حوار مع مركز أفاق للدراسات والأبحاث: مشكلة الأديان تتشكل في الخطاب الفقهي    ثمن الحرية    أمثل الأساليب في عمليّة تهذيب النفس    مزايا الشباب    العمل سرّ النجاح    العبادة وعيٌ وانفتاح لا جهل وانغلاق    اقتناء أصنام الأمم البائدة    المفاهيم الدينية بين وجوب الاعتقاد وحرمة الانكار    البناء الاعتقادي بين الاجتهاد والتقليد    
 
بحث
 
تكريم الإنسان
 
س » من المقصود في الزيارة: السلام على عليّ بن الحسين.. هل هو زين العابدين (ع) أم الأكبر أم الرضيع؟
ج »

الظّاهر - بحسب السّياق - أنّ المُراد به هو عليّ الأكبر الشّهيد لدوره الكبير وحضوره في المعركة، ولعظيم مُصيبته على الإمام الحسين (ع)، أمّا الطفل الّرضيع فيكون ُمندرجاً في فقرة أخرى وهو قوله في الزّيارة - وعلى أولاد الحسين -  والتي تشمل سائر أولاده بمن فيهم الإمام زين العابدين (ع) والبنات أيضاً .

 


 
س » يوجد لديّ إشكالات كثيرة على الاستدلال بحديث الثقلين على العصمة، فهو يشمل إجماع العترة وليس آحادهم، ويشمل العباس عم النبي (ص)، فهل هؤلاء معصومون؟؟
ج »

أولاً: إنّ حديث الثقلين لا شكّ فيه من حيث السّند وهو مُستفيض حتى في روايات السّنة ناهيك عن روايات الشيعة ، وأّما من حيث الدّلالة فإنّه وبصرف النّظر عن كون القرآن الكريم أفضل من العترة أم عدم كونه كذلك ، فلا ريب في دلالة الحديث على أن التمسّك بالعترة يُشكّل صمّام أمان للأمّة يمنعهم ويعصمهم من الضّلال - ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا - ، ولا شكّ في دلالته أيضاً على أن العترة لا يفترقون عن القرآن الكريم ، ولا يُتصور أن يصدر عنهم ما يُخالف القرآن وهذا ما يدل عنه قوله في الحديث - لن يفترقا - .


- ثانياً : إنّ ما ذكرتموه بأنّ المراد بالحديث هو إجماع العترة هو كلام ضعيف ولا وجه له لأنّه إن أريد بالعترة ما هو أوسع من الأئمة من أهل البيت (ع) ليشمل العباس وذريته أو غيره، فمن المعلوم أنّ هؤلاء أعني العباسيين لا ميزة لهم عن سائر الصّحابة والنّاس فهم يُخطئون كغيرهم ويُمكن أن ينحرفوا كما انحرف غيرهم، وبالتالي فلا يُعقل أن يكون لرأيهم أو إجماعهم أيّ قيمة أو أن يُشكّل إجماعهم أو قولهم عاصماً للأمّة  عن الضّلال ، ما يعني أن نظر الحديث فقط إلى خصوص شريحة من العترة وهم الذين لا يُمكن أن يقعوا في الضّلال والانحراف، وهؤلاء لا فرق بين الواحد منهم أو الجميع ، فكما يكون قول الجميع حُجّة وعاصماً عن الضّلال ، كذلك قول الواحد، والقرينة على ذلك أنّه حين قال النبيّ (ص) هذا الكلام لم يكن من العترة التي يؤمَن وقوعها في الضّلال إلا عليّ (ع)، أما الحسن والحسين (ع) فكانا طفلين صغيرين، فهل كان الحديث لا قيمة له آنذاك لأنّه بعد لم يتحقّق إجماع العترة؟ من الواضح أن هذا بعيد جداً لأنّ كلامه (ص) ساري المفعول من حين إطلاقه ولا يتوقف على مرور عقود من الزّمن حتى يتشكّل إجماع العترة.


 
 
  مقالات >> أصول التفسير
الروايات (الواردة في التفسير) بين البيانية والمصداقية
الشيخ حسين الخشن



الباب الثالث: أصناف الروايات الواردة في التفسير / المحور الأول: الروايات بين البيانية والمصداقية
  1. معنى البيانية والمصداقية
  2. الروايات المصداقيّة: كثرتها وفائدتها وفلسفتها
  3. نماذج البيانيّة والمصداقيّة
  4. البيانية والمصداقية: المؤشرات المعياريّة

إنّ توثيق الروايات الواردة في التفسير وبذل الجهد في معرفة مصدرها، وتمييز صحيحها من ضعيفها، هو الخطوة الأولى في دراسة الروايات التفسيرية، وتليه خطوة أخرى في غاية الأهميّة، وهي معرفة ما إذا كانت الرواية الواردة في تفسير القرآن مصداقية أو بيانية، فإنّ الروايات المذكورة على عدة أقسام، منها: الروايات التي تتصرف في مدلول الآيات القرآنية تخصيصاً أو تقييداً أو حكومة أو توسعة، ومنها: الروايات التي تؤول الآيات تأويلاً يخرجها عن ظهورها العرفي، ومنها: ما يبين مدلول الآية أو يفسرها بالمصداق.. إلى غير ذلك من الأصناف، وما يهمني في هذا المحور هو تركيز الكلام على نوعين من هذه الأصناف، وهما: الروايات البيانية، والروايات المصداقية، على أن نعود إلى دراسة سائر الأصناف في محاور لاحقة.

  1. معنى البيانية والمصداقية

إنّ الرواية البيانية هي التي تحدد المقصود بالآية وتبينه بياناً وافياً، بحيث لا يبقى مجال بعد ذلك للاجتهاد في تفسيرها بأمر آخر، أو حملها على المثاليّة أو المصداقيّة، لأنّ النبي (ص) أو الإمام (ع) إذا كانا في مقام شرح المراد التام بالآية، فلا يمكن الإضافة على تفسيرهما وشرحهما (ع)، بل لا بدّ من الجمود عليه، وهذا ما تقتضيه حجيّة قول النبي (ص) أو الإمام (ع) وأنه مرجع معصوم في تفسير القرآن الكريم.

 وأما الرواية المصداقيّة، فهي التي يتم فيها تفسير الآية بذكر مصداق من مصاديقها، إنّ التفسير بالمصداق يعني الإشارة إلى بعض الأفراد، والتي يشملها عموم أو إطلاق الآيات القرآنية، فما تذكره الرواية ليس بيان المقصود التام بالآية وإنما هو بيان مصداق من مصاديق الآية، أكان هو المصداق الأبرز أو كان مصداقاً خفياً، أو مصداقاً حادثاً، وهذا النوع من الروايات لا غبار عليه ولا يثير مشكلة، لأنّ شمول العام لهذا الفرد سيكون طبيعياً بصرف النظر عن الرواية. والرواية المصداقية لا تعني تجميد الآية في حدود ما ذكر في كلام الإمام (ع)، لأنّه ذكر المصداق والمثال لا يمنع من التمسك بالعموم أو الإطلاق.

فيكون حال الرواية المصداقية حال أسباب النزول، فكما أنّ أسباب النزول لا تجمِّد الآية في موردها كما سيأتي، كذلك الرواية المصداقية، فهي لا تقتضي حبس الآية وتجميدها على المصداق، وهذه ميزة القرآن الكريم، ولولاها لمات القرآن بمرور الزمان، ولما كان لديه القدرة على مواكبة المستجدات، وهو ما عبرّت عنه الروايات بأنّه "يجري كما يجري الليل والنهار"، فعن الإمام الصادق (ع): "إنّ القرآن حي لم يمت وأنّه يجري ما يجري الليل والنهار وكما تجري الشمس والقمر"[1].

وقد ورد في صحيح عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّه (ع):" { الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ الله بِه أَنْ يُوصَلَ } [الرعد: 21]، قَالَ: نَزَلَتْ فِي رَحِمِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْه وآلِه السَّلَامُ، وقَدْ تَكُونُ فِي قَرَابَتِك،َ ثُمَّ قَالَ: فَلَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ يَقُولُ لِلشَّيْءِ إِنَّه فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ"[2].

فهاتان الروايتان تقدّمان قاعدة في التفسير، وهي أنّ نزول الآية في جماعة أو فرد لا يوجب اختصاصها بذلك المورد، ما دام اللفظ عاماً.

