد ورد في مقبولة عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله (ع)، ونصها يقول: "ينظران من كان منكم ممَّن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يُقبل منه، فإنّما استُخفّ بحكم الله، وعلينا ردَّ، والرَّادُّ علينا الرَّادُّ على الله، وهو على حدّ الشرك بالله". وهذا المقطع من المقبولة الواردة أساسا في القضاء، وبصرف النظر عن سندها، يوضح القضية بشكل جلي.وأنه في حال حكم القاضي بحكم شرعي مطابق للموازين وهو ما عبرت عنه المقبولة " حكم بحكمنا" أي الأئمة (ع) ورُد عليه، فهو رد عليهم (ع)، والرد على الأئمة (ع) رد على الله تعالى. ثانيًا: حتى لو قلنا بشمول الرواية للولي والحاكم أو لمطلق الفقيه، كما قد يرى البعض، فإن المضمون الوارد فيها، يمكن فهمه والقول بأنه صحيح ولا غبار عليه لأن من رد على الولي مع كونه وليا شرعيا أي يحكم "بحكم النبي ( ص) والأئمة (ع)" فكأنما رد على الأئمة أنفسهم ، ومن رد فتوى الفقيه مع أنه يفتي طبقًا لحديثهم ووفقًا لمنهجهم فكأنه يرد على الأئمة (ع). ثالثًا: باختصار: إن الرواية تمثل دعوة للالتزام بالقوانين الشرعية وعدم التمرد عليها؛ وما ينبغي التنبيه عليه هنا، هو أن هذه الرواية لا تمنع من الرد العلمي على الفقهاء، فإن هذا الرد العلمي هو مناقشة في فهمهم لكلام الأئمة (ع) وليس ردًا على الأئمة (ع)، وهذا ما جرى عليه العلماء في مناقشة بعضهم البعض الآخر. وبالأحرى أن لا يُستفاد من هذا الحديث أن القاضي أو الحاكم أو الفقيه هو ظل الله على الأرض، ويُتعامل معه بطريقة تقديسية تجمد العقل والفكر وتمنع من النقد البناء، فالنقد مطلوب وهو يثري الفكرة ويغني التجربة ويسدد الخطى، وقد كان الإمام علي (ع) يدعو إلى نقده مع أنه حجة الله على العباد، قال فيما روي عنه (ع): فَلا تُكَلِّمُونِي بِمَا تُكَلَّمُ بِهِ الْجَبَابِرَةُ، ولا تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ ولا تُخَالِطُونِي بِالْمُصَانَعَةِ ولا تَظُنُّوا بِي اسْتِثْقَالاً فِي حَقٍّ قِيلَ لِي ولا الْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِي فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَوِ الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ فَلا تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَةٍ بِعَدْلٍ". والله الموفق وهو حسبنا ونعم الوكيل

س » يوجد منافاة في القرآن في مسألة الموت، فتارة تذكر الآيات أنّ الله هو الذي يتوفى الموتى وتارة الملائكة، وتارة ملك الموت.. ما هو الصحيح برأيكم ؟؟
ج »

أولا: إن نسبة التوفي إلى الله سبحانه وتعالى ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ لا تنافي نسبته إلى الملائكة ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ ؛ لأن قرار الموت هو بيد الله سبحانه وأما الملائكة هم بمثابة يده سبحانه وتعالى، ولذلك فإن فعلهم هو فعله تماما ، كما يقول في أيامنا هذه رئيس البلاد: "أنا فعلت المشروع الفلاني للناس"، مع أنه لم يفعله بشكل مباشر إنما بواسطة الوزارات التابعة له، والتي تعمل بأمره ورعايته.  وفي الوقت عينه، يمكن للوزير المختص أن يقول: "أنا نفذت هذا الأمر"، ويمكن للشركة المنفذة أن تقول الأمر عينه؛ وكل ذلك صحيح.

ثانيا:  أما نسبة التوفي في الآيات تارة إلى ملك الموت ﴿يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ﴾ وأخرى إلى الملائكة ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ أو رسل الله ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ﴾، فلا منافاة بينها أيضًا؛ لأن ملك الموت هو من جملة الملائكة الذين هم رسل الله.  والظاهر أن ملك الموت ليس فردًا واحدًا وإنما هو صنف من الملائكة الذين يرسلهم ويكلفهم الله بهذه المهمة، وربما كان هناك ملك رئيس ولديه أعوان يساعدونه في مهمته هذه.  وعليه، فالتعبير بملك الموت يشير إلى هذا الصنف، فلا يكون هناك منافاة بين التعبير بملك الموت أو الملائكة أو رسل الله.

س » يقولون إنّ القرآن رائع.. ولكنني لا أشعر بذلك عندما أقرأه، ولا أفهم الكثير من كلماته، وأجده معقدًا.. لماذا؟
ج »

إنّ القرآن الكريم ليس كتابًا معقدًا من ناحية التعابير أو الأسلوب البياني، وإنما هو بيان ومبين كما وصف نفسه. وأعتقد أنّ المشكلة ليست في القرآن بل المشكلة فينا، حيث ابتعدنا عن لغتنا العربية الفصحى ولم تعد موضع اهتمامنا، وحلت محلها اللهجات العامية، ما جعلنا نحتاج إلى ترجمان ليس للقرآن فحسب بل لكل تراثنا العربي القديم سواء الشعري منه أو النثري؛ ومن هنا فإننا بحاجة إلى إعادة الاعتبار إلى لغتنا العربية، والعناية بدراستها وفهم قواعدها، وعند ذلك سوف نشعر بروعة القرآن ونتذوق جماله الفني وسحره البلاغي.. وسلاسة القرآن التي نتحدث عنها لا تعني سطحية معانيه، فالقرآن الكريم ظاهره أنيق وباطنه عميق، فهو كلام الله وهو الرسالة الخالدة والمعجزة المستمرة، ومن هنا كان ذا مضامين سيالة ومتدفقة، فهو يجري كما يجري الليل والنهار، ولا تنال أعماقه الا بالتدبر والتأمل، ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾..

س » هناك بعض الروايات عن تقسيم الأرزاق بين طلوع الفجر وطلوع الشمس وكراهية النوم في هذا الوقت. وعقلي لا يقتنع بهذه الروايات؟ فما علاقة الرزق بالوقت ؟! ما رأيكم بذلك؟
ج »

أولا: إننا نقدر العقل ونجلّه، ونجعله ميزانا في محاكمة التراث الروائي، فما ينافي حكم العقل القطعي يُرَدّ.. لكن شتان بين ذلك وبين عدم قناعتنا بأمر ما، أو عجزنا عن تفسيره، فمجرد أن عقولنا لا تقتنع بالأمر ليس مبررا لنفيه وتكذيبه ورد الروايات الواردة حوله، فقد لا تدرك عقولنا أمورا كثيرة، فلا يبرر ذلك ردها، ولعل الأيام تكشف لنا صحتها. ومن هذه الأمور التي لا تستطيع عقولنا إثبات واقعيتها أو نفيها مسألة "تقسيم الله لأرزاق العباد بين الطلوعين"، فلنرجع في ذلك إلى ما ورد عن النبي (ص) وآله (ع)، وقد ورد في الروايات كراهية النوم بين الطلوعين؛ ففي رواية معتبرة سندًا يسأل الراوي أحد الإمامين (الباقر أو الصادق (ع)) عن النوم بعد صلاة الفجر، فيجيبه الإمام (ع): "إن الرزق يبسط في تلك الساعة، فأنا أكره أن ينام الرجل تلك الساعة".

 ثانيا: ربما كانت الحكمة من تقسيم الأرزاق بين الطلوعين أنّ الإنسان يكون في هذا الوقت من الصباح الباكر في حالة جيدة من الحيوية والنشاط ويستطيع أن ينجز الكثير من الأعمال .. الأمر الذي يفسر هذا التأكيد في النصوص الدينية على أهمية البكور في العمل، كما ورد عن رسول الله (ص): "باكروا طلب الرزق والحوائج، فإن الغدو بركة ونجاح" والله الموفق.

س » هناك أشخاص مجرمون وظالمون وسيئون.. هل يمكننا شتمهم؟
ج »

الشتم ليس خُلُقًا إسلاميًا طيبًا ومحمودًا بل هو من الأساليب المذمومة، ولا يلجأ إليه من كان قويًا في حجته. ولذا فإننا نربأ بالمؤمن أن يلجأ إلى أساليب السب والشتم أو الفحش في القول، قال تعالى: قولوا للناس حسنًا.

س » ما قصة الملك فطرس الذي عصى أمر الله تعالى، فقص الله جناحه ورماه في جزيرة من جزر البحر، وظلّ مرمياً فيها إلى أن ولد الحسين (ع) فجاء جبرائيل ليبشّر النبي (ص) بولادته، فتوسل إليه فطرس أن يحمله معه، فحمله، فتمسح فطرس بمهد الحسين فشفي وعاد إلى الملأ الأعلى؟
ج »

والإجابة على ذلك من خلال الوقفات التالية:

الوقفة الأولى: بالنسبة لمصدر الرواية، فقد وردت في عدّة مصادر حديثيّة[1]، مع شيء من الاختلاف، وفي العموم فمصادرها لا تحسب من مصادر الدرجة الأولى، ونحن ننقلها من مصدرين:

الأول: ما رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر بسنده، عن أبي عبد الله (ع)  قال : وذكره غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع): «أنّ فطرسَ ملك كان يطيف بالعرش، فتلكّأ في شيء من أمر الله، فقصّ جناحه ورمى به على جزيرة من جزائر البحر. فلمّا ولد الحسين (ع)  هبط جبرئيل (ع)  إلى رسول الله (ص)  يهنيه بولادة الحسين (ع)  فمّر به، فعاذ بجبرئيل (ع) ، قال: قد بعثت إلى محمد أهنّيه بمولود ولد له، فإن شئت حملتك إليه، فقال: قد شئت، فحمله فوضعه بين يدي رسول الله (ص)  وبصبص بإصبعه إليه، فقال رسول الله (ص): امسحْ جناحك بالحسين، فمسح جناحه بحسين (ع)  فعرج»[2].

الثاني: ما رواه في بصائر الدرجات «بإسناده عن الأزهر البطيخي عن أبي عبد الله (ع)  قال: إن الله عرض ولاية أمير المؤمنين فقبلها الملائكة وأباها ملك، يقال له فطرس فكسر الله جناحه، فلمّا ولد الحسين بن علي (ع)  بعث الله جبرئيل في سبعين ألف ملك إلى محمد (ص)  يهنئهم بولادته فمر بفطرس فقال له فطرس: يا جبرئيل إلى أين تذهب؟ قال: بعثني الله إلى محمد يهنئهم بمولود ولد في هذه الليلة فقال له فطرس: احملني معك وسلْ محمداً يدعو لي فقال له جبرئيل: اركبْ جناحي، فركب جناحه، فأتى محمدا (ص)  فدخل عليه وهنّأه فقال له: يا رسول الله (ص) إن فطرس بيني وبينه أخوة وسألني أن أسألك أن تدعو الله له أن يردّ عليه جناحه، فقال رسول الله (ص)  لفطرس: أتفعل؟ قال: نعم، فعرض عليه رسول الله (ص)  ولاية أمير المؤمنين (ع)  فقبلها، فقال رسول الله (ص)  شأنك بالمهد فتمسّح به وتمرّغ فيه، قال: فمضى فطرس فمشى إلى مهد الحسين بن علي ورسول الله يدعو له قال: قال رسول الله: فنظرت إلى ريشه وإنه ليطلع ويجري منه الدم ويطول حتى لحق بجناحه الآخر وعرج مع جبرئيل إلى السماء وصار إلى موضعه»[3].

والرواية من حيث السند غير معتبرة[4].

الوقفة الثانية: ملاحظة متن الروايات، وما فيه من اختلاف حول سبب تمرد فطرس، وفي أمور أخرى، ففي حين أجمعت الروايات حول هوية فطرس وأنّه ملك من الملائكة، فإنها اختلفت في المهمّة المناطة به، فيذكر بعضها أنه كان «من الحملة» بينما يذكر بعضها الآخر أنّه كان يطيف بالعرش، واحتمال وحدة المهمتين وارد، فالطواف بالعرش هو تعبير آخر عن كونه من الحملة، وفي حين أجملت بعض المصادر سبب تمرد فطرس فجاء التعبير فيها أنّه «بعث في شيء فأبطأ فيه»[5]، أو «فتلكّأ في شيء من أمر الله»[6]، وتختلف الروايات حول المدّة التي قضاها فطرس في تلك الجزيرة في عبادة الله قبل أن يمرّ عليه جبريل، ففي حين تذكر بعضها أنها «ستمائة عام»[7] وفي أخرى أنه عبده مدة « سبعمائة عام»[8]، ومن موارد الاختلاف أيضاً ما نجده في عدد الملائكة الذين اصطحبهم جبريل معه لتهنئة النبي (ص)  بولادة الحسين (ع) ، ففي بعض الروايات أنّ عددهم كان ألفاً[9]، بينما أنهتهم رواية البصائر إلى سبعمائة ألف.

الوقفة الثالثة: وبالإضافة إلى ضعفها سنداً فإنّ الرواية من ناحية المضمون لا تصح ولا يمكننا الوثوق بها، لأنّها تشتمل على ما ينافي العقيدة الإسلامية، حيث إنّها تفترض أنّ هذا الملك وهو المسمى بـ «فطرس» قد طلب منه الله تعالى الإيمان بولاية أمير المؤمنين (ع)  أو طلب إليه تنفيذ مهمّة معينة، لكنه أبى الإقرار بالولاية أو أبى تنفيذ المهمّة، وهذا معناه أنّه قد تمرّد على الله تعالى وعصاه، وهذا ينافي عقيدة المسلمين في أنّ الملائكة معصومون عن الخطأ، ولا يخالفون أمر الله تعالى ولا نهيه، وهي عقيدة مستمدة من قوله تعالى: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾[التحريم: 6]، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، فإنّ ثمّة تساؤلاً يطرح في البين: هل أنّ لعلي وسائر أئمة البيت (ع) ولاية على الملائكة حتى تعرض عليهم؟! وما الدليل على ذلك؟ وهل الملائكة مأمورون بإطاعة علي (ع)  وتنفيذ أوامره؟ وبماذا يأمرهم يا ترى؟! وافتراض أن الولاية تمتد إلى الملائكة يعني أن النبوّة كذلك لأن الإمامة فرع النبوّة، ومعلوم أنّ نبينا محمد (ص) لم يدل دليل على أنّ له ولاية على جبريل أو غيره من الملائكة، ولذا كان يتأخر عنه جبريل أحياناً حتى يضيق صدره بذلك، كما في قضية تغيير القبلة وما جاء في أسباب نزول سورة « الضحى» فلو كان له ولاية عليه لاستدعاه إليه وأمره بعدم التأخر مرة أخرى!

وما السِّر في تمرّد هذا الملك أمر الله تعالى؟

والسؤال الآخر أنّ ولاية أمير المؤمنين (ع)  إنما عرضت على الناس في يوم الغدير وهذا في السنة الأخيرة من حياة رسول الله (ص)  وحينها لم يكن الحسين (ع)  في المهد، بل كان له عدّة سنوات، فهل عرضت ولاية علي (ع)  على الملائكة قبل أن تعرض على الناس.

ومما يثير الريبة في الرواية بحسب نقل «بصائر الدرجات» تصويرها للملائكة بأنّهم من لحم ودم، وأنّ أجنحتهم من الريش، فقد نقل فيها عن رسوله الله (ص)  قوله: «فنظرت إلى ريشه وإنه ليطلع ويجرى منه الدم ويطول حتى لحق بجناحه الآخر». فهل جناح الملائكة كجناح الطيور مكوّن من ريش؟! وهل إنّ جسد الملائكة مكوّن من لحم ودم فتكون كالإنسان أو الحيوان، بينما هم مخلوقات مختلفة عن جنس الإنسان وتكوينه؟! 

على أنّ إثبات ولاية الإمام علي (ع)  على الملائكة هو أمر لا يمكن إثباته بأخبار الآحاد لو كانت صحيحة فكيف لو كانت ضعيفة السند!

ونظير هذه الرواية من هذه الجهة رواية أخرى تتحدث عن ملك اسمه دردائيل.



[1]           فبالإضافة إلى مستطرفات السرائر، والبصائر، فقد رواها ابن قولويه في كامل الزيارات ص 140 وكذلك الصدوق في الأمالي ص 200. واختيار معرفة الرجال للكشي ج 2 ص 850.  ودلائل الإمامة للطبري ص 190، ثم تردد صداها بعد ذلك في الكتب المتأخرة، ووجدنا الأشارة إليها في المصباح للشيخ الطوسي ص 827.

 

[2]           السرائر ص 580.

 

[3]           بصائر الدرجات ص 88.

 

[4]           ففي متطرفات السرائر وردت مرسلة، وفي البصائر فإنّ في سندها عدد من المجاهيل الذين لم نجد لهم ترجمة في كتب الرجال، من قبيل «الأزهر البطيخي» الذي لم يرد اسمه إلا في هذه الرواية، فهو مجهول،. وفي كامل الزيارة اشتمل السند على موسى بن سعدان الحناط،  وهو «ضعيف في الحديث»، كما يقول النجاشي في رجاله ص 404 وفي رجال الكشي، حدّث بالقصة محمد بن سنان من دون أن ينقلها عن أحدٍ من الأئمة R. وأما رواية الأمالي ففي سندها عبد الله بن صباح المزني وهو مجهول، وفي السند أيضاً إبراهيم بن شعيب المزني، ويحتمل كونه شعيب بن صالح المذكور في رجال الكشي، ويظهر أنّه كان من أصحاب الصادق والكاظم والرضا R، وكان واقفياً وفي كل الأحوال فلم تثبت وثاقته، انظر: مجمع الرجال للقهبائي ج 1 ص 48.. 

 

[5]           كامل الزيارة ص140.

 

[6]           كما مرّ في رواية مستطرفات السرائر. ونحوه ما في أمالي الصدوق.

 

[7]           كما في كامل الزيارة.

 

[8]           كما في أمالي الصدوق.

 

[9]           كما في رواية كامل الزيارة، والأمالي.

 

 

س » هل فعلا ما يقال ان مايحدث من ظواهر كونية مثلا الزلازل التي حدثت قبل فترة وقلة الامطار هو غضب من الله سبحانه وتعالى بسبب ذنوب العباد او الفساد في الارض؟ وكيف يتم ربطها بهذه الآية (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ) بأن القوم عصوا وانزل الله عليهم العذاب؟
ج »

لقد جرت مشيئة الله سبحانه وتعالى على أن يسير هذا الكون وفق منطق السنن والأسباب والمسببات، في الحديث:( أبى الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها). لذا، فإننا معنيون بدراسة كل الظواهر الكونية، وأن نتعرف على أسبابها في سبيل تلافي ما قد ينتج عنها من أضرار تصيب الإنسان.

وعليه، فلا صحة لتفسير هذه الظواهر على انها تعبر عن غضب الله على عباده، أجل، قد يكون من أسباب بعض هذه الظواهر ما يمارسه الإنسان من أعمال عدوانية بحق الطبيعة بما يتسبب بكوارث بيئية أو طبيعية، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى في سورة الروم " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)"، أما قول الله تعالى في سورة الأعراف: " فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (133)" ، فهذا لا يمثل حالة خاصة وليس قانوناً عاماً، هذا حصل مع بني إسرائيل، وربما حصل مع قوم آخرين، ويسمى هذا النوع من العقاب أو العذاب بعذاب الإستئصال وله فلسفته وحكمته.

ولقد دفع الله سبحانه وتعالى هذا النوع من العقاب على الأقل بعد بعثة النبي محمد (ص)، كما يوحي بذلك قوله تعالى في سورة الانفال: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)".

س » هناك روايات يتمسك بها البعض لاتهام الشيعة بأنهم يجيزون الزواج بالمتزوجة، كالرواية: قلت لأبي عبدالله (ع): إني أكون في بعض الطرقات فأرى المرأة الحسناء ولا آمن أن تكون ذات بعل أو من العواهر؟ قال: ليس هذا عليك إنما عليك أن تصدقها في نفسها. أو الرواية الأخرى: قلت لأبي عبدالله (ع): ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد فأقول لها: هل لك زوج؟ فتقول: لا، فأتزوجها؟ قال: نعم هي المصدقة على نفسها. ما رأيكم بذلك؟؟
ج »

أولا: إنّ هذه الروايات تشير إلى مبدأ سليم يتوافق مع سهولة الشريعة الإسلامية، وهو أنّ النساء مؤتمنات ومصدقات في شأنهن الخاص، فيما يتصل بالزواج أو عدمه، فلماذا تكذب المرأة إذا قالت إنه لا زوج لها ؟ وهل الأصل في المرأة هو الخيانة والكذب؟! كما أنّ هذه الروايات منسجمة مع أصالة الصحة في فعل المسلم وحمله على الأحسن، وكذا مع مبدأ الأخذ بالظاهر والابتعاد عن الشكوك والاحتمالات وسوء الظن بالآخرين؛ لأنّ التعويل على الاحتمالات يؤدي إلى الهرج والمرج واختلال النظام. ومن هنا كان الأصل في الإسلام هو الإباحة حتى تثبت الحرمة، وإلا لو أراد الإنسان الانسياق مع الاحتمالات وترتيب الآثار عليها، فإنه لن يدخل السوق ليشتري شيئا؛ لأن أيّ شيء يهمّ شراءه فإنّ احتمال السرقة والغصب فيه قائم. كما أنه قد لا يتمكن من الزواج بأية امرأة؛ لأن احتمال أن تكون أخته أو أمه بالنسب أو الرضاعة قائم وموجود، ولهذا فإنّ هذه الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) في تصديق المرأة في أمر خلوها من الزوج هي مدعاة للفخر، وليست سببا للمذمة، ولكن كما قال الشاعر: وعين الرضا عن كل عيب كليلة وعين السخط تبدي المساويا.

 ثانيا: لست أدري من أين استفاد بعض الناس من هذه الروايات أنها تبيح الزواج والتمتع بالمتزوجة؟! فالروايتان واردتان في أنّ المرأة مصدقة على نفسها في أمر الزواج، فكيف يستفيد الإنسان الذي يقرأ النصوص العربية بطريقة سوية وبعيدة عن العصبيات من هذه الروايات أنها تجيز التمتع بالمتزوحة؟ إننا بحاجة إلى تقوى الله قبل أن نصدر الأحكام، هل يتخيل مسلم سوي أنّ أئمة أهل البيت (ع) أو فقهاء مدرسة أهل البيت يجيزون مثل هذا العمل، وهو التمتع بامرأة متزوجة؟ فلماذا يمارس بعض الناس التضليل وحرف الكلام عن مواضعه؟ 

 

س » السلام عليكم ، ما هي دلالة عبارة "لاجناح" في الايتين الكريمتين "فلاجناح عليه ان يطوف بهما" و "فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة"؟ وكيف استفاد الفقهاء "الوجوب" منها؟
ج »

نفي الجناح لا يدلّ على الوجوب، وإنما يأتي غالبًا في موارد توهّم الحظر (التحريم)، ففي ما يتصل بالآية الأولى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، ذكر المؤرخون أنّه كان يوجد على الصفا والمروة بعض الأصنام، فتوهم بعض المسلمين أن ذلك يمنع من السعي بينهما، فنزلت الآية لرفع هذا التوهّم. وأما في الآية الثانية {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ}، فإن نفي الحظر فيها جاء بِلاحظ أن المسلمين قد أَلِفوا الصلاة التامّة (الرباعيّة)، ما يدفع على توهم أن القصر هو نقصٌ في الصلاة، فأراد تعالى أن يرفع عنهم هذا التوهم، وأن يؤكد لهم أن القصر في حال ضربوا في الأرض ليس فيه بأسٌ ولا حَرَجٌ، وبناءً عليه فلا تدل الآيتان إلّا على المشروعية دون وجوب السعي أو القصر، وإنما الوجوب يُستفاد من بعض وجوه أخرى. والله العالم.

س » برایکم هل للمسیره الاربعینیه الحسینیه دور فی الوحده الاسلامی اکمالاً لموسم الحج؟
ج »

إن هذه المسيرة هي تعبيرٌ عاطفيٌ مقدّرٌ عن تفاعل الأمّة مع أبي عبد الله الحسين (ع) وولائها لنهجه وخطّه، وإنّنا ممن يعتقد بأن الارتباط بأهل البيت (ع) لا يُمكن أن ينفصل عن الواقع والحياة المُعاشة، فعندما تزحف نحو الحسين (ع) لا بدّ أن تستحضر أنّك تسير في خطّ إمامٍ رفع راية الإصلاح ولم يركن إلى الظالمين وواجه الفساد والمُفسدين، وبالتالي لن تنسجم مع  ذاتك ومع مبادئك إن كنت لا تحمل هذه الأهداف في حياتك المعاصرة، فمن يُناصر الظالمين في زماننا وعلى رأسهم (الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة والاستكبار العالمي وقوى الاستبداد)، فمن يُناصر هؤلاء لن يكون حسينيّ الهوى والهوية حتى لو مشى إلى الحسين (ع) وبكى عليه. إن للمسيرة إلى الحسين (ع) وظيفة إيمانية عقيدية ولها وظيفة ثورية سلوكية، وعلينا أن نأخذ الحسين (ع) بكلّه لا أن نأخذه مُجزءًا، ونؤمن ببعض ما أتى به ونكفر بالبعض الآخر.

س » مولانا انا اعاني من حديث النفس حيث يدور في ذهني صور وكلام فيه إساءة وجرأة على اولياء الله، مع اني اشعر بذنب كبير وانا ملتزم واخاف المحاسبة على هذا الحديث النفسي الباطني فبماذا تنصحني؟
ج »

هذه الوساوس وأحاديث النفس معفو عنها ولا يحاسب الإنسان عليها ما دامت غير اختيارية له ولا يتعمد استحضارها وإنما تفرض نفسها عليه، لأنه كما ورد في الحديث الشريف "كل ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر". أجل، يجدر بالمؤمن أن يُدرّب نفسه على تجنّب مثل هذه الوساوس حتى لا تسقط حرمة الأنبياء والأولياء (ع) في نفسه، فيكون اقترانهم (ع) بالصور القبيحة وألفاظ السباب أمرًا عاديًا. ولكن السؤال هو عن الطريق الأمثل لتجنب مثل هذه الوساوس، وفيما أرى وأرجح فإن الأمر قد يختلف من حالة إلى أخرى، فبعض الناس قد يكون طريقهم الأسهل للخروج من وطأة هذه الأحاديث النفسية هو أن يستحضروا عظمة الأنبياء (ع) في أنفسهم، وأن يستحضروا قبل ذلك أن هذه النفس بما يجول فيها من معاني قبيحة وكلام نفسي سيء تجاه الأنبياء، إن هذه النفس مكشوفة أمام الله، فهو مطلع على قباحة هذه الصورة التي تفرضها هذه الوساوس، ومن المعلوم أن حضور الله في نفس الإنسان يطرد وساوس الشيطان وكل قبيح منها، والإنسان المؤمن لا يحب أن يراه الله على هذه الصورة لأنه يخجل من ذلك. في المقابل فإن شريحة أخرى من الناس لا ينفعها الطريق المتقدم، بل قد يزيد ذلك من تفاقم المشكلة لديهم، ولذا فقد يكون العلاج الأمثل بالنسبة إليهم أن لا يُبالوا بهذه الوساوس -على قباحتها- وأن يعلموا أنها أنها وساوس عابرة ولا يحاسب الله عليها، ولا ينبغي إيلاؤها كثير أهمية

س » هل النفس هي دائما عدوة لنا؟
ج »

الأمر ليس بهذه العمومية والكلية، فالنفس ليست عدوة للإنسان دائما، وإنما يتصل الأمر بما تمليه النفس علينا من رغبات.

 فتارة تدفع الإنسان وتنزع به نحو الحرام والتطلع إلى ما لا يحل، فهنا يلزمه مجاهدتها وترويضها لتعتدل وتستقيم، وفي هذا المعنى ورد الحديث عن رسول الله (ص): "أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك".

وتارة أخرى، يكون لدى النفس نزوعٌ نحو الخير وتطلعٌ نحو الجمال والإبداع والتطور، وفي هذه الحالة، فإن هذا النزوع هو أمر إيجابي ويُشجع عليه وعلى تنميته وتجذيره في النفس وفي الواقع.

وفي حالة ثالثة، قد يكون للنفس تطلعٌ نحو أمور، لا هي محرمة ولا هي مطلوبة في ذاتها، وذلك من قبيل: تطلع النفس نحو الملك والسيطرة وجمع المال تعلقًا شديدًا بذلك، فهنا نقول: إن هذا النزوع وإن لم يكن محرمًا بل هو مشرع، ولكن لا ينبغي أن يصبح الهدف الأسمى للنفس البشرية، وإنما ينبغي أن يكون الوصول إلى الكمالات العليا الروحية والمعنوية هو هدفنا الأسمى.

إن شدة تعلق الإنسان بالمال والجاه والولد قد تجعل هذه الأشياء كعبة الإنسان " أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ " (الجاثية:23).

وهنا ينبغي ترويض النفس لكي تتوازن وليكون تعلقها بهذه الأشياء تعلقًا عابرًا، فإن – هذه الأشياء – وجِدت وحصلت، فنِعمَ بها، وإن فُقدت فلا ينبغي التكالب على تحصيلها ولو بتجاوز الضوابط الشرعية والأخلاقية.

وفي هذا السياق، كان يقول أمير المؤمنين (ع): وَإِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الاَكْبَرِ".

س » على من تقع مسؤولية تشخيص "موضوعات الأحكام الشرعية"؟
ج »

إن موضوعات الأحكام الشرعية على أصناف: الصنف الأول: الموضوعات المستنبطة، ومنها التيمم والوضوء والغسل الصلاة.. وهذه لا شك فيها أن المرجع فيها هو اجتهاد الفقيه. الصنف الثاني: الموضوعات العرفية الصرفة، من قبيل: أن هذا المائع هل هو ماء أم خمر؟ وهذه الموضوعات يُرجع فيها إلى المكلف نفسه، ولا دور للفقيه فيها. الصنف الثالث: هو الموضوعات التخصصية، وهذه يُرجع فيها إلى أهل الخبرة، ويدخل في هذا الصنف الكثير من الموضوعات، كالموضوعتت الطبية أو الفلكية أو نحو ذلك. وإننا نرى أهمية أن يُتشكَل إلى جانب المرجعية الدينية مؤسسات تُعنى بدراسة هذه الموضوعات فيكون لدى المرجع لجنة متخصصة بالفلك فتدرس قضية خروج الهلال من المحاق وإمكانية رؤيته، ولجنة متخصصة بالعلوم المخبرية والقضايا الكيميائية فتدرس قضية الاستحالة،وهل أن الجيلاتين مثلاً قد تعرض للاستحالة أم لا؟ وهكذا الأمر في القضايا الأخرى. وأهمية ذلك: أن هذا الأمر يخفف على الناس الإرباك الناتج عن إيكال معرفة هذه الموضوعات إليهم، فإن ذلك مدعاة لتعدد الآراء والاختلاف. والأمر عينه نقوله في العناوين الثانوية التي قد تطرأ على الموضوعات التي يوكِل الفقيه أمرها إلى الناس وتأتي إجاباته عليها افتراضية، " إن كان كذا فالحكم كذا". من قبيل عنوان "الهتك" حيث ترى أن كثيراً من الفقهاء يقولون على سبيل المثال "إذا لزم من التطبير هتك المذهب حَرُم"، فإن هذه الفتوى التعليقية تُربِك المقلدين، وكل شخص ينظر من زاويته الخاصة للأمر، فمن يعيش في بلد غربي مثلا قد يقول أنه يوجب الهتك، ومن يعيش في بلد شيعي يقول أنه لا يوجب الهتك، وقد يحصل الاختلاف حتى في البلد الواحد، الأمر الذي يدعو بإلحاح إلى ضرورة أن أن يوجد في جانب المرجع لجنة متخصصة بالوضع الاجتماعي العام وتدرس الأمر من كل الزوايا، وتقول للفقيه مثلاً أن هذا الأمر يلزم منه الهتك أو لا يلزم، وعلى ضوء ذلك يُفتي الفقيه بالحرمة إفتاءً ناجزاً غير معلق. والله الموفق

س » ما المراد من الحديث: "من فطّر مؤمنا" ؟؟ هل يجب إعطاؤه وجبة كاملة أم تكفي حبة حلوة أو تمرة مثلا ؟؟
ج »
الظاهر  أن المراد من الحديث هو إطعام الصائم بما يُشبعه ويسد رمقه، وليس مجرد إعطائه حبة حلوى أو تمر أو ما إلى ذلك، والوجه في هذا الاستظهار  أن ذلك ما فهمه الصحابة من كلامه (ص) ولذلك نجدهم – بعد أن حثهم على إفطار الصائم – قالوا له: "يا رسول الله ليس كلنا يقدر على ذلك"، ما يعني أنهم فهموا من كلامه ما ذكرناه من إطعام الصائم حتى إشباعه، ولعل مناسبات الحكم والموضوع تشهد لذلك وأن المقصود هو مساعدة الفقراء والذين لا يجدون طعاماً للإفطار.
وقوله (ص) لهم بعد أن اعتذروا بعدم القدرة: "اتقوا الله ولو بشق تمرة، ولو بشربة من ماء.." لا ينافي ما ذكرناه، لأن الاكتفاء بتمرة أو بشربة ماء هو  تكليف (التكليف الاستحبابي) من لا يقدر إلا على ذلك كما هو واضح.
وهذا المعنى جاء واضحاً في رواية التهذيب، حيث إنه قال لهم بعد أن اعتذروا بعدم القدرة: "إن الله كريم يعطي هذا الثواب لمن لا يقدر إلا على مذقة من لبن يفطر بها صائم أو شربة ماء عذب أو تمرات لا يقدر على أكثر من ذلك".
وبناءً على هذا الفهم للحديث:
1- لا يكون تناول الصائم لحبة تمر في بيته مثلاً سبباً في فوات الأجر لمن دعاه إلى الإفطار، إلا أن يستفاد ذلك من دليل آخر.
2- لا يكون ما أعد من ثواب لإطعام الصائم في الخبر شاملاً لمن يكتفي بحبة تمر يطعمها للصائم مع قدرته على إطعامه وإشباعه، دون أن يعني ذلك أنه غير مثاب ولا ماجور؛ كيف وقد قام بعمل خير. والله العالم
س » 1- هل إنّ شهر رمضان اكتسب قدسيته من نزول القرآن فيه، أو أنّ نزول القرآن فيه إنما هو بسبب كونه مقدساً في رتبة سابقة ؟ 2- ما هي العلاقة بين القرآن الكريم وشهر رمضان ؟ وما الحكمة في نزول القرآن في هذا الشهر الفضيل دون سواه.
ج »
وقبل الإجابة على السؤالين نقول: إنّ علينا بداية استبعاد احتمال أن يكون نزول القرآن في شهر رمضان كان مجرد مصادفة، إذ إن المستفاد من قوله تعالى:{ شهر رمضان  الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}، وغيرها من الآيات التي تتحدث عن نزول القرآن في شهر الصيام، أنّ ثمة عناية إلهية لإنزال القرآن في شهر رمضان، أو بعض لياليه، كليلة القدر، قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، فالظاهر أنّه تعالى اختار هذه الليلة المباركة لإنزال القرآن فيها.
وأما الإجابة على السؤال الأول فقد اتضحت، إذ أنّ المستفاد من الآية الأخيرة أنّ قداسة الليلة وبركتها كانت سابقة على نزول القرآن فيها، أجل لا شك أنّ نزول القرآن في هذا الشهر زاده أهمية واحتراماً وبركة. 
 
