حوار مع مركز أفاق للدراسات والأبحاث: مشكلة الأديان تتشكل في الخطاب الفقهي    ثمن الحرية    أمثل الأساليب في عمليّة تهذيب النفس    مزايا الشباب    العمل سرّ النجاح    العبادة وعيٌ وانفتاح لا جهل وانغلاق    اقتناء أصنام الأمم البائدة    المفاهيم الدينية بين وجوب الاعتقاد وحرمة الانكار    البناء الاعتقادي بين الاجتهاد والتقليد    
 
بحث
 
تكريم الإنسان
 
س » من المقصود في الزيارة: السلام على عليّ بن الحسين.. هل هو زين العابدين (ع) أم الأكبر أم الرضيع؟
ج »

الظّاهر - بحسب السّياق - أنّ المُراد به هو عليّ الأكبر الشّهيد لدوره الكبير وحضوره في المعركة، ولعظيم مُصيبته على الإمام الحسين (ع)، أمّا الطفل الّرضيع فيكون ُمندرجاً في فقرة أخرى وهو قوله في الزّيارة - وعلى أولاد الحسين -  والتي تشمل سائر أولاده بمن فيهم الإمام زين العابدين (ع) والبنات أيضاً .

 


 
س » يوجد لديّ إشكالات كثيرة على الاستدلال بحديث الثقلين على العصمة، فهو يشمل إجماع العترة وليس آحادهم، ويشمل العباس عم النبي (ص)، فهل هؤلاء معصومون؟؟
ج »

أولاً: إنّ حديث الثقلين لا شكّ فيه من حيث السّند وهو مُستفيض حتى في روايات السّنة ناهيك عن روايات الشيعة ، وأّما من حيث الدّلالة فإنّه وبصرف النّظر عن كون القرآن الكريم أفضل من العترة أم عدم كونه كذلك ، فلا ريب في دلالة الحديث على أن التمسّك بالعترة يُشكّل صمّام أمان للأمّة يمنعهم ويعصمهم من الضّلال - ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا - ، ولا شكّ في دلالته أيضاً على أن العترة لا يفترقون عن القرآن الكريم ، ولا يُتصور أن يصدر عنهم ما يُخالف القرآن وهذا ما يدل عنه قوله في الحديث - لن يفترقا - .


- ثانياً : إنّ ما ذكرتموه بأنّ المراد بالحديث هو إجماع العترة هو كلام ضعيف ولا وجه له لأنّه إن أريد بالعترة ما هو أوسع من الأئمة من أهل البيت (ع) ليشمل العباس وذريته أو غيره، فمن المعلوم أنّ هؤلاء أعني العباسيين لا ميزة لهم عن سائر الصّحابة والنّاس فهم يُخطئون كغيرهم ويُمكن أن ينحرفوا كما انحرف غيرهم، وبالتالي فلا يُعقل أن يكون لرأيهم أو إجماعهم أيّ قيمة أو أن يُشكّل إجماعهم أو قولهم عاصماً للأمّة  عن الضّلال ، ما يعني أن نظر الحديث فقط إلى خصوص شريحة من العترة وهم الذين لا يُمكن أن يقعوا في الضّلال والانحراف، وهؤلاء لا فرق بين الواحد منهم أو الجميع ، فكما يكون قول الجميع حُجّة وعاصماً عن الضّلال ، كذلك قول الواحد، والقرينة على ذلك أنّه حين قال النبيّ (ص) هذا الكلام لم يكن من العترة التي يؤمَن وقوعها في الضّلال إلا عليّ (ع)، أما الحسن والحسين (ع) فكانا طفلين صغيرين، فهل كان الحديث لا قيمة له آنذاك لأنّه بعد لم يتحقّق إجماع العترة؟ من الواضح أن هذا بعيد جداً لأنّ كلامه (ص) ساري المفعول من حين إطلاقه ولا يتوقف على مرور عقود من الزّمن حتى يتشكّل إجماع العترة.


 
 
  نشاطات >> عامة
برنامج أ ل م على قناة الميادين - الإسلام وحرمة الطائفية والمذهبية
الشيخ حسين الخشن



رابط الحلقة: https://www.youtube.com/watch?v=4RCv1olRzjE&feature=youtu.be


الإسلام وحرمة الطائفية والمذهبية

في هذه اللحظة العربية والإسلامية الحرجة أطلت علينا بوجهها القبيح المذهبية والطائفية وأصبحت تحاصر الأمة في قوتها ووحدتها وتلاقيها وإجماعها وأسست لثقافة صدامية قبيحة حذر الإسلام منها، فقد تجلببت دول وجماعات وأحزاب وفضائيات وإذاعات وجرائد ومنابر وجامعات ومعاهد وعلماء دين وتيارات وقوى مجتمع مدني وجمعيات بجلباب المذهبية والطائفية. وبدل أن تكرس الإسلام كما صاغه المشرّع، راحت تقدم المذهبية والطائفية بديلا وجيشت الجيوش وحركت الأحزاب إنتصارا لمذهبية مقيتة وطائفية مذمومة.

 

 

المحور الأول

 

يحيى أبو زكريا: حيّاكم الله وبيّاكم وجعل الجنّة مثواكمُ.

قال الله تعالى في محكم التنزيل "لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ"، وقال تعالى أيضاً "وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ". وورد عن مهجة قلوبنا وحبيب أرواحنا صلّى الله عليه وآله وسلّم "لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ".

مشاهدينا، في هذه اللحظة العربية والإسلامية الحرجة، أطلّت علينا بوجهها القبيح المذهبية والطائفية، وأصبحت تحاصر الأمّة في قوتها ووحدتها وتلاقيها وإجماعها، وأسّست لثقافةٍ صداميةٍ قبيحةٍ حذّر الإسلامُ منها، فقد تجلببت دولٌ وجماعات وأحزابٌ وفضائيات وإذاعاتٌ وجرائدُ ومنابرُ وجامعاتٌ ومعاهد وعلماء دين وتياراتٌ وقوى مجتمع مدني وجمعياتٌ بجلباب المذهبية والطائفية.

وبدل أن تكرّس الإسلام كما صاغه المشرّع جلّ في علاه والرسول الأمين المبلّغ عن ربّ العالمين، راحت تقدّم المذهبية والطائفية بديلاً وجيّشت الجيوش وحرّكت الأحزاب انتصاراً لمذهبيةٍ مقيتةٍ وطائفيةٍ مذمومةٍ. ولقد نبّه النبيّ والرسول الأعظم إلى خطورة العصبية والمذهبية والطائفية عندما وصف الفتن بأنّها منتنةٌ، فقد تشاجر رجلان من المهاجرين والأنصار أيام النبي، فقال الأنصاري "يا للأنصاريّ"، وقال المهاجر "يا للمهاجرين"، فسمع النبيّ ذلك فخرج عليهم وقال "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم دعوها فإنها منتنة".

وقد جاء الإسلام ليبدّد ظلام تلك الفتنة، وينقل الناس من ضيق العصبيّات إلى سماحة التعدّدية، ومن ضيق الطائفية والمذهبية إلى حضارة الإسلام الكبيرة. والذي حدث بعد وفاة رسول الله أنّه تمّ التجاوز عن النصّ إلى التأويل، وتمّ التجاوز عن سيرة المصطفى إلى سير بعض أدعياء العلم والفقاهة، وبهذا الشكل كثُرت المذاهب والطوائف والمِلل والنِحل والتفسيرات والتأويلات، حتى أصبح الإسلام إسلامات والدين ديانات والرأي آراء والوحي الواحد الذي مثّله جبرائيل عليه السلام مجموعات من الوحي.

وأصبحت كلّ طائفةٍ وكلّ مِلةٍ وكلّ نِحلةٍ تقتبس من مصادر التشريع، القرآن والسنّة النبوية على وجه التحديد، ما يقوّي موقف هذه الطائفة وتلك المِلّة وذنيك النِحلة، وأصبح القرآن الذي وُجد ليكون أساساً للرؤية الكونية مطيّة لتبرير التصرفات الطائشة للكثير من المسلمين. ويؤكّد التاريخ العربي والإسلاميّ أنّ ما اقترفه المحسوبون على الإسلام، أعيد، ما اقترفه المحسوبون على الإسلام في حق إسلامهم أكثر ممّا اقترفه الفرنجة والمغول في حقّ الإسلام، ومن يقرأ كتاب المِلل والنِحل للشهرستاني والفرق بين الفرق للأسفراييني البغدادي والمِلَل والنِحَل لابن حزم الأندلسي، يدرك كم كان المحسوبون على الإسلام يتقاتلون بسبب تأويلٍ خاطئ هنا وفتوى باطلةٍ هناك وتفصيلٍ غير ناضجٍ لهذا النصّ، وهكذا دواليك.