ويستخدم السيد الطباطبائي في تفسيره في الإشارة إلى الروايات المصداقية، مصطلح الجري والتطبيق، يقول تعليقاً على بعض الأخبار الواردة في تفسير الصراط المستقيم: " وهذه الأخبار من قبيل الجري ، وعدِّ المصداق للآية ، واعلم أنّ الجري و ( كثيرا ما نستعمله في هذا الكتاب ) اصطلاحٌ مأخوذ من قول أئمة أهل البيت عليه السلام. ففي تفسير العياشي عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الرواية ، ما في القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن وما فيها حرف إلا وله حد ، ولكل حد مطلع ما يعنى بقوله ظهر وبطن ؟ قال ؟ ظهره تنزيله وبطنه تأويله، منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد، يجري كما يجري الشمس والقمر، كلما جاء منه شيء وقع"[3]. الحديث. وفي هذا المعنى روايات أخر"[4].

  1. الروايات المصداقيّة: كثرتها، فائدتها، وفلسفتها

ما هي نسبة الروايات البيانيّة إلى الروايات المصداقية؟ ثم ما فائدة التعرف على كون الرواية مصداقيّة أو بيانيّة؟ وما الوجه في كثرة الروايات المصداقيّة؟

أولاً: كثرة الروايات المصداقية

يرى غير واحد من الأعلام أنّ أغلب الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) في تفسير الآيات القرآنية هي روايات مصداقية، يقول السيد الطباطبائي في تتمة كلامه السابق: "وهذه سليقة أئمه أهل البيت، فإنّهم عليه السلام يطبقون الآية من القرآن على ما يقبل أن ينطبق عليه من الموارد وإنْ كان خارجاً عن مورد النزول ، والاعتبار يساعده ، فإنّ القرآن نزل هدى للعالمين يهديهم إلى واجب الاعتقاد وواجب الخلق وواجب العمل ، وما بينه من المعارف النظريّة حقائق لا تختص بحال دون حال ولا زمان دون زمان ، وما ذكره من فضيلة أو رذيلة أو شرعه من حكم عملي لا يتقيد بفرد دون فرد ولا عصر دون عصر لعموم التشريع"[5].

ويقول الإمام الخميني: "لا بدّ من معرفة أنّ الفطرة وإنْ فسرت في هذا الحديث الشريف[6] وغيره من الأحاديث بالتوحيد، إلا أنّ هذا هو من قبيل بيان المصداق، أو التفسير بأشرف أجزاء الشيء، كأكثر التفاسير الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام، وفي كل مرة تفسر بمصداق جديد بحسب مقتضى المناسبة، فيحسب الجاهل أنّ هناك تعارضاً"[7]. وسيأتي عما قليل كلام للسيد الخوئي يذكر فيه أن جميع الروايات الواردة في التفسير هي من سنخ الأخبار المصداقية.

ويلاحظ في التفسير الروائي كثرة الروايات التي تطبق الآية على الأئمة (ع) أو على أعدائهم، وهذا على فرض صحة الرواية هو من التفسير بالمصداق، يقول السيد الطبطبائي: "والروايات في تطبيق الآيات القرآنية عليهم عليه السلام أو على أعدائهم، أعني روايات الجري، كثيرة في الأبواب المختلفة، وربما تبلغ المئين، ونحن بعد هذا التنبيه العام نترك إيراد أكثرها في الأبحاث الروائية لخروجها عن الغرض في الكتاب، إلا ما تعلق بها غرض في البحث فليتذكر"[8].

ثانياً: ثمرة التعرّف على نوع الرواية

إنّ للتعرف على مصداقيّة الرواية أو بيانيتها أكثر من ثمرة، منها:

الثمرة الأولى: أن البيانية - كما سلف - تعني أنّه لا يمكن الخروج عما جاء في تفسير الإمام (ع) ولا الإضافة عليه، بخلاف المصداقيّة، فإنّ معناها أنّ بالإمكان التمسك بعموم الآية أو إطلاقها وإدراج مصاديق جديدة أخرى تحتها.

الثمرة الثانية: إنّ الروايات المصداقية في حال تعددها في ذكر المصاديق فلا مجال لافتراض تعارضها، بينما لو كانت الروايات بيانيّة، فهذا يعني أننا نتعامل معها معاملة المتعارضين، على سبيل المثال: قد ورد في تفسير قوله تعالى: {واجتنبوا قول الزور} عدة أخبار، وطرحت عدة أقوال، فقيل: إنّ المراد به الكذب[9]، وهذا مروي عن ابن عباس، قال: "الافتراء على الله والتكذيب"[10]. وفي تفسير السمعاني بعد أن نقل القول السابق أنّ المراد بقول الزور الكذب، أردف قائلاً: "وفي الآية قول آخر، وهو أنّ قول الزور هو الشرك، والقول الثالث: أنّ قول الزور هو تلبيتهم: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك"[11]. وأمّا في روايات أهل البيت (ع) فقد ورد في عدة أخبار عن الأئمة (ع) أنّ المراد به الغناء، من قبيل خبر زَيْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه ع عَنْ قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثانِ واجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30]، فَقَالَ: الرِّجْسُ مِنَ الأَوْثَانِ: الشِّطْرَنْجُ، وقَوْلُ الزُّورِ: الْغِنَاءُ"[12].

وقد أورد النراقي:" في المستند على دلالة الآيات على حرمة الغناء بأن الروايات الواردة في تفسيرها بالغناء معارضة بما ورد في تفسيرها بغيره"، واعترضه السيد الخوئي: قائلاً: "وفيه: إن الأحاديث المذكورة في تفسير القرآن كلها مسوقة لتنقيح الصغرى وبيان المصداق، فلا تدل على الانحصار بوجه حتى تقع المعارضة بينهما، وقد أشرنا إلى هذا فيما سبق مراراً، وتكلمنا عليه في البحث عن مقدمات التفسير مفصلاً"[13]، واللافت في كلامه هنا أنه يدعي أنّ كل الأحاديث الواردة في تفسير القرآن هي من قبيل ذكر التطبيقات.

وقال رحمه الله: "إن قول الزور قد فسر بالكذب، وسيأتي في مبحث حرمة الغناء تفسير قول الزور بالغناء في جملة من الروايات، ولا منافاة بين التفسيرين، فإنّ كلاً منهما لبيان المصداق، وقد ذكرنا في مبحث التفسير أن القرآن لا يختص بطائفة ولا بمصداق، وإلا لنفد بنفاد تلك الطائفة وانعدم ذلك المصداق، بل القرآن يجري مجرى الشمس والقمر، كما في عدة من الروايات"[14].

وقال السيد أيضاً مستدلاً على حرمة السب: "ويدلُّ على الحرمة أيضاً قوله تعالى: { واجتنبوا قول الزور } ، فإنّ سبّ المؤمن من أوضح مصاديق قول الزور ، ولا ينافي ذلك ما ورد من تطبيق الآية على الكذب "[15].

ثالثاً: تفسير كثرة الروايات المصداقيّة

وقد تسأل: لماذا يكثر في روايات أهل البيت (ع) تفسير القرآن بالمصاديق؟ ولماذا لم يعمدوا إلى تفسيره بتحديد المراد من الآيات؟

والجواب: إنّ هذا مرده إلى:

  1. ربط القرآن بالواقع، ليكون كتاباً حركياً ومواكباً وجارياً مجرى الليل والنهار، كما نصت عليه بعض الأخبار، فالجري هو حكمة لجوء الإمام إلى التفسير بالمصداق.
  2.  إزالة اللبس عن بعض التطبيقات، حيث إنّ المفاهيم القرآنية العامة تكون واضحة في الجملة، ولكنّ الالتباس والإشكال إنما يقع في مصاديقها، وفي تطبيق الكبرويات على صغروياتها، فيتدخل الإمام (ع) لرفع هذا اللبس ويقوم بدور التطبيق.
  3.  التعليم على التطبيق وذكر المصداق، وهذا من أنجح الأساليب في التعليم، فإنّ ذكر المصداق يرسخ المفهوم في الذهن ويجعله واضحاً وجلياً.
  4. وربما هدف الإمام (ع) من ذكر المصداق إلى تأكيد أمر قد وقع محلاً للتشكيك من قبل البعض، فإدراج الأمر تحت عموم آية قرآنية، يجعله أكثر إقناعاً، وقاطعاً للجدل والنقاش، وقد يجد الإمام (ع) أنّ فكرة معينة ثقيلة على الأذهان فيعمد إلى إدراجها تحت عموم قرآني ترسيخاً لها، من قبيل ما ورد في قضية الإمام المهدي (ع) واعتبار الإيمان به من مصاديق الإيمان بالغيب، ففي الخبر عن داود ابن كثير الرقي ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: {هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب} [البقرة: 2-3] قال : من أقر بقيام القائم عليه السلام أنه حق"[16].
  5. الإشارة إلى المصداق الخفي الذي لا تلتفت إليه الأذهان، فعلى سبيل المثال: قوله تعالى: { ومما رزقناهم ينفقون } [البقرة: 3]، ظاهرٌ في الإنفاق المادي، ولكن الإمام الصادق (ع) فيما روي عنه يقول: "ومما علمناهم ينبؤن"[17]، في إشارة إلى مصداق خفي، وإلى إنفاق العلم أشار الإمام علي (ع) في قوله: "يَا كُمَيْلُ الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ، الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ، والْمَالُ تَنْقُصُه النَّفَقَةُ والْعِلْمُ يَزْكُوا عَلَى الإِنْفَاقِ، وصَنِيعُ الْمَالِ يَزُولُ بِزَوَالِه"[18].     
  1. نماذج البيانيّة والمصداقيّة