العلاقة بين القرآن وشهر الصيام
وأما الإجابة على السؤال الثاني، فيمكن تلخيصها بأمرين:
1- وحدة الغاية: فالقرآن كما وصف نفسه هو هدى للمتقين، {هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين}، {ذلك القرآن لا ريب فيه هدى للمتقين}، فهدف القرآن صناعة الإنسان التقي، وكذلك هدف الصيام في شهر رمضان هو إيصال الإنسان إلى مرحلة التقوى، قال تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
2- القرآن مصباح الصائم: شهر رمضان شهر العبادة والتربية وتهذيب النفس ، ومن الواضح أنّ العبادة إنما تؤخذ من القرآن، وهو الذي يحدد لنا أصول العبادة وشروطها، ومن ذلك عبادة الصوم التي بيّن لنا القرآن الكريم الكثير من أحكامها، وأما تهذيب النفس وتربيتها فهو لا يحصل إلاّ بالعودة إلى القرآن الكريم، فالقرآن يبين أصول التربية وأسس تهذيب النفس، كما أنه أفضل وسيلة لتهذيب النفس، وذلك من خلال تلاوة آياته التي تشرح القلب وتفتح الروح على آفاق الروحانية والصفاء.
هذا مضافاً إلى أنّ الله يريد للصوم أن يكون صوماً واعياً وليس مجرد كفٍ للبطن عن المأكل والشراب وسائر الملذات، والذي يحقق الصوم الواعي هو تلاوة آيات الله الكريم تلاوة تدبر ووعي وفهم، ومن هنا ورد النهي عن تلاوة القرآن الكريم بأجمعه في ليلة أو ليلتين أو ثلاثة، ففي الحديث: "سأل أبو بصير أبا عبد الله الصادق (ع) فقال له جعلت فداك أقرأ القرآن في ليلة؟ فقال: لا، فقال: ففي ليلتين؟ فقال: لا، حتى بلغ ست ليالٍ، فأشار بيده فقال: ها، ثم قال: يا أبا محمد إنّ من كان قبلكم من أصحاب محمد كان يقرأ القرآن في شهر أو أقل، إنّ القرآن لا يقرأ هذرمة (الهذرمة: سرعة المشي او الكلام) ولكن يرتل ترتيلاً إذا مررت بآية فيها ذكر النار وقفت عندها وتعوذت بالله من النار".
في ضوء ما تقدم نفهم قول أبي جعفر الباقر (ع): "لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان".
س » أنا في حيرة من أمري وأتسائل دائما: لماذا خلقتني يا رب ؟
ج »

وعليكم والسلام ورحمة الله وبركاته، إن سؤال لماذا خلقنا الله سبحانه وتعالى؟ هو سؤال قديم، وقد طرحه الفلاسفة والحكماء والعقلاء منذ قديم الزمن. وفي الواقع، هناك بحوث كثيرة مفصلة للإجابة على هذا السؤال لكن اختصارًا أقول:

أولا: إن الوجود والخلق هو لطف من الله تعالى وهو فيض وكرم أن يخلق الله الإنسان وييسر له سبيل التطور والإبداع والتعرف على الجمال وجلال الله والكون. والخلق خير ولطف ومؤكد أنه خير من العدم، عدم الخلق.

ثانيا: في الرؤية القرآنية، فإن القرآن واضح في أن الله خلقنا للعبادة لكن علينا أن نفهم معنى العبادة في القرآن، فالعبادة مفهوم واسع وهي ليست مجرد صلوات وأذكار وحج وعمرة... لا، فإن هناك العبادة التفكرية كما ورد في الحديث "التفكر خير من عبادة سنة. وهناك العبادة الاجتماعية حيث ينخرط الإنسان في النشاط الاجتماعي ومساعدة الناس وبناء الأسرة، هذا كله عبادة كالكلام الجميل مع الناس وأن يشارك الآخرين في بناء الحياة الجميلة ، هذا أيضا عبادة.

فالعبادة لا تكون من دون معرفة والآية وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (الذاريات: 56) فإن المعرفة هي من صلب العبادة، وقد ورد أيضا "التفكر في ملكوت السماء والأرض عبادة المخلصين". ومن هنا، فنحن لا نرى أن سؤال الخلق سؤالٌ لا يجد إجابة، وعلى الإنسان أن يعرف قيمة وجوده في هذه الحياة وأن الحياة فرصة للكمال الروحي والمعنوي وللوصول إلى الغاية والسعادة المطلقة حيث اللقاء بالحبيب الأول كما في الذكر الحكيم يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (الانشقاق:6) وهذه فرصة للتعرف على الجمال والكمال والتعرف على الله عز وجل.

س » هل سند دعاء أبي حمزة الثمالي صحيح؟ كيف استطاع الراوي أن يحفظه غيبا وهو طويل جدا؟
ج »
أولاً: إن الدعاء مروي في بعض المصادر الأساسية المُعدة لنقل الأدعية، عنيتُ به مصباح المتهجد للشيخ الطوسي، ورواه أيضاً السيد ابن طاووس في إقبال الأعمال بإسناده إلى أبي محمد بن هارون بن موسى التلعكبري (رض) بإسناده إلى الحسن بن محبوب الزراد عن أبي حمزة الثمالي، وتردد بعد ذلك ذكره في كتب الأدعية كـ "مصباح الكفعمي" وكتب الحديث كـ "بحار الأنوار" وقد تلقاه الشيعة بالاهتمام والحفظ، وقد شرحه أعلام كثيرون كما لا يخفى على من يراجع كتاب الذريعة للآغا بزرك الطهراني.
ثانياً: إن مضامين الدعاء عالية جداً ونجد فيها بصمة الإمام زين العابدين (ع) الخاصة المبثوثة في ثنايا سائر أدعيته المروية في الصحيفة السجادية، كما نجده يلتقي في الروح مع دعاء كميل المروي عن أمير المؤمنين (ع) وليس في مضامينه ما يثير الريبة أو يبعث على التشكيك في نسبته إلى الأئمة (ع).
ومن مجموع ما ذكرناه في النقطة الأولى والثانية لا يبعد الوثوق بصدوره عن الإمام زين العابدين.
ثالثاً: وأمّا كيف روى أبو حمزة الثمالي هذا الدعاء على طوله، وأنه ربما نسي بعض فصوله. فتعليقنا على ذلك أن الدعاء المذكور لم يدع به الإمام (ع) لمرة واحدة، بل كان من دأبه الدعاء به في السحر كما يظهر مما ذكره الشيخ الطوسي، ومع مواظبته عليه حفظ فصول الدعاء، ولا سيما أن حافظة الناس في تلك الأزمنة كانت قوية بسبب اعتمادهم على الحفظ أكثر من اعتمادهم على التدوين. على أنه من الوارد أن يكون أبو حمزة قد عرض الدعاء على الإمام (ع) بعد تدوينه فأمضاه الإمام (ع).
س » ما هو الدليل على أن القرآن من السماء وليس من تأليف النبي؟
ج »
أخي الكريم لقد كُتبت العديد من الكتب والدراسات لإثبات هذا الأمر وأن القرآن الكريم هو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلقه. ولو أردت أن أضيف هنا لقلت: أن صاحب هذا التشكيك إما أنه يؤمن بنبوة سيدنا محمد (ص) أو ينكرها:
أ‌- فإن كان يؤمن بنبوته، فعليه التصديق بأن القرآن هو كلام الله تعالى أوحى به لنبيه، لأنه (ص) يقول بالفم الملآن إن هذا القرآن هو من عند ربي، ولم أزد عليه حرفاً واحداً من تلقاء نفسي، {ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين}.
ب‌- وإن كان ينكر نبوته (ص)، فهنا سبيلنل لإقناعه هو بالرجوع إلى دلائل النبوة، وما امتاز به هذا القرآن من علوٍ في مضامينه ومن منظومة عقدية وتشريعية، ومن قوة بلاغية، وما اشتمل عليه من إشارات علمية إعجازية ومن قوته المعنوية الآسرة للقلوب والمهيمنة على العقول، ناهيك عن إقرار عشرات المفكرين والفلاسفة والعظماء بأنه ليس من بنات أفكار محمد (ص). إن ذلك هو بعض الشواهد والدلائل على أن مرجعية القرآن الكريم هي الوحي وليس من تأليف شخص عاش في جاهلية  جهلاء ووسط أمة أمية لا تعرف القراءة ولا الكتابة.
س » سلام عليكم، أنا مسلم سني، وسؤالي لكم: لماذا لا يهتم علماء الشيعة بأسانيد الأحاديث عندما يتكلمون، وأليست الكتب الأربعة المعروفة عندكم صحيحة كلها؟
ج »
 
أولاً: إن ما تعودت عليه من معرفة حال السند قبل الأخذ بالرواية هو شيء جميل وطيب، وللشيعة بطبيعة الحال طرقهم في التوثيق والتضعيف، وقد وضعت في هذا الإطار الكثير من الدراسات والكتب، وما استقر عليه مسارهم في الاستنباط الفقهي والأصولي فضلاً عن المجال العقدي هو التشدد في الأسانيد، ولا يقبلون بالأخبار الضعيقة، وهذا أمر يعرفه كل من يراجع كتبهم الاستنباطية. وأما في مجال الوعظ والتبليغ فإنهم يتسامحون في الأسانيد استناداً إلى قاعدة معروفة عندهم وعند بعض علماء السنة، من أنه لا ضرورة في التشدد السندي في فضائل الأعمال والمثوبات، ( بصرف النظر عن رأينا فيها )، ولذلك قد تخلو الكثير من المقالات أو المحاضرات الإرشادية من الإشارة إلى حال الأسانيد صحة وضعفاً، اعتماداً على أن مضامين هذه الأحاديث موافقة للكتاب الكريم فيكون ذكرها للتأييد والاستشهاد لا للاستدلال.
 
ثانياً: لا شك أن الكتب الأربعة هي عمدة المصادر الحديثية عند الإمامية، لكن هذه الكتب ليست صحاحاً كما في صحاح أهل السنة. وقد وضع الكثير من العلماء تأليفات خاصة لتمييز الصحيح من الضعيف في الكتب الأربعة أو غيرها من قبيل "مرآة العقول للمجلسي" والذي يدرس أسانيد كتاب الكافي ويبين حالها...
لكن تجدر الإشارة إلى أنه ومع وجود قدر كبير من الاتفاق على معايير الجرح والتعديل فإنّه تبقى ثمة مساحة يختلف فيها القوم في توثيق أو تضعيف بعض الرجال أو توثيق بعض الكتب أو تضعيفها، الأمر الذي يؤدي إلى بقاء دائرة من الأخبار مختلف في صحتها وضعفها، وهذا أمر طبيعي وموجود لدى السنة أيضاً.
هذا وقد ألف أحد الأعلام المعاصرين وهو الشيخ آصف المحسني رحمه الله كتاباً بعنوان "الأحاديث المعتبرة" ما يزيد على عشر مجلدات، ويمكن الاستفادة منه ومن سائر مؤلفات هذا الشيخ في هذا المجال ومنها كتاب "الأحاديث المعتبرة في بحار الأنوار" الذي أُلف على ضوء نظرياته الرجالية. كما وتوجد برامج الكترونية تحدد الصحيح من الضعيف في كتب الحديث، من قبيل برنامج نور الأحاديث.
ثالثاً: عندما يأتي في السند عبارة "غير واحد" فهذا في نظر المشهور يدل على الإرسال، لكن البعض يرى أن هذا التعبير يدل على كثرتهم ما قد يسمح بحصول الوثوق بعدم كذبهم فيما رووه أو حدثوا به.
س » نقرأ في فتاوى الفقهاء ومنهم السيد السيستاني أنه يجوز للمرأة الأمة أن تكشف عن رأسها.. لماذا هذا الفرق بينها وبين المرأة الحرة طالما أن الحجاب هو لنشر الفضيلة؟
ج »
المسألة مفتوحة على البحث ويمكن إعادة التفكير فيها بل قد يكون مهما وضروريا، لكنّ ما طرح في كلامكم من إشكال يمكن للسيد السيستاني وغيره من الفقهاء أن يجيبوا عليه، بأنّ القضية تندرج في ما يُعرف بالتعبد الشرعي، وبالتالي ليس ثمة ما يبرر قياس الأمة على الحرة ولا سيما بملاحظة ما ورد بينهما من فوارق في الأحكام والعديد من المجالات.وأما قضية نشر الفضيلة، فهي – في نظرهم - ليست سوى حكمة للحكم وليست علّة ليدور الحكم مدارها وجودا وعدما، ومما يعزز ذلك أنّ القضية مطروحة في الصلاة ولا علاقة لها بنظر الأجنبي، ولذا لو كانت الحرة في بيتها وحيدة وجب عليها أن تستر رأسه.، ولهؤلاء الفقهاء أن يقولوا إننا نلتزم بذلك بجواز كشف الأمة لرأسها في الصلاة فحسب، ودون أن يكون هناك ناظرٌ أجنبي، وإذا كانت بعض الروايات مطلقة وتدلّ على جواز كشفها رأسها حتى في غير الصلاة وحتى أمام الرجال الأجانب، فيمكن أن يُقيد اطلاقها بما جاء في رواية ابن بزيع سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن أمهات الأولاد لها أن تكشف رأسها بين يدي الرجال؟ قال: تقنع" . 
نعم، البحث يحتاج إلى مزيد من الدراسة لأن بعض الأخبار يظهر منها أن الجواز ليس منحصرا في الصلاة فحسب.
س » تمسك شخصٌ بآية يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْرًا لنفي عذاب القبر بحجة أن الإخفات دليل أنهم خائفون أو خجلون من أنفسهم بسبب إيمانهم بوجود عذاب القبر؟ ما رأيكم؟
ج »
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بصرف النظر عن رأينا في المسألة، فإنه لا يمكن نفي عذاب القبر بمثل هذا المنطق الذي يتحدث به هذا الشخص لأنه منطق ضعيف غير متماسك وفيه من التعسف والتكلف وتحميل الآيات ما لا تحتمل، ويرد عليه العديد من الملاحظات:
أولاً: من أين له أنّ هذا الكلام الذي تحدثت به الآية سيجري بين الذين يثبتون عذاب القبر؟ مع أن هؤلاء هم من العلماء والأجلاء والمحترمين والحال أنّ الآية تتحدث عن الحوار بين المجرمين، فهل يُعقل هذا..؟!!
ثانياً: اعتماده على عبارة "يتخافتون" لنفي عذاب القبر بحجة أنه لو كانوا فعلاً قد "مروا بعذاب القبر لكانوا رفعوا الصوت ولم يتكلموا همساً" هو أيضاً كلام ضعيف، إذ إن إخفات الصوت قد يكون له منشأ آخر وهو خجلهم بسبب إنكارهم لعذاب القبر وهم في دار الدنيا..
ثالثاً: ولو أنه اتكأ لنفي العذاب على نكتة قلة الأيام التي لبثوها بحسب زعمهم والتي هي إما عشرة أو يوم واحد على قول أمثلهم طريقة، كان أفضل له، بتقريب أنه لو كان ثمة عذاب لوقت طويل لما قالوا إنّا لبثنا يوماً أو عدة أيام.
ولكن هذا التقريب أيضاً، باعتقادي، لا يدل على نفي العذاب إذ من المعقول جداً أنه نتيجة الهول الذي أصابهم بعد نفخ الصور وخروجهم من الأجداث، أصابتهم الدهشة والذهول فلم يعوا ولم يتذكروا مدة العذاب الذي أصابهم في القبر.
رابعاً: ولو تجاوزنا هذا الإشكال الذي أوردناه وقَبِلْنا بدلالة الآية وفق تقريبنا المذكور لأمكن القول بأنها أخص من المدعى أي لا تنفي عذاب القبر عن كل الناس، وذلك لأنّ الحوار المذكور في الآية هو بين جماعة من أهل النار وليس كل أهل النار، فلعلّ الحوار حصل بين أُناس لم يُعذبوا في القبر إذ إنه وفقاً للروايات الواردة عن أهل البيت (ع) فإن معظم الناس (ممن يستحق العذاب) لا يُعذبون بعذاب القبر بل يُهملون إلى يوم القيامة.
س » أليس الفارق المدّعى بين المدرستين الأخبارية والأصولية مبالغاً فيه كثيراً..؟ في حين نرى الشيخ البحراني ثقة العلماء الأصوليين؟ ما رأيكم؟ وما الفارق بينهما؟
ج »
إنّ الفارق بين المدرستين الأخبارية والأصولية في أصول الاستنباط هو فارق كبير، وليس فارقاً عابراً وسطحياً، ولذا لا ينبغي تسخيفه ودعوى أنه غير مؤثر على النتائج العملية، وإليك بيان ذلك من خلال بعض النقاط السريعة:
الأولى: إن بناء الأخباريين على العمل بكل الأخبار الواردة في الكتب الأربعة بل وغيرها أيضاً كما يصرح بذلك الحر العاملي وغيره، سيعني حتماً التزامهم بعشرات بل مئات الفتاوى التي لن يوافقهم عليها الأصولي الذي ذهب إلى تصنيف الحديث إلى الأصناف الأربعة المشهورة: الصحيح والموثق والحسن والضعيف، وحصر الحجية بخصوص الصحيح أو هو والموثق، ومن المعلوم أنّ آلاف الأخبار التي تضمنتها الكتب الأربعة فضلاً عن غيرها هي – بنظر الأصولي – أخبار ضعيفة وغير صحيحة.. ويكفي لملاحظة النتائج الفقهية بين المدرستين مراجعة ما توصلت إليه المدرسة الأخبارية من نتائج وآراء فقهية عند الحر العاملي في كتابه "هداية الأمة إلى أحكام الأئمة" وما توصل إليه مشهور الأصوليين في زمان الحر نفسه، كما نجده لدى السبزواري والخونساري وغيرهما من الفقهاء، إن الفارق العملي شاسع وكبير وواضح ولا يسعنا الإسهاب في سرد أمثلة له.
أجل، قد كان ثمّة ما يضيق الشقة من الناحية العملية بين المدرستين، وهو انتشار بعض المقولات لدى الأصوليين من قبيل: مقولة انجبار الخبر الضعيف بعمل المشهور، الأمر الذي كان يوجب تصحيح العشرات من الأخبار الضعيفة، بسبب عمل المشهور بها، ولكن عندما تراجع المتأخرون عن هذه المقولة - كما نرى عند السيد الخوئي - فهذا سوف يسهم في تعميق الشقة من الناحية الفتوائية بين المدرستين،.
الثانية: إنّ الاستشهاد بصاحب الحدائق، وهو الشيخ يوسف البحراني للقول بأن الشقة بين المدرستين ليست كبيرة، بحجة أن الشيخ لا يختلف في فقهه كثيرا عما ذكره مشهور الفقهاء الأصوليين هو استشهاد لا يخلو من ضعف، وذلك، لأنّ الشيخ البحراني عند كتابة الحدائق كان قد أجرى مراجعة نقدية لمنهجه الاستنباطي القديم والذي كان منهجاً أخبارياً متشدداً، ونتيجة لهذه المراجعة ( التي أعلن عنها وبين أسسها في مقدمات الحدائق وفي كتابه الآخر: الدرر النجفية) فقد مارس جهداً كبيراً في التقريب بين المدرستين، ودان بعض رموز التشدد من الطرفين، ورأى أن الفجوة بين المدرستين مبالغ فيها وغير صحيحة، وهو ما جعله يقترب كثيرا في منهجه الفقهي الاستنباطي من المدرسة الأصولية كثيراً، وهو ما انعكس عملاً على فقهه، ولذا قد لا نجد فوارق كبيرة بين ما توصل إليه الشيخ البحراني وما توصل إليه مشهور الفقهاء الأصوليين، وهذا الاعتدال الذي اتسم به الشيخ يوسف هو ما يفسر لنا هذه الثقة الكبيرة به وبكتابه الحدائق عند العلماء الأصوليين واعتباره مرجعاً أساسياً لهم في عمليات الاستنباط .
الثالثة: هذا كله لو قصرنا النظر في ملاحظة الفارق بين المدرستين الأخبارية والأصولية على مسألة العمل بكافة أخبار الكتب الأربعة من قبل الأخباريين وعدم العمل بكل ما فيها من قبل الأصوليين، وأما لو ضممنا فوارق أخرى بين المدرستين، فإن الشقة ستزيد اتساعاً، وعلى سبيل المثال: فإنّ التزام الأصوليين بالبراءة في الشبهات الحكمية التحريمية والتزام الأخباريين بالاحتياط فيها يؤثر على النتائج الفقهية كثيراً، ويزيد من الفجوة بينهما في النتائج الفقهية، لأن عشرات الموارد يوجه الفقيه فيها شكاً في الحرمة، وهنا سيلتزم الفقيه الأصولي بالبراءة ويلتزم الفقيه الأخباري بالاحتياط.. هذا ناهيك عن وجود فوارق منهجية وأصولية أخرى قد تنعكس على النتائج العملية الفقهية.
نعم إن المسار الذي خططته المدرسة الأخبارية في العصر الأخير من قبل بعض رموزها من أمثال الشيخ محمد أمين زين الدين اقترب كثيرا من المنهج الأصولي حتى أنه لم يعد ثمة فارق جوهري بين المدرستين من الناحية العملية إلا لُماماً ونادراً..
س » هل الجنة للشهوات؟؟
ج »
الجنة هي الجزاء الأوفى لعباد الله المؤمنين العاملين للصالحات. والجزاء الأوفى لهؤلاء يتمثل بلقاء الله تعالى عزّ وجلّ ورضوانه، ولكن الجنة بالإضافة إلى ذلك، فيها الكثير من اللذائذ الحسية والمِتَع البصرية، وهذه تشكل مظهراً من مظاهر الجزاء المعدّ لهؤلاء العباد، ولهذا نجد أنّ الله تعالى بعد أن بيّن اللذائذ الحسية، أشار إلى ما هو أسمى منها وأعلى: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة-72)
وربما كان تأكيد القرآن وتركيزه على اللذائذ الحسية بسبب أنّ عامة البشر في عالم الدنيا يعرفون مثل هذا الصنف من اللذائذ وإلّا فهناك ما هو أسمى من ذلك وهو لقاء الله تعالى ولقاء أوليائه، فالجنة دار المحبين ودار السلام الروحي والمعنوي وفيها: ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
س » لماذا لا نجد تأصيلا فقهياً لمبدأ الكرامة والعدالة؟ هل بسبب عدم إيمان الفقهاء بالفقه المقاصدي أو اكتشاف الملاكات أو بسبب فتاوى المنافية للكرامة؟؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولا: إنّ قاعدة الكرامة وكذلك قاعدة العدالة يمكن التأسيس الفقهي لهما بعيداً عن فقه المقاصد والدخول في عالم الملاكات على اعتبار أنهما منصوصتان وبالتالي يمكن الاستفادة منهما حتى لمن لا يتبنى نظرية فقه المقاصد ولا يرى سبيلا لمعرفة ملاكات الأحكام.

ثانيا: على الرغم من أن الشائع والمشهور أن قاعدتي العدالة والكرامة لم يتبنّهما الفقهاء الشيعة والسنة لكننا قد وجدنا في الاستنباطات الفقهية المتفرقة بعض النماذج التي تؤكد اعتمادهما كقاعدتين تشريعيتين ولا سيما قاعدة العدالة، هذا بصرف النظر عن دائرة التكريم وهل أنه يختص بالمسلم أو المؤمن الشيعي أو أنه شامل حتى لغير المسلم.

وهذا ما بحثناه بشكل مستفيض في دروسنا "قواعد فقه العلاقة مع الآخر غير المسلم" وآمل أن يصدر هذا البحث قريبا إن شاء الله تعالى.

ثالثا: إن غياب التنظير لقاعدة الكرامة كقاعدة فقهية ربما كان منشؤه اعتقاد هؤلاء أن الكرامة وكذا العدالة هما وصف للشريعة الإسلامية وخصوصية من خصائصها لا أنهما قاعدتان تشريعيتان، بمعنى أنّ ما جاء به الإسلام هو العدل وهو الذي يحفظ كرامة الإنسان لا أنّ العدل والتكريم هما عنصران تشريعيان بإزاء سائر العناصر (وإن كنا لا نوافق على هذا الفهم).

أضف إلى ذلك أن المسار التاريخي والسياسي والثقافي قد أسهم في سيطرة العقل الأخباري الرافض للاجتهاد والتجديد وهذا كان له دور في بطء وتأخر العقل الفقهي عن التأصيل لمثل هذه المقولات على الرغم من أن النصوص القرآنية والحديثية تساعد على هذا التأصيل.

وأما ما طرحتموه من احتمال أن يكون غياب قاعدة الكرامة بسبب وجود أحكام شرعية تنافي الكرامة كفقه الرقيق وفقه الحدود والتعزيرات والقصاص وعلاقة الرجل بالمرأة وغيرها فإني لا أراه تبريراً لهذا الغياب.. وذلك لأن منظومة الحدود والديات هي منظومة لا تنافي مبدأ الكرامة إما بتبرير أن المجرم قد أهدر كرامة نفسه أو لأن حاجة المجتمع للنظام هي أولوية لا تقل أهمية عن مبدأ الكرامة. نعم، حتى بالنسبة لقضية الرقيق فهم لا يرون فيها انتهاكا للكرامة الإنسانية وإن قد نختلف معهم في ذلك بطبيعة الحال ولذلك ذهبنا إلى تاريخية أحكام الرق أو تدبيريتها.

س » زوجي مؤمن لكنه يخرج بصحبة نساء أجنبيات ولا يهتم بي وأنا جدا متألمة.. ما تنصحني؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، نسأل الله لك المعافاة والصحة، ونصيحة إليك:

أولاً: أن تهتمي بصحتك جيداً ولا تزيدي من همومك في هذه المرحلة.

ثانياً: آمل أن يصلح حال زوجك تعويلاً على إيمانه وطيبته وما ذكرتيه وأن تكون هذه مجرد نزوة عابرة يقع فيها بعض الرجال ثم يستفيقون.

ثالثاً: أرجو أن لا تهشمي صورته أمام بناتك لكي تبقى صورة الأب محترمة في أذهانهن حتى لو كنّ يعرفن هذا الأمر أو يطلعن عليه لكن لا تزيدي في تهشيم صورته في نظرهن.

رابعاً: بالنسبة لزوجك وموقفك منه، انزعاجك في محله لأن ما يقدم عليه فيه شبهة شرعية ربما والأخطر من ذلك أن فيه إساءة لمكانته الاجتماعية فمن الطبيعي أن يكون لديك موقف فيه شبه احتجاج على هذا الأمر، لكن وكما قلتُ لك أن تعولي على أن يستفيق ولا توتري الأمور أكثر فإن ذلك ربما يلقيه في الحضن الذي لا ترغبين أن ترينه فيه.

وفقك الله لكل خير ودمت موفقة وبصحة وعافية.

س » السلام عليكم أنا متزوجة وساكنة مع عائلتي في أوروبا، والدولة تعطيني رتباً، ولكن زوجي يأخذه مني ويصرفه على البيت رغما عني.. هل يحق له؟؟
ج »

وعليكم السلام، إن الراتب الذي تقدمه لك الدولة هو ملكٌ لك، ولا يجب عليك أن تنفقيه على أحد إلا طوع إرادتك،  وليس لزوجك ولا لشخص آخر أن يتصرف به رغما عنك، وزوجك هو الملزَم بالإنفاق عليك وعلى أولادكم في شريعة الإسلام

س » 2.​هل ترى أنَّ ثقافة الخلاص مبنية على عناصر المظلومية والقهر، وبالتالي فهي تستدعي مواجهتها بتعزيز ثقافة القوة والتحدي الاقتدار؟
ج »

إن ثقافة الخلاص لا يجوز أن ترتكز على عنصر المظلومية والقهر فحسب بل لا بدّ أن تلحظ بشكل أساسي عنصر الأمن بمعناه الشامل فإنّ المشروع الإلهي الذي جسّده الأنبياء (ع) ويُفترض أن يتحقق على يدي المُنتظر (ع) هو مشروع يرمي إلى توفير الأمن للإنسان، أقصد الأمن بمعناه الاقتصادي والاجتماعي والروحي والاخلاقي، ولهذا ورد في نصوصنا الدينية أن المهدي (ع) وكذا سائر الأئمة من أهل البيت (ع) هم أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء.

س » ما دور الإعلام الإسلامي التلفزيوني في توظيف ثقافة الخلاص في استنهاض الأمة والدفاع عن مقدساتها؟
ج »

من الواضح أن الإعلام الإسلامي التلفزيوني إذا أحسن تقديم العقيدة المهدوية بطريقة عقلية ومنطقية تحاكي قلق الإنسان المعاصر الباحث عن سفينة النجاة، فإنه سوف يسهم بجعل ثقافة الخلاص عنصر استنهاض للأمة بحيث يكون كل فرد من أفراد الأمة مشروع ثائر في وجه الظلم كما أن المهدي (ع) ثائر في وجه الظلم العالمي.

إن دور الإعلام الرسالي أن يقرّب الناس من قضية الإمام المهدي ومشروعه الكبير وهو إقامة العدل في الأرض بحيث يعتبر الإنسان المسلم أنه كلما اقترب من العدل أكثر اقترب من المهدي أكثر فأكثر، وأنه كلما مارس الظلم في حياته أكثر فإنه يبتعد عن المهدي (ع) أكثر فأكثر.

 

س » ما هي أهم القضايا التي تثيرها وسائل الإعلام الإسلامي التلفزيوني بشكل دوري إزاء ثقافة الخلاص؟
ج »

إن بعض وسائل الإعلام الإسلامي ربما يسيء إلى العقيدة المهدوية ودورها الاستنهاضي من خلال حديثه عن المهدي كصاحب مشروع عنوانه السيف والقتل والذبح وإخراج الجثث من القبور أو ما إلى ذلك مما يعتمد فيه البعض على أخبار لا أصل لها، كما أن دخول بعض وسائل الإعلام على خط قراءة علامات الظهور بطريقة إسقاطية – أي إسقاطها على واقعنا المعاصر دون بينة – هو عامل سلبي، وربما أوجب – عند اتضاح خطأ تطبيق العلامة وإسقاطها على واقعنا – نفور الناس من هذه العقيدة وأثار في نفوس البعض اليأس بدل أن يفتح قلوبهم على الأمل القادم من رحم الغيب الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً.

 

س » هل تعتبر ثقافة الخلاص بمثابة عامل مساعد لغزو العالم ثقافيًّا من قِبل وسائل الإعلام الإسلامي التلفزيوني، حيث يتم التعرف من خلالها إلى الإسلام وتعاليمه؟
ج »

نعم، لو أنّ الخطاب الديني الإسلامي ومنه الخطاب الإعلامي التلفزيوني استطاع أن يرتقي إلى مستوى القضية المهدوية بعالميتها وإنسانيتها وبما تحمله من عناصر الأمن والسلام الشامل و بما ترفقه من عناوين الكرامة الإنسانية والعدالة التامة فإنه من دون شكّ سيسهم في نشر الإسلام في العالم وجذب القلوب المتعطشة والعقول الحائرة إلى رحاب الإسلام ومشروعه للعدل العالمي.