وبدل أن نصحّح الموروث الإسلاميّ لننطلق من حسنه تعسكرنا وتخندقنا في سيّئه، ونجح مفكّرو الاستكبار في تقسيم العالم الإسلاميّ إلى محورٍ سنّي ومحورٍ شيعي، ويُراد للمحورين أن يتقاتلا لتكون نهاية المسلمين بالكامل، وسيكون المنتصِر الوحيد هو الكيان الصهيونيّ ودوائر الاستكبار.

الإسلام وحرمة الطائفية والمذهبية عنوان برنامج أ ل م، ويشاركنا في النقاش سماحة العلاّمة الشيخ حسين الخشن صاحب كتاب "تنزيه زوجات الأنبياء عن الفاحشة"، والشيخ الفاضل العالم الجليل صُهيب حبلي رئيس جمعية "ألفة للتقريب" وإمام وخطيب مسجد سيّدنا ابراهيم عليه وعلى الأنبياء جميعاً أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ومن مصر الشيخ الفاضل الدكتور منصور مندور من علماء الأزهر الشريف. مرحباً بكم جميعاً.

شيخ صُهيب، حيّاك الله وبيّاك. نحن نعيش في لحظةٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ حرجة، ويبدو أنّه بعد أن تصدّر الإسلام مشهد حياتنا، أخلاقنا، مسلكيّاتنا، نبذناه وراءه دهرية، وعدنا إلى عاداتنا في زمن الجاهلية السوداء. لماذا بنظرك عاد المسلمون إلى ما أسقطهم وسبّب لهم الانكسار ذات يوم؟

 

الشيخ صهيب حبلي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله وصحبه ومَن والاه.

لا شكّ ولا يُخفى على أحد أنّ اليوم هناك مخطط قديم بإنشاء فِرَق، وكما ذكرت في مقدّمة الحلقة، بإنشاء فِرَق تدّعي الإسلام وتنتسب إلى الإسلام زوراً فتفسد وتدخل طبعاً أحاديث مكذوبة وموضوعة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، أو تفسّر النصوص حسب أهوائها وخدمة للحاكم وللسلطان وتفتي فتوى شاذّة هنا وفتوى شاذّة هناك، فتوى سياسية لا تستند لا لشرعٍ ولا لدين. لذلك، اليوم، ينبغي ومأمورون أن نوضح أنّ الخلاف ليس سنيّاً شيعياً، الخلاف بين إسلامٍ حقيقيٍ أصيل مستند إلى قرآن وإلى  أخلاق محمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ولنهج محمّد والسلوك والتعامل وإلى آخر ما هنالك من سيرته عليه الصلاة والسلام، وإسلام لا يشبه إسلام محمّد.

 

يحيى أبو زكريا: أحسنت.

 

الشيخ صهيب حبلي: إسلام فيه القتل وفيه الذبح وفيه التفنّن بتعذيب الناس، مع العلم أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم هو الذي قال عن قرية النمل، لا يعذّب بالنار إلا الجبّار، وإذا قتلتم فأحسنوا القتل أو الذبح.

 

يحيى أبو زكريا: قالها للخروف وليس للإنسان.

 

الشيخ صهيب حبلي: حتى الذبيحة لها أحكام وشروط.

 

يحيى أبو زكريا: أحسنت.

 

الشيخ صهيب حبلي: هناك آداب للقتال، حتى قناة Discovery، قناة أمريكية ربما والله أعلم، ذكرت، كانت تتحدث عن عصور وتطور الأسلحة في خلال العصور، قالت حتى جاء العصر الإسلامي ولم يطوّر السلاح، إنما وضع آداباً للقتال، لا تقتلوا طفلاً أو امرأة أو شيخاً أو وليداً، لا تقطعوا شجرة، إلى آخر ما هنالك. فاليوم هناك هدف إبعاد الناس، وكلّ إنسان مُطّلع على التاريخ يعلم ما الهدف من إنشاء هذه الفِرَق التكفيرية، من المموّل ومن الداعم ومن الذي أنشأ هذه الفِرَق، التي طبعاً اليوم تصدّر كتيّبات وتنشئ فضائيات وتصدّر هذه الفتاوى الشاذة.

 

يحيى أبو زكريا: سندخل في كلّ التفاصيل، وطّأتَ وبورك فيك من موطئٍ.

الشيخ حسين الخشن، طبعاً أنا أحيّيك وأشدّ على يدك لأنّك واحدٌ من العلماء التقريبيين الوحدويين في الألفية الثالثة المصابة بالانشقاق والتشقّق. من كتبك الجميلة "تنزيه زوجات الأنبياء عن الفاحشة"، وقد استندت إلى روايات أهل البيت ومقولة أنّ مدرسة أهل البيت تنال من شرف أمهات المؤمنين هي أكذوبة وهي بمثابة حصان طروادة لبث الشِقاق بين المسلمين، أنصح مشاهدينا بقراءته طبعاً، ولك الكثير من الكتب الرائعة والتي أستأنس بها. من جميلها أيضاً "الإسلام دين الحبّ"، وقرأته في متن طائرة، كنتُ من عاصمة إلى عاصمة.

أشار الشيخ إلى أنّ هذا الإسلام جميلٌ، رائع، مرونق. إذاً كيف أصبح الإسلام ديناً ضيّقاً، هامشياً، قُطرياً، مذهبياً، بعد أن كان رسالة عالميّة، بعد أن كان ديناً للبشر، للإنسانية جميعاً؟ كيف خُطِف من قِبَل بعض المسلمين وحوّلوه إلى دينٍ لحيٍ، دين لجماعة، دين لمجموعة اثنية، عرقية، دينية وما شابه؟

 

الشيخ حسين الخشن: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا محمّد وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسَلين.

حقيقةً، عندما يُطرَح سؤال الوحدة، سؤال التقريب، سؤال الإسلام وما يتعرّض له اليوم، يُصاب الواحد منّا بألمٍ في قلبه، لأننا كمسلمين يُفترض بنا أن نكون في مرحلةٍ متقدّمة في نشر هذا الدين ورسالة هذا الدين في العالم، وإذا بنا بعدما يزيد على 14 قرناً لا نزال نسأل كيف ننشر الإسلام، لا نزال نسأل هل فهمنا الإسلام أم لم نفهمه، لا نزال نسأل كيف نتلاقى نحن كأمّةٍ واحدة على مائدة الإسلام، هذه المائدة التي تغذّي الروح والفكر والعقل وتنظّم الحركة والحياة.

نعم، إنّها أسئلة مؤلمة أن نظلّ ندور في هذا الفلك، لكن هذا الواقع، وعلينا أن نفكّر في حلولٍ لهذا الواقع. الإسلام كما قلت رسالة عالمية، هي رسالة الخلاص للبشرية، رسالة الحبّ والسلام والإيمان، رسالةٌ تجمع بين متطلبات الروح ومتطلبات الجسد. هذه العالمية في الإسلام هي التي أخافت الآخرين، وعملوا على إرباك الواقع الإسلامي وإشغال المسلمين في أنفسهم ليقدّموا بذلك نسخةً مشوّهة عن الإسلام لأنّ الآخر لا ينظر إلى الإسلام في نصوصه بقدر ما ينظر إلى الإسلام في نموذجه الحيّ، أعني بذلك المسلمين.

نعم، إنّ الإسلام في عقيدته عقيدة رحبة، الناس كلّهم أمام الله عباداً لا فرق بين عربيّهم وأعجميّهم، رسولنا الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم أُرسِل للعالمين كافة، للناس كافة، "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ"، "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ". العقيدة الإسلامية أيضاً عقيدةٌ جامعة، الشريعة الإسلامية تتّسم بالمرونة، تتّسم بالقدرة على مواكبة الحياة في كلّ متغيّراتها وحياتها. هذه الميزة في الإسلام، ميزة العالمية، تحتاج إلى من لديه قدرة على حمل الإسلام، لأنّ هذه الصورة الجميلة المشرقة للإسلام قد تشوّهت بسوء تصرّف المسلمين، بسوء فِعال المسلمين، فهم جنوا على إسلامهم.