وفي هذه الفقرة نذكر بعض النماذج للروايات المصداقيّة والروايات البيانيّة:

أولاً: أمثلة للرواية البيانية

 النموذج الأول: تعيين المراد بآية التطهير، أعني قوله تعالى: {إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} [الأحزاب 33]، فإنّ الآية لم تحدد من هم أهل البيت (ع) الذين أهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، ولكنها قد فُسّرت على لسان الرسول الأكرم (ص) بالخمسة من أهل الكساء (ع) بقول وفعل واضحَي الدلالة على أنّهم ليسوا مجرد مصداقٍ للآية، بل أنّهم المرادون بها حصراً، والأخبار الواردة في ذلك هي من الكثرة بحيث يحصل القطع أو الاطمئنان بصدور مضمونها عن رسول الله (ص)[19]، وقد جاء فيها أنّ أم سلمة أو زوجة أخرى أرادت الدخول معهم تحت الكساء فجذب النبي (ص) الكساء من يدها، وقال: إنك على خير،

النموذج الثاني: ما ورد في تفسير قوله تعالى : { وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ( 3 ) إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 3-4]، فقد ورد في الخبر عن ابن عباس، سألت عمر بن الخطاب من اللتان تظاهرتا من أزواج النبي (ص) اللتان قال لهما : { إن تتوبا إلى الله} [التحريم: 4]؟ فقال: واعجبي لك يا ابن عباس: حفصة وعائشة"[20]. فهذا الخبر من أوضح الروايات البيانية.

النموذج الثالث: ما جاء في تفسير الجدال في قوله تعالى : { فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة: 197]. حيث ذكرت بعض الأخبار أنّ الجدل هو قولك: "لا والله وبلى والله"، ففي الحديث الصحيح عن الإمام الصادق (ع): "والجدال قول الرجل لا والله وبلى والله"[21]، وقد فهم مشهور الفقهاء من هذه الأخبار البيانية والتزموا بمضمونها، يقول بعض الفقهاء المعاصرين: " ليس المراد من الجدال في الآية الشريفة معناه اللغوي والعرفي، بل المراد منه ما فسّر في الروايات"[22]، وقد أصرّ السيد الخوئي على هذا الرأي ، فإنه وبعد أن تساءل: هل "الممنوع المخاصمة التي فيها يمين خاص، وهو قول الرجل لا والله ، وبلى والله أو أن الممنوع مطلق هذا القول ولو في غير مورد المخاصمة؟ أجاب قائلاً: "يظهر من بعضهم اختصاص الحرمة بمورد المخاصمة، والظاهر أنّه لا وجه له، لأنّ الروايات فسرت الجدال بنفس هذا القول، لا المخاصمة المشتملة على هذا القول، فهذا القول ممنوع ولو في غير مورد المخاصمة"[23].

ويشهد للبيانية - بالإضافة إلى ظاهر الخبر - استخدامه (ع) لأداة الحصر في بعض الأخبار، ففي صحيحة معاوية بن عمار عنه (ع) قال: وسألته عن الرجل يقول: لا لعمري وبلى لعمري ، قال : ليس هذا من الجدال إنما الجدال لا والله وبلى والله"[24].

باختصار: لقد التزم هؤلاء الفقهاء أنّ الرواية بصدد تفسير العنوان القرآني، ما يعني أن قول" لا والله وبلى والله" محرّم على المحرم وموجب للكفارة ولو لم يكنْ وارداً في سياق الجدال[25]، أي إن العنوان المحرم على المحرم ليس عنوان الجدل بل هو قول:" لا والله وبلى والله"، مع أنّ الروايات الواردة في ذلك واردة في سياق تفسير الجدل في الآية؟!  

ولكننا - تبعاً لجمع من أساتذتنا - نرجح الاتجاه الآخر في المسألة الذي أشار إليه السيد الخوئي ونقله عن بعضهم، وهو الذي يرى أصحابه أنّ قول: "لا والله وبلى والله" إنما يكون محرماً إذا كان في مقام الخصومة والجدال، دون غيره. والمستند في ترجيح هذا الاتجاه أنّ عنوان الجدال الوارد في الآية بصفته محرماً من محرمات الإحرام، ظاهر في المنازعة الكلاميّة بين طرفين، بحيث إنّ كل منهما يسعى إلى إثبات صحة رأيه وإبطال رأي الآخر، ولا علاقة له بعنوان الحلف مجرداً عن الخصومة، فإذا أردنا تفسيره بقول لا والله وبلى والله مجرداً عن الجدل فهذا فيه إلغاء وإعدام للعنوان القرآني، والأئمة (ع) هم تبع للقرآن ولم يثبت أن لهم صلاحية إلغاء العناوين القرآنية. على أنّ الأخبار المذكورة لا يظهر منها إلغاء عنوان الجدل، وذلك لأنّ الإمام (ع) في سياق تفسير الجدل يقول هو قول "لا والله وبلى والله،" فهو يفترض أنّ الجدل متحقق ولا يريد إلغاءه، ولكنّه يضيف عليه قيداً وهو أن يكون مترافقاً مع قول لا والله وبلى والله. ولعلّ الوجه في حصر حرمة أي استخدام المتخاصمين لعبارة لا والله وبلى والله ) هو ذروة الجدل وقمته.

 وإذا لم يكن هذا هو المراد من الأخبار، فيمكن القول: إن الرواية حينئذ تعدّ من الروايات المنافية للقرآن والتي تفسره بخلاف ظاهره فيلزم ردها، وكونها ناظرة إلى الآية وتتحدث عن أن هذا المراد بها، لا يخرجها عن عنوان المخالفة فتشملها عمومات ما دل على طرح ما خالف الكتاب، كما تطرح الأخبار المنافية للقرآن ولو لم تكن في صدد تفسير القرآن.

وقد أصر على ذلك السيد فضل الله[26] والسيد كاظم الحائري[27].

ثانياً: أمثلة للروايات المصداقية

أشرنا إلى أنّ الروايات المصداقية تشكل الغالبية العظمى من التراث الروائي في مجال التفسير، وسأكتفي هنا بذكر بعض النماذج منها مما ورد في المجال العقدي وبعض آخر مما ورد في المجال التشريعي، والروايات في هذا المجال كثيرة جداً:

  • في الآيات العقدية ونحوها

النموذج الأول: الصراط المستقيم

ذكرت الأخبار في تفسير الصراط المستقيم، عدّة مصاديق، ففي الخبر عن أبي الحسن الكاظم (ع): "والصراط المستقيم أمير المؤمنين عليه السلام"[28]. وهو مروي عن أبي عبد الله (ع)[29].

وفي توحيد الصدوق عن المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصراط. فقال: هو الطريق إلى معرفة الله عز وجل ، وها صراطان : صراط في الدنيا ، وصراط في الآخرة . وأما الصراط الذي في الدنيا فهو الإمام المفترض الطاعة، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة ، ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردى في نار جهنم"[30].

وفي التوحيد أيضاً عن أبي الحسن العسكري: "في قوله: " اهدنا الصراط المستقيم " قال : أدم لنا توفيقك الذي به أطعناك في ماضي أيامنا حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا . والصراط المستقيم هو صراطان: صراط في الدنيا ، وصراط في الآخرة. وأما الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلو ، وارتفع عن التقصير، واستقام فلم يعدل إلى شيء من الباطل . وأما الطريق الآخر فهو طريق المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم لا يعدلون عن الجنة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنة"[31] .

وقيل: "وفي تفسير وكيع عن السدي ومجاهد عن ابن عباس في قوله { اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة: 6] معناه أرشدنا إلى حب النبي وأهل بيته"[32].

وفي رواية عن أبي عبد الله (ع) : "{ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] صراط الأنبياء ، وهم الذين أنعم الله عليهم"[33].

وفي معاني الأخبار وقال جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) في قوله عز وجل: { اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ} []، قال : يقول : أرشدنا إلى الصراط المستقيم ، وأرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك ، والمبلغ دينك ، والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب ، أو نأخذ بآرائنا فنهلك"[34].