 

س » هل شكلت مفاهيم (المظلومية، الاقتدار، الأمل، العدالة، والسلام) البنية الموضوعية التي ترتكز عليها ثقافة الخلاص عند كل الأديان السماوية؟
ج »

إن الزخم الذي تمثله العقيدة المهدوية بما تحمله من مشروع إنقاذي خلاصي للعالم لا نجده على درجة واحدة من الأهمية لدى كل الأديان، ولكن مع ذلك فإن هذه المسألة تُعدّ مساحة مشتركة يمكن البناء عليها كأرض مشتركة ليس للتحاور مع أصحاب الشرائع الأخرى فحسب بل كقاعدة للعمل وفق العناوين الأساسية التي ترمز إليها فكرة المخلص وعلى رأسها عنوان العدل ونصرة المظلوم وعنوان الأمن.

 

س » كيف تتجلى ثقافة الخلاص في الخطاب الإعلامي والبرامج التلفزيونية والشعائر والدعاية السياسية؟
ج »

سبق وقلنا إن الخطاب الإسلامي لم يرقَ إلى المستوى المطلوب في مقاربة قضية المخلّص، وأنه تشوبه العديد من النواقص، ويمكنني أن أشير إلى بعض أهم المهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقنا إزاء هذه القضية، منها:

 

  • الابتعاد عن القراءة الإسقاطية الظنية لعلامات الظهور لما لذلك من آثار سلبية.
  • التأكيد على العناوين العامة التي تمثلها ثقافة الخلاص مع ربط هذه العناوين بشكل تربوي بحيث لا يكون دورنا فقط منحصراً ببيان هذه القضية بل بحثّ الناس للارتباط عملاً وسلوكاً بهذه القضية.
  • رفع الشبهات المحدقة بهذه القضية ومنها ما أشرنا إليه من تقديم تصور دموي انتقامي عما سيُقدم عليه الإمام المهدي في حال ظهوره.
  • الابتعاد عن مقاربة القضية بطريقة مذهبية بحتة بهدف الاستقواء والاستعلاء على الآخر المذهبي أو الديني.
  • انخراط كل الطاقات في بيان أهمية هذه العقيدة ورمزيتها بدءاً من الإعلام إلى الفن إلى الشعر إلى القصة إلى الرواية إلى الكتاب الديني إلى غير ذلك..

 

س » هل يمكن التعرف إلى الإسلام وتعاليمه من خلال ثقافة الخلاص في الإعلام الإسلامي التلفزيوني؟
ج »

لا شك أن ثقافة الخلاص هي أحد أهم الأوجه الحضارية التي جاء بها الإسلام، فارتباط الناس بها هو ارتباط بالإسلام وتعلّق الناس بشخصية المهدي (ع) هو بسبب كونه يشكل امتداداً لجده المصطفى (ص) ولمشروعه الإصلاحي الإنقاذي، وهذا يحتم على الخطاب الديني والإعلامي أن يطل على القضية المهدوية من خلال هذا الباب الواسع وهو الإسلام لتعرف الناس أن المهدي هو محقق حلم الأنبياء وأنه ينطلق في كل حركة على هدي القرآن الكريم وعلى هدي سنة جده المصطفى (ص).

 

س » هل استطاع الإعلام الإسلامي التلفزيوني أن يؤدي رسالته في مجال ثقافة الخلاص؟
ج »

لا زال أمام الإعلام الإسلامي الكثير الكثير مما ينبغي أن يقدمه في مجال ثقافة الخلاص كما في الكثير من المجالات الرسالية، وقد يكون من الضروري والملحّ أن يتداعى الإعلاميون الإسلاميون لعقد لقاءات ومؤتمرات لدراسة هذه القضية وتقييم التجربة السابقة ووضع أسس لحركة هذا الإعلام في المستقبل آخذين بعين الاعتبار الواقع الإسلامي والإنساني العام وكيفية مخاطبة الإنسان المعاصر بلغة تقترب من عقله وتحاكي وجدانه.

 

س » هل هناك غياب للرؤية الشاملة في معالجة مسألة ثقافة الخلاص في الإعلام الإسلامي التلفزيوني؟
ج »

نعم، قد اتضح من خلال ما ذكرناه أنه لا يوجد رؤية شاملة تتفق على الخطوط العريضة في طرح ثقافة الخلاص في الإعلام الإسلامي.

 

س » عَن الصّادق عليه‌السلام قالَ : إجتَنِبوا المعاصي لَيلة الجُمعة ، فإنّ السّيّئة مُضاعَفة وَالحَسَنة مُضاعَفة ، وَمَنْ تَرك مَعصية الله لَيلة الجُمعة غَفَرَ الله لَهُ كُلّ ماسَلف ، وَمَنْ بَارزَ الله لَيلة الجُمعة بِمعصية أخذهُ الله بكلّ ما عمل في عُمرهِ وَضاعفَ عَليه العَذاب بِهذهِ المَعصية سلام عليكم شيخنا كيف نوفق بين عدل الله تعالى وبين هذه الرواية وقوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر امثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها وشكرا لكم
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إن هذه الرواية ضعيفة السند ولا يصح التعويل عليها لذلك لسنا بحاجة للتوفيق بينها وبين الآية، فالآية محكّمة ولا مخصص لها

س » زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ. الكلام في الآية عن الناس ذكوراً وإناثاً وليس خصوص الرجال، لكن ذُكِرت النساء كإحدى الشهوات، وكأنما النساء أيضاً زُيّن لهم حب النساء، فكيف يكون ذلك؟ أحدهم استدلت بالآية على أن الشذوذ عند النساء أمر طبيعي وفطري.
ج »

إن لفظ "الناس" في مستهل الآية هو أعم من الذكور والإناث، لكن ذكر "النساء" بعد ذلك كإحدى الشهوات هو من باب المثال لشهوة الرجل، وأما شهوة المرأة تجاه الرجل فلم تُذكر صراحة على جري القرآن في مراعاة حياء وعفة المرأة على أن شهوة المرأة مستبطنة من خلال ذكر البنين، فإن البنين هو نتيجة العلاقة بين الرجل والمرأة، قصارى القول: إن عبارة النساء هي من باب التمثيل لا الحصر.

س » هل يجوز من باب تقديم الاهم (حياة الجماعة) على المهم (حياة الفرد) عند التزاحم حال الضرورة وبالقرعة المقررة ؟
ج »

إن تقديم الأهم على المهم هو معيار يتعين الأخذ به عند التزاحم ولا يجوز الاستعاضة عنه بالقرعة، فالقرعة طريق آخر تُعتمد عند الاشتباه في بعض الموضوعات الخارجية بينما تقديم الأهم على المهم يكون بين ملاكات الأحكام.. 

س » من المقصود في الزيارة: السلام على عليّ بن الحسين.. هل هو زين العابدين (ع) أم الأكبر أم الرضيع؟
ج »

الظّاهر - بحسب السّياق - أنّ المُراد به هو عليّ الأكبر الشّهيد لدوره الكبير وحضوره في المعركة، ولعظيم مُصيبته على الإمام الحسين (ع)، أمّا الطفل الّرضيع فيكون ُمندرجاً في فقرة أخرى وهو قوله في الزّيارة - وعلى أولاد الحسين -  والتي تشمل سائر أولاده بمن فيهم الإمام زين العابدين (ع) والبنات أيضاً .

 

س » هل صحيح ما ورد في بعض الرّوايات عند الشيعة من أنّ علياً قسيم الجنة والنار؟
ج »

أولاً: إنّ فكرة أن يكون عليّ قسيم الجنة والنار مفهومة وما الضير في ذلك؟ وفقاً لما نقل عن الإمام أحمد بن حنبل، فقد نقل عن محمد بن منصور الطوسي: "كنا عند أحمد بن حنبل ، فقال له رجل : يا أبا عبد الله ، ما تقول في هذا الحديث الذي روي أن عليا قال : أنا قسيم النار ؟ فقال : ما تنكرون من ذا؟! أليس روينا أن النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم قال لعلي: لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق؟! قلنا: بلى. قال: فأين المؤمن؟ قلنا: في الجنة. قال : فأين المنافق ؟ قلنا: في النار . قال: فعلي قسيم النار". فيكون المقصود بكونه (ع) قسيم الجنة والنار أنّ حبّه وموالاته تكون فارقاً بين أهل الجنة والنار، فمن والاه واتبعه ( واتّباعه لا ينفك عن اتّباع القرآن وسنّة النبي (ص) ) فهو من أهل الجنة ومن حاربه وعاداه عن جحود أو تقصير فهو من أهل النار.

ثانياً: أما أنه هو الذي يتولى أو من جملة من يتولى إدخال الناس الجنة والنار، فليس ثمة ما يمنع أن يأذن الله تعالى لبعض أنبيائه أو أوليائه أن يتولوا هذه المهمة إكراماً لهم، بحيث يُدخلون من يستحقّ الجنة إلى الجنة ويُدخلون من يستحقّ النار إلى النار، فيكون هؤلاء الأنبياء والأولياء منفذين لأمر الله تعالى، ويكون دورهم شبيهاً بدور الملائكة التي تتولى بحسب ما يستفاد من القرآن هذه المهمة. وعليه فإذا صحّت الرواية التي تتحدث عن أن علياً (ع) يتولى إدخال الناس إلى الجنة والنار فلا ينبغي رفضها من هذه الجهة.

 

س » س: عندي سؤال فيما يتعلق بالسب. فلو تصفحنا كتاب نهج البلاغة لوجدنا باب ذم اهل الشام وقوله (ع) عنهم: جفاة طغام وعبد اقزام. فكيف يقول (ع) اني اكره ان تكونوا سبابين ثم يذم في ابواب اخرى؟؟
ج »

إنّ أمير المؤمنين أجلّ من أن يصدر منه سباب أو شتائم أو قذف النساء المحصنات أو رجال محصنين. فالسب خلق قبيح في نفسه بصرف النظر عن النصوص الشرعية التي تنهى عنه؛ لذا ليس من خلق الإنسان الحكيم والأديب أن يكون سبابا أو شتاما، فكيف بأمير المؤمنين (ع) أن ينزلق إلى هذا المنحدر وهو الذي قال لأصحابه هذه الكلمة التي ذكرتموها وفي أشد الساعات صعوبة وحرجًا، في يوم صفين. مع أن الكلمات في هذه المواقف التي يكون فيها الدم سائلًا على الأرض لا يبقى لها كثير قيمة، ولكنه (ع) مع ذلك وفي وسط المعركة وقف خطيبًا عندما سمعهم يسبون أهل الشام: "إني أكره لكم أن تكونوا سبابين". وعليه، فما ورد عنه (ع) مما يخالف هذا الخلق السجي وهذه الكلمات المحكمة التي قالها في النهي عن السب، لا بد من رده، إذ لا يمكن أن يكون علي (ع) ممن ينهى عن الشيء وهو يفعله، فهو أولى الناس باتباع الهدى والتخلق بالاخلاق الحسنة. وهكذا الحال في سائر أئمة أهل البيت (ع). إلا أنّ بعض الكلمات ومنها مثلا: أن يصف قومًا بأنهم قساة وأجلاف، فهذا لبيس سبًا بقدر ما هو توصيف لواقع الحال. والقرآن يشتمل على الكثير من هذه الأمور، كما أنه تجدر الإشارة إلى أنّ بعض الكلمات التي كانت تُطلق آنذاك لا يُراد منها المعنى الحرفي الذي يُراد منها في زماننا هذا.

 


 

إنّ أمير المؤمنين أجلّ من أن يصدر منه سباب أو شتائم أو قذف النساء المحصنات أو رجال محصنين. فالسب خلق قبيح في نفسه بصرف النظر عن النصوص الشرعية التي تنهى عنه؛ لذا ليس من خلق الإنسان الحكيم والأديب أن يكون سبابا أو شتاما، فكيف بأمير المؤمنين (ع) أن ينزلق إلى هذا المنحدر وهو الذي قال لأصحابه هذه الكلمة التي ذكرتموها وفي أشد الساعات صعوبة وحرجًا، في يوم صفين. مع أن الكلمات في هذه المواقف التي يكون فيها الدم سائلًا على الأرض لا يبقى لها كثير قيمة، ولكنه (ع) مع ذلك وفي وسط المعركة وقف خطيبًا عندما سمعهم يسبون أهل الشام: "إني أكره لكم أن تكونوا سبابين". وعليه، فما ورد عنه (ع) مما يخالف هذا الخلق السجي وهذه الكلمات المحكمة التي قالها في النهي عن السب، لا بد من رده، إذ لا يمكن أن يكون علي (ع) ممن ينهى عن الشيء وهو يفعله، فهو أولى الناس باتباع الهدى والتخلق بالاخلاق الحسنة. وهكذا الحال في سائر أئمة أهل البيت (ع). إلا أنّ بعض الكلمات ومنها مثلا: أن يصف قومًا بأنهم قساة وأجلاف، فهذا لبيس سبًا بقدر ما هو توصيف لواقع الحال. والقرآن يشتمل على الكثير من هذه الأمور، كما أنه تجدر الإشارة إلى أنّ بعض الكلمات التي كانت تُطلق آنذاك لا يُراد منها المعنى الحرفي الذي يُراد منها في زماننا هذا.

 

س » هل يمكن للإسان أن يؤمن بالله تعالى دون أن يتبع أي دين من الأديان؟
ج »

إنّ الاعتقاد بالخالق هو قضية عقلية فطرية، يقود إليها العقل السليم والفطرة الصافية، وقد يتفق أن يؤمن بعض الناس بالله تعالى، لأن عقله هداه إلى ذلك، دون أن يؤمن بدين من الأديان، إما لأنه لم تصله دعوة هذا الدين أو لغير ذلك من الأسباب.

لكن إذا بلغت ووصلت دعوة الرسل والأنبياء (ع) إلى شخص ما، فإنّ العقل أيضًا يحكم بوجوب البحث والتفتيش حول صحتها. وإذا تنكر الإنسان لذلك أو جحد بعد وضوح الحق له، فمن الطبيعي أنه لا يكون منسجمًا مع نفسه ومع إيمانه بالله تعالى؛ لأنّ هؤلاء الرسل من المفترض أنهم أدلاء على الله، وتشتمل رسالاتهم وتعاليمهم على الكثير من النقاط التي تضيء للإنسان إيمانه، وتعزز علاقته بالله تعالى؛ ولذا فمن يعرف الله حقًا عليه أن يُصغي إلى دعواتهم، ويبحث عنها وعن صدقيتها في الحد الأدنى، والله الموفق. 184

س » أخي يصوم ولكنه لا يصلي؟ هل يُتقبل منه؟ وكيف أتكلم معه؟
ج »

أولا: إنّ الصوم واجب على كل حال، ولا يرتبط وجوبه بأداء غيره من الواجبات، وكذلك الصلاة والحج فإنها واجبة وجوبًا استقلاليًا.

ثانيا: إنّ هذا الصوم ومع كونه مجزئا عن الإنسان، فلا يلزمه قضاؤه بعد ذلك، لكن لا يُعلم قبوله عند الله، قال تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ والمتقون هم الذين يلتزمون بكل ما أمر الله وينتهون عما نهى عنه. ولذا فمن غير المعلوم لنا أنّ الله يتقبل صوم من هو تارك الصلاة دون عذر، أو أنّه يتقبل صلاة تارك الصوم دون عذر.

ثالثا: من الناحية التربوية، لسنا مع مواجهة هذا الشخص بما يصده عن الصيام، كأن نقول له مثلا: ما دمت لا تصلي فافطر، ولا قيمة لصومك !! بل الأجدى أن نخاطبه بطريقة أخرى وهي أن نقول له: إنّ الصوم الصحيح والمفيد لا بد أن يقربك من الله ويدعوك إلى الصلاة.

إن صوم مثل هذا الشخص قد يفتح باب قلبه على الصلاة في لحظة صفاء معينة، فندعو الله تعالى له بالهداية والتوفيق، وهو ولي التوفيق.

س » لماذا أُرسلت الأنبياء فقط إلى منطقتنا العربية؟
ج »

أولا: إنّ هذه المنطقة هي منطقة انطلاق البشرية ومهد الحضارات، فابتداءً من آدم أب البشرية وذريته وصولًا إلى يومنا هذا، فقد كانت هذه المنطقة الموئل الأول الذي سكنه البشر. ومن الطبيعي أن يكون إرسال الأنبياء (ع) إلى الأماكن التي تشكل معقلًا وموئلًا للناس بما يجعل الرسالة الإلهية تصل إلى معظم الناس.

ثانيا: نحن لا نعتقد بأنّ الأنبياء أُرسلوا فقط إلى المنطقة العربية، فقد أكّدت الكثير من الشواهد القرآنية وغيرها، على أنّ إرسال الأنبياء كان للناس جميعا، كما قال تعالى إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ  وقال تعالى وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ .

نعم، قد لا يكون القرآن الكريم قد ذكر لنا قصص الأنبياء الذين أُرسلوا إلى تلك الشعوب، فإنّ بعض الروايات أشارت إلى نبي بعثه الله إلى المجوس أو غير ذلك.

وتجدر الإشارة، أنّ أهل هذه المنطقة لم يكونوا من العرب، بل من أعراق شتى، كبني اسرائيل والأقباط في مصر وسواهم، فما يُعرف بالمنطقة العربية قد قطنها شعوب من أمم مختلفة.

س » السلام عليكم، نحن أصدقاء في الجامعة، شباب وفتيات، أحيانًا نجلس على طاولة واحدة، ونأكل من وعاء واحد؟ هل هذا جائز؟
ج »

وعليكم السلام، أولا: الأكل بصورة طبيعية وبعيدة عن أجواء الإثارة والريبة، ليس فيه محذور، كما لو كان هناك جماعة من الرجال والنساء الأقارب، في مناسبة معيّنة قد اجتمعوا على سفرة يتشاركون الطعام، وأخذ يمد كلّ واحد منهم إلى نفس الوعاء.

وأمّا إذا اكتنف المسألة بعض الظروف المريبة أو التي تبعث على الإثارة، فيكون الأمر مشكلًا ولا بدّ من اجتنابه. باختصار، تناول الرجل مع المرأة الأجنبية من وعاء واحد، هو في حدّ نفسه ليس محرمًا. نعم، قد تطرأ بعض العناوين التي تخرج المسألة من الحلية إلى حدّ الحرمة أو الشبهة.

ثانيًا: فيما يتصل بموضوع الصداقة، نحب أن نسجل ملاحظة، هي: أنّ علاقة الصداقة بين الشاب والفتاة اللذين لا تربطهما رابطة شرعية، ولا هما من المحارم، هي مسألة حساسة ومدخل كبير للإثارة والوقوع في بعض الزلات. فإنّه بحسب العادة وطبيعة الإنسان، فإنّ هذه العلاقة إذا امتدت إلى حالات من المخالطة الكثيرة والأحاديث المستمرة والتواصل المباشر، لا تنفك عن حالات الإثارة الغرائزية. والشباب ذكورًا وإناثًا ليسوا ملائكة، فإذا وقعت مثل هذه الصداقة بالشكل الذي شرحناه، فإنّ الغرائز ستكون حاضرة بينهم، وقد تؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه؛ لهذا فإننا نلفت أنظار شبابنا وبناتنا الجامعيين وغيرهم إلى عدم التساهل إزاء هذا الأمر، وعدم الانسياق مع الأجواء السائدة التي لا تلتزم الحدود الشرعية، وذلك تحت عناوين "التمدن" أو "التحضر" أو ما إلى ذلك. فالمدنية التي تُبعد الإنسان عن القيم والأخلاق والمبادئ الدينية هي مدنية زائفة بل هذا ليس من المدنية في حقيقة الأمر. إننا لا نريد أن ندعو إلى منع الاختلاط بين الرجال والنساء بصورة عامة، لكن نريد لهذا الاختلاط أن يبقى طبيعيًا وبحدود العلاقات الإنسانية والاجتماعية، وبعيدًا عن الأجواء المثيرة للغرائز أو اللقاءات المريبة والتي تصل إلى حدّ الخلوة أو ما هو أخطر من ذلك..

س » هل يجوز اشتراك الأخوات بسباقات الركض "ماراتون"؟
ج »

ركض البنات - مع التزامهن بالحجاب وابتعادهن عن الإثارة والتمايل المريب والمثير - من حيث المبدأ جائز حتى لو كان بمحضر الرجال، ولكن ركضهن في المارتون المتداول - بحسب ما نرى ونشاهد - فيه إشكال شرعي. لأنه لا ينفك عن الوقوع في الحرام.

س » كيف يمكن لبعض المسلمين أن يعيشوا في زمن الأئمة (ع) ويرونهم ويتحدثون إليهم ولا يؤمنون بعصمتهم؟
ج »

إن الناس في علاقتهم مع المعصوم نبيًا كان أو إمامًا على طوائف. الطائفة الأولى الذين يؤمنون بنبوته أو بإمامته المعصومة استنادًا إلى الأدلة والبراهين التي تثبت لهم ذلك. والصنف الثاني الذين ينكرون النبوة والإمامة إما جحودًا أو لشبهة تسيطر عليهم وتحول دون رؤيتهم للحق والهدى الذي جاء به هذا النبي أو الإمام وللبينة التي أقامها. الصنف الثالث هم الذين يعتقدون إلى حدّ ما بأنّ النبي هو صاحب دعوة إصلاحية وإن لم يعتقدوا بنبوته ويعتقدون أنّ الإمام هو فقيه أو مصلح اجتماعي، وإن لم يؤمنوا بإمامته بالمعنى المعروف للإمامة (الذي يعني أنه حجة الله على العباد لجهة عصمته وعلمه الخاص) وهؤلاء فئة كانت موجودة في زمن الأئمة من زمن الإمام علي (ع) إلى الإمام الصادق (ع) وغيره من أئمة أهل البيت (ع). ولهذا وجدنا أن بعض أصحاب الأئمة الخلَص كانوا يناقشون الإمام ويجادلونه ولذا فلا يُستغرب وجود بعض الأشخاص ممن يثقون بالإمام ويعتقدون أنه عالم من علماء آل البيت ويجلسون تحت منبره ويستفيدون من علمه وربما يتبركون به كونه من هذا النسل الطاهر لرسول الله (ص) ولكنهم مع ذلك لا يعتقدون بإمامته وعصمته، وقد حدثنا التاريخ أن بعض الشهداء في كربلاء الذين بذلوا أنفسهم ودمهم بين يدي الحسين كان عثماني الهوى.

س » ماصحة هذا الحديث المروي في البخاري ومسلم عن عائشة قالت: كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية، وكان النبي محمد يصومه فلمّا قدِم المدينة صامَه، وأمرَ الناس بصيامِه..
ج »

هذا المضمون الذي تضمنته هذه الأخبار حول تقديس يوم عاشوراء وصيامه عند اليهود وغيرهم، هو موجود في العديد من الروايات المروية عن النبي (ص)، ولكن هذه المسألة تخضع للبحث من أكثر من جهة: أولا: إن هذا الأمر قد استُغل بعد مصرع الإمام الحسين (ع) من قبل بعض النواصب الذين دعوا إلى صومه فرحًا بمصرعه (ع)، الأمر الذي أنكره علماء المسلمين وبما في ذلك الكثير من علماء السنة. ثانيا: إن مضامين بعض الروايات لا تخلو من إشكال، ومنها ما جاء في الروايات أنّ النبي (ص) لما رأى اليهود تصومه، قال: ما هذا؟ قالوا: يوم صالح نجّى الله فيه نبي اسرائيل من عدوهم، وصامه موسى، فقال (ص): أنا أحق بموسى منكم فصامه. فإنّ اتباع النبي (ص) لليهود في هذا الأمر مما لا يمكن التصديق به، ولو كان صيامه مطلوبًا فيصومه (ص) تبعًا لأمر الله ووحيه وليس تبعًا لليهود. وقد ألف بعض العلماء كتبًا حول صيام عاشوراء وما يرتبط به من أحكام شرعية.

س » لقد كنتُ سابقُا أعيش علاقة ممتازة مع الله، أشعر أني بين يديه، ولكن ما لبثت أن تدهورت علاقتي به وبت أشعر بالبعد عنه، وأنا متألم من ذلك ومشتاق لتلك الأيام. هل يوجد حل؟
ج »

أقدر لكم هذه الشفافية وهذه الروح المتحفزة للعلاقة المثلى مع الله سبحانه وتعالى. وسأنطلق معكم من هنا حيث لمست في ثنايا كلماتكم شيئا جميلا يمكن أن نبني عليه في إعادة تصحيح علاقتك بالله سبحانه. إن ما تعيشه من هاجس وألم هو موضع ترحيب وتقدير ليس من العبد بل من الله تعالى . وهذا في الواقع لطف إلهي وإن كنت لا تشعر به وتخال أن الله قد ابتعد عنك. فأنفسنا وأرواحنا كلها من الله وبيد الله سبحانه وما عندنا من جميل فهو سبحانه منشؤه. وسأبني على هذا الأمر الجميل في إعادة تصحيح العلاقة مع الله سبحانه: وذلك بالبدء أولا : مراجعة نقدية لحياتك السابقة والحالية بغية التعرف على سبب ما قد يكون وراء هذا الفتور في علاقتك مع الله. فرب سلوك خاطئ أو تفكير في غير محله قد يكون وراء ذلك. الأمر الذي ينبغي العمل على تلافيه وتصحيحه. ثانيا: أن تنطلق من قاعدة دينية وإيمانية لا ينبغي التشكيك بها وهي أن الله لا يمكن ان يتخلى عنا او يخذلنا . واعلم أن الله تعالى يحب العبد حتى لو كان يعصيه ويتمرد عليه ، ولا يرفع عنه ألطافه وفيوضاته التي لا تعد ولا تحصى حتى لو كان كافرا .. فكيف سيتخلى عنك أيها الطيب وأنت تحمل هذه الحسرة والألم بين جنبات نفسك وتتمنى عودة أيام خلت كانت روحك تحلق بين يدي الله تعالى. جدد ثقتك بالله واخط نحوه رافعا كل الوساوس النفسية والشكوك التي تعتريك حول عدم قبول الله لك وسوف تكتشف أن الله لن يتركك ولو للحظة وأنه إلى جانبك في سرائك وضرائك. ثالثا : من الضروري أيضا أن يتدارس الإنسان أمره مع بعض أخوانه ممن يثق بهم وبدينهم وبعلمهم فربما يكون للأمر منشؤ نفسي معين فيحتاج إلى سؤال ذوي الخبرة والمعرفة والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل. أسأل الله لك التوفيق الدائم والحمد لله رب العالمين

س » ما هو تفسير "الحسين ثأر الله وابن ثأره"؟
ج »

أن يكون الحسين (ع) ثأرًا لله، فهذا يمثل إخراجًا لمقتل الحسين (ع) عن قضية الحسابات والثارات الشخصية والعشائرية التي كانت ولا تزال تنتشر في واقعنا العربي والإسلامي من خلال منطق الأخذ بالثأر والذي لا يراعي حدود الله في كثير من الأحيان. فثأر الحسين (ع) طبقًا لنص الزيارة هو ليس ثأرًا عشائريًا تتولاه عشيرة بني هاشم أو أقاربه وإنما ثأره عند الله تعالى، ونحن نعلم أنّ الله ليس له حسابات وعداوات شخصية، وإنما حساباته هي حسابات الحق والعدل، الأمر الذي يحتم علينا أن نفهم المعركة مع قتلة الحسين (ع) في هذا السياق، أي إنّ كل من يعادي الحق ويسير في خط الظلم فهذا هو عدو الحسين وهو من نطلب ثأرنا منه، وبهذا تتحول القضية إلى مسألة حركية ومستمرة على مدى الأزمان والدهور، فطالما هناك حق وهناك باطل، فعلينا أن نقف إلى جانب الحق في وجه الباطل ونأخذ بثأرنا للحسين (ع) ولأبيه علي (ع) ولكل من قدموا أنفسهم على مذبح العدالة والحرية، نأخذ بثأرنا لهم بالانطلاق في خط العدل. ومن جهة أخرى، فإننا قد نستوحي من أن الحسين (ع) ثأر الله، أنّ الله تعالى هو من يتكفل بالانتقام العادل لمقتل الحسين (ع)، وذلك قد يكون من خلال السنن التي أجرى الله عليها هذا الكون. ومن هذه السنن أنّ الظلم لا يمكن أن يستمر أو يستقر بل لا بد أن يأتي اليوم الذي يُشاد فيه صرح العدل على أنقاض الظلم والظالمين، وهذا ما قد يؤشر عليه الدعاء المعروف "اللهم اجعلنا من الطالبين بثأره مع امام منصور من بيت ال محمد"، فالمهدي (عج) يأخذ بثأر الحسين (ع)، ليس بالمعنى العشائري (كما قلنا)، بل بالمعنى الرسالي، فهو (عج) يواجه الظالمين والمفسدين، ويقم دولة الحق، وبذلك يثار للحسين، ويكون الحسين (ع) فعلًا "ثأر الله".

س » أثار بعض الملحدين إشكالًا مفاده: أن الله كلي القدرة والرحمة، كيف يجعل أطفالًا يموتون بمرض السرطان، فما ذنب الطفل؟
ج »

ونحن نضيف إلى هذا السؤال أسئلة أخرى: ولماذا خلق الله أناسًا مشوهين ومعوقين؟ ولماذا جعل أناسًا أغنى أو أقوى من آخرين؟ ولماذا كان فلان أذكى من فلان؟ ولماذا أعان تعالى فلاناً على الزواج ولم يعني؟ ولماذا خلقني أسود، وخلق فلاناً أبيض؟ ولماذا جعلني قبيحًا؟ ولماذا أنزل المطر الغزير فتلفت مزرعتي وماتت ماشيتي؟ لماذا ولماذا ولماذا؟؟؟؟ في سيل من الأسئلة التي لا تنقطع.

وجوابنا المختصر على هذه الأسئلة نلخصها في نقطتين:

1-  هذه الأسئلة تنطلق من افتراض أنّ اللازم على الله أن يتدخل في الصغيرة والكبيرة في هذا الكون لرفع الضيم عن الناس وتحقيق أحلامهم وآمالهم وإلا فلن يعترفوا به كإله عادل! والحال أنّ الله قد أوضح لهم في كتابه الكريم أنّه - ومع قدرته على التدخل – أجرى هذا الكون وفق مبدأ السنن والقوانين، ولم يجره على أساس التدخل المباشر الذي يجعله تعالى يخرق القوانين التي جعلها في الصغيرة والكبيرة، فيمنع وقوع التعدي على فلان وفلان ويرفع المرض عن هذا الطفل الذي يتألم أو ذاك العجوز المقهور ووو.. إن علينا أن نلتفت إلى هذا المبدأ وأن نسير في حياتنا على ضوئه، فنعمل على اكتشاف القوانين والتعرف على أسرارها فيما ينفعنا ولا يضرنا، فنتحرّى ونبحث عن عوارض هذا المرض وأسبابه وكيفيّة معالجته، كما نتعرف على سائر الأزمات والابتلاءات والمصائب التي تواجهنا، وبسيرنا على هدي هذه السنن نسمو ونبدع ونتطور، وهذه في الواقع هي ميزتنا التي جعلتنا أشرف من الملائكة. لو أراد الله تعالى أن يعتمد التدخل المباشر في كل ما يواجهه الإنسان، لم يكن هناك من داعٍ لتكريمنا بهذه العقول التي مُنحناها فجعلتنا نتميّز عن سائر الخلق، وقد أمرنا الله أن نحرك هذه العقول ولا نجمدها، وهي قادرة على الاكتشاف والتطوير. إن أنين هذا الطفل المريض والذي "يتألم" له الله أكثر من تألمنا، له حِكَم كثيرة، ومن أبرزها أنه سيشكل حافزًا قويًا للأطباء ليعملوا على اكتشاف دواء يعالج مرضه.

2-   إنّ هذه الإشكالات تنبع من ذهنيّة لا تؤمن بالآخرة، وترى الدنيا نهاية المطاف، وهنا يكمن الخطأ، وحيث إن الملحد يريد أن يُشكل علينا وفقًا لمعتقداتنا حول الله وحكمته وعدالته، فإنّ جوابنا له: أن الله الذي نؤمن به لم ولن يظلم أحداً فهو قد أوعد بالثواب الجزيل لأصحاب المعاناة في تلك الجنة العظيمة وتلك الحياة الأبديّة، حيث رحمة الله ورضوانه وعطاياه التي لا تنقطع وحيث لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. إنك أيها الملحد وأيها الإنسان، عندما تنظر بحجم اللحظة فسوف تنفعل عاطفيًا مع هذا الطفل وذاك المشوه وتلك المرأة المغتصبة، ونحن نقدر هذا الانفعال. ولكنك بدل أن ترمي المسؤولية على الجناة الحقيقين الذين اضطهدوه وآذوه فإنك تلقيها على الله تعالى الذي أراد لك ولنا جميعاً أن نعمل على رفع الظلم والحرمان. ولو أنك نظرت إلى الأمور كما ننظر، بطريقة منطقية ومنفتحة على عالم الآخرة فسوف تعلم أنّ ألم هذه المعذّب في الدنيا هو بمثابة صراخ الطفل عند الولادة؛ صراخٌ يعقبه الفرح الأكبر حيث ينتقل من عالم الأجنة إلى عالم الدنيا الفسيح.