إنّ الآخر كما قلت لا ينظر إلى نصوصنا، ينظر إلى تجربتنا. نظرتنا إلى الآخر، نظرتنا الضيّقة إلى الآخر المذهبي، نظرتنا إلى الآخر الديني، كلّ هذه الصورة هي التي تشوّه إسلامنا، ونحن اليوم كعلماء، كمفكّرين، كمسلمين، معنيّون بأن ننقّي هذه الصورة. نحن أدخلنا أحقادنا على الإسلام وعلى النصّ الإسلاميّ، فصرنا نقرأ النصوص بأحقادنا بدل أن نقرأها بتجرّد. نحن أدخلنا ذاتيّاتنا على النصوص وعصبيّاتنا على النصّ الديني، فأصبح نصاً ضيّقاً بعد أن كان نصاً يملك رحابةً بحجم ربّ السموات والأرض، لأنّه صاحب هذا النصّ، وهو الذي يصدر عنه الخير ولا يصدر عنه إلا الهدى والنور.

 

يحيى أبو زكريا: وهكذا أضاع المسلمون أوراق قوتهم ومجاناً للأسف الشديد. دعني أنتقل إلى مصر الحبيبة، إلى الدكتور منصور مندور.

دكتور منصور، الإسلام أرادنا كباراً، فأبينا إلا أن نكون صغاراً. الإسلام أرادنا موحّدين وموحَّدين، "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا"، فتقرّقنا وقلنا الجنّة في الفرقة والنجاة في الفرقة، والنجاة في المذهبية والطائفية. ما بال المسلمين لا يرتقون إلى مستوى إسلامهم دكتور منصور؟

 

الشيخ منصور مندور: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيّدنا ومولانا رسول الله صلّى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.

تحيّة من أرض مصر، أرض الأزهر، قاهرة المعزّ لدين الله، أسوقها لكم. تحيّة لك أخي أبا زكريا، ولضيوفك الكرام.

الحقيقة، رسالة الإسلام هي رسالة كما ذكرت، رسالة عالمية، رسالة يجب على المسلمين جميعاً أن يرتقوا بهذه الرسالة، لأنّ الإسلام جاء ليوحّد هذه الأمّة ويجعل من هؤلاء الذين كانوا يعيشون في الشتات ويعيشون متفرّقين ويعيشون متناحرين على أتفه الأسباب، كانت تُقام بينهم المعارك، فجاء الإسلام فجمعهم على القوة وجمعهم من رعاية الإبل والغنم إلى قيادة الأمم، ومن ثمّ، نجد أنّ القرآن الكريم، لو أردنا أن ننظر أولاً في كتاب الله عزّ وجلّ، وكيف حذّر من التفرّق والتشتّت، في قوله سبحانه وتعالى "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ"، وفي قوله سبحانه "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا". وهناك آية يغفل عنها كثيرٌ من الباحثين، ناهيك عن المسلمين، هذه الآية فيها تحذيرٌ شديد لم يلتفت إليه البعض في قوله سبحانه وتعالى في سورة الروم، "وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ".

هذه الآية في سورة الروم تحذّر أو توضّح أنّ الفرقة قد توقِع في الشرك، هذا الشرك الذي يحذّرنا منه القرآن الكريم في أكثر من موضِع وفي أكثر من آية قد نقع فيه ونحن لا ندرك بسبب التفرّق وبسبب البحث عن أسماء وتسميات ما أنزل الله بها من سلطان. قال سبحانه وتعالى "هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ". هذه التسمية من الله سبحانه وتعالى تقتضي منّا أن نرتقي بإسلامنا وأن نرتقي بديننا وأن نكون عند حسن الظنّ، وأن نكون عند قَدر المسؤولية. النبيّ صلوات الله وسلامه عليه في كثيرٍ من أحاديثه الشريفة التي تواترت علينا يحذّر أيضاً من هذا، فيقول صلوات الله وسلامه عليه "هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ"، وفي رواية أخرى "لا تشددوا فيشدد الله عليكم".

إذاً كلّ هذه التحذيرات من القرآن الكريم ومن السنّة النبوية المطهّرة، بل أضف إلى ذلك أيضاً أفعال الصحابة رضوان الله تعالى عليهم والتابعين الذين كانوا يحذّرون من الفِرقة ويحذّرون من التعصّب ويحذّرون من المذهبيّة التي أضعفت هذا الدين، وحذّروا منها كثيراً، عندما نتأمّل قوم الإمام الشافعي رضوان الله تعالى عليه، "قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب"، عندما ننهج منهج هؤلاء الأئمّة الصالحين في تعاملاتهم وفي نظرتهم للتشريع الإسلاميّ، سنجد أننا فعلاً أخذنا منحىً آخر وابتعدنا عن روح هذا الدين الذي جاء ليجمعنا، جاء ليوحّدنا، جاء ليرتقي بنا، فأين نحن من هذه الحقيقة؟

 

يحيى أبو زكريا: دكتور منصور، وسنحاول جاهدين في ما تبقّى لنا من محاور أن نرسم آلياتٍ لإعادة المسلمين إلى ما كانوا عليه أيام قوتهم وسؤددهم ومجدهم وعزّهم.

مشاهدينا فاصلٌ قصيرٌ ثمّ نعود إليكم فابقوا معنا.

 

 

المحور الثاني

 

يحيى أبو زكريا: مشاهدينا أهلاً بكم من جديدٍ، عدنا والعود أحمد. ومن أدرك حلقتنا الآن، نحن نعالج موضوع الإسلام وحرمة المذهبية والطائفية.

شيخ صُهيب، اليوم بالفعل كما قلتُ في مقدّمتي، نحن في لحظةٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ حرجة، وأخرحت الأرض أثقالها وملفاتها، وزلزِلت الأرض زلزالها بلحاظ الفتنة العمياء التي تعصف بالعالم الإسلاميّ. كنّا نتحدّث عن الفتنة الكبرى كما يقول طه حسين في مجتمع مصغّر قوامه خمسة آلاف أو عشرة آلاف، اليوم هنالك فتنة تعصف بمليار و600 مليون مسلم في العالم الإسلامي.

اليوم، عندما الشيخ صُهيب يتحدّث عن الوحدة الإسلامية، وتآخي المسلمين، يُقال لك من قِبَل ذينكم المنابر، الفضائيات، أنّك مجوسي، رافضي، عميل إيراني، تقبض بالتومان الإيراني، وأنتَ عمامة سنيّة ما شاء الله ومشرب المذاهب الأربعة. كيف السبيل للقضاء على هذه الادعاءات التي تنطلي على كثيرٍ من مسلمينا المصابين بالغباء والغيبوبة في العالم الإسلامي؟

 

الشيخ صُهيب حبلي: سيّدي، اليوم المؤسسات الدينية السنيّة في أكثر البلاد هي تحت سيطرة السياسيين والتيارات السياسية، فأولاً يجب تطهير المؤسسات الدينية من السياسات النجسة، والتوضيح للناس بأنّ أيّ عالِم اليوم يعتلي منبراً أو يبدأ بالفتن والتحريض، هل هو يذكر خلافاً فقهياً؟ لا يتحدّث عن أيّ خلاف فقهي. بالعكس، حتى العلماء كانت قاعدتهم اختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضية. الإمام أبو حنيفة قال "لولا السنتان لهلك النعمان"، السنتان اللتان قضاهما التلميذ عند الإمام جعفر الصادق عليه السلام. فاليوم، الأئمة كان بينهم حب وودّ وتعاون، مع كلّ الاختلافات الفقهية لم يكفّروا بعضهم أو يحاربوا بعض أو يقتّلوا بعضهم. الموضوع اليوم، حتى هذا الإنسان الجاهل الذي يفرّق عليه أن يقرأ قليلاً، الموضوع بحاجة إلى وعي، وعي فكري، اليوم هناك ازدواجية عند هؤلاء، عند الفِرَق التكفيرية هناك ازدواجية بالمعايير وتغيير الفتوى بحسب موافقة المصلحة، علمنا بالأمس أو من سنوات تحريم اتمظاهرات في فلسطين بحجّة أنّها غوغاء، أما في سورية فلا مانع من تظاهرات، تحريم الخروج على الحاكم، اليوم ظهر كتاب، بالأمس مدعوم من آل سعود، تحريم الخروج على الحاكم، بالأمس كنتم تقولون يُقتل ثلث الشعب لا مانع، ويبقى الثلثان، فهناك تغيير بالفتوى بحسب، العمليات الاستشهادية في فلسطين، كانت لا تجوز، أما اليوم يجوز التفجير وقتل الأبرياء هنا وهناك.

