حوار مع مركز أفاق للدراسات والأبحاث: مشكلة الأديان تتشكل في الخطاب الفقهي    ثمن الحرية    أمثل الأساليب في عمليّة تهذيب النفس    مزايا الشباب    العمل سرّ النجاح    العبادة وعيٌ وانفتاح لا جهل وانغلاق    اقتناء أصنام الأمم البائدة    المفاهيم الدينية بين وجوب الاعتقاد وحرمة الانكار    البناء الاعتقادي بين الاجتهاد والتقليد    
 
بحث
 
حُسن الضيافة في شهر الله تعالى
 
س » السلام عليكم، ما رأيكم في خطبة النبي الأكرم محمد (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك من حيث السند والمتن ؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إن الرواية التي تضمنت خطبة النبي (ص) في استقبال شهر رمضان هي رواية مقبولة من حيث السند، وقد وثّقها بعض العلماء ولا سيما أنها مروية في كتاب عيون أخبار الرضا (ع) وقد اختار فيه الشيخ الصدوق عيون الأخبار وأفضل ما استجوده من روايات الرضا (ع)، وهي مروية أيضا في الأمالي للصدوق وفضائل الأشهر الثلاثة.

ومن حيث المضمون، فإنّ مضمونها جيد وعال وإن كان البعض يشكك في فقراتها الأخيرة ولكن هذا لا يسقط الرواية ولا يؤدي إلى تضعيفها. وما جاء فيها من تشويق لشهر رمضان إنما هو في سياق "بشرطها وشروطها" والتقوى والاستقامة والسداد من شروطها.

 


 
س » 1- هل إنّ شهر رمضان اكتسب قدسيته من نزول القرآن فيه، أو أنّ نزول القرآن فيه إنما هو بسبب كونه مقدساً في رتبة سابقة ؟ 2- ما هي العلاقة بين القرآن الكريم وشهر رمضان ؟ وما الحكمة في نزول القرآن في هذا الشهر الفضيل دون سواه.
ج »
وقبل الإجابة على السؤالين نقول: إنّ علينا بداية استبعاد احتمال أن يكون نزول القرآن في شهر رمضان كان مجرد مصادفة، إذ إن المستفاد من قوله تعالى:{ شهر رمضان  الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}، وغيرها من الآيات التي تتحدث عن نزول القرآن في شهر الصيام، أنّ ثمة عناية إلهية لإنزال القرآن في شهر رمضان، أو بعض لياليه، كليلة القدر، قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، فالظاهر أنّه تعالى اختار هذه الليلة المباركة لإنزال القرآن فيها.
وأما الإجابة على السؤال الأول فقد اتضحت، إذ أنّ المستفاد من الآية الأخيرة أنّ قداسة الليلة وبركتها كانت سابقة على نزول القرآن فيها، أجل لا شك أنّ نزول القرآن في هذا الشهر زاده أهمية واحتراماً وبركة. 
 