ونكتفي بهذا القدر في الجواب وإلا فثمّة إجابات أخرى على هذا الإشكال الذي يتصل بإشكالية خلق الشرور، وهي إشكالية قديمة وقد أجاب عليها العلماء بالعديد من الأجوبة الفلسفية والفكرية والتربوية، وقد تعرّضنا لها في محل آخر من أبحاثنا العقدية.

س » هل صحيح أنّ الإمام المهدي (عج) سيظهر ويحرر فلسطين؟
ج »

إن الإمام المهدي (عج) يأتي ليحرر الإنسان من كل الأوزار ومن كل القيود التي تكبله ومن كل الظلم الذي يتعرض له المستضعفون في الأرض, وطبيعي أن الشعب الفلسطيني هو من الشعوب المضطهدة والمظلومة، فلو ظهر الإمام (عج) وكانت دولة العدوان في الكيان الغاصب لا زالت قائمة، فمن الطبيعي أن يكون تحرير هذه الديار وفك أسر أولى القبلتين وثاني الحرمين على رأس أولوياته (عج)، هذا هو مشروع المهدي (عج).. ولكن ماذا عن مشروعنا نحن؟ وماذا عن مسؤولياتنا نحن؟ ووظيفتنا؟ فليس صحيحًا على الإطلاق أن نتخلى عن مسؤولياتنا ونتطلع إلى المهدي (عج) القادم إلينا، وإنما علينا أن نتطلع إليه ونحن في الميدان، ونعمل على تحرير الإنسان في عقله وإرادته وبذلك نُكتب في عداد الممهدين وإن لم نكن ممن يوفق ليكحل ناظريه برؤية الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة. تعالوا نفتش عن مسؤولياتنا، لا عن مسؤولية الإمام المهدي (عج). تعالوا نبحث عن دورنا في هذه المرحلة قبل أن نبحث عن دور الإمام (عج).

س » قرأتُ حديثًا يحذر من الزواج من الفتاة في البيئة السيئة مع أننا نرى أحيانا فتاة صالحة في بيئة سيئة والعكس؟
ج »

المقصود بالحديث "إياكم وخضراء الدمن" هو إرشاد الرجل إلى أن لا يغتر بجمال المرأة على حساب دينها وأخلاقها. وتُعتبر البيئة (المنبت) التي نشأت فيها المرأة وعاشت فيها ولا تزال، من المؤشرات في الأعم الأغلب على استقامتها وثبات تدينها، وهذا لا يمنع من أن نجد امرأة تعيش في أجواء من الفساد لكنها صلبة الإيمان كما كانت آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون، كما أننا قد نجد امرأة سيئة ومنحرفة (لا سمح الله) مع أنّ بيئتها هي بيئة الطهر والعفاف كما في زوجتي نوح ولوط (عليهما السلام). فالحديث يتحدث عن القاعدة وليس عن الاستثناء. وما ينطبق على المرأة فإنه يجري بعينه على الرجل، أي يجدر بالمرأة أن لا تغتر بجماله ولا ماله بل تنظر إلى أخلاقه وتدينه في الدرجة الأولى كما جاء في الحديث النبوي الشريف: "إن جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه". ومن المؤشرات النوعية على استقامة الرجل هو ملاحظة بيئته وأسرته وأهله فإنّ ذلك قد يعطي انطباعًا معينًا عن شخصيته.

س » كنت أحب شخصًا في الجامعة، ثم اكتشفت أنه لا يحبني، فأخذت قرارًا بترك الدراسة لأنساه. ما رأيكم؟
ج »

أختي العزيزة، مع تقديرنا لبراءتك وطهرك، لكن يجدر بك أن تعرفي الواقع جيدًا وأن تتقبلي الأمور كما هي، ولا أعتقد أن انشغالك واستغراقك في هذا الأمر يفيد بل لا بد أن توطني نفسك على القبول بالواقع، والأجدى أن تكون صلاتك ودعاؤك لأجل أن يعينك على تجاوز هذه الأزمة العاطفية التي نأمل وندعو لك أن تكون أزمة عابرة، ولا ننصحك إطلاقًا بترك الجامعة بل إن العودة إلى مقاعد الدراسة في الجامعة وتواصل حياتك بشكل طبيعي، وهو إحدى الخطوات الأساسية لحل مشكلاتك. أخيرًا كوني على ثقة بالله بأنه سبحانه وتعالى لا يُقدم للإنسان إلا ما هو صلاح..

س » ماهو رایکم عن مکانه زیاره الحسین ع فی حل الخلافات الاسلامیه و تجاوز الازمات المنطقه خاصه عبر استلهام قوات المقاومه عن مکتب عاشوراء؟
ج »

إن لزيارة المراقد والمقامات الدينية أكثر من وظيفة، منها الوظيفة الروحية، حيث يسير الإنسان الزائر في رحلة إلى الله تعالى يُعمّق فيها إيمانه لأن هذه المقامات هي من بيوت الله التي تفتح قلب المؤمن على الله وتجعله قريبًا منه (جل وعلا). ومنها الوظيفة السلوكية، فإن الزائر لا بد أن يستلهم تعاليم المزور ويقتبس هديه ويقتفي أثره. ومنها الوظيفة الرسالية، حيث إن على الزائر أن يستحضر الأهداف الكبرى التي تحرّك الإمام الحسين(ع) في سبيل إرسائها، ومن جملة هذه الأهداف: السعي إلى جمع المسلمين على كلمةٍ سواء، ألا وهي كلمة العدل ونبذ الظلم والفساد، إن أهم ما يجب أن يجمع المسلمين اليوم هو هذا الشعار وهذا العنوان، فالمسلمون على اختلاف مذاهبهم يعانون من سياسات الإفقار والتجويع ومن الحُكّام الفاسدين والظلمة، إن القهر والفقر والاستضعاف والظلم، إن ذلك كله لا يعرف دينًا ولا يميّز بين سنيّ أو شيعيّ، فعلى كلّ شيعيّ أن يعلم أن عدوه ليس السنيّ، وكذلك على السنيّ أن يعلم أن عدوه ليس الشيعي، إن عدو الطرفين في هذا الزمن هو كل ظالم وفاسد، وكل من يعمل على قهر الشعور واضطهادها وسلب خيراتها وتقديمها هدية للمستكبر الأمريكي أو للمحتل الصهيوني.

س » هل توجد احاديث عن اﻷئمة ضد موضوع الرضاعة الطبيعية لﻷطفال؟!
ج »

عن رسول الله (ص):" ليس للصبي لبن خير من لبن أمه"، وهناك روايات أخرى في هذا المجال

س » قد قرأنا مقالتكم حول عدم ثبوت بعثة الانبياء الى الجن ولكن يواجهنا سؤال فقد ورد في الحديث : "وبعثته الى الثقلين " فكيف تفسرون ذلك؟
ج »

هذه الفقرة واردة في بعض الادعية، ومع غض النظر عن سندها، فإنها غير واضحة في إرادة الإنس والجن، فربما أريد بها العرب والعجم مثلا ،  كما ورد في تعبيرات اخرى وانه رسول العرب والعجم ، ولذا لا يمكن الاعتماد عليها في مقابل الوجوه والادلة التي ذكرناها على اسبعاد بعثته الى الجن 

س » من قصد الإمام الحسين (ع) عندما قال في يوم العاشرمن المحرم: فقل لشامتين بنا افيقو.. من يقصد بالشامتين؟ وماذا فعل معهم الإمام الحسين(ع) كي يشمتوا بما جرى فيه وعليه؟
ج »
أولاً: هذا الشعر على ما قيل في كتب التأريخ هو لخال الفرزدق "علاء بن قربة"، والإمام (ع) قد تمثل به كما تمثل هو وغيره من الأئمة من أهل البيت (ع) في مواطن شتّى ببعض أشعار العرب.
ثانياً: لا شك أنّ أعداء الإمام (ع) كانوا كثر، وهؤلاء أقدموا على قتله والإعانة عليه، فلا يوجد ما يمنع من شماتتهم به، فإنّ كلّ عدو يشمت بعدوه بحسب طبيعة الأمور، ولذا ليس من الضروري أن يكون الإمام (ع) قد قصد أشخاصاً بأعيانهم بل قصد كل هؤلاء الذين وقفوا في وجهه دون أن يرمش لهم جفن أو ترف لهم عين أو أولائك الذين كانوا يتمنون موته لأنه يشكل حجر عثرة أمام طموحاتهم السياسية.
س » س: السلام عليكم، نحن ننزعج جدا من صوت مكبرات الصوت الصادر من الحسينية أو المسجد أحيانًا، أريد أن أسأل الموقف الشرعي من هذه الأصوات العالية؟
ج »

ج: وعليكم السلام ورحمة الله، بالنسبة ل لعلعة مكبرات الصوت، وعلى مدار الساعة، فلدينا بحث مهم كتبناه في كتابنا "الإسلام والبيئة" ص368 تحت عنوان: التلوث السمعي، وإليك هذه الفقرة :

إن القواعد الإسلامية تقتضي حرمة إيذاء الآخر وإزعاجه وفعل ما يوجب إقلاق راحته، ومنعه من النوم والراحة في بيته. فإن النوم راحة للجسد كما ورد في الروايات؛ لذلك نجد بعض الفقهاء أفتوا بحرمة الأصوات المرتفعة المزعجة للناس والمؤذية لهم، وإن كان ذلك في قراءة القرآن أو الدعاء أو التعزية أو اللطميات أو ما إلى ذلك.. حتى إن من اللازم الاكتفاء في أذان الفجر – بواسطة المكبر – بالمقدار الضروري الذي تقوم به المصلحة الإسلامية العليا؛ لأنه لا يجوز الإضرار بالناس وبالوضع العام، فقد جاء عن النبي (ص): "لا ضرر ولا ضرار". وهكذا ذهب بعض العلماء إلى أن مجالس العزاء لا يجوز إقامتها بشكل يؤذي أحدًا بالميكروفونات وبالأصوات المنكرة التي لا تجوز حتى في الأذان..

للمزيد راجع الموقع الرسمي : http://www.al-khechin.com/article/163

س » يوجد لديّ إشكالات كثيرة على الاستدلال بحديث الثقلين على العصمة، فهو يشمل إجماع العترة وليس آحادهم، ويشمل العباس عم النبي (ص)، فهل هؤلاء معصومون؟؟
ج »

أولاً: إنّ حديث الثقلين لا شكّ فيه من حيث السّند وهو مُستفيض حتى في روايات السّنة ناهيك عن روايات الشيعة ، وأّما من حيث الدّلالة فإنّه وبصرف النّظر عن كون القرآن الكريم أفضل من العترة أم عدم كونه كذلك ، فلا ريب في دلالة الحديث على أن التمسّك بالعترة يُشكّل صمّام أمان للأمّة يمنعهم ويعصمهم من الضّلال - ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا - ، ولا شكّ في دلالته أيضاً على أن العترة لا يفترقون عن القرآن الكريم ، ولا يُتصور أن يصدر عنهم ما يُخالف القرآن وهذا ما يدل عنه قوله في الحديث - لن يفترقا - .


- ثانياً : إنّ ما ذكرتموه بأنّ المراد بالحديث هو إجماع العترة هو كلام ضعيف ولا وجه له لأنّه إن أريد بالعترة ما هو أوسع من الأئمة من أهل البيت (ع) ليشمل العباس وذريته أو غيره، فمن المعلوم أنّ هؤلاء أعني العباسيين لا ميزة لهم عن سائر الصّحابة والنّاس فهم يُخطئون كغيرهم ويُمكن أن ينحرفوا كما انحرف غيرهم، وبالتالي فلا يُعقل أن يكون لرأيهم أو إجماعهم أيّ قيمة أو أن يُشكّل إجماعهم أو قولهم عاصماً للأمّة  عن الضّلال ، ما يعني أن نظر الحديث فقط إلى خصوص شريحة من العترة وهم الذين لا يُمكن أن يقعوا في الضّلال والانحراف، وهؤلاء لا فرق بين الواحد منهم أو الجميع ، فكما يكون قول الجميع حُجّة وعاصماً عن الضّلال ، كذلك قول الواحد، والقرينة على ذلك أنّه حين قال النبيّ (ص) هذا الكلام لم يكن من العترة التي يؤمَن وقوعها في الضّلال إلا عليّ (ع)، أما الحسن والحسين (ع) فكانا طفلين صغيرين، فهل كان الحديث لا قيمة له آنذاك لأنّه بعد لم يتحقّق إجماع العترة؟ من الواضح أن هذا بعيد جداً لأنّ كلامه (ص) ساري المفعول من حين إطلاقه ولا يتوقف على مرور عقود من الزّمن حتى يتشكّل إجماع العترة.

س » ما هو الوجه الذي يفهم من بدء الزيارة بالسلام على الأنبياء ومن ثم السلام على الإمام الحسين (عليه السلام)
ج »

إنّ الملاحظ في الكثير من الزيارات أنّ نصّ الزّيارة وقبل أن يُخاطب الإمام المقصود بالزيارة يتوجه بالسّلام إلى الأنبياء السّابقين بدءاً من آدم ومن تلاه من أولي العزم من الأنبياء (ع) وصولاً إلى خاتم المرسلين محمّد (ص)، ثم يتوجّه أخيراً إلى مُخاطبة الإمام المقصود بالسّلام عليه، وهذا الأمر له دلالته البالغة في فقه الزيارة، وهي أنّ الأئمّة (ع) أرادوا أن يُفهمونا أنّهم ليسوا منقطعين عمن تقدم، بل هم امتداد للأنبياء السّابقين ولجدهم خاتم النبيين (ص)، وعلى المسلم أن يعي لهذه الحقيقة القرآنية وهي أنّ الأنبياء والأولياء هم سلسلة واحدة ومتواصلة في خطّ الرّسالة والدّعوة إلى الله تعالى، كما أنّ رسالتهم في العمق والهدف واحدة، وبالتالي فعلينا أن لا نُمارس نوعاً من القطيعة مع أحد منهم أو أن نفرّق بينهم أو نضع أحدهم في وجه الآخر، كما أنّ لذلك دلالة أخرى لا تبتعد عما ذكرناه، وهي إبراز العنصر المشترك بيننا وبين الآخر الدّيني من خلال استحضار رموزه - التي يُقدّسها ونُقدّسها أيضاً - بهذه الطّريقة من الإجلال والاحترام والتّوقير، الأمر الذي يكون مَدعاةً لتلاقي أبناء الإنسان كافة على الرّسل والاجتماع حول رسالتهم ومبادئهم.

 

س » هل صحيح ما ورد في الروايات بأنّ الإمام (ع) يتمنى ضرب أصحابه ليتعلموا؟ وأليست طريقة عنف!؟
ج »

الموجود بالروايات هو التالي "ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا في الحلال والحرام" وفي حديث آخر "لو أُتيت بشاب من شباب الشيعة لا يتفقه لأدبته" وفي آخر "لوددت أنّ أصحابي ضُربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا". وهذا المضمون لا يُحمل على حرفيته، وإنما هو ناظر إلى أهمية التفقه في الدين والتعلم؛ ولذا ليس في الأمر ما يثير الغرابة بقدر ما يشير إلى مكانة العلم في الإسلام.

س » لماذا نحزن على الحسين ونقيم عزاء ونبكي، وهذه الحادثة أتت من ارادة الله وليس بالصدفة. والحسين استشهد لكي نبقى أقوياء، لا ضعفاء نبكي؟
ج »

الحزن مسألة إنسانية، وقد لا يملك الإنسان في الكثير من الأحيان أمر الدمع، فهي تفرض نفسها عليه. ومن هنا، لم يكن من المنطقي أن يحرم التشريع مسألة البكاء والحزن، كما ليس منطقي أن يحرم الفرح والضحك؛ لأنّ هذه الأمور مما تقتضيها طبيعة الإنسان البشرية، وعندما يتأمل الإنسان أو يستمع إلى مصيبة الإمام الحسين (ع) سبط رسول الله (ص)، وما جرى عليه وعلى أحبائه وأصحابه في صحراء كربلاء من أعمال وحشية، فإنّ وجدانه يهتز، ولا يمتلك إلا أن يذرف الدمعة حزنًا على سبط الرسول، وكما قال الشاعر:
تـبكيك عـيني لا لأجل مثوبة لـكنما عـيني لأجـلك بـاكيه
ومن هنا، تجد أن كل إنسان عًرضت عليه المصيبة، مصيبة الحسين (ع)، فإنّه يتأثر وتدمع عيناه. قال الشاعر المسيحي بولس سلامة:
أنا المسيحــي أبكانــي الحسين وقــد شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي
هذه فلسفة البكاء على أبي عبد الله الحسين (ع)، هذا كله لا ينافي إيماننا بقضاء الله وقدره، وأنّ هذا الأمر مكتوب في اللوح المحفوظ. ولا ينافي ذلك أيضًا أن تُشكل شهادة الحسين (ع)، وذكراه سببًا لعزة الأمة وقوتها، فنحن نذرف الدمعة القوية على الإمام الحسين (ع)، لا الدمعة الضعيفة الخانعة. إنّ الدمعة التي نذرفها تعبير عن ولائنا وحبنا، وتطهر قلوبنا، وفي نفس الوقت نملأ النفوس غضبًا وحنقًا على الظالمين والمستكبرين. فالعاطفة المثقفة والواعية والدمعة الهادفة هي التي تصنع العزة والقوة في واقعنا.

س » لماذا دُفن الإمام علي في النجف مع أنّه (ع) استشهد في الكوفة؟
ج »

النجف تقع في منطقة قريبة من الكوفة وربما تُسمى بـ ظهر الكوفة، ويذكر بعض علمائنا أنّ الأمر – بالإضافة إلى وصية خاصة للإمام علي (ع) بذلك – كان ينطلق من تخوّف جدّي بأن يُعتدى على القبر من قبل الخوارج أو غيرهم من أعداء الإمام (ع)؛ ولذا أُريد حماية هذا القبر إلى أن انجلت الأمور وجاء الأئمة (ع) المتأخرون من الإمام الصادق (ع) ومن تلاه وأوضحوا معالم القبر وحددوا مكانه، كما يذكر ذلك صاحب كتاب "فرحة الغري في مرقد الإمام علي (ع)"

س » ما مدى صحة المضمون الوارد في بعض الروايات أنّ غير الموالي لأهل البيت (ع) هو خبيث الولادة؟
ج »

إن هذا المضمون الوارد في بعض الروايات والذي يطعن بطهارة نسب غير الموالي لأهل البيت (ع) هو أمر مرفوض، من جهة أنه ينافي ما ورد عن الأئمة (ع) من الأخبار الصحيحة من أنه لا يجوز الطعن في نسب الناس حتى من غير المسلمين لأن" لكل قوم نكاحا يعتصمون به عن الزنا"، ما يعني أن كل قوم لهم زواج ويميزون بين العلاقة الشرعية والأخرى غير الشرعية فزواجهم صحيح ولا يطعن فيه، وعليه فلا يعقل صدور طعن عام بنِسَب كل من لم يكن مواليا لهم، اللهم إلا إذا كان المقصود بالأحاديث أن حب الأئمة (ع) هو مما قامت عليه بديهة الدين وإجماع المسلمين لتضافر النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تنص على محبتهم ، وبالتالي فلا يعقل أن تجد مسلما يبغض آل البيت (ع) إلا إذا كان معاندا للحق ، ومعاندته للحق هذه لها مناشىء وأحد مناشئها هو خبث الولادة.

 ولكن قد يشكل علينا بأن من لم يكن طاهر المولد لا يلام هو ، وإنما يلام والداه اللذان أقاما العلاقة غير المشروعة، فإذا كان سبب كرهه للأئمة مرده إلى خبث مولده فهو يعاقب على أمر لم يختره!  والجواب: إن خبث المولد ليس علة تامة لانحراف الإنسان عن الهدى، وإلا لصح الإشكال، وإنما هو مقتض للانحراف، بمعنى أن ذلك يجعله مهيئا للانحراف والفساد لأن بيئته تكون غير سليمة وغير طيبة، ولكن تبقى إرادته موجودة واختياره قائما، وقد يختار طريق الهدى والإيمان، كما نرى ذلك في حياتنا وقد بحثنا هذا الأمر بالتفصيل في كتاب " هل الجنة للمسلمين وحدهم؟" فليراجع. http://www.al-khechin.com/article/156

س » الحوراء صفة تُطلق على المرأة جميلة العينين، فكيف تطلقها الروايات على السيدة زينب (ع)؟؟
ج »

أولا: لم أعثر في هذه العجالة على رواية تطلق لفظ "الحوراء" على السيدة زينب (ع) بنت الإمام علي (ع). نعم، ورد إطلاقه على أمها السيدة الزهراء (ع) في بعض الروايات والزيارات مقرونًا بلفظة أخرى وهي "الإنسية". كما ورد إطلاقه في أشعار بعض العلماء على الزهراء (ع) أيضًا. والأمر يحتاج إلى متابعة فربما يعثر المتابع على شيء في هذا السياق.

ثانيا: إنّ لفظة "الحوراء" هي مشتقة من الحور، والحور كما ذكرتم هو شدة بياض العين مع شدة في سوادها أيضاً. و"الحور" أو "الحوراء" تطلق على نساء الجنة، ويُفسر ذلك بجمال عيونهن إلّا أنه قد حصل شيء من التوسّع في الاستعمال، لأنّ حوريات الجنة طاهرات مطَهرات نقيات الجيوب، فتمّ إطلاق هذا اللفظ "الحوراء" المسميات به على المرأة النقية الطاهرة، كالسيدة الزهراء أو ابنتها زينب، فيُقال: زينب الحوراء؛ لا بلحاظ العنصر الجمالي صرفًا، بل بلحاظ الجمال الروحي والنقاء المعنوي قبل كل شيء.

ثالثا: ورد – كما قلنا – في بعض الروايات والزيارات إطلاق هذا اللفظ على السيدة الزهراء (ع)، فقيل إنها حوراء إنسية. (انظر الأمالي للصدوق ص 175). وقد فُسر ذلك على ضوء ما ورد في بعض الروايات من أن نطفة السيدة الزهراء (ع) قد انعقدت من ثمار الجنة التي أكلها النبي (ص) في عروجه إلى السماء. وسواء قبلنا هذه الروايات وما جاء فيها من تفسير أم لم نقبله، فيمكن حمل المسألة على ما قلناه من أنه حصل توسّع في اللفظ بالنتقال من الجانب الحسي إلى الجانب المعنوي، أي إن المراد بيان طهارتها بتنزيلها منزلة الحوريات لجهة النقاء والطهر والعفة.

س » إذا كانت كرامة الله من كرامة الإنسان، فكيف يرضى الاله بالاساءة الى كرامته بلحاظ ما يتعرض له الانسان؟؟
ج »

نعم، إنّ كرامة الإنسان هي من كرامة الله والله تعالى لا يحب لأحد أن يسيء إلى كرامته، في الحالين، لكنه أيضا يريدنا أن نحفظ هذه الكرامة من خلال إرادتنا وتصميمنا وعزمنا، لا من خلال إجباره لنا تكوينًا ، ولذا فكما لا يتدخل هو ليضع حدًا للذين يعترضون على خالقيته وكرامته وقدسه ممن يراهم يشتمونه صبحًا مسيًا أو يعبثون في هذا الكون الجميل فأيضًا هو (سبحانه) لا يتدخل بشكل مباشر وقاهر ليمنع الذين يعتدون على كرامة الإنسان وما ذلك إلا لأنه يريد للإنسان أن يحفظ كرامته بنفسه وأن يبني مجتمعًا حرًا عزيزًا بإرادته ووعيه واختياره. إن إرادتنا جزء من كرامتنا، وكرامتنا تتناغم مع إرادتنا وحريتنا، هكذا شاء الله وقدّر، ووضع النظم والأسس بما يهيؤ الإنسان لبناء مجتمع الكرامة ولكن الإنسان إلى الآن أثبت فشله:  إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا

فنحن نتحمل مسوؤلية فشلنا وليس الله لأن الله لم يردنا أن نكون مجتمعًا ملائكيًا مقهورًا ومجبورًا على الطاعة والهداية بل أرادنا أن نكون مجتمعًا إنسانيًا يختار الطاعة والهداية كما يختار التمرد.

س » لدي أخ مقتنع ببعض العقائد، ويعتبرها حقة، ويحاول دائما مجادلة ومنقاشة الآخرين لإثباتها، مما يؤدي إلى بعض المشاحنات. هل معه حق؟
ج »

إنّ اقتناع الإنسان برأي معين هو حق من حقوقه، ما دام مبنيًا على معطيات علمية وموثوقة، ولا يحق لأحد أن يمنعه من تشكيل قناعة في أمر من الأمور، ولا سيما عندما تتصل المسألة بقضية تاريخية أو غيرها.

بيد أنّ الأمر الآخر في المسألة هو عملية طرح رأيه بين الناس، وهذا أيضًا إلى حدٍّ كبير يُعدُ أمرًا مشروعًا من حيث المبدأ. وعدم تقبل بعض الناس لرأيه لا يضير، ولا يلزمه بترك الحديث أو بيان رأيه في المسألة، إلا إذا كان الأمر قد يؤدي إلى ردات فعل كبيرة لحساسية المسألة، بما يخلق فتنة في الواقع. ففي هذه الحالة، لا يصح له أن يصرّ على طرح رأيه بطريقة صادمة، وذلك درءً للفتنة. وإنما ننصحه بأن يعتمد أسلوب الحكمة، والتدرج في الدعوة، هذا الأسلوب الذي اعتمده النبي (ص) في كثير من القضايا الاجتماعية الحساسة التي تعامل معها بدقة، وهيأ النفوس شيئًا قشيئًا لتقبل أفكاره، إلى أن حان الوقت لإصدار موقف حاسم في المسألة.

إن أسلوب الصدمة في العمل الدعوي ليس صحيحًا على إطلاقه، فإنه قد ينافي الحكمة في بعض الأحيان. نعم، هناك بعض الحالات التي يلزم فيها على الإنسان أن يبيّن الموقف بحزم ودون مداراة أو مواربة، وهي الحالات التي تمس أساس العقيدة. وهذا ما تميز به الخطاب القرآني، فإنه في مجال الأسس العقدية كان حاسمًا، ولا يقبل المداهنة، ولا يرضى للنبي (ص) المساومة لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ. أما في القضايا الفقهية والفرعية، فالتدرج كان سمة هذا الخطاب، عندما يكون الموقف الحاسم صادمًا ولا يلقى قبولًا. 185

س » هناك رواية يتم تداولها عن الإمام العسكري (ع)، تعتمد على الحسابات في تحديد بداية شهر رمضان من خلال بداية محرم، ما رأيكم؟
ج »

أولا: إنّ هذا الخبر لا يصح سندًا، ولا وجود له في المصادر الأولية والأساسية للحديث عند الشيعة الإمامية، وإنما وجده السيد ابن السيد ابن طاووس مرويًا عن جده الشيخ الطوسي، بسندٍ كله مجاهيل وصولًا إلى الإمام العسكري (ع).

وقد لاحظنا أنّه ولم يبالِ الفقهاء بهذا الخبر، ولم يعتمد أحد منهم على هذه العلامة المذكورة فيه إطلاقًا، حتى أنّ أصحاب الكتب الحديثية المتأخرة لم يدرجوا هذا الخبر في موسوعاتهم الحديثية، منهم الحرّ العاملي حيث لم يذكر هذا الحديث في وسائل الشيعة، وكذلك العلامة المجلسي لم يورد هذا الخبر في بحار الأنوار، مع أنه أورد فيه الكثير من الأخبار الضعيفة. والظاهر أنّ السبب في إعراضهم عن هذا الخبر هو عدم مبالاتهم به وعدم الاعتناء به.

ثانيا: لو تجاوزنا عن كل ما تقدم، فإنّ هذا الخبر ليس علامة عامة لإثبات كل الشهور، إنما هو وارد في خصوص شهر رمضان؛ والسؤال: كيف نثبت هلال شهر محرم نفسه أو غيره من الشهور ما عدا شهر رمضان. إن الطريقة المطروحة في هذا الخبر لا تصلح لتعيين ذلك. وإننا ننصح بعدم تتداول أمثال هذه الأخبار عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي قبل التدقيق فيها سندًا ومتنًا ومعرفة مدى إمكانية الوثوق بها، فالأجدى الرجوع إلى أهل العلم في مثل هذه الأمور قبل الترويج لأشياء نحن بالغنى عنها.

س » هل صحيح أنّ الإمام علي (ع) كان يؤلف شعرًا، حتى نُسب له ديوان شعر خاص به، وألا يتنافى هذا مع ما ذكره القرآن من أنّ النبي لا ينبغي أن يكون شاعرًا؟
ج »

في الجواب نقول:

أولًا: لا ريب أنّ للإمام علي (ع) ملكة شعرية وأدبية من المستوى الرفيع، وهذا ما تكشف عنه نصوصه النثرية المبثوثة في "نهج البلاغة" وغيره. وهذه الملكة قد تجسدت من خلال العديد من الأشعار التي قالها (ع) في مناسبات شتى، ونقدر أنّ شعره (ع) كان لأغراض أخلاقية وتربوية أو غيرها من الأغراض الرسالية، ولم يكن ترفًا، ولا لغرض التعيش به.

وقد تحدث الكثيرون عن شاعرية الإمام (ع)، ففي أنساب الأشراف للبلاذري، ينقل عن الشعبي: "وكان أبو بكر يقول الشعر، وكان عمر يقول الشعر، وكان عليٌ (ع) أشعر الثلاثة" (أنساب الأشراف ج2 ص 152. ونُقل نحو ذلك عن سعيد بن المسيب وغيره، انظر: أعيان الشيعة ج1 ص 549).

ثانيًا: إنّ الحكمة التي منعت كون النبي (ص) شاعرًا، لا تطرد في الإمام علي (ع)؛ لأنّها – أي الحكمة – تقوم على قاعدة حماية القرآن ودفع التوهم أو الاتهام الذي ينطلق به بعض المعارضين للرسالة الإسلامية، من أنّ القرآن الذي يتلوه النبي (ص) هو من الشعر، ولهذا لم ينبغِ للنبي (ص) أن يكون شاعرًا، كما قال تعالى: " وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ" (يس/69)، وعدم الانبغاء هذا لم ينطلق من موقع كون الشاعرية مذمومة في موقعها، بل لأنّ شاعرية النبي (ص) ستفتح بابًا على التشكيك بمرجعية القرآن في أن يكون مصدره الوحي، واحتمال أن يكون هذه الملكة هو الشاعرية لديه (ص). ومن الواضح أنّ هذا المعنى لا يجري ولا يطرد في غير النبي (ص)، ولذا رُوي الشعر عن الأئمة (ع).

ثالثًا: هناك عدة دواوين شعرية منسوبة إلى الإمام علي (ع)، وقد أنهاها السيد محسن الأمين إلى تسعة (أعيان الشيعة ج 1 ص 549). وذكر العلامة المتتبع آقا بزرك الطهراني أنّ الذين قاموا بعملٍ حول ديوان علي (ع) سبعة عشر شخصًا، منهم من جمع الديوان ومنهم من شرحه (الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج 9 ق 1 ص 101)، ولعل أول من جمع ديوانًا شعريًا للإمام علي (ع) هو عبد العزيز بن يحيى الجلودي (ت 330 ه). وآخر من جمعه هو السيد محسن الأمين العاملي، اعتمد فيه على ما بقوله "على الرواية الصحيحة" بنظره (انظر: أعيان الشيعة، مصدر سابق) ولديّ ديوان الإمام علي (ع) طُبع في مصر سنة 2008 م، من جمع وتعليق الدكتور أحمد أحمد شنيوي.  

رابعًا: إنّ الديوان المطبوع والمنسوب للإمام علي (ع) يحتاج إلى دراسة مفصلة، تحاول أن تعمل على قراءة نصوصه من خلال عرضها على:

أ- لغة علي (ع)، وبصمته البيانية المعروفة بجاذبيتها وسحرخا البلاغي.

ب- عصر علي (ع)، وما تميّز به من خصائص أدبية وشعرية.

ج- الكتاب والسنة ودراسة مضمونه على طبقهما.

وقد تنتهي الدراسة بالفعل إلى أنّ بعض الأبيات الشعرية التي يتضمنها الديوان، لا تملك جاذبية بلاغية ولا قوة شعرية تسمح بنسبة ذلك إلى علي (ع) المعروف ببلاغته وفصاحته، أو أننا لا نجد فيها نفس علي (ع). وهذا ما انتهى إليه السيد محسن الأمين (ره)، فإنّه قد أكد على اشتمال هذا الديوان  على "ما علم أنّه ليس له (ع)... وما يُظن أنّه ليس له". وقد ذكر السيد بعض النماذج من الأبيات الشعرية التي نُسب لأمير المؤمنين (ع) قطعًا، وإنما هي لشعراء آخرين وأُدرجت في الديوان المطبوع. (انظر: أعيان الشيعة ج1 ص 549)

س » يستدل بعض الفقهاء على جواز الرجم بآية كانت في القرآن، وهي "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم"؛ وقيل إنّ هذه الآية قد نُسخت تلاوتها بأنّها رُفعت من القرآن الكريم، وبقي حكمها ساري المفعول. فماذا ترون؟ 181
ج »

إنّ هذا الاستدلال مرفوض، وذلك لعدة وجوه:

أولا: إنّ نسخ التلاوة دون الحكم هو نوع من أنواع التحريف للقرآن (وإن التزم البعض به، ومنهم الشيخ الطوسي في التبيان ج1 ص 113)، وهو مرفوض رفضًا حاسمًا؛ لأنّ معنى نسخ التلاوة أنّ القرآن ناقص، ومن المقطوع به أنّ كتاب الله لم يتعرض للزيادة ولا للنقيصة.