 

يحيى أبو زكريا: في العالم الإسلاميّ يجوز، أما في فلسطين فلا يجوز.

 

الشيخ صُهيب حبلي: حرّموا في سنوات ماضية، فالفتوى لا تتغيّر، اليوم هم يغيّرون الفتوى بحسب المصلحة، فاليوم علينا أن نفصل، أولاً المؤسسات الدينية عن تحكّم السياسيين بها، ثمّ التفريق بين علماء السلاطين والعلماء الربانيين، لأنّ الإمام الغزالي يقول "قيّدت الأطماع ألسن العلماء فسكتوا عن الحق، وإن تكلموا لم يوافق كلامهم أفعالهم".

 

يحيى أبو زكريا: وذكّرتني بأحد العلماء الربانيين، كانت لديه مكتبة كبيرة جداً، فأحرقها جميعاً وقال لها "تعساً لكِ، لقد أحوجتِني إلى السلطان"، فشمّر على ساعديه وصار فلاحاً، فسُمّي العالِم الفلاح، حتى لا يكون تحت إمرة سلطان.

 

الشيخ صُهيب حبلي: صحيح، فاليوم نحن بأمسّ الحاجة لفهم القرآن أولاً وتنقيح الكتب الموجودة التي وُضِعت فيها الدسائس من الأحاديث المكذوبة وفهم النصوص فهماً حقيقياً، لأنّ اليوم لو جئت ووضعت حديثاً معيّناً يخالف أخلاق النبيّ وسيرة النبيّ ونهج الإسلام والرحمة للعالمين، وذكرنا ذلك سابقاً، هناك قاعدة فقهية تقول أنّه إذا تعارض فعل النبيّ مع قوله، يرجَّح فعله على قوله، تنسف كلّ الأحاديث المكذوبة. فإذا أنت تريد أن تقول أنّ هذا الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، نقول لك أنّ هذه قاعدة، هل النبيّ ذبح أحداً؟ هل النبيّ قتل أحداً؟ هل النبيّ فرّق وهو الذي قال كما ذكرت "دعوها فهي منتنة"؟ وهو الذي جاء شاس بن قيس، وجد تآلف المسلمين ومحبة المسلمين، فأراد من يفتن. اليوم من يمثل شاس بن قيس؟

 

يحيى أبو زكريا: الموساد الإسرائيلي.

 

الشيخ صهيب حبلي: نفس الشيء. فاليوم، كلّ عدو للإسلام لا يريد للإسلام أن يجتمع، كلّ عدو للإسلام يريد أن يحوّل البوصلة. كيف يحوّلها؟ ليس عندهم حجّة، يحوّلون الموضوع إلى مذهبي.

 

يحيى أبو زكريا: لله ذرّك سماحة الشيخ.

 

الشيخ صهيب حبلي: وهو خلاف سياسي طبعاً.

 

يحيى أبو زكريا: أفدت وأشرت إلى أنّ السياسة هي التي تصنع فتاوى التفريق وهي التي تجيّر الإسلام في معارك المسلمين. بنفس المؤاخذات التي تُعرَض عليكم، وقد ذكرتُها آنفاً، دعني أسأل الشيخ في نفس السياق.

سماحة الشيخ، عندما تدعو أنت الشيخ حسين الخشين من علماء مدرسة أهل البيت إلى الوحدة، يُقال لك مدرستك تكفّر الصحابة، مدرستك تعترض على أمهات المؤمنين، مدرستك تابعة لعبد الله بن سبأ اليهودي، وهي تحمل على كلّ صحابة رسول الله. نريد في هذه العشية وهذه الليلة قولاً فصلاً من فيك، ربما المسلمون يتركون الجدل الصهيوني إلى الجدل الإسلامي الحضاري ويبنون حضارة، ربما المسلمون يخرجون من بطون التاريخ إلى القرن الواحد والعشرين وما يليه. تفضّل سماحة الشيخ.

 

الشيخ حسين الخشن: أعتقد أنّه إذا ظلّت تسودنا فكرة المؤامرة، بمعنى أنّ كلّ فرقةٍ تتهم الفرقة الأخرى بأنّها تكيد للإسلام فلن نجد إلى نتيجةٍ مُرضية، بل سنبقى نتقاتل ونتناحر. لا يجوز أن نقدم على إدارة اختلافاتنا، ونحن نعترف بوجود هذه الاختلافات، والاختلافات من حيث المبدأ لا تشكّل عيباً بل إنّها تمثّل ثراءً للفكر، ليست مشكلة الأمّة في المذهبية كمذهبية فكرية، مشكلة الأمّة في العصبية المذهبية.

 

يحيى أبو زكريا: جميل.

 

الشيخ حسين الخشن: في الأحقاد التي تغذّي الناس والذين يحملون هذه الفكرة أو تلك الفكرة. نعم، لا بدّ لنا أن ننظّم اختلافاتنا، وأن نقدّم أنفسنا، وأنا أقولها بكلّ وضوح، لا بدّ لنا ألا نغطّي الأمور، أن نقدّم أنفسنا بشفافية، ونبتعد عن منطق المجاملات. إنّ مشكلة الوحدويين في هذه المرحلة أنّهم ظلّوا في البروج العاجيّة.

 

يحيى أبو زكريا: وفي الفنادق فقط.

 

الشيخ حسين الخشن: وفي الفنادق، ولم ينزلوا إلى أرض الواقع. مشكلتهم أنّهم ظلّوا في التنظير، ولم ينزلوا إلى التطبيق. مشكلتهم أنّهم كانوا، واسمح لي بهذه الكلمة، في كثيرٍ من الأحيان يتكاذبون.

 

يحيى أبو زكريا: أحسنت.

 

الشيخ حسين الخشن: الوحدة تحتاج إلى شفافية، لدينا آراءٌ واضحة، نعم، بعد استبعاد منطق المؤامرة، وبعد أن نجلس على طاولةٍ واضحة بكلّ شفافية، الجلوس على طاولة واحدة يعني أن لا أفهم السنّي من خلال ما يقوله الشيعي عن السنّي، من خلال ما ينطق به السنّي نفسه، والعكس بالعكس، أن نكون نفهم بعضنا من منابعنا، من مصادرنا، لو تكاشفتم لما تدافنتم. مشكلتنا ونحن في عصر هذه الفضائيات التي تتحدّث عنها والإعلام، لكن لا يزال الكثير من علماء المسلمين من هذه المدرسة أو تلك، عندما يحاكم المذهب الآخر، يحاكمه على ما يُنقَل عنه لا ما قرأه واقعاً في كتبه، وفي مصادره.

 

يحيى أبو زكريا: صحيح.

 

الشيخ حسين الخشن: أقول نحن أمّة تجمعنا عقيدة، عقيدة واحدة، والعقيدة هي الأرضيّة المشتركة التي لا بدّ أن تبتني عليها الوحدة واللقاء بين المسلمين. نحن لا ننطلق في الوحدة الإسلامية من قاعدة ذلك الشاعر " سلامٌ على كفرٍ يوحّد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنّمِ"، أبداً، سلامٌ على إسلامٍ يوحّد بيننا، والإسلام يجمعنا، لأنّ الأسس العقدية في ما بيننا مشتركة، وهذه العقيدة المشتركة، هذه الوحدة العقدية لا بدّ أن تنعكس وحدة مجتمعية، وحدة مجتمعية، على الاجتماع الإسلامي، ليغدو المسلم أخ المسلم.