العلاقة بين القرآن وشهر الصيام
وأما الإجابة على السؤال الثاني، فيمكن تلخيصها بأمرين:
1- وحدة الغاية: فالقرآن كما وصف نفسه هو هدى للمتقين، {هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين}، {ذلك القرآن لا ريب فيه هدى للمتقين}، فهدف القرآن صناعة الإنسان التقي، وكذلك هدف الصيام في شهر رمضان هو إيصال الإنسان إلى مرحلة التقوى، قال تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
2- القرآن مصباح الصائم: شهر رمضان شهر العبادة والتربية وتهذيب النفس ، ومن الواضح أنّ العبادة إنما تؤخذ من القرآن، وهو الذي يحدد لنا أصول العبادة وشروطها، ومن ذلك عبادة الصوم التي بيّن لنا القرآن الكريم الكثير من أحكامها، وأما تهذيب النفس وتربيتها فهو لا يحصل إلاّ بالعودة إلى القرآن الكريم، فالقرآن يبين أصول التربية وأسس تهذيب النفس، كما أنه أفضل وسيلة لتهذيب النفس، وذلك من خلال تلاوة آياته التي تشرح القلب وتفتح الروح على آفاق الروحانية والصفاء.
هذا مضافاً إلى أنّ الله يريد للصوم أن يكون صوماً واعياً وليس مجرد كفٍ للبطن عن المأكل والشراب وسائر الملذات، والذي يحقق الصوم الواعي هو تلاوة آيات الله الكريم تلاوة تدبر ووعي وفهم، ومن هنا ورد النهي عن تلاوة القرآن الكريم بأجمعه في ليلة أو ليلتين أو ثلاثة، ففي الحديث: "سأل أبو بصير أبا عبد الله الصادق (ع) فقال له جعلت فداك أقرأ القرآن في ليلة؟ فقال: لا، فقال: ففي ليلتين؟ فقال: لا، حتى بلغ ست ليالٍ، فأشار بيده فقال: ها، ثم قال: يا أبا محمد إنّ من كان قبلكم من أصحاب محمد كان يقرأ القرآن في شهر أو أقل، إنّ القرآن لا يقرأ هذرمة (الهذرمة: سرعة المشي او الكلام) ولكن يرتل ترتيلاً إذا مررت بآية فيها ذكر النار وقفت عندها وتعوذت بالله من النار".
في ضوء ما تقدم نفهم قول أبي جعفر الباقر (ع): "لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان".

 
 
  كتب >> قراءات في الكتب
قراءة سماحة الشيخ أحمد مبلغي لكتاب "فقه العلاقة مع الآخر المذهبي"
الشيخ حسين الخشن



سماحة الشيخ أحمد مبلغي

ثماني نظريات لإيجاد التقارب بين الأمة

 

نص الكلمة الملقاة في الندوة التكريمية حول كتاب " فقه العلاقة مع الآخر المذهبي".

 

                     بسم الله الرحمن الرحيم

يسعدني الحضور في هذه الندوة التي عقدها المعهد الشرعي الاسلامي وهي ندوة تكريمية لكتاب فقه العلاقة مع الاخر المذهبي الذي ألفه الاخ المفكر استاذ دروس الخارج سماحة الشيخ حسين الخشن.

  في الحقيقة، هذا الكتاب يعد  من بعض النواحي ، كتابا فريدا من نوعه فهو قد طرح زوايا مهمة في مجال وحدة الامة كما يتضمن  استشهادات عديدة واستدلالات كثيرة في الرد على الفتاوى الخارقة لوحدة الامة فالكتاب روعيت فيه  جوانب  الادب والأخلاق بشكل بارز وهو في نفس الوقت يوفر تحليلات لها قوة الإقناع للقارئين واصحاب الفكر . 

 سماحة الشيخ الخشن يذكّرنا بافكار  العلامة الراحل السيد فضل الله فالكتاب في امتداد  مدرسة السيد العلامة.

فمدرسة العلامة السيد فضل الله مدرسة مفكرة وواعية ومبدعة تركز على فهم وشرح الاسس الاجتماعية للقرآن.

لا تتجه هذه المدرسة بمضي الزمن  نحو أن تستقر في هامش التاريخ وحاشيته، بل على العكس تتبلور منهجيتها واصالتها ومعطياتها اكثر فاكثر.

 

 هناك عدة نظريات لإصلاح وتنظيم علاقات الأمة؛ أهمها:

 

   ١- نظرية إدارة الاختلافات،

   ٢- نظرية معالجة الأسس الاجتماعية.

     حسب هذه النظرية يتوجب علينا بناء وايجاد الأسس والبنى التحتية الاسلامية قبل كل شيء.