ثانيا: إنّ ما جاء حول كون "آية الرجم" جزءًا من القرآن، هو أخبار آحاد، والقرآن لا يثبت بأخبار الآحاد، بل نعتقد أنّه قد تمّ جمعه في زمن الرسول الأكرم (ص).

ثالثا: بصرف النظر عمّا تقدم، فإنّا نلاحظ أنّ نسخ الحكم دون التلاوة، هو أمر مفهوم وله نظائر. وقد يكون نسخ الحكم مع التلاوة أيضًا مفهومًا، على اعتبار أنّه إذا نُسخ حكم الآية، فلا داعي لبقائها، وإن لم يثبت له أمثلة، ولكن مبرره هو مقتضيات التدرج في بيان الأحكام الشرعية. أمّا الشيء غير المبرر وغير المفهوم، هو نسخ التلاوة مع بقاء الحكم. فمع كون الآية نازلة من عند الله تعالى، ومع كون حكمها باقيًا ومستمرًا، فلماذا تُرفع من كتاب الله وتُزال؟! هذا أمر لا وجه له، بل هو يثير الالتباس والريبة في هذا الحكم، ولذا لا يمكن الاعتماد على مثل "آية الرجم" في مسألة حدّ الرجم.

س » ما المشكلة في الزواج المدني، وما الفرق بينه وبين الشرعي؟ 176
ج »

أولا: ليست المشكلة عندنا في الزواج المدني في الجهة التي تجري العقد، وهي الجهة المدنية؛ إذ إنّ الرأي الفقهي الشرعي لا يرى مشكلة في إجراء العقد من قبل الزوجين أنفسهما، أو من قبل شخص ثالث، أيًا كان (حتى لو لم يكن رجل دين). لذا يمكن القول إنّ عقد الزواج في الإسلام هو عقد مدني، وليس سرًا إلهيًا كما هو الحال في الكنيسة التي تعتبر الزواج سرًا إلهيًا، ولذا لا تعترف بشرعية الزواج المدني، مع الإشارة إلى أنّ الكثير من الفقهاء يشترطون صيغة خاصة في الزواج، فإذا تمت مراعاتها في عقد الزواج المدني يكون شرعيًا.

ثانيا: أجل، الفارق بينهما هو في مفاعيل الزواج وشروطه، وما يترتب عليه. فالزواج الشرعي له آليات وضوابط خاصة في إدارة العلاقة بين الزوجين، فيما يتصل بحقوق كل منهما، وفي موضوع حضانة الأطفال، والطلاق، والميراث في حال وفاة أحد الزوجين، وفي زواج المسلمة من غير المسلم.. فهنا يحصل الخلاف بين الزواج المدني والزواج الشرعي.

س » ما رأيكم بالمقامين المنسوبين لبنات الإمام الحسن (ع) في منطقة الحلة العراق؟ 179
ج »

ليس في بنات الإمام الحسن (ع) بنتان باسم: شريفة وزكية، كما لا يخفى على من يراجع كتب التاريخ، التي ذكرت بنات وأولاد الأئمة (ع)؛ وهذا الأمر يفتح الكلام أمام احتمالات عدة، منها:

أولا: أن تكون شريفة وزكية من ذرية وأحفاد الإمام الحسن (ع).

ثانيا: أن يكون القبر لأحد العلماء أو العلويين، سُمي باسم بنات الإمام الحسن (ع) حفاظًا عليه في أيام الفتن الطائفية التي مر بها العراق، كما يقول العلامة البحّاثة الشيخ محمد حرز الدين في كتابه القيّم "مراقد المعارف" حيث ذكر مرقد "شريفة بنت الحسن (ع)" في الحلة، وذكر أنّه اشتهر هذا القبر عند القرى والأرياف بتلك المنطقة، بقبر العلوية الشريفة بنت الحسن (ع)، ثم علّق قائلا: "وهو عندي من القبور غير المعلومة فعلا"، ثم قال "ولا يخفى سبب جهالة الكثير من القبور، أنّه كان في القرن التاسع الهجري في العراق، زوابع وفعاليات طائفية بين السنة والشيعة، في أوائل العهد الصفوي، فعُفيت لذلك كثير من قبور العلويين والعلماء، وبعضها أُبقيت وسُميت بأسماء الأنبياء، وأخرى بأسماء النساء لكي لا يشملها الهدم والنبش والتخريب"، ثم ختم قائلا: "وكثيرًا ما نجد سواء الشيعة في العراق، يسمون جملة من القبور ببنات الحسن السبط (ع)".

ملاحظة أخيرة: إننا نوجه دعوة إلى العلماء والباحثين بضرورة التحري والبحث حول المقامات المجهولة والمشكوكة مقدمةً للتعرف على هوية أصحابها، ولا سيما عندما يُراد بناؤها وتوسعتها وتجديدها، فليس هناك مصلحة شرعية في بناء القبور والمقامات قبل التثبت من هوية أصحابها ومعرفة مكانتهم الشرعية اللائقة، وقد أوضحنا هذا الأمر مفصلًا في كتاب "في بناء المقامات الدينية" http://www.al-khechin.com/article/282

س » السلام عليكم، ما هي جذور قضية الرق والجواري والسبي في الإسلام ؟
ج »

وعليكم السلام، إن الرق كان نظاماً عالمياً عرف عند كل الشعوب، قبل الإسلام وبعده، والإسلام في منظومته التشريعية والأخلاقية حرص كامل الحرص على محاصرة هذه العادة وذلك باتخاذ أسلوبين:

الأول: فتح كل الأبواب أمام تحرير العبيد، من التشجيع على العتق، إلى فتح باب المكاتبة، إلى التأكيد على كراهة الاتجار بالرقيق ( بيع الإنسان للإنسان)، إلى العمل - وهذا هو الأهم- على تحرير الرقيق من الداخل الإنساني، عن علي (ع):" لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً".

الثاني: سدّ كل المنافذ المؤدية إلى الاسترقاق، فقد رفض الاعتراف بالكثير من الاسباب المعتمدة للاسترقاق، باستثناء حالة وحيدة، سمح فيها بذلك على قاعدة التعامل بالمثل، وهي حالة الحرب، حيث كان المشركون في الحروب يسترقون الأسرى المسلمين، ما دفع إلى التعامل معهم بالمثل، هذا مع أننا نلاحظ أن القرآن الكريم لم يتحدث عن قضية الرق كخيار في التعامل مع  أسرى العدو ، وإنما تحدث عن خيارين آخرين : وهما المن والفداء ، قال تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}، وفي ضوء الآية المباركة يمكن القول:  إنّ قضية الرّق التي مارسها المسلمون في الزمن السابق كانت - فيما نرجح - إجراءً تدبيريا ( وليس حكماً تشريعياً) اعتمده المسلمون مع الآخرين على قاعدة التعامل بالمثل ، ، وأما اليوم فإن المسألة تكون بيد الحاكم الشرعي بحسب ما يشخص من المصلحة العامة للمسلمين ، ومن الواضح أنّ السبي في زماننا لم يعد خياراً واقعيا ومقبولا في ظل القوانين الدولية الرافضة لمسألة السبي والاسترقاق ، وبالتالي فليس فيه مصلحة للمسلمين ولا حاجة لاستخدامه مادام أنّ الآخر لا يأخذ بمسألة السبي في حروبه مع المسلمين ، ومما يؤكد ذلك أن الاسلام ينحاز الى حرية الانسان انحيازا مطلقا ، ولذا فقد حارب الرق على طريقته الخاصة من خلال اعتماد أسلوب تدريجي للقضاء على أقذر تجارة عرفتها البشرية ، وهي بيع الانسان لأخيه الانسان.

س » ورد في بعض الأخبار كراهة الصلاة في بعض الأوقات كوقت الطلوعين أو ذهاب الحمرة، وأني أشكك بها، وهل يعني ذلك أني إذا تطوعت بصلاة في هذه الأوقات، فلا أحصل على ثوابها ؟
ج »

   أولاً: إن للفقهاء مصطلحًا خاصًا في الكراهة في حالة العبادة، تختلف عن الكراهة في غير العبادات، ففي غيرها يقصدون بالكراهة وجود مفسدة ضعيفة لا تقتضي التحريم، بينما كراهة العبادة يُراد بها قلة الثواب، عندما يُقال يُكره الصلاة في بيت النار أو في الحمام مثلا، أو يكره للحائض أو الجنب قراءة القرآن فهذا لا يعني أن الصلاة أو قراءة القرآن باطلة أو غير مقبولة، بل هي صلاة صحيحة وفيها ثواب ولكنه أقل بالقياس إلى الثواب في غير هذه المواطن.

  ثانياً: إن مسألة الكراهية بالمعنى المذكور ومسألة الحرمة وغيرهما من الأحكام الشرعية لا تخضع للمزاج والاستحسان، وإنما تخضع لما يرد من مدرسة الوحي، وقد ورد في الأحاديث الصحيحة تحريم الصلاة في بعض الكيفيات، كصلاة التراويح مثلا، وصلاة الضحى، واللتان نصت الروايات الصحيحة على أنهما بدعة، وهذا أمر مفهوم وله تفسيره، وهو أن أمر التشريع بيد الله تعالى، وهو تعالى كما أرادنا أن نعبده فإنه أراد لنا أن نعبده بالكيفية التي يراها هو، لا التي نراها أو نستحسنها نحن، وفي ضوء تكون المسألة خاضعة لوجود الدليل على الحرمة أو الكراهية أو عدم وجوده. فإن وجد الدليل التام والصحيح، فلا مفر من الالتزام بمضمونه.

 ثالثاً: إذا وجد الإنسان أنّ لديه إقبالا روحيًا على الله في هذه الأوقات التي حُكم فيها بكراهة الصلاة، فيمكنه أن يستغلها بالدعاء ومناجاة الله وقراءة القرآن، أو غيرها من الأنشطة الروحية ..

س » قرأت لكم مقال "ذرية الرسول (ص): الخيط الرفيع بين المحبّة والطبقية"، وقد استمتعت بالقراءة ولكني تحفظت في المقاطع الاخيرة لان الهجوم كان شرسًا. وأما لون العمائم فما المشكل ان لبسوا الاسود؟ وكان النقد حادًا وقد تُستغل هذه النصوص لرمي شيعتنا.
ج »

السلام عليكم ورحمة الله، بداية نشكر اهتمامك لقراءة المقال، وبإرسال هذا السؤال وتوجيهه إلينا؛ واسمح لنا أن نجيب ببعض النقاط:

أولا: ما تحدثت به من قسوة أو شراسة في الهجوم – كما عبرت – فلو وافقناك على هذا التوصيف فإنما كانت المسألة في إطار نقد علمي لظاهرة معينة، قدّرنا أنّ فيها بعض السلبيات، ولا تخلو من الشوائب، ولم تكن المسألة موجهة لأشخاص معينة.

ثانيا: ما جاء في كلامك من أنه "ما المشكلة أن تميزوا بلبس الأسود دون غيرهم"، فإنه لا إشكال عندنا في أن يلبس بعض الناس لباسا معينا كالأسود أو الأبيض، وما ركزنا عليه أن هذا اللباس ليس له دلالة دينية، ولم يفعله النبي (ص) ولا الأئمة (ع)، ولم يتميز (ص) بلباس خاص، وبالتالي فالأحرى الاقتداء به والاستنان بسنته (ص).

ثالثا: أما أن يصل الأمر إلى الآخرين ويستغلون ذلك، فإني أعتقد أن من واجبنا أن ننقد ما لدينا من أفكار أو عادات خاطئة قبل أن يعمل الآخرون على نبشها، وهم بالفعل يعملون و"وينبشون الكثير من الأشياء من هنا وهناك"، ولا سيما أن القضية التي نتحدث عنها – اختلاف لون العمائم – ليست قضية خافية، ويمكن لأي أحد أن يلاحظها بسهولة.

فلنكن السباقين إلى نقد واقعنا وعاداتنا بصرف النظر عما يقوله الآخرون.  

س » ما الفرق بين التشيع الوجداني والتشيع المعرفي؟
ج »

التشيع الوجداني هو عبارة عن الارتباط العاطفي بأهل البيت (ع)، النابع من قربهم من رسول الله (ص)، بالإضافة إلى ما تحلوا به من مزايا خُلُقية وسجايا طيبة. وقد يكون البعض ممن يتشيع لأهل البيت بمثل هذا التشيع، لا يعلم مكانتهم العلمية ولا موقعهم في الدين، ولا مقامهم في الأمة وضرورة اتباعهم. ومثل هذا التشيع يجري عليه عامة المسلمين من السنة والشيعة. فهم يرتبطون عاطفيًا بذرية النبي (ص)، ويعبرون عن هذا الارتباط بزيارة مراقدهم والبكاء في مصائبهم، ونحو ذلك.

أما التشيع المعرفي فهو الذي يبتني على رؤية واضحة بمكانة أهل البيت (ع)، ومنزلتهم ودورهم في حفظ الإسلام. وهو يُبنى على وعي ودراية بتراثهم الفكري والروحي والذي يمثل منهج حياة. ومثل هذا التشيع لا ينفك عادة عن العاطفة الجياشة لأهل البيت (ع) بيد أنه لا يقتصر على العاطفة، إنما يتجاوزها إلى الثقافة والتربية والسلوك.

وهذا التشيع هو الذي أراده النبي (ص) في دعوته للارتباط بـ علي (ع) والأئمة من أهل البيت (ع). إنه تشيعٌ رساليٌ يجسد الحب والولاء على أرض الواقع، وليس بالشعارات ولا الكلمات الرنانة فحسب.

س » السلام عليكم، ألا يمكن إحداث تغيير في أعمال الحج، مثلا: أن نغير لباس المحرم ونستبدله بلباس آخر، أو أن نرمي الحصيات السبع دفعة واحدة، وغيرها من الأفعال الواجبة في الحج؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، نحن نعتقد بضرورة بقاء الاجتهاد الفقهي مفتوحًا، وبضرورة مواكبته لكل المستجدات، لكن شريطة أن يؤخذ بعين الاعتبار أنّ العبادات محكومة بـ ما يُسمى "التعبد الشرعي"، وعدم جواز الزيادة عليها أو النقيصة منها؛ لأن ذلك يُعد ابتداعًا في دين الله، وهو غير جائز. فـ الله تعالى أرادنا أن نعبده بالطريقة التي يريدها هو، لا بما نهواه ونحبه نحن، وإلا أصبح لكل شخص طقوسه وعباداته الخاصة، ولهذا فقضية تغيير لباس المحرم أو قذف الحصيات السبع دفعة واحدة، قد يُشكل عليها بأن ذلك خلاف ما فعله النبي (ص)، ونحن مأمورون باتباعه حيث روي عنه (ص) "خذوا عني مناسككم" وروي عنه (ص) أيضًا: صلوا كما رأيتموني أصلي". هذا مع أننا لا نمانع من دراسة المسألة وفق آليات الاستنباط الفقهي المعروفة، وتجدر الإشارة أنه لم يعد ثمة مشكلة في رمي الجمرات بعد التوسعة التي حصلت في السنوات الأخيرة.

س » ما صحة الحديث المروي أن أبغض الحلال عند الله هو الطلاق؟ وما رأيكم بذلك؟
ج »

في الجواب لدي تعليقان:

أولا: هذا الحديث مروي في مصادر أخواننا السنة، فقد رواه ابن ماجه في سننه وابن داوود أيضًا، وكذلك البيهقي في السنن الكبرى. أما في مصادرنا، بطرق الشيعة، فقد رُوي ما يقرب من هذا الحديث، ولكن بصيغٍ مختلفة، إحداهما: "ما من شيء مما أحله الله عز وجل أبغض إليه من الطلاق" وأخرى: "إن الله يبغض كل مطلاق ذواق".

والحديث الأول معتبر على بعض المباني، كما أن الثاني موثق، وعلى العموم، فإنّ مضمون هذا الحديث صحيح.

ثانيا: لا ريب أن الإسلام يكره للرجل أن يبادر إلى الطلاق دون سبب وجيه أو أن تبادر المرأة إلى طلب الطلاق دون مبرر، ولا سيما إذا كان في البيت أطفال، والطلاق بطبيعة الحال سيؤثر عليهم بشكل سلبي ويكون سببًا في تشتتهم وانحرافهم.

ومما يؤسف له أنّ ثمة ظاهرة نرصدها في الآونة الأخيرة وهي ظاهرة استسهال الطلاق لدى الكثيرين لأسباب تافهة كخلاف على أولوية في مشاهدة التلفاز مثلا، أو على طبخة لا تعجب الرجل أو ما إلى ذلك من أسباب سخيفة. إنّ القرآن الكريم يعبر عن الزواج أنه ميثاق غليظ فكيف نستسهل فسخ هذه العلقة ونسعى في تدمير أسرة وهدم بناء يحبه الله ورسوله؟!

س » السلام عليكم، قال لي صديقي الملحد أنّ قصص اﻷنبياء في القرآن ليست حقيقية، وأنّ النبي نسخها من الكتب اﻷشورية وهي مجرد خرافات؟ ما رأيكم؟ (166)
ج »

وعليكم السلام. لا شك أنّ قصص الأنبياء في القرآن الكريم هي قصص حقيقية، ومعظمها مذكورة في الكتب السماوية السابقة على القرآن الكريم. أما رميها بأنها خرافات، فهو إلقاء للكلام على عواهنه، وتفنيدًا لهذا الكلام أسجل ملاحظتين منهجتين:

أولا: إن هذا قول بغير علم، وبغير دليل، ولا ينبغي للعاقل أن يتكلم ما لم يقم على دعواه دليلًا. فأين الكتب الأشورية التي وصلت إلى العرب، ومن ترجمها، من الذي نشرها؟! لم نجد أحدًا نصّ على ذلك ثم هل كان أحد من العرب يعرف اللغة الأشورية؟! إن النبي محمد (ص) كما هو معروف في سيرته، وكما نصّ القرآن الكريم، كان أميًا ولا يعرف قراءة وكتابة اللغة العربية، فكيف باللغة الأشورية؟!

إنّ على الإنسان، إذا كان موضوعيًا وعلميًا أن يجيب على هذه الأسئلة قبل أن يدّعي أن النبي (ص) أخذ قصص القرآن من الأشوريين.

ثانيًا: إنّ على الإنسان الموضوعي أن لا ينطلق من مواقف مسبقة عندما يحاكم القرآن أو غير القرآن. ولنفرض أنّ القرآن يلتقي فيما قصّه مع بعض الكتب السابقة، سواء كانت سماوية أو غيرها، لكن لماذا لا نعتبر هذا دليلًا على صدق النبي (ص) وأنه لم يخترع شيئًا من عنده؟!

والغريب في هذا العقل الاتهامي الذي يحمل موقفًا مسبقًا من القرآن الكريم، أنه لو جاء القرآن بشيء لم يُذكر في الكتب القديمة، لقال إنّ هذا (أي ما جاء به القرآن) محل تشكيك، لأنّه لو كان صحيحًا لذكرته الكتب السماوية. ولو أنّ القرآن قد أتى بشيء مذكور في المصادر السابقة، بصورة أو بأخرى، لقال إن محمدًا سرقها من الآخرين. فما هو المنطق في هذا الكلام؟؟! ولهذا أعتقد أن من يحمل موقفًا مسبقًا ليس أهلًا للحوار ولا للنقاش أو أن يتخذه الإنسان صديقًا.

 وفي ضوء هاتين الملاحظتين، يتضح بطلان وسخافة ما يدعيه بعض الملاحدة، من أنّ قصة الطوفان التي تحدث عنها القرآن، مأخوذة من ملحمة جلجامش الأشورية، ولا سيما أن الأسطورة التي تحدثت عنها ملحمة جلجامش تحكي عن رجل يسرد قصة الطوفان العظيم الذي حصل بأمر الآلهة، وأنّ هذا الرجل نجا وزوجته من الطوفان، وقررت الآلهة منحهما الخلود. وهذا المعنى لا يلتقي مع ما جاء في قصة الطوفان في القرآن؛ لأنّ القرآن الكريم أخبر أنّ زوجة النبي نوح (ع) الذي حصل معه الطوفان كانت من الهالكين.

س » رأينا بعض علمائنا ومراجعنا يترضون على صحابة النبي (ص)، كيف نفهم هذا الترضي، وكيف نوجّهه؟ 167
ج »

الجواب على ذلك هو من خلال بيان عدة نقاط:

النقطة الأولى: إن رؤيتنا حول الصحابة تقوم على عدة ركائز:

أولاً: إنّ الصحبة لا تمنح صاحبها عصمة، والصحبة إذا ما جردناها عن المولاة والاتباع لنهج النبي (ص) والسير على هديه وخطاه، فإنها لا تُعد فضيلة، بل ستغدو مذمة للشخص، فهو مع كونه من أصحاب النبي (ص) الذين رأوه وعاصروه ومع ذلك لم يهتد بهديه! ونحن لا نخجل في إعلان موقفنا الرافض لكل المحاولات التي تسعى إلى منح الصحابة نوعًا من العصمة، من خلال المقولات التي تم الترويج لها، والتي تعتبرهم جميعًا عدولًا وأنهم كالنجوم بأيهم اقتديتم، بما يمنع من نقدهم ويؤدي إلى التعتيم على ما جرى من حوادث في حياة النبي (ص) أو بعد وفاته. فهذا لا دليل عليه، بل هو يجافي الحقائق التاريخية.

 ثانياً: في ضوء ذلك يكون من الجائز، وربما الضروري أحياناً أن ننقد تاريخنا بكل مراحله التاريخية ورموزه الذين صنعوا هذا التاريخ، ولا سيما ما جرى عقيب وفاة رسول الله (ص) في موضوع الخلافة وما نتج عنه من انقسمات لاحقة. إننا ندعو إلى دراسة هذه المرحلة بكل محطاتها ومواقف الرجال فيها، دراسة من يريد التعرف على الحقائق ومن يريد أخذ الدرس والعبرة، ليعرف كيف يتعامل مع صناع تلك الأحداث الجسام في أخطر حقبة زمنية في تاريخ الإسلام، وهذه الدراسة النقدية ستفضي حتماً إلى تحديد الولاءات من الأشخاص، فمن كان متبعًا لتعاليم النبي (ص) في كل ما جاء به وأوصى به، فإننا نحترمه ونقدر له ذلك. وأما إذا انحرف أو ابتعد عن تعاليمه ووصاياه (ص)، فإننا لا نرى ضرورة لاحترامه ولا تكون مجرد صحبته سببًا للاحترام أو الترضي عليه أو مانعًا من نقده ودراسة موقفه.

ثالثاً: إنّ النقد رغم أهميته وضرورته، لكنه لا يعني السباب ولا التجريح، ولا التطاول على الأشخاص بطريقة سفيهة، ففنحن نرفض سب المشركين، فما بالك بالمسلمين! وهذا ما تعلمناه في مدرسة القرآن الكريم، الذي أرشدنا إلى ضرورة اجتناب سب آلهة المشركين، حذراً من أن يسبوا الله تعالى عدواً بغير علم، وهذا ما قد تعلمناه أيضاً من مدرسة الأئمة من أهل البيت (ع) وعلى رأسهم أمير المؤمنين (ع) الذي كان ينهى أصحابه وهم في أجواء الحرب مع أهل الشام أن يتناولوهم بالسب والشتم.

النقطة الثانية: لا شك لدينا أنّ النبي (ص) بذل جهدًا جليلًا وعظيمًا في بناء جيل من الصحابة الكرام الذين حملوا الرسالة الإسلامية، وبذلوا أغلى ما يملكون في سبيل الإسلام، وضحوا بالغالي والنفيس من أجل إعلاء كلمة التوحيد، وعملوا على نشر الإسلام في آفاق العالم. ولهؤلاء وهم كثيرون كل التقدير والاحترام بما لهم من سابقة الجهاد والورع وحمل الرسالة، وأعتقد أن الخطاب الشيعي مقصر على هذا الصعيد، فهو لا يهتمّ كثيراً باستحضار هؤلاء والإشادة بمواقفهم وجهودهم وتضحياتهم، سواءً من استشهد منهم في حياة النبي (ص) أو الذين عاشوا بعده ، فلا ريب أنّ جمعًا كبيرًا من هؤلاء ظلوا على العهد، ووقفوا إلى جانب الإمام علي (ع) وحقه في الخلافة، دون أن يمنعهم ذلك من الانخراط في العمل الإسلامي حتى في ظل قيادة الذين تقدّموا على الإمام علي (ع). ومن المرجح أنّ انخراطهم هذا كان بعد استشارة الإمام وأخذ نصيحته. بل إنّ الإمام علي نفسه سار على هذا النهج عندما رأى أن مصلحة الإسلام تقتضي ذلك، .

النقطة الثالثة: في موضوع الترضي على الصحابة، فقد اتضح أنّ الضرورة الأخلاقية تحتّم علينا وفاءً لهم وعرفانا لحقهم أن نترضى عمن أحسن من هؤلاء وسار على نهج النبي (ص) واتبع هديه، ونحن في ذلك نتبع ونسير على نهج إمامنا زين العابدين (ع) حيث يقول في صلاته على أتباع الرسل ومصدقيهم، وهو الدعاء الرابع من الصحيفة السجادية: "اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحابة والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه، وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته وانتصروا به، و من كانوا منطوين على محبته يرجون تجارة لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك، وبما حاشوا الخلق عليك، وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، وأشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه من كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم، اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان، الذين يقولون: ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان خير جزائك..."

هذا وتجدر الإشارة إلى أنّ الترضي عن شخص ليس معناه الإقرار بأنّ هذا الشخصَ مرضيٌ عند الله تعالى، لأنّ جملة "رضي الله عنه" ليست جملة إخبارية، وإنما هي جملة إنشائية، بمعنى أنّ هذا الكلام هو دعاء وسؤال الرضا من الله تعالى عن الشخص الذي نترضى عليه. فكأنك تقول: اللهم ارضَ عن فلان وفلان، وهذا لا مانع منه حتى بلحاظ الأشخاص العصاة والفسقة، بل إن هؤلاء – أي العصاة والفسقة – أحوج من غيرهم أن نطلب لهم المغفرة من الله تعالى.

وفي ضوء ما يتقدّم، فإنه لو صدر الترضي من أحد الأشخاص أو العلماء بحق أحد الصحابة، فهذا لا يعني تبرئة هذا الصحابي وإعطاؤه صك براءة، أو جعله فوق النقد، فضلًا عن أن يشكل ذلك توليًا له أو رضىً بكل مواقفه وأفعاله.

س » ما صحة الحديث المروي أن أبغض الحلال عند الله هو الطلاق؟ وما رأيكم بذلك؟ 168
ج »

ج: في الجواب لدي تعليقان:

أولا: هذا الحديث مروي في مصادر أخواننا السنة، فقد رواه ابن ماجه في سننه وابن داوود أيضًا، وكذلك البيهقي في السنن الكبرى. أما في مصادرنا، بطرق الشيعة، فقد رُوي ما يقرب من هذا الحديث، ولكن بصيغٍ مختلفة، إحداهما: "ما من شيء مما أحله الله عز وجل أبغض إليه من الطلاق" وأخرى: "إن الله يبغض كل مطلاق ذواق".

والحديث الأول معتبر على بعض المباني، كما أن الثاني موثق، وعلى العموم، فإنّ مضمون هذا الحديث صحيح.

ثانيا: لا ريب أن الإسلام يكره للرجل أن يبادر إلى الطلاق دون سبب وجيه أو أن تبادر المرأة إلى طلب الطلاق دون مبرر، ولا سيما إذا كان في البيت أطفال، والطلاق بطبيعة الحال سيؤثر عليهم بشكل سلبي ويكون سببًا في تشتتهم وانحرافهم.

ومما يؤسف له أنّ ثمة ظاهرة نرصدها في الآونة الأخيرة وهي ظاهرة استسهال الطلاق لدى الكثيرين لأسباب تافهة كخلاف على أولوية في مشاهدة التلفاز مثلا، أو على طبخة لا تعجب الرجل أو ما إلى ذلك من أسباب سخيفة. إنّ القرآن الكريم يعبر عن الزواج أنه ميثاق غليظ فكيف نستسهل فسخ هذه العلقة ونسعى في تدمير أسرة وهدم بناء يحبه الله ورسوله؟!

س » السلام عليكم، لدي سؤال يحيرني: من أين يأتي الشر؟ 171
ج »

وعليكم السلام، إنه سؤال جميل، والإجابة التفصيلية عنه تحتاج إلى متسع من الوقت، ولكن باختصار يمكن القول بأن السؤال من أين يأتي الشر يجرّ إلى سؤال هو من الناحية المنطقية أسبق منه، وهو السؤال عن ماهية الشر، وما هو الشر، وهل يوجد شيء هو شر بالمطلق أم أنّ الشر أمر نسبي. وعلى هذا الأساس يمكنني أن أسجل النقاط التالية:

أولا: إن قضية الشرور هي بكل تأكيد مسألة نسبية ولا يمكن الحديث عن شيء بأنه شر بالمطلق ومن كل الجهات إذ ما تراه شرًا قد يكون خيرًا لدى آخرين، فالمسألة تختلف باختلاف زاوية النظر. فعندما ينظر المزارع من زاوية مصلحته الشخصية فسوف يرى أن المطر النازل من السماء في وقت نضوج الثمرة مثلا هو شر وليس خيرًا، بينما لو نظرنا إلى المسألة من زاوية أخرى، زاوية حاجة المجتمع والحياة برمتها إلى الماء فسوف يتغير الحكم ونجزم بأن الماء خير لنا، كما قال الله تعالى: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ.

ثانيًا: في ضوء ما تقدم في النقطة الأولى، علينا أن لا نقصر النظر في تحديد الخير والشر في حدود عالم الدنيا بل لا بد أن نأخذ الجزاء الأخروي أو الشقاء والسعادة الأبديين بعين الاعتبار عندما نقيّم الأمور. فالبلاء الذي يصيبنا من مرض أو نحوه إذا نظرنا إليه من زاوية أنه ابتلاء وامتحان واختبار لنا، سوف نرى ثمرة هذا الامتحان في الآخرة من النعيم الأوفى، فربما نراه خيرًا ونراه شيئا عذبًا كما كان أولياء الله يستعذبون البلاء وما يواجههم من أمراض أو من إيذاء لهم. وهكذا فإن علينا أن لا نعتبر أنفسنا هي المحور في تقييم وتحديد ما هو خير أو شر بل علينا أن نأخذ الآخرين ومصلحتهم في الحسبان. فعندما نحكم أن الحية هي شر لأن سمها يؤذينا، فهذا ينطلق من أنانية تفترض وكأننا نحن المحور ونحن الأساس، مع أن هذا السم إذا نظرنا إليه من زاوية الأفعى نفسها هو خير لها. والله تعالى يحدثنا عن الحيوانات والطيور بأنها أمم أمثالكم. هذا ناهيك عن أن سم الأفعى هو خير للإنسان نفسه لأنه يشكل دواء للكثير من الأمراض.

ثالثًا: في هذه النطقة، يوجد مجالان يمكن الحديث فيهما عن الشر، الأول: ما يتصل بفعل الله والثاني ما يتصل بفعل الإنسان.

أ- أما فيما يتصل بفعل الله فيمكن القول إنّ الله هو مصدر الخير ولا يصدر عنه إلا الخير وكل أفعاله التي تتجلى في هذا النظام هي مصداق للجمال والخير، فأينما امتدت بنا الباصرة لن نجد إلا الروعة والإحكام والإتقان وحقًا يصدق قول القائل "ليس بالإمكان أبدع مما كان". أجل، إن هذا الكون جارٍ وقائمٍ على أساس القوانين ومبدأ الأسباب والمسببات التي أودعها الله فيه، ولم يجرِ على أساس التدخل الإلهي المباشر. ومن طبيعة هذه القوانين أن يكون لها في بعض الأحيان ضحايا؛ فالشمس التي هي مصدر النور والحرارة والتي لا يمكن العيش بدونها قد تتسبب أشعتها أحيانًا بإصابة طفل بمرض ما ويفارق هذا الطفل الحياة. هذا لا يسمح لنا بالحكم على الشمس بأنها شر، وهكذا الزلازل والبراكين تخضع لقوانين من طبيعة هذا النظام الكوني، فعدُها شرورًا هو سذاجة من القول.