 

يحيى أبو زكريا: نظرياً شيخنا، قلت فصلاً ونطقت عدلاً. لكن أجبني على سؤالي كما يُطرَح في الشارع العربي والإسلامي، وهناك ستون فضائية تقول عنكم أنّكم تكفّرون الصحابة وتسيئون إلى زوجات رسول الإسلام صلّى الله عليه وآله وسلّم. أجبني بالتفصيل إذا سمحت.

 

الشيخ حسين الخشن: الصحابة في ما يتصل بالنظرة إليهم هم بشرٌ نالوا سبق الاتباع لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، نحن لا نعتقد، من منطق الشفافية التي تكلّمتُ عنها سأتحدّث، نحن لا نعتقد بعصمة الصحابة، العصمة فقط لأهلها، رسول الله كان معصوماً، الصحابة بشر، قد يُخطئون وقد يُصيبون، والكثيرون منهم اتبعوا رسول الله، إنّ من يحدّثك عن أنّ الصحابة بأجمعهم ارتدّوا بعد رسول الله هذا يكذّب الواقع وهذا يسيء إلى رسول الله، كأنّ رسول الله ذهب سدى، هذا النبيّ حاشى ألا يكون موفّقاً في أمّته، لقد استطاع النبيّ أن يبني جيلاً من الصحابة الذين قدّموا أنفسهم وأرواحهم في سبيل الإسلام، في حياة الرسول أو بعد وفاته صلّى الله عليه وآله وسلّم.

فالنظرة إلى الصحابة أنّهم بشرٌ، ليسوا معصومين، وأنا لا أقبل بفكرة إسدال ستارٍ من التعتيم على مرحلة صدر الإسلام الأول بحيث لا نقرأها. لا، علينا أن نقرأها قراءة نقدية، لكن لا على أساس أن نستجلب خلافات الماضي إلى الحاضر، يكفينا من الحاضر خلافاته، فلسنا بحاجةٍ إلى خلافاتٍ أخرى، نقرأ ما جرى بعين العبرة، بعين "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ"، بهذا المنطق نقرأ تلك المرحلة، فنحن لا نعطيهم عصمة، نسمح بنقدهم، ولكنّ النقد لا يعني التجريح ولا يعني السباب ولا يعني الشتائم.

علي بن أبي طالب عليه السلام والذي هو إمام الوحدويين بحق، عندما وقف في صفين وسمع بعض أصحابه، وأنت تعرف أنّه عندما تسيل الدماء لا تبقى للكلمات من معنى ولا من أثر، سمع بعض أصحابه في داخل المعركة يشتمون جماعة معاوية، جمعهم، وقال لهم "إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ ولكن لَوْ وَصَفْتُمْ حَالَهُمْ وَذَكَرْتُمْ أفعالهم لكان أبلغ في الفعل وأصوب في العذر وقولوا بدل سبّكم إياهم اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم".

زوجات الأنبياء أيضاً، اسمح لي بما أنّك سألت وهذه نقطة مهمّة، زوجات الأنبياء هم أمّهات المؤمنين بنصّ الكتاب، أرأيتَ مسلماً ينال من أمّه؟ مع أننا أيضاً لا نعتقد بعصمتهن، وربما أخطأت إحداهنّ هنا أو هناك، لكن هم أمّهات في نزول التقدير والاحترام، أيّ تطاولٍ على أمّهات المسلمين هو إهانة لرسول الله ولا أظنّ أن مسلماً يجرؤ إلا أن ينحني إجلالاً وإعظاماً وإكباراً لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وقد قال الشاعر وهو يخاطب السيّدة عائشة، "فيا حميرا سبّك محرّمُ لأجل عين ألف عين تكرمُ"، هو وراء هذا اللقب الذي كان يطلقه النبيّ عليها صلّى الله عليه وآله وسلم، هذا الشاعر الشيعي يقول هذا المعنى، "فيا حميرا سبّك محرّمُ لأجل عينٍ"، عين الرسول، "ألف عين تكرمُ".

 

الشيخ صهيب حبلي: سيّدي، قبل أن ننتقل.

 

يحيى أبو زكريا: نعم، قبل الانتقال إلى مصر.

 

الشيخ صهيب حبلي: اليوم، نحن نرفع من رفع القرآن، ونضع من وضع القرآن. هناك مفهوم خاطئ دخل إلى كتبنا، كتب السنّة، نكايةً، هم عندهم عليّ فنحن عندنا عمر، هم عندهم أئمّة معصومون فنحن يكون عندنا صحابة يصلون إلى درجة العصمة عند البعض، فهذا خطأ، مفهوم خاطئ. سعيد بن المسيب هو عالم سنّي، قال، فرّق بين الصحبة الشرعية والصحبة العامة، قال هناك صحبة شرعية وهناك صحبة عامة.

 

يحيى أبو زكريا: لا شكّ.

 

الشيخ صهيب حبلي: وفرّق مَن هو الصحابي الذي قاتل مع رسول الله، غزا معه غزوة أو غزوتين، وهاجر معه وثبت معه، والقرآن الكريم واضح، سورة الجمعة، "وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا"، "إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ"، المفهوم الخاطئ الذي وصل إلينا اليوم هذا هو أساس المشكلة، ثمّ أيّ إنسان يتهمنا، أنت تسير مع الذي يسبّ الصحابة، إذا أردنا الدخول بهذا الموضوع، من الذي بدأ بسبّ الصحابة؟ أليس علي عليه السلام صحابياً؟ من أهل بيت رسول الله، وهو صحابي بالمفهوم، فمعاوية هو الذي بدأ بسبّ الصحابة، إذا أردنا الدخول بهذا الموضوع، هي فكرة كما قال الشيخ نأخذ منها الإيجابيات التي تصلح شأن الأمّة ونرتقي بها إن شاء الله.

 

يحيى أبو زكريا: لا فضّ فوك، ذكّرتني بكتاب لصديقي العزيز الدكتور حسن فرحان المالكي، "الصحبة والصحابة"، وفيه توضيح لمفهوم وماهية الصحابي. ليس الصحابي من كان يسير في الأسواق، رأى رسول الله فقيل أنه صحابي. لا، للصحابي مدلول شرعي وحتى فقهي كما أشرت.

سماحة الشيخ الدكتور منصور مندور، نصركم الله في مصر على الإرهاب الأعمى إن شاء الله، كما استمعتَ وشاهدت هنا، الشيخ حسين والشيخ صُهيب متقاربان، وكلّ واحد ينتمي إلى مدرسة إسلامية، التي تنهل من الإسلام المحمّدي الأصيل. إذا كان التآلف هو العنوان، وإذا كان التقارب والتقريب هو الخيمة التي نستفيء بظلّها، من يحرص على إعادة إحياء الجدل السقيم في الفضائيات، في الشاشات، في المقالات، في المنابر، في الجمعيات؟ من يضخّ هذا المال الأعمى لكي تصبح الأمّة الإسلامية عمياء وعمشاء؟

 

الشيخ منصور مندور: أخي يحيى، ليست المشكلة في مَن يجهلون الحقيقة. المشكلة في مَن يكرهون الحقيقة. والذي يحدث الآن في العالم الإسلاميّ يحتاج منّا إلى أن نكون منصفين وأن نتنزّه عن الطائفية، وأن نتنزّع ونترفّع عن المذهبية.

لكن اسمح لي بداية، أشكرك على سؤالك الذي وجّهتَه إلى سماحة الشيخ حسين الخشن، وأحبّ أن أقول لك إنّ كتابه هذا "تنزيه زوجات الأنبياء عن الفاحشة" موجودٌ عندي، لديّ، قرأتُ بعضَه، أهداه لي صديقي الباحث الإسلامي محمد حسين ترحيني، أهداه لي عندما كنتُ في بيروت، وقد أعجبني جداً، وأحيّي فضيلة الشيخ على إجابته الواضحة الجليّة التي تُخرِسُ كثيراً من الألسنة. هناك ألسن تحتاج إلى إخراسها وتحتاج إلى قمعها، هذه الفتوى وهذا الردّ أعتقد أنّه كافٍ ويستطيع أن يسدّ كثيراً من هؤلاء أصحاب الزيغ وأصحاب إثارة الفتن وأصحاب إثارة المشاكل، والحديث عن أنّ الشيعة يقولون كذا وكذا.