وهذه الأخبار كما لا يخفى إنّما هي من التفسير بالمصاديق، فعلي (ع) وأهل بيته هم المصداق الأشرف للصراط والذي لا يكتمل الدين إلا باتباعهم، يقول السيد الطبطبائي: "وهذه الأخبار من قبيل الجري وعدّ المصداق للآية"[35].

النموذج الثاني: غير المغضوب عليهم ولا الضالين

وفي تفسير المغضوب عليه والضالين، ذكرت الأخبار عدة مصاديق، ففي تفسير العياشي، عن محمد بن مسلم ، قال عن أبي عبد الله (ع): " { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] اليهود وغير {الضالين}  النصارى"[36]. وروى ذلك أيضاً عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع)[37].

وهذه الأخبار - عى فرض صحتها - هي من التفسير بالمصداق، كما ذهب إليه بعض الأعلام[38]، ويؤيدها ما جاء في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (ع)، قال عليه السلام : قال أمير المؤمنين عليه السلام : أمر الله عز وجل عباده أن يسألوه طريق المنعم عليهم ، وهم : النبيون والصديقون والشهداء والصالحون وأن يستعيذوا [ به ] من طريق المغضوب عليهم وهم اليهود الذين قال الله تعالى فيهم : " قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه} [المائدة: 60] وأن يستعيذوا به من طريق الضالين ، وهم الذين قال الله تعالى فيهم : { قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} [المائدة: 77] وهم النصارى . ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام : كل من كفر بالله فهو مغضوب عليه ، وضال عن سبيل الله عز وجل . وقال الرضا عليه السلام كذلك ، وزاد فيه ، فقال : ومن تجاوز بأمير المؤمنين عليه السلام العبودية فهو من المغضوب عليهم ومن الضالين"[39].

النموذج الثالث: تفسير آية: { ومن قتل مظلوماً } بالحسين (ع)

في تفسير العياشي عن جابر بن عن أبي جعفر عليه السلام قال : نزلت هذه الآية في الحسين عليه السلام: { ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل } قاتل الحسين. { إنه كان منصورا } [الإسراء: 33]  قال: الحسين عليه السلام"[40].

وهذه الرواية - على فرض صحتها -[41]. فإنها رواية مصداقية، فإن من أبرز من قتل مظلوماً هو الإمام الحسين بن علي (ع).

النموذج الرابع: تفسير آية { ولكل قوم هاد} بالإمام علي (ع)

ورد ذلك في العديد من الأخبار، منها ما رواه العياشي في تفسيره ورواه الكليني في الكافي بسنده عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى : * ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) * فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ص الْمُنْذِرُ وعَلِيٌّ الْهَادِي أَمَا واللَّه مَا ذَهَبَتْ مِنَّا ومَا زَالَتْ فِينَا إِلَى السَّاعَةِ"[42]. فإن تفسير الهادي بالإمام علي (ع) هو من التفسير بالمصداق، وهو ما دلت عليه رواية أخرى عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّه ع : * ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ ) * * ( قَوْمٍ هادٍ ) * فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ص الْمُنْذِرُ وعَلِيٌّ الْهَادِي يَا أَبَا مُحَمَّدٍ هَلْ مِنْ هَادٍ الْيَوْمَ قُلْتُ بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا زَالَ مِنْكُمْ هَادٍ بَعْدَ هَادٍ حَتَّى دُفِعَتْ إِلَيْكَ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّه يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَوْ كَانَتْ إِذَا نَزَلَتْ آيَةٌ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مَاتَتِ الآيَةُ مَاتَ الْكِتَابُ، ولَكِنَّه حَيٌّ يَجْرِي فِيمَنْ بَقِيَ كَمَا جَرَى فِيمَنْ مَضَى"[43]. فإن ما ذكره الإمام (ع)، من أنّ الآية لو ماتت بموت الجماعة الذين نزلت فيهم لمات القرآن يؤكد المصداقيّة.

النموذج الخامس: ما ورد في تفسير " الآيات" الواردة في القرآن بالأئمة (ع). روى الكليني في بَابُ "أَنَّ الآيَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّه عَزَّ وجَلَّ فِي كِتَابِه هُمُ الأَئِمَّةُ (ع)" عدة روايات:

  1. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه ع عَنْ قَوْلِ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى : { وما تُغْنِي الآياتُ والنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُون} [يونس 101]، قَالَ: الآيَاتُ هُمُ الأَئِمَّةُ والنُّذُرُ هُمُ الأَنْبِيَاءُ (ع)".
  2. أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّه الْحَسَنِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ رَفَعَه عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ * { كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها } [ القمر 42]، يَعْنِي الأَوْصِيَاءَ كُلَّهُمْ".
  3.  مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ أَوْ غَيْرِه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قُلْتُ لَه جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ الشِّيعَةَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِه الآيَةِ : * ( عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ } * قَالَ: ذَلِكَ إِلَيَّ إِنْ شِئْتُ أَخْبَرْتُهُمْ وإِنْ شِئْتُ لَمْ أُخْبِرْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنِّي أُخْبِرُكَ بِتَفْسِيرِهَا قُلْتُ * ( عَمَّ يَتَساءَلُونَ ) * قَالَ فَقَالَ هِيَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْه كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْه يَقُولُ مَا لِلَّه عَزَّ وجَلَّ آيَةٌ هِيَ أَكْبَرُ مِنِّي ولَا لِلَّه مِنْ نَبَأٍ أَعْظَمُ مِنِّي"[44].

وهذه الأحاديث الثلاثة ضعيفة السند[45]، كما لا يخفى، ولو صحت فإنها من الروايات المصداقية.

إلى غير ذلك من الروايات المصداقية التي تتصل ببيان أمر عقدي، وأكثرها مما يرد في تطبيق بعض الآيات على الأئمة من أهل البيت (ع)[46].

  • في المجال التشريعي

وفي المجال التشريعي نجد أيضاً نماذج كثيرة للروايات المصداقية، منها:

المثال الأول: تفسير أنكر الأصوات بالعطسة القبية، في الخبر عن أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه ع عَنْ قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ : * ( إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) *[لقمان: 19]؟ قَالَ: الْعَطْسَةُ الْقَبِيحَةُ"[47].

المثال الثاني: ما ورد في تفسير قول الزور بالغناء، كما سلف، والظاهر أنّ هذا من التفسير المصداق، ويؤيده ما جاء في رواية أخرى أنّ منه قولك للمغني: أحسنت"[48].

المثال الثالث: ما ورد في تفسير لهو الحديث، ففي خبر الْوَشَّاءِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع يَقُولُ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّه ع عَنِ الْغِنَاءِ فَقَالَ هُوَ قَوْلُ اللَّه عَزَّ وجَلَّ : * ( ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ الله}[لقمان: 6]"[49]. وهذا من التفسير بالمصداق، ويشهد له، ما ورد في خبر مِهْرَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ سَمِعْتُه يَقُولُ الْغِنَاءُ مِمَّا قَالَ اللَّه : * ( ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ الله} [لقمان: 6]"[50].

ثالثاً: التردد بين المصداقيّة والتفسيرية

وثمة حالات وقع فيها الخلاف، أو التردد بين المصداقية والبيانية، ومن أمثلتها:

المثال الأول: ما ورد في تفسير قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل 43 والأنبياء 7]، فقد ورد في الرواية عن الوشاء عن الإمام الرضا (ع)، وقد سأله عن الآية؟ فقال: "نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون"[51].

وهذه الرواية على الأرجح رواية مصداقية وتشير إلى أشرف مصداق لأهل الذكر، ولذا فهي لا تنحصر بذلك، وهذا ما تبناه السيد الخوئي[52]، وغيره[53] ، ما يعني أنّ عنوان "أهل الذكر" ينطبق على كافة أهل العلم والتخصصات كل في مجاله الخاص، فتنطبق على علماء اليهود، وعلى الأئمة (ع)، وعلى العلماء، وعلى الأطباء وعلى المهندسين، كلٌ حسب تخصصه ومورد الرجوع إليه.