  ٣- نظرية التركيز الجاد على القرآن لبناء وتوسعة العلوم الدينية

  ٤- نظرية إصلاح الأدبيات الدينية

  ٥- نظرية تعديل وتصحيح الفتاوى

  ٦- نظرية التقريب بين المذاهب الإسلامية

  ٧- نظرية نشر وترسيخ الاخلاق الاجتماعي للاسلام في المجتمع

  ٨. نظرية مشروع الامة القرآني.

            وما الى ذلك من النظريات التي تتداخل بعضها في البعض ولكن كلا منها نظرية.

 

رعاية للوقت  أشير إلى نظريتين مهمتين من هذه النظريات ، ثم اتناول النظرية المختارة وهي نظرية مشروع الأمة في القرآن.  وهاتان النظريتان هما:

 

1. نظرية إصلاح الأدبيات الدينية والمذهبيه:

  تری هذه النظرية أنه طالما لم يتم إصلاح الأدبيات والمصطلحات الدينية ، مثل إيمان وجهاد وتقية وهجرة ، و ... لايمكن إصلاح الامة وتعديل وتنظيم العلاقات بينها.

ذلك انطلاقا من:

- ان الأدبيات الدينية تحتوي على قيمة مفاهيمية وحراكية عالية جدا.

- ان الادبيات الدينية هي التي تخلق المفاهيم الاصلية، وتؤطر عملية ونوعية تطبيقها،

- ان الادبيات الدينية هي التي تدخل وتنفذ في الفقه وتعين له جهته واتجاهاته واحيانا ابوابه وهيكليته.

- ان الادبيات الدينية هي التي تحدد وظائف الدين الاجتماعيه واداءاته المذهبيه.

- ان الادبيات الدينية  ترسم صورة وجه الدين وتكتب له قائمة اولويات نشاطاته وفعالياته في ساحة المجتمع.

- ان الادبيات الدينية قد تبلغ حساسية دورها حدا يشكل  الاختلاف حول فهم معانيها نقطة بؤرية يتولد منها التعصب المذهبي ويحصل حولها وبها فصل الأمة واختلافها.

- ان الادبيات الدينية تصنع وتضع الشعارات الدينية وتتشكل على اساسها الرموز المذهبية.

لذلك كله ، إذا أردنا أن نجعل عَلاقة الأمة عَلاقة صحيحة ومبدئية ، فيجب علينا المضي نحو إصلاح الأدبيات الدينية.

 

وهذا الاصلاح يتمثل في:

أ. تعديل مفاهيم الادبيات الدينية.

ب. تحديد الإطار الدقيق للاستفاده من الادبيات الدينية.

ج. توظيف  الأدبيات الدينية: هءا التحديد إنما يجب لأنه في بعض الأحيان تكون المعاني المرادة من الالفاظ والمصطلحات دقيقة، لكن الدور الذي نضعه على عاتقها هو ما يخلق المشاكل.

 

٢: نظرية إدارة الاختلافات:

  ترى نظرية إدارة الاختلاف أننا لا نستطيع تجاهل الفروق والاختلافات في الفهم والفكر، فانها طبيعية وقهرية، كما ترى أن فهم الدين ليس مستثنى من هذه القاعدة القائلة بطبيعية الاختلاف.

  حسب هذه النظرية، انه لبناء الأمة وللسيطرة على كيانها حتى لا تُكسَر وحدتها لا طريق أمامنا الا عملية إدارة الاختلافات الفكرية داخل الامة الاسلامية. والقرآن قد أعطانا خطوطا واصولا تتم وتحصل  برعايتها هذه الادارة.

 ولكن بما أننا لم نكن نعرف هذا المشروع بشكل أساسي، فلم نصنع فقهنا ولا اخلاقنا ولا علومنا ولا سياستنا ولا ولا... على اساس هذا المشروع، وتفاصيل البحث موكول الى مكانه.

 

  ٣. نظرية مشروع الأمة للقرآن

 انه قدم القرآن الكريم رؤية واسعة وعميقة ومحورية حول الأمة كمشروع اجتماعي كبير وشامل.