إذا كان هناك في الشيعة من يتطاول على أمهات المؤمنين وأصحاب النبّي صلوات الله وسلامه عليه، ورضي الله تعالى عنهم، فهذه ألسنة، أنا أعتقد أنّها ألسنة شاذة، تحتاج إلى جهدٍ جهيد من علماء الشيعة ليكفّوهم ويردّوهم على أعقابهم خاسرين، لأنّ الطعن في الصحابة أو في زوجات النبيّ هو طعنٌ في شهادة القرآن الكريم، القرآن الذي شهد لهم بالقوة والمِنعة والمحبة والألفة، قال سبحانه "مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ". إذا كانت هذه هي شهادة القرآن، فلماذا نتكلم بهذه الكلمات الفارغة التي تعارض كتاب الله وتعارض شهادة القرآن لأولئك الصحب الكرام؟

أيضاً أضيف إلى ذلك، ما حدث من الدولة الأموية هو مردودٌ عليهم، "تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ"، فلماذا نحكم على أمّةٍ كاملةٍ بفعل بعض أفرادها؟ اليوم نحن لا نحاسب الناس. أنا أريد أن أقول، كونك تلعن صحابياً أو تلعن كذا، هل الله عزّ وجّل يترك حكمه ورؤيته وشهادته وينتبه إلى لعنك أنت أو سبّك أنت أو كلامك أنت؟ أليس هؤلاء الناس متروكٌ أمرهم لله سبحانه وتعالى، هو الذي يحكم فيهم بنصب حكمه ونحن نقبل حكم الله سبحانه وتعالى؟

بعيداً عن كلّ هذا، علينا أن نترك الأمر لله سبحانه وتعالى. أما فكرة البراء قبل الولاء، وأن ألعن قبل أن أؤمن وأن أسبّ قبل أن أمدح، هذا كلام ما أنزل الله به من سلطان. أنت اليوم نريد أن نحقّق الوحدة الإسلامية، نريد أن نجعل من هذه الأمّة أمّة كاملة، لا تخضع لاتفاقية سايكس بيكو، ولا تخضع لرؤية كوندوليزا رايس، ولا تخضع لرؤية الغرب أو تقسيم الغرب، نحن نساعدهم على مرادهم، نساعدهم على تقوية اقتصادهم بإنتاج السلاح الذي نحن يقاتل بعضنا بعضاً به، لكن اليوم نحن في حاجةٍ إلى أن نعود إلى كتاب الله عزّ وجلّ.

هذه الأمّة تعيش محنة لا مَخرج منها إلا بالعودة إلى النبع الصافي، إلى كتاب الله عزّ وجلّ وصحيح سُنّة النبيّ صلوات الله وسلامه عليه، وحياة الصحابة الكرام الذين تربّوا على يد النبيّ وعلى يد آل بيته رضوان الله تعالى عليهم جميعاً، نحن نريد لهذه الأمّة أن تقف على قدميها ثابتة راسخة قوية بعيدة عن النجاع، لأنّ الله سبحانه وتعالى قال "وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ"، وآية الروم التي ذكرتُها قبل ذلك في قول سبحانه وتعالى "وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ".

الإسلام يأبى للمسلم أن يقع ضحيّة لمؤامرة أو ضحيّة لفتنة أو ضحيّة لاختلاف رأي أو فهمٍ فكريّ، الإسلام يريد لهذه الأمّة أن تكون قوية على أعدائها، رحيمة بأبنائها، متعاونة في ما يرضي الله سبحانه وتعالى.

 

يحيى أبو زكريا: شيخ منصور، ما أعظم الإسلام، ولعلّي أذكّرك بكتاب الأستاذ خالد محمّد خالد "من هنا نبدأ"، عندما أدرك السلف الصالح مفهوم الإسلام ارتقوا، خلفهم تلفٌ طالح أضاعوا الإسلام وأخذوه إلى الشوارع الضيّقة والمساجد الضيّقة، فندعو الله تعالى أن يقيّد لهذه الأمّة علماء ربانيين يعيدون الألق للإسلام، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

مشاهدينا، فاصلٌ قصير ثمّ نعود إليكم، فابقوا معنا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ، قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ، وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ

صدق الله العظيم

 

 

المحور الثالث

 

يحيى أبو زكريا: مشاهدينا أهلاً بكم من جديدٍ.

شيخ صُهيب، للأسف الشديد، الانكسار الإسلامي بدأ في مرحلة التوازن الذي فُقِد بين الشرق والغرب. حقّق الغربيون حضارتهم، ترك المسلمون الاجتهاد والعقلانية، ودخلوا في الخرافة وأيضاً في الأساطير، وبالتالي سقطوا. مذ ذاك وبلادنا الإسلامية عرضة لغزوات الفرنجة، وقبلهم التتار، المغول، السلاجقة، الأتراك ثمّ الحركة الاستعمارية الغربية، وما زالت بلاد المسلمين هي هي.

على صعيد المضمون الفكري، هذه الطائفيات والمذهبيات كانت موجودة للأسف الشديد، ومن يقرأ تاريخ بلاد العرب والمسلمين يدرك ملياً ما أقول، فلماذا لا يستيقظ العقل المسلم؟ هل العقل المسلم محنّطٌ، منبطح، منكسرٌ، حُقِن بحقنة التخلّف منذ بدأ بالتكوّن في الأرحام؟

 

الشيخ صهيب حبلي: بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء.

 

يحيى أبو زكريا: جعلنا الله منهم إن شاء الله.

 

الشيخ صهيب حبلي: الذين يصلحون إذا ما فسد الناس أو يصلحون ما أفسد الناس في حديثٍ آخر. اليوم، القضية، الإسلام بحاجة إلى تقوى، نرى الخلاف، في أول سورة الأنفال، الله عزّ وجلّ ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كيف عالج الخلاف، عندما يقول " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ"، ماذا قال له الله، " قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ"، قبل كلّ شيء، "فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ".

 

يحيى أبو زكريا: الله الله.

 

الشيخ صهيب حبلي: بعد هذه الصفات، تقوى الله عزّ وجلّ، طاعة الله ورسوله، ومن ثمّ يكون الخير إن شاء الله للأمّة، "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ"، "أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً"، "وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً". الوحدة اليوم لا تعني أنني عفواً لا أعود حنفي المذهب، أترك المذهب، لا، الوحدة تعني أن نتّحد أمام القضايا الكبرى التي تهدّد الأمّة، القضايا المصيرية التي تهدّد الأمّة، هذه الوحدة، أن نجتمع على ما نتفق عليه، وفلان اجتهد وأصاب، له أجران، فلان اجتهد وأخطأ، له أجر، ولكن الاجتهاد أيضاً، حتى لا يؤخذ كلامنا أنّ ما حصل بين المسلمين هو اجتهاد بالمعارك والدولة الأموية، الاجتهاد لا يكون في الأصول، الاجتهاد يكون في الفروع الصغيرة، ربما، مع ناس مؤهلين للاجتهاد، توضَع بميزان العلم والمستوى الاجتهادي. أما أن يأتي اليوم إنسان مدّعٍ أو ملتحٍ، فيُنزِل فتوى أو يُصدِر فتوى هناك، هذا ما نحتاج إليه، إخراج الشباب، اليوم الذي يفجّر نفسه، عفواً، يفجّر نفسه باعتبار أنّه ذاهب إلى الجنّة، لا يستطيع الزواج، فبكبسة زرّ يصبح مع الحور العين.

 

يحيى أبو زكريا: صحيح.

 

الشيخ صهيب حبلي: الزواج صعب، إلى آخره. طبعاً من شروط الاستشهاد أن تكون الدنيا مقبلة، ليس عنده حالة معيّنة.

 

يحيى أبو زكريا: يعيش فقراً مدقعاً.

 

الشيخ صهيب حبلي: فقراً أو حالة اجتماعية، طلاق وقلة رزق أو كذا، تكون الدنيا مُقبلة غير مُدبرة، فاليوم هناك فهم خاطئ وتديّن خاطئ يروَّج، وتصرَف عليه الأموال الطائلة لتضليل شبابنا ولإخراجهم من الإسلام الحقيقي إلى الإسلام المزيّف الذي يريدونه. اليو، نحن عفواً، عندنا مقترحات كثيرة، كنّا في مؤتمر، مؤتمر الوحدة الإسلامية في طهران، ذكرنا هذا الأمر، اليوم، ما مدى انعكاس هذا المؤتمر، كله علماء ما شاء الله، وبارك الله بالجهود، ولكن ما مدى انعكاس هذا المؤتمر على العوام، على الشباب؟ اليوم قضية مضايا بالأمس أدخلوا الفتن والتحريض إلى صفوف الابتدائي في المدارس، الهيئة التي تسمّى هيئة إسلامية أو كذا، تدّعي الإسلام، ينبغي أن يكون لها دور توحيد المسلمين، إطفاء الفتن وليس صبّ الزيت على النار.