ب- أما فيما يتصل بفعل الإنسان فحيث إنه كائن مختار فقد يكون فعله خيرًا وقد يكون شرًا كالإجرام والقتل وإلى ما ذلك. والله تعالى وإن كان بإمكانه أن يحول دون وقوع هذه الشرور، لكن هذا خلاف حكمة خلق الإنسان كائنًا حرًا إذ حينها سيغدو حاله حال الملائكة الذين لا يعرفون إلا الطاعة ولا موجب حينئذ من خلق الإنسان. إن الحكمة في خلق هذا الكائن الذي قد يختار سبيل الخير وقد يختار سبيل الشر هو تمكينه وتهيئته ليعمر هذه الحياة بإرادته وباختياره ويرزم دوافع الشر في نفسه أو في غيره ويسمو إلى الله تعالى. وفي ضوء ذلك، فما يصدر عن الإنسان من شرور هي مسؤوليته لأنه ليس مجبرًا على فعلها وبإمكانه أن يتلافاها.

ملاحظة: للتوسع حول هذا الموضوع، يمكنك مراجعة كتاب العدل الإلهي للشهيد مطهري، فقد ينفعكم في ذلك.

س » إنّ الآية وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ نزلت في زينب بنت جحش، وتفرض عليها الزواج من زيد.. هل يجوز إكراه الفتاة على الزواج؟؟ 172
ج »

وعليكم السلام - أولا: إن زينب بنت جحش، وإن مانعت في بادئ الأمر، لكنها بعد أن علمت بأن هذا الأمر فيه رغبة ومصلحة دينية، وأنّ الله تعالى يريد لهذا الزواج أن يتم، والنبي (ص) يطلب منها ذلك، فإنها رضيت بالزواج، وقبلت به وانقادت لأمر الله تعالى، ولم تُقدم عليه مكرهة ومسلوبة الإرادة. -ثانيا: إذا كان ثمة أمر من الله تعالى بالزواج، فمن الطبيعي أن الإنسان المؤمن حقًا، يرضى بما يرضاه الله له، ولا يشكل ذلك إكراهًا بالمعنى المتعارف للإكراه بأن يكون هناك ضغط أو تهديد فيقبل الإنسان تحت هذا الضغط. وبعبارة أخرى: إنّ الإكراه الذي يبطل الزواج هو الإكراه الآتي من الناس كأن يُكره الرجل أخته أو ابنته مثلا على الزواج، لا إذا ما كان بطلب من الله تعالى ورسوله (ص).

س » السلام عليكم، لقد قرأت رواية تقول إنّ السيدة الزهراء تمكنت من التقاط إبرة من على الأرض على نور وجه رسول الله (ص)، هل الرواية صحيحة، وخاصة أنّ عقلي لا يتقبلها؟ 175
ج »

في الجواب عن هذا الحديث نقاط ثلاث، هي: أولا: لم نعثر على هذا الحديث فيما بين أيدينا من مصادر. نعم، روى السيد على الأمير الصنعاني، وهو من علماء الزيدية في القرن الثاني عشر الهجري، في كتابه "البدعة" حديثًا ممائلًا له عن السيدة عائشة، لا عن السيدة الزهراء (ع)؛ وهذا نص الحديث: "عن عائشة رضي الله عنها، وفيه: أنها سقطت منها الإبرة وهي تخيط في الليل، فدخل النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، فأشرقت أرجاء البيت بنور وجهه - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وأرانا طلعته في الدنيا والآخرة - فأخبرته صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقال: الويل كل الويل لمن لا يراني يوم القيامة (ثلاث مرات)، فقالت رضي الله تعالى عنها: ومن الذي لا يرك ا؟ فقال: البخيل، فقالت: ومن البخيل؟ قال: الذي إذا ذكرت عنده لم يصل علي فذلك البخيل. وعقّب عليه السيد علي الأمير بقوله "لم أجد تخريجًا فيما تيسر لي من مراجع".

 ثانيًا: إن الحديث على فرض ثبوته، يشير إلى معجزة. والمعاجز لا يمكن إثباتها بخبر واحد، ولو كان صحيحًا. ولكن في الوقت عينه، لا ينبغي علينا المبادرة إلى رد الحديث بمجرد أنها لا تنسجم مع ذوقنا، فنحن نؤمن بمبدأ المعاجز والكرامات، وفي القرآن الكثير من المعاجز التي لا نستطيع ردها لمجرد أننا لا نرتاح إليها، أو لا تنسجم مع ما ألفناه واعتدنا عليه.

 ثالثًا: مما يريب في هذا الحديث، أنّ هذا الأمر يُنسب بنفسه إلى السيدة الزهراء (ع)، وفي الوقت عينه إلى السيدة عائشة، مع أن مضمونه يحكي قضية واحدة وليست متعددة كما هو الظاهر. ومن جهة أخرى، فإن الخياطة في تلك الأزمنة كانت تجري في النهار، وليس في الليل، لأنه يصعب وضع الخيط في الإبرة ثم إتقان الخياطة تحت ضوء المصباح.

س » هل جعل الإسلام عقوبة على الإرهاب الفكري؟ 178
ج »

لا شك ولا ريب أنّ الإرهاب الفكري هو عمل محرم، وخطورته – ربما - أشد من خطورة الإرهاب الحركي، فهو المغذي والمغري والمشجع على ممارسة الإرهاب، فمن الطبيعي أن يكون له عقوبة رادعة.

 لكن الإسلام لم يجعل عقوبته من نوع العقوبة الثابتة المعروفة في الفقه الإسلامي بعقوبة الحدود، كما هو في حدّ الزنا والسرقة وغيرهما؛ وذلك لأنّ الإرهاب الفكري له مراتب مختلفة، وتختلف خطورته من مورد لآخر، ولذا يكون من الطبيعي أن تكون عقوبته بيد الحاكم الشرعي، وتندرج العقوبة آنذاك فيما يُعرف في الفقه الإسلامي بـ التعزيرات والتأديبات، التي يراها الحاكم صلاحًا، وبالتالي تكون المسألة مرنة، تختلف باختلاف أنواع الإرهاب الفكري، مع الأخذ بعين الاعتبار عنصري الزمان والمكان.

وربما يتمسك البعض بقوله تعالى  وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (التوبة-12) للبرهنة على أنّ عقوبة الإرهاب الفكري هي مقاتلة هؤلاء على اعتبار أنّ الآية تشير إلى أنّ ما قام به هؤلاء من الطعن في الدين هو إرهاب فكري.. ولكننا نلاحظ على ذلك أنّ الآية المباركة واردة في حالة خاصة، في جماعة من الكفار الذين نكثوا عهدهم مع النبي (ص)، ما يعني سقوط حالة الهدنة معهم؛ لأنّ العهد كان مانعًا من مقاتلتهم، ومنظمًا للخلاف معهم. ومع سقوطه، تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل العهد، فمقاتلتهم ليست لمجرد طعنهم في الدين بل لما ذكرناه.

س » هل من الممكن أن يكون السفياني قد ظهر في الزمن الماضي وانتهى أمره ؟ سيما انه وردت روايات بانه يظهر قبل زوال بني العباس؟
ج »

المستفاد من النصوص المختلفة والصحيحة أن خروج السفياني هو أمر محتوم وهو مذكور في عداد العلامات التي تسبق خروج المهدي المنتظر (عج)

وقد ذكرت بعض الروايات المروية عن الإمام الرضا (ع) أن السفياني يقوم ويخرج، وأن سلطان بني العباس لا يزال قائمًا. ونحن لا نضمن صحة هذه الرواية، ولكن على الباحث في علامات الظهور أن يأخذها بعين الاعتبار لدى دراسة هذه المسألة.

وترجيحنا أن السفياني لم يخرج إلى الآن، لأنه لو خرج لبنا وعرف ولاشتهر الأمر, والحال أن الروايات الدالة على كون خروجه يشكل علامة على ظهور المهدي (عج) لا تشير إلى حركة السفياني باعتبارها أمرًا جزئيًا وملتبسًا بل باعتباره علامة بيّنة يغرفها الناس. وأما القول بأنه خرج أو سيخرج في ملك بني العباس، فيرده الواقع؛ لأن ملك بني العباس قد انتهى وتصرم ولم يخرج السفياني. وكونه علامة يعني أن خروجه مقارب لظهور المهدي (عج)، لا أن المهدي (عج) يخرج من بعده بمئات السنين.

وللمزيد مراجعة كتاب "علامات الظهور بين حلم الانتظار ووهم التطبيق"

 http://www.al-khechin.com/article/155

س » هل يجوز للمرأة وضع صورتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وألا يتنافى هذا الأمر مع الأخلاق الإسلامية؟
ج »

أولا: من ناحية الحكم الشرعي ليس في ذلك حرمة شرعية، فما دام يجوز للمرأة كشف وجهها ويديها والخروج كذلك، فلا يحرم عليها وضع صورتها على شريطة أن تكون الصورة محتشمة ورزينة ولا تظهر فيها متزينة أو بوضعية غير لائقة وربما في وضعيات مثيرة في بعض الأحيان.

ثانيا: لا نستطيع القول إن إظهار المرأة لصورتها ينافي الأخلاق، لأن ذلك يعني أنها ترتكب أمرًا مبغوضًا من الناحية الشرعية، فهذا ما ينافي الأخلاق. نعم، يمكننا القول بأن هذا ينافي بعض العادات والتقاليد التي درجنا عليها، وهي تقاليد محببة وربما تلتقي مع غرض المشرع الإسلامي الذي يؤكد على صيانة المرأة من خائنة الأعين ونظرات السوء.         

س » ما هي الغاية من تحريم لبس الذهب للرجال؟
ج »

حرمة لَبْس الذهب على الرجال هي فتوى يجمع عليها فقهاء الشيعة والسنة، ووردت بذلك العديد من الروايات عن النبي (ص) والأئمة من أهل بيته (ع)، أما الحكمة في هذا التحريم فربما تذكر بعض التبريرات، منها: إن الإسلام يريد للرجل أن يبتعد عن الزينة الخاصة التي تعتمدها النساء وتناسبها كثيرا، ومعلوم أن الذهب هو الزينة المفضلة للنساء وتناسب نعومتهن وعنايتهن بجمالهن، وقد ورد عن النبي (ص) :"حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثها"،فكأنه يراد للرجل الابتعاد قدر المستطاع عن أجواء التشبه بالنساء ، وفي الحديث عن الإمام الصادق (ع):" جعل الله الدهب في الدنيا زينة النساء فحرم على الرجال لبسه والصلاة فيه" .

س » إنّ كثرة التنافي بين الدين والعلم، هي في حدّ ذاتها تشكّل حجة للملحد، إذ لو كان الدين صواباً ومن عند الله كما يزعم المؤمنون بنظرية الخالق لما حصل أي تنافي بين الوحي والعلم؟؟
ج »

أولاً: إنّ دعوى التنافي بين الوحي والعلم هي - في أصلها فضلاً عن كثرتها - دعوى غير مسلّمة، وما يبدو من تنافٍ على هذا الصعيد إنّما هو بين فهم النص الديني وبين معطيات العلم الحديث، ومعلوم أنّ النص الديني لا سيما القرآني منه هو في بعض جوانبه حمال أوجه، ما يجعله قابلاً للتفسيرات المختلفة، وقد ينتشر أو يسود فهم معين له ويكون هذا الفهم معارضاً لبعض المعطيات العلميّة، مع أنّ هذا الفهم ليس مقدساً ولا يشكل حجةً علينا، بل إنّ فتح باب الاجتهاد يعني الاعتراف حكماً بمشروعية القراءة الجديدة لهذا النص، وهذه القراءة لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار تطور وعي الإنسان وتطور معرفته وثقافته والتي يشكل العلم الحديث أحد مصادرها، ما يعني أنّ التطور العلمي يساهم في فتح النص القرآني على آفاق جديدة وقراءات جديدة، الأمر وهو ما يفرض علينا أخذ التطور العلمي والثقافي بنظر الاعتبار أثناء قراءة النص ومحاولة استنطاقه.

 أجل، لا يمكننا أن ننكر وجود حالات تنافٍ صارخة بين العلم وبين بعض الموروث الديني، الذي لم تثبت صحته واعتباره، بل ربما كان مندرجاً في دائرة الموضوعات.[1]

ثانياً: إنّ ابتناء القضايا العلميّة على التجربة والاستقراء لا يجنبها الخطأ ولا يحفظها من الزلل، فقد تتغير المعطيات العلميّة من زمن لآخر ويتبين خطأها، وكثيراً ما يبدل العلماء التجريبيون آراءهم ويكتشفون خطأ النظريات السابقة، وفي المقابل فإنّ ابتناء المفاهيم الدينية على أساس الوحي لا يعدُّ نقصاً ولا عيباً فيها، فإنّ الوحي المستند في حجيته إلى العقل يمثل حجةً ساطعة على الإنسان، ولا يسوغ لأحد إنكاره جملةً وتفصيلاً لمجرد بعض التشويش أو عدم قدرته على الجمع بين معطيات النص الدينية ومعطيات العلم.



[1] أنظر للتوسع حول هذه النقطة وبعض النماذج ذات الصلة: كتاب أصول الاجتهاد الكلامي ص 364.

 

س » هناك أشخاص يشعرون بالنفور من الأحكام الإسلامية، ما هو تكليفنا تجاه هؤلاء الذي ينفرون من الدين؟
ج »

بد من دراسة المسألة بدقة، ويوجد في الجواب حالتان:

الأولى: تارة يكون النفور والانزجار ناشئًا عن التطبيق الخاطئ أو الممارسات الخاطئة لدى بعض المسلمين والتي يلبسونها لباس الإسلام، وهذا ما يبعث على نفور المسلمين فضلًا عن غيرهم. فيكون من واجبنا في هذه الحالة، أن نبيّن للآخرين – مسلمين أو غير مسلمين – أن هذا التطبيق وتلك الممارسات لا تمت إلى الإسلام بصلة، وأنه لا يمكن تحميل الإسلام وزر ما يرتكبه بعض المسلمين. كما لا يمكننا تحميل اليهودية – مثلا -  كـدين ونص وزر ما يرتكبه الصهاينة في فلسطين.

 

وصحيح أن بعض المسلمين قد يرى شرعية الممارسة التي يقدم عليها كالتطبير مثلا، بيد أن من واجبه أن يدرس تأثير هذا العمل على المتلقي والمشاهد، فإذا كان التأثير سلبيًا وموجبًا لتشويه صورة المذهب، فلا بد من ترك هذا العمل، لا سيما أنه ليس من الشعائر المنصوصة ولا من الواجبات الدينية؛ وذلك لأن توهين الدين أو المذهب هو من الأمور التي يجب اجتنابها حتمًا، ويجب مراعاتها أكثر من مراعاة نزعاتنا وأهوائنا الخاصة.

 

 الثانية: وتارة أخرى يكون الأمر ناشئًا عن سوء فهم للفتوى الدينية، وذلك بفعل التربية التي يعيشها الإنسان والتي قد تجعله يرى الحق باطلًا أو بالعكس، من قبيل أن الكثير من الغربيين الذين لم يألفوا الحجاب، وإنما عاشوا في مجتمع يحكمه السفور لدى المرأة، فقد يستوحش أو يستنكر أحدهم عندما يرى امرأة محجبة. ففي مثل هذه الحالة يكون من واجبنا أن نلفت نظر هؤلاء إلى فلسفة الأحكام التشريعية وأبعادها المختلفة بما قد يساهم في رفع الوحشة المذكورة.

س » أحيانا شخص يريد الزواج، فيستخير خيرة ولا تكون جيدة، ثم يعتذر من أهل العروس بحجة أن الخيرة لم تكن جيدة، وهذا ما يدفع الآخرين إلى الاستهزاء به وبالدين أيضًا. ألا يحرم مثل هذا التصرف؟؟
ج »

أولا: هذا الأمر يتصل بأسلوب تقديم المفاهيم الإسلامية إلى الآخرين ممن لا يملكون ثقافة هذه المفاهيم أو لا يؤمنون بها. وفي هذه الحالات علينا ولا سيما عندما لا تكون المسألة على صلة بالمفاهيم الدينية الأساسية، أن نتحلى بالحكمة والمرونة على قاعدة "نحن معاشر الأنبياء أُمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم".

ثانيا: فيما يتصل بالموقف الشرعي من القضية يمكن القول إن استناد الشخص إلى استخارة لتبرير تغير رأيه أمام الآخرين ممن لا يفهمون حقيقة الاستخارة، ولا يفهمون فلسفتها بحيث يلزم من ذلك استهزاؤهم بالدين أو بالجماعة المؤمنة هو تصرف لا يخلو من إشكال شرعي مع علم الشخص بردة فعلهم، وذلك للعنوان الثانوي القاضي بلزوم اجتناب ما يؤدي إلى هتك الدين والمذهب وهذا أمر على طبق القاعدة ولها الكثير من الأمثلة الفقهية.

ولنا بحث مفصل عن الخيرة، في كتاب تحت المجهر ومفاهيم ومعتقدات  http://www.al-khechin.com/article/357

س » السلام عليكم، إن القرآن الكريم لم يستخدم كلمة "مطر" إلا بالعقاب فقط، لذا من الخطأ أن ندعو الله تعالى بأن ينزل علينا المطر، بل ندعوه أن ينزل علينا الغيث. ما رأيكم؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، متابعة جيدة للمصطلحات القرآنية، ولكن لدي تعليقان:

الأول: إن الآية 24 من سورة الأحقاف، فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ لم تستخدم لفظ المطر بالعقاب؛ لأن القوم لما رأوا العارض فكأنهم استبشروا، وقالوا هذا عارض ممطرنا، لكن الله سبحانه وتعالى أجابهم وقال: إن هذا ريح عذاب أليم، ولم يستخدم لفظ المطر. أضف إلى ذلك إلى أنه قد وردت كلمة "مطر" على لسان النبي (ص) والأئمة (ع) بمعنى الماء النازل من السماء والذي كله خير للعباد، كما يتضح لمن راجع الأحاديث الكثيرة منها: "إذا كذب الولاة حُبس المطر".

الثاني: بصرف النظر عمّا ذكرناه في الملاحظة الأولى، فإن المسألة هي استعمالات لفظية، واللغة متحركة؛ فرب كلمة كانت تُستعمل في السابق لكنها هُجرت، وقد يكون الأمر بالعكس. ومن يدعو الله تعالى أن ينزل المطر، فهو يقصد المعنى الإيجابي والخير الذي يحمله ماء السماء؛ لذا فلا داعي للتحذير والتخويف من استخدام هذه الكلمة "المطر" في أدعيتنا لأن الله يعاملنا على نوايانا وقصدنا، وليس على معنى الكلمة في حد ذاته.

نعم، نحن نشجع دائمًا على استعمال المصطلحات القرآنية وإشاعتها في خطاباتنا..

س » السلام عليكم دكتور، احتاج الى تعريفكم لمصطلح الارهاب الفكري؟ 169
ج »

وعليكم السلام، يمكن تعريف الإرهاب الفكري بأنه عبارة عن أسلوب غير علمي، ولا يعتمد على برهان أو حجة في مواجهة الآخر، وإنما يعتمد على التهويل بسطوة العلم أو سطوة الدين ليتهم الآخر بأنه إنسان متخلف وغير متحضر أو إنسان منحرف عقائديًا، وذلك في محاولة لإسكات الآخرين وإفحامهم بدل السعي إلى إقناعهم وإفهامهم. ومع الأسف، فإن الكثير من الناس من المتديينين تراهم يعيشون سطوة هذا الإرهاب الفكري، فيخافون من إبداء آرائهم أو إظهار معتقداتهم حتى لا يتم رميهم بشتى أنواع التهم..

س » هل للحيوان الغير ناطق روح و نفس او فقط عنده نفس، أرجو توضيح ذلك، وفقكم الله لكل خير ؟ 173
ج »

إن الروح التي يحدثنا عنها القرآن الكريم إنما تسكن جسد الإنسان فقط. فالإنسان نفخة من روح الله تعالى بالإضافة إلى كونه قبضة من طين. قال تعالى إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ فهذه الروح لا وجود لها في الحيوان وبها ميز الإنسان عن الحيوان. وعليه، فما هو موجود في الحيوان هو نفس تخلق فيه الحياة، وإذا أردت أن تسميها روحا، فلا مشاحة في الاصطلاح، ولكنها ليست بمثابة الروح الإنسانية.

س » ما الفرق بين قوله تعالى " فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ" و" فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"؟ 177
ج »

إنّ قوله تعالى  فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ عام، ولا يختص بالمسلمين والمؤمنين، وكأنّ في الآية دعوة إلى أنّ من كان في الناس متوكلًا على أحد، فليتوكل على الله تعالى دون سواه، فهو سبحانه معقد الآمال ومحقق الأحلام.

أما قوله تعالى فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فهي خاصة بخصوص المؤمنين، فتكون واردة على طريقة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ، فإن من الطبيعي أنّ الإنسان لو كان مؤمنًا حق الإيمان، فإيمانه سيدفعه إلى التوكل على الله تعالى دون سواه.

باختصار، الفرق بين الآيتين، هو في العموم والخصوص. واختلاف التعبير يرتبط بالسياق القرآني الذي وردت فيه الآية بأحد تعبيريها.

س » هل يوجد روايات تحدد اسم والدة المهدي (عج)، أو كونها حرة أم أمة؟ 180
ج »

الروايات التي تتحدث عن والدة الإمام المهدي (عج) مختلفة جدا، في عدة نقاط:

أولا: في أنّها أمة أم حرة؛ وإن كان المعروف والمشهور أنها أمة، حتى ورد في بعض الحديث عن أمير المؤمنين (ع): "بأبي ابن خيرة الإماء" في إشراة إلى الإمام المهدي (عج).

ثانيا: واختلفت الروايات في اسمها، في أنها نرجس كما ورد في بعض المصادر، أم صيقل أم مليكة بنت يشوعة أم سوسن كما في خبر آخر.

ثالثا: هل كانت من جواري حكيمة وأهدتها إلى الإمام العسكري (ع) كما يظهر في "إثبات الوصية" للمسعودي، ومن "إكمال الدين" للشيخ الصدوق أم أنّها من أُسَراء الروم اشتراها الإمام الهادي (ع) كما مال إليه الشيخ الصدوق والذي ذكر في كتابه "إكمال الدين وإتمام النعمة" بابًا بعنوان: ما رُوي في نرجس أمّ القائم واسمها مليكة ابنة قيصر الملك. ويُفهم هذا القول أيضًا من الشيخ المفيد. وقد استظهر المحقق التستري في كتابه "تواريخ النبي والآل" القول الأول، أي أنها كانت من جواري حكيمة أهدتها للإمام العسكري (ع)؛ وإن كان لقائل أن يقول: لا تنافٍ بين كونها جارية لحكيمة وبين كونها ابنة ملك الروم.

س » برز لدينا اتجاه يربط كل صراعات المنطقة بظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) وليس ذلك ببعيد عن الله تعالى، ولكن هل الركون والإكتفاء بالتفرج هو الحل ؟ وطبعا فكرة ظهور الإمام أصبحت أفيون يخدر الناس عن العمل ما رأيكم ؟
ج »
إننا ندعو الله تعالى أن يكون الفرج قريباً، ولكن أعتقد أنّ إسقاط علامات الظهور على واقعنا هي مسألة لا تملك من عناصر الوثوق والاطمئنان ما يكفي، ولهذا ندعو إلى الحذر الشديد إزاء ذلك، والاحتمال وإن كان وارداً، ولكن ليس من الصحيح ربط حركتنا ومشاريعنا على أساس الاحتمالات،  فضلاً عن التراخي في القيام بوظيفتنا وواجباتنا بحجة انتظار ظهور الإمام(ع)، إذ ما الذي يدرينا أن يتأخر ظهوره ظهوره مئات السنين، وهل يستطيع أحد أن يدعي أنه يملك ذلك؟!.
ومما يؤسف له بأنّ القراءة الإسقاطية لعلامات الظهور والتي تربط العلامات الواردة في الروايات بواقعنا وبالراهن من الأحداث هي قراءة  تتضمن العديد من الثغرات، فهي من جهة لا تخلو من شائبة التوقيت المنهي عنه، ومن جهة أخرى فإنّ لها تأثيرات سلبية على الواقع الإسلامي الشيعي والذي قد تخدره تلك الفكرة عندما تطرح بشكل غير صحيح، وتشله عن الحركة والتغيير، وقد تبعث على اليأس في النفوس وتشكك البعض بالعقيدة المهدوية نفسها، لأنه مع مرور الوقت وتبيّن خطأ القراءة الإسقاطية فإن ذلك قد يبعث  على التشكيك في العقيدة ذاتها، كما لاحظنا ذلك في فترات سابقة وفي أحداث معينة، ولهذا فالأجدى أن نقوم بواجبنا الملقى على عاتقنا وأن ننشغل بما تكليفنا من الاستعداد لنكون جنود الحق وأنصاره، بدل هذا الانشغال بما لن يضرنا عدم معرفته شيئاً .
س » هناك بعض الخطباء يصورون اﻹمام الحسين(ع) في يوم عاشوراء كأنه شخص منكسر امام الاعداء لغرض البكاء الحضور تحت المنبر.ﻻيصورون هدف ثورته العظيمة التي ملأت العالم بالحرية. مارأيك بهؤلاء شيخنا؟
ج »

لعل من الأخطاء الفادحة التي يرتكبها البعض هي تقديم صورة عن الإمام الحسين(ع) بهذه الطريقة الهزيلة المذلة، أو تقديم السيدة زينب بصورة المرأة الضعيفة الباكية النادبة، وذلك بهدف إدرار الدمعة وإثارة العاطفة، مع أنّ هذه الغاية لا تبرر استخدام تلك الوسيلة، ولا نحتاج في إثارة العاطفة إلى أكثر من قراءة السيرة الواقعية دون إضافة عليها، وفي السيرة الواقعية والثابتة والمروية في المصادر المعتبرة ما يكفي لتحريك عاطفة كل إنسان سوي، وإنّ الصورة الحقيقية للإمام(ع) هي صورة ذاك الإنسان الشجاع ذي العزيمة والإرادة القوية، والذي يصوره بعض أعدائه بقوله:  "والله ما رأيت مكثوراً قط قد قتل أهل بيته وولده أربط جأشاً من الحسين (ع) ".

س » ما رأيكم فيما يُعرف عن كذبة نيسان ؟ هل يجوز الكذب في أول نيسان إذا كان بغرض المزاح والفكاهة ؟
ج »

 إن المزاح جائز شرعاً إلا أن استخدام الكذب في المزاح لا يجوز ، في الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : " لا يصلح الكذب في جد ولا هزل ، ولا أن يعد أحدكم صبيّه ثم لا يفي له .." ولا سيّما أن هذا الكذب ولو كان مزاحا قد تترتب عليه بعض المفاسد ويربك بعض أوضاع الناس ويوتّر اعصابهم ويقلق راحتهم ، ولهذا فمن اللازم اجتنابه .

س » إذا كان المشرع الإسلامي قد أمرنا بإزالة بعض الشعر من جسدنا فلماذا خلقه على أجسادنا ؟
ج »

ان طبيعة تكوين الانسان تفرض أن تخرج من جسده بعض الزوائد كالاظفار أوالشعر في بعض المواضع من جسده ، ووجود هذه الامور ليس عيبا فيه ، فلقد خلق الله الانسان في احسن تقويم ، وإن للشعر أو للظفر وظائف تكوينية وجمالية ، بل إن عدم وجودها هو الذي يشكل عيبا في الانسان ، لكن هذه الاشياء اذا طالت وزادت عن حدها بحكم النمو الذي تفرضه حياة الجسد فإنها قد تغدو منفرة ، كأظافر الانسان التي قد تطول كثيرا ، او كشعر شاربيه الذي قد يغطي فمه اذا تركه ، ولهذا دعانا الاسلام الى تقليلها وتهذيبها حفاظا على جمال الانسان ونظافته واناقته 

س » السلام عليكم، جرى حوار بيني وبين أحدهم حول موضوع الكرامات، وقد كان رأيي: بأنه طالما لم يثبت لي صدق أو كذب الكرامة، وذلك بسبب عدم المقدرة من التثبت من صحة تلك الكرامة.. تبقى تلك الكرامة في دائرة الإمكان، فلا أقبلها ولا أنفيها.ما رأيكم؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إنّ موقفك هذا هو الأقرب للصواب، لأنّه كما يحتاج الإثبات إلى حجة، فإنّ النفي يحتاج إلى حجة ودليل. وعليه، حيث لم ينهض بينة على أحد الطرفين (النفي والإثبات) فيكون وضع المسألة في دائرة الإمكان هو ما يقتضيه العقل والمنطق، ولكن شريطة عدم الترويج للمسألة أو طرحها وكأنّها حقيقة ثابتة. وبالتالي فموقفك الحيادي لا يكون مساهمة في نشر الخزعبلات.

س » • هناك تسميات للمواليد في بلاد الهند تحمل أسماء غريبة مثل كلب علي أو كلب حسين فما رأيكم بذلك؟ وما رأيكم بأسماء مثل عبد الحسن عبد الحسين عبدة الزهرة فقد سمعت شيخاً وهابياً يقول هذا شرك وكفر؟
ج »

هناك تسميات للمواليد في بلاد الهند تحمل أسماء غريبة مثل كلب علي أو كلب حسين فما رأيكم بذلك؟ وما رأيكم بأسماء مثل عبد الحسن عبد الحسين عبدة

الزهرة فقد سمعت شيخاً وهابياً يقول هذا شرك وكفر؟

  

موضوع التسميات موضوع مهم وحساس وقد بحثناه بشكل مفصل في بحث مستقل - راجع كتاب"حقوق الطفل في الإسلام" - ولكن فيما يتصل بسؤالكم

أحب أن أشير إلى النقاط التالية:

 

- في الأدب الإسلامي وفي المنظومة الحقوقية الأخلاقية ليس من حقّ الوالد أن يختار لابنه الاسم الذي يريده حتى لو كان قبيحاً وسيئاً؛ كما في  تسمية

الطفل باسم "ظالم" "غاصب"أو غيرها من التسميات التي ، ففي الحديث الشريف: "من حق الولد على والده أن يحسن اسمه". أجل، ليس الأب مقيداً

بلائحة خاصة من الأسماء ولا يجوز تخطها، فله أن يبتكر اسماً جديداً لابنه أو ابنته، وإن كان من المستحب له – كما تدل عليه الروايات - أن يختار

التسميات التي تظهر انتمائه إلى الدين وعبوديته لله تعالى كـاسم "عبد الله" ونظائره.  وكذلك الأسماء التي تظهر انتمائه إلى رموز هذا الدين من قبيل أسماء

"محمد" "علي" "الحسن" "الحسين" و "فاطمة" ..

 

 - وفي ضوء ذلك يتضح أنّ أسماء مثل "كلب علي" أو "حمار علي" أو "كلب الحسين" ليست مصداقاً للاسم الحسن الذي أمر به الحديث الشريف، بل إنّها

توحي بالتوهين والتحقير، والله تعالى يريد للمسلم أن يكون عزيزاً كريماً {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} [المنافقون 8]، وحبّ الإنسان لأهل البيت (ع)

لا ينبغي أن يدفعه إلى المغالاة في التسمية أو في غيرها، بأن يسمي نفسه أو ابنه باسم يوحي بالمهانة والذل أو القبح ، ونحن نعلم أنّ مخاطبة الآخر بعبارة

"يا كلب" "يا حمار" هي من مصاديق السب المحرم في الفقه الإسلامي، وإضافة الكلب إلى علي (ع) في الاسم حيث يقال" كلب علي" لا تخرج كلمة

الكلب عن دلالتها التوهينية عندما تطلق على الإنسان، كما في نسبتها أو غيرها إلى الله تعالى بأن يقال: "كلب الله" أو "حمار الله".. وما نسب إلى الشاعر

ابن الحجاج أنّه أوصى أن يكتب على قبره {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} [الكهف ] لا يمثل حجة في هذا المجال، كما أنّه لا يرتبط بالتسمية، على أنّ

بعض التفاسير تذهب إلى أن كلب أهل الكهف كان أسداً وإن كان خلاف الظاهر. وقد كان بعض العرب في الجاهلية يسمون أمثال هذه التسميات "كليب،

جرو"، لكن الأدب الإسلامي نسخ الكثير من تسميات الجاهلية، ودعا إلى اختيار الاسم الحسن للوليد. وإننا نلاحظ أنه غالبا ًما تطلق هذه التسميات ( كلب

علي ، كلب الحسين) في البلدان المحمومة بالأجواء المذهبية والعصبية كباكستان أو غيرها، فقد تكون ردّة فعل على الآخر الذي يناصب هذه الجماعة

العداء على خلفية مذهبية ضيقة، ولعله لهذا لم نجد من يسمي باسم باسم "كلب محمد" مثلاً، وإنما تقتصر التسمية على إضافة لفظة " كلب" إلى أحد أئمة

 

أهل البيت_ع)، ومن هنا فإنّنا ندعو إلى ترك أمثال هذه الأسماء، ولا سيما أنّ أهل البيت (ع) لا يريدون لعلاقة المؤمنين بهم أن تكون كعلاقة الكلب

بصاحبه ، بل أن تكون علاقة الإنسان الذي كرمه الله وجعله خليفته في الأرض بمثله الأعلى وقدوته في الحياة الدنيا..