وقد اعترض بعض الفقهاء على ذلك، وأصرّ على أنّ الروايات بيانية ولا مجال لحملها على المصداقية، فقال: "إنه لا بد من رفع اليد عن ظهور الآية البدوي في إرادة مطلق العلماء من أهل الذكر، بالنصوص الكثيرة الظاهرة، بل الصريحة في اختصاص أهل الذكر بالأئمة عليهم السلام وعدم شمولها لغيرهم بالنحو الذي ينفع في ما نحن فيه، كصحيح مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: إِنَّ مَنْ عِنْدَنَا يَزْعُمُونَ أَنَّ قَوْلَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل 43 الأنبياء 7]، أَنَّهُمُ الْيَهُودُ والنَّصَارَى قَالَ: إِذاً يَدْعُونَكُمْ إِلَى دِينِهِمْ! قَالَ: قَالَ[54]: بِيَدِه إِلَى صَدْرِه: نَحْنُ أَهْلُ الذِّكْرِ ونَحْنُ الْمَسْؤُولُونَ"[55]. ونحوه غيره .وقد تضمن بعضها أنّ النبي صلى الله عليه وآله هو الذكر، والأئمة عليهم السلام أهله، فلا بد من رفع اليد عن قرينة السياق بذلك"[56].

ويلاحظ عليه بعدة ملاحظات:

الملاحظة الأولى: لا بدّ أن نستبعد من الحساب الروايات الواردة في تفسير قوله تعالى: {وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون} [الزخرف 44]، والتي نصّت على أنّ الذكر هو رسول الله (ص) وقومه هم الأئمة (ع)، من قبيل صحيحة عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع): فِي قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: {وإِنَّه لَذِكْرٌ لَكَ ولِقَوْمِكَ وسَوْفَ تُسْألُونَ} [الزخرف 44]، فَرَسُولُ اللَّه (ص) الذِّكْرُ وأَهْلُ بَيْتِه (ع) الْمَسْؤُولُونَ وهُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ"[57]. والوجه في استبعاد هذه الرواية وأمثالها أنّ ما تضمنته أمر مقطوع بعدم صحته، لأنّه (ص) هو المخاطب بقوله: {لذكر لك} فيكون (ص) ذكراً لنفسه! وهو بيّن البطلان، والضمير في قوله " وإنه" راجع إلى القرآن، فهو الذكر وأياً كان تفسير الذكر[58]، فإنّ"قومك" لا يراد بهم خصوص أهل بيته (ع) فهذا أمرٌ لا يمكن القبول به، لأنّ القرآن ذكر للعالمين، وليس لخصوص أهل بيته، قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} [يوسف 104]، وقال تعالى: {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} [القلم 52]، وعليه، فيلزم ردّ الرواية، إلا أن يكون قد حصل اشتباه من النساخ في نقل الآية التي كان الإمام بصدد تفسيرها[59].

الملاحظة الثانية: أما بالنسبة للروايات الواردة في تفسير الآية التي هي محل الشاهد، فإنّنا نرجح فيها المصداقية، لأنّ التفسيرية تعني أنّ الآية نازلة حصراً في الأئمة (ع)، وهذا مستبعد للغاية، إذ كيف يحتجّ النبي (ص) على المشركين الذين يناقشون في نبوته بذريعة أنّه بشر، فيقول لهم: اذهبوا وسلوا أهل البيت (ع) عن ذلك، والمراد بأهل البيت (ع) وقت نزول الآية هم علي وفاطمة عليهما السلام، فهؤلاء المشركون الذين لا يؤمنون به (ص) ويكذبون رسالته كيف يحيلهم (ص) لأجل التثبت من نبوته على ابنته أو صهره وأحد أتباعه؟! نعم، بناءً على المصداقية، فلا مانع من إدخال الأئمة (ع) في الآية بعد إلغاء خصوصية المورد، على طريقة الجري والتطبيق.

الملاحظة الثالثة: أمّا صحيح محمد بن مسلم، فهو لا ينافي المصداقية، لأنّ الإمام (ع)، وفي مقام نفي أو استغراب تفسير البعض لأهل الذكر بأهل الكتاب، قال: "إذاً يدعوكم إلى دينهم!"، وهذا يشير إلى تحديد جهة النفي أو الاستغراب، فهو لا ينفي كونهم من أهل الذكر مطلقاً ولو بسؤالهم عن بشريّة الأنبياء السابقين، وهو مورد المحاججة في الآية، وإنّما ينفي كونهم أهل الذكر بقول مطلق، ولا سيما بلحاظ أخذ المعتقدات منهم، أو التحديث عنهم، ولا يبعد أن يكون الإمام (ع) ناظراً إلى الردّ على ما كان شائعاً في أوساط المدرسة الإسلاميّة الأخرى من فتح باب التحديث عن اليهود والرواية عنهم، استناداً إلى ما رووه عن النبي (ص) أنّه قال: "..وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"[60]. وفي ضوء ذلك يتضح أنّ ما جاء في الرواية "نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون"، وبصرف النظر عمّا جاء في الملاحظة الأولى، ليس في مقام الحصر الحقيقي، بل هي بصدد الحصر الإضافي، أي أنّها تؤكد على حصر المرجعيّة في أهل البيت (ع) بلحاظ ما يتصل بمعرفة الإسلام وأحكامه وتعاليمه.

المثال الثاني: ما ورد في تفسير قوله تعالى: { إنا أعطيناك الكوثر } [الكوثر: 1]، فقد تعددت الأقوال في تفسيره[61]، فقيل أن المراد به الخير الكثير، وقيل نهر في الجنة[62]، وقيل إن المقصود به الذرية من نسل الزهراء (ع).

والظاهر أنه لا تنافي بين هذه الأقوال والروايات، لأنها واردة على سبيل الجري وذكر المصداق، ويمكن القول: إنّ الزهراء (ع) مما يقطع أو يطمأن بدخولها في الكوثر، وذلك بقرينة ما جاء في آخر الآية من الحكم بكون الأبتر هو شانئ النبي (ص) ومبغضه، قال السيد الطباطبائي بعد ذكر أقوال المفسرين في الكوثر: "وقد استند في القولين الأولين[63] إلى بعض الروايات [64]، وباقي الأقوال لا تخلو من تحكم، وكيفما كان، فقوله في آخر السورة : { إن شانئك هو الأبتر } [] وظاهر الأبتر هو المنقطع نسله وظاهر الجملة أنّها من قبيل قصر القلب[65] - ان كثرة ذريته صلى الله عليه وآله وسلم هي المرادة وحدها بالكوثر الذي أعطيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو المراد بها الخير الكثير وكثرة الذرية مرادة في ضمن الخير الكثير ولولا ذلك لكان تحقيق الكلام بقوله : " إن شانئك هو الأبتر " خاليا عن الفائدة"[66].  

المثال الثالث: ما ورد في تفسير قوله تعالى: { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا} [آل عمران: 7]، فقد ورد في بعض الأخبار، أن الأئمة هم الراسخون في العلم، ومنها صحيحة أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله"[67]. واستناداً إلى هذه الأخبار ذهب جمعٌ من الأعلام إلى أنّ الروايات بيانيّة، وذلك بحسب ما يظهر من كلماتهم، ومنهم الكليني الذي عقد في الكافي باباً بعنوان "أنّ الراسخين في العلم هم الأئمة عليهم السلام )"، وأورد فيه ثلاثة أخبار، ويظهر ذلك أيضاً من الشيخ الحر[68]. وغيرهما من الأعلام.

ولكن في المقابل، فقد اختار بعض المفسرين المصداقية، ومنهم العلامة الطباطبائي، قال: تعليقا على الأخبار التي جاء فيها "نحن الراسخون في العلم" أو "والراسخون في العلم هم آل محمد" أو نحو ذلك: "فجميع ذلك من باب الجرى والانطباق"[69]. ومنهم السيد فضل الله والشيخ ناصر مكارم الشيرازي[70].  

ويشهد للمصداقية:

أولاً: ما ذكره السيد الطباطبائي من "أننا لا نعرف في القرآن آيات لا نجد طريقاً إلى معرفة مداليلها ومعانيها المقصودة"[71]. وذلك حتى لو لم نرجع إلى أخبارهم (ع).

ثانياً: ما ذكره الطباطبائي أيضاً، قال: "هذا بالإضافة إلى أن القرآن وصف نفسه بأوصاف كالنور والهادي والبيان ، وهذه الأوصاف لا تتفق مع عدم معرفة المداليل والمعاني، ومن جهة أخرى تقول الآية : { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً } [النساء: 82] ، فكيف يصح أن يكون التدبر في القرآن رافعاً لكل اختلاف، مع أن فيه آيات متشابهة لا يمكن التوصل إلى معرفة معناها كما عليه قول المشهور الذي نقلناه . "[72].