يتسم هذا المشروع بأربعة مواصفات على الأقل:

 المواصفة الاولى: كون مشروع الامة في القرآن، أساسا ومنطلقا لمشاريعه الاخرى الاجتماعية.

 وتوضيح ذلك: أن مشروع الامة في القرآن هو مشروع رئيسي وبؤري، وكونه مشروعا رئيسيا وبؤريا يعني أن القرآن بنى سائر مشاريعه الاجتماعية على هذا المشروع وجعلها في خدمة هذا المشروع ومؤطرة بإطار هذا المشروع وحية بحياة هذا المشروع ومتحركة بحركة هذا المشروع.

فإذا توقف وتعطل مشروع الأمة القرآني، فستواجه المشاريع القرآنية الاجتماعية الأخرى مشاكل أساسية وجذرية، فسائر المشاريع إما:

- لا تتشكل أساساً

- أو تتشكل غير مكتملة

- أو تتشكل بشكل سيئ، مما يسبب للامة التدهور والعنف والدمار والبؤس.

وفقا لهذه النظرية فان القرآن اراد إعداد وتنفيذ روح  وعناصر هذا المشروع في العلوم والمؤسسات والاتجاهات والسياسات.

المواصفه الثانية: القرآن لم ينهض بذكر بعض الجوانب الاجتماعية للأمة فيهمل بعضها الآخر. بدلا من ذلك ، أعطى القرآن الكريم كل المكونات والمؤلفات والأبعاد الاجتماعية للأمة ، ويمكن استخلاصها بالكامل من الآيات، وتفاصيل البحث موكولة الى محالها.

المواصفة الثالثة: القرآن ليس أنه قدم اطروحة الامة بجميع مكوناتها ومقوماتها فحسب، بل قدم أيضا طرق مواجهة الامة مع المشاكل والازمات أو أنه طرح أحيانا تعاليم دينية تنتهي الى انهيار الأمة من داخلها ، هذا كله باطل سبحانه وتعالى عن كل هذه الاباطيل التي تصورها للقران، بل على العكس خلق القرآن أفكارا لمواجهة التحديات التي قد تواجهها الامة، وحاول توفير آليات دقيقة لكي تتعامل الامة عبرها مع الأزمات التي تهدد كيانها.

يبدو أن هذه النظرية أكثر اكتمالاً وأكثر جوهرية لأنها:

أولا. تركز على الأمة فتحدد لنا الموضوع الاساس لمشاريع القرآنية

ثانيا: بإمكان هذه النظرية استغلال سائر النظريات

  إنه يسمح لأي نظرية أن تلعب دورها في بناء قصر الأمة. يجب أن نجعل العلوم تستند إلى القرآن. يجب علينا إدارة الاختلافات على أساس منطق القرآن. يجب علينا تعديل الادبيات وفقا للقرآن. يجب علينا تحديد أهداف ومصالح الأمة وفقا للقرآن.

في مجال الامة من منظور القرآن، ان الذي أكثر غرابة وإثارة للدهشة من العلوم الأخرى، هو مااذا كان الفقه - الذي جاء لكي يحمي الدين ويحرس الأمة- بدلاً من أن يحمل ويدمج عناصر هذا المشروع القرآني، خاصة في مجال إدارة الاختلاف بين الامة وبدلاً من إعادة إنتاج هذا المشروع ونشر النتائج عليه،  يصبح بحيث أن يعمل في الموارد المتعلقة بعلاقات الامة، على العكس من ذلك فيتحرك في هذه الموارد باتجاه الاختلاف الاجتماعي بين الامة بل باتجاه توسيع الاختلاف وتجذيره و

تكريسه وتقديسه.

 

 






اضافة تعليق

الاسم *

البريد الإلكتروني *

موضوع *

الرسالة *


 


 
  قراءة الكتب
 
    Designed and Developed
       by CreativeLebanon