 

- فيما يتصل بالأسماء التي تتضمن لفظ "عبد" منسوباً لغير الله، لا بدّ أن نقول في بادئ الأمر أنّ هذه التسميات - وخلافاً لما يقوله أتباع الخط السلفي

الوهابي - لا تمثل شركاً بالله، لأنّ العبودية هنا لا يراد منها عبودية العبادة نظير عبادة المخلوق لخالقه، وإنما عبودية الخدمة والطاعة ،  ولذا لا يعتقد أحد

ممن يسمي بهذه الأسماء أنه أو ابنه عبد حقيقي للحسين أو لعلي عليهما السلام ،. بيدّ أنّ هذه التسميات التي يندفع البعض إليها - تعبيرا عن حبه لأهل البيت

(ع) وربما يتوهم أنّها مستحبة - لم ترد في الروايات ولم نجد أنّ أحداً من الأئمة (ع) سمى بهذه الأسماء ولا نجد أيضاً أحداً من  أصحاب الأئمة (ع) على

كثرتهم  قد سمّى بهذه الأسماء، كما أن الفقهاء لم يدرجوها في عداد الأسماء المستحبة. وإنما الأسماء المشتملة على لفظ العبودية التي حثّت الروايات عليها

هي ما تتضمن العبودية لله سبحانه، كعبد الله أو عبد الكريم..

س » السلام عليكم سماحة الشيخ ماذا تقول بالروايات التي تنقل ان النبي(ص) توفي مسموما وهل هذه الروايات متفق عليها بين المسلمين؟
ج »

أولاً: إن كيفية موت النبي (ص) أو الإمام (ع) وهل أنه مات مسموماً أو مقتولاً أو مات بانقضاء الأجل الذي كتبه الله له هي من المسائل التاريخية التي يرجع فيها إلى المصادر التاريخية والحديثية، وليست هي من القضايا العقدية التي يجب الإيمان بها وعقد القلب عليها ، ولا يترتب على إنكارها ما يترتب على إنكار القضايا العقدية. ثانياً: بالرجوع إلى المصادر التاريخية وكتب الأخبار فإننا نجد روايات مستفيضة تتحدث عن أن رسول الله (ص) قد تعرض يوم خيبر لعملية اغتيال من قبل امرأة يهودية، حيث عمدت إلى دسّ السم في الشاة وأهدتها إليه فأكل منها، وهذا المعنى مروي من طرق الفريقين: أما السنة، فقد روا عدة أحاديث في هذا المجال، منها ما روي عن أنس ابن مالك:" أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وآله سلم بشاة مسمومة فأكل منها، فجئ بها ( أي بالمرأة) فقيل: ألا نقتلها؟ قال(ص): لا، قال ( أنس): فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله(ص)" ( رواها البخاري ومسلم وأحمد وأبي داوود وغيرهم في الصحاح) ومراد أنس بقوله: " فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله(ص)" أنّ النبي (ص) كان يعتريه المرض من تلك الأكلة بين الفينة والأخرى، فأنس يرى أنّ تلك الأكلة المسمومة بقي أثرها في جسد النبي (ص) حتى قضى نحبه وارتفع إلى الله تعالى.، وهذا ما تدلّ عليه رواية أخرى عن النبي نفسه، فقد روي أنه (ص) " قال في وجعه الذي مات فيه : "ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت بخيبر، فهذا أوان قطعت أبهري" .( سنن أبي داوود ج 2 ص 370). والأبهر : "عرق في الظهر ، وقيل : هو مستبطن القلب ، فإذا انقطع لم تبق معه حياة" ويبدو أنه (ص) كنى بذلك عن موته فكأنه قال: هذا أوان موتي. وأما الشيعة، فقد رووا عن الأئمة (ع) ما يؤكد هذا الأمر، ففي الحديث الذي رواه الكليني في الكافي بسنده عن ابن القداح ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمت اليهودية النبي صلى الله عليه وآله في ذراع وكان النبي صلى الله عليه وآله يحب الذراع والكتف.." ( الكافي ج 6 ص 315، وروى نظيره في بصائر الدرجات ص 523).

س » نرجو منكم الإجابة عن سبب عدم رفع الأذان بصوت الرسول الاكرم، وهل هنالك سبب ؟
ج »

إذا كان مقصودكم أنّه لماذا لم يكن النبي (ص) يرفع الأذان في صلاة الجمعة أو غيرها، وإنما كان يتولاه بعض أصحابه كـ بلال الحبشي، فجوابنا على ذلك:

أولا: ليس لدينا ما يثبت أن النبي لم يكن يرفع الأذان بنفسه، في كل تلك المرحلة التي عاشها مع المسلمين، فلربما رفعه (ص) في بعض المرات ولم يصلنا ذلك.

ثانيا: إن تكليفه (ص) لبعض أصحابه برفع الأذان، فيه تشجيع لهم، وتعبير عن الثقة بهم. وربما هناك أسباب أخرى تتصل بقوة الصوت لدى بعض الصحابة ممن كانوا يُختارون لهذه المهمة سعيًا لبلوغ الأذان إلى أكبر عدد ممكن من المسلمين.

س » في حقيقة الأمر أعاني من مشاكل مع زوجتي، فهي عندما تكون في حالة غضب، توجه لي كلاماً مهينا، هي تعمل كما انا وتساهم بجزء بسيط في مصروف البيت ومن جهتي انا اساعدها في الأعمال المنزلية والاهتمام بولدنا قدر المستطاع ولكنها تطلب اكثر. ماذا عساي ان افعل?
ج »

إن الحياة الزوجية لا بد أن تبنى على أساس الاحترام المتبادل، وأن تكون الزوجة سكنًا لزوجها، وبالعكس، كما قال تعالى: هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ وعندما تخرج الحياة الزوجية عن هذه القاعدة، فإن ذلك يشكل خطوة إلى انهيارها لا سمح الله, ويفترض بالزوجين أن يتجاوزا الكثير من مزاجهما الشخصي لصالح حفظ البناء الزوجي والذي يبن بناء في الإسلام أحب إلى الله منه. وفي خصوص ما طرحته من مشكلة، فإننا ننصحك باعتماد الخطوات التالية، بالترتيب:

أولا: اعتماد أسلوب الموعظة الحسنة معها، وتذكيرها بحق الزوج وأهمية الحفاظ على بقاء الأسرة متماسكة.

ثانيا: الاستعانة ببعض الذين ينتلكون تأثيرًا معنويًا على الزوجة، ولا سيما من أقاربها كأبيها وأخيها، وذلك بالطلب إليهم أن يتدخلوا باللطف لوعظها وإرشادها.

ثالثا: في حال لم تفلح الخطوتان الأولى والثانية، فيمكن اللجوء إلى أسلوب الضغط المعنوي، وذلك من خلال العمل بما ورد في قوله تعالى وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ فعسى أن يشكل ذلك عاملا مساعدا في إيقاذها. والله ولي التوفيق

س » لقد قرأت في كتابكم (إليك يا ابنتي) أن الأسود لم يكن لون اللباس الرسمي في عهد النبي، ولكن كثيرا ما نسمع الناس يقولون عن العباءة السوداء أنها عباءة الزهراء (ع) أو يسمونها العباءة الزينبية، فهل هذا صحيح؟
ج »

لم يثبت صحة هذا الأمر، أعني كون لباس السيدة الزهراء أو زينب (عليهما السلام) هو السواد؛ ولذا ورد في بعض الروايات أنه على إثر فاجعة كربلاء، لبست الفاطميات السواد، وهذا يعني أنهنّ لم يكنّ ملتزمات بلبس السواد، ولا يستفاد من لبسهن للسواد بعد كربلاء أنهن ظللن ملتزمات باللون الأسود طوال العمر. وما يُسوق له في بعض الأوساط بعنوان أنّ العباءة الزينبية المتداولة اليوم هي لباس زينب أو الزهراء (عليهما السلام)، فهو غير ثابت، ونخشى أن ينطلق أحيانًا من بعض الاعتبارات التجارية، مع جزمنا من أن السيدتين الزهراء وزينب (عليهما السلام) كانتا ترتديان لباس العفاف والحشمة على أفضل ما يكون.

س » بعض المشايخ تقول إن الملائكة مكلفون بتحريك الرياح وانزال المطر، لكن علمي واطلاعي ودراستي تثبت أن ذلك ليس له علاقة بالملائكة، ولكن له علاقة بالعلوم الطبيعة كالفرق في درجات الحرارة والضغط الجوي، ما رأيكم؟
ج »

وفي الإجابة عن سؤالكم:

 

أولا: المستفاد من الآيات القرآنية هو نسبة هذه الأمور إلى الله سبحانه وليس إلى الملائكة قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وقال تعالى: وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ وقال تعالى: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ، وكذا الحال في إنزال المطر وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا. هناك آية قرآنية تجمع بين إنزال المار وتحريك الرياح معا، وتنسبهما إلى الله تعالى وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ..

 

ونسبة الأمور إلى الله تعالى لا تنافي أنها تعتمد على أسباب مباشرة من قبيل الفرق في الدرجات الحرارة والضغط الجوي.. فالله بما أنه مسبب هذه القوانين، فهو ينسب الأشياء والأفعال إليه بهذا الاعتبار بشكل مباشر.

 

وما ورد في بعض الآيات القرآنية من قبيل قوله وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا والتي قد يفسرها البعض بالملائكة وأنها تقوم بدور إرسال الرياح، فهذا تفسير لا مستند له، لأن ثمة وجهًا آخر قيبًا في تفسيرها، وأن المقصود من الناشرات هي الرياح نفسها، ولا ينكر أحد دور الرياح في مسألة المطر.

 

ثانيا: أما الأخبار، فقد ورد فيها نسبة هذه الأفعال إلى "الملائكة". وهذه الأخبار – لو صحت سندا – فإن البعض قد يفسرها بما لا يتنافى مع وجود علل تكوينية لهذه الظواهر، وذلك بحمل الملائكة على معنى رمزي للدلالة على هذه العلل التكوينية، أو أن يُقال بأن ثمة ملكًا يقف وراء هذه الظاهرة بأجمعها في أسبابها ومسبباتها أو له دور ما على هذا الصعيد ما برر نسبة الفعل إليه في الروايات.

س » السلام عليكم، لماذا لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير المسلم؟
ج »

 يمكن أن يُذكر في المقام عدة أسباب، منها:

أولا: حفظ إسلام المرأة على اعتبار أن المرأة غالبًا تتبع زوجها، وقد رأينا في تجارب زواج المرأة بغير المسلم ما يؤكد هذا المعنى، أعني انقلاب الزوجة عن دينها إلى دين زوجها.

ثانيا: إن غير المسلم قد لا يحترم عقائد المسلمين، ولا يهتم بشعائرهم وعباداتهم، الأمر الذي قد يجعله يسيء إلى عقائد زوجته ولو بدون قصد، أو يتعمد الاستهزاء بالمسلمين وعقائدهم، والاستخفاف بشعائرهم، وهو ما يؤذي زوجته بطبيعة الحال. وعلى سبيل المثال، لو أراد الزوج غير المسلم أن يشرب الخمر أمام زوجته، وهى تى في دينها حرمة شرب الخمر وحرمة الجلوس على مائدة يُشرب عليها الخمر، ما يفرض عليها ترك هذا المجلس؛ الأمر الذي قد يخلق مشاكل كثيرة بينها وبين زوجها، وهكذا..

ثالثا: إن من مسؤولية الأم المسلمة أن تعلّم أبناءها وتنشئهم على العقائد الإسلامية الصحيحة، فماذا تفعل لو أراد زوجها أن ينشئهم على عقائده الخاصة به ؟! إلى غير ذلك من المبررات التي تجعل فكرة زواج المسلمة بغير المسلم غير موفقة، ولن تصل إلى نتائج سعيدة.

س » السلام عليكم، ما هو الدليل على أنّ ما جاء به النبي محمد هو وحي من السماء؟
ج »

وعليكم السلام، هناك عدة أدلة يمكن أن تُذكر على هذا الصعيد، وسأكتفي بذكر واحدٍ منها، هو:

إنّ التأمل فيما جاء به النبي (ص) من منظومة معرفية متعددة الأبعاد والجوانب، يجعلنا نقطع بأن مصدر هذه المعرفة هو من عند الله تعالى وليس مستمدًا من مناشئ وعوامل بشرية.

س » الأول: من هو عزير الذي ورد اسمه في القرآن الكريم؟ الثاني: هل قال اليهود ببنوة العزير لله تعالى؟
ج »

أما النقطة الأولى، فقد ورد اسم العزير في القرآن الكريم، قال تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قتلهم الله أنى يؤفكون } [ ] والعزير هذا كما تذكر المصادر الإسلامية هو الذي أحيا التوراة ونشرها بين اليهود، ففي الحديث عن محاججة الرسول (ص) لقوم من اليهود، قال لهم: ":أجئتموني لأقبل قولكم بغير حجة ؟ قالوا : لا ، قال : فما الذي دعاكم إلى القول بأن عزيرا ابن الله ؟ قالوا : لأنه أحيا لبني إسرائيل التوراة بعد ما ذهبت ، ولم يفعل بها هذا إلا لأنه ابنه . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : فكيف صار عزير ابن الله دون موسى وهو الذي جاءهم بالتوراة ورئي منه من المعجزات ما قد علمتم ؟ فإن كان عزير ابن الله لما أظهر من الكرامة بإحياء التوراة فلقد كان موسى بالبنوة أحق وأولى ، ولئن كان هذا المقدار من إكرامه لعزير يوجب أنه ابنه فأضعاف هذه الكرامة لموسى توجب له منزلة أجل من البنوة ، وإن كنتم إنما تريدون ( 1 ) بالبنوة الولادة على سبيل ما تشاهدونه في دنياكم هذه من ولادة الأمهات الأولاد بوطي آبائهم لهن فقد كفرتم بالله وشبهتموه بخلقه ، وأوجبتم فيه صفات المحدثين ، ووجب عندكم أن يكون محدثا مخلوقا ، وأن يكون له خالق صنعه وابتدعه ، قالوا : لسنا نعني هذا ، فإن هذا كفر كما ذكرت ،ولكنا نعني أنه ابنه على معنى الكرامة وإن لم يكن هناك ولادة ، كما يقول بعض علمائنا لمن يريد إكرامه وإبانته بالمنزلة ( 2 ) عن غيره : يا بني ، وإنه ابني ، لا على إثبات ولادته منه ، لأنه قد يقول ذلك لمن هو أجنبي لانسب بينه وبينه ، وكذلك لما فعل الله بعزير ما فعل كان قد اتخذه ابنا على الكرامة لا على الولادة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : فهذا ما قلته لكم : إنه إن وجب على هذا الوجه أن يكون عزير ابنه فإن هذه المنزلة لموسى أولى". (أنظر بحار الأنوار ج 9 ص 258) ، والظاهر أن العزير هو من تسميه المصادر اليهودية (عزرا) قال الشيخ محمد رشيد رضا:" والظاهر أن يهود العرب هم الذين صغروا بالصيغة العربية للتحبيب وصرفوه ، وعنهم أخذ المسلمون ، والتصرف في أسماء الأعلام المنقولة من لغة إلى أخرى معروف عند جميع الأمم ، حتى إن اسم " يسوع " قلبته العرب فقالت " عيسى " وهو كما في أول الفصل السابع من السفر المعروف باسمه عزرا بن سرايا بن عزريا بن حلقيا - وساق نسبه إلى العازار بن هارون (عليه السلام )." وأضاف الشيخ رضا :" جاء في دائرة المعارف اليهودية الإنكليزية ( طبعة 1903 ) أن عصر عزرا هو ربيع التاريخ الملي لليهودية الذي تفتحت فيه أزهاره وعبق شذا ورده . وأنه جدير بأن يكون هو نشر الشريعة ( وفي الأصل عربة أو مركبة الشريعة ) لو لم يكن جاء بها موسى ( التلمود ، 21 ب ) فقد كانت نسيت ولكن عزرا أعادها أو أحياها ، ولولا خطايا بني إسرائيل لاستطاعوا رؤية الآيات ( المعجزات ) كما رأوها في عهد موسى اهـ . وذكر فيها أنه كتب الشريعة بالحروف الأشورية وكان يضع علامة على الكلمات التي يشك فيها - وأن مبدأ التاريخ اليهودي يرجع إلى عهده ."، فالعزير أو (عزرا) اسم معروف وله دوره هام في تاريخ اليهود. ويرد اسم عزير في المصادر الدينية الإسلامية وذلك في تفسير قوله تعالى : { أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مئة عام ثم بعثه..}، حيث تقول بعض التفاسير أن اسم هذا الشخص هو عزير، والظاهر أنه ليس هو العزير الذي زعم بعض اليهود أنه ابن الله، لأن هذا الذي مرّ على قرية هو بحسب ما تقول الرواية من أنطاكية، ( أنظر: دلائل الإمامة للطبري ص 239).وفي روايات أخرى أن الذي مرّ على القرية اسمه ( إرميا)، ويقول الشيخ المفيد: " وأهل الكتاب يزعمون أنه نبي الله تعالى" ( أنظر الفصول العشرة ص 86) . 

أما النقطة الثانية: فربما وجه في المقام اعتراض ومفاده: كيف أخبر الله عن اليهود بأنهم يقولون عزير ابن الله واليهود تنكر هذا ؟ !  

وقد أجاب أهل التفسير عن ذلك، فقال الشيخ الطوسي: "إنما اخبر الله بذلك عنهم ، لان منهم من كان يذهب إليه ، والدليل على ذلك ان اليهود في وقت ما انزل الله القرآن سمعت هذه الآية فلم تنكرها . وهو كقولك : الخوارج تقول بتعذيب الأطفال ، وإنما يقول بذلك الأزارقة منهم خاصة .قال ابن عباس : القائل لذلك جماعة جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فقالوا له ذلك ، وهم سلام ابن مشكم ، ونعمان بن أوفى ، وشاس بن قيس ، ومالك بن الصيف ، فأنزل الله فيهم الآية " ( التبيان في تفسير القرآن ج 5 ص 205) .

س » ما رأيكم بالرجل الذي غرقت ابنته، ومنع الشباب من إنقاذها، بحجة حرمة اللمس؟؟ وألا يجب معاقبته؟؟
ج »

لا أعتقد أن المسألة تنتهي بمعاقبة هذا الأب، إذ علينا التساؤل عن السبب الذي دفع هذا الأب إلى مثل هذا التصرف، ومن الذي يضمن أن لا يرتكب الآخرون مثل هذا العمل الوحشي.
وربما يحصل مثل هذا القتل والوأد لفتيات كثيرات في عالمنا العربي والإسلامي دون أن يعرف بذلك أحد.
ولذا فالمسألة ليست مسألة فردية، وهي لا تعبر عن مشكلة سلوكية بقدر ما تعبر عن مشكلة ثقافية وتربوية. فنحن أمام ثقافة مشوهة يُراد لها أن تلبس لبوس الدين، والدين منها براء؛ إذ أي دين يمنع شبابًا دفعهم النبل والحس الإنساني أو "الواجب الشرعي" إلى إنقاذ فتاة تغرق في الماء؟
وكما أنه لا علاقة لسلوك الأب بالدين، فإنه لا علاقة له بالشرف أبدًا، لا من قريب، ولا من بعيد، وإنما هو تخلف وجاهلية.. أين منها الجاهلية القديمة!
وفي ضوء هذا، فإن هذا الأب ونظائره، وما أكثرهم، بحاجة إلى إعادة تأهيل، وإدخالهم في إصلاحيات ثقافية وتربوية تعلمهم معنى الإنسانية وعصمة النفس البشرية وأن َمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيْعً

س » إنّ الآية أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ واضحة أنّه يجب الرجوع إلى الله و الرسول فقط، أﻻ يعتبر هذا دليلا على عدم عصمة اﻷئمة؟ 174
ج »

وعليكم السلام، -أولا: إن أولي الأمر في الآية لا تختص بالأئمة (ع) – كما لا يبعد – بل هي شاملة لغيرهم أيضًا. وعليه، يتضح وجه الإرجاع في الآية عند حصول النزاع إلى خصوص الله والرسول؛ إذ لو تم الإرجاع إلى أولي الأمر مع أن ولي الأمر قد يكون غير معصوم، فهذا سيعطي لقوله حجية مطلقة، مع أن هذا ليس صحيحًا على إطلاقه، بل قد تجب مخالفة ولي الأمر غير المعصوم إذا انحرف عن الخط الشرعي. ثانيا: على فرض أن أولي الأمر في الآية هم خصوص الأئمة (ع)، فإن الإرجاع إلى الله والرسول عند التنازع ليس له مفهوم في نفي الإرجاع إلى غير الرسول، وإنما غاية ما في الأمر أن الآية ساكتة عن ذلك، فلا يصح أن نستنتج من ذلك عدم عصمة الأئمة، ولا سيما أنه قد يُقال أن الإرجاع إلى الرسول شامل للأئمة بناءً على ما ثبت أن قولهم هو قول الرسول وحديثهم هو حديث الرسول، فهم (ع) ليس لديهم شرعية غير الرسول (ص)، بل كل ما عندهم هو عن الرسول كما ورد عن الإمام جعفر (ع): إن حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث رسول الله (ص)"، فمن رجع إليهم فقد رجع إلى الرسول (ص).

س » في درس لأحد المشايخ عن العقائد الخاطئه ذكر المثل الشعبي :" الي مكتوب ما منو مهروب" واكد على عدم صحة المثل ..الى ان وصل الى الجبر وقال ان الانسان غير مجبور في عمله وان مشيئه الله تاتي بعد مشيئه الانسان وبعد الدرس قلت له: صحيح انه لا جبر ولكن لا تفويض
ج »

أختي العزيزة ، ما قاله الشيخ صحيح، وما قلته أنت صحيح أيضا، فالإنسان ليس مسيرا أومجبورا على أعماله ومواقفه ومتبنياته الفكرية، وإنما يفعل ذلك باختياره وأما مشيئة الله تعالى " وما تشاؤن إلا أن يشاء الله "فإنها تأتي عقيب مشيئة العبد، ولكن هذا في خصوص الأفعال الاختيارية للإنسان، لأنّ بعض الأمور لا دخل لنا بها فنحن لا نختارها وإنما نكتسبها بالوراثة أو الولادة من قبيل جنسنا ( ذكر أو أنثى ) أو لوننا ، كا أننا لا نختار آباءنا ولا أمهاتنا ..كما أن الله تعالى هو الذي أعطانا القوة والأعضاء التي نطيعه أو نعصيه بها، كما أنه أعطانا القدرة والحياة ومكننا من المعصية وقد كان باستطاعته أن يحول بيننا وبينها ، لكنه لم يفعل، لأنه يريدنا أن نطيعه باختيارنا ،كما نعصيه بإرادتنا، وهذا هو معنى نظرية الأمر بين الأمرين. فالفعل - طاعة كان أو معصية - يصدر منا وينتسب إلينا، ولكنه غي الوقت عينه ينتسب إلى الله تعالى لأنه مكننا منه وأعطانا القدرة عليه، ونحن لولا لطفه وفيضه الائم الذي لا ينقطع عنا آنا ما لما استطنا أن نفعل شيئا بل لكنا عدما ونسيا منسيا ، قال تعالى :" وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى "

س » أود الاستفسار عن حديث بين الناس حول فتاوى لدى علماء الشيعة تجيز غيبة من لم يكن على مدهب أهل البيت، باعتبارهم على خطأ فما أصل ذلك ؟ و ما رأيكم فيه؟
ج »
 صحيح، فهناك فتاوى تجيز غيبة من لن يكن من أتباع المذهب، وهي فتاوى نجدها عن كل المذاهب الإسلامية، وهذا أمر مستغرب حقاً، فهو يؤسس لثقافة التكفير ويزرع العداوة بين المسلمين، ويؤشر إلى أننا لسنا أمة واحدة حقاً، إذ كيف نكون أمة واحدة وأخوة في الدين وبعضنا يستبيح أكل لحم الآخر بالغيبة، وهل يأكل الأخ لحم أخيه؟! .. ولهذا فإننا نرفض أمثال هذه الفتاوى ونتبنى رأياً آخر في المسألة نعتقد أنه أقرب إلى الصواب وهو رأي يذهب إلى أن الغيبة مطلقا حرام، وأن الأخلاق لا تقبل التجزئة، فالكذب حرام سواء مع المسلم أو غيره، والغيبة كذلك، ولهذا الرأي شواهد وأدلة كافية لإثباته وترجيحه على غيره. وقد تبنى هذا الرأي الذي يعمم الحرمة لكل مسلم المحقق الأردبيلي صاحب كتاب "مجمع الفائدة والبرهان"، وكذلك تبناه من المتأخرين الشيخ منتظري في كتابه دراسات في المكاسب المحرمة، ولدي بحث تفصيلي موسع حول هذه المسألة نسأل الله أن نوفق لنشره ..
س » ما رأيكم فيما تشهده ساحتنا المرجعية سواءً فيما يتصل بالتعرض لبعض المراجع الأموات، أو محاولة اسقاط بعض العلماء الأحياء ومن ثم عودة لغة التكفير والتضليل وما أشبه ذلك؟
ج »
  أولا: لا بد أن يسود المنطق والدليل في مثل هذاه الأمور وليس أسلوب التجريح والانتقاص من الأشخاص سواء الأحياء أو الأموات، لأن هذا الأسلوب يجافي الأخلاق الإسلامية فضلاً عن أنّه لا يقنع أحداً .
 ثانيا: إن للمرجع والعالم - حياً كان أو ميتاً - كل الاحترام وكامل التقدير،  ولكن ذلك لا يجعله فوق النقد لآرائه وأفكاره، فهو ليس معصوماً، والنقد لا ينافي الاحترام،  ومشكلتنا أننا نتعامل مع المراجع تعاملنا مع المعصوم، ولعل المشكلة تكمن في أننا لم نألف هذا النوع من النقد فاعتبرناه مسيئا . 
ثالثا: إنّ الحد الفاصل بين النقد المسموح والنقد الممنوع هو في خروج النقد عن نقد الفكرة والرأي إلى نقد الشخص والتهجم عليه والنيل منه والتجريح به.
 رابعاً: إن هذا الأمر لا ينبغي أن يخلق إرباكا أو شبهة لدى أحد فاختلاف العلماء ليس بالأمر الجديد ولا أعتقد أن الاختلافات التي شهدناها في هذا العصر وصلت إلى الاختلاف الذي حصل بين المفيد والصدوق والذي بلغ حد أن يؤلف المفيد كتابا في تصحيح اعتقادات الصدوق، ومع ذلك لم يوجب ذلك انتقاصاً من العلمين المذكورين ، بل اعتقد أنّ هذا هو من علامات الصحة والعافية في المجتمع العلمي.
س » ماهي الرهبنة ومارأيكم فيها وماذا تجيبون حول ما يقال عن رهبنة الامام موسى الكاظم عليه السلام ؟
ج »

الرهبنة في الإسلام لا تعني الانقطاع عن الدنيا وترك ملذاتها المحللة، بل إن هذا النوع من الرهبنة مرفوض في ديننا، لأنه خروج عن مقتضى الفطرة، فهل أن الله تعالى خلق فينا غريزة وأراد لنا كبتها ؟! وإذا كان ذلك فلماذا خلقها فينا؟! إن ذلك عبث وحاشاه من العبث فهو الحكيم في كل ما فعل، ولهذا ندد القرآن بالرهبنة السلبية التي تعني الانقطاع عن الناس وترك الدنيا، قال تعالى: { ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها}، وقال تعالى:{ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} .ومن الخطأ الكبير أن يتوهمن متوهم بأن الزواج ينافي الزهد والعبادة والتقى، كلا فالزواج هو عين العبادة، لأنه يحصن الإنسان والمجتمع من الانحراف.ولهذا فزواج النبي(ص) أو الإمام وانجابه للأولاد لا يتنافى مع انقطاعه إلى الله تعالى .

س » لقد دعا النبي نوح (ع) على الكفّار بقوله رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً، وأنتم تقولون بأنّ أغلب الناس - ومنهم الكافرون - معذورون يوم القيامة.. هل كان عليه السلام متشددًا وأنتم منفتحون ؟؟
ج »

أولا: إنّ مسألة معذورية غالب الناس، لا ترتبط بالانفتاح أو التشدد وإنما هي تابعة لقيام الحجة، ونحن قد استندنا في ذلك إلى حكم العقل القطعي الذي يقضي بقبح معاقبة من لم تقم عليه الحجة على الناس، مؤيداً بحكم القرآن الكريم في قوله تعالى:{ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً }.وتقديرنا أنّ غالبية الناس هم ممن لم تقم عليهم الحجة، وبالتالي هم معذورون.
وبالمناسبة فإنّ ما ذكرناه من رأي هو للإمام الخميني الذي يقول ما هذا نصه: " وأما الكافرون فلأنّ معظمهم جاهلون قاصرون، وهؤلاء معذورون لعدم قيام الحجة عليهم، ولا يستغربن أحد إذا ما قيل: إنّ غالب الكفار كذلك".
ثانيا: ما ذكرته الآية المباركة عن دعاء النبي نوح (عليه السلام) على قومه، هي فعلا تدعو الإنسان إلى التساؤل عن السبب الذي أوصل النبي نوح (ع) إلى هذا المستوى، وهل كان (ع) يقصد قومه الذين أفنى ما يقارب التسعماية سنة في دعوتهم ومع ذلك تمردوا ولم يزدهم دعاؤه إلاَ فراراً وعناداً، أم أنّها تشمل كل الكافرين حتى الجاهلين القاصرين الذين لم يصلهم صوت الدعوة؟
ونحن نستبعد الاحتمال الثاني، وذلك لأنه لو كان المطلوب هو إهلاك الكافرين بشكل مطلق فما الداعي إلى إرسال الرسل؟ أليس هدف الرسالات والأنبياء (ع) هو هداية الناس الكافرين والضالين؟! ومما يؤيّد ما نقوله أنّ الآية استخدمت لفظة "كفّار" وليس لفظ " كافر" ولا يخفى أن الصيغة الأولى هي صيغة مبالغة، ما يوحي أن قومه كانوا مصرين على الكفر، ومما يعزز ما نقوله سيرة الأنبياء في دعوة الكافرين إلى الله تعالى، ولا سيما النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) الذي كان يصر على هداية قومه والطلب إلى الله تعالى المغفرة لهم لأنّهم لا يعلمون. فلماذا لم يدعُ (ص) عليهم بمثل هذا الدعاء لو كان المطلوب هو الدعاء بهلاك الكافر بشكل مطلق ؟ ولا أدري هل يسوغ لنا اليومقبل أن نقوم بواجب الدعوة – أن ندعو على الناس بالفناء والهلاك؟ وهل هذا هو ما يدعوننا إليه القرآن الكريم والنبي (ص) والأئمة من أهل النبي (ع) ؟!أ

س » إنّ بعض الفتيات تحافظ على لباس الحجاب بالمبدأ ولكنها تكشف عن عنقها أو تحدث في الحجاب أشكالاً عجيبة كـ"موضة" أو تلتزم به مع لباس غربي ضيق، ملفت، ولا ينسجم مع فكرة الحجاب. وفي هذه الحالة نسمع من بعض الناس مقولة: " فلتخلع الحجاب أفضل"، ما رأيكم؟
ج »

أولاً: إنّ "حجاب الموضة" لا يُعتبر حجاباً شرعياً، لأنّه لا يستجمع شروط الحجاب الشرعي، بل ربَّما شكّل تشويهاً لصورة الحجاب، ولا سيما عندما نجد أنّ المرأة التي ترتدي هذا النوع من الحجاب لا تحمل شيئاً من أخلاقية الفتاة المحجبة، بل تكون تصرفاتها العامة أقرب إلى عدم الانضباط والاتزان، فإنها بذلك لا تسيء إلى نفسها فحسب، بل ربما أساءت إلى صورة الحجاب نفسه، وهذا الأمر ينسحب على المرأة المحجبة بحجاب شرعي، فإنّها إنْ لم تتخلّق بأخلاق الحجاب، فإنّها بذلك تسيء إلى عموم المحجبات، ولهذا فإنّنا نقول: إنّ الحجاب هو مسؤولية شرعية وأخلاقية، وإذا أحسنت المرأة المحجبة وكانت على مستوى الحجاب باعتباره رمزاً للطهر والعفة، فإنّها بذلك تقوم بعمل رسالي وتقدِّم صورة طيبة عن نفسها وعن دينها وعن عموم النساء المحجبات.
ثانياً: بالرغم مما ذكرناه، فإنّ هذا النوع من الحجاب "حجاب الموضة" ربما يكون مفهوماً أو مبرراً في بعض الحالات، وذلك فيما لو مثّل مقدمةً أو خطوة أولى للفتاة غير المعتادة على الحجاب تساعدها على تقبل فكرة الحجاب والتأقلم معها أو تهيأ نفسها لذلك أو يهيؤها أهلها وذووها للتعايش مع فكرة الحجاب.
ثالثاً: وأمّا أن يقدم الأهل على إلزام ابنتهم بخلع الحجاب المذكورحتى لا تسيء إلى عفة الحجاب فأنا لا أعتقد صوابية هذا التصرف، وذلك لاعتبارين:
أحدهما: أنّ السفور هو مسار متدرج ولا يقف عند حد، بخلاف حجاب الموضة فإنه - على سيئاته - يظل أهون حالاً من بعض المستويات التي قد يصل إليها السفور والتي تلامس حد التعري والتهتك.
ثانيهما: من الناحية التربوية قد يكون إقناع الفتاة التي ترتدي حجاباً ناقصاً (ولو كان على طريقة حجاب الموضة) بتتميم النقص الموجود في حجابها أسهل من إقناع السافرة التي اعتادت السفور على ارتداء الحجاب، وذلك لأنّ العامل النفسي يلعب دوراً مهماً على هذا الصعيد، حيث إنّ انتقال المرأة المحجبة بـ"حجاب الموضة" إلى ارتداء الحجاب الكامل أسهل من انتقال السافرة من مرحلة السفور إلى مرحلة الحجاب، لأن المحجبة بـ"حجاب الموضة" هي - في نظرتها لنفسها وفي نظرة المجتمع إليها – امرأة محجبة، وبالتالي فهي إذ تتم حجابها لا تنقل من ضفة إلى أخرى، وإنّما تكمل المسيرة والخطى في الضفة نفسها.