ثالثاً: ويشهد للمصداقية أيضاً ما روي عن ابن عباس أنه كان يقول في هذه الآية : "أنا من الراسخين في العلم"[73]. فلو كان الراسخون بالعلم هم خصوص النبي (ص) والأئمة (ع)، لما ادعى ابن عباس مثل هذه الدعوى الكبيرة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ القول بأن النبي (ص) والأئمة (ع) دون سواهم هم الراسخون في العلم مبني على كون الواو في "والراسخون" عاطفة، ما يعني "أنّ اللَّه جلّت آلاؤه فتح للراسخين في العلم باب العلم بالتأويل بلطفه ، وكرّمهم بهذه الرتبة بتعليمه"[74]، وليست استئنافية، لتكون مبتداً وخبره قوله: "يقولون آمنا"، فيخرج بذلك "الراسخون في العلم" من النبي (ص) وغيره عن مقام العلم التأويل، ويكون الأمر مختصاً بالله تعالى. وبناءً على هذا الوجه، يكون قوله "يقولون آمنا به "جملة حالية، والمعنى أنّ لسان هؤلاء الراسخين في العلم يردد آمنا به.

وهذا الرأي الأخير ( استئنافية الواو ) مرفوض لأكثر من وجه، ومن أهمها:

أولاً: استلزامه عبثيّة ذكر المتشابهات في القرآن، حيث يكون الله تعالى قد أنزل آيات لا يفهم تأويلها وعلمها إلا هو سبحانه، فأي معنى لإدراج هذا الصنف من الآيات في الكتاب ومخاطبة الناس بها، ثم دعوة الناس إلى التدبر فيها؟!

ثانياً: ما جاء في الأخبار عنهم (ع) من أنّهم الراسخون في العلم، فهذا لا ينسجم مع الاستئناف في الواو.

ثالثاً: ما ذكره الطبرسي، قال: "ومما يؤيّد هذا القول إنّ الصحابة والتابعين أجمعوا على تفسير جميع آي القرآن، ولم نرهم توقفوا على شيء منه، ولم يفسروه بأن هذا متشابه لا يعلمه إلا الله"[75].

  1. البيانيّة والمصداقيّة: المؤشرات المعياريّة

ومن النقاط ذات الأهمية الخاصة في المقام: البحث حول المؤشرات المعياريّة التي يمكن في ضوئها تمييز الرواية المصداقية عن الرواية البيانية، ويمكن في هذا المجال ذكر عدة مؤشرات أو أمارات:  

  • صراحة أو ظهور الرواية في المصداقيّة أو البيانيّة

إنّ لسان الرواية يشكّل أحد أبرز المعايير في معرفة الرواية التفسيرية من المصداقية، فإننا قد نلاحظ أحياناً أنّ الخبر صريح أو ظاهرٌ ظهوراً يلامس الصراحة، في المصداقية، كما في قول الإمام الصادق (ع) - بحسب الرواية - : "منه الخضاب بالسواد"[76]، الوارد في تحديد القوة في قول الله تعالى: { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} [الأنفال: 60].

وكذلك قول الإمام الباقر (ع) - بحسب الرواية - :" نحن منهم"[77] في الإشارة إلى آل إبراهيم، في قوله تعالى : { إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم }[آل عمران: 33].

ومن ذلك قوله (ع) - بحسب الرواية - : "منه الغناء"، الوارد في تفسير قوله تعالى: { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } [لقمان: 6][78].

وفي حالات أخرى، نلاحظ أنّ الخبر صريح في البيانية، كما في الروايات المشار إليها سابقاً والواردة في تفسير قوله تعالى: { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً } [الأحزاب: 33]، حيث حددت أهل البيت بالخمسة أصحاب الكساء، وأخرجت منهم زوجات النبي (ص).

  • القرائن السياقية والحالية

  وقد لا يكون لسان الرواية صريحة أو ظاهراً في المصداقيّة أو البيانية، لكنّها مع ذلك تعد ظاهرة عرفاً في هذا أو ذاك، تبعاً للقرائن السياقية والحالية، فعلى سبيل المثال: عندما يكون لسان الآية عاماً بينما الرواية تفسرها بذكر مصداق أو أكثر من أفراد العموم ، مع عدم وجود خصوصية في الفرد تقتضي وتستدعي حصر المدلول فيه، ولا وجود دلالة في الرواية على انحصار المدلول فيه، ولا سيما إذا كان الفرد مما ينتهي وينقضي مع مرور الزمن، إنّ هذا يعدّ مؤشراً على أنّ الرواية مصداقيّة، وليست بيانية. أما لو كانت الرواية تبين المفهوم وليس المصداق فهذا مؤشر على بيانيتها، يقول السيد كاظم الحائري: "المصداقية والتفسيريّة تُعيّنان على أساس المناسبات والقرائن العرفية والسياق والحالات"[79].

  • تعدد المصاديق ووحدتها

إنّ اشتمال الأخبار على عدة مصاديق في تفسير الآية الواحدة هو مؤشر على المصداقيّة، لأنّ البيانية لا تحتمل التعدد، وقد مرّت معنا العديد من النماذج على تعدد المصاديق في الآية الواحدة وفقاً لما جاء في الأخبار، وذلك من قبيل ما ورد في تفسير "الكوثر" أو "الصراط" أو "غير المغضوب عليهم ولا الضالين"، وكذلك ما ورد في تفسير "قول الزور"، فقد فسر بالغناء، وفسر بالكذب، وفسر بالسب، وقد قدمنا أنّه لا منافاة بين هذه التفسيرات ولا تندرج في نطاق التعارض، لأنها من باب ذكر المصاديق.  

وأخير تجدر الإشارة إلى أن شرط حجيّة الروايات المصداقية والبيانية معاً، بالإضافة إلى الشروط العامة لحجية الخبر أن لا يكون التفسير المذكور فيها مخالفاً للظاهر، فإنّ كلّ ما خالف الظاهر القرآني يضرب عرض الحائط، طبقاً لما ورد عنهم في الأخبار المستفيضة[80]، وسوف نلاحظ في المحور التالي أن كثيراً من الأخبار قد تَذْكُرُ مصداقاً للآية أو تفسيراً، مع أنه لا علاقة له بظاهرها.

من كتاب: حاكمبة القرآن (دراسة تأصيلية حول علاقة السنة بالكتاب ودورها في تفسيره)

 


[1] تفسير العياشي: ج2 ص204.

[2] الكافي ج2 ص156.

[3] تفسير العياشي، ج 2، ص 203.

[4] الميزان، ج 1 ص 41.

[5] الميزان ج 1 ص 41.

[6] يقصد حديث الفطرة، هو صحيحة زُرَارَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه ع عَنْ قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ : * ( فِطْرَتَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها} [] قَالَ: فَطَرَهُمْ جَمِيعاً عَلَى التَّوْحِيدِ"، الكافي ج 2 ص 12.

[7] الأربعون حديثاً، تعريب السيد محمد الغروي، دار التعارف للمطبوعات ط 4 ، بيروت لبنان 1992م، ص 210.

[8] الميزان، ج 1 ص 42.

[9] مجمع البيان، ج7 ص148.

[10] جامع البيان للطبري، ج17، ص 202.

[11] تفسير السمعاني ج 3 ص 437، وأشار إلى القول الأخير الطبرسي في جوامع الجامع ج 2 ص 558.

[12] الكافي، ج 6، ص 435.

[13] مصباح الفقاهة، ج 1 ص 473.

[14] مصباح الفقاهة، ج 1 ص 404.

[15] مصباح الفقاهة، ج1 ص 438.

[16] كمال الدين وتمام النعمة 17. وص 340،

[17] تفسير العياشي ج 1 ص 26، وكذلك في تفسير القمي ج 1 ص 30. ونقلت في مصادر أخرى:" ومما علمناهم يبثون "، جوامع الجامع ج 1 ص 65، ومجمع البيان ج 1 ص 87، وهكذا نقله الكاشاني في الصافي ج 1 ص 93،

[18] نهج البلاغة ج 4، ص 35.

[19] وإليك بعض هذه الأخبار الواردة من طرق أهل السنة:

  1. في مسند أحمد بسنده إلى  أم سلمة "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة فدخلت لها عليه فقال لها: ادع زوجك وابنيك قالت: فجاء على والحسين والحسن فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له على دكان تحته كساء له خيبري قالت وأنا أصلى في الحجرة فأنزل الله عز وجل هذه الآية إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا قالت فاخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قالت فأدخلت رأسي البيت فقلت وأنا معكم يا رسول الله قال إنك إلى خير انك إلى خير"، مسند أحمد ج 6 ص 292.
  2. وبسنده عن شهر بن حوشب عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: ائتيني بزوجك وابنيك فجاءت بهم، فألقى عليهم كساءً فدكياً قال: ثم وضع يده عليهم ثم قال: اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد إنك حميد مجيد. قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي، وقال: إنك على خير"، مسند أحمد ج 6 ص 323.
  3. وروى ابن عساكر بسنده عن عمرة بنت أفعى قالت: سمعت أم سلمة تقول: نزلت هذه الآية في بيتي {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [الأحزاب 33] وفي البيت سبعة جبريل وميكائيل ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين قالت وأنا على باب البيت فقلت يا رسول الله ألست من أهل البيت قال إنك على خير إنك من أزواج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وما قال إنك من أهل البيت"، تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 145.
  4. وفي المستدرك للحاكم بسنده عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: في بيتي نزلت هذه الآية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} [الأحزاب 33]، قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم أجمعين فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، قالت أم سلمة: يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟! قال: إنك أهلي خير، وهؤلاء أهل بيتي اللهم أهلي أحق" وأضاف الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه"، المستدرك ج 2 ص 416.