 

يحيى أبو زكريا: وهنا شيخنا، أسأل الشيخ حسين من فضلك، دعاة الفتنة وأبواق الفتنة والطائفية والمذهبية التي صارت اليوم، شئنا أم أبينا، عنواناً ومنهجاً وطريقاً سياسياً وحزباً، تملك من القوة بحيث تصل إلى كلّ حجرٍ ومدرٍ إذا صحّ التعبير. لماذا الطرف الآخر يبدو ضعيفاً؟ لماذا الطرف الوحدوي مثلاً لا يستثمر في الإعلام، لا يستثمر في إيصال الفكر إلى الشارع، إلى الناس؟ بقينا في الفنادق نطالب بتحرير فلسطين، نحرّرها على مأدبة الخرفان المشويّة. حتى الطرف الذي يطالب بالوحدة فيه خلل بنيوي، أليس كذلك سماحة الشيخ؟

 

الشيخ حسين الخشن: أعتقد أننا إذا لم تصل قضية الوحدة عندنا كما كنتُ أتحدّث في الإجابة على السؤال السابق إلى قضيةٍ عقدية، وأبقيناها في دائرة المصالح، فمعنى ذلك أننا نضحّي بهذه المصالح عند أول منعطف. يجب أن تصل الوحدة لتكون ديناً ندين الله به، وحدة الأمّة، "وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ"، وفي آيةٍ أخرى "وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ". هل وصلت القضية إلى هذا المستوى، الوحدة دين؟ كلا. عندما تصل لتصبح ديناً، عقيدةً، يشعّ عنها وحدة اجتماعية مبنية على أساس أنّ المسلم أخ المسلم، والمسلم لا يخون أخاه ولا يغدر أخاه، ولا يفتك بأخيه، وعندما تنعكس الوحدة ليس فقط على وحدة الاجتماع الإسلامي، بل على عقل الفقيه الذي ينتج فتوى التكفير، الوحدة العقدية لا بدّ أن تنظّف عقولنا من الفتاوى التكفيرية، مع الأسف الشديد، العقل الفقهي الذي يحكم الكثير من الجماعات الإسلامية هو عقلٌ تكفيريٌ إقصائيٌ، ولذلك تنتج عنه مثل هذه الفتاوى، سفك الدم وما إلى ذلك وغيبة الآخر وسبّ الآخر ولعن الآخر.

 

يحيى أبو زكريا: أجارنا الله.

 

الشيخ حسين الخشن: من هنا، ترى حفلة الجنون التي تراها. إنّ من ينظر إلى واقع المسلمين، إذا كان لديه غيرة على هذا الإسلام، فإنّ قلبه يدمى. نحن لسنا سوى أمام حفلة جنون رسميّة، كلٌ يدّعي وصلاً بليلة، كلٌ يدّعي أنّه يمثّل الإسلام، كلٌ يدّعي أنّه يحمل الإسلام والغيرة على الإسلام. كلّها عصبيات تغلَّف بغلاف الإسلام. إنّ العصبية ليست من الدين في شيء. ذكرت بعض الأحاديث عن العصبية، أذكر حديثاً آخر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم رواه حفيده الصادق عليه السلام، "من مات وفي قلبه حبّة خردل من عصبية بعثه الله مع أعراب الجاهلية". لماذا مع أعراب الجاهلية؟ لأنّ هؤلاء هم الذين أسّسوا للعصبية، العصبية حالة غرائزية ليست من الدين. إنّ هؤلاء المذهبيين الذين يتصدّرون المنابر الإعلامية، هؤلاء ليس لديهم غيرة على الإسلام، هؤلاء ليس لديهم عقلٌ، العصبية تقتل دين المرء وتقتل عقله، تصادر عقله، يتحدّثون بحالة غرائزية لا تمتّ إلى الإسلام بصلة.

فمن هنا يجب أن نبدأ بأن نعمل على إدانة هذه العصبية، وأن نجلس على طاولةٍ واحدة. إننا كخطوات عملية أقول، مدعوون أولاً إلى إطفاء اللهب المذهبيّ والنار، هذه النار المُستعِرة، كنّا أحياناً نستخدم عبارة إذابة الجليد، لا، ليست القضية فقط مجرّد جليدٍ بين المذاهب. نحن في حالة نارٍ مُستعِرةٍ بحاجةٍ إلى أطفائيين يعملون على إطفاء هذا اللهيب المُستعِر بين المذاهب الإسلامية، هذه واحد. ثانياً، يجب علينا أن نعمل على رفع الحواجز النفسية بين المسلمين. المسلمون، يجلس المسيحي مع اليهودي من دون أيّ حرج، لكن هل يجلس الشيعي مع السني إلا إذا كان يترصّد له وهكذا؟

بحاجةٍ كخطوةٍ ثالثة إلى إدانة التكفير، بكلّ أشكاله ومظاهره، وبحاجةٍ كخطوةٍ رابعة أن نفصل بين السياسي والديني. إنّ مشكلة ما يجري اليوم في الكثير من الدول العربية، مشكلة علي وعمر، هل هي مشكلة الإسلام أم هي مشكلة الملك والسلطة ومن يحكم؟ أنظر، مشكلة حتى الذين يحملون صفة الإسلام، خلافة، يقتل الشخص الآخر على الإمرة وعلى الخلافة، تتصارع الأمارات، فالمشكلة مشكلة سلطة وليست مشكلة إسلام ومشكلة دين.

والخطوة الأخرى التي علينا أن نعمل عليها في هذا الصعيد هي أن نعمل بعد الفصل بين السياسي والمذهبيّ، أن نعمل على تفكيك المعوّقات التي تقف أمام الوحدة. المعوّقات كثيرة، هناك معوّقات كلامية، كعلم الكلام المبنيّ على منطق الفرقة الناجية. إذا كان الآخر من أهل النار، فكيف أدعو للتلاقي معه؟ هناك المعوّقات الفقهية. فقهنا مبنيّ على أساس فقه الشقاق وليس فقه الوفاق. أدعو إلى تفكيك المعوّقات السياسية، وهي كثيرة وكثيرة. أدعو إلى تفكيك المعوّقات التاريخية التي تحول بين الوحدة، لأننا نستحضر مشاكل التاريخ من دون أن نميّز بين غثه وسمينه، من دون أن نميّز بين ثابته ومتحرّكه، نستحضرها لنتقاتل منها، لنتقاتل باسمها الآن. أيُعقل أنّ أمّة لا تزال إلى الآن تتقاتل على أمورٍ تستحضرها من التاريخ من دون أن تميّز كما قلت بين الجوهر  واللباب وبين الشكل والقشور؟

 

يحيى أبو زكريا: ويا شيخنا، ما زالت هذه الأمّة تتقاتل من أجل يجوز أو لا يجوز، حتى أضحت في المشهد الدولي كالعجوز، للأسف الشديد، مريضة، مصابة بالكساح، بالانبطاح.

سماحة الشيخ منصور مندور، إذاً، نحن في حاجةٍ ماسةٍ إلى إعلان حال طوارئ، طبعاً ليس على طريقة الحُكّام العرب الذين يعلنون حال الطوارئ ويبطشون بالأحرار ويبطشون بالشرفاء ويسرقون أقوات العباد، لا، أطالب بحال طوارئ فكرية لتطهير الموروث الإسلامي.

صحيح أننا يا شيخ منصور لن نعيش الوحدة الإسلامية اليوم، وهذا مؤكَّد، ولن نعيش الوفاق الإسلامي اليوم، لكن ربما أجيالنا المقبلة سوف تجد إرثاً فكرياً جامعاً مانعاً موحّداً وليس نصوصاً حمراء تفتك بهم إلى يوم يُبعَثون.