لمزيد من التوسع يمكنكم مراجعة: http://www.al-khechin.com/article/89

س » ما هو رأيكم بمن يقول في شعره لاجل تعظيم الامام الحسين: يا حسين انت كبير يا حسين انت عظيم أكبر من الله أكبر والصلاة. وقد انتشر هذا الشعر على وسائل الاعلام الطائفي. فما صحة الاعتقاد بمثل هذه العقائد وهل فيها شرك بالله سبحانه وتعالى؟
ج »

إنّ إيماننا بمكانة أهل البيت (ع) وفضائلهم ومنزلتهم الرفيعة، لا يجوز أن يدفعنا إلى المغالاة بهم. فإنّ الغلو هو منزلق خطير، وقد يؤدي بالإنسان في بعض تعبيراته ومظاهره إلى الخروج عن الدين. ويفترض بأتباع أهل البيت (ع) أن يتأدبوا بأدبهم (ع)، وأن يتجنبوا مدحهم بالأوصاف المشعرة بالغلو، أو التي قد يستغلها البعض ضد مذهب أهل البيت (ع) وأتباعهم. وفي ضوء ذلك، فإنّ قول هذا الشخص قد يوقع المستمع أو القارئ لشعره في الالتباس، وقد يحمله البعض على تفسير مغلوط، وهو أنّ الإمام الحسين (ع) أفضل من الله (معاذ الله تعالى). على أنّ هذا الأسلوب في تفضيل الإمام الحسين على الصلاة، قد يوحي بدونية الصلاة، مع أنّها أساس الدين، وركن من أركانه، وقد استشهد (ع) لأجل الصلاة، وقد قال والده الإمام علي (ع): "إننا نقاتل أهل الشام لأجل الصلاة" عندما قال له ابن عباس في ظهيرة يوم صفين، ليس هذا وقت صلاة، فأجابه (ع): "إذا على ماذا نقاتلهم؟" فيا حبذا لو نحا هذا الشاعر وأمثاله إلى امتداح الإمام الحسين (ع) باعتباره شهيد الصلاة، وقد ارتفع إلى الله تعالى والصلاة بين شفتيه، وهذا ما نقوله في زيارته (ع): أشهد أنك قد أقمت الصلاة..

س » نطلب من سماحتكم تبيين يتناسب فهمنا القاصر بماهي الفروق بين العلم والمعرفة حيث توصلنا فقط إلى أن العلم ليس مسبوقاً بنسيان وغفلة بخلاف المعرفة التي قد تطلق بنسيان أو غفلة ؟
ج »

أخي الكريم : ذكرت فروق عديدة بين العلم والمعرفة، وألف بعضهم رسالة في هذا المجال كما يذكر صاحب الذريعة، وقد أشار قال "الفروق اللغوية" إلى أهم هذه الفروق، قال تحت عنوان: "الفرق بين المعرفة والعلم ":

1-  قيل : المعرفة إدراك البسائط والجزئيات . والعلم : إدراك المركبات والكليات . ومن ثم يقال : عرفت الله ، ولا يقال علمته .

2- وقيل : هي عبارة عن الادراك التصوري . والعلم هو الادراك التصديقي . ومن ذهب إلى هذا القول جعل العرفان أعظم رتبة من العلم ، قال : لان استناد هذه المحسوسات إلى موجود واجب الوجود أمر معلوم بالضرورة . وأما تصور حقيقة واجب الوجود فأمر فوق الطاقة البشرية ، لان الشيء ما لم يعرف لم تطلب ماهيته . فعلى هذا كل عارف عالم من دون عكس ولذلك كان الرجل لا يسمى عارفا إلا إذا توغل في بحار العلوم ومباديها ، وترقى من مطالعها إلى مقاطعها . ومن مباديها إلى غاياتها بحسب الطاقة البشرية .

3- وقيل : المعرفة : إدراك الشيء ثانيا بعد توسط نسيانه . لذلك يسمى الحق - تعالى - بالعالم دون العارف . وهو أشهر الأقوال في تعريف المعرفة .

4- وقيل : المعرفة : قد تقال فيما تدرك آثاره ، وإن لم يدرك ذاته، والعلم لا يكاد يقال إلا فيما أدرك ذاته . ولذا يقال : فلان يعرف الله ، ولا يقال : يعلم الله ، لما كانت معرفته - سبحانه - ليست إلا بمعرفة آثاره دون معرفة ذاته . وأيضا فالمعرفة تقال فيما لم يعرف إلا كونه موجودا فقط . والعلم أصله فيما يعرف وجوده ، وجنسه ، وعلته ، وكيفيته . ولهذا يقال : الله عالم بكذا ولا يقال : عارف لما كان العرفان يستعمل في العلم القاصر . وأيضا  فالمعرفة تقال فيما يتوصل إليه بتفكر وتدبر .والعلم قد يقال في ذلك وفي غيره .

 هذا وقد يستفاد من كلام الشيخ الرئيس في بعض مصنفاته أنهما مترادفان . وإليه ذهب جماعة من أهل اللغة وأرباب الأصول . ويشهد لذلك قول سيد الساجدين في الصحيفة الكاملة : " وقد أحصيتهم بمعرفتك " . فإنه أطلق المعرفة عليه - سبحانه - ويمكن أن يراد بها العلم هنا تجوزا ." ( الفروق اللغوية لابن هلال العسكري ونور الدين الجزائري ص 501).

ويظهر أن الشيخ الطوسي تبنى الرأي القائل بترادفهما : "والعلم والمعرفة واحد . وحدّه ما اقتضى سكون النفس . وإن فصّلت ، قلت : هو الاعتقاد للشيء على ما هو به مع سكون النفس " ( التبيان في تفسير القرآن ج 2 ص 21)

وقال الشيخ مغنية:" فرق البعض بين العلم والمعرفة بأن العلم يتعلق بالكليات ، والمعرفة تتعلق بالجزئيات ، اما نحن فلا نجد فرقا بينهما ، قال تعالى : « قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ » ولم يقل قد عرف ، مع العلم بأن مشرب كل سبط من أسباط إسرائيل كان خاصا .( تفسير الكاشف )

وقال الشيخ المصطفوي :"الفرق بين العلم والمعرفة : أنّ المعرفة أخصّ من العلم ، لأنّها علم بعين الشيء مفصّلا عمّا سواه . والعلم يكون مجملا ومفصّلا . فكلّ معرفة علم وليس كلّ علم معرفة ، وذلك أنّ المعرفة يفيد تمييز المعلوم من غيره ، والعلم لا يفيد ذلك" ( التحقيق في كلمات القرآن الكريم ج 8 ص 206) .

س » ما رأيكم بالتواصل بين العوالم (البشر- الجن- الملائكة- أهل السماء...) وهل هناك دليل قرآني حول وجوده او عدم وجوده مع الانسان العادي ؟
ج »

بالنسبة للجواب فسوف تجده في كتاب "تحت المجهر" ص 145 . والرابط على الموقع الرسمي http://www.al-khechin.com/article/283

س » هناك روايات كثيرة تتحدث عن علم النبي وأهل البيت عليه وعليهم الصلاة والسلام انهم يعلمون ما كان وما يكون الى يوم القيامة وان اعمال الناس تعرض عليهم ... ارشدونا للصواب يرحمكم الله
ج »

هناك رأيان لدى علماء الشيعة في موضوع علم النبي (ص) والأئمة (ع) بالمغيبات. الرأي الأول وهو الذي يقول أصحابه: إنّ النبي (ص) والأئمة (ع) يعلمون بذلك من خلال إلهام الله تعالى، وما علمهم الله سبحانه. ويختلف أصحاب هذا الرأي؛ فمنهم من يقول أنّهم يعلمون ذلك بالفعل، ومنهم من يقول إنّهم إذا شاؤوا علموا.. والرأي الثاني هو الذي يقول: إنّ النبي (ص) والأئمة (ع) لا يعلمون الغيب إلا في حالات معينة تقتضيها مصلحة الرسالة. ففي هذه الحالات، يمدهم الله تعالى ببعضٍ من علم الغيب تأكيدًا لمرجعيتهم الدينية والروحية. ويستند أصحاب هذا الرأي إلى العديد من الآيات القرآنية التي تنفي علم النبي (ص) بالغيب، كما في قوله تعالى مخاطبًا نبيه الأكرم: قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( الأعراف - 188) أو قوله تعالى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (التوبة - 101)

س » نجد في واقعنا الشبابي و في ظل الأوضاع السياسية في المنطقة عودة للمدرسة الإخبارية الشيعية، فنجد عودة للتداول بأحاديث ما هب منها وما دب حول التقية والعلم والأخذ بالنقل و ليس بالعقل، ما رأيكم؟
ج »

المتأمل في الواقع الشبابي يجد اتجاهات مختلفة، وربما تصل إلى حد التضاد. فهناك الاتجاه الذي ذُكر في السؤال من حصول نزعة أو عودة نحو المدرسة الإخبارية المنشودة واستعادة لبعض المفاهيم المتطرفة إزاء الآخر.

وهناك في المقابل اتجاه يذهب إلى التفلت من الدين، ويُحكى عن حلات معينة من الإلحاد، ربما وصلت إلى حد الظاهرة. وربما كانت الأسباب وراء هذه الاتجاهات هي الأجواء المذهبية المتشنجة والتي أسفرت عن بروز اتجاهات تكفيرية إقصائية تذبح باسم الدين، بالإضافة إلى عوامل أخرى.

والذي أعتقده أن مسؤوليتنا في معترك هذه الاتجاهات أن نعمل على عقلنة الخطاب الإسلامي، والابتعاد عن عناصر الإثارة المذهبية، والتركيز على المشتركات والجوامع بين المسلمين، وفتح الباب أمام إعادة قراءة تراثنا قراءة نقدية واعية بما يساعد على التخفف من سطوة الأفكار المتشددة.

ومن الطبيعي أن يكون الشباب هم طليعة حركة التغيير في الأمة من خلال يقظتهم وطاقاتهم المحفزة نحو مستقبل أفضل.

س » لقد خلقنا الله لكي يختبرنا اي منا أحسن عملاً,والله يعلم مصير الانسان من المهد الى للحد (الجنة او النار) فلماذا الاختبار؟ نرجو التوضيح
ج »

اختبار الله لعباده لا يهدف إلى تعرف الله تعالى على مدى التزام عباده بأوامره ونواهيه، فهو عز وجل علام الغيوب ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة. وإنما يرمي من وراء الاختبار، إظهار الأمر للعبد نفسه, فابتلاؤه يرمي إلى تمحيص العبد وصقل شخصيته وتهذيبه لأن العبد إنما تُصقل شخصيته من خلال الاختبارات والابتلاءات.

س » ما مدى صحة ما يفعله البعض عند الذهاب للزياره من ان يمسح يده ع باب العتبه ثم يمسحها على وجهه ( تبركا) .. او اننا عندما نصل الى ضريح الامام نتمسح به ؟ ماالهدف من ذلك وهل فعلا يعتبر تبركا؟؟
ج »

 لا دليل على حرمة التمسح بأبواب المقامات أو الأقفاص الموجودة على الأضرحة الشريفة للنبي (ص) والأئمة (ع). وقد يكون التقبيل هو تعبير عاطفي يندفع فيه الإنسان بمشاعر الحب لصاحب الضريح دون أن يعتقد بأنّ هذا التقبيل له أثر مباشر في الشفاء أو ما إلى ذلك. وينقل عن الشاعر:

 

أَمُرُ عَلى الدِيارِ دِيارِ لَيلى, أُقَبِّلَ ذا الجِدارَ وَذا الجِدارا.

وَما حُبُّ الدِيارِ شَغَفنَ قَلبي, وَلَكِن حُبُّ مَن سَكَنَ الدِيارا

 

 أجل، يحبذ وينصح جمع من الفقهاء عدم المبالغة أو التوسع في تقبيل بعض الأشياء المتصلة بالمقامات كـ تقبيل الأرض المحيطة بالمقام ولا سيما إذا كان التقبيل على هيئة السجود دفعًا لتوهم من يظن أن ذلك يمثل عبادة للإمام (ع) أو صاحب المقام، مع العلم أن الزائر ربما قصد السجود شكرًا لله على توفيقه بالزيارة.

س » أنا شاب من ألمانيا، أحب أن أعرف لماذا لبس الذهب والحرير حرام للرجال؟
ج »

وعليكم السلام، هناك بعض التبريرات التي تُذكر في المقام، ومنها: إنّ الإسلام يريد للرجل أن يبتعد قدر المستطاع عن حياة النعومة الفارهة، ولذلك حرم عليه لبس الذهب والحرير؛ لأنهما يناسبان المرأة أكثر من الرجل كما هو معروف.

س » السلام عليكم، هل يدخل الجنة شخص مسلم يقوم بأعمال كثيرة جيدة ولكنه يشرب الخمر ولا يصلي ولا يصوم، والفتاة إذا كانت غير محجبة ؟ أود ان افهم كيف يحاسب الله هذا الشخص؟
ج »

وعليكم السلام، يقول الله تعالى  فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (7-8 سورة الزلزلة) وبناء عليه، فهذا الشخص يُثاب على أعمال الخير، ويُحاسب على الأعمال الخاطئة والسيئة، والأمر إلى الله سبحانه.

س » ؟السلام عليكم ما حكم من يتوب على شيء و لكنه يعود و يذنب و هل يستجيب الله له التوبة مرة اخرى
ج »

وعليكم السلام، ورد في الحديث الشريف :"إن الله يحب العبد المفتتن (بالذنب ) التواب" ، والله تعالى لا يسد باب رحمته في وجه عبد من عباده حتى لو أذنب ثم تاب ثم نازعته نفسه فعاد الى ارتكاب الذنب مجددا ،فعليه أن لا ييأس من روح الله ورحمته الواسعة ، شرط أن تكون توبته من الذنب توبة عبد نادم على ما صدر منه عازم على عدم العود فيه مرة أخرى .

س » السلام عليكم ما مدى اسلامية عيد النوروز، (العيد القومي عند الفرس والأكراد)؟ وما مدى صحة النصوص الواردة فيه؟ فإن لم تصح فهل يجوز عندها للمسلم ان يحتفل فيه ويصيره عيدا؟
ج »

لم تثبت عندنا اسلامية عيد النيروز ، لأن العيد بالمعنى الشرعي - وليس الوطني أو القومي - أمر توقيفي ويحتاج إلى دليل شرعي ،وهذا مالم يثبت ، بل ورد في بعض الروايات المرسلة ما ينفي شرعيته ، فقد روى العلامة ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب أن المنصور تقدم إلى موسى بن جعفر(ع) بالجلوس للتهنئة في يوم النيروز وقبض ما يحمل إليه ( من الهدايا ) فقال (ع) : إني فتشت الأخبار عن جدي رسول الله (ص) فلم أجد لهذا العيد خبرا وإنه سنة للفرس محاها الاسلام ، ومعاذ الله أن نحيي ما محاه الاسلام ، فقال المنصور : إنما نفعل ذلك سياسة للجند ..".

نعم لو أراد الناس أن يتلاقوا في هذا اليوم أو يتزاوروا أو يتهادوا أو يصنعوا الطعام لا بعنوان إحيائه كعيد ديني فلا محذور في ذلك ، ويؤيده ما ورد عن أمير المؤمنين (ع) وقد أهدي إليه طعام في النيروز فقال : "اصنعوا لنا في كل يوم نيروزا " وقد ورد في بعض الروايات الضعيفة استحباب الغسل في هذا اليوم وأنه وقع فيه  بعض الأحداث العظيمة .ولكن لم يرد في شيء منها اطلاق لفظ العيد عليه .

 
س » كيف يحاسب عند ربنا يوم اقيامة من هو غير مسلم و لم يكن يعلم من ديننا شئ هل يحاسب مثلنا نحن المسلمون
ج »

أخي العزيز : ورد في الحديث الشريف " أن لله على الناس حجتين : حجة باطنة، وهي العقول، وحجة ظاهرة، وهم الأنبياء والرسل " والحساب يوم القيامة يكون على أساس هاتين الحجتين ، فمن افتقد العقل فلا حساب عليه ، وكذلك من لم تصله رسالة السماء ، فإنه يحاسب على أساس عقله الفطري ، فإن العقل يدرك قبح كثير من الأشياء ،كما يدرك حسن بعضها ، فإن خالف ما يحكم به العقل فإنه يحاسب على ذلك ، وأما بالنسبة لغير المسلم فإنه إذا لم تقم عليه الحجة بدين الإسلام فلا يحاسب ولا يعاقب على عدم اتباعه ، لأن الله يقول : " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " .. وأدعوك أخي الكريم إلى مطالعة ما كتبته حول هذا الموضوع في كتاب " هل الجنة للمسلمين وحدهم ؟"

س » ورد في الحديث: "إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا" ألا تعتقدون أنّ الدعوة التي يتضمنها هذا الحديث سوف تجرأ الناس على معصية الله، لأنه يصور المعصية باعتبارها ابتلاءً من الله فلا يتحمل الإنسان المسؤلية عنها، كما أنه يدعو إلى التستر بالمعصية ما يعطيها بعداً
ج »


   أولاً: إنّ هذا الكلام - رغم شهرته - لم نعثر عليه بنصه المذكور في الأحاديث الشريفة المروية عن النبي (ص) أو الأئمة من أهل البيت (ع) سواء من طرق الشيعة أو السنة، أجل ذكره - بنصه هذا - بعض العلماء، وهو العجلوني في كتابه "كشف الخفاء" في عداد الأحاديث المشتهرة على ألسنة الناس، وأمّا ما ورد عنه (ص) مما هو بنفس المضمون فهو قوله:"اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن ألمّ فليستتر بستر الله عز وجل" (السنن الكبرى للبيهقي ج8 ص330)،.
ثانياً: إنّ مضمون الحديث - وبصرف النظر عن سنده - صحيح، وليس فيه ما يوحي بتشجيع الناس على المعاصي ولا أنّه يساهم في بناء الشخصية المنافقة التي تظهر خلاف ما تبطن، بل إنّه يدين فعل المعصية، ولكنه يدعو المبتلى بارتكاب المعاصي إلى أن يتستر بها، وهذه الدعوة إلى التستر فيها حكمة بالغة ولها هدف نبيل، إن بالنسبة لفاعل المعصية نفسها، أو بالنسبة للمجتمع برمته، أمّا بالنسبة لفاعل المعصية، فإنّ دعوته إلى التستر يُراد بها الستر عليه وحفظ كرامته، حتى لا يتناوله الناس بألسنتهم بالغيبة والتجريح، وقد ورد في الحديث : "من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومن من أساء الظن به"(نهج البلاغة ).وأمّا بالنسبة للمجتمع فإنّ المجاهرة بالمعصية سوف تكسر الحاجز النفسي تجاهها ويتجرأ الكثيرون على ارتكابها، وهكذا يعم الانحراف وينتشر أكثر فأكثر.
ثالثاً: إنّ وصف المعاصي بالابتلاء لا يرفع ولا يلغي مسؤولية المكلف عن ارتكابها، فهو مختار في فعله وقادر على ترك المعاصي والأخذ بالطاعات، ومع ذلك فإن كل ما في الكون هو  تحت سلطنة الله تعالى ولا يخرج عن قدرته وهذا ما تعنيه نظرية الأمر بين الأمرين الواردة عن أئمة أهل البي(ع)،وإننا نلاحظ أن القرآن الكريم يعتبر أنّ الخير والشر  إنما يصدران من المكلف لكن دون أن يكون بعيدا عن إرادة الله، فقد قال سبحانه وتعالى: وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {الأعراف:168}، وقال تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35}.
 

س » سؤال : شيخنا الكريم ، كثر الحديث عن الحور العين التي تستقبل المجاهدين عند استشهادهم وهذا ما يتم استغلاله من قبل بعض الجماعات التكفيرية التي تتم تعبئتها على اساس انه بمجرد ان يفجر الواحد منهم نفسه فان عشرات الحوريات هن في انتظاره ، فما تعليقكم ؟!
ج »
 من الواضح أنّ القرآن الكريم قد أكّد على الاستمتاعات الحسّية لأهل الجنة من قبيل الحديث عن الحور العين{ وزوجناهم بحور عين} ،أو فواكه الجنة ، وأنهار اللبن والعسل مضافاً إلى الاستمتاعات بجماليات الجنة من الأنهار وغيرها، إلا أنّ ثمة نوعاً آخر من الاستمتاعات المعدّة لأهل الجنة، وهي الاستمتاعات المعنوية وهي الأهم مما ينبغي أن يتطلع له المؤمن ولا سيّما المجاهد في سبيل الله ، ويأتي على رأس هذا النوع من المتع: كسب رضوان الله تعالى ،{ ورضوان من الله أكبر } ، ومجاورة الأنبياء والأولياء والصديقين والشهداء، { وحسن أولئك رفيقا } ، ولهذا فإنّ التركيز في بعض الخطابات التعبوية على الاستمتاعات الجنسية ومعانقة الحور العين فقط وإغفال سائر الاستمتاعات الحسية والمعنوية هو أمر مريب ولا يخلو من استغلالٍ للجانب الجنسي الغرائزي لدى هؤلاء الشباب الذين ربما يعيش الكثيرون منهم حالة ً من الكبت الجنسي ، وفي ذلك أيضاً تشويه لصورة الاسلام وصورة الانسان المسلم والذي يتم تصويره وكأنه إنسان تحرّكه الغريزة ويعيش جوعاً جنسياً حتى في لحظات مواجهة الموت ! .

إن ما يجري باختصار هو استغلال للمفاهيم الدينية المقدسة بطريقة مجتزئة ومشوّهة وفي لعبة قذرة هي لعبة الدم .
إننا نتوجّه إلى هؤلاء الشباب الضحايا الذين تفخخ عقولهم بأحاديث معانقة الحور العين عند موتهم لنقول لهم : من يضمن لكم إن أعمالكم الانتحارية التي تقومون بها في قتل المسلمين ستدخلكم الجنة أساساً حتى تعانقوا فيها الحور العين ؟! ، إن مفاتيح الجنة هي بيد الله تعالى فلا يبيعنكم أحد صكوك غفران أو أوهاماً كاذبة . إن رسول الله ( ص) وهو أكرم الخلق على الله لم يكن يضمن لبعض صحابته الجنة فمن يضمنها لكم أيها المساكين؟! ،فقد ورد في الحديث أن رسول الله (ص) وعند وفاة بعض أصحابه المدعو سعداً ، اهتم الرسول (ص) بتغسيله وتكفينه وأشرف على دفنه ، فلمّا رأت أم سعد ذلك قالت : هنيئا لك يا سعد الجنة ، فقال لها النبي (ص) : يا أم سعد لا تحتمي على الله ! أي إن الجنة هي بيد الله تماما كما أن أمر النار هو بيده، والغريب في العقل التكفيري أنه يضمن الجنة لأتباعه ويضمن النار لخصومه ليس خصومه في الدين والمذهب فحسب بل خصومه في التوجه التكفيري عينه، فإنّ لله وإنا إليه راجعون ، وعلى الإسلام السلام إذا لم تصح العقول من سبات التفكير وسكرة العصبية.


 

س » ما المقصود بالكفر في قوله تعالى إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا .. ، فهل من يرتكب الزنا ويشرب الخمر يعتبر كافراً؟
ج »

الكفر بآيات الله هو الكفر بالحجج والبراهين الدالة على وجوده ووحدانيته أو على صدق النبي (ص) ،أو على ثبوت المعاد والبعث أو انكار ما ثبت من الدين ، فهذا كله كفر بآيات الله وربما عُدّ كفراً بالله تعالى أو برسله وهو يستوجب العذاب الأليم ، أما من يرتكب الزنا مع معرفته بأنه حرام فهذا لا يسمى كافرا بالله أو بدينه ، نعم هو كافر بآيات الله كفرا عملياً ، من خلال ارتكابه لما حرّمه الله مع علمه بذلك وهذا الكفر العملي لا يستوجب خروجه عن الدين ، فكل عاصٍ قد كفر كفراً عمليا من خلال تمرده على الله ، ومن الواضح أنه لا يمكن ان نعتبر العاصي كافراً بمعنى الكفر المطلق المخرج عن الدين .

وباختصار علينا ان نلتفت الى نوعين من الكفر ، الكفر العقائدي والكفر العملي ، ويمكنك لمعرفة ذلك ان تراجع ما كتبناه في العقل التكفيري .

س » لقد أخبرتني صديقتي أنها قد سمعت في إحدى المجالس شيخا يقول أن الفتاة غير المحجبة تدخل مباشرة إلى النار بدون حساب حتى وإن كانت تقوم بباقي الواجبات وتحب وتخاف الله.. فهل ما ذكر صحيح؟
ج »

إنّ الجنة والنار هو بيد الله (سبحانه وتعالى)، ولا يمكن لأحد من الناس أن يجزم بأنّ فلانًا من أهل النار. فإنّ هذا الشخص حتى لو كان مشركًا قد يتوب قبيل الموت ويقبل الله توبته، فكيف إذا كان مسلمًا مصليًا ويحب الله ويخافه. فإنّ الله تعالى قد يحاسب على تقصير هنا وهناك كالحجاب الذي هو واجب دون أيّ شك، لكن قد يعفو ويتجاوز عنه، وتشمله رحمة الله الواسعة وشفاعة الشافعين..

س » وما رأيكم بما يُقال بأن بعض الانبياء هم من الملائكة وصوّرهم الله بصورة البشر ولكن معجزاتهم كانت مستمدة من قدراتهم الأعلى من البشر... ويستشهدون بالآية الكريمة: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
ج »

أولا: إنّ الرسل الذين اُرسلوا للإنسان هم من جنس البشر، وهذا ما تقتضيه الحكمة والعقل والمستفاد من بعض الآيات القرآنية التي تؤكد على أن ليس من المنطق أن يُرسل إلى البشر رسول من جنس الملائكة؛ لأن الرسول هو في موقع القدوة والمثل الأعلى لهم، فلا بد أن يحمل نفس أحاسيسهم ومشاعرهم وآلامهم وخصوصيتهم البشرية من جوع وخوف وعطش، وهذا ليس متوفرًا في الملائكة، قال تعالى: قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا. فهذه الآية دلت بوضوح على أنّ الله لم يرسل إلى البشر رسلا من جنس الملائكة؛ لأنه لا يوجد في الأرض ملائكة ليرسل إليهم الرسل.

ثانيا: قد لا تقوم الحجة على الناس بإرسال رسول إليهم من جنس الملائكة؛ لأن للناس أن يتعللوا ويحتجوا بأننا لا نستطيع الاقتداء به لأنه ليس من جنسنا.

ثالثا: وأما قوله تعالى: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ فهذه الآية لا تدل إلا على أنّ من الملائكة رسلا، وقد تكون رسالتهم بحمل وحي السماء إلى الأنبياء والرسل، وليس إلى عامة الناس بحيث يكونون بينهم، يقودونهم ويتفاعلون معهم، كما هو دأب الأنبياء والرسل. وهذا ما يُستفاد من قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ فالرسول في هذه الآية هو الرسول الذي ينقل وحي السماء إلى النبي، وهكذا قوله تعالى : وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ، فعبّرت الآية عن الملائكة بأنهم رسل، فقط لأنهم أُرسلوا من قبل الله تعالى للقيام بوظيفة قبض الأرواح.

 

س » أقلد مرجعا يقول بالاحتياط الوجوبي بنجاسة الكافر غير الكتابي, و لكنني عندما قرأتُ كتاباتك في هذا الموضوع أعجبت بما تقوله, واني قد عانيت كثيرا جراء هذا الأمر والعديد من زملائي, في العمل مع هنود و صينين, و قد سبب لنا الكثير من الإحراجات, فبماذا تنصحونني
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بما أنّ مرجعك يقول بالاحتياط الوجوبي، فيمكن أن ترجع في هذا الرأي إلى من يقول بطهارة مطلق الإنسان، ولا مشكلة في ذلك.

وننصحك بأن تتعامل مع الهنود والصينيين بالأخلاق التي أمرنا بها النبي (ص) والأئمة (ع) من خلال صدق الحديث وأداء الأمانة، فإنّ هذا يشكل عملا رساليًا ودعوة إلى الإسلام والسلام.

س » هل صحيح أن عقد الزواج هو عقد ايجار بين اثنين ؟
ج »

 عقد الزواج ليس إجارة ولا بيعا ولا غيره من العقود ذات الطابع التجاري وإنما هو أسمى من ذلك بكثير فهو عقد مستقل برأسه يجمع بين إنسان وإنسان آخر في حياة ينبغي أن تكون مفعمة بالحب والخير وقد عبّر عنه القرآن الكريم بالميثاق الغليظ، وأراد له أن يبْتنِي على العواطف والمشاعر الإنسانية كما قال الله تعالى في كتابه : وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

 

 

 

 

 

 

 

س » كان الشيخ يتحدث عن العقائد الخاطئه وانتقد المثل الشعبي الذي يقول : " المكتوب ما منو مهروب"، وقال أن الإنسان غير مجبور في عمله وأن مشيئه الله تاتي بعد مشيئه الانسان، فقلت له: انه لا جبر ولا تفويض وانه بعض الامور نحن مجبورين عليها . فما رأيكم ؟
ج »

ما قاله الشيخ صحيح، وما قلته أنت صحيح أيضا، فالإنسان ليس مسيرا أو مجبورا على أعماله ومواقفه ولا على متبنياته الفكرية، وإنما يفعل ذلك ويتبناه باختياره، وأما مشيئة الله تعالى : { وما تشاؤن إلا أن يشاء الله} فإنها - فيما يتصل بأعمال الإنسان – تأتي عقيب مشيئة العبد، هذا فيما يرتبط بخصوص الأفعال الاختيارية للإنسان، إلا أنّ هناك بعض الأمور لا دخل لنا بها ولا نختارها وإنما نكتسبها بالوراثة أو الولادة، من قبيل نوع جنسنا ( ذكر أو أنثى ) أو لوننا ( أبيض أو أسود) ، كما أننا لا نختار آباءنا ولا أمهاتنا ..كما أن الله تعالى هو الذي أعطانا القوة والأعضاء التي نطيعه أو نعصيه بها، كما أنه أعطانا القدرة والحياة ومكننا من المعصية وقد كان باستطاعته أن يحول بيننا وبينها ، لكنه لم يفعل، لأنه يريدنا أن نطيعه باختيارنا ،كما نعصيه بإرادتنا، وهذا هو معنى نظرية الأمر بين الأمرين التي عبّر عنها الإمام الصادق (ع) بقوله : " لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين " . فالفعل - طاعة كان أو معصية - يصدر منا نحن وينتسب إلينا، ولكنه في الوقت عينه غير بعيد عن إرادة الله تعالى ومشيئته ، لأنه تعالى هو الذي مكّننا منه وأعطانا القدرة عليه، ونحن لولا لطفه وفيضه الدائم الذي لا ينقطع عنا أبداً لما استطنا أن نفعل شيئا بل لكنا عدما ونسيا منسيا ، قال تعالى : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى

 

 

 

س » ما رأى سماحتكم فى إشكال يثيره الخصوم حول إباحة الشريعة للسبى , فهل السبى قبيح عقلا و كيف إباحته الشريعة اذن
ج »

 

 نلاحظ ان القرآن الكريم لم يتحدث عن قضية السبي كخيار في التعامل مع  أسرى العدو ، وإنما تحدث عن خيارين آخرين : وهما المن والفداء ، قال تعالى : حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ. 
 
وأما قضية السبي التي مارسها المسلمون في الزمن السابق فكانت - فيما نرجح - إجراءً تدبيريا اعتمده مع الآخرين على قاعدة التعامل بالمثل ، لأن السبي كان أسلوباً شائعاً ومألوفاً في ذلك الزمان عند كافة الشعوب ، وأما اليوم فإن المسألة تكون بيد الحاكم الشرعي بحسب ما يشخص من المصلحة العامة للمسلمين ، ومن الواضح أنّ السبي في زماننا لم يعد خياراً واقعيا ومقبولا في ظل القوانين الدولية الرافضة لمسألة السبي والاسترقاق ، وبالتالي فليس فيه مصحلة للمسلمين ولا حاجة لاستخدامه مادام أنّ الآخر لا يأخذ بمسألة السبي في حروبه مع المسلمين ، ومما يؤكد ذلك أن الاسلام ينحاز الى حرية الانسان انحيازا مطلقا ، ولذا فقد حارب الرق على طريقته الخاصة من خلال اعتماد أسلوب تدريجي للقضاء على أقذر تجارة عرفتها البشرية ، وهي بيع الانسان لاخيه الانسان

 
  قراءة الكتب
 
    Designed and Developed
       by CreativeLebanon