[20] صحيح البخاري ج 3 ص 104، وج 6، ص 70، وصحيح مسلم، ج 4، ص 192، والأمالي للطوسي ص 151.

[21] تهذيب الأحكام ج 5 ص 269، ولاحظ الروايات الواردة في ذلك، في وسائل الشيعة ج 12 ص 464، الباب 32 من أبواب تروك الإحرام.

[22] تعاليق مبسوطة ج 10 ص 220.

[23] شرح المناسك - الحج ( موسوعة الإمام الخوئي )  تقرير الخلخالي، ج 28، ص 434.

 

[24] الكافي ج 4 ص 338.

[25] نقله في تعاليق مبسوطة وخالفه.

[26] يقول رحمه الله : "إنّ القرآن قد ركز عنوان الجدل كمحرم من محرمات الحج، والروايات ذكرت خصوصية الحلف بصيغة معينة فمقتضى ما ذكرناه، أن يبقى الجدل هو الموضوع للحكم، لكن مع إضافة الحلف، فيصبح الموضوع هو هو الجدال المتعاظم إلى درجة الحلف، لا الجدال لوحده، ولا الحلف لوحده. ثم إن السبب في عدم بيان الإمام (ع) لخيثية المخاصمة هو أنه في مقام بيان المراد من الآية، وهي ظاهرة في نفسها في اعتبار هذه الحيثية.."، فقه الحج، ج 3، غير مطبوع

[27] قال: "فكلمتا لا والله وبلى والله الواردتان تحملان على مطلق الحلف بالله في المخاصمة، أما إذا خلا من المخاصمة لم يكن جدالاً، وإذا خلا الكلام من الحلف بالله لم يكن أيضاً جدالاً، والدليل على نفي الجدال عن الكلام الخالي عن المخاصمة، إضافة إلى ما يفهم من كلمة الجدال، صحيحة أبي بصير عن أبي بصير قال : سألته عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له صاحبه : والله لا تعمله فيقول : والله لأعملنه ، فيخالفه مرارا أيلزمه ما يلزم [ صاحب ] الجدال ؟ قال : لا، إنما أراد بهذا إكرام أخيه إنما ذلك ما كان [ لله ] فيه معصية"،

[28] الكافي ج 1 ص 433،

[29] التوحيد ص 32.

[30] التوحيد ص 32.

[31] التوحيد ص 33.

[32] الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ج 1 ص 284.

[33] تفسير العياشي ج 1 ص 22

[34] معاني الأخبار ص

[35] الميزان ج 1 ص 41.

[36] تفسير العياشي ج 1 ص 22.

[37] تفسير العياشي ج 1 ص 24.

[38] يقول الشيخ البلاغي تعليقاً على الأخبار: " وما صح من ذلك فهو من باب النص على بعض المصاديق"، آلاء الرحمان في تفسير القرآن، ج 1، ص 63، ويقول السيد الخوئي: "وقد ورد في المأثور أن المغضوب عليهم هم اليهود ، والضالين هم النصارى . وقد تقدم أن الآيات القرآنية لا تختص بمورد ، وأن كل ما يذكر لها من المعاني فهو من باب تطبيق الكبرى  "، البيان في تفسير القرآن، ص 487.

[39] التفسير المنسوب للإمام العسكري ص 50.

[40] تفسير العياشي، ج 2، ص 290.

[41] الرواية لا تصح سنداً، بل إنّها في بعض طرقها لا تصح سنداً ومضموناً، من ذلك ما في روضة الكافي: "عنه ، عن صالح ، عن الحجال ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سألته عن قول الله عز وجل : { ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل} [] " قال : نزلت في الحسين ( عليه السلام ) ، لو قتل أهل الأرض به ما كان سرفاً" الكافي، ج 8، ص 255، اللهم إلا أن يقال إن المقصود بقتل أهل الأرض المبالغة في بيان عظيم الجريمة، أو في حال اشتراكهم في قتلهم، وقد ورد عن رسول الله (ص): " لو أنّ أهل الأرض اشتركون في قتل امرء مسلم لأكبهم الله على وجوههم في النار"، نعم، يبقى أمر وهو أن الرواية ذكرت أن الآية نزلت في الحسين (ع)، وهذه لا بدّ من حملها على نحو من الجري..

[42] الكافي، ج 1، ص 192.

[43] الكافي، ج 1، ص 192، تفسير العياشي، ج 2، ص 204، وهناك عدة أحاديث أوردها العلمان في ذلك.

[44] الكافي 1 ص 207.

[45] وقد اعترف بذلك المجلسي، انظر: مرآة العقول ج 2 ص 214.

[46] منها ما ورد في تفسير قوله تعالى: { إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَماناتِ إِلى أَهْلِها }[]، فقد ورد في عدة أخبار أنّ المقصود بها الأئمة (ع)، وأن الإمام يؤدي الأمانة إلى الإمام من بعده، وقد عقد لها في الكافي باباً خاصاً، الكافي، ج 1، ص 276، وصرح بالمصداقية في تفسير الميزان، ج 4، ص 385.

[47] الكافي، ج 2، ص 656.

[48] صحيحة حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن قول الزور؟ قال: منه قول الرجل للذي يغني أحسنت " .معاني الأخبار، ص 349.

[49] الكافي، ج 6، ص 432.

[50] الكافي، ج 6، ص 431، ونحوه رواية عبد الأعلى عن جعفر بن محمد عليهما السلام .. قلت : قوله عز وجل: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث }[] قال : منه الغناء"، معاني الأخبار، ص 349.

[51] الكافي ج1 ص211.

[52]  قال: "وقد يتوهم أنّ تفسير أهل الذكر في الأخبار، بأهل الكتاب أو الأئمة (عليهم السّلام) ينافي الاستدلال بها على جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم والفقيه في الأحكام .ويندفع بأن ورود آية في مورد لا يقتضي اختصاصها بذلك المورد، والآية المباركة قد تضمنت كبرى كليةً قد تنطبق على أهل الكتاب وقد تنطبق على الأئمة (عليهم السّلام) وقد تنطبق على العالم والفقيه، وذلك حسبما تقتضيه المناسبات على اختلافها باختلاف المقامات، فإن المورد إذا كان من الاعتقاديات كالنبوّة وما يرجع إلى صفات النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلم) فالمناسب السؤال عن علماء أهل الكتاب، لعلمهم بآثارها وعلاماتها، كما أن المورد لو كان من الأحكام الفرعية فالمناسب الرجوع فيه إلى النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلم) أو الأئمة (عليهم السّلام) وعلى تقدير عدم التمكَّن من الوصول إليهم، فالمناسب الرجوع إلى الفقهاء . وعلى الجملة، تضمنت الآية المباركة كبرى رجوع الجاهل إلى العالم المنطبقة على كل من أهل الكتاب وغيرهم، فالاستدلال بها من تلك الناحية أيضاً مما لا خدشة فيه"، انظر: موسوعة السيد الخوئي/ التقليد ص 68. وذكر نظيره في مصباح الفقاهة ج 2 ص 189، وج 3 ص 449، مبحث أحكام التقليد.

[53] قال السيد محمد باقر الحكيم: " وقد وقع بعض المفسرين في الاشتباه إذ جعلوا مصداق الآية الأوحد هم أهل البيت ( عليهم السلام ) ، في حين أن معنى اللفظ هو : ( أهل الخبرة بالدين والكتب والرسالات ) وأن لهذا المفهوم مصاديق متعددة ، وإن صح أن أبرز مصاديق هذا المفهوم هم أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ولكن هذا من باب الجري والتطبيق عليهم ( عليهم السلام ) لا من باب اختصاصهم به دون غيرهم ، وقد أشار أهل البيت ( عليهم السلام ) إلى هذا المعنى أيضاً"، تفسير سورة الحمد، ص 113.

[54] بمعنى أومأ.

[55] الكافي ج 1 ص 211، الحديث 7.

[56] مصباح المنهاج / التقليد ص12.