 

الشيخ منصور مندور: في الحقيقة، هذا ما نتمنّاه جميعاً، أن تعود الأمّة إلى رشدها، وعلى الحُكّام كما ذكرتَ دورٌ كبير، جاء في النصّ في الأثر "إن الله لَيَزَعُ بالسلطان ما لا يَزَعُ بالقرآن"، فالحقيقة أنّ الحكّام عليهم دورٌ كبير، لكن دعني أقول لك إنّ الإسلام وقع فريسةً بين أبناء جهلة عجزة، وبين أعداء فجرة لا تأخذهم في الله لومة لائم، فهم يحاولون بقدر الإمكان وبقدر ما أوتوا من قوةٍ أن يشوّهوا هذا الدين وأن يعملوا على نشر الأباطيل، واستحضار ما في التاريخ من مساوئ لتكون هي العنوان الأبرز والظاهرة للجماهير.

على علماء الأمّة دورٌ هام وشديد في هذا الأمر أن يدحضوا هذه الأباطيل وهذه الافتراءات، وأن نعرف من هو عدونا.

 

يحيى أبو زكريا: أحسنت.

 

الشيخ منصور مندور: ليس معنى أن تأكل الذئاب خصمك أن تصبح هي صديقة لك، ليس ذلك أبداً، الذئاب ذئاب والصديق صديق والخصم خصم والعدو عدو، إنما علينا جميعاً أن ننطلق من روح هذا القرآن، أن ننطلق من منهج النبيّ صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم الذي دعانا إلى أن نتوحّد على كلمة الإسلام وألا نلتمس أيّ مسمّياتٍ أخرى مهما كان الأمر. أنا أتعجّب أشدّ العجب عندما أرى هذا أو ذاك يعتزّ بمسمّى يُنسَب إليه أو بتسميةٍ استهوته أو أخذته بلبابه، والله عزّ وجلّ يقول "هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا"، أي في هذا القرآن وفي هذا الدين، تسمية المسلم هي كفيلة بأن تجمعنا وأن ننطلق من النصّ القرآنيّ الذي ذكره ضيفك الكريم "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ".

الوحدة عبادة، عندما نتوحّد كمسلمين، إننا بذلك نعبد الله سبحانه وتعالى، إنما هناك للأسف أصواتٌ نشاز تعتبر أنّ التشدّد والتعصّب نوعٌ من التقرّب إلى الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى دعانا إلى السماحة وإلى الرحمة وإلى المودّة في قوله الذي حكى فيه عن النبيّ صلوات الله وسلامه عليه، مبيّناً منهج النبيّ في الدعوة إليه سبحانه، "وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ". هذه هي المنهجيّة التي أرادها الله سبحانه وتعالى لرسوله، وطبّقها الرسول لتسير الأمّة على منهجه صلوات الله وسلامه عليه. هذه المنهجية يجب على أتباع الأمّة أن يعودوا إليها، وأن يعلموا جيّداً أنّ أيّ فتيل يوجد الفرقة أو يوجد الشقاق هو كفرٌ والعياذ بالله.

تفريق لهذه الأمّة هو بعدٌ عن جوهرها، بعدٌ عن إسلامها، بعدٌ عن منهجها، أيّ تفريق يسيء للإسلام وللمسلمين، الله سبحانه وتعالى لا يقبله ورسولنا صلوات الله وسلامه عليه تركنا على المحجّة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، ولا يتبعها إلا كلّ منيبٍ سالك، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الذين التزموا منهج النبيّ صلوات الله وسلامه عليه في جمع الأمّة وفي الأخذ بأيديها وفي جمع شملها حتى تتوحّد على الطريق المستقيم، "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".

 

يحيى أبو زكريا: وما ذلك على الله بعزيز.

سماحة الشيخ صهيب، في كليمةٍ وبإيجاز، ما دمنا قد وصلنا إلى الجود، سترسو سفينتنا بعيد حين على جود النهاية، ما هي كلمتك للمسلمين حتى يتعظوا، لعلّ تعيها أذنٌ واعية؟

 

الشيخ صهيب حبلي: سيّدي، اليوم كلّنا أمام وظيفة، خلقنا لهدف، نسي الناس وظيفتهم وتغافلوا وتكاسلوا عن حقيقة الهدف الذي خلقوا لأجله. قال الله تعالى " إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً"، "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ"، والله تبارك وتعالى هو القائل "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ"، ولذلك خلقهم، الله عزّ وجلّ لو أراد الخلاف لكان فعل، أرادنا أمّة واحدة، خلقنا، كما قال تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا"، وضع ساحة للتنافس، "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ".

اليوم، الله عزّ وجلّ قادر أن يوحّدنا، ولكن لتُمتحَن النفوس، كيف تعامل من يختلف معك بالرأي.

 

يحيى أبو زكريا: ونستفيد من التعددية لأنّ في التعدّدية ثراء، أيضاً الطبيعة متعدّدة، هنالك آلاف الأشجار، آلاف الأزهار، آلاف البساتين.

 

الشيخ صهيب حبلي: المذاهب الإسلامية هي أشجار في بستان الإسلام.

 

يحيى أبو زكريا: أحسنت.

 

الشيخ صهيب حبلي: هي فِرَقٌ لجيشٍ واحد، أيضاً بحديث عن العصبية أختم به، قالوا يا رسول الله هل من العصبية أن يحبّ الرجل قومه، قال لا، ولكن من العصبية أن يأخذ بقومه إلى الظلم.

 

يحيى أبو زكريا: أحسنت.

 

الشيخ صهيب حبلي: وهذا الحاصل اليوم. البعض يتّخذ الإسلام للأسف مادة لترويج ما يريد، لإبعاد الناس عن حقيقة الإسلام الحقيقي، لذلك نعود ونكرّر ختاماً أنه يا مسلمين، اتقوا الله عزّ وجلّ بإسلامكم، بموقفكم، بكلامكم. كفى بالمرء كذباً كما قال صلّى الله عليه وآله وسلّم، أن يحدّث كلّ ما سمع، كفى بالمرء كذباً أن يحدّث كلّ ما سمع.

 

يحيى أبو زكريا: شيخ حسين، كليمة واحدة، بإيجاز.

 

الشيخ حسين الخشن: لن نسمح لليأس أن يتسرّب إلى نفوسنا.

 

يحيى أبو زكريا: يقيناً.

 

الشيخ حسين الخشن: سنبقى نحمل راية الوحدة الإسلامية، لأنّها خشبة الخلاص للمسلمين، قال الشاعر "إنا لتجمعنا العقيدة أمة ويضمنا دين الهدى أتباعا ويؤلّف الإسلام بين قلوبنا مهما ذهبنا في الهوى أشياعا". هذا الدين يؤلّف بيننا وقد أوجد آلية لإدارة الاختلاف، فقال عزّ من قائل، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ". من كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يكفّر، لا يشتم، وإنما يردّ الخلاف إلى الله وإلى الرسول، فعند الله ما يضمن سلامتنا في الدنيا والآخرة، ورسول الله يجمعنا، وهو الذي يجمع العالمين، وقد قال عليٌ عنه كلمة، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، " بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدِ خَصَّصْتَ حَتَّى صِرْتَ مُسَلِّياً عَمَّنْ سِوَاكَ، وعَمَّمْتَ حَتَّى صَارَ النَّاسُ فِيكَ سَوَاءً".

 

يحيى أبو زكريا: سماحة الشيخ حسين الخشن شكراً جزيلاً لك، وأنا أقول معك بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ عاهدناك على أن نعيد الألق لإسلامك وأنت متألق ودينك متألّق، وسوف يرث الأرض وما عليها متألّقاً، ناصعاً.

سماحة الشيخ صهيب حبلي شكراً جزيلاً لك، أمتعتنا.

سماحة الشيخ منصور مندور، من مصر الحبيبة، شكراً جزيلاً لك.

مشاهدينا وصلت حلقتنا إلى تمامها. إلى أن نلقاكم، هذا يحيى أبو زكريا يستودعكم الله الذي لا تضيع أبداً ودائعه. دمتم جميعاً.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ، فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ، قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ

صدق الله العظيم

 






اضافة تعليق

الاسم *

البريد الإلكتروني *

موضوع *

الرسالة *


 


 
  قراءة الكتب
 
    Designed and Developed
       by CreativeLebanon