[57] الكافي ج 1 ص 211، الحديث 4.

[58] ومعنى كونه ذكراً، يحتمل أحد تفسيرين كما ذكر الشيخ الطوسي، وهما: " أحدهما: أنّ هذا القرآن شرف لك بما أعطاك الله - عز وجل - من الحكمة ولقومك بما عرضهم له من إدراك الحق به وانزاله على رجل منهم.

الثاني: أنّه حجة تؤدي إلى العلم لك ولكل أمتك. والأول أظهر. . وقيل: إنّه لذكر لك ولقومك يذكرون به الدين ويعلمونه وسوف تسألون عما يلزمكم من القيام بحقه والعمل به"، التبيان ج 9 ص 202.

[59] وقد احتمل العلامة المجلسي أنّ في الخبر: "إسقاطاً أو تبديلاً لإحدى الآيتين بالأخرى من الرواة أو النساخ"، انظر: مرآة العقول ج 2 ص 429، وهو احتمال قريب. 

[60] صحيح البخاري ج 4 ص 145، وسنن الدارمي ج 1 ص 136، وغيرهما من المصادر.

[61] قال الشيخ الطوسي: " و ( الكوثر ) الشئ الذي من شأنه الكثرة ، والكوثر الخير الكثير . وهو ( فوعل ) من الكثرة ، قال عطاء : هو حوض النبي صلى الله عليه وآله الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة . وقال ابن عباس : هو الخير الكثير . وروى عن عائشة : أن الكوثر نهر في الجنة جانباه قباب الدر والياقوت ، وقال الحسن : الكوثر القرآن . وقال ابن عمر : هو نهر يجري في الجنة على الدر والياقوت  "، التبيان ج10 ص 418، وقال الكاشاني: "  الخير الكثير في الغاية ، وفسر بالعلم والعمل ، وبالنبوة والكتاب ، وبشرف الدارين ، وبالذرية الطيبة ، وبالشفاعة . والأخير مروي ( 2 ) . وفي رواية : ( هو نهر في الجنة ، أعطاه الله نبيه عوضا من ابنه ) ( 3 ) . وورد : ( الكوثر نهر يجري تحت عرش الله تعالى ، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد ، حصاه الزبرجد والياقوت والمرجان ، حشيشه الزعفران ، ترابه المسك الأذفر . ثم قال : يا علي هذا النهر لي ولك ولمحبيك من بعدي ) ( 4 ) . وسئل عنه النبي صلى الله عليه وآله حين نزلت السورة ، فقال : ( نهر وعدنيه ربي ، عليه خير كثير ، هو حوضي ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد نجوم السماء ، فيختلج القرن منهم ، فأقول : يا رب إنهم من أمتي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك )." التفسير الأصفى ج 2 ص 1483.

[62] تبناه القمي في تفسيره ج 2 ص 445،

[63] يقصد الخير الكثير، والنهر في الجنة.

[64] ففي تفسير القمي: " قال: "الكوثر نهر في الجنة اعطى الله محمدا عوضا عن ابنه إبراهيم "، تفسير القمي ج 2 ص 445، وهذا ما يدل عليه ما روي عن علي (ع) عن رسول الله (ص) في تفسير فرات ص 609، وانظر: روضة الواعظين ص 501.

[65] القصر هو الحصر وهو تخصيص شيء بشيء بطريق مخصوص، فلو قلت { وما محمد إلا رسول} [] فقد قصرت محمد على الرسالة، فهو ليس شاعراً ولا كاهناً وإنما رسول، وقصر القلب هو الحصر الذي تقلب فيه الأمر على المخاطب مصححاً فهمه أو راداً عليه، كأن يعتقد أنّ زيداً هو العالم فتقول: لا عالم إلا محمد، فبذلك قد قلبت الأمر عليه. 

[66] الميزان ج 20 ص 370.

[67] الكافي ج 1 ص 213.

[68] الفوائد الطوسية ص 189.

[69] الميزان ج 3 ص 70.

[70] يقول السيد فضل الله بعد ذكر بعض الروايات المشار إليها: "وهؤلاء هم الصفوة العليا من الراسخين في العلم "، من وحي القرآن، ج . ويقول الشيخ ناصر مكارم بعد ذكر الروايات المختلفة حول أن الأئمة (ع) هم الراسخون في العلم: " فإن تفسير الراسخين بالعلم بأنهم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأئمة الهدى ( عليهم السلام ) لا يتعارض مع المفهوم الواسع الذي يشمله هذا التعبير " الأمثل ج 2 ص 203، منشورات الأعلمي بيروت لبنان، ط 1، 2007م.

[71] القرآن في الإسلام ص 35.

[72] القرآن في الإسلام ص 35.

[73] مجمع البيان ج 2 ص 241، والكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي ج 3 14، وتفسير ابن كثي دج 1 ص 355.

[74] آلاء الرحمان ج1 ص 256.

[75] مجمع البيان ج 2 ص 241.

[76] من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 123،

[77] ورد ذلك في خبر حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : " ان الله اصطفىآدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض " قال : نحن منهم ونحن بقية تلك العترة"، تفسير العياشي ج 1 ص 147.، والغريب أن الكشي الذي روى هذه الرواية يروي بعدها رواية أخرى، عن هشام بن سالم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله " ان الله اصطفى آدم ونوحا " فقال : هو آل إبراهيم وآل محمد على العالمين ، فوضعوا اسماً مكان اسم!"، انظر: المصدر نفسه، وكذلك روى القمي في تفسيره، قال: "وقال العالم عليه السلام نزل: "وآل عمران وآل محمد على العالمين " فأسقطوا آل محمد من الكتاب"، انظر: تفسير القمي ج 1 ص 100، وهذه الرواية من روايات التحريف المرفوضة جزماً، ويدل على بطلانها - بالإضافة إلى ضعفها سنداً ومعارضتها لما دل على صيانة القرآن من التحريف من أدلة عقلية ونقلية - ما عارضها في الآية نفسها مما هو ظاهر في أن الآية لم تتعرض للتحريف ولم يرد فيها ذكر آل محمد (ص)، وأنما ذكروا باعتبارهم من آل إبراهيم، كما نصت الرواية الأولى، ونصّ غيرها من الروايات، من قبيل: الخبر الذي رواه الصدوق في الأمالي بسنده عن الصادق (ع): " يقال له محمد بن الأشعث به قيس الكندي، فقال: يا حسين بن فاطمة ، أية حرمة لك من رسول الله ليست لغيرك ؟ فتلا الحسين ( عليه السلام ) هذه الآية ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض} [آل عمران: 33] الآية ، ثم قال: "والله إن محمدا لمن آل إبراهيم ، وإن العترة الهادية لمن آل محمد"، انظر: الأمالي ص 222، وروى الصدوق في أخبار عيون الرضا (ع) حديثاً حول الفرق بين العترة والأمة، وفيه: " فقال المأمون : هل فضل الله العترة على سائر الناس ؟ فقال أبو الحسن (ع): إنّ الله عز وجل أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه فقال له المأمون : وأين ذلك من كتاب الله ؟ فقال له الرضا عليه السلام في قول الله عز وجل : { إنّ الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذريه بعضها من بعض والله سميع عليم} [آل عمران: 33]، وقال عز وجل في موضع آخر: { أم يحسدون الناس على ما آتيهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما} [النساء: 54]، عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 209. وهذه الأخبار هي التي يتعين الأخذ بها، قال العلامة البلاغي: "وهذه الروايات أوضح سنداً من الأولى وأسلم من التعارض والتدافع فيما بينها وأولى بالترجيح. ويمكن الجمع بأنّ آل محمد ( ص ) كانوا مقصودين في التنزيل من آل ابراهيم بنص الوحي على الرسول في ذلك . وربما أثبت في مصحف علي أمير المؤمنين ( ع ) ومصحف ابن مسعود بعنوان التأويل المقصود عند التنزيل "، أنظر: آلاء الرحمان في تفسير القرآن ج 1 ص 277.

[78] في رواية عبد الأعلى عن جعفر بن محمد عليهما السلام .. قلت: قوله عز وجل: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث }[لقمان: 6] قال : منه الغناء"، معاني الأخبار، ص 349.

[79] الفتاوى المنتخبة ص 275.

[80] من قبيل ما رواه السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّه ص إِنَّ عَلَى كُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً وعَلَى كُلِّ صَوَابٍ نُوراً فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّه فَخُذُوه ومَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّه فَدَعُوه"، الكافي، ج 1، ص 69.

 






اضافة تعليق

الاسم *

البريد الإلكتروني *

موضوع *

الرسالة *


 


 
  قراءة الكتب
 
    Designed and Developed
       by CreativeLebanon